اللاهوت الروحي

الباب السادس



الباب السادس

الباب السادس

قبول
المسيح
وجوانب الخلاص

1 الخلاص من موت الخطية.

2 الخلاص من إبليس.

3 الخلاص الأخير

مقالات ذات صلة

خلاص
المسيح كل لا يتجزأ، هو وحدة واحدة متكاملة ومتحدة، لا ينقسم ولا يتجزأ، ولكن إن
جاز التعبير نقول أن خلاص المسيح له جوانب متعددة لمخروط واحد.

ونستطيع
أن نميز الجوانب التالية:

1
الخلاص من موت الخطية

2
والتحرر من إبليس.

3
الخلاص الأخير.

 

أولا:
الخلاص من موت الخطية:

(1)
أجرة الخطية أو عقوبتها، كما يقول معلمنا بولس الرسول: “لأن أجرة الخطية هي
موت” (رو6: 23). وهو الموت الجسدي والأدبي والأبدي في جهنم النار الأبدية.

 

(2)
ولم يكن ممكنا للبشر أن ترفع عنهم هذه العقوبة، لأنها عقوبة غير محدودة، لخطية غير
محدودة، ارتكبت بحق الله غير المحدود، لهذا استلزمت فداء غير محدود. ومن هنا كان
لابد لله غير المحدود أن يظهر في جسد بشري ليفدينا من هذه العقوبة الأبدية، فجاء
رب المجد يسوع إلينا “وأطاع حتى الموت موت الصليب” (في2: 8)

 

(3)
وبهذا تمم الخلاص على الصليب، عندما قال الرب يسوع المسيح: “قد أكمل”
(يو19: 30). كما نصلي في الكنيسة قائلين: “صنعت خلاصا في وسط الأرض كلها أيها
المسيح إلهنا..” (قطع الساعة السادسة).

(4)
صار هذا الخلاص الذي بدم يسوع المسيح هو مصدر البركات في أسرار الكنيسة السبعة
التي من خلالها نحصل على الخلاص. فلا خلاص خارج الكنيسة، ولا خلاص بدون أسرار
الكنيسة. وعن هذا قال قداسة البابا شنوده الثالث:

[حقا
إن الخلاص قد تم على الصليب بالفداء بدم المسيح. ولكن نقل هذا الخلاص إلى الناس
تقوم به الكنيسة عن طريق الكهنوت والأسرار المقدسة] (بدعة الخلاص في لحظة ص47)

 ففي
سر المعمودية، ننال خلاص المسيح من الخطية الجدية، أو الأصلية، التي هي
خطية أبوينا آدم وحواء، والتي سرت فينا بالوراثة، كما يقول الكتاب: “..
بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع
الناس إذ أخطأ الجميع” (رو5: 12). ولهذا قال الرب يسوع المسيح “من آمن
واعتمد خلص” (مر16: 16)

وعن
ذلك قال قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث:

[الكنيسة
تقدم الخلاص عن طريق خدمة أسرار الكنيسة المقدسة.. وفي مقدمة هذه الأسرار سر
المعمودية.. ولا شك أن مغفرة الخطايا التي تأتي بالمعمودية لازمة للخلاص] (بدعة
الخلاص في لحظة ص46)

 

 وعلى
هذا الأساس أيضا يعمد الأطفال على إيمان والديهم ليصيروا شركاء في النعمة. فالختان
الذي هو رمز المعمودية، كان يتم للأطفال في اليوم الثامن من عمرهم. والرب يسوع
المسيح قال: “دعوا الأولاد يأتون إليَّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت
السموات” (مت19: 14)

وعن
هذا الأمر قال قداسة البابا شنوده الثالث:

[ما
دامت المعمودية لازمة للخلاص،.. وما دامت فاعلية المعمودية من الخطورة بحيث لا
يستغني عنها الإنسان.. لذلك كان من المهم أن لا نمنع الخلاص عن الأطفال، ولا نمنع
عنهم بركات المعمودية وفاعليتها] (بدعة الخلاص في لحظة ص33)

 

+++ من أقوال قداسة البابا شنوده الثالث:

[قلنا
أن الخلاص قد بدأ بالموت، موت المسيح، وهذا هو الخلاص الذي قد دفع ثمنه، وقلنا
أننا بدأنا أن نحصل على هذا الخلاص بالموت، إذ متنا مع المسيح ودفنا معه
بالمعمودية. هذا هو الخلاص الذي نلناه]

 (الخلاص
في المفهوم الأرثوذكسي ص29)

 

+++
وقال أيضا قداسته: [إنني خلصت في المعمودية من الخطية الأصلية، الخطية
الجدية الموروثة. نلت هذا الخلاص الأول بدم المسيح وفاعلية كفارته
وفدائه](الخلاص في المفهزم الأرثوذكسي ص71)

 

(5)
وفي سر التوبة، تمحى خطايانا عن طريق الأب الكاهن وقراءة التحليل الذي يقول
فيه: “أيها السيد الرب يسوع المسيح ابن الله الوحيد وكلمة الآب الذي قطع كل
رباطات خطايانا من قبل آلامه المخلصة المحيية، الذي نفخ في وجه تلاميذه القديسين
ورسله الأطهار وقال لهم اقبلوا الروح القدس. من غفرتم لهم خطاياهم غفرت لهم ومن
أمسكتموها عليهم أمسكت. أنت الآن أيضا ياسيدنا، من قبل رسلك الأطهار أنعمت على
الذين يعملون في الكهنوت كل زمان في كنيستك المقدسة أن يغفروا الخطايا على الأرض، ويربطوا
ويحلوا كل رباطات الظلم. الآن أيضا نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر عن عبيدك
آبائي وإخوتي وضعفي، هؤلاء المنحنين برؤوسهم أمام مجدك المقدس ارزقنا رحمتك، واقطع
كل رباطات خطايانا..” (الخولاجي المقدس)

 

وما
أجمل ما أنشد قداسة البابا شنوده الثالث بهذا البركة قائلا:

 

قرأ
الكاهن حلا فوق رأسي، فاسترحت

قال
لي هيا اصطلح بالرب هيا، فاصطلحت

 

(6)
وفي سر التناول المقدس يعطينا في الرب جسده ودمه الأقدسين قائلا:
“خذوا كلوا هذا هو جسدي.. هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل
كثيرين لمغفرة الخطايا” (مت26: 2628)

وعن
ذلك قال قداسة البابا شنوده الثالث:

[هناك
خلاص نناله في التناول من جسد الرب ودمه: إننا نقول في القداس الإلهي عن التناول
“يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه”] (بدعة
الخلاص في لحظة ص81)

 

 هذا
هو الخلاص، الذي نالته البشرية، بذبيحة المسيح الكفارية على الصليب، لتسري نعمته،
إلى كل من يأتي إلى الكنيسة، ليمارس الأسرار المقدسة، ويعيش داخلها، عضوا فيها.

 

ثانيا:
خلاص من إبليس وعبودية الخطية:

هذا
هو الجانب الآخر للخلاص الثمين الذي صنعه ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. ألا
وهو الخلاص من إبليس ومحارباته التي تقود إلى العبودية للخطية.

 

(1)
والواقع أن أولى الخطوات في سبيل الانتصار على إبليس قد تمت عندما علق السيد
المسيح على الصليب وسحق رأس الحية القديمة التي هي إبليس بحسب النبوة القديمة
“هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه” (تك3: 15)

 وبهذه
الغلبة التي غلب بها المسيح إبليس، صار إبليس مهزوما ولا سلطان له على المحتمين في
الرب يسوع.

 

(2)
وأيضا عندما قام المسيح من الأموات كاسرا شوكة الموت عنا، (كما نقول في القداس
الإلهي): [قمت يا مخلصي بالجبروت، وكسرت شوكة الجحيم عني] (قسمة للابن سنوي) صار
للمؤمنين إمكانية الانتصار على الموت أيضا، ولم يعد للموت سلطان بعد على أبناء
الله.

 

(3)
وفي يوم الخمسين (البنتكوستي، أو العنصرة) أرسل الله على الكنيسة الروح القدس
المعزي الذي يعطي قوة الانتصار على كل قوى الشر الشيطانية. “لكي يعطيكم بحسب
غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن” (أف3: 16)

 وبروح
القوة هذا صارت لنا الإمكانية في الانتصار على كل قوى الشر.

 

(4)
وفي سر الميرون أو مسحة الروح القدس، يحل الروح القدس من خلال الرشومات
بالزيت المقدس، ليصير المعمد مسكنا للروح القدس للتثبيت في المسيح والكنيسة، وفي
طريق الحياة الروحية والجهاد الروحي. كما يقول معلمنا يوحنا الرسول: “وأما
أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد، بل
كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذبا. كما تعلَّمكم تثبتون
فيه” (1يو2: 27)

 وبروح
القوة هذا نغلب الشر.

 

وعن
هذا الأمر قال قداسة البابا شنوده الثالث:

[الكنيسة
تساعد الناس على الخلاص بسكنى الروح القدس فيهم، وتعطيهم ذلك عن طريق سر المسحة
المقدسة] (1يو2: 20و27)

 (بدعة
الخلاص في لحظة ص47)

 

(5)
وأيضا في سر التناول: يثبت الإنسان في المسيح وكذلك يثبت المسيح في الإنسان، هذا
ما وضحه الرب بقوله “من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه” (يو6:
56) وبهذا الثبات ينال المؤمن قوة في حروبه الروحية ضد إبليس والخطية.

 

 هذا
عن الجانب الثاني من جوانب الخلاص الذي صنعه رب المجد على الصليب وسكب روحه على الكنيسة
في العلية، ليعيش شعب المسيح حياة النصرة بمعونة الروح القدس.

 

 وبهذا
يستطيع المؤمن أن يجاهد الجهاد الحسن ضد الشيطان والعالم والخطية ويتحقق قول
معلمنا بولس الرسول: “لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من
ناموس الخطية والموت” (رو8: 2)

 

+++
ويجمل قداسة البابا شنوده الثالث الحديث عن هذا الجانب الثاني من الخلاص بقوله:

[..
إنني أخلص بموتك (أيها المسيح)، وأخلص بحياتك فيَّ. وهذه هي الفكرة السليمة عن
الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي: نحن قد خلصنا بموت المسيح عندما متنا معه في
المعمودية. ونخلص أيضا بحياة المسيح فيبنا، بتسليمنا الكامل لمشيئته في حياتنا،
قائلين مع الرسول: “أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ”]

(الخلاص
في المفهوم الأرثوذكسي ص31)

 

ثالثا:
الجانب الثالث لثالوث الخلاص وهو الخلاص الأخير

الذي
فيه يأتي رب المجد يسوع المسيح في مجيئه الثاني ليغير أجساد شعبه إلى صورة جسده
النوراني، كما يقول معلمنا بولس الرسول: “فإن سيرتنا نحن هي في السموات التي
منها ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح الذي سوف يغير شكل جسد تواضعنا ليكون على
صورة جسد مجده” (في 3: 20و21) حتى يؤهلهم لأمجاد السماء وما لم تره ولم تسمع
به أذن ولم يخطر على قلب بشر (1كو2: 9)

+++
وفي هذا قال قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث:

[أما
الخلاص النهائي فنناله بعد أن نخلع هذا الجسد]

(الخلاص
في المفهوم الأبرثوذكسي ص71)

 

+++
وقال أيضا قداسته:

[نصوص
مقدسة عن خلاصنا المنتظر: + يقول القديس بولس: “فإن سيرتنا نحن في السموات
التي منها أيضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع، الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على
صورة جسد مجده” (في3: 20) هذا هو الخلاص عندما نخلع هذا الجسد المائت، ونلبس
جسد المجد.. بعد مجيء المسيح الثاني والقيامة العامة]

(الخلاص
في المفهوم الأرثوذكسي ص108)

 

+++
وقال أيضا قداسته:

[لبس
الجسد النوراني في القيامة، هو مجرد مقدمة للأفراح.. حيث نلبس إكليل البر (2تي4:
8) ونخلص من هذا الجهاد العنيف، ونتمتع بما لم تره عين، ولم تسمع به أذن،
ولم يخطر على قلب بشر (1كو2: 9).. نتمتع بالعشرة مع الله ومع ملائكته وقديسيه، في
أورشليم السمائية مسكن الله مع الناس (رؤ21: 17)]

 (كتاب
بدعة الخلاص في لحظة ص70)

 

هذا
هو الخلاص الأخير الذي نقول عنه في القداس الإلهي “وننتظر قيامة الأموات
وحياة الدهر الآتي آمين” (خاتمة قانون الإيمان)

رأيت
أيها القارئ العزيز الجوانب الثلاثة للخلاص المجيد الذي صنعه الرب يسوع المسيح
لخير البشرية، حتى ينتفع به كل من يؤمن به، ومن يمارس الأسرار الكنسية المقدسة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى