اللاهوت الدفاعي

7- الكلمة الذي في حضن الآب ومن ذات الآب



7- الكلمة الذي في حضن الآب ومن ذات الآب

7- الكلمة الذي
في حضن الآب ومن ذات الآب

 

وتكملة
لما سبق يقول القديس يوحنا بالروح ” والكلمة صار جسدا وحل بيننا
ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا
نعمة وحقا … الله لم يره أحد قط الابن الوحيد الذي في حضن الآب
هو خبر ” (يو1: 14و18).

 وقد
جاء قوله ” والكلمة صار جسدا ” وفي قوله ” صار
” استخدم التعبير اليوناني: ”
evge,netoegeneto “، والذي ورد في العهد الجديد مرات عديدة، وهو من الفعل (γίνομαι ginomai) والذي يعني بالدرجة الأولى ” يصير أو يكون “، وهذا يساوي
قوله؛ في الآيات التالية: ” كل شئ به كان (
evge,netoegeneto) وبغيره لم يكن (evge,neto)
شئ مما كان ” (يو3: 1)، ” كان في العالم وكون (
evge,netoegeneto) العالم به ” (يو10: 1)، ” قبل أن يكون (gene,sqaigenesthai) إبراهيم أنا أكون ” (يو58: 8).

مقالات ذات صلة

 وهنا
يقدم لنا إيضاحا كافياً باستخدامه لكلمة ” كان –
h=n ” الدال على الكينونة الدائمة للكلمة مع الآب وفي ذات
الآب: ” في البدء كان (
h=n)
… والكلمة كان (
h=n)
… وكان (
h=n) الكلمة … هذا كان
(
h=n) في البدء “، والذي استخدم فيه الزمن الماضي الناقص الذي يدل
في هذه الآيات على الكينونة الأبدية، وبين استخدامه لكلمة (
evge,netoegeneto – صار) عند الحديث عن التجسد ” والكلمة صار
“، في ملء الزمان ” ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً
(
geno,menongenomenon) من امرأة مولودا تحت الناموس ” (غل4: 4). فهناك فارق
ضخم بين الكينونة الدائمة والتجسد في ملء الزمان.

 يقول القديس
بولس بالروح: ” الذي إذا كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون مساوياً لله
لكنه أخلي نفسه أخذاً صورة عبد صائرا (
γενόμενοςgenomenos) في شبه الناس ” (في7: 2). وهنا استخدم في قوله: ” الذي
إذ كان في صورة الله ” الفعل ”
u`pa,rcw ” والذي يعني موجود، استخدم الزمن المضارع الدال على
الاستمرار والدوام. كما استخدم في قوله ” صورة الله
النص اليوناني ” مورفي –
morfh/|
Morehe – صورة ” والذي يعبر عن طبيعة الكيان وشخصه(75)،
والذي يشير إلى الظهور الخارجي الذي يوصل للجوهر(76)، وهنا يُعبر عن الكيان
الجوهري لله(77)،
ولذا فالتعبير ” صورة الله ” في هذه الآية مترجم في
NIVفي نفس طبيعة الله In The Very Nature Of God” أي ” الذي إذ كان في نفس طبيعة الله(78).

 ويستخدم
الكتاب في قوله ” لم يحسب خلسة أن يكون مساويا لله
i=sa qew “، كلمة ” i=sa isa) “، والتي تعني ” يساوي – يعادل “، وهي نفس الكلمة
التي استخدمها اليهود في تعليقهم على قول الرب يسوع المسيح أنه ابن الله ” قال أيضا إن الله أبوه معادلا ”
i;sonison ” نفسه بالله”. وقد استخدم الكتاب في
كلتا الآيتين نفس التعبير ”
مساو أو معادل من
الفعل ” أيسوس –
isojisos ” والذي يعني مساو أو معادل.

 أي أنه وهو صورة الله المعبر عن الكيان
الجوهري للذات الإلهية
” صورة الله غير
المنظور
” (كو15: 1)، الذي هو
الله، الله الكلمة المساوي لله الآب
بهاء مجده
ورسم جوهره
وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته ” (عب3: 1)، لم تحسب مساواته للآب
اختلاساً بل هي من صميم ذاته ولكنه حجبها في ناسوته متخذا صور عبد.

 وعندما
يتكلم عن كينونته الدائمة ومجده الأزلي يقول ” كما لوحيد من الآب “،
وكلمة ” وحيد ” هنا في اليونانية ”
monogenou/j – مونوجينيس – monogenes “، وتعنى حرفياً؛ واحد في النوع، واحد فقط، فريد، وتركز في
ارتباطها بلقب ” أبن الله ” علي حقيقة أن المسيح، كلمة الله، هو الابن
الوحيد لله الآب، والذي لا يوجد ابن لله غيره أو سواه أو مثله، لا يوجد أبن لله في
نوعه وتفرده كالابن من الآب ومن طبيعته وجوهره. هو وحده الذي من ذات الله الآب ومن
طبيعته وجوهره والمساوي له في كل ماله. هو وحده صورة الله، صورة طبق الأصل،
والمعلن له، كلمة الله، الله ناطقاً.

 سأل
أحدهم السؤال التالي قائلاً: كيف تبرهنون على أن المسيح هو ابن الله الوحيد؟
ولماذا لا يكون لله أبن ثانٍ وثالث ورابع 00 الخ؟ وللإجابة على هذا السؤال
السُفسطائي (الجدلي) نوضح هنا أن الرب يسوع المسيح هو ” كلمة الله “،
نطق الله العاقل وعقله الناطق، و” صورة الله غير المنظور ” و” بهاء
مجد الله ورسم جوهره “، أي النور والضياء الصادر من ذات الله وصورة جوهر الله،
حكمة الله وقوة الله ” فبالمسيح قوة الله وحكمة الله
(1كو1: 24)، والذي ” فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا ” (كو2:
9)، كما أنه ” الله الظاهر في الجسد ” (1تي3: 16). والله غير محدود
وكلمته ” يحل كل ملء اللاهوت جسديا “، أي غير محدود،
وعقله (عقل الله) غير محدود هو ابنه الوحيد الذي في حضنه وحضن الآب غير محدود
وابنه الذي في حضنه غير محدود، ولذا لا يمكن أن يكون لله الواحد سوى كلمة واحد
وعقل واحد وصورة واحدة هو ابنه الوحيد غير المحدود لأنه يملأ حضن الآب غير المحدود.

 كما
تركز كلمة ” الوحيد ” علي الكيان الشخصي لكلمة الله،
المسيح، باعتباره كلمة الله وصورته وإشعاع مجده ورسم جوهره، فهو أبن الله الوحيد،
الفريد والمتفرد، الذي هو الله ناطقاً الله ذاته معلناً.

 و
قوله ” الابن الوحيد الذي في حضن الآب “، في اليونانية يقدم لنا
عدة حقائق جوهرية؛ (1) ” الابن الوحيد –
o` monogenh.j ui`o,j“، والتي تترجم في جميع الترجمات الإنجليزية ” The only begotten ، أي المولود الوحيد ” أو الوحيد في نوعه، وحيد الجنس، كما أن
عبارة الابن الوحيد وردت في أقدم المخطوطات (خاصة؛
a, B, C, L) “monogenh.j qeo.j = the only begotten God = الإله الوحيد الجنس أو الإله المولود الوحيد”. وسواء كان
الكلمة هو الابن الوحيد أو الإله الوحيد فالمعنى واحد لأن الكلمة هو الله ” وكان
الكلمة الله
“.

(2)
” الذي في حضن الآب “، والتعبير المترجم في العربية ” الذي ”
هو ” حرفياً ”
ν = الكائن “، وهو مضارع بلا زمن، مما يشرح الوجود الأبدي
للابن في الآب، بلا زمن، أي الكائن على الدوام في ذات الآب.

(3)
وحرف الجر المستخدم هنا ” في –
eivj
eis” يعني حرفيا ” في وإلى ونحو “، أي الذي في الآب،
ويعود إلى الآب، ومتجه نحو الآب.

(4)
و ” حضن الآب =
to.n ko,lpon tou/ patro,j
“، يؤكد العلاقة بين الآب والابن في الذات الإلهية، فالابن هو الكائن أبداً،
بلا زمن في حضن الآب والمتجه نحو الآب والذي يعود إلى الآب، وهذا تأكيد لقوله
والكلمة كان عند الله“. كما أن الله الآب غير محدود وحضنه غير
محدود، وقد بين لنا الرب يسوع المسيح نفسه أنه هناك تبادل في الحب والمجد والعطاء
في الذات الإلهية لله الواحد، ومن هذا التبادل في العطاء هو أن الآب يعطي الابن
ذاتيا، في الذات الإلهية لله الواحد، أن يعمل عمل الله لأنه كلمة الله فيقول
المسيح ” أبي يعمل
حتى الآن وأنا أعمل
. فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن
يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل
قال أيضا أن الله أبوه معادلا نفسه بالله
فأجاب يسوع وقال لهم
الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذاك
فهذا يعمله الابن كذلك.
لأن الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو
يعمله. وسيريه أعمالا أعظم من هذه لتتعجبوا انتم. لأنه كما أن الآب يقيم الأموات
ويحيي كذلك الابن أيضا
يحيي من يشاء. لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن. لكي يكرم
الجميع الابن كما يكرمون الآب
. من لا يكرم الابن لا يكرم الآب
الذي أرسله الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة
أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة. الحق الحق أقول لكم
انه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون. لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك
اعطى الابن ايضا ان تكون له حياة في ذاته.
وأعطاه سلطانا أن
يدين أيضا لأنه ابن الإنسان. لا تتعجبوا من هذا.فانه تأتي ساعة فيها يسمع جميع
الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيّآت
إلى قيامة الدينونة ” (يو5: 18-29).

 ويدلنا كلام
الرب يسوع المسيح هذا على أنه يتكلم عن وحدة ومساواة في الذات الإلهية بين الآب
والابن وهذا ما فهمه اليهود من كلامه، الأخير هذا، لذا أرادوا أن يرجموه ”
فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت

فقط
بل قال أيضا أن الله أبوه
معادلا نفسه بالله
“.

 ومن
منطلق لاهوتي داخل الذات الإلهية لله الواحد يؤكد على أن كل ما يعمله الآب يعمله
الابن وأن الابن له نفس ما للآب بما في ذلك الحياة، ففي الذات الإلهية الابن في
حضن الآب ومن ذات الآب ومن الطبيعي أن يكون كل ما للآب هو للابن كما قال المسيح
نفسه في حديثه عن الروح القدس ” ذاك (يقصد الروح القدس) يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي. لهذا
قلت انه يأخذ مما لي
ويخبركم ” (يو16: 14و15). 

 ومن
هنا يركز القديس يوحنا بصفة جوهرية على الوحدة الأزلية والعلاقة الجوهرية بين الآب
والابن في الذات الإلهية لله الواحد وينقل الكثير من الآيات التي قالها الرب يسوع
المسيح وأوضح بها حقيقة وحدته مع الآب في الجوهر وكونه في الآب والآب فيه، وأنه من
الآب وله كل ما للآب، وفيما يلي بعض هذه الآيات:

Uالآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده ” (يو3:
35).

U ” لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة
للابن ” (يو5: 22).

U ” لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن
أيضاً أن تكون له حياة في ذاته ” (يو5: 26).

U ” ليس أن أحدا رأى الآب إلا الذي من الله. هذا قد رأى
الآب ” (يو6: 46).

U ” ولكن أن كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي
تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه ” (يو10: 38).

U ” يسوع وهو عالم أن الآب قد دفع كل شيء إلى يديه وانه
من عند الله خرج وإلى الله يمضي ” (يو13: 3).

U ” قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس احد يأتي
إلى الآب إلا بي ” (يو14: 16).

U ” قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب وكفانا.
قال
له يسوع أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس.الذي رآني فقد رأى الآب
فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست
تؤمن أني أنا في الآب
والآب فيّ. الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال فيّ
هو يعمل الأعمال. صدقوني أني في الآب والآب فيّ. وإلا فصدقوني لسبب الأعمال
نفسها ” (يو14: 8 -11).

U ” ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق
الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي ” (يو15: 26).

U ” لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني وآمنتم أني
من عند الله خرجت. خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضاً اترك العالم واذهب
إلى الآب ” (يو16: 27و28).

U ” والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي
كان لي عندك قبل كون العالم ” (يو17: 5).

 

(76) Marvin R. Vencent’s
Word Study in the New Testament Vol. 3 P. 431

(76) Frank A. Gaebelein
the Expositors Bible Commentary Vol. 11 P. 123

(77) Vencent’s Vol. 3
P. 431

(78) New
International Version

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى