اللاهوت الدستوري

القانون السابع



القانون السابع

القانون
السابع

نص القانون السابع

اذ كان من العادات الشائعة والتقاليد القديمة ان الاكرام واجب
لاسقف ايلية
10 (اى اورشليم) فليكن له، مع حفظ
كرامة المتروبوليتية، المقام الثاني في الكرامة.


قوانين قديمة مشابهة:

(الرسل 34، الثاني 2 و3، الثالث 8، الرابع 28، السادس 36)

 

خلاصة قديمة للقانون

ليكرم اسقف ايلية دون ان تمس حقوق المتروبوليت.


شروحات للقانون

1- برسيفال

لا
غرابة في ان المدينة المقدسة يليق لها ان تتمتع بمركز خاص ممتاز بين الكنائس
المسيحية. ويظهر ان من الغرابة بمكان ان تكون هذه المدينة في العصور الاولى كرسياً
تابعاً لكنيسة قيصرية. ولكننا يجب ان نذكر انه بعد نحو سبعين سنة من صلب ربنا دمرت
اورشليم تدميراً كاملاً وحرثت ارضها كما قال النبي. واورشليم كمدينة مقدسة صارت
لمدة سنوات عديدة من حوادث الزمن الخالي. ولم تظهر هناك كنيسة مسيحية قوية نامية
بسرعة نمو المدينة الا في اوائل القرن الثاني وكانت المدينة تدعى اذ ذاك ايليه
كابيتولينا. ومن المحتمل انه نحو نهاية القرن الثاني اخذت فكرة قداسة المكان تضفي
على صاحب الكرسي فيه كرامة خاصة. وعلى كل حال فأفسابيوس يخبرنا انه ” في مجمع
عقد للبحث في موضوع الخلاف على تعييد الفصح في عهد البابا فكتور كان ثيوفيلس اسقف
قيصرية ونارسيسوس اسقف اورشليم رئيسي المجمع ” (تاريخ الكنيسة ك 5 ف 23).

 

فشعور
الاحترام لصاحب الكرسي في المدينة المقدسة هو الذي حمل آباء مجمع نيقية على سن هذا
القانون. وانه ليعسر ان نحدد تماماً ما هو نوع التقدم الذي منح لاسقف ايلية كما
انه ليس هناك ما يدل بوضوح على المتروبوليتية المشار اليها في الفقرة الاخيرة.
واكثر المفسرين هيفيله وبلسامون واريستينوس وبفردج يقولون انها قيصرية في حين ان
زونارس يظن ان المقصود بها اورشليم ويقول البعض انها انطاكية.

 

2-
جريدة المنار

حسب
مقال هذا القانون والذي قبله يكون اسقف رومه الاول واسقف الاسكندرية الثاني واسقف
انطاكية الثالث ثم اسقف ايلية (اورشليم) الرابع في الرتبة بعد الثلاثة.

 

و
يقول يوسيفوس في تاريخه ان ملكيصادق، كاهن الله العلي، بنى هذه المدينة اولاً وبنى
فيها هيكلاً وسماها اورشليم. ويقول الآباء ان الكلمة عبرانية معناها ” رؤيا
السلام “.

 

جاء
نص القانون السابع في جريدة المنار كما يلي: ” بما انه قد قد جرت العادة
والتقليد القديم ان يكرم اسقف ايلية فليستمر له هذا التكريم مع بقاء الرتبة
المختصة بالمتروبوليتية سالمة له “.

 

و
هذه الجملة الاخيرة تدل على ان هذا التكريم ليس شخصياً وجزئياً بل هو مختص
بمتروبوليت اورشليم وينتقل بالتسلسل من السلف الى الخلف. وزعم البعض ان هذا
التكريم لاسقف اورشليم هو بدون سلطة او رتبة، لان هذه يجب ان تحفظ لمتروبوليت
قيصرية فلسطين الخاضعة لها اورشليم حسب نص الفقرة الثانية، والحال ان هذا التفسير
بعيد الاحتمال لان المقصود بالمتروبوليتية هنا اورشليم التي هي منذ القديم
متروبوليتية حسب شهادة المؤرخ يوسيفوس، وفيلون. يقول انها كانت متروبوليتية لاكثر
كور اليهودية وكان لكرسي اورشليم منذ البدء امتياز بطريركي وابرشيات خاضعة له.
وهكذا نرى ان متقدمي الكنائس، لا اسقف قيصرية، قد ساموا زيون اسقفاً على اورشليم.

 

فصل في نشأة بطريركية اورشليم

بقلم برسيفال

ان
تاريخ لخطوات المتتابعة في نشأة كرسي اورشليم ونهوضه من رتبة اسقفية في مدينة
وثنية (ايلية) الى بلوغه
قمة مساواته للكراسي البطريركية الاخرى، هو
تاريخ يؤلم الضمير المسيحي. انه عبارة عن قصة طموح واحتيال. انه ليس من مسيحي يعز
عليه ان تنال المدينة المقدسة الكرامة التي خلعتها عليها الكنيسة في مجمعها. ولكنه
كان يؤثر ان تحصل اورشليم على هذه الكرامة باسلوب آخر غير الذي نالتها به. واذا دققنا
في درس التاريخ، كما وصل الينا، يظهر لنا ان متروبوليت قيصرية كان حتى القرن
الخامس، يتقدم احياناً على اسقف اورشليم وبالعكس. وقد بذل بفردج جهده
ليبرهن ان العالم دي ماركا لم يكن مصيباً في افتراضه ان مجمع نيقية منح اورشليم
كرامة التي لقيصرية، ولكنها تلي في ذلك رومة والاسكندرية وانطاكية. لا ينكر ان
اسقف اورشليم كان يوقع اسمه قبل المتروبوليت الذي هو تابع له. ويرد بفردج على هذه
الحجة بان اثنين آخرين من الآساقفة المعاونين لهذا المتروبوليت كانا يفعلان الشيء
ذاته. وهو يعتقد ان المجمع جعل لاورشليم المركز الثاني في الابرشية، على مثال
المركز الذي للندن في ابرشية كنتربري. ولكن هذا اقل من حقيقة ما منحه المجمع، في
حين ان دي ماركا بالغ في مقدار الامتياز الذي اعطي. ومن الحقائق المثبتة انه،
حالاً بعد ان انفرط عقد المجمع، دعا مكسيموس اسقف اورشليم الى عقد مجمع في فلسطين
بدون ان يؤتى مطلقاً على ذكر لقيصرية. وقد اقام هذا المجمع اساقفة وبرّأ القديس
اثناسيوس. ان الاسقف مكسيموس نال التوبيخ لاقدامه على ذلك، ولكنه اعلن بهذه
الواسطة رغبته في كيفية فهم ما حدده مجمع نيقية. ومع ذلك فهذه القضية لم تسوّ الا
بعد مرور قرن كامل باحتيالات يوفيناليوس اسقف اورشليم
10.

 

ان
يوفيناليوس خلف براييليوس في كرسي اورشليم نحو سنة 420. ولا يمكن تحديد السنة
تماماً. فقد ابتدأت اسقفية براييليوس في سنة 417، ولم تطل مدته اكثر من ثلاث
سنوات. وجاء في ما كتبه كيرلس اسقف سكيثوبولس عن حياة القديس افتيميوس
11: ان

يوفيناليوس
مات في السنة الرابعة والاربعين من اسقفيته (اي في سنة 458). وقد اخطأ في ذلك اذ
جعل بدء اسقفيته في سنة 414 اي قبل اسقفية سلفة بثلاث سنوات. وقد تمتع يوفيناليوس
بمنزلة عالية اثناء الخلافات النسطورية والاوطيخية في منتصف القرن الخامس، ولكن
الدور الذي مثله في مجمعي افسس وخلقيدونية، وفي مجمع ليستريكي في سنة 449 لم يكن،
على شهرته، بالدور اللائق وقل من فاقه من الذين مثلوا ادوارهم في تلك المشاهد
الصاخبة المحزنة، في ما تركه من اثر غير محمود. كان غرض يوفيناليوس الرئيسي في
اسقفيته يدفعه الى ركوب ذلك المركب الخشن وهو رفع رتبة كرسي اورشليم فلا يكون
خاضعاً لغيره، ولا يكون اسقفه معاوناً لمطران قيصرية، بل تكون له الرتبة الرئاسية
العليا في الابرشية. ولم يكن يوفيناليوس ليقنع بلقب متروبوليت بل كان يشتهي الرتبة
البطريركية وهكذا ادعى، خلافاً لكل قانون، السلطة على كرسي انطاكية وحاول ان
يجرّده من البلاد العربية ومن الولايتين الفينيقيتين ويضم ذلك كله الى ابرشيته.
وفي مجمع افسس في سنة 431 اعلن جازماً ان كرسي اورشليم الرسولي هو في رتبة وسلطة
كرسي رومة الرسولي (لابه وكوسارت – المجامع – 3: 642). ولم يتورع في ان يبرز
لاثبات اباطيله صكوكاً مزوّرة (لاون الرسالة 119). ولم يكد يوفيناليوس ينصب اسقفاً
على اورشليم، حتى شرع في اثبات ما يدّعيه من رتبة متروبوليت بالعمل. وفي الرسالة
التي بعث بها الحزب الشرقي للامبراطور ثيودوسيوس احتجاجاً على ما حدده مجمع افسس،
يقولون ان يوفيناليوس الذي يعرفون مطامحه وحيله كل المعرفة، قد سام اشخاصاً في
ابرشيات ليست تحت سلطته (لابه – المجامع – 3: 728). وهذه المحاولة الجريئة في
الغاء ما حدده مجمع نيقية، وفي تزوير التاريخ والتقليد، نظر اليها رؤساء الكنيسة
المسيحية باشد امتعاض. فقد اضطرب كيرلس الاسكندري بسبب هذه الحركة المخالفة
للتقوى، وكتب الى لاونو كان اذ ذاك ارشيدياكون كنيسة رومة، يخبره بما فعل
يوفيناليوس ويرجو منه ان يبذل جهده ليحول دون موافقة الكرسي الرسولي على هذه
الحركة المخالفة للقانون. على ان لاون كان يرى في يوفيناليوس حليفاً قوياً جزيل
الفائدة في حملته ضد نسطوريوس، فلم يكن ليتخلى عنه بسهولة. ولما التأم في افسس،
سمح ليوفيناليوس بدون اقل تأنيب ان يتقدّم على متروبوليت قيصرية، وان يشغل وظيفة
نائب رئيس في المجمع، وهكذا كان ثاني كيرلس نفسه (لابه – المجامع – 3: 445). ولم
تثر ضده مقاومة علنية لاعلانه متعجرفاً انه يتقدم على اسقف انطاكية، ولادّعائه
بانه الثاني بعد رومة لان كرسيه رسولي، وظهر سكون الاساقفة كأنه تسليم صامت بما
يدعيه. وفي المجمع التالي، المجمع اللصوصي المشؤوم، اخذ يوفيناليوس المركز الثالث
بعد ديوسقورس والقاصد البابوي (لابه – المجامع – 4: 109). وعندما اجتمع مجمع
خلقيدونية، كان من القضايا التي عرضت عليه الخلاف على الاولية بين يوفيناليوس
ومكسيموس اسقف انطاكية. وقد طال الجدل في هذا الخلاف وكان عنيفاً حاداً. وانتهى
بتسوية تم الاتفاق عليها في الجلسة السابعة. فقد تنازل يوفيناليوس عن دعواه
بالسلطة على مقاطعتي فينيقية العربية شرط ان يسمح له بالسلطة المتروبوليتية على
مقاطعات فلسطين الثلاث (لابه – المجامع – 4: 613). واهمل الادعاء بالسلطة
البطريركية على اسقف انطاكية الذي كان قد قدمه في مجمع افسس. ولم يبال هذا المجمع
بالشرط البارز في قانون مجمع نيقية، ولم يوجد من يدافع عن حقوق مطران قيصرية التي
لا شك فيها. فقد اعتبرت شروط الاتفاق بين مكسيموس ويوفيناليوس كافية فوافق عليها
آباء المجمع. ولم يطل الامر حتى ندم مكسيموس على تسرعه بالتسليم بمطالب
يوفيناليوس، وكتب رسالة شكوى الى البابا لاون الذي اجاب بالرسالة التي وردت
الاشارة اليها وهي مؤرخة في 11 حزيران 453. وفيها يؤيد ما جاء في قوانين مجمع
نيقية، ويصف مطامح يوفيناليوس الذي لم يترك فرصة الا اغتنمها للوصول الى بغيته
باقسى العبارات ثم قال انه سيقوم من جهة بكل ما في وسعه لحفظ مقام وكرامة كرسي
انطاكية حسب التقليد القديم (رسالة لاون الي مكسيموس 119: 92). ومع ذلك فلا البابا
لاون ولا البطريرك مكسيموس حركا ساكناً بعد ذلك. وبقي يوفيناليوس مسيطراً على
الموقف وتمتعت اورشليم من ذلك العهد بالكرامة البطريركية.



10 جاء في ترجمة عربية ان ايلية هي مدينة اورشليم، وقد اطلق عليها
الاسم بعد ان اعاد بناءها اليوس ادريانوس ملك الروم فدعيت ايلية باسمه.

10 Canon Venables, Dict. Christ. Biography.

11 Cyril of Scythopolis, Life of St. Euthymius.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى