اللاهوت الدستوري

القانون الحادى عشر



القانون الحادى عشر

القانون
الحادى عشر

نص القانون الحادى عشر

ان الذين سقطوا دون اكراه وبدون سلب اموالهم ومن غير ان يتعرضوا
لخطر او ضيق في اثناء اضطهاد ليكينيوس فالمجمع يعلن انهم، وان كانوا لا يستحقون
الشفقة، فيجب ان يعاملوا بلطف. فالذين يتوبون ممن كانوا من المؤمنين سابقاً توبة
صادقة يفرض عليهم ثلاث سنوات مع السامعين وسبع سنوات مع الراكعين وسنتان مع
المشتركين في الصلوات دون ان يحق لهم الشركة في القربان المقدس.


قوانين قديمة مشابهة:

(انقيره 6، بطرس 3، باسيليوس 73 و81، غريغوريوس النيسسي 2)

 

خلاصة قديمة للقانون

كل الساقطين غير مكرهين وان كانوا لا يستحقون التساهل يجب ان يعاملوا
ببعض الرأفة ويجب ان يبقوا مع الراكعين اثنتي عشرة سنة.


شروحات للقانون

1- لامبرت

ان
المكان الذي اعتاد السامعون ان يقفوا فيه كان داخل باب الكنيسة. ولكن زونارس،
ويقرّه بلسامون على رأيه، يقول: ” قد فرض عليهم ثلاث سنوات مع السامعين اي ان
يقفوا في النارثكس خارج الكنيسة”.

 

2- البيذاليون

ان
ليكينوس زوج قسطندية، اخت قسطنطين الكبير، ذا المنزلة الثانية بعد قسطنطين نفسه,
اخذت الغيرة تأكل قلبه فأثار على كنيسة الله حرباً عواناً. واخذ يطرد المسيحيين من
منازلهم ويجرد ضباط الجند من رتبهم اذا رفضوا تقديم الذبائح للاوثان (افسابيوس،
تاريخ الكنيسة 10: 8 وسيرة قسطنطين 1: 54). ولكن قسطنطين الكبير اصدر امراً بعد
موت ليكينيوس بان كل المسيحيين الذين كانوا في خدمة الجندية واضطهدوا في عهد
ليكينيوس وجردوا من وظائفهم بسبب ايمانهم يعطى لهم الخيار في ان يعودوا اذا شاؤوا
الى الخدمة برتبتهم السابقة (افسابيوس: سيرة قسطنطين 2: 33 – تاريخ الكنيسة 1: 1).

 

على
ان بطريرك القسطنطينية ميثوديوس وضع اسلوباً ألطف في قبول الذين سقطوا اثناء
الاسرار والاضطهاد. فمن كان منهم دون سن الرشد فبعد ان يقضي سبعة ايام في سماع
صلوات التوبة يعمّد في اليوم الثامن ويدهن بالمسحة المقدسة ويناول الاسرار المحيية
ويواظب بعد ذلك ثمانية ايام على حضور القداس الالهي والصلوات في الكنيسة. اما
الذين كانوا في سن الرشد والادراك عند انكارهم المسيح اثناء الاضطهاد فيفرض عليهم
ان يصوموا ثمانين يوماً (اي ضعف مدة الصوم الاربعيني) ممتنعين عن اكل اللحم واللبن
والبيض مع امتناعهم ثلاثة ايام كل اسبوع في هذه المدة الاثنين والاربعاء والجمعة)
عن اكل الزيت وشرب الخمر. ويجب عليهم بعد ذلك ان يواظبوا على حضور صلوات التوبة
مدة سبعة ايام وفي اليوم الثامن يعمّدون ويدهنون بالمسحة المقدسة ويتناولون
الاسرار الالهية. اما الذين انكروا المسيح مختارين غير مكرهين فيفرض على كل منهم
ان يصوم مدة سنتين على المثال الآنف ذكره وفي نهاية المدة يركع مئة او مئتي ركعة
ويواظب على صلوات التوبة على ما جاء اعلاه.

 

التأديب العلني في الكنيسة

او اعتراف العلني في العصور الاولى

ان
معظم ما في هذا الفصل مقتطف مما كتبه في الموضوع مورينوس وبنغهام وهاموند
17.


كان في الكنيسة منذ نشأتها نظام تأديب الهي. ففي بدء الصوم الكبير كانت التوبة
التعلنية تفرض على كل من ادين بخطيئة كبرى ويجري عليهم القصاص وهم بعد في هذا
العالم لينالوا خلاص نفوسهم عند مجيء الرب ويصيروا امثلة يستفيد منها الآخرون
فيخشون عواقب الخطيئة “.

 

هذه
الفقرة مأخوذة من خدمة سر المناولة في كنيسة انكلترة وهي تصلح ان تكون مدخلاً لهذا
البحث. وتاريخ فرض التأديب العلني في الكنيسة يقسم الى ثلاثة ادوار يتميز احدهما
عن الآخر. الدور الاول منها ينتهي بظهور شيعة الانقياء (النواطيين) في منتصف القرن
الثاني. ويمتد الدور الثاني الى نحو القرن الثامن. اما الدور الثالث فقد اخذت تشيع
فيه امارات التساهل الى ان تم الغاء نظام التأديب فعلاً في القرن الحادي عشر.
والدور الذي يهمنا البحث فيه الآن هو الدور الثاني عندما كان هذا النظام مرعياً
بمنتهى الدقة.

 

اما
في الدور الاول فلم تكن التوبة العلنية، على ما يظهر، تطلب الا من الذين وقعوا في
” خطايا للموت ” اعني عبادة الاصنام والقتل والزنى. ولكن في الدور الثاني
زاد عدد الخطايا التي للموت زيادة فاحشة ويقول مورينوس: ” ان عدداً وافراً من
الآباء الذين كتبوا بعد عصر اوغسطينوس توسعوا في فرض قصاص التوبة العلنية على كل
الجرائم التي كانت الشرائع المدنية تعاقب عليها بالموت او النفي او بفرض العقوبات
الجسدية الصارمة “. وفي قوانين التوبة المنسوبة الى القديس باسيليوس والى
القديس غريغوريوس النيسسي نجد ما يدل على زيادة عدد الخطايا التي تفرض بسببها
التوبة العلنية.

 

و
منذ القرن الرابع قسم التائبون الى اربعة صفوف. ثلاثة منهم يذكرهم القانون الحادي
عشر من قوانين مجمع نيقية اما الصف الرابع الذي لم ترد اشارة اليه في هذا القانون
فكان يؤلف من المدعوين ” الباكين او النائحين “. ولم يكن يسمح لهذا الصف
ان يدخلوا الى باحة الكنيسة بل كانوا يقفون خارج بوابتها وقد غطوا انفسهم باكياس
الخيش والرماد.

 

و
مما يسعف القارىء على فهم هذا القانون وغيره، حيث يرد ذكر انواع اخرى مختلفة من
التائبين، ان نورد بياناً وجيزاً عن اسلوب هندسة بناء الكنائس قديماً ووصف كل نوع
من صفوف التائبين.

 

كان
في القديم امام كل كنيسة وحولها باحة مكشوفة محاطة باروقة وفي الوسط بركة ماء. وفي
بعض الاحيان لم يكن الا رواق واحد مفتوح. نجد المثال الاول ظاهراً حتى الآن في
كنيسة القديس امبروسيوس في ميلان. ونجد المثال الثاني في كنيسة القديس لورنزو في
رومة. وكان يقف في باحة الكنيسة واروقتها ادنى صفوف التائبين وهم الباكون
النائحون. وقد قال في ذلك القديس غريغوريوس العجائبي: ” يجب ان يكون البكاء
خارج باب الكنيسة حيث يقف الخاطىء ويلتمس من المؤمنين الداخلين الى الكنيسة ان
يصلوا من اجله “.

 

اما
الكنيسة نفسها فكانت مؤلفة داخلا من ثلاثة اقسام عدا الاروقة والباحة الخارجية.
القسم الاول بعد اجتياز الباب الكبير يدعى باليونانية ” نارثكس ” (اي
الدهليز) وهو عبارة عن فسحة ضيقة بعرض الكنيسة ومفصولة عنها. في هذا القسم كان
يسمح بوقوف اليهود والامم والمبتدعين والمنشقين وقد كان يقف فيه ايضاً الموعوظون
ومن بهم مس من الارواح الشريرة. والصف الثاني من التائبين،

 

كان
في القديم امام كل كنيسة وحولها باحة مكشوفة محاطة باروقة وفي الوسط بركة ماء. وفي
بعض الاحيان لم يكن الا رواق واحد مفتوح. نجد المثال الاول ظاهراً حتى الآن في
كنيسة القديس امبروسيوس في ميلام. ونجد المثال الثاني في كنيسة القديس لورنزو في
رومة. وكان يقف في باحة الكنيسة واروقتها ادنى صفوف التائبين وهم الباكون في رومة.
وكان يقف في باحة الكنيسة واروقتها ادنى صفوف التائبين وهم الباكون النائحون. وقد
قال في ذلك القديس غريغوريوس العجائبي: ” يجب ان يكون البكاء خارج باب
الكنيسة حيث يقف الخاطىء ويلتمس من المؤمنين الداخلين الى الكنيسة ان يصلوا من
اجله “.

 

اما
الكنيسة نفسها فكانت مؤلفة داخلا من ثلاثة اقسام عدا الاروقة والباحة الخارجية.
القسم الاول بعد اجتياز الباب الكبير يدعى باليونانية ” نارثكس ” (اي
الدهليز) وهو عبارة عن فسحة ضيقة بعرض الكنيسة ومفصولة
عنها. في هذا القسم
كان يسمح بوقوف اليهود والامم والمبتدعين والمنشقين وقد كان يقف فيه ايضاً
الموعوظون ومن بهم مس من الارواح الشريرة. والصف الثاني من التائبين، وهم
المذكورون في القانون اولاً ويدعون السامعين، كان
يؤذن لهم ان يسمعوا
قراءة الكتب المقدسة ” الرسائل والانجيل ” ثم العظة ويجب ان يخرجوا
حالاً بعد ذلك مع الموعوظين وغيرهم ممن اتينا على ذكرهم آنفا قبل خدمة الاسرار
المقدسة.

 

و
القسم الثاني من الكنيسة هو صحنها وكان يفصل عن النارثكس بدرابزون (حاجز من عوارض
خشبية) له باب في الوسط يدعى الباب الجميل او الباب الملكي. وفي منتصف صحن الكنيسة
ونحو القسم الاول منه نجد المنبر وهو منضدة للقراءة والترتيل يصعد اليه بدرجات،
وفي صحن الكنيسة قبل الوصول الى المنبر وقرب الباب الجميل كان يقف الصف الثالث من
التائبين وهم الركع الخاشعون لانه كان يسمح لهم بالبقاء والاشتراك في بعض الصلوات
التي وضعت لاجلهم. وكانوا قبل خروجهم يركعون وينكبون على جباههم معفرينها في الارض
اذ تقام الصلاة من اجلهم ويضع الاسقف يده عليهم. ويخرج هذا الصف ايضاً عندما يخرج
الموعوظون.

 

و
في الاقسام الاخرى من صحن الكنيسة يقف المؤمنون المسموح لهم بالشركة التامة.
الرجال في ناحية والنساء في الناحية المقابلة. وفي الكنائس جناح مرتفع قائم فوق
الاروقة ويطل على صحن الكنيسة وهو مخصص لوقوف المؤمنات. وكان الصف الرابع من
التائبين ويؤلف من الذين يسمح لهم بالبقاء والوقوف مع المؤمنين بعد خروج الموعوظين
والصفوف الثلاثة الاخرى من التائبين. فالمؤمنون كانوا يقدمون قرابينهم ويتناولون
الاسرار المقدسة اما التائبون فلا يسمح لهم بالشركة، وكثيراً ما دعي هذا الصف في
القوانين ” المشاركين في الصلاة ” او ” الذين لا يؤذن لهم بتقديم
القرابين “. وكان هؤلاء عند انتهاء مدة التوبة يقبلون مع المؤمنين. وما
نشاهده اليوم من مواظبة المؤمنين على حضور القداس الالهي دون تناول القربان الطاهر
هو عادة نشأت في الكنيسة بوجود هذا الصف الاخير من التائبين. والقسم المرتفع
قليلاً في صدر صحن الكنيسة الى الشرق هو الذي صار يدعى القدس او المذبح او الهيكل.
وفيه المائدة المقدسة ووراءها عرش الاسقف والى جانبيه مقاعد الكهنة، والى اليسار
من المائدة مذبح التقدمة الذي تعد فيه الذبيحة الالهية. ويفصل من القدس جانب تحفظ
فيه الاواني المقدسة والحلل الكهنوتية. ويقام بين القدس وصحن الكنيسة حاجز من خشب
او حجر او او رخام يدعى اليوم الايقونسطاس لوجود الصور المقدسة (الايقونات) فيه.
وفي وسط الحاجز باب القدس ولا يجوز لاحد ان يدخل او يخرج منه غير الاساقفة والقسوس
والشمامسة اثناء الخدمة الالهية. وكان يسمح للامبراطور ان يدخل منه ليضع تقدمته
على المذبح ولكنه كان يخرج حالاً وينتظر الى نهاية الخدمة ليتناول الاسرار المقدسة
خارج الباب المقدّس.

 

نجد
في الغرب عدة امثلة من حوادث التوبة العلنية، اما في الشرق فيعسر ايجاد اثار لها
بعد ان الغاها البطريرك نكتاريوس بالغاء وظيفة المؤدب الكبير.

 

و
مع ذلك فالامبراطور الكسيوس كومنينوس الذي استولى على عرش الامبراطور في سنة 1080
قام بتوبة علنية حسب النظام القديم. فكان عمله هذا حادثة فريدة في التاريخ. فقد
دعا الى اجتماع عدداً غفيراً من الاساقفة مع البطريرك وبعض رجال الدين الاتقياء.
وتقدم اليهم بشخصه وقد وضع على نفسه ثوب مجرم خاطىء واعترف امامهم بجريمة اغتصابه
العرش بكل تفاصيلها. فصدر الحكم عليه وعلى شركائه في الجريمة ان يصوموا ويركعوا
معفرين جباههم على الارض وان يلبسوا المسوح ويقوموا بكل ما يفرضه نظام التوبة من
معيشة متقشفة. وقد شاءت نساؤهم ان يشاركونهم في حزنهم وآلام نفوسهم وان لم يكن لهن
يد في ارتكاب جريمتهم. وتحول القصر كله الى مظهر حزن وحداد وندامة علنية. ولبس
الامبراطور المسوح الخشنة تحت طلسانه الارجواني وانطرح متمرغاً على الارض اربعين
يوماً لم يتوسد فيها الا قطعة من حجر
18.

 

و
لقد كانت الندامة العلنية مؤسسة عامة في الكنيسة، على انه لم يطل امدها. ويجب ان
يكون القارىء على حذر فلا يخلط بين هذا النوع من التوبة العلنية والاعتراف السري
الشخصي المرعي حتى اليوم في الكنيسة الجامعة شرقاً وغرباً. ان نكتاريوس بالغائه
وظيفة المؤدب الكبير الذي كان من واجباته ان يعين نوع التأديب العلني على كل خطيئة
ارتكبت سراً
19 كان في القديمقد قضى على نوع من التوبة
يختلف كل الاختلاف عما يفهمه ابناء الكنيسة الجامعة اليوم من سر التوبة “.
والكنيسة الكاثوليكية البابوية تعتقد ان التأديب
العلني على الخطايا قد
الغي لانه شرع انساني، اما سر الاعتراف وقد صدر به امر الهي، فقد ظل معمولاً به
على الرغم من تعديل نظام التأديب في الكنيستين الشرقية والغربية
20.

 

و
مما يدل على تحرر الكاتب الذي استشهدنا بآرائه من كل تحيز ما ننقله الآن للقارىء
من رأى استطرد اليه في بحثه المذكور: ” قد ساد بين الكاثوليك في القرون
الوسطى رأى بأن الاعتراف لله وحده كاف “. وجاء في القانون 33 لمجمع تشالون (
Chalon) في سنة 813: ” ان البعض يؤكدون اننا يجب ان نعترف بخطايانا
لله وحده. وآخرون يقولون انهم يجب ان يعترفوا للكاهن، واتباع اي من الاسلوبين لا
يخلو من فائدة عظيمة في الكنيسة المقدسة. فالاعتراف لله يطهر الخطايا. ولكن
الاعتراف امام الكاهن يعلمنا كيف يجب ان نتطهر من خطايانا “. وكان من هذا الرأى
ايضاً بطرس لومبارد
21.



17 Morinus, De Disciplina in Administratione Sacramenti
Pœnitentice; Bingham، Antiquities ; Hammond, The Definitions of
Faith.

18 Thomassin. Ancienne et Nouvelle Discipline de l’Eglise.
I. Liv. II.

19 Thomassin. Liv. II Chap. Vii & xiii.

20 Addis and Arnold, A Catholic Dictionary,
Sacrament of Penance.

21 Peter Lombard. In Sentent. Lib. Iv. Dist. xvij.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى