اللاهوت الدستوري

27- المشاعر تتعطل



27- المشاعر تتعطل

27- المشاعر تتعطل

الإنسان
المطلق يمر بمراحل. وهي تقريباً نفس المراحل التي يمر بها من فقد إنساناً عزيزاً
عن طريق الموت. أي حالة من الأسي بالرغم من أنه في حالة الطلاق فإن الفقد لا يكون
لإنسان عزيز، بل ربما يكون لإنسان كريه.

ولكن
كل جبال الكراهية تتواري تماماً خلف ضباب يحجبها عن المشاعر. فيصاب الإنسان بحالة
من التبلد. إذفجأة سكن كل شئ وسكت، وها هو ذا قد رحل. فلا يوجد طرف ننازعه ونتشاجر
معه. لا يوجد طرف نكرهه وجهاً لوجه ونعاديه. لا يوجد هدف نصوب عليه. لقد رحل
واختفي، ولم يبق إلا الفراغ.

إذن
بعد الطلاق مباشرة تتعطل كل المشاعر. تصاب بحالة تنميل. برود. تجمد. لا شئ. يعقبها
مباشرة ربما بعد يومين أو ثلاثة أو أسبوع حالة من عدم التصديق. حالة من الإنكار.
وكأن الطلاق لم يقع. كيف وقع ولماذا وقع. كلا أنه لم يقع. لا بل وقع. هل معني هذا
أن كل شئ قد انتهي!! نعم لقد انتهي كل شئ!! ألا يوجد ثمة احتمال أن هذا حلم!! لا
بل هو واقع!! ألا يوجد ثمة احتمال أن يعود!! لا لن يعود. أو أنا لا أريده أن يعود.
أو ربما يعود. أو ربما أتسامح أنا وأدعه يعود.

هكذا
يكون حوار الإنسان مع نفسه في مرحلة الإنكار وعدم التصديق بعد المرور بمرحلة
الصدمة أي مرحلة التنميل.

وبعد
أسبوعين أو ثلاثة يدخل الإنسان في المرحلة الثالثة وهي مرحلة الحزن. وهي أقرب إلي
حالة الإكتئاب بحيث نستطيع أن نقول أن المطلق (أو المطلقة) يدخل في حالة اكتئاب
فعلي شبه مرضية. وكل الأعراض التي تصاحب هذه المرحلة تشابه أعراض الإكتئاب تماماً.

إنه
يشعر أنه فاشل. أنه مذنب. أنه مخطئ. أنه لم يكن يستحق نعمة الحياة الزوجية. إنه
غير جدير بالزواج وغير جدير بالإنسان الذي عاش معه. يشعر أنه ليس فقط فاشلاً في
الزواج ولكنه فاشل في الحياة. إنه لم يحقق أي نجاح. وأن أي نجاح حققه ما هو إلا
نجاح وهمي زائف وخادع.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى