اللاهوت الدفاعي

5- إعتراض غير المؤمنين



5- إعتراض غير المؤمنين

5- إعتراض غير
المؤمنين

 

والغريب
بل والأغرب أن بعض الكتاب من الأخوة المسلمين وبعض القنوات الفضائية التي لا هم
لها سوى الهجوم على المسيحية ومحاولة التشكيك في صحتها استغلوا ما قاله آريوس
وشهود يهوه وزعموا قائلين أن الآية هنا تقول ” وكان الكلمة إلهاً
“، ولكنهم خرجوا بنتيجة لا تتفق لا مع عقيدة آريوس ولا شهود يهوه في المسيح،
ولا تتفق مع المنطق ولا مع العقل ولا مع سياق الكلام وموضوع الآيات، فقالوا أن
المسيح دعي هنا إلهاً كما دعي موسي أيضاً ” إلهاً ” في العهد
القديم عندما قال له الله: ” أنا جعلتك إلها لفرعون. وهرون أخوك يكون
نبيّك ” (خر7: 1)، ومن ثم يكون المسيح مثل موسى وبما أن موسى مجرد نبي وإنسان
وليس إلهاً بالحقيقة يكون المسيح أيضاً مثل موسى مجرد إنسان!!

 هذا
الكلام كما قلنا لا قيمة له ولا معني لأنه غير مبني على أصول علمية ولا على منهج
علمي أو منطق، بل مبني على الهوى ومجرد إدعاء كاذب لا يهتم بالبحث العلمي ولا
بالحقائق الجوهرية بل مبني على جدل كلامي، سفسطائي، عقيم لا هدف له سوى التشكيك
لمجرد التشكيك!! فهم لا يؤمنون بلاهوت المسيح ولا بكونه الخالق، خالق الكون، كما
آمن آريوس وكما يؤمن شهود يهوه، بل يؤمنون بأنه مجرد إنسان نبي، لذا يحاولون أن
يطبقوا منهج كتابهم هم وليس منهج الكتاب المقدس الذي يستشهدون بآياته!! لأنهم
أصلاً لا يؤمنون بالكتاب المقدس بل يحاولون أن يتخذوا من نصوصه وآياته مجرد حجة
يشككون بها ولو أمكن البسطاء.

 ونقول
لهؤلاء ومن تبع خطواتهم وسار على فكرهم من الذين لا هم لهم سوى التشكيك لمجرد
التشكيك أن المقارنة هنا بين موسى والمسيح لا تصلح على
الإطلاق
بصرف النظر عن معنى الكلمة سواء كان ” الله ” أم ” إله”. لأن
موسى معروف أنه إنسان وهذا أمر لا جدال فيه ولا نقاش وقد أعطاه الله هذا اللقب
ليجعله سيداً على فرعون ملك مصر: ” وكان يوم كلم الرب موسى في ارض مصر أن
الرب كلمه قائلا أنا الرب. كلم فرعون ملك مصر بكل ما أنا أكلمك به. فقال موسى أمام
الرب ها أنا اغلف الشفتين. فكيف يسمع لي فرعون فقال الرب لموسى انظر. أنا جعلتك
إلها لفرعون. وهرون أخوك يكون نبيّك. أنت تتكلم بكل ما آمرك. وهرون أخوك يكلم
فرعون ليطلق بني إسرائيل من أرضه ” (خر6: 28-7: 2). وكان موسى قد خاف من
الوقوف أمام فرعون: ” فقال موسى للّه من أنا حتى اذهب إلى فرعون وحتى اخرج
بني إسرائيل من مصر ” (خر3: 11). وهنا شجعه الله وقال له ” أنا جعلتك
إلها لفرعون “، أي جعلت لك السيادة على فرعون بكلماتي التي تنقلها إلى فرعون
وبالمعجزات التي تجعلك متفوقا عليه وعلى كل سحرة مصر. ولكنه لم يكن إلها بالحقيقة.

 أما
الرب يسوع المسيح، الكلمة، الكلمة الإلهي، كلمة الله، فكما تقول الآيات وكما
أوضحنا تفصيليا، أعلاه، فقد كان موجودا قبل الخليقة، بل وقبل كل وجود، وكان موجودا
مع الله، في ذات الله، وهو خالق الخليقة ومعطي الحياة، كما تقول هذه الآيات: ”
كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان فيه كانت الحياة”. فهل كان موسى
موجودا قبل الخليقة؟!! وهل كان موجودا مع الله قبل الكون؟!! وهل خلق موسى الخليقة والكون
وكل ما فيه؟!! وهل أعطى موسى الحياة للبشرية والكون؟!! كما تقول الآيات أن الابن،
الكلمة كان عند الله، وكان موجوداً دائماً في حضن الآب، وأنه من الآب، فهل كان
موسى عند الله من الأزل؟!! وهل هو موجود دائما في حضن الآب كالابن الوحيد؟!! وهل
هو من الآب، من نفس طبيعته وجوهره؟!! وهل كان موسى إلها بحسب الطبيعة والجوهر، أي
من نفس جوهر الله الآب وله طبيعته، كما تقول الآيات؟!! وهل كان موسى في السماء قبل
أن تحبل به أمه؟!! وهل نزل من السماء كما قال المسيح عن نفسه!! وهل موسى هو ابن
الله

الوحيد
الذي من الآب وفي حضن الآب؟!!

 والكتاب
واضح وصريح في هذا الأمر، ففي مقارنة بين الرب يسوع المسيح وموسى النبي يقول
الكتاب: فَإِنَّ هَذَا (أي المسيح) قَدْ
حُسِبَ أَهْلاً لِمَجْدٍ أَكْثَرَ مِنْ مُوسَى، بِمِقْدَارِ مَا لِبَانِي
الْبَيْتِ مِنْ كَرَامَةٍ أَكْثَرَ مِنَ الْبَيْتِ. لأَنَّ كُلَّ بَيْتٍ يَبْنِيهِ
إِنْسَانٌ مَا، وَلَكِنَّ بَانِيَ الْكُلِّ هُوَ اللهُ. وَمُوسَى كَانَ أَمِيناً
فِي كُلِّ بَيْتِهِ كَخَادِمٍ، شَهَادَةً لِلْعَتِيدِ أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ.
وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَكَابْنٍ عَلَى بَيْتِهِ. وَبَيْتُهُ نَحْنُ إِنْ تَمَسَّكْنَا
بِثِقَةِ الرَّجَاءِ وَافْتِخَارِهِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ ” (عب3: 3
-6). كان موسى النبي خادماً في عمل الله، أما المسيح، الابن، فهو كصاحب البيت لأنه
أبن صاحب البيت وبالتالي له حق ملكية ما للآب. لأن الآب
والابن واحد والابن من الآب وفي ذات الآب.
فالابن
هنا هو باني البيت، وهذا البيت هو نحن، أي مخلوقاته، وباني الكل، أو خالق الكل، هو
الله، والمسيح، الابن، هو باني البيت، ومن ثم فقد كان موسى أمينا في هذا البيت
والباني هو المسيح، ومن ثم فقد حسب لمجد أعظم من موسى باعتباره الابن على بيته (
as he who hath builded)، الابن باني البيت الذي هو بيته، هو خالق
البيت كما يقول الكتاب ” اللهِ خَالِقِ الْجَمِيعِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ
” (أف3: 9)، وموسى أحد خلائق الله وبالتالي فهو مخلوق بواسطة المسيح، وقد جاء
موسى لليهود بالناموس، وكان غاية الناموس هو المسيح: ” لان غاية الناموس هي
المسيح للبر لكل من يؤمن ” (رو10: 4)، ” كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح
لكي نتبرر بالإيمان ” (غل3: 24).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى