اللاهوت الدستوري

شرح قوانين مجمع نيقية



شرح قوانين مجمع نيقية

شرح
قوانين مجمع نيقية

المجمع المسكونى الأول – مجمع نيقية الاول سنة
325

 

القانون
الأول

نص القانون الأول

كل من خصاه الاطباء لمرض أو علة أو كل من خصاه الاعداء فليبق في
السلك الاكليريكى. أما كل من خصى نفسه وهو في تمام الصحة بعد ان صار اكليريكياً
فليجرّد من رتبته، ولا يجوز لمثل هذا من الآن فصاعداً ان يرقى فى الدرجات
الكهنوتية. وهذا قد قيل كما هو ظاهر من جهة الذين يقدمون بمحض اراداتهم على خصي
انفسهم. اما كل من خصاه الاعداء او سادته وكان فى الوقت نفسه مستحقاً فالقانون
يجيز قبوله فى الكهنوت.

قوانين قديمة مشابهة:

(الرسل 21 و22 و23)

خلاصة قديمة للقانون

يجوز قبول الخصيان فى السلك الاكليريكى. أما من خصى نفسه فلا يجوز
قبوله
.


شروحات للقانون

1- بلسامون

جاء
فى قوانين الرسل 21 و22 و23 و24 كل ما يجب عمله من جهة الذين خصوا انفسهم، وقد وضع
هذا القانون ايضاحاً لما يجب اتخاذه في شأن امثالهم او فى شأن من يسلم نفسه للغير
لكى يخصوه. فالقانون يمنع قبولهم في الرتب الاكليريكية وترقيتهم فيها.

 

2- دانيال بطلر

ان
الشعور بان المكرّس نفسه للخدمة المقدسة يجب ان يكون تاماً غير ناقص او مشوّه كان
مسيطراً في الكنيسة قديماً. يؤيد ذلك قانون مجمع نيقية وهذا ما ورد بمعناه من
قوانين الرسل والقانون السابع للمجمع الثاني في اريلات. فهى تستنكر هذا النوع
المشوه من التقوى الذي نشأ عن اساءة فهم قول الرب ” لأَنَّهُ يُوجَدُ
خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ
النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ ” (متى 19: 12) على مثال تصرف اوريجانس وامثاله. وكانت الكنيسة
صارمة فى رعاية هذه القوانين المذكورة اعلاه فلم يذكر المؤرخون الا حادثة او
حادثتين جرى الحكم على صاحبيها بموجب القوانين.

 

و
هناك فرق بين ان يكون المرء قد ولد خصياً وبين ان يكون قد خصي قهراً. فكان من
النوع الاول دوروثيوس كاهن انطاكية وقد ذكره المؤرخ افسابيوس (ك 7 ف 32). ومن
النوع الثاني كاهن اسمه تيغرس كان في القسطنطينية وقد ذكره المؤرخان سقراط (ك 6:
15) وسوزومنوس (ك 6: 24) وقالا انه كان ضحية سيده البربري.

 

3- هيفيله

ورد
في كتاب الدفاع الاول للقديس يوستين الشهيد (ف 29) ان شاباً، قبل زمن اوريجانوس
بقرن، طلب من الاطباء ان يخصوه رغبة منه في ان يتمكن من ان ينفي نفياً مقنعاً ما
يتهم به الوثنيون المسيحيين من ممارسة الفحشاء في عبادتهم. فلم يمدح القديس
يوستنيانوس هذا الشاب ولم يذمه بسبب ما اقدم عليه. ولكنه يفيدنا ان السلطة المدنية
لم تأذن له باتمام رغبته. فلم يمنعه ذلك عن ان يعيش كل حياته اعزب متعففاً. ومن
المحتمل ان مجمع نيقية اضطر الى اعادة امر قديم لظهور عدة حوادث جديدة استدعت ذلك
وقد يكون الاسقف الاريوسي لاونديوس السبب في ان وضع المجمع هذا القانون.

 

4- لامبرت          

اصدر
الملك قسطنطين في هذا الشأن الشريعة الآتية: ” كل من اقدم في اي بقعة من
الامبراطورية على خصي احد الناس يعاقب بالاعدام. واذا كان صاحب المِلك الذي يرتكب
هذا الجرم في مِلكه على علم بما يجري فيحكم عليه بمصادرة مِلكه.

 

5-
بفردج  

لم
يضع آباء المجمع النيقاوي امراً جديداً لم يسبقوا اليه ولكنهم ثبتوا القوانين
الرسولية الموضوعة بسلطة مجمعهم المسكوني كما يظهر من نص القانون ذاته. ولا شك في
انهم كانوا يشيرون الى قانون سابق عندما قالوا في ختامه ” فالقانون (اي
القانون الموضوع سابقاً والمعروف جيداً) يجيز قبوله الكهنوت “. وليس من قانون
سابق ورد فيه هذا الا قانون الرسل 21. ولهذا فنعتقد ان المجمع يشير اليه هنا.

 

 

فصل في كلمة قانون

ملخصة عن وليم برايت ” برايط ” مذكرات على القوانين 1

ان
كلمة قانون في الاصطلاح الكنسي هي ذات تاريخ ممتع. راجع ما كتبه بشأنها ويستكوت
2. ومعنى الكلمة الاصلي في اللغة اليونانية ” قضيب مستقيم
” او ” خط مستقيم ” يشير الى مغزى استعمالها في العبارات الدينية،
فقد استعارها الرسول بولس اشارة الى حدود العمل الرسولي ” ونحن لا نفتخر فوق
القياس باتعاب غيرنا ” (2 كور 10: 13 و15) او الى مبدأ تطبيقي في السيرة
المسيحية ” فَكُلُّ الَّذِينَ يَسْلُكُونَ بِحَسَبِ هَذَا الْقَانُونِ
عَلَيْهِمْ سَلاَمٌ وَرَحْمَةٌ ” (غلا 6: 16). واستعملها اقليمس اسقف رومة
قياساً لدرجات الكمال المسيحي (رسالة كور 7). واطلق ايريناوس عبارة ” قانون
الحق ” على دستور الايمان فى المعمودية. وقد سماه بوليقراطس وربما هيبوليتس
ايضاً ” قانون الايمان ”
3. اما مجمع انطاكية الذي عقد في سنة 269 ففي اشارته الى هذا
القياسنفسه في الاعتقاد الارثوذكسي يدعوه بصورة مطلقة ” القانون “.
وافسابيوس نفسه اتى على ذكر قانون الحق وقانون الوعظ (التعليم). وباسيليوس يتحدث
عن قانون الديانة المسلَّم الينا (رسالته 204 – 6). وهذا الاصطلاح لغة يعنى كما
يقول ترتليانوس ” اننا نحن المسيحيين نعرف وندرك حقيقة ما نؤمن به فهو ليس
فكرة غامضة لا مادة لها ولا شكل. بل ان في وسعنا وضعها في حدود معينة وبها تفحص
الارواح اذا كانت من الله “. ولذلك لا غرابة في ان سقراط دعا دستور نيقية
” القانون ” (2: 27). وان اقليمس الاسكندرى استعمل عبارة ” قانون
الحق ” قياساً في التفسير السري ولكنه قال ان الملاءمة بين العهدين القديم
والجديد هي ” قانون الكنيسة ”
4. ويذكر افسابيوس القانون الكنسي الذي لا
يعترف الا باربعة بشائر (6: 25). واستعمال كلمة القانون ومرادفاتها في الاشارة الى
الكتب المقدسة انما هو لتعيين الكتب القانونية – كما يسميها اثناسيوس – التي تعترف
بها الكنيسة بصراحة انها اجزاء من الكتاب المقدس. وكتب اقليمس الاسكندرى كتاباً في
السلوك ضد المتهودين دعاه ” قانون الكنيسة ” (افسابيوس 6: 13). واستعمل
كورنيليوس بابا رومة كلمة القانون بمعنى ما نسميه الآن ” التثبيت ” في
رسالته الى فابيوس (افسابيوس 6: 41). واستخدمها ديونيسيوس في ما يطلب عند قبول
المرتدين من البدع (افسابيوس 7: 7). والمجمع النيقاوي في قانونه هذا يشير الى ما
وضع لحفظ النظام سابقاً (راجع قوانينه 2 و5 و6 و9 و10 و15 و16 و18) على انه لا
يستعمل هذه الكلمة لما وضعه هو من شرائع ولكن المجمع المسكوني الثاني الذي التأم
في القسطنطينية اطلق كلمة قوانين على ما سنّه المجمع الاول (المجمع 2 ت 2) والقديس
اثناسيوس استعملها في حديثه بصورة عامة عن شرائع الكنيسة.

 

و
اما استعمالها في ما يختص بالاكليريكيين فتشير كما يقول ويستكوت الى القاعدة في
السيرة الاكليريكية. اما بنغها فيرى انها تشير الى الائحة الرسمية في اسماء اعضاء
السلطك الاكليريكي. والمعنى الثاني على ما يظهر اقرب الى طبيعة الاشتقاق، يؤيد ذلك
ورودها في القانون الاول لمجمع انطاكية، القانون المقدس بمعى الاكليريكيين
القانونيين. ومن هنا يمكن ان يطلق على كل اكليريكي انه قانوني (انظر كيرلس
الاورشليمي). وهكذا ورد ايضاً القول عن ” مرتلين قانونيين ” (مجمع
اللاذقية 15). والقصد نفسه في هذا التحديد يظهر في الاستعمال الطقسي، فكلمة قانون
تعني سلسلة مؤلفة من تسع اوديات (مقطوعات) في ترانيم الكنيسة الشرقية. وتستعمل
ايضاً للدلالة على الركن الاساسي الذي لا يتبدل في خدمة القداس والذي يبتدىء بعد
ترتيل التقديس المثلث ” قدوس الله ”
5 كما تستعمل لاية خدمة في الكنيسة.
وتستعمل ايضاً بمعنى جدول حساب تاريخ الفصح (افسابيوس 6: 22 و7: 32). واتخذها
افسابيوس لجداول عرض الاجزاء العامة والخاصة في البشائر الاربع. وكان يُقصد بكلمة
قانون احياناً تقدمة عادية او تقدمة مفروضة في الكنيسة.

و
قد انتشر مؤخراً الميل الى حصر استعمال هذه العبارة فيما يتعلق بقضايا الادارة
والواجبات في السلوك.



1 Wm. Bright’s : Notes on the Canonos. pp. 2 &
3.

2 Westcott’s : on the New Testament Canon, p. 498
ff.

3 Polucrates ( Eusab. V. 24 ), Hippolytus Euseb.
V. 28 ).

4 Strom. vi. 15,
124, 125

5 Hammond, Liturgies East and West, P. 377

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى