علم الملائكة

الباب الثالث



الباب الثالث

الباب
الثالث

الملائكة
الأشرار

40 الملائكة الأشرار

41 الشيطان

42 إبليس

43 الشرير

44 أبوليون | أبدون | ملاك الهاوية

45 بعلزبول

46 بليعال

47 رئيس هذا العالم

48 رئيس سلطان الهواء

49 إله هذا الدهر

50 أسد زائر

51 الذي يخطيء من البدء

52 المشتكي

53 قتّال الناس | الكذاب

54 الحية

55 الحية القديمة | التنين العظيم

56 الذي له سلطان الموت

57 الرؤساء والسلاطين | ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر | أجناد
الشر الروحية

58 أرواح نجسة

59 زهرة بنت الصبح

60 أسماء وألقاب الشيطان الأخرى

61 إسقاط آدم

62 طبيعة المحاربات الشيطانية

63 كيفية الانتصار على محاربات الشياطين

64 الأسلحة ضد الحروب الروحية الشيطانية

65 إختصاصات الشياطين

66 شهوات الشياطين

67 الله يسمح بتجارب الشياطين لنفعنا

68 إحذر من المحاربات الشيطانية الأخيرة

69 زعزعة الإيمان

70 اليأس

71 الكسل والتهاون

72 تعظم المعيشة

73 المجد الباطل

74 الخيالات والرؤى

75 أعوان الشيطان

 

40الملائكة
الأشرار

لقد
تكلمنا سابقاً عن سقوط بعض الملائكة لكبريائهم – بأن يكونوا مثل الله – فطردهم
الله من السماء إلى الأرض، ولكثرة شرورهم سموا بالملائكة الأشرار.

وهناك
أسماء وألقاب كثيرة لهم ذكرها الكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد،

سنذكرها
لأهميتها في معرفة صفات وخصائص هؤلاء الملائكة الساقطين.

وقد
أعطينا أهمية خاصة لهذا الباب, لنعطي للقارئ العزيز فكرة واضحة عن هؤلاء الشياطين,
لأن الأساطير والخرافات تركت لنا قصصا غير صحيحة عنهم، وهولت من قدرتهم، حتى أصبح
معظم الناس يخافونهم, وقد يطيعونهم خوفا من بطشهم أو شرورهم. ونود إن نطمئن
المؤمنين, أن الشياطين ليس لهم سلطان على أولاد الله، في قوه الصليب نقهرهم، والله
نفسه “إعطانا السلطان إن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو.. “.

 

41الشيطان

هذه
لفظة عبرانية بصيغة إسم فاعل, وهي مشتقة من الفعل “شطن” بمعنى عانَد أو
خاصَم أو قاوَم, وجاءت منها كلمة ” سطنائيل” أي مقاوم الله أو خصم الله.

وقد
ذكر هذا الاسم في سفر أيوب حيث يقول “وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله ليمثلوا
أمام الرب، وجاء الشيطان أيضاً في وسطهم. فقال الرب للشيطان من أين جثت.. وهل جعلت
قلبك على عبدي أيوب، لأنه ليسر مثله في الأرض” (أي 1: 6
8).

وقد
ذكر أيضا في سفر الأيام وفيه يقول “ووقف الشيطان.. وأغوى داود ليحصى
إسرائيل” (1 أي 21: 1).

وقد
دعا المسيح مرة بطرس الرسول “شيطانا” بسبب موافقة مشورته إلى قدمها له
لمرام الشيطان، وهذا هو المثال الوحيد لاستعمال هذه اللفظة في العهد الجديد لغير
رئيس الملائكة الساقطين.

 

42إبليس The Devil

هذه
كلمه يونانية معربه. أصلها باليوناني “ديابلس” (ديابولوس) ومعناها مجرب
ومشتكي أو قاذف. وهي أكثر استعمالا في العهد الجديد لعدو البشر من لفظة شيطان، لأن
معظم اللغة التي كتب بها العهد الجديد هي اللغة اليونانية, فيقول الكتاب ” ثم
أصعد يسوع إلى البرية من الروح ليُجرب من إبليس” (مت 4: 1).

وقد
اُستعملت هذه اللفظة مع لفظة شيطان معاً في سفر الرؤيا فقيل “فطرح التنين الحية
القديمة المدعو إبليس والشيطان..” (رؤ 12: 9).

 

43الشرير The Evil One

‏ذكر
هذا اللقب في الصلاة الربانية عندما أراد الرب يسوع أن يعلم تلاميذه الصلاة قاتلا
لهم ” ‏فصلوا فصلوا انتم هكذا: أبانا الذي في السموات ليتقدس اسمك ليأت
ملكوتك، لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك على الأرض خبزنا الذي للغد أعطينا اليوم.
وأغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن للمذنبين إلينا. ولا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من
الشرير” (متى 6: 9
12).

 

44أبوليون |
أبدون | ملاك الهاوية
Abaddon Apollyon

 ‏وفي
سفر الرؤيا سمى “ملاك الهاوية ” فيقول:

“ولها
ملاك الهاوية ملكا عليها اسمه بالعبرانية آبدون،

وله
باليونانية اسم أبوليون” (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 9: 11).

 

45بعلزبول Beelzebub

‏وهذه
الكلمة في الأصل تعني ” بعلزبوب” وهو “إله عقرون” وهو اله
وثنى في العهد القديم من إله الفلسطينيين (2 ملوك 1: 2 ‏): وقد ذكرها جماعة
الفرنسيين عندما اتهموا السيد المسيح له المجد بأنه رئيس الشياطين، فيقول الكتاب
“حينئذ أحضر إليه مجنون اعمي واخرس فشفاه، حتى إن الأعمى والأخرس تكلم وأبصر,
فهبت الجموع وقالوا ألعل هذا هو ابن داود. ما الفريسيين فلما سمعوا قالوا هذا لا
يخرج الشياطين إلا ببعلزبول. رئيس الشياطين” (متى 12: 22
24).

 

46بليعال Belial

أسم
لإله من آلهة الوثنيين في العهد القديم، ‏ومعناها لئيم أو خبيث كما جاء ذكرها في
العهد القديم, فعندما يقال أولاد “بني بليعال” يقصد بها أولاد الشيطان
(قضاة 19: 22؛ 1 حم 1: 16؛ 2: 12؛ 10: 27؛ 2صم 16: 7؛ 23: 6؛ 1 مل 21: 10، 13؛ 2
كو 6: 15) فيقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس “أية شركة للنور مع
الظلمة، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال.. وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان”.

 

47رئيس هذا
العالم
The Ruler of This World

 أطلق
الرب يسوع هذا الاسم على الشيطان فقال:

“رئيس
هذا العالم آت وليس له في شيء “، لكن لكي يعلم العالم أنى أحب أبى، وكما
أوصاني أبي هكذا افعل (يو 14: 30).

وقال
في موضوع أخر: “ألان دينونة هذا العالم”. ألان يطرح رئيس هذا العالم
خارجا” (يو 12: 31).

 

48رئيس سلطان
الهواء
The Prince of the Power of
the Air

‏هذا
التعبير قاله بولس الرسول في رسالته الى أهل أفسس:

“وأنت
إذ كنتم أمواتا بالذنوب والخطايا، التي سلكتم فيها قبلا حسب دهر هذا العالم، حسب
رئيس سلطان الهواء, الروح الذي يعمل ألان في أبناء المعصية” (رسالة بولس
الرسول إلى أهل أفسس 2: 2).

 

49إله هذا
الدهر
The God of This Age

 ويسميه
بولس الرسول أيضا “إله هذا الدهر” في رسالته إلى أهل كورنثوس قائلا:

“الذين
فيهم إله هذا الدهر أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنجيل مجد المسيح الذي هو
صورة الله” (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 4: 4).

 

50أسد زائر Roaring Lion

هذه
صفة من صفات الشيطان ذكرها بطرس الرسول منها المؤمنين إلى خطورته قائلا لهم:

“اصحوا
واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو.

فقاوموه
راسخين في الإيمان, عالمين أن نفس هذه الآلام تجري على إخوتكم الذين في
العالم” (1 بط 5: 8، 9).

 

51الذي يخطيء
من البدء
Has Sinned from the
Beginning

 وهذه
صفه أخرى يقولها القديس يوحنا الرسول في رسالته:


أيها الأولاد لا يضلكم أحد. من يفعل البر فهو بار كما أن ذاك بار، من يفعل الخطيئة،
لكي ينقض إعمال إبليس” (1 يو 3: 7، 8).

 

52المشتكي The Accuser

 وهذه
صفه ثالثه من صفات الشيطان:

“وسمعت
صوتاً عظيماً قائلاً: في السماء ألان صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه
لأنه قد طرح المشتكي على إخوتنا، الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهاراً وليلاً
(رؤ 12: 10).

 

53قتّال الناس
| الكذاب
Murderer: Liar

 من
صفات الشيطان التي ذكرها أيضا يوحنا الرسول في إنجيله المبارك،

هي
التي تفوَّه ‏بها رب المجد قائلا: “ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في
الحق، لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له، لأنه كذاب وأبو
الكذاب” (يو 8: 44).

 

54الحية The Serpent

 ‏يقول
بولس الرسول: ولكنني أخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها، هكذا تفسد أذهانكم عن
البساطة التي في المسيح (2 كو 11: 3).

ونحن
نعلم قصة دخول الشيطان في الحية، وإسقاط أبوينا الأولين آدم وحواء (تكوين 3: 1
7).

 

55الحية
القديمة | التنين العظيم
The Great
Dragon Serpent of Old

‏ويلقبه
يوحنا مرة أخرى بالحية القديمة فيقول: “فطرح التنين العظيم، الحية القديمة، المدعو
إبليس، والشيطان، الذي يضل العالم كله، طرح إلى الأرض وطرحت معه معه ملائكته”
(رؤ 12: 9).

 

56الذي له
سلطان الموت
Him Who Had the Power
of Death

‏يلقبه
بولس الرسول بهذا اللقب في رسالته إلى العبرانيين قائلا:

“فإذ
قد ‏تشارك الأولاد في اللحم والدم، اشترك هو أيضا كذلك فيهما، لكي يبيد بالموت ذاك
الذي له سلطان الموت أي إبليس” (عب 2: 14).

 

57الرؤساء
والسلاطين | ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر | أجناد الشر الروحية

Principalities | Powers

Rulers of the Darkness
of This Age

Spiritual Hosts of
Wickedness in the Heavenly Places

هذه
الأسماء تدلنا على إن الشيطان سقط معه رتب مختلفة من الملائكة، ولأنهم سقطوا سموا
أجناد الشر الروحية , فيحذرنا بولس الرسول من هؤلاء قائلا:


أخيرا يا إخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. ألبسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا
أن تتثبتوا ضد مكايد إبليس. فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، في
السلاطين مع ولادة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الروحية في السماويات..”
(أفسس 6: 10

12).

 

58أرواح نجسة Unclean Spirits

 وقد
تكلم عنها القديس لوقا الإنجيلي قائلا:


والمعذبون من أرواح نجسة كانوا يبرؤون. وكل الجمع طلبوا أن يلمسوه؛ لأن قوة كانت
تخرج منه وتشفى الجميع” (لوقا 6: 18).

 

59زهرة بنت
الصبح
Lucifer Morning Star

 يسميه
أشعياء النبي بهذا الاسم متسائلا:


كيف سقطت من السماء يا زهرة الصبح؟!”

والاسم
اللاتيني للكوكب هو “لوسيفر”.

 

60أسماء
وألقاب الشيطان الأخرى

Anointed Cherub

Seal of Perfection

Full of Wisdom

Perfect in Beauty

 وهناك
أسماء أخرى عديدة جاء ذكرها في الكتاب المقدس كلها تدلنا على اعمل الشيطان أو
صفاته، فيقول عنها حزقيال النبي:


أنت الكروب المنبسط المظلل.. أنت خاتم الكمال، ملآن حكمة وكامل الجمال..”،

وهذا
هوا اسم الشيطان قبل سقوطه. وهكذا تكلم الكتاب المقدس عن صفات كثيرة يمكن الرجوع
إليها بالنسبة للباحثين.

 

61إسقاط آدم

تمهيد:

من
الواضح أن الشيطان عندما سقط، وضع في فكره أن يسقط كل مخلوقات الله العاقلة. فبدأ
بالملائكة زملاءه، وفعلاً نجح في إسقاط بعضهم، وقد سماهم الكتاب المقدس
“جنوده”. وهذه الحرب ذكرها يوحنا الرسول في رؤياه المشهورة “قائلاً
وحدث قتال في السماء: ميخائيل وملائكته يقاتلون التنين، وكان التنين وملائكته
يقاتلون فلم يقووا، ولا وجد لهم موضع فى السماء. فطرح التنين الحية القديمة المسمى
إبليس أو الشيطان، والذى يضل المسكونة كلها، طرح إلى الأرض، وطرحت ملائكته
معه” (رؤ 12: 7 – 9)، وفى رسالة بولس الرسول يقول عنهم أنهم “أجناد الشر
الروحية” (أف 6: 12).

 

إسقاط
آدم:

وعندما
خلق آدم في جنة عدن تقدم إليه الشيطان ليجربه محاولاً إسقاطه أيضاً، وإتخذ الحية
ليستتر فيها، وفعلاً أقنع حواء ثم آدم بعصيان الله، وبالتالى سقطا (آدم وحواء) في
نفس الخطية التي سقط فيها الشيطان، وهى خطية المجد الذاتى التي تقود إلى الكبرياء
(وهى محاولة الوصول إلى مساواة الله) “فقالت الحية للمراة لن تموتا، بل الله
عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر”
(تك 3: 4).

 

وإبتدأ
الشيطان وكل جنوده يحاربون بنى البشر على الدوام معتقداً أنه يستطيع أن يسقطهم
جميعاً، فينضموا إلى مملكته. وبالتالى ينتصر على الله.

 

وهو
لا يعلم حقيقة الله ولا قدرته الفائقة، وأنه يستطيع أن يفنيه في لحظة وفى طرفة عين..
ولكن الله العادل، الذي أعطى حرية لكل مخلوقاته، تركه إلى حين وقت الدينونة والحساب.

 

وإن
كان الشيطان قد نجح في إسقاط بعض الناس لكن هناك قديسون نجحوا في تجاربهم ولم
يستطع الشيطان أن يسقطهم أو ينال منهم شيئاً، والكتاب المقدس ملئ بسير هؤلاء
الأبطال، ففى العهد القديم نسمع عن الآباء الأولين ابراهيم وإسحق ويعقوب والأنبياء
وفى العهد الجديد عن الرسل والقديسين وغيرهم كثيرين.

 

62طبيعة
المحاربات الشيطانية

تنقسم
هذه المحاربات إلى قسمين رئيسين:

أ

محاربات
النفس والروح.

ب

محاربات
الجسد.

 

فالشيطان
يبدأ بمحاربة الإنسان عن طريق تقديم أفكار خبيثة إليه كما فعل مع آدم وحواء، ثم
يجعله هو بنفسه أن يعمل الأعمال الجسدية التي تؤدى إلى السقوط بعد ان يقتنع
بأفكاره الشريرة.

فإن
لم ينجح في ذلك يخيفه بأوهام ومناظر فكرية، وإن لم ينجح قد يثير فيه شهوات الجسد،

وإن
لم ينجح يحاول أن يصيب الجسد نفسه بأمراض شتى كما فعل مع أيوب الصديق (أى 2: 4، 6)،

وكما
ضرب القديس أنطونيوس ضرباً مبرحاً. وقد يصيب العقل كما في حالة المجنونين
المصروعين الذين ذكرهم الإنجيل المقدس، والذين شفاهم الرب يسوع بكلمته (مر 9: 17 –
26).

يجب
أن نعلم أن طبيعة المحاربات الشيطانية محدودة ويمكننا تلخيص عملهم في الحقائق
الأتية:

 

1

هم
كثيرو العدد وأقوياء جداً ولهم تأثير كبير على عالمنا، ولكن قدرتهم محدودة من الله،
لا يقدرون أن يغتصبوا أحداً، بل كل من حاول ردعهم متخذاً سلاح الله ينجح (يع 4: 7).

 

2

لا
يستطيعون أن يعملوا إلا بإذن الله وتحت سلطانه كما حدث في قصة أيوب:

“فقال
الرب للشيطان هوذا كل ما له في يدك، وإنما إليه لا تمد يدك” (أى 1: 12)، أى
لا تمس عقله.

 

3

أن
أعمالهم تجرى بموجب نواميس طبيعية.

 

4

أنهم
لا يقدرون أن يبطلوا حرية الإنسان ومسئوليته.

 

5

أن
السيد المسيح له المجد “أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة
العدو” (صلاة الشكر)، بعد أن تمم خلاصنا بموته على الصليب وسحق شوكة الشيطان.

 

6

أن
الله قد يسمح بهذه التجارب من الشيطان لكى ينقى الأبرار من الهفوات أو الشهوات،

وعموماً
فهو يسمح بهذه التجارب لصالح البشر.

 

63كيفية
الانتصار على محاربات الشياطين

إن
السيد المسيح له المجد قد سمح للشيطان أن يجربه، لكى يعيننا نحن أيضاً المجاهدين
في كل تجاربنا ومحاربتنا مع قوات الظلمة، وعلمنا كيف ننتصر عليهم بكلمة الله
“فأجابه يسوع قائلاً: مكتوب أن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة من
الله” (لو 4: 2).

 

ويقول
القديس سيرينوس (أنظر مناظرات يوحنا كاسيان مع مشاهير آباء البرية – الجزء الرابع)
“إن الإنسان له إرادة حرة في أن يقبل الفكر الصالح أو يطرد الفكر الشرير
بسهولة.. فإذا جاهدنا كثيراً ضد الإضطرابات والخطايا، تصير هذه تحت سلطاننا وفق
إرادتنا، فنحارب أهواء جسدنا ونهلكها ونأسر حشد خطايانا تحت سلطاننا، ونطرد من
صورنا الضيوف المرعبين، وذلك بالقوة التي لنا بصليب ربنا يسوع”.

 

64الأسلحة ضد
الحروب الروحية الشيطانية

وهناك
أسلحة ضرورية لهذه الحروب الروحية، يجب أن نستخدمها في الوقت المناسب، فيهرب منا
إبليس وكل أفكاره الشريرة.

ويمكن
إجمال هذه الأسلحة في الآتى:

 

1

الإيمان:

ويقول
بولس الرسول “حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع
سهام الشرير الملتهبة” (أف 6: 16). فالإيمان هو الذى يوقف سهام الشهوة
الشريرة ويهلكها بالخوف من الدينونة المستقبلة، والإيمان بملكوت السموات.

 

2

المحبة:

“فالمحبة
تحتمل كل شئ وترجو كل شئ وتصبر على كل شئ” (1 كو 13: 7). فأى أفكار خاصة
بالغضب والحقد والضغينة لو قابلتها بالمحبة لأهلكتها وجعلتها لا تتعمق في قلب
الإنسان فتفسده، فالذى يحب الآخرين ويحب الأعداء لا يغضب ولا يحقد.

 

3

الرجاء:

يقول
بولس الرسول “وأما نحن الذين من نهار، فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة
وخوذة رجاء الخلاص” (1 تس 5: 8). والخوذة هى التي تحمى الرأس. والمسيح رأسنا
لذلك ينبغى علينا في التجارب أن نحمى رأسنا برجاء الأمور الصالحة المقبلة.

 

4

كلمة
الله:

وكلمة
الله قوية جداً فى محاربة الأرواح الشريرة، لذلك إستخدمها رب المجد في تجربة
الشيطان لأنها “أمضى من كل سيف ذى حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح
والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته” (عب 4: 12).

 

5

الصبر
والمثابرة:

فنحن
نحتاج إلى الصبر فى هذه الحرب الروحية، فالمجاهد الصبور سيحارب بالصبر كما قيل
“لأنكم تحتاجون إلى الصبر، إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد” (عب 10:
36).

 

65إختصاصات
الشياطين

يقول
الأب سيرينوس:

“لنعلم
أنه لا تستطيع كل الشياطين أن تغرس في البشر كل الأهواء الشريرة، بل أرواحاً معينة
تختص بخطايا معينة، فالبعض يثير الشهوات الدنسة النجسة، والآخر التجديف، وآخرون
تخصصوا بالأكثر في الغضب والسخط، والبعض يتكلمون في الكآبة، وآخرون بالكبرياء
والعظمة.. فكل واحد منهم يغرس في قلوب البشر ما يسر هو به”.

وفى
نفس الوقت لا يقدرون أن يغرسوا رذائلهم دفعة واحدة،

 

وإنما
بترتيب معين حسب الظروف، أى حسب الزمان والمكان أو الشخص نفسه الذي يفتضحونه
باثارته أثناء اقتراحاتهم..

 

والأرواح
الشريرة تتقدم بعضها البعض بطريقة معينة، فإذا إنهزم إحداها أو تراجع ترك مجالاً
لروح آخر أكثر عنفاً ليهاجمه..

 

ولسنا
نجهل أن الأرواح الشريرة جميعها ليست في نفس الشراسة والنشاط، ولا في نفس الشجاعة
والخبث، فالمبتدئين والضعفاء من البشر تهاجمهم الأرواح الضعيفة، والأقوياء يهاجمهم
الأرواح القوية، فرب المجد مثلاً هاجمه رئيس الشياطين بنفسه، لأنه شعر أنه أمام
قوة جبارة.

 

ويصعب
على الإنسان بقوته العادية أن يقاوم هؤلاء الأرواح، ولا يستطيع أحد من القديسين أن
يقاوم خبث هؤلاء الأعداء الروحيين الأقوياء غير المؤمنين، أو يصد هجماتهم المتكررة
أو يحتمل قسوتهم ووحشيتهم، ما لم يساعده – المصارع معنا ورئيس الصراع نفسه – الرب
يسوع،

 

فيرد
قوة المحاربين ويصد هجومهم المتزايد، ويجعل مع التجربة المنفذ قدر ما نستطيع أن
نحتمل (1 كو 10: 13).

 

66شهوات
الشياطين

قد
تستغرب أن الشياطين لها شهوات، ولكن الكتاب المقدس يعرفنا بذلك ويؤكد وجود شهوات
لها مثل البشر، فالبعض يهوى الفسق واللهو، والبعض الآخر يعمل في قلوب من تأسرهم
بالكبرياء الباطل، وأرواح أخرى حاذقة في الكذب،

 

بل
وتوحى للبشر بالتجديف، ويظهر ذلك واضحاً في سفر الملوك، إذ يقول “أخرج وأكون
روح كذب في أفواه جميع أنبيائه” (1 مل 22 ك 22)،

 

وفعلاً
سمعنا عن الأنبياء الكذبة الكثيرين، وقد تكلم السيد المسيح عنهم في العهد الجديد
وأمر تلاميذه والمؤمنين به ألا يصدقوهم.

 

وبسبب
هذه الأرواح ينتهر الرسول من هم مخدوعين بها، إذ يقول عنهم أنهم تابعين
“أرواحاً مضلة وتعاليم شياطين في رياء أقوال كاذبة” (1 تى 4: 1، 2)

 

وهناك
نوع آخر من الشياطين يشهد عنهم الكتاب إنهم بكم وصم، وبعض الأرواح تغوى الشهوة
والدنس، إذ يعلن الرسول عنهم قائلاً “لأن روح الزنى قد أضلهم فزنوا من تحت
إلهم” (هو 4: 12).

 

وبنفس
الطريقة يعلمنا الكتاب أن هناك شياطين الليل والنهار والظهيرة (مز 91: 5 و6).

 

وتلقيب
الشياطين بأسماء الأسود والأفاعى يدل على شراستها وخبثها ومكرها (أش 11: 21 و22)
(مز 116: 3) و(لو 10: 19) و(يو 14: 30) و(أف 6: 11).

 

67الله يسمح
بتجارب الشياطين لنفعنا

يقول
الأب تادرس (أو الأب ثيودور من مشاهير آباء البرية – أنظر كتاب مناظرات يوحنا
كاسيان الجزء الثانى) “ينبغى علينا أن نعرف أن البشر جميعاً يجربون للأسباب
الآتية:

 

أ

غالباً
لأجل اختبارهم: كما نقرأ عن الطوباويين إبراهيم وأيوب وكثير من القديسين الذين
تحملوا تجارب بلا حصر لأجل تزكيتهم.

 

ب

لأجل
إصلاحهم: وذلك عندما يؤدب أبراره من أجل خطاياهم البسيطة (اللا إرادية) والهفوات،
ولكى يسمو بهم. كما يقول الرسول “.. يا إبنى لا تحتقر تأديب الرب ولا تنفر
إذا وبخك. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن ليقبله” (عب 12: 5، 6) وفى
سفر الرؤيا يقول “إنى كل من أحبه أوبخه واؤدبه” (رؤ 3: 19). وداود النبى
نفسه يصلى للرب قائلاً “جربنى يا رب وإمتحنى. صف كليتى وقلبى” (مز 26: 2).

 

ج

كعقاب
من أجل الخطية: وذلك كما حذر الله بأن يرسل أوبئة على بنى إسرائيل (لشرهم) فقد
“أرسل فيهم أنياب الوحوش مع حمة زواحف الأرض” (تث: 32: 24).

 

وقد
قال السيد المسيح له المجد للمريض الذي كان يرقد بجوار بركة بيت حسدا بعد أن شفاه
“ها أنت قد برئت فلا تخطئ أيضاً لئلا يكون لك أشر” (يو 5: 14).

 

د

قد
تكون التجارب لأجل إظهار مجد الله وأعماله كما يقول الإنجيل عن المولود أعمى من
بطن أمه “لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر اعمال الله فيه” (يو 9: 3).
وأيضاً قال الرب عندما مرض لعازر حبيبه “هذا المرض ليس للموت، بل ليتمجد إبن
الله به” (يو 11: 4).

 

ويقول
الأب سيرينوس “نحن نعلم أنه حتى القديسين يسمح الله أن تسقط أجسادهم تحت
سلطان الشياطين. وتحل بهم نكبات كثيرة، وذلك من أجل الهفوات، لأن الرحمة الإلهية
لا تطيق أن يكون فيهم وسخ أو دنس إلى يوم الدينونة، فينقيهم من كل شائبة مقدماً
إياهم إلى الأبدية، مثل الذهب أو الفضة المصفاه، غير محتاجين بعد إلى تنقية، فيقول
الله في ذلك “وأنقى زغلك، وأنزع كل قصديرك.. بعد ذلك تدعين مدينة العدل
القرية الأمينة” (أش 1: 25 و26). وأيضاً في سفر الأمثال يقول “كما تمتحن
الفضة والذهب في الكور، هكذا يمتحن الرب القلوب” (أم 17: 3).

لذلك
يلزمنا ألا نكره أو نحتقر أو نزدرى بالذين نراهم قد أسلموا لتجارب متنوعة أو
لأرواح شريرة، لأننا نعتقد أن كل هذه الأمور تحدث لنا بسماح من الله وأنها مرتبة
لأجل خير أرواحنا، فلا نكف عن الصلاة من أجلهم كأعضاء منا، وأن نحنو عليهم بكل
قلوبنا وكل جوارحنا، كقول الرسول “إن كان واحد يتألم، فجميع الأعضاء تتألم
معه” (1 كو 12: 26).

 

68إحذر من
المحاربات الشيطانية الأخيرة

يقول
الأب ثيوفان الناسك (أنظر المحاربات الروحية الجزء الرابع) “بالرغم من أن
حياتنا على الأرض كلها محاربات لا تنتهى، وعلينا أن نجاهد ضد هذه الحروب حتى
النهاية، فإن المعركة الرئيسية الأكثر خطراً هى التي تنتظرنا ساعة الموت. فإن من
سقط في هذه اللحظة لا يقدر أن ينهض مرة أخرى.. لا تعجب من هذا لأن العدو كان قد
تجاسر أن يتقدم إلى ربنا الذي لم يكن فيه خطية في نهاية أيامه بالجسد على الأرض،
إذ قال الرب نفسه “رئيس هذا العالم آتٍ وليس له في شئ” (يو 14: 30)..

 

فما
الذي يمنعه من الهجوم علينا نحن الخطاة في نهاية حياتنا؟

ويقول
القديس باسيليوس الكبير في تفسيره للمزمور السابع “لئلا يفترس كأس نفسى
هاشماً إياها ولا منقذ” (مز 7: 2)، إن أشد المحاربين بأساً الذين جاهدوا بلا
توقف مع الشياطين أثناء الحياة، وقد نجوا من شباكهم، وصمدوا أمام غزواتهم، يعرضون
في نهاية حياتهم لإمتحان من رئيس هذا الزمان (إبليس) ليحاول محاولته الأخيرة، ربما
يكون قد تبقى منهم من آثار الخطية ما يتعدى به عليهم ويهزمهم في آخر لحظة، وإذ لا
يجد فيهم شيئاً من هذا لا يقوى عليهم ويجوزون هذه الحرب بسلام، ويعبرون بعدها إلى
الراحة مع المسيح.

 

ومادام
الأمر كذلك، يستحيل أن تبعد هذه الحرب عن مخيلتنا، بل يجب أن نستعد لها قبل الوقت
لنقابل ساعة الموت ونجتازها بنجاح.

 

ونستطيع
أن نلخص هذه المحاربات الأخيرة الخطيرة في الآتى:

 

69زعزعة
الإيمان

حينما
يبدأ العدو أن يبذر فيك أفكار الشك، أو يتكلم معك وهو في صورة مرئية ضد الإيمان لا
تدخل معه في براهين، بل وطن في نفسك الإيمان الذي يهاجمه بثبات وقل له بسخط
“أغرب عنى يا إبليس يا أبو الكذب.. إننى أرفض الإصغاء إليك.. إننى أؤمن بما
إعتقدت في الكنيسة المقدسة وهذا، يكفينى”.

 

كن
يقظاً متوقد الذهن، وثابر على هذه اليقظة، وقل مع الجامعة “إن صعدت عليك روح
التسلط، فلا تترك مكانك” (جا 10: 4). فإن سألتك الحية الشريرة: بماذا تعلم
الكنيسة؟ لا تجاوب ولا تلتفت إلى هذه الكلمات متجاهلاً كل كلماتها بالكلية، عالماً
أنها كذب وخداع، وأنه الشيطان يحاول أن يبلبل أفكارك..

 

وإن
شعرت أنك ثابت في الإيمان وقوى في الفكر، وتريد أن تخزى العدو، أجبه بأن الكنيسة
تؤمن مما هو حق فقط..

 

وإن
سألك مرة ما هو الحق؟.. قل له الحق هو ما يؤمن به.. قل له إنه بالصليب قد سحق ربنا
يسوع المسيح رؤوس الشيطان، وأبطل قوته حينئذ ثبت عينى عقلك في التأمل في الرب
المصلوب عنا، وصلى له قائلاً “يا إلهى، يا خالقى وفادى، أسرع إلى معونتى، ولا
تدعنى أهتز في حق إيمانك المقدس، حيث أننى خلال حبك الرحيم قد ولدت في هذا الحق..

 

70اليأس

التجربة
الثانية التي يشتاق إليها العدو أن يحطمنا بها هى الخوف، عندما يجسم لنا خطايانا،
ويشككنا في عقيدة الخلاص من خطايانا بموت مخلصنا على الصليب..

 

يخفى
العدو هذا الإيمان. ويثير فينا الخوف من خطايانا، كى يخمد فينا كل أمل للخلاص،
ويحطمنا باليأس وقطع الرجاء. لذلك يا أخى عود نفسك قبل الوقت كى تصد هذا الهجوم،
وصمم من الآن أن تتمسك بشدة الرجاء الذي لنا في ربنا، بمعنى أن تحفظ قلبك بثبات
الإيمان في قوة الفداء بموت ربنا على الصليب..

 

وهناك
صلاة مناسبة ترفعها لربك وإلهك في هذه المناسبة:

“ربى..
كثيرة هى أسباب مخاوفى، إذ أنك لو عاملتنى بعدلك سأكون مذنباً أمامك، وتطرحنى من
أجل خطاياى، ولكن رجائى المتجاسر أكثر في غفرانك بحسب رحمتك اللانهائية في إبنك
مخلص نفوسنا يسوع المسيح، لذلك أتضرع أن تبقى لى صلاحك غير المحدود، أنا المخلوق
المسكين، لأنه رغم أننى مذنب بالخطايا الكثيرة، إلا أننى مغسول بالدم الثمين الذي
لإبنك الوحيد ربنا.. “

 

ويقول
القديس ساويرس {أسقف الأشمونين (القرن العاشر الميلادى)} “إن الشيطان يخيف
الإنسان بطرق أخرى، فقد يقول له: قد يلقاك في الطريق من يغرمك ويظلمك أو يقتلك،
فإذا هو سمع منه وأبطل ما يجب عليه، تخلى عنه الروح القدس – الذي هو سيفه – وقوى
عليه الشيطان عدوه وأهلكه. فإذا كان معه ترس الأمانة يقول له: كذبت يا شيطان، لا
يقدر أحد أن يغرمنى أو يظلمنى أو يضربنى أو يقتلنى إلا بإرادة المسيح إلهى. وإذا
كان قد أراد – المسيح – أن يفعل بى ذلك، فهو يستطيع أن يفعل بى ولو إختفيت في شقوق
الأرض، وإذا لم يرد أن يفعل بى شيئاً من ذلك لا يقدر أحد أن يفعله بى، ولو كنت
أنادى فوق السطوح، لأن شعر رأسى عنده معدود، وهو هكذا قال “عصفوران يباعان
بفلس وواحد منهما لا يقع على الآرض إلا بإرادة أبيكم الذي في السموات، وأنتم جميع
شعور رؤوسكم معدودة”.. فهو بهذا التدبير الذي للأمانة سيغلب العدو ويقوى عليه
ويدوم سيفه بيده – الذي هو الروح القدس – ويكون أجره أعظم من الشهداء، لأنه قد بذل
نفسه للمسيح وحمل خشبة صليبه وتبعه، وأيقن أن لا مخلص غيره”.

 

71الكسل
والتهاون

يقول
القديس أنبا ساويرس “إن لم يجد أن الإنسان سقط بالحروب السابقة يحاول أن
يوقعه في خطيئة الكسل والتهاون فيحاول أن يبعده عن القراءة والتسبيح والتقديس لله
بغير سبب، ولكنك يا أخى تستطيع أن تقول “لا تقدر أيها الشيطان أن تسقطنى
بالكسل والتهاون الذى به أنت سقطت من السماء.. لأنك إمتنعت عن تسبيح الله وتقديسه،
سقطتم جميعاً من السماء، وقد خلقت أنا لكى أرث هذا الملكوت، فإذا أنا تكاسلت عن
التسبيح والتقديس، تهاونت بذلك مثلكم، وسقطت كما سقطوا..”.

 

وبهذا
الفكر الصالح تستطيع أن تصد محاربات العدو، وأن تواصل تسبيح الله وتمجيده بدون
توان..”.

 

ويحثنا
القديس مارأفرام السريانى (هو مدير كلية اللاهوت التي كانت ذائعة الصيت في القرن
الرابع الميلادى وهو من أعلم علماء السريان وأفضل شعرائهم ورئيس أديرة الرها). على
السهر الروحى قائلاً “من يشأ أن يخلص فليكن حذراً ولا يتوانى.. من يشأ أن
ينجو من جهنم النار، فليجاهد أصلب الجهاد.. من يؤثر ألا يطرح في الدود الذى لا
يموت، فليتيقظ مستفيقاً.. من يحب أن يدخل الخدر السماوى ويبتهج، فليأخذ مصباحاً
بهياً وزيتاً نقياً في وعائه.. من ينتظر أن يتكئ في ذلك العرس، فليقتن حلة منيرة.
لأن مدينة الملك مملوءة سروراً وإبتهاجاً.. فمن يحسب أن يسكن في الملكوت ويستوطن
أورشليم السمائية. فليجتهد بصبر كثير وجهاد، لأن النهار قد مال، ولا يعلم أحد ماذا
يلقى في الطريق. فمثله مثل مسافر كان يعرف بعد مسافة الطريق، فاضطجع ونام إلى قرب
المساء، ثم إنتبه وأبصر النهار قد مال، فلما إبتدأ بالسير تداركته بغتة الغيوم
والبرد والرعود والبرق، فاشتملته الغموم من كل جهة، وتعاظمت ضيقته لأنه لا يستطيع
الوصول إلى المنزل، ولا يستطيع أن يصل إلى مدينته.. هكذا يصيبنا نحن أيضاً إن
توانينا واضطجعنا، لأننا سكان غرباء وراحلون، فلنحرص أن نصل إلى الميناء سالمين
وإلى مدينتنا وموطننا السماوى بعزاء.. “.

 

72تعظم
المعيشة

يقول
القديس الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين:

“إذا
أراد الإنسان أن يمضى إلى الكنيسة للتسبيح والتقديس وقراءة كلام الله وسماع العظات
الروحية، يزين له الشيطان المعيشة والرزق،

ويقول
له: أنك تضيع وقتك في الكنيسة وقد يأتيك الرزق في هذا الوقت..

وقد
يسمع منه الإنسان ويبطل الذهاب إلى الكنيسة،

ويمتنع
عن التسبيح والتقديس، ولكن إحذر يا أخى من هذا الشيطان،

وقل
له: ربى المسيح أصدق منك،

وهو
قد قال: أنه لا يدع رزقاً يفوتنى، ولا يدع عملى يفسد، بل يصلح ويعوضنى أضعاف ما
يفوتنى،

لأنه
هكذا قال “أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم”،

فجميع
ما تحتاجونه من أمور الدنيا أنا أزيده لكم..

فإذا
آمن هكذا وغلب الفكر الشيطانى لكلام الله، ولازم التسبيح والتقديس والقراءة،

غلب
الشيطان وعوض الرب له كل رزقه ومعيشته”.

 

73المجد
الباطل

يقول
الأب ثيوفان الناسك “إن العدو يحاول أن يصيب الإنسان بالمجد الباطل وتذكية
النفس، محاولاً بها أن يعتمد الإنسان على نفسه وعلى أعماله الخاصة، ولكن لا تلتفت
إلى محارباته ولا تكن راضياً عن نفسك وعن أعمالك، حتى ولو كان تقدمك في الفضائل
أكثر من كل القديسين. ليكن كل رضاك في الله، وضع رجائك بالكلية في رحمته، وفى آلام
ربنا ومخلصنا يسوع المسيح.. صاغراً نفسك في عينى ذاتك حتى النفس الأخير إن كنت ترد
أن تخلص..

 

إن
أتى إليك وإلى فكرك بعض أعمالك الصالحة، فكر في أنها عمل الله فيك وبك وليست منك،
وأنها منسوبة له تماماً إعتصم بحصن العناية الإلهية لنفسك دون أن تتوقعها كجزاء
لجهاداتك المعينة التي تحتملها، والإنتصارات التي حزتها، قف دائماً في خوف مطوب
وإقتناع مخلص أن كل جهاداتك ومحاولاتك وكفاحك باطل بلا ثمر لو لم يضمهم الله تحت
أجنحة رأفاته، وشارك في العمل فيهم.. لذلك ضع ثقتك في رأفته ومراحمه”.

 

74الخيالات
والرؤى

يقول
الأب ثيوفان الناسك “إن عدونا الشهير اللحوح الذي لا يمل من تجربتنا، يحاول
أن يضلك في ساعة الموت ببعض الخيالات والضغطات، فيتحول إلى ملاك نور.. إثبت في
الإحساس بمسكنتك، وأنك لا شئ على الإطلاق، وقل له بقلب شجاع بلا رهبة “إرجع
أيها الملعون إلى ظلمتك، فأنا لا أستحق الرؤى والإعلانات.. إننى أحتاج إلى شئ واحد
فقط، هو تحنن ربنا يسوع المسيح، وصلوات وشفاعة سيدتنا والدة الإله العذراء مريم
وكل القديسين..”.

 

حتى
إن كانت هناك علامات واضحة جعلتك تظن أنك ترى رؤى حقيقية مرسلة من الله.. لا تتسرع
في تصديقها، بل من الأولى أن تتأكد أنك لا شئ ولا تستحق أى شئ.. لا تظن أنك تسئ
إلى الله بهذا، لأن مشاعرنا المتواضعة لا يمكن أن تغضبه.

 

إن
كانت هناك ضرورة لمثل هذه الرؤى، فالله يعرف كيف يمنعك من غلق عينيك عنها، وسيصفح
عن إحجامك نحو الإيمان بأنها منه، لأنك فعلت ذلك بإتضاع نفس أمامه والذى يعطى نعمة
للمتواضعين – لا يمكن أن يبعدها عنهم من أجل أعمال أوحاها الإتضاع..

 

لذلك
يا حبيبى يجب أن نكون مسلحين دائماً بشجاعة ضد أقوى أوجاعنا قبل أن تأتى علينا
المعركة الكبرى، كى نغلبهم وننقى حياتنا منهم، حتى تكون نصرتنا أسهل عند الساعة
الأخيرة، التي ربما تأتى في أى وقت متمشياً مع قول الرب “حاربهم حتى
يفنوا” (1 صم 15: 18).

 

75أعوان
الشيطان

·
من هم أعوان الشيطان؟

قد
يظن القارئ أننا نقصد بأعوان الشيطان، هم الملائكة الذين سقطوا معه فقط..

 

ولكن
أقوال لكم أن أعوان الشيطان هم: كل إنسان يتبع مملكة الشيطان، ويتبع تعاليمه،
ويسير وراء مشورته الخاطئة.

 

فجميع
السحرة والمشعوذين والذين يضربون الرمل والذين يقرئون الكف، أو فنجان القهوة.
والذين”يوشوشون الودع”. وكذلك المنجمين أو الذين يستخدمون التنويم
المغناطيسي لمعرفة المستقبل, أو أوراق اللعب لمعرفة البخت وكل هؤلاء من الذين
ينتمون إلى الشياطين لكي تساعدهم. فهناك أشخاص يسلمون انفسهم للشياطين. في مقابل
خدمات معينة تؤديها الشياطين لهم، ومنهم من يقيم عهداً مع الشياطين. ومنهم من يرسل
الشيطان في مهمة يقضيها له، كأن يحضر له شيئاً، أو يؤثر به على إنسان معين.

 

وقد
كان القديس كبريانوس – قبل إيمانه – يشتغل بالسحر، وكان يستخدم الشياطين في الوصول
إلى أغراضه.. وهؤلاء السحرة قد يبهرون الناس بأعمال مدهشة، مثلما كان يفعل سيمون
الساحر, ومثل عرافة فيلبي (أع8: 16). ومثلما قيل عن الوحش والتنين في سفر الرؤيا.

 

·
وأعوان الشيطان على نوعين:

1النوع الأول:

يعرف
أنه يتعامل مع الشيطان, ويقبل هذا الوضع من أجل المنفعة التي يقدمها له.. لأن
الشياطين يمكن أن تعمل آيات وعجائب كثيرة – يسمح بها الله لاختبار المؤمنين – وهي
غير الآيات والعجائب التي يصنعها القديسون بقوة الله – وينبغي على المؤمن أن يكون
عنده إفراز للتمييز بين الأمرين – وهؤلاء المتعاونين مع الشياطين يقول الناس عنهم.
فلان معه (خادم) يقضي له ما يشاء.

 

ولكن
الشيطان لا يعمل مجاناً, وإنما له في ذلك مقابل، يدفعه المتعامل معه من إيمانه
بالله..

 

2النوع
الثاني:

وهذا
النوع مخدوع من الشياطين, لأن الشيطان يستطيع أن (يغير شكله إلى شبه ملاك نور)
(2كو11: 14)، وقد يظهر في هيئة وأسم أحد القديسين وقد يعطي أحلاماً كاذبة ورؤى
كاذبة.. وكم مرة أضل قديسين ومتوحدين بخداعة، فانقادوا، ونفذوا مشيئته في حياتهم
وهلكوا.. وبعضهم سجدوا له، فاستحوذ عليهم وأذلهم..

 

والبعض
يسعون وراء الشياطين أو أعوان الشياطين لمعرفة المستقبل، والمستقبل لا يعرفه إلا
الله وحده ,والشيطان بذلك يكذب على هؤلاء الناس ويوهمهم أنه يعرف المستقبل فيجرون
وراءه عن طريق تحضير الأرواح أو غيرها كما سبق أن ذكرنا.. فهو يستطيع أن يعرف
الماضي فقط، ولكنه لا يعرف المستقبل لذلك فهو في بعض الأوقات يستخدم طريقة
الاستنتاج أو الفراسة أو بعد النظر أو التوقع الطبيعي، ويدل هؤلاء المستفسرين
عليها، فاذا صادف وحدث هذا الشيء يذكر الإنسان به فيثق فيه، وإن لم يحدث لا يتذكره
الإنسان نفسه وكأنه لم يحدث:

 

وهكذا
ينهينا ويحذرنا الوحي الإلهي إلا نتبع هذه الخرافات قائلاً “لا تتعلم أن تفعل
مثل رجس أولئك الأمم. لا يوجد فيك من.. يعرف عرافه، ولا عائف، ولا متفائل، ولا
ساحر، ولا من يرقى رقية، ولا من يسأل جانا أو تابعة، ولا من يستشير الموتى. لأن كل
من يفعل ذلك مكروه من عند الرب” (تث18: 9
12).

 

ويدخل
في هذا النطاق أيضاً من يستخدم قوى غامضة لتحقيق أغراضه أو أغراض غيره، باستخدام
الأحجبة أو التعويذ بكتابات غامضة، قد لايعرف هو نفسه معناها: لأنه إن كان الكتاب
قد لعن من يتكل على ذراع بشر، فكم بالأحرى من يستخدم تلك القوة الغامضة، التي إن
لم تكن دجلاً صرفاً لخداع البسطاء، فهي إلتجاء إلى الشياطين.

 

ويدخل
هذا أيضاً في هذا النطاق أيضاً ما يسمى (بالعمل) من حيث محاولة البعض إستخدام قوة
الشياطين للوصول إلى هدف معين.

 

إن
الذي يتعاون مع الشيطان ,هو مخطئ عند الله، ومن الوصية الأولى بالذات، والذي يوهم
البسطاء بذلك لنفع خاص، لهو مخطئ أيضاً في إعثارهم، وفي تخويفهم، أو في سلهم
أموالهم.

أما
نحن فعلينا أن نؤمن بأن الشيطان لا سلطان له على أولاد الله، وأن للكون مدبراً هو
ضابط الكل الذي له المجد الدائم إلى الأبد.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى