اللاهوت الطقسي

8- الأعياد في العهد الجديد:



8- الأعياد في العهد الجديد:

8- الأعياد في
العهد الجديد:

1) مقدمة عن الاعياد السيديه

كانت الأعياد في العهد القديم ظلاً للأعياد
القادمة كما أن بقية الفرائض والطقوس القديمة كانت رموزاً للخيرات الأتية التي
أسبغها علينا ربنا يسوع المسيح بموته، أى أن الواجب علينا أن نعيد ونحتفل بالبركات
التي نلناها في عهد النعمة كالأمثلة الأتية:

 

أولاً: أن الرب يسوع المسيح نفسه قد أظهر
اعتباره للأعياد وقدسها بحضوره فيها وممارسته إياها مثل (الفصح مت 26: 9) (يو 2:
13) (عيد المظال يو 7: 2) (عيد التجديد في أورشليم يو 10: 22، 23) (عيد لليهود يو
5: 1) (تطهير العذراء لو 2: 24)

 

ثانيا: أن الرسل القديسين كانوا يحتفلون بهذه
الأعياد وباركوها وأمروا بها قولاً وعملاً وهم كانوا من لم ينطقوا بألسنتهم بل
كانوا تراجماً ناطقين بالروح القدس فالرسول بولس أمر بتعييد عيد الفصح المجيد
بقوله “أن فحصنا أيضاً المسيح ذبح لأجلنا أذاً لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا
بخميرة الشر والخبس بل بفطير الإخلاص والحق” (1 كو 5: 7، 8) عادا ذلك فأنا
الرسول نفسه كان يعيد مع المؤمنين. لما كان في أفسس إلي أورشليم ليحتفل بعيد
العنصرة (أع 18: 21) وكذلك لما كان في أسيا وعد مؤمني كورنثوس بالذهاب إليهم بعد
أن يعيد عيد العنصرة (1 كو 16: 18).

 

من هذا يستدل صريحاً أن الأعياد مأمور بها في
العهد الجديد ومصرح بممارستها وأن الاحتفال بها كان في أوقات معلومة معينه.. غير
أن قوماً ادعوا أن الرسول نها عن الأعياد بقوله “فلا يحكم عليكم أحد فى آكل
وشرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت” (كو 2: 16). وهو إدعاء غريب فإن الرسول
لا يريد بنهيه هذا إلا عدم مجازاة اليهود فى أعيادهم القديمة من سنوية وشهرية
وأسبوعية واعتبارها فريضة ثابتة وواجبة على المؤمنين بدليل قوله التى هى ظلا
للأمور العتيدة فقد أبدلت بما هو افضل وأتم واكمل.

 

فكلام الرسول بولس إذا لا ينفى الأعياد المسيحية
التى تمتاز عن تلك فى الغاية والكيفية وألا لزم بطلان حفظ يوم الأحد لأنه ذكره ضمن
الأعياد التى نهى المؤمنين عن استعمالها.

و هذا لا يقوله مسيحى ثم أن الرسول نهى المؤمنين
من اليهود أنفسهم أن يحفظوا الناموس حسب شريعة موسى (أع 15: 1) وليس حسب تعاليم
المسيح (كو 2: 8) كما حصل فى أمور الختان إذ كان قوم من اليهود أزعجوا المؤمنين
قائلين انه أن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا (أع 15: 1، 24)
والبروتستانت يسلمون ويعترفون بهذه الحقيقة. ومما يحسن ملاحظته أن جميع الكنائس
الرسولية فى العالم تعتقد بالأعياد وتحتفل بها وقد شهد البروتستانت بأن هكذا كان
اعتقاد الكنيسة الجامعة. فقد جاء فى تاريخ الكنيسة المطبوعة بمعرفتهم عام 1839 وجه
100: وأما الأعياد التى كانوا يعيدونها فهى الفصح والعنصرة والتجلى والميلاد.
فالفصح لتذكار قيامة مخلصنا، والعنصرة لتذكار مواهب الروح القدس وحلوله على
التلاميذ، والتجلى لتذكار ظهور سيدنا المسيح. ثم لظهور النجم للحكماء.. ولظهور
الثالوث القدوس عند معمودية ربنا ولاول أعجوبة آجراها فى قانا الجليل واظهر بها
مجده.. والميلاد لتذكار ميلاد المبارك.. الخ ولقد شهد موسيمهم المؤرخ البروتستانتى
بأن الأعياد كانت ولا تزال تمارس فى الكنيسة منذ العصر الرسولى بقوله أن مسيحى
القرن الأول اجتمعوا للعبادة فى اليوم الأول من الأسبوع اليوم الذى استرجع به
المسيح حياته ويظهر انهم كانوا يحفظون يومين سنويين دينيين للواحد تذكارا لقيامة
المسيح والثانى تذكارا لحلول الروح القدس على الرسل (وجه 42 كتا ايسوس ك 4 ص 15)
وقال أيضا أن الأعياد السنوية المحفوظة عند مسيحى هذا القرن (الثانى هو تذكار موت
المخلص وقيامته وحلول الروح القدس على الرسل (فرن 2 قسم ف 4) وقال أيضا فى اكثر
جماعات المسيحيين كان يحفظ خمسة أعياد أي تذكار ميلاد المسيح وتذكار آلامه وموته
لاجل خطايا البشر وتذكار قيامته وتذكار صعوده إلى السماء وتذكر حلول الروح القدس
على خادميه (ك 2 قرن 4 قسم 2 ق 2) يظهر من هذا أن البروتستانت يشهدون بأن منشأ
الأعياد قديم فى الكنيسة وبالتالى من عصر الرسل على انه ليست الكنيسة الأسقفية
تعتد بها أيضا السيديه والخاصة بالشهداء ما زيد عن 33 عيداً (راجع مقدمة الصلاة
العمة).. وكذلك الكنيسة المسيحية تعترف بوجوب ممارسة الأعياد والاحتفال بها قد قال
مؤلف كتاب اللاهوت البروتستانتى (أن بعض الكنائس البروتستانتية تعتبر بعض العوائد
الكنائسية التى تسلسلت منذ القديم فى الكنيسة المسيحية مما لا يضاد مطلقاً الكتاب
المقدس كاعتبار عيد الفصح وعيد الميلاد وغيرهما باب 5 ف 3 وجه 47 هذا وغيره كثير.

 

الغاية من الأعياد:

1- إحياء ذكرى نعمة وعجائبه (خر 12: 14).

2- تذكير الخلق بإحسانات الله وغايته بشعبه (خر
12: 22 – 27)، 13: 8، 14، (تث 32: 7).

3- جعلها واسطة فى حفظ شريعة الرب (خر 13: 8 –
16).

 

هذا هو غرض الكنيسة من إقامة الأعياد فهى تحتفل
بها تذكارا لمنح الله وبركاته الإلهية التى أفاضها على الكنيسة بغنى رحمته فى ابنه
المحبوب يسوع وتنبيها وعظة للمتأخرين بما جرى من الحوادث الخطيرة فى الأيام
الغابرة مهما قدم عهدها وطال زمنها.. ولولا الأعياد لاندثرت تلك الحوادث العجيبة
التى تذكرنا دائماً بنعمة الله بنوع حس يرسم فى الذهن صورة محببة، بل لأصبحت آثرا
بعد حين لا يفرقها واحد من المسيحين ولا وصل خبرها للمتأخرين من المؤمنين جيلاً
بعد جيل. وفضلاً عن ذلك فإن الأعياد تثبت روح الدين وتربى عاطفة التقوى وحب
الفضيلة فى قلوب الصغار والكبار وتجعل شريعة الرب فى فهم (خر 13: 8 – 16).

 

قال أحد الآباء: قد وضعت الأعياد لغاية نبيلة معروفة
أى لكى يتمكن المؤمنين من عبادة الله. إكرامه وتذكر أسرار التجسد والفداء وأعمال
قديس الله العظام وحياتهم اللامعة بالقداسة والورع فيجنوا من هذه العبادة وذلك
التذكر أثمار لذيذة تطيب بها قلوبهم وتخشع نفوسهم ويشتدد آزرهم بتأملهم صلاح إلهه
ونبالة قديسيه وبسالتهم فى مصارعة الشهوات واستماتتهم فى طلب رضا البار العزيز
واحتقارهم كل الدنيويات حباً به (رفيق العابد 333).

 

و قد شهد البروتستانت أيضا بالفرض الذى ترمى له
الكنيسة من هذه الأعياد.. فقد قال صاحب ريحانة النفوس أن الأعياد التى كانت عند
المسيحيين الأولين كانت تحتفظ باعتبار واحترام عظيمين وكان المقصود بها انتشار روح
التقوى بواسطة مراجعة الحوادث والتعاليم العظيمة المدلول عليها بهذه الأعياد، ولا
ريب انه قد حصل من ذلك منفعة فى تلك الأعصار الأولى.. وكذلك من عيد الميلاد قبل أن
صار حفظه عموماً (وجه 18: 19) فكأن الأعياد تاريخ فعلى منظور محسوس ناطق يساعد
التاريخ المكتوب المطوى فى سطور الكتب المجهولة من العمة وقليل العلم من بنى
الإنسان.. بل هو تاريخ يقرأه الجهلاء والعامة بما يرونه ممثلاً أمامهم فى تلك
الحفلات المقدسة التى تقام فى أوقاتها المعينة من كل عام.. ولا نظن أن واحدا من
العقلاء أو الجهلاء من المؤمنين ينكر فائدة هذه الأعياد ما دام الرب أمر بها
وباركها والرسل ما رسوها.. وما دام هذا غرضها ومازالت ترمى إلى هذا القصد من
التعليم وأحياء ذكرى تلك النعم والبركات هطلت من عند أبى الأنوار.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى