علم المسيح

هل السيد المسيح هو الله



هل السيد المسيح هو الله

هل
السيد المسيح هو الله

القمص
مرقس عزيز خليل

كنيسة
السيدة العذراء والشهيدة دميانة (المعلقة)

 

حوار
صريح جداً جداً

السيد
المسيح له المجد. من هو؟ أنه سؤال تردد علي أفواه الأفراد والجماعات في سائر
الطبقات وفي مختلف الجهات والأوقات0 سؤال لايزال يشغل الأذهان التي لم تؤمن به
أيماناً كاملاً0

لقد
صاح تلاميذه بعد أن أصدر أمره فأسكت رياح الجو الشديدة وأخضع أمواج البحر المزبدة0
لقد صاحوا قائلين: (من هو هذا فإن الريح أيضاً والبحر يطيعانه)؟! وحينما دخل مدينة
أورشليم ظافراً منتصراً أرتجت المدينة كلها وهتفت الجماهير بجملتها قائلة: (من
هذا)؟!

وتساءل
الأعمي وقد رد اليه بصره المفقود منذ ولادته (من هو؟)؟ والناس فيّ جميع الأجيال لم
يكفوا عن ترديد هذا السؤال0

 

من
هو؟؟

من
هو هذا الذي (لم يتكلم قط إنسان مثله)؟؟ من هو هذا الذي لم يعش قط إنسان مثله؟!

أنه
القدوس بين الجبابرة والجبار بين القديسين

لكل
حسن في العالم سيئة، ولكل كامل نقيصه0 أما هو فما ساء قط. وله الحسني فقط (كالتفاح
بين شجر الوعر، كالسوسن بين الشوك)، (فحلفه حلاوة وكله مشتهيات)0

من
هو هذا الذي لم يحب قط إنسان هكذا مثله؟! (إن محبته أعجب من كل محبة فليس لأحد حب
أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه)0

من
هو هذا الذي لم يمت قط إنسان مثله؟؟ لقد بذل نفسه لاجل اعدائه، وسفك دمه لأجل
مبغضيه. لقد قال روسو: (إن كان موت سقراط موت حكيم، فموت السيد المسيح موت آله0

من
هو الذي غير مجري التاريخ بأسره وفي مولده اشتراك العالم كله الذين آمنوا به
والذين لم يؤمنوا؟ فأصبح التاريخ بمولده قسمين الأول يقال له قبل الميلاد والثاني
يقال له بعد الميلاد.. من هو الذي غير العديد من المفاهيم والمعاني وارتقي
بالبشريه حيث رفعها من الحضيض الي اسمي الدرجات؟

من
هو الذي لو جمعت حسنات المحسنين ومنافع المجيدين الخيرين لما ساوت قطرة من محيطات
جودة ولا ذرة من جبال احسانه؟

من
هو ياتري؟؟ أهو حديث أم هو أزلي؟؟ أهو يهودي أم هو اغريقي؟؟ أهو غربي أم هو شرقي؟؟
أهو انسان أم هو الاله الحي الحقيقي؟؟

هذا
هو موضوع هذا الحوار الصريح جداً جداً.

ان
قصة هذا الحوار بدأت منذ عدة سنوات حيث دار هذا الحوار بيني وبين بعض الأشخاص في
كندا كما أذيع أغلبه في التليفزيون الكندي وتم نشره علي صوره مقالات بالمجلات
المختلفه في الولايات المتحده وكندا. وقد رأيت أن أقدمه للقارئ في صوره كتاب بعد
الحاح الكثيرين. وسوف نذكر كلمات المتحاورين تحت عنوان (المحاور) تم يعقبه الرد
(التعليق)

الرب
يستخدم هذا الكتاب لأجل مجد أسمه القدوس ولأجل خلاص الأنفس له المجد الدائم. الي
الأبد آمين.

 

موضوع
الحوار

أثار
أهتمام الناس

المحاور:
اذا وقفنا أمام صفحات التاريخ وعمالقته فاننا لن نجد شخصاً أثار أهتمام الناس
وضمائرهم والهب تفكيرهم وهز عقولهم هزاً عنيفاً كشخص السيد المسيح المبارك. وقد
أنقسم الناس بسببه فما رأيكم؟

التعليق:
حقا. لقد أنقسم الناس من جهته فهناك الذين أحبوه وهؤلاء أقتربوا منه ووثقوا تماما
آثامهم قد وضعت عليه. فقبلوه فادياً ومخلصاً لهم. وتغيرت حياتهم. وافرغوا عند قدميه
احلي ترنيماتهم واعذب موسيقاهم وأجمل أفكارهم. فأناروا العالم بالنور الذي استمدوه
من شخصه المبارك الكريم.

المحاور:
وايضاً هناك من حاربوه!!

التعليق:
نعم ولكن هؤلاء لم يستطيعوا أن يواجهوا نوره فداروا حوله وأفتروا عليه بشتي
الأقاويل.

 

قالوا….
و….. قالوا

المحاور:
لقد قالوا عنه: إنه ليس إبناً شرعياً لأمه القديسة العذراء مريم، وأنها قد حملت به
سفاحاً من جندي من الجنود الألمان الذين كانوا يحتلون الناصرة إبان حكم الرومان.
وقالوا عنه: إنه في سني اختفائه، وهي السنين التي لم يشأ الوحي أن يكشف الستار
عنها ذهب إلي الهند، وتعلم حكمة الهنود، وأتقن قدرات كهنتهم ومشعوذيهم، ثم عاد إلي
فلسطين ليمارس بين بني وطنه ما تعلمه منهم، وصنع معجزاته بقوة هذا السحر الهندي
القديم. وقالوا عنه: إنه مجرد إنسان عبقري عظيم سبق عصره بمثله وتفكيره، وجاء إلي
هذا العالم الفسيح كما جاء سائر العباقرة الأفذاذ مثله كمثل سقراط، وأفلاطون،
وأرسطو، وكونفوشيوس، علي السواء. وقالوا عنه: إنه تميز بشخصية مغناطيسية جبارة، هي
سر تأثيره القوي علي الذين اتصلوا به، وتحدثوا إليه. وقالوا عنه: إنه كان يشفي
المرضي الذين أتوا إليه بقوة الإيحاء مستخدماً نظرات عينيه، والتأثير السحري
لكلماته.: وقالوا عنه: إنه أكثر من إنسان وأقل من إله، وهذا هو قول (آريوس، الذي
أنكر في القرون الأولي للمسيحية لاهوت السيد المسيح قائلاً: إن السيد المسيح هو
أول شخص خلقه الله. وقالوا عنه: إنه لم يكن إنساناً حقيقياً، وأن جسده البشري لم
يكن مثل أجسادنا بل كان مجرد ظهور. والقائلون بهذا الرأي جماعة ظهرت في فجر
التاريخ المسيحي باسم (جماعة دوكيون). وكلمة (دوكيون) من كلمة (دوكي) اليونانية
ومعناها (يظهر أو ظهور)}. ومثل هذا الاعتقاد ينفي عن السيد المسيح تحمله لآلام
الصلب، ويجعل منه مجرد شبح وهمي ظهر علي الأرض ثم عاد إلي السماء. وقالوا عنه: إنه
نبي عظيم، ورسول كريم، جاء في الناس مبشراً ونذيراً ولكنه لم يوجد قط قبل ميلاده،
وأن مثله كمثل آدم خلقه الله وقال له كن فكان، وأنه ورث الخطية من أمه العذراء.

التعليق:
نعم كان هناك محاولات أفتراء علي شخص السيد المسيح المبارك وسوف نرد علي هذه
الافتراءات. فقد قام قوم ليجربوه وكان أولئك القوم محصوريين في أربع طوائف، طائفة
الفريسيين، وطائفة الهيرودسيين، وطائفة الناموسيين، وطائفة الصدوقيين، لقد حاولوا
جميعاً ان يصطادوه بكلمة، لقد تظاهروا بالتبعية له، ولكنهم في حقيقة أمرهم كانوا
مرائين ممتحنين!!

لقد
كان هؤلاء وأولئك معاً فتنة في اليهود، وحرباً علي يسوع0

أتنسي
ذلك الناموسي الذي (قام يجربه) قائلاً له ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟!!

أتنسي
تلك المؤامرة المحبوكة المسبوكة التي شارك فيها الفريسيون والهيرودسيون يوم جاءوا
إلي يسوع بكلمات معسولة مسمومة إذ قالوا له (يامعلم نعلم أنك صادق ولاتبالي بأحد
لأنك لاتنظر إلي وجوه الناس بل بالحق تعلم طريق اللَّه)0

*
ثم بعد هذا، بعد هذا الكلام المعسول، بعد هذا الطعم المسموم؟!! سؤال خطير (أيجوز
أن نعطي جزية لقيصر أو لا نعطي)؟!

إنها
مشكلة طالما حيرت الطائفتين الكبيرتين في إسرائيل
فالفريسيون
يقولون بعدم جواز دفع الجزية للأجنبي علي حد وصية موسي التي تأمر بعدم معاونة
الأجنبي في إغتصاب حقوق إسرائيل، والهيرودسيون كانوا علي عكس ذلك يرون ضرورة دفع
الجزية لقيصر علي اساس ان قيصرية رومه كانت حامية لليهودية مساعدة لها علي استتباب
الراحة والسلام، غير أن عامة الشعب كانوا يؤيدون سياسة الفريسيين الوطنيين0

*
أما السيد المسيح فكان السؤال حرجاً جداً بالنسبة له، فلو قال أن نعطي الجزية
لقيصر كان ذلك مناوئاً للشعب الوطني الحر، ولو قال بعدم إعطاء قيصر جزيته كان ذلك
جالباً لغضب الدولة الحاكمة، فماذا عساه يصنع؟!!

وهل
يعجز رب الحكمة عن حل الاشكال؟! لقد طلب الدينار وسأل لمن هذه الصورة ولمن هذه
الكتابة عليه؟! قالوا لقيصر، قال أذن اعطوا ما لقيصر لقيصر. وما لله لله!! هكذا
استطاع يسوع ان يستن دستوراً حكيماً لبقاً للعالم كله الي يومنا هذا (لا تخلطوا
بين السياسة والدين) ثم جاءوا اليه بمشكلة أخري سنتحدث عنها فيما بعد وهي قصة
المرأة الخاطئة التي أمسكت في ذات الفعل ثم مشكلة أخري ومشكلة أخري وهكذا يقوم
يسوع المسيح من مشكلة ليجد أمامه مشكلة، ويحل السيد المسيح مسألة ليجد أخري0

ويوماً
جاءه جماعة من الصدوقيين وكانوا لا يؤمنون بالخلود ولا بالقيامة من الأموات، جاءوا
اليه بمشكلة سخيفة أرادوا بها التنديد بعقائد اليهود، وخصوصاً عقيدة القيامة من
بين الأموات، قالوا له كان سبعة إخوة تزوج أولهم بإمراة ومات قبل أن ينجب منها نسل
فتزوج أخوه المرأة علي مقتضي الشريعة الموسوية ومات والمرأة لم تلد، وهكذا تزوجها
كل واحد من السبعة وبعد أن ماتوا ماتت، قالوا ففي القيامة لمن تكون زوجة؟!

وهنا
أنبري لهم يسوع رب الحكمة قائلاً (أليس لهذا تضلون إذ لاتعرفون الكتب ولا قوة الله
لأنهم متي قاموا من الأموات لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في
السموات، وأما من جهة الأموات إنهم يقومون أفما قرأتم في كتاب موسي في أمر العليقة
كيف كلمة الله قائلاً (أنا إله إبراهيم وإله أسحق وإله يعقوب ليس هو إله أموات بل
إله أحياء فأنتم إذ تضلون كثيراً) (مر 12: 18 27)0

المحاور:
دعني أقول شيئاً أخراً ان هناك من تجاهل وجود السيد المسيح تماماً. بل أن هؤلاء
الذين تجاهلوه قالوا عنه (ان العلم قرر منذ عهد طويل أن يسوع المسيح لم يوجد علي
الإطلاق، وأن الصورة التي رسمت لمؤسس المسيحية المزعوم ليست سوي أسطورة خرافية،
وانعدام شخصية السيد المسيح التاريخية تؤكد حقيقة أولية، وهي أن المؤرخين والكتاب
الذين عاشوا في الوقت الذي قيل إن السيد المسيح قد عاش فيه ودعا لشريعته، لم
يذكروا أي شئ عنه بالمرة. إن يسوع المسيح لم يكن له وجود إطلاقاً وأنه ليس سوي
شخصية خرافية، وأن ماكتبه الرسل في الأناجيل ملئ بالأقوال المتعارضة وليس جديراً
بأي اعتبار وأنا أؤيد هذا الرأي فهل أغضبتك صراحتي؟

 

بدع
وأفتراءات

التعليق:
لا ياأخي فأنت لاتردد إلا ما سبق أن ردده اصحاب البدع التي قرأت عنها ولكنك نسيت
أن تقول الحقيقة الكاملة وهي انه (في وسط ضوضاء هذه الافتراءات، والادعاءات،
والأقاويل يرتفع صوت السيد المسيحيين الحقيقيين قائلاً: إن السيد المسيح هو (الله
الابن) وهو (ابن الله) الكائن منذ الأزل مع الآب والروح القدوس، وأنه في ملء
الزمان أخذ صورة عبد وصار في شبه الناس،،إذ وجد في الهيئة كإنسان ووضع نفسه وأطاع
حتي الموت موت الصليب ليقوم بعمل الفداء العظيم.

المحاور:
نعم واعتذر

التعليق:
دعنا الأن نقترب من نقاط استفساراتك لنري الحقيقة فهل حقاً كان السيد المسيح
اسطوره خرافيه ولم يكن له وجود في التاريخ؟

هل
هو نبي مقتدر ظهر علي ارضنا؟ هل هو مجرد انسان عبقري مثل سائر العباقره أو
الأنبياء؟ أم أن يسوع المسيح هو الله الظاهر في الجسد.

المحاور:
فلتسمح لي أن نوقف مسيح الكتاب المقدس امامنا وندرس شخصه من أقواله واعماله
وسجاياه وخلال ماجاء عنه في مختلف المجالات سواء المؤمنين به أو الذين لم يؤمنوا
به حتي نستريح وبدون غضب!!

التعليق:
وان كان لا يجوز لأحد أن يقول (نوقف مسيح الكتاب المقدس امامنا وندرس شخصه و……
الح) كما قلت إلا أنني سأتغاضي عن هذه الكلمات مؤقتا لحين انتهاء الحوار. لأنه من
الواضح انك لاتؤمن به. ولكن ماهدفك من هذه التساؤلات؟

المحاور:
أريد أن اعرف الحقيقه لكي أؤمن فاذا تبين لي ان السيد المسيح مجرد انسان سأقبله
كأنسان وأن تبين لي أنه معلم عبقري عظيم فأنني سأقبله كعبقري عظيم. أما اذا اتبين
انه مجرد نبي مقتدر فأنني سأقبله كنبي

التعليق:
واذا تحدانا السيد المسيح بأقواله وسجاياه ومعجزاته ولمسنا لاهوته من خلال تجسده
وتأكدنا انه (الله) الذي ظهر في الجسد

المحاور:
عندئذ سأجسد في حضرته القدسيه قائلاً له أخطأت سامحني وأهدني وأرشدني.

التعليق:
اذا شاء الرب سيعلن ذاته لك ويقنعك بلاهوته والأن وقبل أن نتعمق في دراسة قضية
لاهوت السيد المسيح، نري لزاماً علينا ان نفند ادعاءك بأن شخصية السيد المسيح
شخصية خرافية، والواقع أن إدعاء من هذا الطراز يعلن عن جهالة قائلة. ليس فقط من
الناحية الدينية، بل من الناحية العلمية التاريخية كذلك.

ونقول
أولاً إن السيد المسيح الذي ولد في بيت لحم من القديسة مريم العذراء، لم يظهر هناك
بغير مقدمات، وإنما سبق ظهوره الكثير من النبؤات التي ملأت صفحات العهد القديم من
سفر التكوين إلي سفر ملاخي، وقد أشاعت هذه النبؤات بصراحة ألفاظها، والتحديد
الكامل لمعالم الشخصية التي تحدثت عنها روح انتظار هذه الشخصية الفريدة التي حددت
النبؤات أنها ستولد من عذراء، وستولد في (بيت لحم) بالذات.

والسيد
المسيح حين ولد في العالم ولد في (ملء الزمان) كما قال القديس بولس الرسول في
رسالته إلي أهل غلاطية: (ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة
مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني) (غلا 4: 4 – 5)

المحاور:
مامعني كلمه ملء الزمان؟

العالم
يستعد دون أن يدري

التعليق:
(ملء الزمان) تعني الوقت الذي تهيأ فيه العالم لأستقبال السيد المسيح ويؤيد
التاريخ أنه في وقت ولادة السيد المسيح كان في العالم شعوب ثلاثة هي صاحبة النفوذ
في ذلك العصر: الرومان، واليونان، واليهود.

وقبيل
ميلاد السيد المسيح هيأ الرومان عالما مشتبكا، فبدلاً من وجود شعوب منفصلة متباعدة
تتبادل الريب والشكوك ألفي السيد المسيح عالماً ممهداً خلواً من الحواجز والعقبات،
إذ كانت روما قد أدمجدت الدل المتنافسة في امبراطورية واحدة، وشقت الطرق الرومانية
كل رقاع العالم المتمدن، وصانت قوة القياصرة السلام العالمي، وهكذا تهيأت الطرق
لمجئ الملك السماوي، وتهيأت الطرق لرسله ليحملوا رساله حبه للعالم الفسيح.

أما
اليونان فعند اقتراب اليوم الذي جاء فيه السيد المسيح فقد قاموا وهم لا يدرون
بنصيبهم في إعداد الطريق أمام الملك الآتي، وذلك لأن اللغة اليونانية الجميلة
اللينة كانت قد أصبحت اللغة الرئيسية في الامبراطورية فتعلمت كل الشعوب المحيطة
بحوض البحر الأبيض اللغة الرسمية في كل العالم المتمدن فتهيأت الأداة لنقل إنجيل
السيد المسيح الجليل.

أما
اليهود فقد كان عملهم هو الاحتفاظ بأقوال الله والنبؤات التي تتحدث عن مجئ المخلص
الموعود كما قال القديس بولس الرسول في رسالته إلي أهل رومية: (إذا ماهو فضل
اليهودي أو ما هو نفع الختان؟ كثير علي كل وجه. أما أولاً فلأنهم أستؤمنوا علي
أقوال الله) (رو 3: 12)، ولقد كان سبي اليهود إلي بلاد العالم هو الطريق لنقل هذه
النبؤات إلي سائر الشعوب، وهكذا تهيأ العالم لمجئ السيد المسيح الكريم.

وإنه
لمما يدعو إلي التفكير أن نري هذه الشعوب الثلاثة وقد اتحدت وهي لاتدري لإعداد
الطريق قبيل مجئ السيد المسيح، وفي هذا أقوي دليل علي وجود يد إلهية تسيطر علي
أحداث التاريخ لتصيغ منها ما يتفق مع البرنامج الإلهي للعالم.

المحاور:
وهل توجد ادله ترضي العقل ويصادق عليها المنطق السليم تؤكد لنا ان السيد المسيح
شخصيه حقيقيه عاشت بين الناس علي مسرح التاريخ

التعليق:
نعم فالسيد المسيح شخصية تاريخية حقيقية لأن كتاب العهد القديم وهو الكتاب المقدس
عند اليهود الذين رفضوا السيد المسيح في مجيئه الأول، يعلن بوضوح عن ميلاده ويرسم
معالم شخصيته التي نراها في جلالها في كتابات العهد الجديد: عشرات النبؤات جاءت عن
السيد المسيح في العهد القديم متحدثة بدقة متناهية عن ميلاده، ورسالته، وطريقة
موته، وقيامته، وصعوده إلي السماء، ومجيئه الثاني ليملك علي هذه الأرض00 وكانت
معاني هذه النبؤات واضحة تماماً في صيغتها ومفهومها للدارسين لها، لنأخذ علي سبيل
المثال نبوة منها وهي الخاصة بمكان ميلاد السيد المسيح.. فتعال معي لنقرأ ماذكره
انجيل القديس متي الرسول: (ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك.
إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلي أورشليم قائلين: أين هو المولود ملك اليهود؟
فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له. فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع
أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم أين يولد السيد المسيح؟
فقالوا له: في بيت لحم اليهودية.لأنه هكذا مكتوب بالنبي، وأنت يابيت لحم أرض يهوذا
لست الصغري بين رؤساء يهوذا. لأن منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل) (مت2: 1-6)

والنبي
الذي ذكر اسم المدينة التي سيولد فيها السيد المسيح هو ميخا النبي الذي عاش قبل
ميلاد السيد المسيح بسبعمائة سنة، وهذه بالحرف كلمات نبوته: (وأما أنت يابيت لحم
أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً علي
إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل) (ميخا 5: 2)

هذه
واحدة من النبؤات التي تمت بحرفيتها في السيد المسيح، وليس يعقل كما أنه ليس من
المستطاع أن يرسم كتاب العهد الجديد، وهم في غالبيتهم شرذمة من غير العلماء أو
المثقفين، صورة تنطبق كل الانطباق علي الصورة التي تنبأ بها العهد القديم، لو لم
يكن السيد المسيح شخصية حقيقية رأوها، وعاشروها ولمسوها، ولهذا تحدثوا عنها بيقين
كما قال يوحنا الرسول تلميذ السيد المسيح الحبيب: (الذي كان من البدء. الذي
سمعناه. الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة00
الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به) (يو1: 1 – 3)

ومع
هذا كله فإننا نجد ظاهرة جديرة بالعناية والتفكير في الكتاب المقدس هي ظاهرة
الكلمات الصريحة التي تتحدث عن اختيار الله لإسرائيل وتفضيلهم علي الشعوب الأخري
التي عاصرتهم، ثم الحديث عن اللعنات والغضب الإلهي الذي ادركهم، فلماذا اهتم
الكتاب المقدس بالتاريخ اليهودي، والديانة اليهودية، والشعب اليهودي. وما علة
اختيار الله لهم، تم تشتيتهم وصب اللعنات عليهم بسبب عصيانهم؟ (تثنية
28: 1568) والجواب
الوحيد الذي نجده في الكتاب المقدس ويرضي عنه العقل بارتياح: هو أن الله قد اختار
هذا الشعب في القديم، وكرمهم هذا التكريم، لأن السيد المسيح مخلص العالم كان
مزمعاً أن يأتي منهم كما كتب بولس الرسول قائلاً (إن لي حزناً عظيماً ووجعاً في
قلبي لا ينقطع. فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من السيد المسيح لأجل إخوتي
أنسبائي حسب الجسد. الذين هم إسرائيليون ولهم التبني والمجد والعهود والاشتراع
والعبادة والمواعيد. ولهم الآباء ومنهم السيد المسيح حسب الجسد الكائن علي الكل
إلهاً مباركاً إلي الأبد آمين) (رو 9: 3- 5)

فلكي
يتمم الله ماقاله بخصوص السيد المسيح، اختار هذا الشعب، وتحفظ عليه، وأحاطه
بالعناية حتي جاء منه السيد المسيح مخلص العالم، وفي هذا أصدف دليل علي أن السيد
المسيح شخصية حقيقية.

المحاور:
وهل هناك دليل آخر؟

التعليق:
السيد المسيح شخصية تاريخية حقيقية بدليل وجود المسيحية: لاجدال في أن المسيحية
ديانة شائعة يدين بها أكثر من ثلث سكان الكرة الأرضية.. فمن ذا الذي أوجد هذا
الدين المؤثر المنتشر العجيب؟ لقد أوجد (بوذا) البوذية، واوجد (كنفوشيوس)
الكنفوشية، وأوجد (زرادشت
Zoroaster) الزرادشتية، وإذا تابعنا التفكير المنطقي السليم الذي يحتم أن
يكون لكل دين مؤسس أو نبي زعيم، وجب أن نؤمن بوجود مؤسس للمسيحية هو بلاشك شخص
السيد المسيح الكريم فالمسيحية بوجودها القوي، وكيانها الرائع، وتأثيرها البالغ
الذي أحدثته في العالم إذ أخرجته من بربريته وحبه للدماء، وأشرقت عليه بأنوار
المحبة النازلة من السماء دليل علي حقيقة شخصية السيد المسيح.

المحاور:
أنا لا أنكر أن المسيحية قد غيرت الكثير من الصور التي كانت في العالم قبل مجيئها.

التعليق:
أجل لقد صار العالم بعد المسيحية غير العالم الذي كان فبلها، فقد رفعت المسيحية
قدر المرأة، فبعد أن كانت سلعة من سقط المتاع تشتري وتباع، صار لها اعتبارها
وكرامتها00 وألغت المسيحية تعدد الزوجات. فأعطت بذلك للأسرة أستقراراً وأمناً،
كذلك جعلت الفرد يشعر بقيمته فلم يعد وجهاً ضائعاً بين الوجوه في زحام الحياة، بل
عرف أنه كيان مستقل يهتم به الله ويرعاه (لأنه هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه
الوحيد لكي لايهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية) (يو 3:
16)0

المحاور:
لقد قلت لك ان المسيحية غيرت الكثير من الصور التي كانت في العالم قبل مجيئها ولكن
هذا لايعني ان السيد المسيح كان حقاً شخصه حقيقيه وليس خيالاً!!

التعليق:
ان وجود المسيحية بهذا التأثير الفعال دليل واضح علي حقيقة وجود السيد المسيح، أما
إذا أردنا أن ننكر شخصية السيد المسيح التاريخية فهذا يوجب علينا أن ننكر كذلك
بوذا، وكنفوشيوش، وزرادشت، وغيرهم من مؤسسي الديانات الموجودة في أرضنا، بل يوجب
علينا أن نجد علة ترضي عنها عقولنا لوجود المسيحية، وأن نفسر كيف انتصرت المسيحية،
وقد لاقي اتباعها الكثير من صنوف الاضطهاد والعذاب والاستشهاد، وكانوا في غالبيتهم
شرذمة من الجهلاء والضعفاء، علي الوثنية التي تحميها الدولة الرومانية بقوتها العسكرية،
مع أن المسيحية في انتصارها وانتشارها لم يقم أتباعها بغزوة من الغزوات، ولم
يشهروا سيفاً، ولم يستخدموا ضغطاً مادياً لإرغام الناس علي اعتناقها والإيمان
بمسيحها.ويقيناً اننا لن تستطيع أن نجد تعليلاً لكل ما احدثته المسيحية من تغير في
عالمنا الا باعترافنا انه حدث بتأثير شخص حقيقي عاش فعلاً علي هذه الأرض. وان هذا
الشخص هو السيد المسيح له المجد.

 

المبادئ
السامية

المحاور:
هل لديك دليل آخر؟

التعليق:
لقد تعلمنا من نظرية (الأواني المستطرقة) أن السائل لايرتفع أعلي من المستوي الذي
انحدر منه00 وعلي هذا القياس نسأل: أين هو الإنسان البشري الذي يقدر أن يقول ما
قاله السيد المسيح في كلماته (قد سمعتم أنه قيل للقدماء لاتزن وأما أنا فأقول لكم
إن كل من ينظر إلي امرأة ليشتهيها فقد زني بها في قلبه) (مت 5:
2728) أو أن
يقول (سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول لكم لاتقاموا الشر بل من
لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً) (مت5:
3739) أو أن
يرفع من قدر الفقير حتي وأنت تتصدق عليه فيقول (احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام
الناس لكي ينظروكم. وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات. فمتي صنعت صدقة
فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة لكي يمجدوا من
الناس. الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتي صنعت صدقة فلا تعرف
شمالك ماتفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يري في الخفاء هو
يجازيك علانية) (مت 6: 1- 4) أو أن يجعل الصلاة صلة خفية بين الإنسان وخالقه، ليست
لمجرد التظاهر، بل للتعبد بنقاء وطهر فيقول (ومتي صليت فلا تكن كالمرائين. فإنهم
يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشواع لكي يظهروا للناس. الحق أقول
لكم إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتي صليت فادخل إلي مخدعك وأغلق بابك وصل
إلي أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية. وحينما تصلون
لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم. فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا
تتشبهوا بهم. لأن أباكم يعلم ماتحتاجون اليه قبل أن تسألوه) (مت 6: 5-8)

المحاور:
اذا كان السيد المسيح هو الله فلابد ان تكون كلماته اعظم ماقيل علي الأرض فهل هذا
حقيقي؟

التعليق:
ان كل الأقوال لا تساوي شيئاً، ولا وجه للمقارنة علي الاطلاق بينها وبين ماقاله
السيد المسيح فيقول الكتاب عن كلامه له كل المجد(فبهتوا من تعليمه لأن كلامه كان
بسلطان) (لو4:
32).(لم يتكلم
قط انسان هكذا مثل هذا الانسان) (يو7:
46). بل قال له المجد عن
كلامه العظيم الذي قاله بسلطان: (السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لايزول) (لو
21: 3).

فهو
الوحيد الذي قال: (قال الناموس).. وأما (أنا فأقول)00انه لسلطان عجيب، فما قاله في
الموعظة علي الجبل وفي كل أحاديثه هو بالحق أحسن وأعظم ماقيل علي الأرض، لذلك قال
القديس الرسول بولس: (متذكرين كلمات الرب يسوع) (أع
20: 35).

وبما
أن هذا الكلام العظيم ليس له نظير فاننا نقول ان من قاله هو الله.

 

هل
يختلف عن البشر

المحاور:
الست معي في أنه ان صار الله انساناً فلابد أن يكون مختلفاً عن بقية البشر في
تأثيره الشامل والدائم؟0

التعليق:
حقاً لقد كان السيد المسيح مختلفاً عن بقية البشر في ميلاده وفي كلامه وفي حياته،
وحتي في موته وقيامته وصعوده الي السماء. فميلاده قسم التاريخ الي ماقبل الميلاد
وما بعد الميلاد كلامه هو أعظم كلام. وحياته ماأعجبها! كذلك تأثيره علي البشر، فلا
تزال شخصية السيد المسيح له المجد تترك تأثيرها علي بني البشر بعد ألفي سنة من
ميلاده. بدون مال أو سلاح هزم السيد المسيح الملايين، وفتح أعظم الدول بكلامه
الألهي. بل وصار تأثيره الدائم يشمل المتعلمين والأميين، المثقفين والجهال،
الأغنياء والفقراء، السود والبيض، كل الأمم والقبائل والشعوب سباهم حب السيد
المسيح، وكان تأثيره عميقاً شاملاً ودائما.. أليس هذا هو الله؟!

المحاور:
إلست معي في أنه إن صار الله أنساناً فلأبد أن يشبع جوع الناس الروحي والجسدي؟

التعليق:
نعم. لقد قال السيد المسيح له كل المجد عن نفسه: (أنا هو خبز الحياة، من يقبل الي
فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبداً) (يو6:
35). أي أنه
شبع للجائع وري للعطشان (يو7:
37). (ان عطش أحد فليقبل الي ويشرب) وكذلك
(من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش الي الأبد) (يو4:
14). مجدا
للرب، فانه الوحيد الذي أشبع الجياع والعطاش الي البر، وأراح المتعبين وثقيلي
الأحمال، فقد وجد الكثيرون السعادة المنشودة في يسوع المسيح. وهو أيضا الذي يشبع
الجوع الجسدي، فمن يكون ذلك الشخص القادر علي ذلك الا الله.

المحاور:
أن صار الله انساناً فلابد ان يكون له سلطان علي الموت فهل كان للسيد المسيح مثل
هذا السلطان؟

التعليق:
البشر يموتون.. (وضع للناس أن يموتوا مرة)00 والموت هو مصير كل انسان، ولكن..الله
عندما يصير انساناً عليه أن يظهر سلطانه علي الموت، فهو وحده الذي ليس للموت سلطان
عليه، (وحده له عدم الموت). من أجل ذلك قال السيد المسيح لمرثا أخت لعازر: (أنا هو
القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا) (يو11:
25). انه هو
الحياة، ففيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس. من هنا نري أن الرب يسوع المسيح
له أيضاً عدم الموت، فهو بذلك يبرهن لنا أنه الله. لقد أظهر يسوع المسيح سلطانه
علي الموت في اقامة من مات في الحال (ابنة يايرس… مر5:
41 42)، ثم آخر
مات منذ ساعات (ابن أرملة نايين… لو7:
12)، وثالث
قام بعد أربعة أيام (لعازر… يو 11:
43).وبذلك قهر الموت في
الآخرين.

لكنه
لم يقهر من الموت، فهو ليس بشراً، بل قال للموت عندما أراد أن يموت: مسموح لك أن
تأتي الي و (أسلم الروح) (يو
19: 30)، لأنه قال
عن نفسه: (لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً). وفي نهاية المطاف قام هو
بنفسه من الأموات، وقال: (أين شوكتك ياموت! أين غلبتك ياهاوية!) (1كو
15: 55).

فالسيد
المسيح هو قاهر الموت الذي أبطل مفعول العدو الذي جعل البشرية كلها في رعب مستمر
من سطوته، ولكنه- تبارك اسمه- أعطي للمؤمنين به أن يقولوا: (الموت لي ربح).

المحاور:
ان صار الله انساناً فلابد أن يكون له السلطان أن يعود من حيث جاء اليس هذا
صحيحاً؟

التعليق:
نعم. وهذا مافعله يسوع السيد المسيح، فهو قد جاء من فوق، لذلك فهو فوق الجميع. وقد
نزل من السماء وكان لابد أن يكون له، في قدرته السرمدية، سلطان فوق سلطان الجاذبية
الأرضية حتي يمكنه العودة مرة أخري الي حيث جاء، لذلك قال: (خرجت من عند الآب، وقد
أتيت الي العالم، وأيضاً أترك العالم وأذهب الي الآب) (يو
16: 28).

وهذا
كان واضحاً عندما أخذته سحابة عن عيون التلاميذ وصعد الي السماء. (ولما قال هذا
ارتفع وهم ينظرون وأخذتة سحابة عن أعينهم) (أع1: 9).

إن
المبادئ السامية التي نطق بها السيد المسيح، والاعمال الجليله والخارقه التي
عملها، وسجلتها الأناجيل هي أصدق دليل علي أن شخصية السيد المسيح تاريخية حقيقية،
إذ ليس في وسع إنسان بشري مهما كانت عبقريته، أو سمت أخلاقياته أن ينطق بمثل هذه
المبادئ، وأن يسلط علينا نوره الفاحص ليرينا شر قلوبنا، ونجاسة تصرفاتنا.

 

لم
يكتبوا عنه شيئاً

المحاور:
سنعود الي علاقة السيد المسيح بالسماء فيما بعد ولكن ماقولك في ان المؤرخين
والكتاب الذين عاشوا في الوقت الذي عاش فيه السيد المسيح ودعا لشريعته لم يذكروا
أي شيئ عنه بالمره؟

التعليق:
ليس لنا رد علي اصحاب هذا الادعاء سوي أنهم ينسون أو يتناسون أن المسيحية عاشت في
القرون الأولي للميلاد في وسط اضطهاد لامثيل له، وكان المسيحيون يعتبرون طائفة
مغضوباً عليها من حكام الدولة الرومانية، ومن كهنة الديانة اليهودية..فمن هو
المؤرخ الذي كان يجرؤ في مثل هذه الظروف أن يكتب بإفاضة عن المسيحية سيما وأن
أتباعها كانوا في غالبيتهم من الفقراء المشردين الذين عاشوا في سراديب القبور
Catacombs ولم يكن لهم تأثيراً يذكر في أمور هذا العالم.

ومع
ذلك فإننا نجد لمحات في كتب التاريخ القديم، جاءت في صيغ لاتعرض أصحابها للاضطهاد
والتعذيب، نذكرها للشكاك لا لأعتقادنا بأهميتها، فإن عندنا العهد الجديد من الكتاب
المقدس وفيه كل الصدق وكل اليقين بخصوص حقيقة السيد المسيح، وإنما نذكرها لنسكت
بها اعتراض المعترضين.

فقد
جاء في تاريخ (فلافيوس يوسيفوس) المؤرخ اليهودي الذي عاش بين سنة 73- 07 ميلادية
هذه الكلمات (إنه في ذلك العهد عاش يسوع، وهو إنسان قديس حكيم- إن جاز أن نسميه
إنساناً، لأنه كان يصنع معجزات كثيرة، وكان معلماً لأناس يقبلون الحق بسرور، كان
هو السيد المسيح. ولما حكم عليه بيلاطس بالصلب، بناء علي طلب الرؤساء بيننا. لم
يتركه الذين أحبوه أولاً، لأنه ظهر لهم حياً بعد ثلاثة أيام، كما سبق الأنبياء
فأنباوا عن هذه الأمور بوحي إلهي، وهناك عشرة آلاف أمور أخري عنه وجماعة السيد
المسيحيين الذين سموا باسمه مازالت باقية حتي هذا اليوم،.

وذكر
أيضاً (ديل وإيلين روتين،) في كتابهما (هل نستطيع أن نعرف؟) المطبوع سنة
1968 ما سجله
المؤرخ (تاسيتوس
Tacitus) وهو من أعظم المؤرخين اللاتينيين وقد عاش في النصف الأول من
القرن الثاني، وكتب عن الشائعات التي حامت من أن نيرون نفسه كان المسؤول عن الحريق
الهائل الذي التهم روما سنة
64 ميلادية فقال: (لكن لم يكن باستطاعة كل
العزاء الذي يمكن أن يأتي من إنسان، ولا كل الهدايا التي يمكن أن يمنحها الأمير،
ولا كل التفكير الذي يمكن أن يقدم للآلهة، أن يساعد نيرون علي نفي الاعتقاد الشائع
بأنه هو الذي أمر بهذا الحريق، لذلك رغبة منه في طمس الاشاعة، أتهم كذباً وعاقب
بأقسي أنواع العذاب أولئك الأشخاص الذين كانوا يدعون مسيحيين، والذين أبغضوا بسبب
تكاثرهم الهائل، وقد حكم بالموت علي السيد المسيح مؤسس هذا الاسم، ومات كمجرم بيد
بيلاطس البنطي والي اليهودية، فانتشرت مرة أخري البدعة الوبيلة، ليس في اليهودية
وحدها حيث بدأت، بل في مدينة رومية كلها أيضاً).

ومع
كل ماتقدم من وثائق تاريخية صحيحة المصادر، فإنه يمكن لمن يريد الرجوع إلي كتب
التاريخ أن يقرأ ماسجله (ثالوس) حوالي سنة
52 ميلادية،
وسيتونيوس، ولوسيان، فكلهم أكدوا حقيقة وجود السيد المسيح والمسيحية.

وقد
ذكر الأستاذ محمد أبو زهرة في كتابه (محاضرات في النصرانية {الطبعة الثانية
1949} مايلي:
(جاء في كتاب تاريخ الحضارة00قد كتب بلين، وكان والياً في آسيا إلي الامبراطور
تراجان {الذي دام حكمه من سنة
98117 ميلادية}
كتابا يدل علي الطريقة التي كان يعامل بها المسيحيون قال: (جريت مع من اتهموا
بأنهم نصاري علي الطريقة الآتية، وهو أني أسالهم إذا كانوا مسيحيين فإذا أقروا
أعيد عليهم السؤال ثانية وثالثة مهدداً بالقتل، فإن أصروا أنفذ عقوبة الأعدام فيهم
مقتنعاً بأن غلطهم االشنيع، وعنادهم الشديد، يستحقان هذه العقوبة، وقد وجهت التهمة
إلي كثيرين بكتب لم تذيل بأسماء أصحابها فأنكروا أنهم مسيحيين، وكرروا الصلاة
للأرباب الذين ذكرت أسماءهم أمامهم، وقدموا الخمور والبخور لتمثال أتيت به عمداً
مع تماثيل الأرباب، بل أنهم شتموا السيد المسيح، ويقال إن من الصعب إكراه
المسيحيين الحقيقيين، ومنهم من أعترفوا بمسيحيتهم، ولكنهم كانوا يثبتوا بأن
جريمتهم في أنهم اجتمعوا في بعض الأيام قبل طلوع الشمس علي عبادة السيد المسيح علي
أنه رب، وعلي إنشاد الترانيم إكراماً له وتعاهدوا فيما بينهم لاعلي ارتكاب جرم، بل
علي ألا يسرقوا، ولا يقتلوا، ولا يزنوا، وأن يوفوا بعهودهم).

وكل
شهادات التاريخ تؤكد أن السيد المسيح شخصية حقيقية، وأن المسيحيين الذين عاشوا في
القرن الأول للميلاد كانوا يجتمعون لعبادته علي أنه رب، وعلي إنشاد الترانيم
لحمده، مما يؤكد أن المسيحيين في القرن الأول للميلاد آمنوا بالسيد المسيح علي أنه
(الله الابن) الذي تجسد لفدائهم، وفي هذا مايهدم إدعاء المدعين بأن عقيدة ألوهية
السيد المسيح دخيلة علي المسيحية، وقد لاقي المسيحيون في القرون الثلاثة الأولي
للميلاد بسبب عبادتهم للمسيح، واعترافهم به إلها مباركاً كائنا علي الكل أفظع
أنواع العذاب، حتي لقد كانوا يضعون بعضهم في جلود الحيوانات ويطرحونهم للكلاب
فتنهشهم، وصلبوا بعضهم، وألبسوا بعضهم ثيابا مطلية بالقار، وجعلوهم مشاعل يستضاء
بها.وكان الامبراطور نيرون نفسه يسير في ضوء تلك المشاعل الانسانية.

لقد
كان السيد المسيح شخصية حقيقية فرض نفسه علي الزمن، وانتشر تأثيره إلي ماوراء حدود
فلسطين، فوصل إلي أوروبا وآسيا، وبعض أجزاء أفريقيا، ووصلت أخباره إلي بلاد العرب
وذاعت اخباره الي كل بقاع العالم.

 

أقصد
ولا أقصد

المحاور:
أنا لا أقصد أن أطعن في شخص السيد المسيح ولكنني أتحاور حول قضية لاهوته0

التعليق:
شكراً علي الجزء الأول من كلامك وأسمح لي أن أعلق علي الجزء الآخر هل تؤمن بأن
السيد المسيح صادقاً أم تطعن في صدقه؟

المحاور:
أنالا أطعن في صدقه ولكنني اتحاور فيما تفهمونه من كلماته؟

التعليق:
إلا تتفق معي أنه رغم ماوصف به السيد المسيح من أنه المعلم الصالح الذي لا مثيل له
وماقيل عنه أنه لم يتكلم إنسان قط مثل هذا إلا أن الطعن في لاهوته يجعله كاذباً
وليس صادقاً

 

هل
هو كاذب؟!

المحاور:
أنا لم أقل ذلك

التعليق:
ولكن السيد المسيح تحدث عن لاهوته اذ قال (أنا والآب واحد) (يو 1: 30) وبالتالي
حسب زعمك سيكون السيد المسيح غير صادق أذ ينسب لذاته أيضا القدرة التامة (بدوني لا
تقدرون أن تفعلوا شيئاً) (يو 15: 5)0 وسيكون المسيح غير صادق إذ ينسب لذاته سلطان
الدينونة (كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يارب يارب) (مت 7: 22) وسيكون السيد
المسيح غير صادق اذ ينسب لذاته انه واهب الحياة (أنا أعطيها حياة أبدية) (يو 10:
28)0 وسيكون المسيح غير صادق اذ ينسب لذاته أنه يوجد في كل مكان (حيثما اجتمع
اثنان أو ثلاثة… فهناك أكون في وسطهم) (مت 18: 20)0 وبهذا يكون صدقه هباء
منثوراً… وتبطل حقيقته، وكيف نطيع تعاليمه؟! لو لم يكن المسيح هو الله فإنه
سيكون كاذباً ونطعن في صدق أقواله… وحاشا وألف كلا، فهو الله الصادق المنزه عن
الكذب0

 

مولود
من عذراء

المحاور:
كيف يكون السيد المسيح هو الله ويولد كسائر البشر؟

التعليق:
ان السيد المسيح لم يولد كسائر البشر. لقد خلق الله آدم خلقاً مباشراً من تراب
ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية، تم أخذ ضلعاً من أضلاعه وبناها إمرأة
وأحضرها إلي أدم، وكان السبب وراء خلقة المرأة من الرجل هو تأكيد (وحدة الجنس
البشري) فالرجل والمرأة كلاهما من تراب لا فضل لأحدهما علي الآخر من حيث المادة
التي خلقهما منها الله، فلم يكن خلق المرأة من الرجل لمجرد إثبات قدرة الله (فقد
ثبتت هذه القدرة بخلق آدم من العدم والتراب)، بل كان هذا الخلق لاثبات وحدة
الانسانية جمعاء.

أما
ولادة (يسوع المسيح) من عذراء لم يمسسها بشر، فكانت معجزة فريدة قصد الله في حكمته
أن تتم، لكي يولد السيد المسيح إنساناً دون أن يرث خطية الانسان.

وواضح
أن كل البشر قد ورثوا الخطية لأنهم توارثوا دم آدم الذي أفسدته الخطية كما نقرأ في
الكلمات (من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم وبالخطية الموت
وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس إذ أخطأ الجميع) (رو5: 21). فالبشر جميعاً
يحملون في عروقهم دم آدم الأثيم كما يقرر بولس الرسول في كلماته (وصنع من دم واحد
كل أمة من الناس يسكنون علي كل وجه الأرض) (أع
17: 36) لقد كان
آدم هو (نبع النهر الذي جاء منه البشر. ومادام النبع قد تلوث بالخطية، فكل قطرة
ماء تجري في النهر حملت جراثيم الخطية.

يقول
(الدكتور
M. R. Dehaan): إن من الحقائق العلمية الثابتة أن الدم الذي ينتج في جسد الجنين
ينتج عن طريق الأب، فالبويضة غير المخصبة لايمكن أن تكون دماً لأن البويضة نفسها
ليس بها من العناصر الضرورية مايعدها لانتاج الدم، بدليل أن بيضة الدجاجة غير
المخصبة لاتخرج كتكوتا. فالجنين لايأخذ نقطة واحدة من دم الأم، فالأم تمد الجنين
بالعناصر المغذية لبناء الجسم الصغير الذي تضمه أحشاؤها ولكن كل الدم الذي فيه قد
نتج عن طريق الأب، فمنذ لحظة الحمل إلي لحظة الولادة لاتمر نقطة دم واحدة من الأم
إلي الجنين، إذ أن كل عمل الأم هو إمداد الجنين بالمواد اللازمة لبناء جسمه مثل
البروتينات، والكربوهيدرات، والأملاح، والمعادن، وهذه تمر بسهولة من الأم إلي
الجنين، دون أن تعطي الأم للجنين نقطة دم واحدة. والدم الموجود في الجنين ينتج
داخله أصلاً من الأب كبذرة حية، وكلما نما جسمه عن طريق الغذاء الذي تقدمه الأم
ازداد الدم اللازم لذلك الجسم.

ولما
كان السيد المسيح له المجد قد تجسد في أحشاء عذراء لم تعرف رجلاً، فجسده البشري لم
تجر في عروقه نقطة دم ملوثة بالأثم، لأنه لم يرث خطية آدم الساقط كما قرر يوحنا
الرسول في الكلمات (وتعلمون) أن ذاك أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية) (1يو3:
5) وكما قال القديس بطرس الرسول وهو يؤكد نقاوة وطهارة دم السيد المسيح في كلماته
(عالمين أنكم افتديتم لابأشياء تفني بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها
من الآباء. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم السيد المسيح. معروفاً
سابقاً قبل تأسيس العالم) (1بط 1:
1820) ولهذا فإن
دم السيد المسيح الزكي الكريم يطهر الذين يؤمنون به من كل خطية. إن ولادة السيد
المسيح من عذراء كان غرضها الأساسي فداء الإنسان، ولأن الفداء لايمكن أن يتممه سوي
الله، فالسيد المسيح إذا هو (الله الابن) الذي أخذ صورة إنسان.

ولو
كان السيد المسيح مجرد إنسان فلماذا لم يولد كما يولد سائر البشر؟ لماذا لم يولد
بالتناسل الطبيعي كما ولد إبراهيم وموسي وإيليا وإشعياء وسائر الرسل والأنبياء؟

بل
أننا عندما نعود لقصة ميلاد السيد المسيح نجد أن ملاك الرب قد أخبر القديس يوسف
البار بان الذي حبل به في مريم العذراء هو من الروح القدس فلم يمسسها بشر ولم تك
بغيا، ويخبره بأن هذا الوليد سيدعي (يسوع) (لأنه يخلص شعبه من خطاياهم)، ويسجل متي
فكر الروح القدس عن ولادة السيد المسيح المعجزية من مريم العذراء إنها اتماماً
لنبوة

سابقة
هي نبوة (اشعياء 7:
14).والتي سجلها اشعياء قبل ميلاد السيد المسيح
بحوالي سبعمائه سنة.. فالسيد المسيح له المجد (عمانوئيل) الذي تفسيره (الله معنا)
ولذا قال عنه القديس بولس الرسول (وبالإجماع عظيم هو سر التقوي الله ظهر في الجسد)
(1تي3:
16) وقال
مشيراً إلي عمله الفدائي وهو يخاطب قسوس كنيسة أفسس (احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع
الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه)
(أع
20: 28)0

ويكشف
القديس (لوقا) النقاب عن بشارة جبرائيل الملاك للقديسة مريم العذراء بالكلمات (وفي
الشهر السادس {أي الشهر السادس لحمل أليصابات زوجة زكريا الكاهن بيوحنا المعمدان}
أرسل جبرائيل الملاك من الله إلي مدينة من الجليل اسمها ناصرة. إلي عذراء مخطوبة
لرجل من بيت داود اسمه يوسف. واسم العذراء مريم. فدخل إليها الملاك وقال: سلام لك
أيتها الممتلئه نعمه. الرب معك. مباركة أنت في النساء. فلما رأته اضطربت من كلامه
وفكرت ماعسي أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يامريم لأنك قد وجدت
نعمة عند الله. وهاأنت ستحبلين وتلدين أبناً وتسمينه يسوع. هذا يكون عظيماً وابن
العلي يدعي ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك علي بيت يعقوب إلي الأبد ولا
يكون لمملكه نهاية. فقالت مريم للملاك: كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا؟ فأجاب
الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود
منك يدعي ابن الله.. فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك. فمضي من عندها
الملاك) (لو1:
2638)0

هذه
هي القصة الكاملة لولادة السيد المسيح المعجزية، فلكي يحمي الله القديسة مريم
العذراء من الموت رجماً حيث قد يتصورها البعض كزانية حملت سفاحاً كما أمر الرب
موسي بالكلمات (إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل في المدينة واضطجع
معها. فأخرجوهما كليهما إلي باب تلك المدينة وأرجموهما بالحجارة حتي يموتا) (تث22:
23
– 24
)
أعطي إعلاناً خاصاً في حلم لخطبيها يوسف أكد أن هذا الوليد ليس كسائر البشر، فهو
(يسوع المخلص) وهو في ذات الوقت (ابن الله)، وأكد الكتاب في كلمات صريحة بأن
القديس يوسف البار لم يمس القديسة مريم البتول قائلاً: (فلما استيقظ يوسف من النوم
فعل كما أمره ملاك الرب وأخذ امراته. ولم يعرفها حتي ولدت ابنها البكر. ودعا اسمه
يسوع).فالسيد المسيح لم يولد كسائر البشر لأنه لم يكن كسائر البشائر

المحاور:
أنا لا أري أهمية لكون السيد المسيح ولد من أم وبلا أب فلقد سبق أن أوجد الله آدم
بلا أب وبلا أم. وقد سبق أن أوجد حواء بلا أم واذا قلنا آدم بمثابه أب لحواء فتكون
من أب وبلا أم ثم أوجد السيد المسيح من أم بلا أب فما هو وجه الغرابه ولم يكن آدم
أو حواء الهه.

التعليق:
لقد فاتك ياأخي شئ هام وهو أن أدم وحواء مخلوقان وعند خلقتهما لم يكن هناك بشر علي
الأطلاق. ولكن السيد المسيح كما نقول عنه في قانون الايمان (مولود غير مخلوق). لقد
كان الطريق الوحيد لايجاد آدم وحواء هو خلقتهما لعدم وجود أصل بشري قبلهما ولكن
عند تجسد السيد المسيح كان هناك ملايين من الرجال وملايين من النساء فلماذا لم
يولد من أب كسائر البشر؟!

المحاور:
سأوافقك فيما تقول. ولكن إليس هو مولود. اذاً له بدايه فكيف يكون هو الله وله
بداية؟

التعليق:
لم تكن ولادته بالجسد هي بدايه حياته فقد كان موجوداً منذ الأزل كما قال بفمه
المبارك (قبل ان يكون ابراهيم انا كائن) (يو8: 85) وكما قال عنه أجور ابن متقيه في
سفر الأمثال (من صعد الي السموات ونزل؟ من جمع الريح في حفنتيه؟ من صر المياه في
ثوب؟ من ثبت جميع اطراف الأرض؟ ما اسمه وما أسم ابنه ان عرفت؟) (امثال
30: 4) فهو
الله الا بن، الازلي الابدي الأول والآخر. البدايه والنهايه.

المحاور:
إن عبارة (قبل أن يكون إبراهيم أنا كان) (يو8:
58) التي
قالها السيد المسيح، لا تعني لاهوته أو أزليته، بل تعني أنه كائن في فكر الله…!
كما قال الله لأرميا النبي (قبلما صورتك في البطن عرفتك. وقبلما خرجت من الرحم
قدستك..) (أر1: 5).. فما هو قولك؟

التعليق:
كل شئ كائن في فكر الله منذ الأزل. لايزيد علي فكره شئ. الكل كائن أمامه في صورة
واحد. فما معني أن شخصاً كان في فكر الله قبل شخص آخر؟! هل كان السيد المسيح في
فكر الله، قبل أن يكون في فكره ابراهيم؟! هذا غير معقول. لأنه يعني أن ابراهيم جد
علي فكر الله بعد السيد المسيح!! والله لايمكن أن يجد علي فكره شئ…لأن هذا يعني
نقص هذا الأمر في فكر الله قبل ذلك. واتهام الله- جل اسمه- بالنقص هو تجديف علي
الله…حاشا أن يكون ذلك.

كذلك
هو لم يقل: قبل أن يكون ابراهيم أنا كنت، وإنما قال أنا كائن. وعبارة (كائن تعني
الكينونة المستمرة. ولم يكن طبعاً الكينونة بالفكر، لأن العالم كله كان في فكر
الله قبل خلقه00وقد فهم اليهود من كلامه قصده في وجوده الذاتي السابق. لذلك بعد أن
قال عبارة (قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن) يقول الإنجيل (فرفعوا حجارة ليرجموه)
(يو8:
59).

أما
ماقاله الرب لارمياء النبي (قبلما صورتك في البطن عرفتك…).فهذا يعني معرفة الله
السابقة لما سيكون. ولا يعني أن ارمياء كان له وجود ذاتي قبل ولادته. العالم كله
له وجود في فكر الله وفي مشيئة الله قبل خلقه. ولكن هذا لايعني أنه كان له وجود
قبل أن يوجد!! ومره أخري نقول ان ميلاد السيد المسيح من القديسه مريم العذراء هو
أحد البراهين علي أن هذا الشخص المولود هو شخص فوق الجميع0

 

هل
كان في السماء وعلي الأرض في وقت واحد؟

المحاور:
اذا كان السيد المسيح هو الله0 فكيف نوفق بين وجوده علي الأرض ووجوده المفترض في
السماء بأعتباره الله حسب قولك؟ هل كان في السماء وعلي الأرض في وقت واحد؟0

التعليق:
السيد المسيح كائن بلاهوته منذ الأزل، أي أنه يملأ بوجوده السماوات والأرض قبل أن
يتجسد وقبل أن يصير له كيان منظور محسوس0 وعندما تجسد كان ولم يزل يملأ السماوات
والأرض من وجوده، وكان بلاهوته يملأ كل مكان، أي أنه عندما كان بكيانه المحسوس علي
الأرض كان ولم يزل بلاهوته يملأ السماوات0 وبعبارة أخري كان في الأرض، ومع ذلك كان
جالساً علي العرش في السماء يدير حركة الكون ويدير شؤن الأحياء في كل الوجود0

وعن
هذه الحقيقة الإلهية يقول الرب يسوع نفسه (مامن أحد صعد إلي السماء، إلا ذلك الذي
نزل من السماء، أبن الإنسان الذي هو في السماء) (يو 3:
31)0

والمعني
من ذلك أن السماء العليا، أو سماء السماوات، حيث العرش الإلهي، لم يصعد إليها بعد
أحد من الناس، إنما المسيح، مع أنه في صورة الإنسان، هو الوحيد الذي يملك أن يصعد
إليها، لأنه نزل منها، وهو كائن فيها علي الرغم من أنه في نفس الوقت قائم علي
الأرض بكيانه المحسوس0

ومثل
المسيح في كيانه المحسوس علي الأرض مثل المصباح المتوهج بالنور، فعلي الرغم من أن
له جسماً، لكن النور ينفذ من خلال الجسم الزجاجي وينتشر في المحيط الخارجي في جميع
الجهات، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً

ولا
ننسي أن نذكر في هذا الصدد قصة العليقة التي رآها موسي النبي التي تشتعل بالنار،
وصوت الله يكلمه منها قائلاً: (أخلع نعلك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت واقف عليه
أرض مقدسة… إنا إله أبيك، إله إبراهيم وإله أسحق وإله يعقوب) (خر3: 5 6)

فهل
أخلي الله السماء من وجوده عندما كلم موسي في العليقة؟ كلا، فإن ظهور الله وتجليه
بصورة محسوسة منظورة في مكان ما لا يبطل وجوده في السماء في نفس الوقت، مثله مثل
النور في المصباح، لايحده المكان ولا يحجبه، هكذا السيد المسيح له المجد، كان
بتجسده كائناً علي الأرض، وهو بلاهوته كائن في السماء في الوقت الذي كان علي الأرض
وفي كل مكان0

 

القادر
علي كل شئ

المحاور:
جميعناً يدرك أن الله هو القادر علي كل شئ فهل السيد المسيح يتمتع بهذه الصفه
الالهيه؟

التعليق:
نعم فهذه الصفه هي من الصفات التي يتميز بها السيد المسيح وهي في نفس الوقت من
الصفات التي ينفرد بها الله وحده وصفة القدرة القدرة علي كل شئ ثابته للسيد المسيح
من أقوال الأنبياء عنه في العهد القديم قبل مجيئه، ومن أقوال الرسل في العهد
الجديد، ثم من شهادة السيد المسيح ذلته عن نفسه، وأخيراً من معجزاته وأعماله له
المجد التي تنطق بذلك والتي ليست محل جدال من أحد.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى