اللاهوت الدفاعي

الفصل السابع

 

الفصل السابع

شهادة آباء الكنيسة الأولى لصحة ووحي العهد الجديد

 

1 الأباء
الرسوليون وأسفار العهد الجديد:

 الأباء
الرسوليون هم تلاميذ الرسل وخلفاؤهم الذين تتلمذوا على أيديهم وخدموا معهم وكانوا
معاونين لهم وصاروا خلفاء لهم واستلموا مسئولية الكرازة والخدمة من بعدهم، وحملوا
الإنجيل، سواء الشفوي أو المكتوب، وكان مصدر عقيدتهم ومصدر تعليمهم، ومن ثم فقد
استشهدوا بآياته ونصوصه في كرازتهم وعظاتهم وتعليمهم، وكتاباتهم التي بقى لنا منها
عدد كاف يكشف لنا عما تسلموه من الرسل وما تعلموه وعلموه من عقائد، على رأسها وحي
كل أسفار الكتاب المقدس
، خاصة أسفار العهد الجديد التي تعنينا في هذا
الفصل، ولاهوت الرب يسوع المسيح، ابن الله والإله الآتي من السماء
والواحد مع الآب في الطبيعة الإلهية والجوهر الإلهي والمساوي له في كل شئ،
وعقيدة الثالوث في الذات الإلهية
، وحقيقة صلب السيد المسيح وقيامته

وعقيدة الفداء بدمه المسفوك على الصليب.

 وكان على
رأس هؤلاء الشخصيات التالية التي تركت لنا أعمالاً مكتوبة ظلت ومازالت تشهد
للأجيال عن صحة كل نقطة وكل حرف وكل كلمة وكل آية وكل فقرة وكل إصحاح وكل سفر في
العهد الجديد والكتاب المقدس كله.

(1) القديس اكليمندس
الروماني (30 – 110م):

 كان
القديس اكليمندس الروماني (30 -110م)، كما يقول عنه يوسابيوس القيصري في تاريخه،
أسقفا لروما ومساعداً للقديس بولس
(1)، وقال عنه القديس جيروم سكرتير بابا
روما (343 – 420م) ؛ ” هذا هو الذي كتب عنه الرسول بولس في الرسالة إلى فيلبي
(2)، وقال عنه القديس بولس الرسول انه جاهد
معه في نشر الإنجيل (في3: 4)، والذي تعرف على الكثيرين من الرسل وتعلم منهم، يقول
عنه القديس إريناؤس أسقف ليون (120 -202م) ” أسس الرسل الطوباويون الكنيسة
(كنيسة روما) وبنوها وسلموا الأسقفية للينوس … ثم خلفه اناكليتوس، وبعده الثالث
من الرسل صارت الأسقفية لاكليمندس. هذا الرجل رأى الرسل الطوباويين وتحدث
معهم وكانت كرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه وتقاليدهم ماثلة أمام عينيه
.
ولم يكن هو وحده في هذا لأنه كان يوجد الكثيرون الباقون من الذين تسلموا التعليم
من الرسل “(3). كما قال عنه
العلامة اوريجانوس (185 -230 -254) ” أكليمندس الذي رأى الرسل حقاً “(4).

 هذا
القديس أشار في رسالته التي أرسلها إلى كورنثوس(5)، والتي كتبها حوالي سنة
96م، وهي واحدة من أقدم الوثائق الكنسية بعد العهد الجديد، إلى تسليم الرب يسوع
المسيح الإنجيل للرسل ومنحهم السلطان الرسولي فقال ” تسلم الرسل الإنجيل من
الرب يسوع المسيح، ويسوع المسيح أًرسل من الله. المسيح، إذا، من الله والرسل
من المسيح وينبع الجميع من إرادة الله بترتيب منظم. وقد حمل الرسل بشارة اقتراب
الملكوت السماوي بعد أن استمدوا معرفتهم من قيامة السيد المسيح وتأكدوا من كلام
الرب بالروح القدس
“. كما أشار إلى ما جاء في الأناجيل الثلاثة
الأولى وأقتبس منها على أساس أنها أقوال المسيح، وكلمة الله التي يجب أن تطاع
فقال:

† تذكروا
أقوال الرب يسوع كيف قال
: ويل لذلك الإنسان (الذي به تأتى العثرات) كان خير له
أن لا يولد من أن يكون حجر عثرة أمام مختاري، كان خيراً أن يعلق (في عنقه) حجر رحى
ويغرق في أعماق البحر من أن يعثر أحد مختاري ” (7: 46،8 مع مت16: 18؛24:
26؛مر42: 9؛لو2: 17).

† لنذكر
على وجه الخصوص أقوال الرب يسوع
التي قالها عندما كان يعلم الوداعة وطول
الأناة لأنه تكلم هكذا: ارحموا ترحمون. اغفروا يغفر لكم. وكما تفعلون يعطى لكم،
وكما تدينون تدانون، وكما تعطفوا يظهر لكم العطف “(1: 13،2) كما اقتبس في
(ف8: 46) ما جاء في متى24: 26 ولوقا1: 17،2، واقتبس في (ف46) معظم ما جاء في
الإصحاح الأول من الرسالة إلى العبرانيين، كما اقتبس قوله ” الذي وهو بهاء
مجده … صار أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً افضل منهم ” (2: 36 مع
عب3: 1،4). واستشهد أيضا برسائل القديس بولس الأخرى (1كورنثوس وأفسس و1تيموثاؤس
وتيطس)، واقتبس من رسالة يعقوب، كما يدل ما كتبه على معرفة واضحة بالإنجيل للقديس يوحنا.

 ثم يؤكد
لنا بصورة مطلقة إيمان الكنيسة بوحي كل أسفار العهد الجديد فيقول عن رسالة القديس
بولس الرسول التي أُرسلت إليهم من قبل ” انظروا إلى رسالة بولس الطوباوى.
ماذا كتب لكم في بداية الكرازة بالإنجيل؟ في الواقع كتب لكم بوحي من الروح
القدس
رسالة تتعلق به وبكيفا (أي بطرس) وأبولوس “.

 كما أشار
في رسالته إلى لاهوت المسيح وصلبه وقيامته فقال: ” لنركز أنظارنا على دم
المسيح
متحققين كم هو ثمين لدى أبيه، إذ سفكه لأجل خلاصنا،
وقدم نعمة التوبة للعالم كله … لنكرم الرب يسوع المسيح الذي قدم دمه
لأجلنا
… وقد صار الرب يسوع المسيح باكورة الراقدين من الأموات
“.

 وهنا يشهد
هذا الرجل تلميذ الرسل، في رسالته القصيرة للإنجيل وللرسائل أن القديس بولس كان
يكتب رسائله بوحي الروح القدس، كم تكلم عن التسليم المباشر من المسيح للتلاميذ ومن
التلاميذ لخلفائهم، كما تكلم عن لاهوت المسيح وصلبه وقيامته وفدائه للبشرية. أي
قدم لنا الإيمان المسيحي كما كان في أيام الرسل.

(2) القديس أغناطيوس
الإنطاكي (30 – 107م):

 كان
القديس أغناطيوس (30 – 107م) أسقفاً لإنطاكية بسوريا وتلميذاً للقديس بطرس الرسول
وقال عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري (340م) ” أغناطيوس الذي اختير
أسقفاً لإنطاكية خلفاً لبطرس والذي لا تزال شهرته ذائعة بين الكثيرين
(6).
وقد كتب هذا الرجل سبعة رسائل أكد فيها على المساواة بين ما كتبه الرسل وبين أسفار
العهد القديم فجميعها كلمة الله الموحى بها وأسفار مقدسة وأستشهد فيها بما جاء في
الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس يوحنا وسفر أعمال الرسل وما جاء في الرسائل
إلى رومية وكورنثوس الأولى وأفسس وكولولسى وتسالونيكى الأولى وكانت آيات الإنجيل
للقديس يوحنا مؤثرة جداً على عقله وفكره وقلبه ويبدو أنه كان السفر المفضل لديه.
وفيما يلي جدول بأهم ما أستشهد به وأشار إليه من الأناجيل الثلاثة وبعض الرسائل:

ع ج

الموضوع

اغناطيوس

مت33: 12

الشجرة
تعرف من ثمارها

أفسس14: 2

مت12: 19

من يقبل
فليقبل

سميرنا 1:
6

رو39: 24

كن دائماً
حكيماً كالحية ونقياً كالحمامة

بوليكاربوس2:
2

18: 1يو

يسوع
المسيح أبنه الوحيد

مقدمة
رومية

يو28:
16؛30: 10

يسوع
المسيح الذي خرج من الآب الواحد

وهو معه
وذهب إليه

مغنيسية2:
7

يو6: 3-8
انعكاس لحديث

الرب مع
نيقوديموس

الروح
الآتي من الله: لأنه يعرف

من أين
يأتي وإلى أين يذهب

 

يو10:
4،14؛33: 6

تعبير
الماء الحي

رومية13:
7

يو31:
12؛30: 14؛11: 16

إبليس
رئيس هذا العالم

رومية 1:
7

أف25:
5،29

أوصى
أخوتي باسم الرب أن يحبوا نسائهم

كما أحب
الرب الكنيسة

بوليكارب1:
5

1تس17: 5

صلوا بلا
انقطاع

أفسس1: 10

رو3: 1

يسوع
المسيح الذي من نسل داود حسب الجسد

أف2: 20

 

 كما أشار
لوحي كل رسائل القديس بولس الرسول وإيمان الكنيسة في عصره فقال ” وقد اشتركتم
في الأسرار مع القديس بولس الطاهر الشهيد المستحق كل بركة … الذي يذكركم في
كل رسائله بالمسيح يسوع
” (أفسس12).

 كما تحدث
عن لاهوت المسيح ودعاه سبع مرات ب ” الله ” و ” إله
” و ” إلهنا ” في قوله عنه ” الله الكلمة
” و ” دعي المسيح إله ورب الجنود ” و ” ظهر لإبراهيم
وأسحق ويعقوب ودعي إله ” و ” عرشك يا الله ” 00 الخ. وعن
صلبه وقيامته قال ” يسوع المسيح … تألم حقا ًعلى عهد بيلاطس البنطي،
وصلب حقاً ومات حقاً أمام السمائيين والأرضيين ومن تحت الأرض وقام حقاً من الأموات

“(ترالس 1: 9،2).

(3) القديس بوليكاربوس
(65 – 155م):

 أسقف
سميرنا بآسيا الصغرى (حاليا أزمير بتركيا) والذي قال عنه كل من القديس إريناؤس
والمؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كان تلميذاً للقديس يوحنا وبعض الرسل الذين
أقاموه أسقفاً على سميرنا بآسيا الصغرى والذي استلم منهم التقليد الرسولي، يقول
عنه القديس إريناؤس ” ولكن بوليكاربوس لم يكن متعلماً من الرسل فحسب بل
وتحدث مع الكثيرين من الذين رأوا المسيح وتعين من الرسل في أسيا أسقفاً لكنيسة
سميرنا، الذي رأيته في شبابي … كان رجلاً أكثر عظمة وأكثر رسوخاً في الشهادة
للحق
(7).

 ” إنه
لا يزال ثابتاً في مخيلتي نوع الاحتشام والرصانة الذي كان يتصف به

القديس
بوليكاربوس مع احترام هيئته ووقار طلعته وقداسة سيرته، وتلك الإرشادات الإلهية
التي كان يعلم بها رعيته وبابلغ من ذلك كأني أسمع ألفاظه التي كان ينطق بها عن
الأحاديث التي تمت بينه وبين القديس يوحنا الإنجيلي وغيره من القديسين الذين
شاهدوا يسوع المسيح على الأرض وترددوا معه وعن الحقائق التي تعلمها وتسلمها منهم

(8).

 وقد كتب
رسالة قصيرة سنة 110م أستشهد فيها 112مرة من الكتاب المقدس كله منها 100 مرة من 17
سفراً من العهد الجديد، الأناجيل الثلاثة الأولى (متى ومرقس ولوقا) وسفر أعمال
الرسل والرسائل إلى كورنثوس الأولى والثانية وغلاطية وأفسس فيلبي وتسالونيكى
الأولى والثانية وتيموثاؤس الأولى والثانية والعبرانيين ورسالة بطرس الأولى ورسالة
يوحنا الأولى والثالثة.

 ومثل
الآباء في عصره وفي فجر الكنيسة الباكر فقد أكد على وحي رسائل القديس بولس ككلمة
الله الموحى بها فقال ” فلا أنا ولا أي إنسان آخر قادر على أن يصل إلى
حكمة المبارك والممجد بولس الذي كان قائماً يعلم بين الذين عاشوا في تلك الأيام،
وعلم الحق بدقة وثبات
، وبعد رحيله ترك لكم رسائل إذا درستموها صرتم قادرين
على أن تبنوا إيمانكم الذي تسلمتموه
“. كما أقتبس في فقرة واحدة
آيتين واحدة من سفر المزامير والأخرى من الرسالة إلى أفسس بقوله “ كما
قيل في الكتب المقدسة
: أغضبوا ولا تخطئوا (مز5: 4) لا تغرب الشمس على
غيظكم (أف46: 4) ” حيث أكد لنا نظرة الكنيسة في عصره إلى كل منهما باعتباره
سفر مقدس وكلمة الله. وفيما يلي جدول ببعض مما اقتبسه واستشهد به:

ع ج

الموضوع

بوليكاربوس

مت1: 7و2

متذكرين
ما قاله المخلص لتعليمنا ” لا تدينوا لكي لا تدانوا. اغفروا يغفر لكم.
ارحموا فترحموا وبالكيل الذي تكيلون به يكال لكم ”

3: 2

مت13: 6

ولنطلب من
الله … أن ” لا يدخلنا في تجربة “

2: 7

مت14: 26

لأن الرب
قال” الروح يقظ أما الجسد فضعيف “

2: 7

مت 5: 44

لأجل
الذين يسيئون إليكم ويطردونكم

12: 3

مر 9: 35

خادما
للكل

2: 5

لو20: 6

متذكرين
ما قاله المخلص ” … طوبى للفقراء والمضطهدين من أجل البر لأن لهم ملكوت
السموات “

3: 2

أع 24: 2

الذي
أقامه الله ناقضا أوجاع الموت (الهاوية –
Hades)

2: 1

اع 42: 10

ديانا
للأحياء والأموات

1: 2

رو10:
14و12

وكلنا
سنقف أمام منبر المسيح وسيقدم كل منا حساباً عما فعله

2: 6

1كو2: 6

ألا
تعرفون أن القديسين سيدينون العالم

2: 11

1كو 25:
14

خفايا
القلب

3: 4

1كو 9:
6و10

ولا فاسقون ولا مأبونون ولا
مضاجعو ذكور يرثون ملكوت الله

3: 5

1كو58: 15

راسخين
غير متزعزعين

1: 10

2كو14: 4

الذي
أقامه من بين الأموات سيقيمنا نحن أيضاً

2: 2

2كو 7: 6

بسلاح
البر

1: 4

2كو 21: 8

معتنين
دائما بأمور حسنة قدام الله والناس

6: 1

2كو 1: 10

مفضلين
بعضكم بعض بوداعة الرب

10: 1

غل1: 1

الذين
يؤمنون بربنا يسوع المسيح ” وبأبيه الذي أقامه من الأموات

3: 12

غل 4: 26

التي هي
أمنا جميعا

3: 3

غل 6: 7

الله لا
يشمخ عليه

5: 1

أف18: 6

صلوا من
أجل جميع القديسين

18: 6

أف 2:
5و8و9

أنتم
بالنعمة مخلصون لا من أعمال

1: 3

أف 1: 13

كلمة الحق

3: 1

أف 4: 26

كما قيل
في هذه الأسفار المقدسة ” أغضبوا ولا تخطئوا، و، لا نغرب الشمس على غيظكم

12: 1

في21: 3

أخضع له
كل شئ ما في السماء وما على الأرض

1: 2

2: 16

لا تجروا
باطلاً

9: 1

3: 18

أعداء
الصليب

12: 3

1تس22: 5

امتنعوا
عن كل شر

1: 11

2تس15: 3

ولا
تحسبوهم أعداء

4: 11

1تى10: 6

محبة
المال أصل الشرور

1: 4

1تي 6: 7

لأننا لم
ندخل العالم بشيء ولا نقدر أن نخرج منه بشيء

4: 1

1تي 2: 1

صلوا
أيضاً من أجل الإمبراطور والحكام والذين هم في منصب

12: 3

2تى12: 2


فأننا سنحكم معه ” بشرط أن نؤمن

2: 5

2تي4: 10

لأنهم
” لم يحبوا العالم الحاضر “

9: 2

2تي2: 25

عسى أن
يعطيهم الرب توبة حقيقة

 

عب6: 20 ؛
7: 3

الله الآب
أبو ربنا يسوع المسيح، و ” رئيس الكهنة الأزلي ” نفسه يسوع المسيح ابن
الله

2: 12

عب12: 28

ل ”
نخدمه بخوف وكل خشوع

6: 3

1بط1:
8و12


الذي وأن لم تروه تحبونه، ذلك وأن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به فتبتهجون
بفرح لا يوصف ومجيد

3: 1

1بط2: 24


الذي حمل خطيانا في جسده على الخشبه “، ” الذي لم يفعل خطية ولا وجد
في فمه مكر “

1: 8

1بط1: 13

لذا
منطقوا أحقاءكم، اخدموا الله بخوف

2: 1

1بط1: 21

مؤمنين
بالذي أقام ربنا يسوع المسيح من الموت وأعطوه مجداً

2: 1

1بط3: 9

غير
مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة

2: 2

1بط2: 11

كل آلام
الجسد تحارب النفس

5: 3

1بط4: 7

اصحوا
للصلوات

7: 2

1بط2: 17

أحبوا
الأخوة

10: 1

1بط3: 8

مشفقين
الواحد مع الآخر

10: 1

1يو2:
4،3: 8: 3

كل روح لا
يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد، هو ضد المسيح “، ” ومن لا
يعترف بشهادة الصليب فهو من الشيطان “

1: 7

3يو1: 8

أتبعوا
الرفقاء بالحق

10: 1

 

وإلى جانب ما
سبق يقول عن لاهوت المسيح وقيامته ” الذي سيؤمن بربنا وإلهنا يسوع
المسيح وبأبيه الذي أقامه من الأموات
(9). ويقول أيضاً ”
فلنلتصق دائماً برجائنا وعريس عدالتنا يسوع المسيح الذي حمل خطايانا في جسده
على الخشبه
(الصليب) ” (1: 7).

(4) الدياديكية (أو
تعليم الرسل الأثنى عشر 100م):

 كُتب
هذا الكتاب في نهاية القرن الأول وأقتبس كثيراً من الإنجيل للقديس متى وأشار إلى
الإنجيل ككل، سواء الإنجيل الشفوي أو المكتوب بقوله ” كما هي عندكم في
الإنجيل
” (3: 15،4) و ” كما أمر الرب في إنجيله ” (2:
8) و ” حسب ما جاء في الإنجيل ” (3: 11) و ” كما يقول
الإنجيل
” (3: 15)، و يقتبس من الإنجيل للقديس متى بقوله ” لا تصلوا
كما يصلى المراؤون، بل كما أمر السيد في إنجيله، فصلوا هكذا: أبانا الذي في
السموات 00الخ ” (2: 8) و ” لأن الرب قال لا تعطوا الخبز للكلاب ”
(5: 9). ويختم الكتاب بالقول “ ولكن كما كتب: سيأتي الرب ومعه
القديسون ” (زك5: 14) ثم يضيف ” وسينظر العالم مخلصاً آتياً على سحب
السماء ” (مت3: 24).

(5) رسالة
برنابا (حوالي سنة 100م):

 يجمع العلماء على أن هذه الرسالة قد كتبت في نهاية القرن الأول
وأن كاتبها مستقيم الرأي (أرثوذكسي) واقتبست من الإنجيل للقديس متى (16: 20)
باعتباره كتاب مقدس وموحى به من الله بقوله “ كما هو مكتوب:
كثيرون يدعون وقليلون ينتخبون ” (4: 14 مع مت16: 20). كما اقتبست من رسالتي
بولس الرسول إلى تيموثاؤس 1و2. وقالت عن لاهوت المسيح وصلبه وقيامته ” يا
أخوتي إذا كان السيد قد أحتمل أن يتألم من أجل نفوسنا وهو رب المسكونة … فكيف
قبل أن يتألم على أيدي الناس؟ ولكي يعطل الموت ويبرهن على القيامة من الأموات ظهر
بالجسد واحتمل الآلام … وكان عليه أن يتألم على الصليب … لذلك نعيد اليوم
الثامن بفرح. اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات وظهر وصعد إلى السماء

” (5: 5،12).

(6) الرسالة الثانية
المنسوبة لاكليمندس الروماني (بداية القرن الثاني):

 والتي يجمع
العلماء على أنها ترجع لبداية القرن الثاني، وترجع قيمتها بالنسبة لنا في هذا
المجال، لكونها كانت تعبر عن فكر إحدى الجماعات المسيحية في بداية القرن الثاني
وشهادتها لوحي أسفار العهد الجديد وقانونيتها، فهي تقتبس من الأناجيل الأربعة
كثيراً وتسبق هذه الاقتباسات عبارات ” لأن الرب يقول في الإنجيل
” (
2clem5: 8) و ” يقول كتاب مقدس آخر ” (Ibid4: 2). ويؤكد استخدام الكاتب للفعل المضارع ” يقول
” أنه يشير إلى الأناجيل المكتوبة وإيمانه بأنها كلمة الله وكتابه المقدس.
وفيما يلي أثنان من اقتباساته
:

† من الإنجيل
للقديس متى ” الذي يعترف بي قدام الناس سأعترف به قدام أبى ” (مت 32:
10) و ” أخوتي هم الذين يعملون إرادة أبى ” (مت16: 10).

† من الإنجيل
للقديس لوقا ” يقول الرب في الإنجيل: إذا لم تحفظوا القليل فمن يعطيكم
العظيم؟الأمين في القليل جداً أمين أيضاً في الكثير ” (
Ibid5: 8 مع لو21: 8؛3: 10؛10: 16-12).

2 – أباء
الكنيسة في القرن الثاني الميلادي:

 شهد
القرن الثاني للميلاد انتشارا واسعاً للمسيحية في كل البلاد المحيطة بالبحر
المتوسط، في آسيا وأفريقيا وأوربا، وقد عبر يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني
(120م) عن هذا الانتشار بقوله للإمبراطور الروماني ” لا توجد سلالة
واحدة من البشر سواء كانت بربر أو إغريق، سواء كانت ساكنة خيام أو بدو متجولين
بينها مصلين ومقدمي شكر لا يقدمون صلواتهم باسم يسوع المصلوب
” (
Dial: 117)، وقال العلامة ترتليان (145 – 220م)، من شمال
أفريقيا، في دفاعه الذي أرسله إلى الإمبراطور الروماني ” نحن نملأ كل
مكان بينكم، المدن والقرى والأسواق والمعسكر والقبائل والجماعات والقصر ومجلس
الشيوخ والساحة العامة، ولم نترك لكم شيئاً سوى معابد آلهتكم
“. هذا
الانتشار، الذي بدأ في أيام الرسل وامتد بعدهم، كان وراءه العشرات بل والمئات من
خلفاء الرسل وتلاميذهم الذين استلموا منهم الإنجيل الشفوي والإنجيل المكتوب، بل
وكانت هناك ضرورة لوجود نسخ من الإنجيل المكتوب في كل في هذه البلاد، هذه النسخ
التي بدأت في الانتشار أولاً عن طريق الرسل أنفسهم. وهذا أدى بطبيعة الحال لوجود
مئات بل آلاف النسخ منه في كل تجمعات المسيحيين في هذه البلاد.

 وكان بعض
الآباء من آباء الكنيسة في كل هذه البلاد قد كتبوا عشرات الكتب في تعليم الإيمان
وشرح العقيدة وتفسير الأسفار المقدسة نفسها، ومن ثم استشهدوا في كتاباتهم بمعظم
آيات الكتاب المقدس واقتبسوا منها بغزارة شملت جميع آيات العهد الجديد. ومن هؤلاء
الآباء:

 

(1) بابياس أسقف
هيرابوليس (60 – 130م):

 ويقول
عنه القديس إريناؤس أنه كان تلميذاً (سامعاً) للقديس يوحنا ورفيقاً للقديس

بوليكاربوس(9)،
كما يقول عنه والقديس جيروم ” بابياس تلميذ يوحنا وأسقف فريجيا “(10).
وكان أسقفاً لهيرابوليس فريجية بآسيا الصغرى وجمع التقاليد الشفوية عن أفواه الرسل
ووضع كتاباً من خمس مقالات في تفسير كلام الرب. وكان يهتم بكلام الرسل الحي المنقول
عنهم بنفس درجة الكلام المكتوب، ويعبر عن ذلك بقوله: ” وإذا جاءني أحد ممن
تبع الشيوخ نظرت في كلام الشيوخ مما قاله أندراوس أو بطرس أو فيلبس أو توما
أو يعقوب أو يوحنا أو متى أو أحد تلاميذ ربنا أو أرستون أو يوحنا الشيخ. فأنى
ما ظننت أن ما يستقى من الكتب يفيدني بقدر ما أنقله من الصوت الحي الباقي

(10).

 وهو يؤكد
لنا هنا وجود الإنجيل الشفوي، من خلال تلاميذ الرسل ومن استمعوا إليهم وحفظوا ما
تسلموه منهم مع الإنجيل المكتوب جنباً إلى جنب مما يؤكد استحالة التفكير في مجرد
تغيير أو تعديل حرف واحد في كلمة الله المكتوبة، أو في العقيدة التي تسلمها آباء
الكنيسة من الرسل.

 كما قال عن
الإنجيل للقديس متى: ” وهكذا كتب متى الأقوال
Logia الإلهية باللغة
العبرية (اللهجة الآرامية) وفسرها كل واحد على قدر استطاعته “(11).
وقال عن الإنجيل للقديس مرقس ” إن مرقس إذ كان هو اللسان الناطق لبطرس كتب
بدقة
، ولو من غير ترتيب كل ما تذكره عما قاله المسيح أو فعله
(12).

(2) يوستينوس الشهيد
(100 – 165م):

 من
نابلس بفلسطين وقد كرس حياته للدفاع عن المسيحية وكان من أول المدافعين عنها وقد
بقى لنا مما كتبه دفاعان عن المسيحية كان قد وجههما إلى الإمبراطور الروماني
أنطونيوس بيوس (138 – 161م) والسانتوس الروماني(12)، وحوار مع شخص يدعى
تريفو اليهودي. وقد شهد فيهما للأناجيل الأربعة وأشار إليها أكثر من سبع عشرة مره
بعبارات مثل: ” لأن الرسل سلموا لنا في المذكرات التي دونوها والتي
تسمى أناجيل
(13). ثم يقول معبرا عن فكر معاصريه في وحي
العهد الجديد ” وكما علمنا الذين سجلوا كل ما يختص بمخلصنا يسوع المسيح
الذين صدقناهم
(آمنا بهم) “(15). و” لأنه كما آمن إبراهيم بصوت
الله وحسب له ذلك براً ونحن بنفس الطريقة آمنا بصوت الله الذي تحدث لنا بواسطة رسل
المسيح وأعلن لنا بواسطة الأنبياء حتى الموت أن إيماننا تبرأ بكل ما
في العالم “(16). كما تحدث عن انتشار
الأسفار
المقدسة، العهد الجديد والعهد القديم، في كل مكان في العالم كان يوجد به مسيحيون،
وعن قراءتها في اجتماعات العبادة في الكنائس في كل مكان ” وفي اليوم الذي
يدعى الأحد يجتمع معاً كل الذين يعيشون في المدن أو في الريف في مكان واحد
وتقرأ مذكرات الرسل (الأناجيل) أو كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت،
وعندما
يتوقف القارئ يعلم الرئيس وينصح بالعمل بهذه الأمور السارة
(17).
كما اقتبس واستشهد بكثير من آياتها ؛

† فقد استشهد
بما جاء في الإنجيل للقديس متى عن ظهور النجم للمجوس وقت ميلاد السيد المسيح، في
قوله ” عندما ظهر نجم في السماء وقت ميلاده كما هو مسجل في مذكرات رسله
(أي الأناجيل) أدرك المجوس، من العربية، العلامة بهذه فأتوا وسجدوا له
” (
Dial.106.4 مع متى 1: 2).

† واستشهد بما
جاء في الإنجيل للقديس لوقا عن سقوط عرق كقطرات دم من السيد وهو في البستان ”
مكتوب في المذكرات التي دونها الرسل وأتباعهم (أي الأناجيل)، كما
قلت، أن عرقه سقط مثل قطرات دم عندما كان يصلى ويقول ” أن أمكن فلتعبر عنى
هذه الكأس ” (
Dial,103.8 مع لوقا 42: 22،44).

† واستشهد بالكثير
مما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا مثل قوله ” قال المسيح أيضاً: أن لم
تولدوا ثانية فلن تدخلوا ملكوت السموات ” (
Apol.61.4 ؛ مع يو5: 3). مشيراً إلى حوار الرب مع
نيقوديموس (يو3: 3-5).

† وقال عن سفر
الرؤيا ” وعلاوة على ذلك لدينا أيضاً رجل يدعى يوحنا وهو أحد رسل المسيح تنبأ
في رؤيا صارت له ” (
Dial.81.4 مع رؤ 1).

 وقال عن
لاهوت المسيح أن الكنيسة تنادى ب ” تعاليم اللوغوس (المسيح،
كلمة الله) لأنه إلهي “، ثم يقول ” ونحن نعبده
“، ويقول أيضاً أن اللوغوس الذي هو المسيح هو الذي كلم موسى النبي من العليقة
وقال له ” أنا أكون الذي أكون، إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب
“. وقال عن صلبه وقيامته ” لأنه حقاً بقى المسيح على الشجرة
(الصليب) حتى المساء تقريباً ودفنوه في المساء وفي اليوم الثالث قام ثانية

“.

(3) تاتيان السوري (110
– 172م):

 هذا الرجل
كان تلميذا ليوستينوس الشهيد، ثم أنحرف عن الإيمان السليم، وقد جمع فيما بين (166
– 170م) الأناجيل الأربعة في كتاب واحد أسماه ” دياتسرون ” أي الرباعي
وقد أنتشر هذا الكتاب بغزارة في سوريا حتى جمع منه ثيودوريت، أسقف
Cyrus بسوريا، سنة 420م اكثر من 200 نسخه في كنائسه
وأستبدلها بالأناجيل الأربعة. ويبدأ هذا الكتاب بمقدمة الإنجيل للقديس يوحنا
في البدء كان الكلمة 00 ” وينتهي أيضا بخاتمة الإنجيل للقديس
يوحنا ” وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع 00 ” وهو يشهد للإنجيل
بأوجهه الأربعة باعتباره الإنجيل الواحد.

4 – الوثيقة
الموراتوريه (170م):

 وجدت
هذه الوثيقة الموراتورية أو المخطوطة الموراتورية في المكتبة الامبروسية
Ambrosian – بميلان سنة 1740م ونشرها العالم الإيطالي
موراتورى
Muratori فدعيت باسمه. وكانت مكتوبة باللاتينية. وترجع نصوص هذه المخطوطة، التي
كتبت أصلاً باليونانية، كما تؤكد هي نفسها، في النصف الثاني من القرن الثاني
الميلادي حيث تقول الوثيقة ” كتب هرماس (كتابه) الراعي حديثاً جداً في زماننا
في مدينة روما عندما كان يجلس شقيقه الأسقف بيوس
Pius على كرسي الكنيسة في روما “(18).
وكانت سطورها الأولى مفقودة وتبدأ بعبارة عن الإنجيل الثاني الذي للقديس مرقس
وتقول ” الذي فيه كان حاضراً وقد دونه “، ثم تتحدث عن الإنجيل
الثالث الذي للقديس لوقا مما يؤكد أنها تحدثت في السطور المفقودة عن الإنجيل
للقديس متى ثم الإنجيل للقديس مرقس والذي تبقى منه هذا السطر المذكور أعلاه.

 ” كتاب
الإنجيل الثالث، الذي بحسب لوقا، هذا الطبيب لوقا بعد صعود المسيح (قيامته)؟ أخذه
بولس معه كخبير في الطريق (التعليم)، دونه باسمه حسب فكره، مع أنه لم ير الرب في
الجسد، ولأنه كان قادراً على التحقق منه، فقد بدأ يروى القصة من ميلاد يوحنا.

 رابع الأناجيل
هو الذي ليوحنا (أحد) الرسل. الذي عندما حثه تلاميذه وأساقفته قال: صوموا معي من
اليوم ولمدة ثلاثة أيام وما يعلن لكل واحد فلنقله بعضنا لبعض. وفي نفس الوقت كُشف
لأندراوس، أحد الرسل، أن ما ينجح (يفحص) الكل فيه يجب أن يدون يوحنا كل شيء باسمه.
ولذا فعلى الرغم من وجود أفكار متنوعة تعلم في الإنجيل ككل (أي الأناجيل الأربعة)
إلا أن هذه الأمور لا تسبب اختلافاً لإيمان المؤمنين، لأن كل ما فيها أُعلن بالروح
الواحد.

 فكل شيء
معلن في الكل: ما يختص بالميلاد وما يختص بالآلام وما يختص بالقيامة وما يختص
بالأحاديث مع التلاميذ، ما يختص بمجيئه الأول محتقر في تواضع، والثاني ممجد في قوة
ملوكية. فما العجيب إذا في أن يورد يوحنا نقاط خاصة في رسائله أيضاً، فهو دائماً
صادق مع نفسه، إذ يقول هو نفسه ” الذي رأيناه بعيوننا وسمعناه بآذاننا ولمسته
أيدينا نكتبه لكم “. فهو يعترف هكذا أنه ليس شاهد عيان فقط بل كاتب أيضاً لكل
عجائب الرب بالترتيب.

 ولكن
أعمال الرسل مكتوبة في كتاب واحد. فقد لخص لوقا للعزيز ثاوفيلس الأمور العديدة
التي حدثت في حضوره 00
“.

 وتتحدث
الوثيقة أو المخطوطة بعد ذلك عن كل رسائل القديس بولس عدا الرسالة إلى العبرانيين،
وتتكلم عن رؤيا يوحنا ورسالة يهوذا ورسالتين للقديس يوحنا. ثم تتحدث عن بعض الكتب
الأبوكريفية، أي المزيفة. وتؤكد لنا هذه الوثيقة ثلاث حقائق جوهرية هي:

(1) إيمان
الكنيسة في القرن الثاني للميلاد بوحي أسفار العهد الجديد وكتابتها وتدوينها
بالروح القدس.

(2) وأنها أسفار
مقدسة وذات سلطان إلهي.

(3) كما
تميز تماماً بين هذه الأسفار المقدسة وبين الكتب المزيفة التي قالت عنها أنه
لا يمكن أن تقبل (الكتب الابوكريفية، المزيفة) في
الكنيسة الجامعة. لأنه لن يخلط الخل مع العسل
“.

 وعلى الرغم
من أن هذه الوثيقة لا تذكر الرسالة إلى العبرانيين وكذلك الرسالة الثالثة للقديس
يوحنا ورسالة يعقوب ورسالتي بطرس فهذا لا يدل على عدم الإيمان بوحيها وقداستها أو
إنكارها لأن هذه المخطوطة لم تذكر هذه الرسائل لا بين الأسفار المقدسة الموحى بها
ولا بين الأسفار المزيفة فقد ذكرت هذه الرسائل في كثير من كتابات الكثير من آباء
القرن الثاني الميلادي الذين استشهدوا بآياتها واقتبسوا نصوصها وشهدوا لها. يقول
العلامة الإنجليزي وستكوت أن عدم ذكر هذه الرسائل قد يرجع لوجود فجوة أو شق في
المخطوطة نفسها. وعلى أية حال فهذه الرسائل مستشهد بها جيداً وبدرجة كافية في مصادر
أخرى(19).

3- شهادة
آباء الكنيسة في نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث:

 تعبر
هذه الفترة من تاريخ المسيحية فترة حاسمة في تاريخ قانون العهد الجديد، فهي الفترة
التي انتشرت فيها جميع أسفار العهد الجديد في كل مكان دخلت فيه المسيحية سواء في
الإمبراطورية الرومانية أو خارجها، كما أنها الفترة التي كان فيها الإنجيل
المكتوب، الذي أنتشر وتم تبادلت نسخه بين جميع الكنائس في كل مكان، هو المرجع
الأول للمسيحية بعد رحيل الرسل وتلاميذهم وأن كان تلاميذ تلاميذهم وخلفاءهم كانوا
لا يزالون أحياء في هذا العالم.

(1) إيريناؤس أسقف ليون
(120 – 202م):

 كان
إيريناؤس أسقف ليون بفرنسا حاليا أحد الذين تتلمذوا على أيدي تلاميذ الرسل، خاصة
القديس بوليكاربوس، كما أكد هو نفسه، كما بينا أعلاه، وخلفائهم، ويضيف القديس
جيروم ” من المؤكد أنه كان تلميذا لبوليكاربوس(19).
وكان حلقة وصل بين الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده. وقد كتب مجموعة
من الكتب بعنوان ” ضد الهراطقة ” دافع فيها عن المسيحية وأسفارها
المقدسة وأقتبس منها حوالي 1064 اقتباسا منها 626 من الأناجيل الأربعة وحدها و325
من رسائل القديس بولس الرسول الأربعة عشر و112 من بقية أسفار العهد الجديد، منها
29 من سفر الرؤيا. وأكد على حقيقة انتشار الأناجيل الأربعة في كل مكان بقوله
لقد تعلمنا خطة خلاصنا من أولئك الذين سلموا لنا الإنجيل الذي سبق أن
نادوا به للبشرية عامة، ثم سلموه لنا بعد ذلك، حسب إرادة الله، في أسفار مقدسة

ليكون أساس وعامود إيماننا … فقد كانوا يمتلكون إنجيل الله، كل بمفرده، فقد نشر
متى إنجيلاً مكتوباً بين العبرانيين بلهجتهم عندما كان بطرس وبولس يكرزان ويؤسسان
الكنائس في روما. وبعد رحيلهما سلم لنا مرقس تلميذ بطرس ومترجمه، كتابة ما بشر به
بطرس. ودون لوقا، رفيق بولس في سفر الإنجيل الذي بشر به (بولس)، وبعد ذلك نشر
يوحنا نفسه، تلميذ الرب والذي اتكأ على صدره إنجيلا أثناء أقامته في أفسس في آسيا
الصغرى
(20).

 وقال عن
وحدة الإنجيل ” لا يمكن أن تكون الأناجيل أكثر أو أقل مما هي عليه الآن
حيث يوجد أربعة أركان في العالم الذي نعيش فيه أو أربعة رياح جامعة حيث انتشرت
الكنيسة في كل أنحاء العالم وأن
“عامود الحق وقاعدة ” الكنيسة هو
الإنجيل روح الحياة، فمن اللائق أن يكون لها أربعة أعمدة تنفس الخلود وتحي البشر
من جديد، وذلك يوضح أن الكلمة صانع الكل، الجالس على الشاروبيم والذي يحتوى كل شيء
والذي ظهر للبشر أعطانا الإنجيل في أربعة أوجه ولكن مرتبطة بروح واحد
ولأن الإنجيل بحسب يوحنا يقدم ميلاده الأزلي القدير والمجيد من الآب، يقول ”
في البدء كان الكلمة وكان الكلمة عند الله وكان الكلمة الله ” و ” كل
شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان … ولكن الذي بحسب لوقا يركز على شخصيته
(المسيح) الكهنوتية فقد بدأ بزكريا الكاهن وهو يقدم البخور لله. لأن العجل المسمن

(أنظر لوقا 23: 15)، الذي كان سيقدم ذبيحة بسبب الابن الأصغر الذي وُجد، كان
يعُد حالاً … ويركز متى على ميلاده الإنساني قائلاً ” كتاب ميلاد يسوع المسيح
ابن داود ابن إبراهيم ” و ” وكان ميلاد يسوع المسيح هكذا “. فهو
إذا إنجيل الإنسانية، ولذا يظهر [ المسيح ] خلال كل الإنجيل كإنسان وديع ومتواضع.
ويبدأ مرقس من جهة أخرى بروح النبوة الآتي على الناس من الأعالي قائلاً ” بدء
إنجيل يسوع المسيح، كما هو مكتوب في اشعياء النبي ” مشيراً إلى المدخل المجنح
للإنجيل. لذلك صارت رسالته وجيزة ومختصره لمثل هذه الشخصية النبوية
(21).

 وكتب
الكثير عن لاهوت المسيح وصلبه قيامته. ومما قاله عن لاهوت المسيح أن الكنيسة تؤمن
” بأنه يجب أن تنحني كل ركبة للمسيح يسوع ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا “.

(2) القديس أكليمندس
الإسكندري (150 – 215م):

 كان
القديس اكليمندس الإسكندري مديراً لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية وتلميذاً للعلامة
بنتينوس ومُعلماً لكل من العلامة أوريجانوس وهيبوليتوس وكان كما يصفه المؤرخ
الكنسي يوسابيوس القيصري ” متمرساً في الأسفار المقدسة “(22)،
وينقل يوسابيوس عن كتابه وصف المناظر أنه
أستلم
التقليد بكل دقة من الذين تسلموه من الرسل، فقد كان هو نفسه خليفة تلاميذ الرسل أو
كما يقول هو عن نفسه إنه ” التالي لخلفاء الرسل “(23)،
” ويعترف بأن أصدقاءه قد طلبوا منه بإلحاح أن يكتب من أجل الأجيال المتعاقبة
التقاليد التي سمعها من الشيوخ الأقدمين “(24)، وذلك باعتباره أحد
خلفائهم. ومن ثم فقد سجل التقليد الشفوي الذي سمعه ورآه وتعلمه وعاشه وحوله إلى
تقليد مكتوب، كما شرحه ودافع عنه. وينقل عنه يوسابيوس، أيضا، قوله عن معلميه الذين
استلم منهم التقليد ” وقد حافظ هؤلاء الأشخاص على التقليد الحقيقي
للتعليم المبارك، المسلم مباشرة من الرسل القديسين بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس، إذ
كان الابن يتسلمه عن أبيه (وقليلون هم الذين شابهوا آباءهم) حتى وصل إلينا بإرادة
الله لنحافظ على هذه البذار الرسولية
(25).

 وقد أقتبس
من أسفار العهد الجديد 1433 مرة، منها 591 من الأناجيل الأربعة و731 اقتباسا من
رسائل القديس بولس الرسول و111 من بقية العهد الجديد.

(3) العلامة ترتليان
(145 -220م):

 وقال
العلامة ترتليان، من قرطاجنة بشمال أفريقيا والذي قال عنه القديس جيروم أنه ”
يعتبر رائداً للكتبة اللاتين “(26)، عن صحة ووحي الأناجيل الأربعة ”
أن كُتاب العهد الإنجيلي هم الرسل الذين عينهم الرب نفسه لنشر الإنجيل إلى
جانب الرجال الرسوليين الذين ظهروا مع الرسل وبعد الرسل … يوحنا ومتى اللذان
غرسا الإيمان داخلنا، ومن الرسوليين لوقا ومرقس اللذان جدداه لنا بعد ذلك

(27). كما اقتبس من كل أسفار العهد الجديد
واستشهد بأكثر من 7… (سبعة آلاف) اقتباسٍ.

 وهناك
الكثير من قادة الهراطقة في القرن الثاني، مثل ماركيون الهرطوقي الغنوسي الذي كتب
(سنة 140م) والذي كان يستخدم الإنجيل للقديس لوقا وعشر من رسائل القديس بولس،
وفالنتينوس الغنوسي أيضا والذي استشهد بالإنجيل للقديس متى ولوقا ويوحنا والرسائل
إلى رومية و 1كورنثوس وأفسس وغيرها من أسفار العهد الجديد.

(4) هيبوليتوس
(170-235م):

 كان
هيبوليتوس كاهناً بروما وقد اقتبس واستشهد بأسفار العهد الجديد أكثر من 1300 مرة
وأشار إلى قراءتها في الاجتماعات العبادية العامة(28) كما
أشار إلى

قداستها
ووحيها وكونها كلمة الله(29).

(5) العلامة أوريجانوس
(185-245م):

 تلميذ
وخليفة إكليمندس الإسكندري، وقد فسر جميع أسفار العهد القديم والعهد الجديد وقابل
الأسفار الإلهية لكل من العهدين(30)، وقال أن كل ما تكلم به الأنبياء في
أسفار العهد القديم قد تكلم به المسيح بواسطتهم قبل التجسد، وأن ما تكلم به رسل
المسيح هو كلام المسيح الذي تكلم به من خلالهم بعد صعوده إلى السماء ”
وبكلمات المسيح لا نعنى تلك التي تكلم بها عندما صار إنساناً وحل بالجسد، فقد كان
المسيح قبل ذلك الوقت كلمة الله الذي تكلم في موسى والأنبياء … وبعد صعوده
إلى السماء تكلم في تلاميذه كما تكلم بواسطة بولس
الذي قال: أنتم تطلبون
برهان المسيح الذي يتكلم في “(31).

 ويقول عن
وحي وقانونية الإنجيل بأوجهه الأربعة: ” بين الأناجيل الأربعة، وهى الوحيدة
التي لا نزاع بشأنها في كنيسة الله تحت السماء، عرفت من التقليد أن أولها كتبه
متى
، الذي كان عشاراً، ولكنه فيما بعد صار رسولاً ليسوع المسيح، وقد أُعد
للمتنصرين من اليهود ونُشر باللغة العبرانية. والثاني كتبه مرقس
وفقاً لتعاليم بطرس، الذي في رسالته الجامعة يعترف به أبناً قائلاً: تسلم عليكم
التي في بابل المختارة معكم، وكذا مرقس أبني (1بط13: 5). والثالث كتبه لوقا،
وهو الإنجيل الذي أقره (أشرف عليه) بولس، وكتب من أجل المتنصرين من الأمم. وأخر
الكل الإنجيل الذي كتبه يوحنا
(32)“.

(6) المؤرخ الكنسى
يوسابيوس القيصرى (264-340م):

 أسقف
قيصرية وأحد أعضاء مجمع نيقية الذي انعقد سنة 325م. وترجع أهمية كتاباته لكونه
أقدم المؤرخين المسيحيين، وهو نفسه يعتبر حجة في تاريخ الكنيسة في عصورها الأولى
وكان واسع الإطلاع في كتب الآباء والتي كان لديه منها الكثير جداً واستقى معلوماته
منها، ولذا فقد جمع في كُتبه أهم ما كتبه آباء الكنيسة من نهاية القرن الأول إلى
بداية القرن الثالث. وقد نقل لنا الكثير من أقوال الآباء في الأناجيل وبقية أسفار
العهد الجديد. ويكتب لنا عن وحي وقانونية الأناجيل الأربعة كما يلي:

 ”
أولئك الرجال العظام، اللاهوتيون حقاً، أقصد رسل المسيح، تطهرت حياتهم وتزينوا بكل
فضيلة في نفوسهم، ولكنهم لم يكونوا فصيحاء اللسان. وكانوا واثقين كل الثقة
في السلطان الإلهي الذي منحه لهم المخلص
،
ولكنهم لم يعرفوا
ولم يحاولوا أن يعرفوا كيف يذيعون تعاليم معلمهم بلغة فنية فصحى، بل
استخدموا فقط إعلانات روح الله العامل معهم وسلطان المسيح الصانع العجائب الذي كان
يظهر فيهم، وبذلك أذاعوا معرفة ملكوت السموات في كل العالم، غير مفكرين كثيراً في
تدوين الكتب.

 وهذا ما
فعلوه لأنهم وجدوا معونة في خدمتهم ممن هو أعظم من الإنسان. فبولس مثلاً الذي
فاقهم جميعاً في قوة التعبير وغزارة التفكير، لم يكتب إلا أقصر الرسائل رغم انه
كانت لديه أسرار غامضة لا تحصى يريد نقلها للكنيسة، لأنه قد وصل إلى مناظر السماء
الثالثة، ونقل إلى فردوس الله وحسب مستحقاً أن يسمع هناك كلمات لا ينطق بها …
لأن متى الذي كرز أولاً للعبرانيين كتب إنجيله بلغته الوطنية،
إذ كان
على وشك الذهاب إلى شعوب أخرى وبذلك عوض من كان مضطراً لمغادرتهم عن الخسارة التي
كانت مزمعة أن تحل بهم بسبب مغادرته إياهم “(33).

 ”
أضاء جلال التقوى عقول سامعي بطرس لدرجة أنهم لم يكتفوا بأن يسمعوا مرة واحدة فقط
ولم يكونوا قانعين بالتعليم غير المكتوب للإنجيل الإلهي، بل توسلوا بكل أنواع
التوسلات إلى مرقس أحد تابعي بطرس، والذي لا يزال إنجيله بين أيدينا، لكي
يترك لهم أثراً مكتوباً عن التعاليم التي سبق أن وصلتهم شفوياً
. ولم
يتوقفوا حتى تغلبوا على الرجل، وهكذا سنحت له الفرصة لكتابة الإنجيل الذي
يحمل اسم مرقس
(34).

 ” أما
لوقا فهو نفسه في بداية إنجيله يبين السبب الذي دعاه إلى كتابته … ودون في
إنجيله وصفاً دقيقاً لتلك الأحداث التي تلقى عنها المعلومات الكاملة، يساعد على
هذا صداقته الوثيقة لبولس وإقامته معه، ومعرفته لسائر الرسل “(35).

 
وبعدما نشر مرقس ولوقا إنجيلهما يقولون أن يوحنا الذي صرف كل وقته في نشر
الإنجيل شفوياً، بدأ أخيراً يكتب
للسبب التالي: أن الأناجيل الثلاثة
السابق ذكرها إذ وصلت إلى أيدي الجميع، وإلى يديه أيضاً، يقولون أنه قبلها وشهد
لصحتها، ولكن كان ينقصها وصف أعمال المسيح في بداية خدمته “(36).

(7) القديس أثناسيوس
الرسولى (296-373م):

 بابا
الإسكندرية العشرون والمسمى بالرسولي لدفاعه البطولي عن جوهر الإيمان المسيحي
ومواجهته لكل خصوم عقيدة مساواة الابن للآب في الجوهر. وترجع أهمية قانونه للأسفار
المقدسة الموحى بها لأنه يمثل جميع كنائس العالم في ذلك الوقت، إذ كان معترفاً به
من جميع الكنائس التي كانت قد وصلت إلى مرحلة من اليقين الكامل والمطلق بقانونية
كل أسفار العهد الجديد كما هي بين أيدينا. وهى كالآتي:

 ” الأناجيل
الأربعة التي بحسب متى ومرقس ولوقا ويوحنا.
بعد ذلك أعمال الرسل
والرسائل (المسماة بالجامعة)، وهى سبع، واحدة ليعقوب واثنتان لبطرس، وثلاث ليوحنا،
وواحدة ليهوذا. وإلى جانب هؤلاء يوجد أربع عشرة رسالة لبولس كتبت بالترتيب التالي
؛ الأولى لروما واثنتان لكورنثوس وواحدة لغلاطية وأخرى لأفسس، ثم واحدة لفيلبي،
وواحدة لكولوسى، واثنتان لتسالونيكى والتي للعبرانيين، واثنتان أيضا لتيموثاوس،
وواحدة لتيطس وأخيراً التي لفليمون، وإلى جانب هؤلاء رؤيا يوحنا
(37).

4 إحصاء وقيمة اقتباس الآباء من العهد
الجديد:

 وهكذا
يؤكد لنا هؤلاء الآباء وحي وصحة جميع أسفار العهد الجديد واستحالة تحريفها، فقد
شهدوا لها واقتبسوا منها، من جميع آياتها، وأكدوا لنا صحة كل العقائد المسيحية
وعلى رأسها وحدانية الله، الواحد في ثالوث، الموجود بذاته الناطق بكلمته والحي
بروحه ولاهوت المسيح وتجسده وصلبه وتقديم ذاته لفداء البشرية وقيامته من الأموات
وصعوده إلى السموات وشفاعته في كل البشرية.

 ويقول
العلماء عن كتابات هؤلاء الآباء واقتباساتهم من العهد الجديد ” أولاً:
أنها تؤيد تماماً وجود سبعة وعشرين سفراً قانونياً في العهد الجديد. صحيح أن هذه
الاقتباسات كانت حرة في أحيان كثيرة، إلا أن بعض الآباء التزموا الدقة التامة في
استشهاداتهم. وعلى أي حال يكفي أن تكون هذه الاقتباسات قد نقلت المحتوى الأساسي
للنص الأصلي. ثانياً: أن هذه
الاقتباسات كثيرة جداً
لدرجة أنه لو لم تتبق أية مخطوطة للعهد الجديد، لأمكن جمعه مرة أخرى من كتابات
الآباء الأولين وحدها
(38).

 كما
قال ج. هارولد جرينلي ” إن هذه الاقتباسات واسعة جداً لدرجة أن العهد
الجديد يمكن إعادة تكوينه منها دون استخدام مخطوطاته
(39).

 فقد اقتبس
يوستينوس 330 اقتباساً، وإريناؤس 1819 اقتباساً، واكليمندس الإسكندري 2406
اقتباسا، وترتليان 7285 اقتباسا، وهيبوليتوس 1378 اقتباسا، فيصبح أجمالي ما اقتبسه
هؤلاء 31,113 وبإضافة 5176 اقتباسا ليوسابيوس، يصبح الإجمالي 36,289 اقتباساً،
وذلك في كتبهم الموجودة لدينا وفي حوزتنا.

 يقول جيسلر
ونيكس ” تشير الإحصائيات الأولية إلى أن هناك ما يقرب من 32…. اقتباس من
العهد الجديد ترجع إلى ما قبل انعقاد مجمع نيقية (325م). ولا يمثل هذا العدد كافة
الاقتباسات بأي حال من الأحوال، فهو لا يشمل اقتباسات كتَّاب القرن الرابع. ولو
أضفنا إلى هذا العدد اقتباسات كاتب واحد فقط هو يوسابيوس الذي ظهر قبيل وأثناء
مجمع نيقية فإن العدد الكلي لاقتباسات العهد الجديد سيرتفع إلى أكثر من 36….
اقتباس”(40).

 وإذا أضفنا
ما اقتبسه الآباء بعد نيقية وحتى سنة 440م أمثال ؛ البابا أثناسيوس الرسولي (373م)
والذي اقتبس في مقالاته ضد أريوس أكثر من 1662 اقتباسا، والبابا كيرلس الإسكندري
(عامود الدين) (444م)، وغيرهم، الذين كتبوا تفاسير وعظات ومقالات عقائدية
ولاهوتية، لزاد عدد الاقتباسات عن 200…. اقتباسٍ ولأمكن منها استعادة العهد
الجديد أكثر من مرة في أكثر من لغة بدون الحاجة إلى مخطوطات النص ذاته.

 ويقول بروس
ميتسجر ” بالإضافة إلى البرهان النصي المستمد من المخطوطات اليونانية للعهد
الجديد ومن النسخ الأولى له، فإن الناقد النصي لديه اقتباسات كتابية كثيرة في
الشروح والعظات وغيرها من الأبحاث التي كتبها آباء الكنيسة الأولون. حقاً إن
هذه الاقتباسات واسعة جداً حتى أنه لو ضاعت جميع مصادرنا الأخرى لنصوص العهد
الجديد، فإن هذه الاقتباسات وحدها كافية عملياً لإعادة تكوين العهد الجديد كله

(41).

 وكان السير
دافيد دالريمبل يتساءل عن مدى كثرة نصوص الكتاب المقدس في كتابات الآباء الأولين
عندما سأله أحدهم قائلاً: ” لنفرض أن العهد الجديد قد ضاع وفقدت جميع
نسخه قبل نهاية القرن الثالث، فهل كان من الممكن جمعه مرة أخرى من كتابات الآباء
في القرنين الثاني والثالث؟
” (أي قبل مجمع نقية 325م) وبعد
الكثير من البحث قال دالريمبل: ” انظر إلى هذه الكتب. أتذكر سؤالك لي عن
العهد الجديد وكتابات الآباء؟ لقد أثار هذا السؤال فضولي ولما كان لديّ جميع
الأعمال الموجودة للآباء في القرنين الثاني والثالث، بدأت أبحث، ولقد وجدت
حتى الآن العهد الجديد كله فيما عدا إحدي عشرة آية
(42).

 أخيرا قال
السير فريدريك كنيون مدير المتحف البريطاني الأسبق والمختص بالمخطوطات “ يمكن
للمسيحي أن يمسك بالكتاب المقدس كله في يده ويقول بدون خوف أو تردد أنه يمسك بكلمة
الله الحقيقية التي سلمت عبر القرون من جيل إلى جيل بدون أن يفقد شئ من قيمتها

“.


 


(1)
” وفي السنة الثالثة عشرة من حكم نفس الإمبراطور (فاسبسيان الذي حكم من أول
يولية سنة 69م إلى 24 يونية سنة 79م) تولى أكليمندس أسقف كنيسة روما خلفاً
لأنتيلكتس الذي ظل فيها اثنتي عشرة سنة. ويخبرنا الرسول بولس في رسالته إلى أهل
فيلبي أن أكليمندس هذا كان عاملاً معه (في3:4) “. يوسابيوس ك 3ف15.

(2)
أكليمندس هذا هو الذي كتب عنه الرسول بولس في الرسالة إلى فيلبي قائلاً 000 وهو
رابع أسقف لروما ” (مشاهير الرجال ف 15 ).

 

(3) Adv. Haer.b.3:3.

(4) Origen
De Principiis iii.6.

 

(6)
يوسابيوس ك3ف2:36.


131 –

(7) Ag.Her.
iii.2,4.

(9) 2:12 مع Lightfoot,p.181.

 

(10) مشاهير الرجال ف 18.

(10) آباء الكنيسة في القرون الثلاثة
الأولى أسد رستم ص 42.

(11) يوسابيوس ك3 ف 16:39.

(12) ك 3ف 15:39

(12) يوسابيوس ك4ف18 ؛ وجيروم ”
مشاهير الرجال ف 23.

(15)Apol.
33.

 

(18) M. Frag.
James R. Adair , Jr.

 

 (19) مشاهير الرجال ف 35.

 

(22) يوسابيوس ك 5 ف1.

(23) يوسا. ك6ف13.

(24) يوسا ك6ف8:13.

(25) يوسا ك 5 ف5:11.

(26) مشاهير الرجال ف 53.

(29) Ag. One Noe. 9-14.

(30) De princ. 4:1.

(31) Ibid
preface and ANF Vol
. 4:239 مع 2كو 13:3

(32)
ك 6 ف 25.

(33) ك 3 ف 24.

(34) ك 2 ف 15.

(35) ك 3 ف 24.

(36) السابق.

(37) رسالته الفصحية.

(38) Geisler,
General Introduction to the Bible, 430.

 

(39) Josh McDwell the
New Evidence That Demands A Verdict 43.

(40)
McDwell.44 &
Geisler, Gen.Int.Bib., 353.

(41) McDwell. 43 &Metzger, TNT, 86.

(42)) McDwell. 43,44
& Dalrymple, as cited in Leach, OBHWGI, 35, 36.

 

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى