اللاهوت الروحي

الفصل الثامن



الفصل الثامن

الفصل الثامن

التناول

مقالات ذات صلة

29- أهمية التناول وفائدته

إن التناول من السرائر الإلهية من أهم الوسائط
الروحية وأعمقها اثراً في الإنسان. سواء من جهة مفعول هذا السر بذائه كما شرح الرب،
أو فائدته الروحية الواضحة في الاستعداد له، أو من جهة نتائجة الواضحة وتأثيره
الروحى في المتناول.

 

1- أول أهمية له هى الثبات في الرب

و ذلك حسب قول الرب في إنجيل يوحنا ” من
يأكل جسدى ويشرب دمى، يثبت في وأنا فيه ” (يو 6: 56). وهنا لا يتحدث عن
الحياة مع الله فقط، وإنما بالأكثر الثبات فيه.

 

2- كذلك التناول هو الخبز الروحى

قال عنه الرب في (يو6) إنه الخبز الحى النازل من
السماء، هو خبز الحياة ” إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد ” وهو
” الواهب الحياة للعالم ” (يو 6: 33، 48، 50، 51). ولذلك فإن الذين
يترجمون الخبز في الصلاة الربانية بعبارة ” خبزنا الذي للغد ” يركزون
على الطعام الروحى اللازم لأبدية الإنسان، بخاصة هذا الخبز الذي للغد ”
يركزون على الطعام الروحى اللازم لأبدية الإنسان، وبخاصة هذا الخبز السماوى الذي
للغد أى للحياة الأبدية. كما قال الرب ” من يأكل جسدى ويشرب دمى، فله حياة
أبدية.، وأن أقيمة في اليوم الأخير ” (يو 6: 54).. ” من يأكل هذا الخبز،
فإنه يحيا إلى الأبد ” (يو 6: 58). إنه خبز الحياة، لأنه سبب حياة روحية
للإنسان.

 

3- هذا التناول هو عمليه تطعيم كما في الأشجار

 إذ يمكن
أن تطعم شجرة ما بشرة أفضل، فتبقى هذا الشجرة الأفضل، بدلاً من طبيعة الشجرة
الأولى. وهكذا فإن طبيعتنا البشرية – في سر الأفخارستيا – تحدث له عملية تطعيم
بجسد الربو دمه..

 

و قد أعطانا الرب مثالاً لعملية التطعيم، بكنيسة
العهد الجديد (الزيتونة البرية) التي أمكن تطعيمها في الزيتونة الأصلية التي للعهد
القديم، فأصبحت ” شريكاً في أصل الزيتونة ودسمها ” (رو 11: 17)..
وبالتناول، كأغصان في الكرمة (يو 15: 5)، حينما نثبت فيها بالتناول، تسرى فينا
عصارة الكرمة، فنتغذى بها ونحيا ” ونأتى بثمر كثير “..

 

4- نذكر في التناول ايضاً بركاته التي نسمعها في
القداس الإلهى في الاعتراف الأخير، إذ يقول الكاهن:

 
يعطى عنا خلاصاً، وغفراناً للخطايا أبدية لمن يتناول منه”.

 

من منا يستطيع أن يستغنى عن هذه البركة الثلاثية:
الخلاص والغفران والحياة الأبدية؟! إن المغفرة التي نستحقها بالتوبة والإعتراف،
ننالها في التناول. لأنه ” بدون سفك دم لا تحدث مغفرة ” (عب 9: 22). وسر
الافخارستيا هو استمرارية لذبيحة المسيح الذي نتناول دمه الكريم. وكما قال القديس
يوحنا الرسول عن هذا الدم إنه ” يطهرنا من الخطية، يعدنا للحياة الأبدية.

 

5- التناول أيضاً هو عهد مع الله

كما نذكر قول الرب الذي نردده في القداس الإلهى
” لأنه في كل مرة تأكلون من هذا الخبز، وتشربون من هذه الكأس، تبشرون بموتى،
وتعترفون بقيامتى، وتذكروننى إلى أن أجئ ” (1كو 11: 26). فهل نحن في كل تناول،
وندخل في عهد مع الرب أن نذكره إلى أن يجئ؟!

 

من أجل هذا العهد بين الرب وبيننا، فإن يوم
الخميس الكبير الذي سلم فيه الرب هذا السر لتلاميذه القديسين، نسميه (خميس العهد)..
ليتك تذكر باستمرار في كل مرة تتناول فيها، أنك تدخل في عهد مع الرب..

 

30- الاستعداد للتناول

أخطر عبارة فى ذلك، قالها القديس الأنبا رويس:

قال: يليق بالذى يتناول جسد الرب ودمه في داخله،
أن يكون من الداخل في نقاوة أحشاء العذراء التي كان في داخلها جسد الرب “. ما
أخطر هذه العبارة؟! ونقاوة أحشاء العذراء التي كان في داخلها جسد الرب “. ما
أخطر هذه العبارة؟! من ذا الذي يستطيعها؟! لذلك سأكلمكم عن السهل المستطاع. يلزمنا
إذا الاستعداد الروحى للتناول:

و بقدار استعدادنا للتناول ن تكون استفادتنا منه.

كثيرون يتناولون.. آلاف، بل مئات الآلاف.. ولكن
ليس الجميع يستفيدون نفس الفائدة الروحية!! ولنضرب مثالاً بالرسل الأحد عشر الذين
تناولوا في يوم خميس العهد ومن يد الرب نفسه: واحد منهم فقط، تبع المسيح حتى
الصليب، هو القديس يوحنا الحبيب، واستحق أن يكلمه لرب، وأن يعهد إليه بالسيدة العذراء
قائلاً ” هذه أمك ” (يو 19: 27). فأخذها إلى بيته، وصارت بركة له..

 

و تلميذ من الذين تناولوا، تبع المسيح حتى بيت
رئيس الكهنة. وكان قد تحمس أيضاً وقطع أذن عبد رئيس الكهنة، دفاعاً عن المسيح (يو
18: 25 – 27). ولكنه عاد فأنكر الرب ثلاث مرات!! وباقى التلاميذ التسعة هربوا وقت
القبض على معلمهم وسيدهم!! والكل كانوا قد تناولوا معاً..

 

إن التناول يذكرنا بمثل الزارع (مت 13).

الزارع هو نفس الزارع، البذار هى نفس البذار.
ولكن حسب طبيعة الأرض اختلفت النتائج: فالبعض سقط على الطريق فأكلته الطيور.و
البعض سقط على الأرض المحجرة، وإذ لم يكن له عمق أرض جف. والبعض سقط على ارض فيها
شوك، فطلع الشوك وخنقه.. وحتى الذي سقط على الأرض، لم يعط ثمراً بمستوى واحد. بل
أعطى بعض مائة، آخر ستين، وآخر ثلاثين (مت 13: 3 9).. هكذا التناول أيضاً، حسب
حالة قلب الإنسان، وحسب استعداده الروحى، هكذا تكون استفادته الروحية.

فهو من الوسائط الروحية، ولكن تختلف فائدته من
شخص لآخر، حسب استعداده له..

كثيرون يتناولون كثيراً، بل قد يتناولون كل يوم
وفى كل قداس. وربما لا يستفيدون!! وربما من كثرة التناول بلا استعداد، قد يتحول
الأمر إلى مجرد عادة، وتسقط خيبة الأسرار من قلوبهم! وغير هؤلاء قليلون يستطيعون
الاحتفاظ بهيبة السر ودوام الاستعداد له.. لذلك اختبر نفسك وانظر: هل المداوامة
على التناول في مواعيد متقاربة جداً، تساعدك على دوام الحرص أم لا؟ الأمر يختلف من
شخص لآخر.. هنا ونسأل ما هو الاستعداد للتناول؟

 

أولاً: الاستعداد بالاتضاع وبانسحاق القلب

من أجمل قطع القداس الإلهى في هذا الانسحاق،
صلاة سرية يتلوها الأب الكاهن، قبل القداس وهو يفرش المذبح، تسمى (صلاة الاستعداد)
يقول فيها: أيها الرب العارف قلب كل أحد، القدوس المستريح في قديسيه، الذي بلا
خطية وحده، القادر على مغفرة الخطايا.. أنت يا رب تعرف أنى غير مستحق ولا مستعد
ولا مستوجب لهذه الخدمة المقدسة التي لك، وليس لى وجه أن اقترب وافتح أمام مجدك
الأقدس. ولكن من أجل كثرة رأفاتك، واغفر لى أنا الخاطئ، وامنحنى أن أجد نعمة ورأفة
في هذه الساعة.. “.

فإن كان الأب الكاهن في القداس الإلهى بهذا
الانسحاق،فكم بالأكثر يكون باقى الشعب؟!

 

2- ويلزم للتناول: التوبة والنقاوة الداخلية

 وهنا
نرى الأب الكاهن نفسه يقوم بعدة أمور:

* يلبس هو والشماسة الملابس البيضاء (التونيات)
الخاصة بالخدمة، والتى ترمز إلى النقاوة الداخلية. مثلما يلبس المعتمد بعد عماده
ملابس بيضاء ترمز إلى الحياة الطاهرة النقية التي نالها بالمعمودية، إذ لبس بر
المسيح (غل 3: 27). وكما يقول السيد الرب ” من يغلب، فذلك سيلبس ثياباً بيضاً..”
(رؤ 3: 5) اشارة إلى الحياة المقدسة في الملكوت الأبدى.. وكما قيل عن ملائكة
القيامة إنهم كانوا ” بثياب بيض ” (يو 20: 12)(مر 16: 5) (مت 28: 3)..
وذلك يرمز إلى قداسة الملائكة وطهارتهم. وهكذا يكون خدام المذبح الذين يتقدمون
للتناول.. ويكون في هذه الملابس البيضاء قدوة للشعب ومثالاً..

 

* وكما يلبس الكاهن، يغسل أيضاً يديه قبل القداس،
ويقول ” انضح على بزوفاك فاطهر، واغسلنى فابيض أكثر من الثلج “.

 

و يقول أيضاً ” اغسل يدى بالنقاوة، وأطوف
بمذبحك يا رب..” إنه درس يقدمه الأب الكاهن للشعب قبل التناول أن تغتسل
نفوسهم بالتوبة، وتصير أبيض من الثلج..

 

* إن التوبة لازمة جداً للتناول. ولعلنا نلاحظ
أن السيد المسيح له المجد، قبل أن يناول تلاميذه في يوم الخميس الكبير غسل أرجلهم
أولاً وقال لهم ” أنتم الآن طاهرون، ولكن ليس كلكم ” (يو 3: 10). وكان
يعنى يهوذا مسلمه، ولذلك لهم يناوله من الجسد والدم.

 

* و لعل من أخطر العبارات التي تقال في هذا
المجال في القداس الإلهى، قبل التناول:

 

” القدسات للقديسين ” أى السرائر
المقدسة هى للقديسين.

 

لذلك يسمى القداس الذي يتناول فيه المؤمنون
(قداس القديسين)، لتمييزه عن الجزء السابق له الذي كان يسمى (قداس الموعوظين).
وفيه يستمع أولئك للقراءات والعظة وينصرفون قبل بداية قداس القديسين الذي يتناول
فيه هؤلاء القديسون..

 

إذن يحتاج الإنسان إلى قداسة بكى يستحق التناول
من الأسرار المقدسة. وهذا يذكرنى بعبارة جميلة قالها صموئيل النبى لأسرة يسى
البيتلحمى حينما أراد أن يقدم دبيحة.. قال لهم:

“تقدسوا وتعالوا معى إلى الذبيحة”
(1صم 16: 5).

 

و هكذا ” قدس يسى وبنيه، ودعاهم إلى
الذبيحة “.. ليتنا نحفظ تلك العبارات ونرددها في يوم التناول، العبارات
الخاصة بقدسية المتناولين من تلك السرائر المقدسة وإن لم نستطع أن نصل إلى تلك
القداسة في إيجابياتها الروحية، فعلى الأقل نتقدم إلى التناول بالتوبة والاعتراف،
وبعزم أكيد على ترك الخطية، والبعد عن كل الأسباب التي توصلنا إليها إلى توصلها
إلينا. وإن اعترفنا بخطايانا، لا يكون اعترافنا مجرد كلام، بل يكون ندماً حقيقياً،
وتوبة عمليه، حتى تكون أنفسنا وأجسادنا مستحقة لحلول تلك الأسرار المقدسة فيها،
فنقبلها بقلوب طاهرة، ونفوس مستحقة، وأرواح متصلة بالله.. وماذا أيضاً؟

 

3- يلزم التناول ايضاً استعداداً للجسد. وكيف؟

نستعد للتناول بطهارة الجسد وصومه ونظافته.
ولنتذكر كمثال: استعداد الشعب لتقبل كلام الله في العهد القديم، أعنى استلام
الوصايا العشر، وإذ ” قال الرب لموسى: اذهب إلى الشعب، وقدسهم اليوم وغداً.
وليغسلوا ثيابهم، ويكونوا مستعدين لليوم الثالث ” (خر 19: 10،11).. ”
فانحدر موسى من الجبل إلى الشعب وقدس الشعب، وغسلوا ثيابهم. وقال للشعب: كونوا
مستعدين لليوم الثالث. لا تقربوا إمرأة ” (خر 19: 14، 15).

 

لذلك فالاتصال الجنسى، والاحتلام، ونزيف الدم،
وما أشبه، أمور تمنع التناول.

ينبغى أن يكون المتقدم للتناول طاهراً، جسداً
وروحاً. وهكذا أيضاً يحسن الاستحمام في اليوم السابق للتناول، أو على الأقل
الأغتسال لمن يتناول باستمرار. مجرد هذا الأمر – إلى جوار نظافة الجسد الذي بستقبل
التناول – يعطى الإنسان إحساساً بأنه يستعد يلزمه لون من اللياقة.

 

كذلك نستعد جسدياً بالصوم.

وحسب نظام كنيستنا نصوم منقطعين عن الطعام
والشراب فترة لا تقل عن تسع نكون قد دخلنا في يوم الجديد (يو التناول) الذي يجب أن
نبدأه صائمين. والصوم ليس مجرد عمل جسدى، فهو من ناحية أخرى عمل روحى. وهو استعداد
لكل نعمة نتلقاها في كل سر من أسرار الكنيسة، إلا في فى الاستثناء المانع كالمرض
الشديد، وحالياً يستثنى سر الزواج أيضاً حسب قول السيد الرب ” هل يستطيع بنو
العرس أن يصوموا مادام العريس معهم؟! مادام العريس معهم لا يستطيعوا أن يصوموا
” (مر 2: 19). ولكن حينما كان سر الزواج يجرى بعد رفع بخور باكر، كان يقترن
بالصوم أيضاً.. كم بالأولى التناول.

 

4- من شروط الاستعداد للتناول أيضاً: المصالحة.

و هكذا قبل بدء قداس القديسين، قبل أن يرفع
الأبروسفارين، يصلى الكاهن صلاة الصلح، التي يقول فيها ” اجعلنا مستحقين كلنا
يا سيدنا أ ن نقبل بعضا بعضاً بقبلة مقدسة، لكى ننال بغير وقوع في دينونة من
موهبتك غير المائية السمائية “.. لاحظ هنا عبارة ” لكى ننال بغير وقوع
في دينونة “..(إذن الذي يتناول بغير مصالحة يقع في دينونة. ثم ينادى الشماس
قائلاً ” قبلوا بعضكم بعضاً..” وهذه القبلة المقدسة تعنى كمال الحب بين
الناس. وعبارة ” مقدسة ” تعنى أنها طاهرة وبغير رياء، وليس مثل قبلة
يهوذا، التي تذكاراً لها يمتنع التقبيل في أسبوع الآلام.

 

ينبغى قبل التناول أن نكون في صلح مع الله
والناس.

مع الله بالتوبة، حسب قول الرسول “..
تصالحوا مع الله ” (2كو 5: 20).. ومع الناس حسب قول الرب ” فإن قدمت
قربانك على المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك، فاترك قربانك قدام المذبح،
واذهب أولاً تصالح مع أخيك.. ” (مت 5: 23، 24). وعبارة ” شيئاً عليك
” تعنى أنك في موقف المذنب. أما الذي يبغضك بغير سبب منك، كما أبغض شاول داود،
وكما قال داود ” أكثر من شعر رأسى، الذين يبغضوننى بلا سبب ” (مز 69: 4)..
فذلك طبعاً لست مطالباً بأن تترك قربانك لمصالحته.. السيد المسيح نفسه كان يبغضونه
بلا سبب (يو 15: 18، 24،25).. أنت أيضاً لست مطالباً بالذهاب لمصالحة من يضطهدونك
ومن يحسدونك ويعادونك. ولكن هناك قاعدة:

 

إن كنت أنت المسئ، اذهب وصالح من أسأت إليه وإن
كنت المساء إليه، فاحفظ قلبك من البغضة.

 

كذلك لست مطالباً بأن تصالح من يعثرك روحياً او
أخلاقياً أو فكرياً، الذي ينطبق عليه قول الكتاب ” المعاشرات الردية تفسد
الأخلاق الجيدة ” (1كو 15: 33). والكتاب يطالبنا أن نبعد عن العثرات، لا أن
نذهب لنصالح أصحابها، ونرجع معهم علاقات تسبب الخطية..

 

كذلك لست مطالباً بأن تذهب لتصالح أصحاب البدع
والهرطقات. أولئك الذين قال عنهم الرسول ” إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا
التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا نقول له سلام. لأن من يسلم عليه يشترك في أعمال
الشريرة ” (2يو 10، 11).. ولا تسلم على من قال عنه الكتاب ” اعزلوا
الخبيث من بينكم ” (1كو 5: 13).. وعموماً، لا يكون صلحك مع الناس على حساب
صلحك مع الله.. تحدثنا عن الاستعداد للتناول، بقى أن نقول:

 

يشرح الكتاب عواقب من يتناول بغير استحقاق:

فيقول الرسول عن التناول إذن أى من أكل هذا
الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق، يكون مجرماً في جسد الرب ودمه. ولكن ليمتحن
الإنسان نفسه.. لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق، يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير
مميز جسد الرب. من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون ويرقدون. لأننا لو
حكمنا على أنفسنا، لما حكم علينا ” (1كو 11: 27 – 31).. عبارات خطيرة ومحذرة.
لذلك اعتدت أن أقول قبل التناول، وانصح من يتناولون أن يقولوا: ليس يا رب من أجل
استحقاقى أتناول، إنما من أجل احتياجى. ليس لاستحقاقى بل لعلاجى.

 

ليست لى القداسة التي أتناول بها إنما أنا
أتناول ليساعدنى التناول على حياة القداسة، إذ أنال به قوة روحية، ودفعة إلى قدام.

 

فالذى يتناول يشعر يهيبة هذا السر، ويخجل من
ارتكاب الخطية بسبب قداسة التناول. فإن كان يتناول كل أسبوع مثلاً، يظل الأيام
التالية لتناولة لتناوله مبتعداً عن الخطية بسبب قداسة السر.. وكذلك في الأيام
السابقة للتناول التالى يكون محترساً مستعداً للتناول في الأسبوع المقبل.. فيتعود
الحرص.

 

 من
أهمية التناول، فإن الكنيسة تشعرك بأن يوم التناول يوم غير عاد، بوسائل كثيرة.

 

الاستعداد له الصوم، طهارة الجسد، وبالاعتراف
والتوبة، والمصالحة مع الناس، والدخول إليه بانسحاق، والصلاة قبل التناول وبعده،
والكنيسة تعد الشخص للتناول بأكثر من تحليل للمغفرة: تحليل في رفع بخور عشية،
وتحليل في رفع بخور باكر، وتحليل الخدام، وتحليل سرى في نهاية القداس. كما تعد
ذهنه روحياً بالقراءات الكتابية الكثيرة، والطقوس الروحية وكل ما في القداس من
تأثير. وبعد التناول تجعله يحترس من أن يخرج، أو أن يبصق، احراماً لتناوله.

 

أتذكر أننى ذات يوم في بدء رهبنتى، كتبت في
مذكرتى في يوم تناولى:

” هذا الفم الذي تقدس بتناول جسد الرب ودم:
كلمة زائدة لا تخرج منه. ولقمة زائدة لا تدخل فيه”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى