اللاهوت الدفاعي

هوت_دفاعى_عظمة_الكتاب_المقدس_وحفظ_الله_له_05[1].html



الرد الخامس

براهين من
علم الحفريات

والآثار والوثائق
القديمة

تشهد على حفظ
الله للعهد القديم(20)

 

1 – تطابق
الأسماء في الكتاب المقدس والوثائق القديمة:

 ومن أروع الدراسات التي قام بهاء علماء الكتاب المقدس
والنقد النصي هي التي توصلوا من خلالها إلى صحة وموثوقية العهد القديم وعظمة
الكتاب المقدس من خلال مقارنة أسماء الملوك والأشخاص الذين ذكرت أسماؤهم في
الوثائق القديمة مثل الرقوق وأوراق البردي وعلى جدران المعابد والمباني القديمة
والكتاب المقدس وكانت النتيجة كما يقدمها لنا العالم روبرت ديك ويلسون في كتابه
” فحص علمي للعهد القديم ” وذلك من خلال ملاحظاته الرائعة لصحة وموثوقية
الكتاب المقدس منذ زمن الحضارات القديمة التي كانت تحيط بإسرائيل في العهد القديم:

 ” تحوي الأسفار المقدسة العبرية أسماء ستة
وعشرين ملكاً أو أكثر ذُكرت أسماؤهم في وثائق معاصرة لهؤلاء الملوك. وقد تبين أن
هجاء أسماء معظم هؤلاء الملوك المنقوشة على آثارهم أو المدونة في وثائق ترجع إلى
العصر الذي كانوا يحكمون فيه هو نفس الهجاء الوارد في نصوص العهد القديم. أما
اختلافات الهجاء في البعض الآخر فهي تتفق مع قواعد علم الصوتيات التي كانت سائدة
وقت تدوين النصوص العبرية. وفي حالتين أو ثلاثة فقط هناك حروف أو أشكال للهجاء لم
يتم التأكد من تفسيرها حتى الآن. إلا أنه حتى في هذه الحالات القليلة لا يمكن
اعتبار الهجاء الذي ورد في النص العبري هجاءً خاطئاً. ومن ناحية أخرى، فإن أسماء
الكثيرين من ملوك يهوذا وإسرائيل وجِدت في الوثائق الأشورية المعاصرة لهم بنفس
الهجاء الذي ورد في النص العبري الموجود الآن.

 وفي 144 حالة للنقل من اللغات المصرية والأشورية
والبابلية والموآبية إلى اللغة العبرية وفي 40 حالة أخرى للنقل في الاتجاه
المعاكس، أي في 184 حالة تشير الأدلة إلى أنه على مدى 2300 – 3900 عام تم نقل
الأسماء بدقة بالغة في مخطوطات الكتاب المقدس العبري. أما وأن الكتبة الأصليين قد
دوَّنوها بهذه الدقة البالغة ومراعاتهم للقواعد اللغوية الصحيحة، فهو دليل رائع
على علمهم وحرصهم الشديد، فضلاً عن ذلك فإن نقل النسَّاخ للنص العبري عبر هذه
القرون الطويلة يعد ظاهرة لا مثيل لها في تاريخ الأدب “(1).

 

ويواصل
ويلسون قائلاً:

 ” ولا ينبغي لدارسي نصوص الكتاب المقدس سواءً
كانوا مهاجمين له أو مدافعين عنه أن يفترضوا ولو لحظة واحدة أن هذه الترجمة
الدقيقة وهذا النقل الصحيح لأسماء الأعلام هو أمر سهل أو عادي. وفي هذا المقام أود
أن ألفت انتباه القارئ الذي ليس له دراية بهذه الأمور إلى أسماء ملوك مصر كما
ذكرها مانيتو وكما تظهر على الآثار المصرية. كان مانيتو رئيساً للكهنة لهياكل
الأوثان في مصر في زمن بطليموس فيلادلفيوس أي حوالي 280 ق.م. وقد ألَّف عملاً عن
أسر ملوك مصر، بقيت بعض أجزائه في أعمال يوسيفوس ويوسابيوس وغيرهم. ومن بين ملوك
31 أسرة يذكر 40 اسماً من 22 أسرة. ومن بين هذه يظهر 49 اسماً على الآثار بشكل
يوافق الهجاء الذي ذكره مانيتو، وهناك 28 اسماً آخر يمكن التحقق منها جزئياً. أما
الأسماء الثلاثة والستون الباقية فلا يمكن التحقق من أي مقطع فيها. وإن كان صحيحاً
أن مانيتو نفسه نقل هذه القوائم من السجلات الأصلية – إذ أن نقله لتسعة وأربعين
اسماً بشكل صحيح يؤيد هذا الفرض- فإن مئات الاختلافات والأخطاء في خمسين أو أكثر
من هذه الأسماء التي لم يمكن التحقق منها لابد أنها ترجع إلى أخطاء مانيتو في
النسخ أو أخطاء النسَّاخ الذين نقلوا النص من بعده “(2).

 ويضيف ويلسون أن ” هناك ما يقرب من أربعين
من هؤلاء الملوك عاشوا فيما بين عامي 2000 ق.م. و400 ق.م. ويظهر كل منهم في تسلسل
تاريخي: بالإشارة إلى ملوك هذه الدولة وملوك الدول الأخرى… ليس هناك دليل آخر
يمكن تصوره على دقة روايات العهد القديم أقوي من هذه المجموعة من الملوك. وفي
ملاحظة هامشية يحسب ويلسون احتمال حدوث ذلك عن طريق الصدفة: وحسابياً، فهناك
احتمال من بين 750 ألف مليون مليون مليون احتمال أن تكون هذه الدقة من قبيل الصدفة
(3).

 وانطلاقاً من هذه البراهين يصل ويلسون إلى النتيجة
التالية:

 ” لا يمكن إنكار الدليل على أن نسخ الوثائق
الأصلية قد وصلت إلينا بشكل صحيح تماماً على مدى أكثر من ألفي عام. أما انتقال
النسخ التي وجدت منذ ألفي عام على نحو مماثل انحداراً من النسخ الأصلية فلا يُعد
أمراً ممكناً فحسب، ولكنه، وكما أوضحنا، أصبح كذلك عن طريق التماثل بين الوثائق
البابلية التي توجد الآن، والتي لدينا النصوص الأصلية لها والنسخ المنقولة عنها،
حيث يفصل بينهما آلاف السنين، وكذلك التماثل بين عشرات المخطوطات البردية التي
تبين عند مقارنتها بالنسخ الحديثة للمؤلفات الكلاسيكية أنه لم يطرأ على النصوص سوى
تغييرات طفيفة على مدى أكثر من ألفي عام، كما يتبين ذلك من البراهين العلمية على
الدقة التي نقلت بها أسماء الملوك وطريقة هجائها الصحيحة وكذلك المفردات الأجنبية
الكثيرة الموجودة في النصوص العبرية “(4).

2 – علم
الآثار والحفريات وصحة الأحداث التاريخية في الكتاب المقدس:

 كما برهن علم الآثار على صحة ودقة الأحداث
التاريخية التي وردت في العهد القديم؛ قال عالم الآثار اليهودي نلسون جلويك:
” لم يحدث أي اكتشاف أثري واحد ناقض ما جاء في الكتاب المقدس. إن التاريخ
الكتابي صحيح تماما بدرجة مذهلة، كما تشهد بذلك الحفريات والآثار”.

 ويقول وليم أولبرايت أحد عظماء علماء الحفريات:
” لا شك أن علم الآثار القديمة قد أكد صحة تاريخ العهد القديم، فانهدمت
الشكوك التي قامت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في الكتاب المقدس، بعد أن
أثبتت الاكتشافات – الواحد بعد الآخر- دقة التفاصيل الكثيرة التي تؤكد قيمة الكتاب
المقدس كمرجع تاريخي “(5).

 ويقول الأستاذ رولي: ” إن موافقة علماء
الآثار على صحة التاريخ الكتابي لا ترجع إلى توفر النظرة المحافظة عند العلماء
المعاصرين، بل إلى كثرة الأدلة التي بين أيديهم على صحة تاريخ الكتاب المقدس
(6).

 ويقول ميلر باروز من جامعة ييل: ” لقد محقت
الاكتشافات الأثرية نظريات النقد الحديث، فقد أثبتت مرارا كثيرة، أن هذه النظريات
ترتكز على افتراضات باطلة ونظرات تاريخية مصطنعة وغير صحيحة، وهذا أمر جدير بكل
اعتبار “(7).

 ويقول بروس: ” إن المواضع التي كان يتهم
فيها لوقا بعدم الدقة، ثبتت بعد ذلك دقتها بأدلة خارجية، مما يجعل من الحق أن نقول
إن علم الآثار قد أكد صحة العهد القديم”.

 ويقول مرل أنجر (مؤلف كتاب علم الآثار والعهد
الجديد): لقد كشفت الحفريات عن أمم قديمة جاء ذكرها في العهد القديم، وأظهرت تاريخ
أشخاص مهمين، وملأت فراغات كثيرة مما ساعد على فهم التاريخ الكتابي “(8).

 ويقول جوش مكدويل: إن علم الآثار القديمة قد بعث
احتراما كاملا للكتاب المقدس كوثيقة تاريخية صحيحة، وظهر أن شكوك بعض العلماء في
الكتاب المقدس راجعة إلى تحيزهم ضد المعجزات، وليس إلى التقييم الدقيق للتاريخ
الكتابي.

 لقد رأينا كيف عاونت المخطوطات القديمة، التي اكتشفها
علماء الحفريات والآثار، على التأكد من سلامة النصوص الموجودة معنا للكتاب المقدس،
وأنها نقلت إلينا عبر القرون بكل دقة وأمانة. كما أن التواريخ المسلحة في حفريات
فلسطين أكدت سلامة القصص الكتابية، مما جعلها موضع الاحترام المتزايد عند هؤلاء
العلماء.

 ويقول السير فريدريك كنيون: ” لقد وجهت
اتنقادات حادة إلى جزء من تاريخ العهد
القديم،
خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ولكن علم الآثار القديمة أعاد إلى هذا
الجزء سلطانه، كما كشف الخلفية التاريخية له. ولم يصل علم الآثار إلى نهاية
اكتشافاته، ولكن النتائج التي وصل إليها تؤكد ما يقوله الكتاب المقدس. إن الكتاب
المقدس يستفيد من زيادة معرفة علماء الآثار القديمة “(9).

 ويقول برنارد رام: ” لقد أعطانا علم الآثار
القديمة برهانا على صحة النسخة الماسورية. فهناك ما يعرف ب ” ختم إرميا
” (وهو ختم يختمون به على البيومين الذي يغلقون به الأواني التي يحفظون بها
الخمور) يرجع تاريخه إلى القرن الأول أو الثاني الميلادي، وعليه ما جاء في إرميا
11: 48. وهذا يؤكد لنا صحة النص المازوري. وهذا الختم يؤكد لنا صحة النص الذي
انتقل إلينا من وقت عمل الختم إلى وقت كتابة المخطوطات. فضلا عن أن بردية روبرت
التي ترجع إلى القرن الثاني ق م وبردية ناش التي يقول أولبرايت إنها ترجع إلى 100
ق م تؤكدان صحة النص المازوري “(10).

 ويقول الدكتور أولبرايت: ” إن النور الدافق
(الصادر من الاكتشافات في أطلال مدينة اوجاريت) والذي ألقى بضيائه على الشعر
العبري القديم، يؤكد أن آباء سفر التكوين جاءوا من خلق خيال الكتبة العبرانيين بعد
انقسام ملكة سليمان، وأنهم لم يكونوا أشخاصا حقيقين. ولكن هذا كله قد تغير، فإن
الاكتشافات والحفريات منذ عام 1925 أثبتت صدق قصص التكوين كوقائع تاريخية، فإن
آباء العبرانيين كانوا من البدو الذين سكنوا عبر الأردن وسوريا وحوض الفرات وشمال
الجزيرة العربية في القرون الأخيرة من الألف الثانية ق م، والقرون الأولى من الألف
الأولى “(11).

 

3 – نماذج
من حفريات تبرهن صحة العهد القديم:

(أ) يقول
سفر التكوين أن أصل بني إسرائيل من بلاد ما بين النهرين، وقد برهنت الحفريات صحة
هذا. ويقول أولبرايت: ” لا شك أن التقليد العبري صادق في أن الآباء من
تتبع
آثار حركة هؤلاء الناس في خروجهم من بلاد ما بين النهرين “(12).

(ب) يقول
سفر التكوين إنه قبل بناء برج بابل كانت الأرض تتكلم لغة واحدة (تكوين 1: 11).
وبعد بناء برج بلبل الله لسان كل الأرض (تكوين9: 11). ويتفق كثيرون من علماء
اللغات حاليا على صحة هذه النظرية. ويقول ألفريدو ترومبيتي إنه يستطيع أن يتابع
ويبرهن الأصل المشترك لكل اللغات. ويذهب أوتوياسبرسن إلى أبعد من ذلك ويقول إن
اللغة جاءت للإنسان الأول من الله(13).

(ج) في
سلسلة نسب عيسو جاء ذكر الحوريين (تكوين 20: 36) وقد جاء وقت ظن فيه الناس أن
الحوريين كانوا سكان الكهوف، لقرب الشبه بين كلمة ” حوريين ” وكلمة
” كهف ” العبرية. ولكن الحفريات الحديثة أظهرت أنهم كانوا جماعة من
المحاربين عاشوا في الشرق الأوسط في عصر الآباء الأولين.

(د) خلال
الحفريات في أريحا (1930 – 1936م) وجد العالم ” جارستانج ” شيئا غريبا
جعله يحرر وثيقة يوقع عليها هو واثنان من العلماء زملائه، يقول فيها: ” لا شك
في حقيقة أن أسوار أريحا سقطت تماما إلى الخارج في مكانها، حتى يتمكن المهاجمون من
أن يصعدوا فوقها ويدخلوا أريحا. والغريب في ذلك أن أسوار المدن لا تسقط عادة إلى
الخارج بل تسقط إلى الداخل، ولكن أسوار أريحا سقطت في مكانها إلى الخارج كما جاء
في (يشوع 20: 6 و 22).. ” فسقط السور في مكانه وصعد الشعب إلى المدينة كل رجل
مع وجهه وأخذوا المدينة”.

(ه) نجد أن
سلسلة نسب إبراهيم صحيحة تماما، ولكن ثار التساؤل: إن كانت هذه أسماء أشخاص أو
أسماء مدن قديمة. والكتاب المقدس يقول إن إبراهيم شخص وإنه تاريخي. ويقول باروز:
” تؤكد كل الحقائق أن إبراهيم شخص تاريخي عاش فعلا. ويجيء اسمه في آثار بابل
كاسم شخص كان يعيش في تلك الحقبة التي ينتمي إبراهيم إليها”.

(و) ومع أن
رجال الحفريات لم يكتشفوا بعد الأدلة على صحة كل قصص آباء العهد القديم، إلا أن
العادات الاجتماعية المذكورة في القصص مناسبة تماما للحقبة والموقع الذي يقول
الكتاب المقدس أنهما حدثت فيهما. وقد جاء الكثير من البراهين على صحة هذا من
حفريات نوزو وماري، كما ألقي الكثير من الضوء على اللغة والشعر العبري من حفريات
يوجاريت. لقد وجدت الشرائع الموسوية في شرائع الحثيين والآشوريين والسومريين
والآشوريين. وبمقارنة حياة العبرانيين مع حياة أولئك الشعوب، نرى أن العبرانيين
قدموا معونة ضخمة للعالم.

 لقد قادت هذه الاكتشافات جماعة العلماء – بغض
النظر عن إيمانهم الديني – إلى صحة الطبيعة التاريخية لقصص الآباء العبرانيين
القدماء:

(ز) قال
الناقد المشهور يوليوس ولهاوزن في القرن التاسع عشر إن القول إن المرخصة صنعت من
المرايا النحاسية أمر دخيل على القصة القديمة، وعليه فإنه يعتقد أن قصة بناء خيمة
الاجتماع كتبت بعد عصر موسى بكثير ولم يكن عند ولهاوزن برهان على أن المرايا
المعدنية لم تصنع إلا في عام 500 ق.م، أي بعد عصر موسى بكثير. ولكن الحفريات أظهرت
وجود مرايا برونزية في عصر الإمبراطورية في مصر (1500 – 1200 ق م) وهي الحقبة التي
عاش فيها موسى (1500 – 1400 ق م).

 

(20)
أنظر كتاب برهان جديد يتطلب قراراً، جوش مكدويل.

(1) Wilson, A
Scientific Investigation of the Old Testament,p 64, 71.

وبرهان جديد يتطلب
قراراً لجوش مكدويل.

(2) Wilson,p 71-72.

(3)
Wilson,
p74-75.

(4) Wilson, p
65.

(5) Albright Archaeology and the Religion
of Israel p.167.

(7) McDowell. P 373.

(11) McDowell.
P 375.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى