اللاهوت الدفاعي

الكتابُ المقدّس يتحدّي نُقّاده والقائلين بتحريفه



الكتابُ المقدّس يتحدّي نُقّاده والقائلين بتحريفه

الكتابُ المقدّس يتحدّي نُقّاده
والقائلين بتحريفه!!

القمص عبد
المسيح بسيط أبو الخير

كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية
بمسطرد

 

مقالات ذات صلة

الفهرس

المقدمة

مدخل الكتاب: نقد الكتاب المقدس والتشكيك فيه والقول بتحريفه

الفصل الأول: الكتاب المقدس في مواجهة النقد الحديث

الفصل الثاني: الوحي الإلهي في المسيحية وكيف كتب الكتاب المقدس؟

الفصل الثالث: شهادة المسيح ورسله لكل كلمة في أسفار العهد القديم

الفصل الرابع: كيف وصل إلينا العهد القديم سالمًا ومحفوظًا بكت دقة؟

الفصل الخامس: الوثائق التي تثبت صحة العهد القديم واستحالة تحريفه

الفصل السادس: إنجيل واحد أم أربعة أناجيل؟ الإنجيل ونوع الوحي فيه

الفصل السابع: شهادة آباء الكنيسة الأولي لصحة ووحي العهد الجديد

الفصل الثامن: الوثائق التي تثبت صحة العهد الجديد واستحالة التحريف

الفصل التاسع: القرآن وشبهة تحريف الكتاب المقدس

الفصل العاشر: ألقاب التوراة والإنجيل في القرآن

الفصل الحادي عشر: الإنجيل هدي ونور

الفصل الثاني عشر: شهادة القرآن لوجود التوراة والإنجيل بين يدي نبي
المسلمين

الفصل الثالث عشر: شهادة القرآن لوجود التوراة بين يدي المسيح وأنه جاء
مصدقاً لها

الفصل الرابع عشر: شهادة القرآن والحديث والسيرة لصحة التوراة واستحالة
تحريفها

 

المقدمة

 قال
الرب يسوع المسيح ” على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها
” (مت18: 16). وبالفعل قامت أبواب الجحيم ضد الكتاب المقدس وهاجمته بجميع
الأسلحة والحيل عبر العصور وألقت بالشك من حوله ولكنها كانت تتحطم دائماً على هذه
الصخرة، صخرة الإيمان. كما وعد قائلاً ” السماء والأرض تزولان ولكن كلامي
لا يزول
“(مت35: 24)، وأيضاً ” لأني ساهر على كلمتي لأجريها
” (ار12: 1). كما حذر ” لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا
تنقصوا منه
لكي تحفظوا وصايا الرب ” (تث16: 22-18)، ” أن كان أحد
يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب وان كان أحد يحذف من
أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة
” (رؤ19: 22-20).

 فقد تكاتف
ضده كل الذين ينكرون وحيه ويرفضون سلامته من التحريف والتبديل مثل الوثنيين الذين
يؤمنون بتعدد الآلهة والنقاد الماديين الذين لا يؤمنون بوجود الله ولا بكلامه أو
وحيه ولا بالنبوّات أو المعجزات، ومدارس اللاهوت التحررية التي تأثرت بآراء النقاد
الملحدين، والإخوة المسلمين الذين أنكروا وحيه لوجود خلافات جوهرية بينه وبين
القرآن، بل والعقيدة الإسلامية بصفة عامة.

 وفي هذا
الكتاب نؤكد، بالدليل العلمي الموثق، حقيقة وصحة كل حرف وكل كلمة وكل جملة وكل
فقرة وكل حدث وكل رواية في الكتاب المقدس مستعينين بمئات السجلات والمراجع
والوثائق العلمية والتاريخية، المدنية والدينية، اليهودية والمسيحية والإسلامية
والوثنية والنقدية، وما توصل إليه علم الآثار من كشوف وحفريات ومخطوطات. وذلك إلى
جانب شهادة القرآن والحديث والسيرة النبوية لصحة وسلامة أسفار الكتاب المقدس عبر
تاريخه، منذ أيام يشوع بن نون تلميذ موسى النبي، وعزرا الكاهن والكاتب، والرب يسوع
المسيح، الذي يؤكد القرآن أنه جاء مصدقا بالتوراة وأنها كانت بين يديه ” وَمُصَدِّقاً
لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ
” (آل عمران: 50)، ونبي المسلمين
الذي يؤكد القرآن أنه جاء مصدقا بهما وأنهما كانا بين يديه وقد شهد لهما وأحتكم
بأحكام التوراة قائلاً ” وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ
التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّه
ِ ” (المائدة: 43)، وقال عن الإنجيل
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

(المائدة: 47).

 ونرجو من
الله القدير أن يستخدم هذا الكتاب لمجده وأن يكون سبب بركة لكل من يبحث عن الحق
بعقله وفكره وقلبه وسبب هداية لكل من تشكك في كتابه المقدس، كقول أيوب ” قد
أقام كلامك العاثر وثبت الركب المرتعشة
” (أي4: 4)، وقول الرب يسوع
المسيح ” كلامك هو حق ” (يو17: 17).

 عيد
الميلاد المجيد 7/1/2005م
القس عبد المسيح بسيط أبو الخير

 29/ كيهك
/1721 ش

 

مدخل
للكتاب

نقد الكتاب المقدس

والتشكيك فيه والقول بتحريفه

1 أسباب ظهور مدارس نقد الكتاب المقدس والتشكيك فيه:

 بدأت عملية نقد الكتاب المقدس، وخاصة العهد القديم، منذ القرون
الأولى للمسيحية ولكنها كانت منصبة على آيات محددة في التوراة، أسفار موسى الخمسة،
أما النقد بصورته المادية الشاملة فقد أتخذ شكلاً كثيفاً ابتداء من القرنين السابع
عشر والثامن عشر الميلاديين. وقد أنصب معظم نقد علماء النقد الماديين على أسفار
موسى الخمسة، التوراة، وركزوا عليها أكثر من بقية أسفار العهد القديم. وللأسف فقد
تأثر معظم هؤلاء النقاد بالفلسفات المادية الجدلية الإلحادية التي لا تؤمن بوجود
الله أو التي تقول أن الله لا يتدخل في التاريخ، أو أن الطبيعة هي الله، والتي
سادت القرنين 17و18م واستمرت آثارها حتى الآن. واعتقد بعضها بأزلية المادة أو أن
الإنسان والخليقة وجدا بالمصادفة، ورفعت من قيمة الإنسان على حساب الله ووضعته
موضع الإله في هذا العالم، وزعمت أن الدين مسخر لخدمة الأغنياء على حساب الفقراء،
كما قال كارل ماركس ” الدين أفيون الشعوب “! ورفضت أي سلطة لله أو ما
يسمى بإله لأن الله في نظر بعضها لا يتدخل في شئون الكون، أو أن الله والطبيعة
واحد ” فالطبيعة هي الله، والله هو الطبيعة “.

 ونتيجة لكل ذلك فقد رفضت الإعلان الإلهي والوحي والمعجزات والنبوات
وما جاء في الكتاب المقدس وقالت أن ما جاء به ليس إلا أساطير قديمة أخترعها البشر
من وحي خيالهم!! وفيما يلي أهم المذاهب والحركات والفلسفات التي أدت إلى نقد
الكتاب المقدس:

(1) سيبنوزا ومذهب الحلولية أو وحدة الوجود:

 يقول
مذهب الحلولية أو وحدة الوجود أن الله والكون واحد أو أن الله يحل في الكون! ومن
الذين قالوا بهذا المذهب الفيلسوف اليهودي باروخ سبينوزا (
Baruch Spinoza)، (1632- 1677م) الذي اعتبر الله والطبيعة
أسمين لحقيقة واحدة
(1)، ووصف الله بأنه ليس خارج الطبيعة وليس
وراءها بل الله والطبيعة واحد(2)!! ونظر إلى عقولنا البشرية الكثيرة على
أنها جزء من العقل الإلهي، وأنها تنمو كلما ازددنا اقتراباً من التوحد بالله، أو
التوحد بالعالم، وهو ما يعني نفس الشيء(3)! ومن ثم رفض الإيمان بالمعجزات وقال
” لا شيء، إذاً، يحدث في الطبيعة يتعارض مع نواميسها الكونية، كلا، فكل شيء
يتفق معها ويتبعها 000 فهي تحفظ ترتيب ثابت وغير متغير “!! وفي الحقيقة
” فالمعجزة التي تتعارض مع الطبيعة أو تكون فوقها هي محض عبس “!! وقال
أيضاً ” يجب أن نتأكد بصورة كاملة أن كل حدث مذكور في الكتاب المقدس قد حدث
بالضرورة مثل أي حدث آخر بحسب نواميس الطبيعة “(4)!!

 وعلل
المعجزات المذكورة في الكتاب المقدس بتعليلات مادية فاعتبر انشقاق البحر لبني
إسرائيل عند خروجهم من مصر مجرد رياح شرقية شقت لهم في البحر طريقاً وأن الأنبياء
لجئوا لسرد قصص المعجزات والأمثال والحكايات التي تتناسب مع عقلية الشعب، وأن
للأنبياء والرسل تأثيراً كبيراً على الناس، بالمقارنة بالفلاسفة والعلماء، ويرجع
هذا إلى الأسلوب البياني الساحر الذي أمتاز به أصحاب الديانات من الأنبياء والرسل
بحكم طبيعة رسالتهم وشدة عواطفهم. ثم يقول أننا لو فسرنا التوراة على هذا الأساس
لما وجدنا فيها شيئاً يتناقض مع العقل(5)!!

 ورفض روايات القيامة المذكورة في الأناجيل وقال عن المسيحية ”
لقد بشر الرسل الذين جاءوا بعد المسيح بآلام المسيح لكل البشر كدين للعالم كله
” ولم يؤمن بالقيامة وبالتالي جعل المسيحية بلا أمل في الحياة الأبدية(6)!!

 وأنكر أن الأنبياء تكلموا بإعلان إلهي وأن الله قد أوحي إليهم وأعتبر
ما كتبوه مثله مثل الرسائل التي كتبها الرسل والتي قال عنها ” أن أسلوب
التعبير والحديث الذي استخدمه الرسل في الرسائل يبين بوضوح أنها لم تكتب بإعلان أو
بأمر إلهي، ولكنها كتبت بأسلوب وحكمة كتابها
(7)!!

 وكتب كتاباً في السياسة والدين نقد فيه العهد القديم وكان هو أول
من بدأ بكتابة ما عرف فيما بعد بالنقد العالي للكتاب المقدس، خاصة العهد القديم
(8).
ودعي سبينوزا ب ” أب النقد الكتابي الحديث “.

(2) مذهب الربوبية(9) Deism:

 الذي
نادى بدين طبيعي يعتمد على العقل وينكر الوحي ويرفض تدخل الله في نواميس الكون
ويركز على الأخلاق. وبرغم أنه يؤمن بالله كالسبب الأول في خلق الكون(10) لكنه يقول أن الله لم يتدخل بعد ذلك في
أموره!! ويرفض الإعلان الإلهي والوحي والمعجزات والنبوّات، وبالتالي الكتاب المقدس،
ويرفض الأديان عموماً خاصة التي تؤمن بالوحي الإلهي باعتباره كلام الله المنزّل من
السماء!! وقد بدأ هذا المذهب في القرن السابع عشر في أمريكا كحركة حديثة نتيجة
للاكتشافات العلمية ونجاح طرقها العلمية، وقد وُصف في القرن ال 18 بالدين
الطبيعي
، في كتابات ما سمي بعصر الاستنارة. وقد ركز أصحاب هذا المذهب على
العقل والخبرات الشخصية بطريقة مبالغ فيها، وحاولوا الإجابة على الأسئلة الدينية
بعيدا عن الإعلان الإلهي واهتموا بما يكتشفه الإنسان بالعقل فقط. وهكذا لم يعد
الدين، بالنسبة لهم، إلا مجموعة أخلاقيات وأن ما هو فوق الطبيعة يدرك بالعقل فقط!!

(3) الحركة الإنسانية Humanism:

 وخاصة الإنسانية الحديثة، التي ترفض المعجزات وكل ما هو فوق الطبيعة
وتركز بالدرجة الأولى على قيمة الإنسان وقدرته على تحقيق الذات عن طريق العقل
والعلم والعاطفة الإنسانية(11). يقول
UU Minister Kenneth Phifer: ” يعلمنا المذهب الإنساني أنه ليس من
الأخلاق أن ننتظر من الله أن يعمل لنا. فيجب أن نعمل نحن لنوقف الحروب والجرائم
والأعمال الوحشية في هذا العصر وعصور المستقبل فلدينا قوات مدركة ولدينا درجة
عالية من الحرية في اختيار ما نفعله، فالإنسانية تعلمنا أنه مهما كانت فلسفتنا عن
الكون فالمسئولية المطلقة في هذا العالم الذي نعيش فيه تقع علينا “(12).

(4) الفلسفة التجريبية Empiricism:

 التي
تعتقد أن المعرفة كلها مستمدة من التجربة والخبرة المحسوسة(13).
وتقول أن نظرياتنا العلمية يجب أن تبنى على ملاحظاتنا للعالم وليس على الحدث

والإيمان(14). ومن أهم فلاسفة هذه المدرسة جون لوك(15)وجورج
باركلي(16) ودافيد هيوم(17) الذي
تبنى فكر سبينوزا المضاد لما هو فوق الطبيعة وبصفة خاصة ما يختص بالمعجزات وكان
منطقه هو:

(1) المعرفة والمعتقدات مبنية على الخبرة، فكلما كانت خبرتنا اعتيادية
أو متماثلة، كلما كانت معتقداتنا ومعرفتنا أكيدة.

(2) ” وقد تأسست هذه النواميس التي للطبيعة على خبرة ثابتة وغير
متغيرة “.

(3) ” وعلى الرجل الحكيم أن يجعل إيمانه متناسب مع البرهان
“.

(4) ” ولذا فالبرهان ضد المعجزات “!!

(5) ” المعجزة هي انتهاك لنواميس الطبيعة “.

(6) ومن ثم فعلى الحكيم أن لا يؤمن بالمعجزات(18).

(5) الفلسفة الوضعية Positivism:

 والتي
أسسها أوجست كونت وتهتم بالظواهر والوقائع اليقينية الإيجابية فقط وترفض كل
تفكير تجريدي في الأسباب المطلقة وتعتبر العلوم الطبيعية المصدر الوحيد للمعرفة
الحقيقة(19). وهي تهتم بالإنسان وتضعه في مركز
الكون، وقد تحدت الدين واتخذت موقفاً عدائياً من الوحي الإلهي، بدرجات متفاوتة،
وأنكرت الغيبيات والإلهيات، ومن ثم تحول هؤلاء النقاد إلى هدامين للكتاب المقدس
.

(6) عصر التنوير Enlightenment أو عصر العقل:

 بدأ
هذا العصر في القرنين السابع عشر والثامن عشر، في أوربا، ليقدم، حسب وجهة نظر
رواده، أخلاقيات وجماليات (فنون الجمال) ومعرفة مبنية على الاستنارة العقلية
بعيداً عن الدين، واعتبر قادة هذه الحركات أنفسهم كالنخبة الشجاعة للعقليات التي
تقود العالم نحو التقدم والخروج من عصر اللاعقلانية، التي تقوم على الحدس أو
الغريزة أو الشعور أو الإيمان والخرافة والطغيان التي بدأت خلال فترة زمنية أسموها
بالعصور المظلمة. يقول الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل (1873 -1970م)(20)،
عن عصر التنوير ” لقد كانت حركة التنوير مرتبطة بانتشار المعرفة العلمية.
كان الناس في الماضي يسلمون بأمور كثيرة ارتكازا إلى سلطة أرسطو والكنيسة، ولكن
الآن أصبح الاتجاه الجديد هو الإقتداء بآراء العلماء
. وكما أن البروتستانتية
قد طرحت، في الميدان الديني، الفكرة القائلة أن كل شخص ينبغي أن يتصرف حسب تقديره
هو، فكذلك أصبح من واجب الناس الآن، في الميدان العلمي أن يتطلعوا بأنفسهم، بدلاً
أن من يضعوا ثقتهم العمياء في أقوال أولئك الذين كانوا يدافعون عن النظريات
البالية “(21). وقد نتج عن هذا العصر الأفكار
التالية:

(1) الفكر الطبيعي أو المذهب الطبيعي (Pantheism– وحدة الوجود)(22) الذي
ينادي بأن الله والطبيعة واحد ” الله هو الكل والكل هو الله ” أو أن
الكون – الطبيعة – والله مترادفان وأن كل فرد هو جزء من الكون أو الطبيعة وبالتالي
هو جزء من الله، ومن هذا المذهب خرجت فكرة أخرى (
Panentheism)(23) تقول أن الله موجود داخل كل خليقة وأن
الله هو القوة الحية وراء الكون، وأن الكون هو جزء من الله الذي هو أعظم من
الطبيعة وحدها.

(2) الفكر الأخلاقي الذي يركز على الأخلاق بعيدا عن الوحي ويتجاهل
الدين تماماً

(3) الفكر الأسطوري الذي نادى بأن ما جاء في الكتب الدينية مجرد
أساطير شعبية ابتكرها خيال الإنسان.

(4) الفكر التطوري الذي نادى به رجال التاريخ الطبيعي وأهمهم سبنسر
وداروين الذين تصوروا، خطأ بنظرة فلسفية مادية، من خلال دراستهم للحفريات الخاصة
بالإنسان البدائي والقبائل البدائية تطور فكرة وجود الروح في جميع الأجسام.

 وقد كتب في هذا العصر موسوعة أعدتها جماعة من الكتاب والعلماء بفرنسا
من الذين أداروا ظهورهم لتعاليم الدين والفلاسفة المتافيزيقيين (الذين يبحثون فيما
وراء الطبيعة) ورأوا في العلم وحده القوة الدافعة الجديدة في الميدان العقلي. وكان
أبرز فلاسفة هذا العصر فولتير(24) وجان جاك روسو(25)
بفرنسا، وكانت(26) وفشته(27)
وهيجل(28) في ألمانيا.

 وقد
تأثر بفلسفة هيجل في التاريخ الألماني فيرديناند كريستيان باور
Ferdinand
Christian Bauer
(1792
– 1860م) والذي أسس مدرسة توبنجن
Tubingen الألمانية لتفسير العهد الجديد والتي كانت أكثر حركة مثيرة للجدل
في القرن التاسع عشر. وقد زعمت هذه المدرسة أن الإنجيل للقديس يوحنا قد كتب في
القرن الثاني الميلادي(29)!!

 وجاء الفيلسوف الألماني نيتشه، عدو المسيح، (1844 – 1900م)، ونادى بالنظرية
اليونانية القديمة التي تفضل الأقوى، الأوفر صحة والأقوى شخصية، على الضعيف
والسادة على العبيد!! وكان يرى أن أخلاق السادة يرتبط فيها الخير بالاستقلال
والكرم والاعتماد على النفس، وما شابه ذلك، أي جميع الفضائل التي يتصف بها الإنسان
” ذو النفس الكبيرة ” عند أرسطو. أما النقائص المقابلة فهي الخضوع
والوضاعة والتهيب وما إلى ذلك، وهذه تمثل الشر. وهنا نجد التقابل

بين الخير والشر يعادل على وجه التقريب التضاد بين النبيل والحقير(30)!!

 ونادى
بالإنسان السوبرمان ونظرية البقاء للأصلح وكان يحتقر النساء ولا يثق في قدراتهن
العقلية وكان يعتقد أن لكل فعل حسن مساوئ وانتهت حياته بالجنون وقال في أفول
الأصنام ” اليوم لا نمتلك من العلوم إلا بقدر ما نحن مستعدين لقبول شهادة
الحواس،- حيث نقويها ونستخدمها، حيث تعلمنا أن نفكر حتّى أقصى إمكانياتنا. أما
البقية فهي ما زالت تجهض تفكيرنا، ما زالت ما قبل علمية: أعني الميتافيزيقا،
اللاهوت، علم النفس، أو نظرية المعرفة. أو أيضا العلم الشكلي، نظرية العلامات: كعلم
المنطق، أو أيضا هذا المنطق التطبيقي، أقصد به الرياضيات. هنا الحقيقة لا تظهر
أبدا، ولا حتّى كمشكل؟ وقليلا ما يوجد فيها سؤال لمعرفة القيمة العامة لاصطلاح
سيميولوجي كما نجد عليه المنطق(31).

 وتصور أن وجود الله يكون على حساب الإنسان ومن ثم قال أن الإله
مات!!
وقال أن الآلهة مجرد رموز من خلق الشعراء و ” أن الإله المسيحي
مجرد افتراض، ولكني أريدكم أن لا تفترضوا وراء حدود آلهتكم الخلاقة. هل تستطيعون
أن تخلقوا إلهاً؟ إذا فلا تحدثوني عن أي إله، ولكنكم تستطيعون أن تخلقوا الإنسان
الأعلى 000 إذا كان هناك آلهة فكيف أستطيع أن أتحمل ألا أكون إلهاً!”(32).

7 نظرية التطور وأثارها الإلحادية المدمرة:

 نادت الفلسفات المادية القديمة التي أعتنقها فلاسفة اليونان والتي
قالت بأزلية الكون والمادة بفكرة التطور قبل الميلاد بقرون، وقال بها قبل دارون
العالم الفرنسي لامارك (1744 – 1829)، الذي كان أو من جعل من التطور مذهباً بارزاً،
وقال أن الكائنات الحية قد نقلت السمات التي اكتسبتها أثناء حياتها من جيل إلى جيل،
وبهذه الصورة تطورت هذه الكائنات. وعلى سبيل المثال فقد تطورت الزرافات من حيوانات
شبيهة بالبقر الوحشي عن طريق إطالة أعناقها شيئا فشيئاً من جيل إلى جيل عندما كانت
تحاول الوصول إلى الأغصان الأعلى فالأعلى لأكل أوراقها. ثم ليبل (1832م) الذي قال
بالقدم السحيق للأرض والحياة(33).

 ثم جاء سبنسر (ولد 1820م) وقال بعدم تلاشي المادة أو فنائها وبقاء
الطاقة، واستمرار الحركة وثبات العلاقة بين القوى (المادة أزلية لا تستحدث ولا
تفنى)، وأن التاريخ الكلي لجميع الأشياء هو ظهورها من بدء مجهول غير مدرك،
واختفاؤها في مجهول غير مدرك، وقال أن التطور هو ” تجمع لأجزاء المادة
يلازمه تشتيت أو تبديد للحركة، تنتقل خلاله المادة من حالة التجانس المنقطع غير
المحدود إلى حالة التباين المتلاصق المحدود
“. كما قال أن الوحدة في
الفرد أيضاً ستتحول إلى تمزق وتفسخ، وينتهي ذلك التناسق وهو الحياة إلى تفشي الفساد
وهو الموت، وستتحول الأرض إلى مسرح من الفوضى والدمار والفساد وتنتهي إلى السديم
والغبار الذي أتت منه. وبذلك تصبح دورة التطور والانحلال دورة تامة، ولكن ستبدأ
هذه الدورة من جديد مرة ثانية، وثالثة إلى ما لا نهاية(34).

 وقال عن الدين أنه كان أول الأمر عبادة طائفة من الآلهة والأرواح،
المتشابهة قليلاً أو كثيراً في كل أمة. وتطور الدين إلى فكرة إله مركزي قوي قادر
على كل شيء، أتبع كل الآلهة له ونسق أعمالها وصلاحيتها. لقد أوحت الأحلام والأشباح
على ما يحتمل إلى تصور أول الآلهة 000 لقد كان الله في أول الأمر في اعتقادهم
شبحاً دائم الوجود، وأن أقوياء الرجال في هذه الدنيا تنتقل قواهم، وسلطانهم إلى
أشباحهم التي تظهر بعد موتهم. وكان لابد
من
استرضاء هذه الأشباح واستعطافها. وتطورت طقوس الجنائز إلى عبادة، وأخذت جميع مظاهر
الاستعطاف التي تقدم للزعيم أو القائد على هذه الأرض تستخدم في الاحتفالات
والصلوات والتزلف والتقرب إلى الآلهة. وبدأ تقديم الهدايا إلى الآلهة

00الخ(35).

 ثم نشر تشارلز داروين سنة 1859م كتابه أصل
الأنواع
“، وناقش فيه نظريته في النشوء والارتقاء منطلقاً من مقدمة
منطقية أساسية هي: ” يعتمد تطور الكائنات الحية على الصراع من أجل البقاء.
ويفوز القوي في الصراع، في حين يُحكم على الضعيف بالهزيمة والنسيان
“.
ويقول أنه يوجد صراع قاس من أجل البقاء ونزاع أبدي في الطبيعة يتغلب فيه القوي على
الضعيف دائماً، وهذا ما يؤدي إلى حدوث التطور ولذا فقد سمى كتابه ” أصل
الأنواع بواسطة الانتقاء الطبيعي أو الحفاظ على الأجناس المفضلة في الصراع من أجل
البقاء
“! ويكرر في كتابه عبارات ” ؛ ” الانتقاء الطبيعي
” و ” الصراع من أجل البقاء بين الأجناس ” و ” التزاوج
المختار
” 000 الخ. وأعتبر أن أصل الحياة ظهر في صورة هلامية تسمى
بالجبلة أو البروتوبلازم ونواة وهي ما يسميه علماء الأحياء بالخلية، وكل الأحياء
تتكون من خلية واحدة أو خلايا متعددة. وقد تطورت هذه الخلية ومرت بمراحل منها
مرحلة القرد، انتهاء بالإنسان(36)!!

 وقال دارون ودعاة التطور إن للبشر والقردة الحديثة أسلافاً مشتركة،
وقد تطورت هذه الكائنات بمرور الزمن فصار بعضها قردة اليوم، في حين أصبحت مجموعة
أخرى، اتبعت فرعاً آخر من فروع التطور، إنسان اليوم!! أي أن الإنسان العصري قد
تطور من أحد أنواع المخلوقات الشبيهة بالقردة! ويقولون أنه أثناء عملية التطور
المزعومة هذه، والتي يفترض أنها قد بدأت منذ حوالي أربعة إلى خمسة ملايين سنة،
وجدت بعض الأشكال الانتقالية بين الإنسان العصري وأسلافه، ووفقاً لهذا السيناريو
الخيالي وضع دعاة التطور قائمة بأربع فئات أساسية هي: (1) القرد الجنوبي، (2)
الإنسان القادر على استخدام الأدوات، (3) الإنسان منتصب القامة، (4) الإنسان العاقل.
وأطلقوا على ما يزعمون أنه الأسلاف الأولى لكل من الإنسان والقرد اسم القرد
الأفريقي الجنوبي(37)!!

 كما
زعموا أن الحياة قد بدأت بخلية تكونت بمحض الصدفة! وقالوا أنه منذ أربعة بلايين
سنة خضعت أعداد متنوعة من المركبات الكيميائية التي لا حياة فيها إلى تفاعل حدث في
جو الأرض البدائي، وفيه حثت الصواعق والضغط هذه
المركبات
على تكوين أول خلية حية(38)!!

 وتفترض النظرية أن كل مرحلة من مراحل التطور أعقبت التي قبلها بطريقة
حتمية، أي العوامل الخارجية هي التي تحدد نوعية هذه المرحلة، أما خط سيرها ذاته
بمراحله جميعها فهو خط مضطرب لا يسعى إلى غاية مرسومة أو هدف بعيد لأن الطبيعة
التي أوجدته غير عاقلة ولا
واعية
وتتخبط بشكل عشوائي!!

 وهكذا نسف تفسير داروين الطبيعي الغاية من وجود الله ومعه فكرة الخلق،
إذ جعل هذا التفسير الإنسان مماثلاً تماماً للحيوانات، وخلق تياراً فكريا مادياً
وتفاقم الصراع بين العلم والدين، وكما يقول برتراند راسل ” لقد سدد مذهب
داروين إلى علم اللاهوت ضربة قاسية تماماً كما فعل كوبرنيكوس في عالم الفلك،
فالداروينية لم تجعل فحسب من الضروري التخلي عن الاعتقاد بثبات الأنواع والتخلي عن
فكرة آتيان الله بأعمال الخلق المنفصلة التي يبدو أن سفر التكوين في الكتاب المقدس
يؤيدها. بل أنها جعلت من الضروري أن نفترض انقضاء حقب سحيقة منذ بداية الحياة.
الأمر الذي صدم مشاعر المؤمنين بالأرثوذكسية الدينية “(39).
وقال الأمريكي وليم درابر ” إذا افترضنا عدم وجود جنة عدن وأيام ستة تم فيها
خلق الكون، فهذا يعني أن العقيدة الدينية كلها كانت مجرد بنية زائفة “(40).

 وطبق داروين هذه النظرية على الدين وقال أن الدين نِشأ أولاً على
الإيمان بقوى روحية غير مرئية ثم الإيمان بقوى سحرية ثم أنتقل إلى الوثنية أو تعدد
الآلهة حتى وصل إلى غايته في التوحيد!! ورفض ما جاء في العهد القديم مثل برج بابل
وظهور قوس قزح بعد الطوفان 00 الخ وباختصار فقد قال أن ” كل شيء في الطبيعة
هو نتيجة للنواميس الثابتة “(41).

 وكان ظهور هذه النظرية سبباً في ترك الأديان وانتشار الإلحاد وعبادة
الطبيعة وإنكار الكتب الدينية والوحي والأنبياء عموماً ونفي وجود الله ووجود آدم
وحواء 00 الخ ونتج عن هذه النظرية سيطرة الأفكار المادية على عقول المفكرين
ومناداتهم بخضوع الإنسان للمادة وعبادة الطبيعة التي قال عنها داروين
الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق
“!!

õ وجعل الكنيسة الكاثوليكية، كما يقول جيمس بيرك
في كتابه عندما تغير العالم، تتجه لتبني أفكار التطور الدارينية ” وتحركت
الكنيسة الكاثوليكية أسرع من أي كنيسة أخرى، وكانت قد سمحت للكاثوليك بمناقشة
التطور بعد صدور كتاب بيوس الثاني عشر في عام 1951م بعنوان الجنس الإنساني “(42).

õ وكانت وراء نظرية فرويد (1856 – 1939م) في
التحليل النفسي والذي فسر الدين تفسيراُ جنسيا حيث يقول فرويد أنه تناول هذا
الموضوع في كتابه ” الطوطم والمحرم” سنة 1912، ” وبدأت المناقشة
ببعض الملحوظات التي ساقها داروين وضمت بها فكرة قال بها أتكنسون (عالم اجتماع)
تقول أن الناس عاشت في الأزمنة البدائية في عشائر صغيرة، كل منها يحكمها ذكر قوي
” وتلخص فكره في أن الدين هو الشعور بالندم من قتل الأولاد لأبيهم الذي حرمهم
من الاستمتاع بأمهم ثم صار عبادة للأب، ثم عبادة الطوطم، ثم عبادة القوى الخفية في
صورة الدين السماوي، وكل الأدوار تنبع وترتكز على عقدة أوديب “. وقوله
بحيوانية الإنسان، فالإنسان عنده حيوان جنسي، لا يملك إلا الانصياع لأوامر الغريزة
وإلا وقع
فريسة الكبت المدمر للأعصاب(43).

õ وكذلك نظرية جان بول سارتر (مواليد 1905) في
الوجودية الإلحادية. وهذه الفلسفة تقوم أساسا على نظرة الإنسان كفرد وترى أن
” وجوده” هو أهم صفاته، وانه غاية بذاته، ولا أهداف ” ما ورائية
” لوجوده، بل هو الذي يحدد أهدافه بنفسه. وتؤكد من جهة أخرى أن حرية الإنسان
مطلقة ولا حدود لها(44). وأن وجود الإله مستحيل، حيث أن
الموجود – في – ذاته – ولأجل – ذاته هو تصور غير ممكن وغير معقول(45).
ورفض وجود الله لأنه تصور أن وجود الله يلغي وجوده وقال ” إذا كان الله
موجوداً فالإنسان عدم
“. كما قال أيضا ” أن وجود الله يعطل وجودي
أنا
“، وأيضاً ” إذا انفجرت الحرية مرة أخرى في روح الإنسان، لم
يبق للآلهة على هذا الإنسان آية سلطة
(46).

õ كما فرضت العنصرية على العلوم الاجتماعية حيث
تقول عالمة الأنثروبولوجيا الهندية لاليتا فيدرياتي
Lalita Vidyarthi ” لقد لاقت نظريته (نظرية داروين) الخاصة
بالبقاء للأصلح ترحيباً حاراً من قبل علماء العلوم الاجتماعية في ذلك العصر، الذين
اعتقدوا أن البشر قد حققوا مستويات متنوعة من التطور وصلت إلى أوجها في حضارة
الرجل الأبيض. وبحلول النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أصبحت العنصرية حقيقة
مقبولة لدى الغالبية العظمى من علماء الغرب “(47).

 ونتيجة لذلك ظهورت الفاشية النازية والشيوعية الماركسية فغرق العالم
في بحور من الدم!! فقد تأثر هتلر بأقوال داروين عن ” الانتقاء الطبيعي ”
و ” الصراع من أجل البقاء بين الأجناس ” و ” التزاوج المختار
” والتي تتكرر عشرت المرات في كتابه ” أصل الأنواع ” واستوحى منها
أفكار كتابه ” كفاحي ” الذي ركز على مبدأ البقاء والنصر للأصلح
وقال ” سوف يصل التاريخ إلى أوجه في إمبراطورية ألفية جديدة تتسم بعظمة لا
مثيل لها، وتستند إلى تسلسل جديد للأجناس تقرره الطبيعة ذاتها “. ويصف المؤرخ
هيكمان
Hickman تأثير الداروينية على هتلر كالآتي: ” لقد كان (هتلر) مؤمناً
راسخاً بالتطور ومبشراً به. وأيا كانت عقده النفسية الأعمق والأعوص فإن من المؤكد
أن (فكرة الصراع كانت مهمة بالنسبة له لأن) 000كتابه كفاحي يبين بوضوح عدداً من
الأفكار التطورية، وخاصة تلك التي تؤكد على الصراع، والبقاء للأصلح، وإبادة
الضعفاء لإنتاج مجتمع أفضل “(48)،(49).

õ وقرأ كارل ماركس (1818 – 1883م)، ورفيقه إنجلز
مؤسسا الشيوعية، كتاب أصل الأنواع بمجرد ظهوره وانبهرا بالأسلوب المادي الجدلي
الذي أتبعه، كما تأثرا أيضاً بفكر هيجل. وكتب ماركس في ”
بيان الحزب
الشيوعي
(1848م) استكمالا وتوضيحاً
للماركسية. إن هذا المؤلف ” يضع الخطوط العريضة لتصور جديد للعالم، هو
المادية المتماسكة، وهو تصور يضم أيضاً مجال الحياة الاجتماعية والجدل، باعتباره
أكثر نظريات التطور شمولاً وعمقاً، ونظرية صراع الطبقات، ونظرية الدور الثوري
التاريخي العالمي للبروليتاريا (الطبقة العمالية) – خالقة المجتمع الشيوعي الجديد
(50). وقال كارل ماركس ” أن الدين
هو تغرب عن الإنسان بالهروب إلى ما يُسمى إله
” وأيضاً ” إنه
أفيون الشعوب 000 من يحدثني عن الله يبغي أن يسلبني مالي وحياتي
(51).

õ واستخدمها أصحاب نظرية الوثائق في الدين،
وقالوا أن الدين بدأ في زمن الإنسان البدائي بالإيمان بالأرواح ووصل بالتطور إلى
عبادة الإله الواحد!! بل إن ولهاوزن حاول أن يطبق نظرية هيجل في التاريخ، والتي
تأثرت بدورها بنظرية داروين، ليبني نظاماً لتطوّر الديانة اليهودية في شبه الجزيرة
العربية في عصر ما قبل الإسلام. ويشرح ج. رايت رأي ولهاوزن وغيره من النقاد
المتطرفين، في كتابه دراسة الكتاب المقدس اليوم وغداً فيقول: البناء الذي أقامه
جراف وولهاوزن لتاريخ إسرائيل الديني أكّد أن صفحات التوراة تعطينا نموذجاً كاملاً
للتطور الديني من عبادة الأرواح في زمن الآباء إلى التوحيد، عندما جاءت صورة
التوحيد النقية في القرنين 6 و5 ق م. وقد عبد الآباء (إبراهيم وأولاده عام 1800 ق
م) الأرواح في الأشجار والأحجار والينابيع والجبال 00 الخ! وكان إله
بني إسرائيل في عصر ما قبل الأنبياء (1000 ق م) إله قبيلة،
يمتد سلطانه إلى أرض فلسطين فقط! وكان الأنبياء هم مخترعو التوحيد!
وهم يعنون بهذا أن
العبادة اليهودية بدأت بعبادة الأرواح، ثم تبعتها عبادة آلهة قَبَلية، وأخيراً
ارتقَت إلى عبادة الإله الواحد. ثم قالوا إن الإنسان يقدر أن يحدد تاريخ أي قطعة
أدبية بأن يدرس درجة تقدم التعليم الديني الذي تورده، وحكموا بأنه يستحيل أن
الأفكار الرفيعة عن الله التي تعزوها التوراة لإبراهيم وغيره من الآباء تكون من
نتاج أفكار إبراهيم وسائر الآباء، لأن فكرة الوحدانية أسمى من تفكيرهم. ويصف
ولهاوزن فكرة أن الله الواحد خلق العالم أنها فكرة لاهوتية تجريدية غير مسموع بها
وسط شعب ناشئ.
ثم يقولون إنهم لما افترضوا أن بالدين تطوراً وارتقاءً، فلا
يناسب أن يُقال عن إبراهيم: وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ،
مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي (تكوين 22: 18) لأن فكر إبراهيم الديني لم
يكن قد تطور إلى مثل هذه الدرجة من الرقي، فلا بد أن هذه العبارة كُتبت بعد ذلك
بألف سنة
(52)!!

 وبالرغم من كل ما سبق إلا أن نظرية التطور وما جرى عليها من تطور هي
أيضاً لم تستطيع أن تقدم دليلاً علمياً مؤكداً على صحتها!! بل ولم يستطع أحد من
العلماء الذين ينادون بها أن يبرهنوا على صحتها لأنها بنيت أصلاً على الفلسفة
والملاحظات الشخصية وقوة المخيلة وليس على التجربة العلمية، بل على تكنولوجية
بدائية جداً!! ولم تكن هناك مجالات علمية مثل علم الوراثة وعلم الكيمياء الحيوية!!
كما كان اكتشاف عالم النبات النمساوي غريغور مندل لقوانين الوراثة سنة 1865م والذي
ولد على أثرها علم الوراثة في القرن العشرين من أقوى الضربات التي وجهت لها!!
ورفضها معظم العلماء في نهاية القرن العشرين وكتبت ضدها مئات الكتب التي تثبت عدم
وقوفها أم الدليل العلمي ويرفض تدريسها حاليا في أكثر من 42 ولاية أمريكية وحلت
محلها نظرية جديدة هي نظرية ” التصميم الذكي –
Intelligent Design ” التي تقول أن الكون خلقه عقل ذكي جداً
(الله). ويقول عنها عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي د. مايكل بيهي أحد الأسماء
المشهورة التي تؤيد هذه النظرية:

 ” على مدى الأربعين سنة الماضية اكتشف علم الكيمياء الحيوية
الحديثة أسرار الخلية، وقد استلزم ذلك من عشرت الآلاف من الأشخاص تكريس أفضل سنوات
حياتهم في العمل الممل داخل المختبرات 000 وقد تجسدت نتيجة كل هذه الجهود
المتراكمة لدراسة الخلية (ودراسة الحياة عند المستوى الجزيئي) في صرخة عالية،
واضحة حادة تقول: التصميم المبدع!(53).

 فنظرية
التطور تحمل في ذاتها دليل بطلانها فلم يستطع أحد مطلقاً أن يدعي أو يقول أن
المواد غير الحية يمكن أن تجتمع معاً لتكون حياة، فهذا غير علمي ولم تثبته أية
تجربه أو ملاحظة على الإطلاق لأن الحياة لا تولد إلا من حياة وتتكون كل خلية حية
بالنسخ من خلية أخرى، ولم ينجح أي شخص أبداً في العالم في تكوين خلية حية بالجمع
بين المواد غير الحية!! ويقر بذلك أيضاً علماء التطور أنفسهم!! فيقول العالم
الروسي ألكساندر أوبارين، أحد أبرز الثقات في نظرية التطور الجزيئي في كتابه
” أصل الحياة ” الذي نشر سنة 1936م ؛ ” لسوء الحظ مازال أصل
الخلية سؤلاً يشكل – في الواقع – أكثر نقطة مظلمة في نظرية التطور بأكملها

“! كما أجرى دعاة التطور منذ أوبارين عدداً لا يحصى من التجارب لمحاولة إثبات
أن الخلية كان يمكن تكوينها بمحض الصدفة فثبت لهم عكس ذلك. يقول الأستاذ كلاوس دوز،
رئيس معهد الكيمياء الحيوية بجامعة جوهانز جوتنبرج ” لقد أدت أكثر من ثلاثين
سنة من إجراء التجارب عن أصل الحياة في مجالات التطور الكيميائي والجزيئي إلى
الوصول إلى إدراك أفضل لضخامة مشكلة أصل الحياة على الأرض بدلاً من حلها. وفي
الوقت الحالي، فأن المناقشات الدائرة حول نظريات وتجارب أساسية في هذا المجال إما
أن تنتهي إلى طريق مسدود أو

إلى اعتراف بالجهل
(54)!!

 وعلى عكس علماء التطور الذين يندبون فشل نظريتهم ووصولهم إلى طريق
مسدود واعترافهم بالجهل، تقف الغالبية العظمى من العلماء على أرض الإيمان بالله
الذي رأوه في أعماله في الكون الذي خلقه بتصميم ذكي، كما يقول الكتاب ” السموات
تحدث بمجد الله. والفلك يخبر بعمل يديه
” (مز19: 1)، ولمسوه بقلوبهم
ومشاعرهم وأحاسيسهم وأكد لهم المنطق والعقل العلمي وجوده. وقد قامت مجلة
Le Nouvel Observateur الفرنسية الأسبوعية بتحقيق لدى العلماء
الفرنسيين فأكتشفت أن الغالبية العظمى منهم يؤمنون بالله. ونشرت أيضاً مؤسسة
جيوفاني أنييلي الإيطالية نتائج مماثل لدى العلماء الإيطاليين. ويؤكد عالم الفلك
الإنجليزي فريد هُويل
Hoyle وهو عقل من أكثر العقول ابتكاراً في القرن العشرين أن العالم
والإنسان في وسطه لا يمكن أن يكونا ثمرة المصادفة والضرورة. وقال أيضاً ” إن
اكتشاف كل جزء جديد، سواء كان ال (واو
W) أو (الصفر Zero) يظهر هندسات لا تخطر ببال وانسجامات رياضية رائعة الجمال. فقوانين
الفيزياء ترعي نظاماً وتماسكاً عظيمين جداً، حتى يكاد أن يكون عدم التفكير في وجود
تصميم مستحيلاً “. ويفسر الأستاذ أنطونيو زيكيكي، وهو واحد من أعظم علماء
الذّرة اليوم تركيب المادة قائلاً ” إن الذي صنع العالم كما يقول أينشتاين،
لم يكن بوسعه أن يُحسن اختياراته أكثر من ذلك “(55).

 ويقول
أرنو بنزياس مكتشف المُحَتَمل لميلاد العالم – الانفجار العظيم – والفائز بجائزة
نوبل العام 1978م لعلم فيزياء الفلك، أنه ما من شيء ثابت ونهائي في العلم أبداً.
ثم قال – مخاطباً الله ومستخدما قول المزمور الثامن – أن السؤال الذي أسأله لنفسي
هو: ” من هو الإنسان حتى تذكره ” (مزمور 8)(56)!!

2 –
أسباب ظهور هذه الحركات والمذاهب الفكرية والفلسفية:

(1) وراثة الفكر الأوربي للفكر الإغريقي الذي يصور عداء الآلهة
للإنسان والذي يتجسد في أسطورة
برومثيوس (إله
الصناعة والعلم) التي تقول أنه قام بسرقة النار من الآلهة وأعطاها للهالكين
(البشر) حتى يستعملوها فأثار غضب زيوس، إله السماء والرعد، وعاقبه بربطه إلى صخرة،
ثم أطلق عليه عقابا أو نسرا اسمه ” إثون “، يأكل كبده في النهار ويقوم زيوس بتجديدها في الليل. في النهاية قام هيراكليس بتحريره، وعاد إلى
أوليمبوس(57). ويعتبر الإغريق قيامه بتقديم النار
للبشر دليل على كونه من المساهمين في الحضارة الإنسانية. وقد صار لهذه الأسطورة
تأثيرها الكبير على الفكر الأوربي وكانت محور الكثير من المسرحيات والتمثيليات
والقصص التي تقف مع الإنسان المظلوم ضد الآلهة القاسية المتجبرة.

(2) الأهواء
والطمع والكبرياء والغرور والانجراف الشديد للشهوات. فالذين ينقادون لأهوائهم
وشهواتهم ينظرون لله ونواميسه كعائق في سبيل إشباعها وتحقيقها، والمتكبرون
والمختالون بأنفسهم يتصورون أن الدين والله حجر عثرة أمام ميولهم ورغبتهم في
التحرر من أي قيد! يقول الفرنسي لا بروير ” أود لو أرى إنساناً عفيفاً،
متزناً، معتدلاً ينكر الله، فيكون على الأقل، خالي الغرض والمصلحة، ولكن التاريخ
لم يسجل إلى الآن شيئاً من ذلك “. ويقول العالم باسكال ” يقول الملحد: لو
كان لي إيمان لتركت الملذات، وأنا أقول لك: أهجر الملاذ تجد الإيمان “(58).
ويقول فولتير ” أن الملحد الماكر، الناكر الجميل، المفتري، قاطع الطريق،
وسفاك الدماء يسلك وفق مبادئه إذا كان متأكداً من سهو وعفو البشر. فإذا حذف اسم
الله من الوجود، فهذا المسخ يكون إله نفسه، فأنه يضحي لهواه بكل ما يبتغي أو بكل
ما ينتصب عائقاً أمامه، والصلوات الأشد رقة، والبراهين الأكثر تماسكاً ليس لها عمل
في قلبه، كما ليس لها عمل في قلب جائع إلى سفك الدماء. فمن الثابت أن الإلحاد يدفع
بالبشر إلى جميع الجرائم في عواصف الحياة العامة “(59).

(3) الصراعات الدينية بين الطوائف المسيحية، خاصة بين الكاثوليك
والبروتستانت ؛ فقد ثارت صراعات دينية في القرنين السادس عشر والسابع عشر أحدثت
انقساماً كبيراً في أوربا بين مختلف الطوائف من كاثوليك وبروتستانت فتأثر الكثيرون
بسبب هذه الحروب التي كان يدافع فيها كل واحد منهم عن عقيدته بكل ثقة وقوة معتقدا
أنها العقيدة الأصح!! يقول المفكر الإنجليزي فرنسيس بيكون (1561 – 1626م) ”
أن أسباب الإلحاد هي الانقسامات، إذا كانت كثيرة، لأن أي انقسام أساسي يلهب حماسة
الفريقين كليهما وغيرتهم، ولكن الانقسامات الكثيرة تقود إلى الإلحاد “(60).

(4) بداية عصر النهضة العلمية ومقاومة رجال الكنيسة الغربية لها
لتأثرها بفلسفة أرسطو على حساب العلم والكتاب المقدس، فعارضت كوبرنيكوس الذي ولد
في بولندا سنة 1473م وجالليوا اللذين قالا بثبات الشمس ودوران الأرض والكواكب
حولها!! مما جعل البعض يتصور أن الدين يتعارض مع العلم!!

(5) الظلم الاجتماعي الذي كان سائداً في القرون الوسطى فقد كانت معظم
الأرضي الزراعية يملكها النبلاء والكنيسة الكاثوليكية في حين أن العاملين في هذه
الأرضي لا يستطيعون التصرف إلا في 50% فقط من دخلهم وكانوا يعانون من كل شيء. وهذا
جعل البعض يتصور أن الدين يساند الأغنياء ضد الفقراء!!

(6) سلطة الكنيسة الغربية وصراعاتها مع أباطرة ألمانيا وبريطانيا
والتي أدت إلى انفصال الكنيسة في بريطانيا عن الكنيسة الكاثوليكية وأسمت نفسها
بالإنجليكانية تحت رآسة ملك أو ملكة إنجلترا، وظهور البروتستانتية كحركة إصلاح لما
كان يسود الكنيسة الكاثوليكية من أخطاء مثل حرمان الشعب من قراءة الكتاب المقدس
وصكوك الغفران 00الخ، مما فتح المجال على مصراعيه لكل فرد أو جماعة تفسر الكتاب
المقدس حسب هواها بعيدا عن التسليم الرسولي.

 وقد أدى كل ذلك إلى إنكار البعض للإعلان الإلهي والوحي والكتب الموحى
بها ورفض التقليد والتسليم الرسولي المسلم مرة من المسيح لتلاميذه ومن تلاميذه
ورسله لخلفائهم 00 الخ.

3 – القول بالتحريف عند الأخوة المسلمين معناه وأسبابه:

1 – ما هو التحريف؟ التحريف
كما أصطلح علماء المسلمين هو تحريف الكلام بمعنى تفسيره على غير معناه بدون دليل
وإعطاؤه معنى يخالف معناه الحقيقي. ويعني اصل التحريف في اللغة تبديل المعنى(61).
والتحريف اصطلاحاً له معانٍ كثيرة منها: التحريف الترتيبي: أي نقل
الآية
من مكانها إلى مكان آخر. ومنها تحريف المعنى وتبديله إلى ما يخالف ظاهر
لفظه، وهذا يشمل التفسير بالرأي، وكل من فسر الكلام بخلاف حقيقته وحمله على غير
معناه فهو تحريف. ومنها تحريف اللفظ: وهو يشمل الزيادة أو النقص، والتغيير
والتبديل
.

أولاً: التحريف بالزيادة: بمعنى
أنّ بعض الكتاب ليس من كلام الكتاب الأصلي.

1- الزيادة في الآية بحرف أو اكثر.

2- الزيادة في الآية بكلمة أو أكثر.

3- الزيادة في جزء من الكتاب.

4- الزيادة في مجموع الكتاب.

ثانيأً: التحريف بالنقص: بمعنى
أنّ بعض الكتاب لا يشتمل على جميع ما كتبه الأنبياء بالروح، بأنْ يكون قد ضاع بعضه
إمّا عمداً، أو نسياناً، وقد يكون هذا البعض حرفاً أو كلمةً أو آية أو جزءاً من
الكتاب.

1- النقص في الآية بحرف أو اكثر.

2- النقص في الآية بكلمة أو اكثر.

3- النقص في جزء واحد.

4- النقص في مجموع الكتاب.

 أي التحريف في تبديل كلمة بدل أخرى، التحريف في تبديل حرف بآخر،
التحريف في تبديل حركة بأخرى.

هذا معنى التحريف وأقسامه كما عرفها وبينها علماء المسلمين.

والسؤال هو: هل ينطبق معنى التحريف هذا على أسفار الكتاب المقدس؟ وأن
كان البعض يتصور ويزعم حدوث ذلك فهل يستطيع الإجابة على الأسئلة التالية؟

(1) متى حُرف الكتاب المقدس؟ وفي إي عصر تم التحريف؟

(2) هل تم التحريف قبل القرن السادس الميلادي أم بعده؟

(3) من الذي حرف الكتاب المقدس؟

(4) أين حُرف الكتاب المقدس؟ وفي أي بلد من بلاد العالم؟

(5) لماذا حُرف الكتاب المقدس؟ وما هو الهدف من ذلك؟

(6) هل يستطيع أحد أن يقدم دليلاً تاريخياً على هذا الزعم؟

(7) أين نسخة الكتاب المقدس الغير محرفة؟ وما هي النصوص التي حُرفت؟
وكيف تستطيع أن تميز بين ما حرف وما لم يحرف؟

(8) كيف تم التحريف؟ وهل كان في إمكان أحد أن يجمع جميع نسخ العهد
القديم والتي كانت موجودة مع اليهود والمسيحيين، و جميع أسفار العهد الجديد التي
كانت منتشرة في عشرات الدول ومئات المدن وألوف القرى، سواء التي كانت مع الأفراد
أو التي كانت في الكنائس، ثم يقوم بتحريفها وإعادتها إلى من أُخذت منهم؟

 ولم يقل أحد قط من المسيحيين سواء من المستقيمين في العقيدة أو
الهراطقة بتحريف الكتاب المقدس عبر تاريخ الكتاب المقدس والمسيحية. وبرغم ظهور
الفرق المسيحية المختلفة، سواء في القرون الأولى أو في العصور الحديثة، وظهور
البدع والهرطقات عبر تاريخ المسيحية، واختلافها وتباينها في الفكر والعقيدة حول
شخص وطبيعة الرب يسوع المسيح، فلم تقل فرقة واحدة أو مجموعة من المجموعات بتحريف
الكتاب المقدس.

 وقد كان كل من رجال الكنيسة والهراطقة علماء في الكتاب المقدس، وقد
درسوا كل كلمة فيه وحفظوها عن ظهر قلب وكان لدى كل منهم نسخته الخاصة من الكتاب
المقدس. وقد عُقدت المجامع المكانية والمسكونية ودارت فيها مناقشات حامية حول
مفهوم كل منهم لآيات نفس الكتاب المقدس الواحد، فقد اختلفوا حول تفسير بعض آياته
ومفهوم كل منهم لها، وجعل بعضهم آياته تخدم أفكاره الخاصة، ولكنهم جميعاً آمنوا
بوحي واحد لكتاب مقدس واحد معصوم من الخطأ والزلل.

 كما لم يقل أحد من اليهود بتحريف الكتاب المقدس، وكان قد أنضم إلى
المسيحية المئات من كهنة اليهود في السنوات الأولى للبشارة بالإنجيل، يقول الكتاب
وكانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جدا في أورشليم وجمهور كثير
من الكهنة يطيعون الإيمان
” (أع7: 6). كما دارت مناقشات حامية بين
اليهود والمسيحيين حول ما جاء عن المسيح من نبوات في العهد القديم آمن بسببها
الآلاف منهم وصاروا مسيحيين (أع2: 17-4).

 ومن اشهر المناقشات في القرن الثاني الحوار الذي دار بين يوستينوس
الشهيد وتريفو اليهودي، واعتمد كلاهما على آيات نفس الكتاب المقدس الواحد، العهد
القديم، ولم يتهم أحدهما الآخر بتحريف الكتاب المقدس إنما اختلفا في التفسير
والتطبيق. وبرغم ظهور آلاف الترجمات للكتاب المقدس فقد تُرجمت جميعها من النص
الأصلي، العبري والآرامي الذي كتب به العهد القديم، واليوناني الذي كتب به العهد
الجديد، ولدينا له مخطوطات ترجع لأيام الرب يسوع المسيح وأيام رسله الأطهار.

(2) الأخوة المسلمون والقول بتحريف الكتاب المقدس وأسبابه:
يقول هؤلاء بتحريف الكتاب المقدس، التوراة والمزامير (الزبور)
والإنجيل، برغم شهادة القرآن له وقوله أنه منزل من عند الله وأنه كلام الله ووحيه
المنزل على الأنبياء من موسى إلى المسيح، بل ويعترف القرآن أن هذه الكتب كانت مع
نبي المسلمين ” بين يديه ” وأنه جاء مصدقاً لها ومهيمناً عليها!!
والسؤال هنا هو ؛ لماذا يقول هؤلاء بتحريف الكتاب المقدس؟

 والإجابة هي أن هذا القول جاء كمحاولة لإيجاد مخرج للخلاف القائم بين
العقائد الجوهرية لكل من المسيحية والإسلام! ومن ثم فلم يقل أحد بتحريف الكتاب
المقدس قبل العصور الوسطى وانتشار الإسلام في الأوساط المسيحية وذلك للأسباب
التالية:

1 – شهادة القرآن للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد (التوراة
والزبور [ المزامير ] والإنجيل) على أنه كلمة الله الموحى بها وأنه هدى ونور، ولكن
وجود اختلاف في العقائد الجوهرية بينهما أدى إلى القول بتحريف الكتاب المقدس!

2 – الاعتقاد بأن الكتاب المقدس بشر بنبي آخر يأتي بعد المسيح وعدم
وجود ذكر لهذه البشارة المفترضة في الكتاب المقدس بعهديه. وأن كان البعض قد لجأ
لتطبيق بعض النبوات التي تنبأ بها أنبياء العهد القديم عن شخص المسيح الآتي
والمنتظر، وكذلك إعلان الرب يسوع المسيح لتلاميذه عن إرسال الباراقليط الروح القدس
عليهم في يوم الخمسين، على أنها هي البشارة التي قيل عنها(62)!

3 – الاعتقاد بأن الإنجيل الذي نزل على المسيح هو إنجيل واحد لا أربعة،
وأنه ليس أسفار العهد الجديد التي كتبها تلاميذه ورسله!!

4 – الاختلاف حول عقيدة تجسد المسيح وصلبه وفدائه للبشرية بتقديم ذاته
فدية عن خلاص العالم كله والتي هي محور الكتاب المقدس بعهديه ” فان كلمة
الصليب
عند
الهالكين
جهالة وأما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله

(1كو18: 1).

5 – الاختلاف حول عقيدة لاهوت المسيح وظهوره في الجسد ووحدته مع الآب
والروح القدس، عقيدة وحدانية الله الجامعة، الآب والابن والروح القدس، كالموجود
بذاته = الآب، والناطق بكلمته = الابن، والحي بروحه = الروح القدس.

6 – وذلك إلى جانب بعض الاختلافات الأخرى سواء العقيدية أو التشريعية
مثل طبيعة الحياة بعد الموت، في العالم الآخر ” لأنهم في القيامة لا
يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء
” (مت30: 22)،
لان ليس ملكوت الله أكلا وشربا. بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس
” (رو14: 17)، وقيام المسيحية على أساس الحب بلا حدود ولا قيود، محبة الأخوة
بعضهم لبعض ” وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا. كما أحببتكم أنا
تحبون انتم أيضا بعضكم بعضا
” (يو34: 13)، ومحبة الأقرباء، ” تحب
الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك
” (لو27: 10)، بل ومحبة الأعداء ” وأما أنا فأقول لكم احبوا أعداءكم.
باركوا لاعنيكم. احسنوا إلى مبغضيكم. وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم
” (مت44: 5).

7 – وكذلك تصورهم أن الكتاب المقدس لابد وأن يكون قد نزل دفعة واحدة
على كل من موسى والمسيح!! ويصرون في نقدهم للكتاب المقدس على التمييز بين ثلاث
نقاط في الوحي الإلهي ورسالة كل نبي هي ؛

ا كلام الله الذي نطق به مباشرة، مثل الوصايا العشر.

ب – كلام النبي الذي تكلم به من ذاته، مثل حديث إيليا مع الشعب ”
فتقدم إيليا إلى جميع الشعب وقال حتى متى تعرجون بين الفرقتين أن كان الرب هو الله
فاتبعوه وأن كان البعل هو الله فاتبعوه ” (1مل 21: 18)، (وهذا ما يسمونه
بالحديث النبوي أو بأقوال النبي).

ج – تسجيل المؤرخين لأعمال النبي وأقواله وسيرة حياته وعمل الله من
خلاله، مثل تسجيل أحاديث الله مع موسى النبي وحوارات موسى مع هارون والشعب وفرعون
والضربات العشر وتفاصيل الخروج من مصر في سفر الخروج، (وهذا

ما يسمونه بتاريخ البنوة أو السيرة الذاتية للنبي ورسالته أو السيرة
النبوية).

 ويتصور هؤلاء أن الكتاب المقدس الموجود حالياَ هو أقرب لسجلات
المؤرخين وأن أسفاره هي ما كتب عن موسى وعن داود وعن الرب يسوع المسيح، ويؤمنون
بأن هناك توراة أصلية نزلت على موسى وزبور أصلى نزل على داود وإنجيل أصلى نزل على
المسيح، كما يؤمن غالبيتهم بان هذه الأسفار الموجودة حالياً قد أصابها التحريف
والتبديل والتعديل.

 ثم تطور هؤلاء في نقدهم للكتاب المقدس بدرجة كبيرة ابتداء من القرن
التاسع عشر بعد أن وصلت إليهم كتابات مدارس النقد الإلحادية بمذاهبها وأفكارها
المختلفة، خاصة مدارس النقد الألمانية، وتغير أسلوبهم في نقد الكتاب المقدس
فترجموا كتب النقاد المختلفة واستخدموها في المناظرات والكتب التي تهاجم المسيحية،
وكانت البداية في الهند عندما جرت المناظرات بين هؤلاء وبين بعض رجال الإرساليات
التبشيرية هناك والتي كان يتصور كل طرف في نهايتها أنه هو الذي خرج منتصراً!! ومن
ثم فقد كتب هؤلاء عشرات الكتب في نقد الكتاب المقدس مستعينين بنفس كتابات وأفكار
ونظريات النقاد بكل أنواعها واتجاهاتها ولا يزالون، وذلك على الرغم من أن معظم
أفكار هذه الكتابات تناقض عقائدهم وإيمانهم بأنبياء مثل إبراهيم وأسحق ويعقوب
وموسى والرب يسوع المسيح 00 الخ كما كتبت العشرات بل والمئات من الكتب في الدفاع
عن الكتاب المقدس ولا تزال.

 والسؤال الآن هو ما مدى حقيقة وصحة هذه الادعاءات التي تشكك في
الكتاب المقدس وتدعي تحريفه؟!



(1) Wikipedia, Baruch
Spinoza.

(3) الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل ” حكمة
الغرب ” ج 2 : 82
. عالم المعرفة، ترجمة د. فؤاد زكريا.

(4) مقالة في اللاهوت والسياسة 1 : 83
و 87 و 92.

 

(5) ول ديورانت
” فلسفة الحضارة ” ترجمة د. فتح الله محمد المشعشع ص 204 و205.

(6) Norman L. Geisler,
Beware of Philosophy
, A Warning To
Biblical Scholars p. 2.

(9) Catholic
Encyclopedia
, Deism &
Jewish Ency. Deism
&
Wikipedia,
Deism
, FAQ About Deism & The Internet
Encyclopedia
. Of philosophy P English Deism.

(10) Wikipedia. First cause.

 

(12) Frederick
Edward
, What Is humanism. www. Jcn.com/ humanism. html

(14) Wikipedia
Empiricism

(15) جون لوك John Lock (1632 –
1704م). الذي أعلن أن جميع أنواع المعرفة تأتينا من التجارب عن طريق حواسنا وأن لا
شيء في العقل سوى ما تنقله له الحواس. وقال أن العقل يكون عند ولادة الطفل كالصفحة
البيضاء خالياً من كل شيء. وتأخذ الحواس في الكتابة على هذه الصفحة بوسائل كثيرة.
إلى أن تلد الحواس الذاكرة والذاكرة تلد الآراء (ول ديورانت ” فلسفة الحضارة
” ص 320). أي بناء المعرفة على التجربة وحدها. معنى هذه أننا لا نعرف شيء إلا
عن المادة فقط أما ما هو وراء الطبيعة فلن نعرف عنه شيء!! ومع هذا فقد ظل مسيحياً
يؤمن بالوحي ولكن إيمانه كان مستقلاً عن الكنائس (برتراند راسل ج 2 : 13).

(16) جورج باركلي George Barkley (1685 -1753م) الذي أنكر المادة ولم يعترف بوجود شيء إلا حقيقة
واحدة هي التي يحسها في نفسه وهي العقل(فلسفة الحضارة 321) !! فناقض بذلك جون لوك.
وقال بأن وجود أي شيء يساوى كونه مدركاً (راسل ج 2 : 121).

(17) دافيد هيوم David Hume (1711 – 1776م) الذي قال بشيء مختلف وهو أننا نعرف العقل فقط كما
نعرف المادة عن طريق الإحساس. أننا لا ندرك العقل بالحواس إطلاقا كذات مستقلة على
الرغم من أنه داخلي في هذه الحالة. وكل ما ندركه أو نشعر به هو مجرد أراء منفصلة
وذكريات ومشاعر إلى آخر ما هناك. أن العقل ليس جوهراً أو عضو له آراء، أنه اسم فقط
لسلسلة من الآراء. أن المشاعر والذكريات والاحساسات هي العقل (فلسفة الحضارة 322).

(18) Norman L.
Geisler, Beware of Philosophy,
A Warning To Biblical Scholars p. 2 & A Jurisprudential Analysis Of Hume’s
In Principle Argument Against Miracles p, 1.

(20) إ. م. بوشنسكي
” الفلسفة المعاصرة في أوربا ” عالم المعرفة ترجمة د. عزت قرني ص 86.

 

(21) راسل 2 : 144. أحد رواد الفلسفة المادية
وكان يرى أن على الفلسفة أن تكون عملية في جوهرها، فهي ينبغي أن تستخرج أحكامها من
علوم الطبيعة، وليس من الدين أو الأخلاق، كما يجب أن يكون المثل الأعلى للفلسفة
علمياً.

(22) Wikipedia,
Pantheism.

(23) وهي كلمة يونانية pan = كل، و theos = الله Wikipedia Panentheism

(24) الفيلسوف الفرنسي فولتير Voltaire(1694 – 1778) الذي لم يؤمن بوجود الروح وقال
” لا أحد يفكر في إعطاء نفس للبرغوث، فكيف يمكن أذن أن يكون هناك نفس خالدة
للفيل أو القرد أو خادمي ؟ والجنين الذي يموت في رحم أمه عندما تنبعث فيه روح، هل
سيبعث مرة ثانية جنيناً، أم ولداً، أم رجلاً ؟ ولتبعث مرة ثانية، وتكون نفس الشخص
الذي كنت عليه، ينبغي أن تكون ذاكرتك سليمة وحاضرة تماماً، لأن الذاكرة هي التي تعطيك
ذاتك فأن ضاعت ذاكرتك، كيف يمكنك أن تكون نفس الشخص ؟ ” (فلسفة الحضارة، ص
300).

 ولكنه غير رأيه في الأيام الأخيرة، واصبح يعتقد بأن الإيمان بالله
ليست له قيمة أخلاقية كبيرة ما لم يكن مقروناً بالإيمان بالخلود والثواب والعقاب
” ولابد للبلد ليكون صالحاً أن يكون له دين. أريد من زوجتي وخياطي ومحامي أن
يؤمنوا بالله وبذلك يقل غشهم وسرقاتهم لي. وإذا كان لا وجود لله يجب علينا أن
نخترع إلهاً، لقد بدأت أعلق أهمية أكثر على السعادة والحياة الحقيقة “(فلسفة
الحضارة ص 301 & راسل 2 : 49)!! وقال أيضاً ” أن هذا العالم يحيرني ولا
يمكن أن أفهم أن هذه الساعة (هذا العالم) تدور بدون أن يكون لها ساعاتي ”
(الأب جبرائيل فرج البولسي ” الله – حقيقة أم خيال ؟ ” ص 196).

(25) وظهر جان جاك روسو Jean Jacques
Rousseau
في فرنسا (1712
– 1778) ليدافع عن المشاعر في

مقابل العقل، ورأى، في ميدان الأخلاق، أن مشاعرنا الطبيعية تهدينا إلى
الطريق الصحيح، في حين أن العقل يضللنا (راسل 2 : 154 و 155). ووقف وحده في فرنسا
يحارب المادية ويكافح الإلحاد الذي جاء به عصر التنوير، وكان خلاصة ما جاء به هو
أنه على الرغم من العقل يتجه اتجاها معاديا للإيمان بالله والدين والخلود، فأن
الشعور يؤيدها تأييداً كبيراً. لماذا لا نثق إذاً بشعورنا الفطري هنا بدل أن
نستسلم إلى يأس الشك المجدب الذي يسوقنا إليه العقل (فلسفة الحضارة، ص 324و325)؟
وقال ” إذا كانت المادة المحركة تكشف عن إرادة، فأن المادة المحركة وفق بعض
القوانين، تدلني على عقل (الله – حقيقة أم خيال ؟ ” ص 196). ولكنه لم يؤمن
بالأديان.

(26) عمانوئيل كانت (Emmanuel Kant) (1724-1804) : الذي نادى بأن العقل لا يوجد
دليل كاف على وجود الله وأن الدين لا يجوز أن يقوم على أساس منطق العقل النظري.
ويجب أن يقوم على العقل العملي للشعور الأخلاقي. وأن أي كتاب من الكتب المقدسة وكل
ما ينزل به الوحي، يجب أن يحكم عليه بما له قيمة أخلاقية، ولا ينبغي أن يكون هو
الحاكم أو القاضي الذي يرجع إليه في القانون الأخلاقي. أن قيمة الكنائس والمعتقدات
الدينية تكون بمقدار ما تعاون الجنس البشري على التطور والرقي الأخلاقي، أما إذا
تحول الدين إلى مجموعة من المراسيم والعقائد والطقوس الشكلية وعلق الناس أهمية
بالغة على هذه الطقوس وفضلوها على الناحية الأخلاقية التي جاء بها الدين وجعلوا
الطقوس امتحانا تقاس به الفضيلة فهذا يعني انتهاء أمر الدين وزواله. أن الكنيسة الحقيقة
هي جماعة من الناس مهما بلغ تفرقهم وانقسامهم يجمعهم ويوحدهم قانون أخلاقي مشترك.
وقد عاش المسيح ومات لتأسيس مثل هذه الجماعة. لقد أسس المسيح هذه الكنيسة الحقيقية
للقضاء على نفاق ورياء رجال الدين ومراسيمهم وطقوسهم الشكلية، ولكن ظهر بيننا طبقة
كهنوتية من رجال الدين والقساوسة بطقوسهم ومراسيمهم الدينية التي طغت على فكرة
الديانة المسيحية الأصيلة (ول ديورانت ” فلسفة الحضارة ” ص 356).

 ويقول الفيلسوف برتراند راسل ” أن ما يأخذه كتاب نقد العقل
الخالص ” على عاتقه هو أن يضع للمعرفة حدوداً من أجل إفساح المجال للإيمان.
فوجود الله لا يمكن معرفته كحقيقة نظرية، ولكنه يفرض نفسه بوصفه إيماناً بناء على
أسباب عملية ” (راسل 2 : 168). ثم عاد كانت في كتابه الثاني إلى أحياء فكرة
الله وحرية الإرادة والخلود التي دمرها في كتابه الأول. ويلخص لنا د. زكريا
إبراهيم فكره هذا في ثلاث عبارات:

(1) إن الإنسان لا يستطيع أن يؤدي واجبة، الّلهم إلا إذا كان حُراً.

(2) إن الإنسان لا يستطيع أن يحقق القداسة، الّلهم إلا إذا كان خالداً.

(3) أن الإنسان لا يستطيع أن يرقى إلى مستوى الخير الأعظم، الهم إلا
إذا كان الله موجوداً. ولكن هذه الصادرات الثلاثة ليست مجرد افتراضات ضرورية
عملياً (د. زكريا إبراهيم ” كانت أو الفلسفة النقدية ” ص 215).

(28) ونادى هيجل (1770 -1831م) بالفلسفة المثالية وقال بفلسفة
التاريخ وأن التطور التا
ريخي أشبه بأرجوحة في صعودها وهبوطها،
وقال أنه من المستحيل فهم أي جزء من العالم ما لم ينظر إليه في إطار الكون ككل،
ومن ثم فأن الكل هو الحقيقة الوحيدة (راسل 2 : 189).

(29) Norman L.
Geisler, Beware of Philosophy,
A Warning To Biblical Scholars p, 7.

 

(30) راسل 2 : 204.

(32) د. يسري
إبراهيم ” نيتشه عدو المسيح ” ص 114 و 115.

(33) هارون يحي خديعة التطور الأنهيار العلمي
لنظرية التطور وخلفياتها الأيديولوجية ” ص 31
، وبرتراند
راسل ” الدين والعلم ” ترجمة رمسيس عوض ص 66 و67، دار الهلال.

(36) أنظر تشارلز داروين ” أصل الأنواع
” ترجمة إسماعيل مظهر ص 49 و50
، وأيضاً ” أصل الأنواع
” ترحمة مجدي محمود المليجي، و خديعة التطور ص 8 و9.

(41) Norman L.
Geisler, Beware of Philosophy,
A Warning To Biblical Scholars p, 6.

(43) أنظر كتاب ” النبي موسى وديانة التوحيد
لسيجموند فرويد ترجمة د. عبد المنعم الحفني ابتداء من ص 135.

(51) كوستي بندلي ” إله الإلحاد
المعاصر. كما أثرت نظرية داروين على ماو تسي تونج الذي أسس الحزب الشيوعي في الصين
وقتل ملايين الأشخاص لتحقيق الشيوعية !! وكان مجموع ما قُتل في البلاد الشيوعية
حوالي 120 مليون شخص طوال القرن العشرين !! أي أن نظرية دارون تسببت في أكبر كارثة
وقعت سطح الأرض بتحطيمها للدين والقيم وسفكها للدماء!!

(52) وليم كامبل ”
القرآن والكتاب المقدس في نور العلم والتاريخ جـ 3 ف 1.

(54) فقد ” تعمقت تكنولولوجيا القرن العشرين في أصغر جسيمات
الحياة وكشفت أن الخلية هي أكثر النظم التي واجهتها البشرية
تعقيداً.
ونحن نعلم – اليوم – أن الخلية تحتوي على محطات لتوليد الطاقة تنتج الطاقة التي
تستخدمها الخلية، ومصانع تصنع الأنزيمات والهرمونات اللازمة للحياة، وبنك معلومات
تسجل فيه المعلومات الضرورية حول جميع المنتجات التي سيتم تصنيعها، ونظم نقل وخطوط
أنابيبٍ معقدة لحمل المواد الخام والمنتجات من مكان إلى آخر، ومختبرات ومحطات
تكرير متقدمة لتحليل المواد الخام الخارجية إلى أجزائها القابلة للاستخدام،
وبروتينيات متخصصة تغلف أغشية الخلية لمراقبة المواد الداخلة والخارجة منها 000
ولا تشكل هذه الأشياء سوى جزء صغير من هذا النظام المعقد بدرجة خيالية.
“خديعة التطور ” ص 106 و107.

(57) ويكيبيديا، بروميثيوس.

(61) جاء في القاموس المحيط ” والتَّحْرِيفُ : التَّغْييرُ،
وقَطُّ القَلَمِ مُحَرَّفاً. واحْرَوْرَفَ : مالَ وعَدَلَ، كانْحَرَفَ وتَحَرَّفَ.
وحارَفَهُ بِسُوءٍ : جازاهُ. والمُحارَفَةُ : المُقايَسَةُ بالمِحْرَافِ.
والمُحارَفُ، بفتح الراءِ : المَحْدُودُ المَحْرُومُ. وطاعُونٌ يُحَرِّفُ القُلوبَ
: يُميلُها، ويَجْعَلُها على حَرْفٍ، أي : جانِبٍ وطَرَفٍ “. وجاء في كتاب
العين ” والتحريف في القرآن تغيير الكلمة عن معناها وهي قريبة الشَّبه،
كما كانت اليهود تُغَيِّر معاني التَّوْراة بالأشباهِ
“.

 وقال الزمخشري : آي على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه. وهذا مثل
لكونهم على قلق واضطراب في دينهم، لا على سكون وطمأنينة كالذي يكون على طرف العسكر،
فان أحس بظفر وغنيمة قر واطمأن، والا فر وطار على وجهه. (راجع الكشاف 2 :146.
الإتقان للسيوطي 4 : 210. التبيان للطوسي 1 : 24).

 وقيل أيضا : تحريف الكلام : تفسيره على غير وجهه، آي تأويله بما لا
يكون ظاهراً فيه تأويلات من غير دليل. والتحريف هو أيضا تحميل اللفظ على معنى
يخالف ظاهره من غير أن يقوم دليل إرادة هذا المعنى.

 قال الراغب الاصفهاني : وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال
يمكن حمله على الوجهين (راجع مفردات الراغب 112). وهذا يعني أن اصل التحريف في
اللغة يراد به تبديل المعنى وبهذا المعني جاء في القران ” يحرفون الكلام عن
مواضعه ” (مائدة 13 ونساء 46).

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى