علم المسيح

(5) المسيح ابن الله في الإنجيل بأوجهه الأربعة



(5) المسيح ابن الله في الإنجيل بأوجهه الأربعة

(5) المسيح ابن الله في الإنجيل بأوجهه الأربعة

 

 يتصور البعض
أن المسيح لم يتكلم عن نفسه كابن الله المساوي لله الآب والواحد معه في الجوهر،
بصورة كافية، وأن كتاب الإنجيل بأوجهه الأربعة لم يذكروا ذلك بما يكفي. ولكن
الواقع غير ذلك تماماً، فقد ركز كل واحد من الإنجيلين الأربعة علي جانب معين من
جوانب حياة الرب يسوع المسيح دون أن يغفل قط حقيقة لاهوته وكونه ابن الله المساوي
للآب والواحد معه في الجوهر.

أولاً:
الأناجيل الثلاثة الأولي:

 نقل
القديس متى الأقوال التالية للمسيح وشاركه القديس لوقا في القولين الثاني والثالث:

V دفع إلي كل سلطان في السماء وعلي الأرض. فاذهبوا وتلمذوا
جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما
أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلي انقضاء الدهر ” (مت18:
28-20).

V كل شيء قد دفع إلي من أبى. وليس أحد يعرف الابن إلا الآب.
ولا أحد يعرف الآب إلا الابن. ومن أراد الابن أن يعلن له
” (مت27:
11؛لو22: 10).

V ” فأجاب رئيس الكهنة وقال له أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل
أنت المسيح أبن الله
. قال له يسوع أنت قلتأنا هو
“. وأيضاً أقول لكم: من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة ”
عن يمين قوة الله ” (لو69: 22) ” وآتياً علي سحاب السماء ” (مت63:
26و64)، ” فمزق رئيس الكهنة ثيابه قائلاً قد جدف … ها قد سمعتم تجديفه ”
(مت65: 26).

 وهنا
يقدم المسيح إعلان ثلاثي لحقيقة كونه ابن الله الحي، الواحد مع الآب في الجوهر؛ أولاً:
فهو يعلن صراحة أنه ” المسيح ابن الله ” فيقول: ” أنا هو
“؛ ”
فقال يسوع أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين
القوة وآتيا في سحاب السماء
” (مر14: 46). وينقلها القديس متى: ” قال له يسوع
أنت قلت. وأيضا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة
وآتيا على سحاب السماء
” (مت26: 64). ثانياً: وفي
قوله: ”
وسوف
تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة
“، يشير إلى ما
جاء عنه في مزمور (110: 1)؛ ”
قال الرب لربي اجلس عن يميني
حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك
“. والرب الجالس عن يمين الرب هو الرب
يسوع المسيح حيث يؤكد الكتاب هذه الحقيقة
أحد عشر مرة:

V ” ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس
عن يمين الله
” (مر16: 19).

V ” منذ الآن يكون ابن الإنسان جالسا عن يمين
قوّة الله
” (لو22: 69).

V ” وأما هو فشخص إلى السماء وهو ممتلئ
من الروح القدس فرأى مجد الله ويسوع قائما عن يمين الله
(أع7: 55).

V ” فقال ها أنا انظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين
الله

” (أع7: 56).

V ” من هو الذي يدين. المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضاً الذي هو أيضاً عن يمين الله الذي أيضاً يشفع فينا
” (رو8: 34).

V ” فان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس
عن يمين الله
” (كو3: 1).

V ” الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما
صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي
(عب1: 3).

V ” وأما راس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين
عرش العظمة
في السموات ” (عب8: 1).

V ” وأما هذا فبعدما قدّم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين
الله

” (عب10: 12).

V ” ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع
الذي من اجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين
عرش الله
” (عب12: 2).

V ” الذي هو في يمين الله إذ قد مضى إلى السماء وملائكة
وسلاطين وقوات مخضعة له ” (1بط3: 22).

 ثالثاً:
وفي قوله: ”
وآتيا على سحاب السماء “،
يشير إلى ما سبق أن تنبأ به عنه دانيال النبي باعتباره المعبود الآتي على السحاب
لتتعبد له كل الأمم: ” كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان
أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له
كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض

” (دا7: 13و14).

 وابتدأ
القديس مرقس الإنجيل الثالث بقوله ” بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله
(مر1: 1)، وختمه بجلوس الابن عن يمين أبيه ووجوده في نفس الوقت مع تلاميذه يعمل
معهم وبهم ومن خلالهم ” ثم أن الرب بعدما كلمهم أرتفع إلي السماء وجلس عن
يمين الله
. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام
بالآيات التابعة ” (مر19: 16و20).

 وفي
هذه الآيات، أعلاه، يؤكد الرب يسوع المسيح، ابن الله، علي مساواته المطلقة مع الآب
والروح القدس، ووحدة الذات الإلهية في قوله ” وعمدوهم باسم
وليس ” بأسماء “، كما يؤكد وحدته مع الآب ومساواته له وتميزه عن
المخلوقات بإعلانه أنه لا أحد يعرف حقيقة الابن في جوهره، إلا الآب، ” ليس
أحد يعرف الابن إلا الآب ” لأنه من جوهره، وهو وحده الذي يعرف الآب ويعلنه
كقوله ” أنا أعرفه لأني منه “. وكلمة ” يعرف –
ἐπιγινώσκειepiginoskei ” هنا، هي فعل مركب ويمكن أن يترجم حرفياً
يعرف معرفة كاملة
Fully Knows to become fully acquainted
with, to acknowledge

“، ويشرح المعرفة الكاملة التي لا يمكن أن تكون لغير الله، كما يعنى المعرفة
الكلية التي لأبن الله، كلي المعرفة الإلهية. هو وحده الذي يعرف الآب، والآب فقط
هو الذي يعرف الابن، وبالتالي فمعرفة الآب تؤدى لمعرفة الابن، ومعرفة الابن تؤدى
لمعرفة الآب، وهذا ما عبر عنه بقوله ” لو كنتم عرفتموني لعرفتم أبى أيضاً
” (يو19: 8).

 ولأنه
ابن الله الذي هو الله متكلماً، الله معلناً، الواحد مع الآب، فهو الذي له السلطان
علي كل الخليقة في السماء والأرض، له السلطان والسيادة وله المعرفة الكلية. وهو
أبن الله الموجود في السماء والجالس علي عرش الله، عن يمين الله، والموجود مع
تلاميذه ورسله علي الأرض في آن واحد. هو ابن الله الجالس عن يمين القوة والذي سيأتي
علي السحاب. وقد مزق رئيس الكهنة ثيابه عند سماعه إعلان ابن الله هذا معتقداً أنه
يجدف لأنه يعلن أنه الله الجالس عن يمين الله والمساوي له.

 وتنقل
الأناجيل الثلاثة المتماثلة إعلان الآب من السماء عن كون المسيح هو ” ابن
الله الحبيب
” وذلك في حادثتي العماد والتجلي، يقول الكتاب ” فلما
أعتمد يسوع صعد للوقت من الماء. وإذ السموات قد انفتحت له فرأي روح الله نازلاً
مثل حمامة وآتياً عليه وصوت من السماء قائلاً ” هذا هو أبني الحبيب الذي
به سررت
” (مت16: 3و17)، أو كما نقلها القديسان مرقس ولوقا ” أنت
أبني الحبيب الذي به سررت
” (مر11: 1؛لو22: 3). وفي شهادة يوحنا المعمدان
لما حدث في المعمودية يقول الكتاب:
” وفي الغد نظر
يوحنا يسوع مقبلا إليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم.
هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لأنه كان قبلي. وأنا لم
أكن اعرفه. لكن ليظهر لإسرائيل لذلك جئت اعمد بالماء. وشهد يوحنا قائلا أني قد رأيت
الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وأنا لم أكن اعرفه. لكن الذي أرسلني
لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح
القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله ” (يو1: 30-34).

 وما
حدث في المعمودية حدث أيضا في التجلي، وأرتبط هذا الإعلان السمائي في الحادثة
الأولي بانفتاح السماء ونزول الروح القدس بهيئة جسمية عليه، وإعلان يوحنا المعمدان
أنه غير مستحق أن يحل سيور حذاء المسيح أو يحمل حذاءه (مت11: 3؛ مر7: 1؛ لو16: 3).
وفي الثانية، التجلي، يكشف الرب يسوع المسيح عن شيء من مجده ولاهوته فقد ” تغيرت
هيئته قدامهم (تلاميذه) وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور ” (مت17:
2)، ” صارت هيئة وجهه متغيرة ” (لو9: 29)، ” وصارت ثيابه بيضاء
كالثلج ” (مر9: 3). هذه الظاهرة الإلهية جعلت التلاميذ الثلاثة الذين شاهدوا هذا
التجلي الإلهي يسقطون علي وجوههم وخافوا جداً ” (مت17: 6)، و” كانوا
مرتعبين ” (مر9: 6)، صاروا في غيبوبة روحية لما شاهدوه. بل وأمام هذا المشهد
السمائي
الروحاني الإلهي المهيب صاروا في حالة ذهول روحي، دهش، وراحوا في غيبوبة روحية،
يقول الكتاب “
فجعل بطرس يقول ليسوع يا سيدي جيد أن نكون ههنا. فلنصنع ثلاث
مظال. لك واحدة ولموسى واحدة ولإيليا واحدة “!! قال القديس بطرس ما قال لأنه
كان في حالة ذهول ورعب ودهش روحي ويعلق القديس مرقس بالروح قائلا ” لأنه
لم يكن يعلم ما يتكلم به إذ كانوا مرتعبين

(مر5:
9، 6). وهنا يقول الكتاب “
وفيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم.
فخافوا عندما دخلوا في السحابة. وصار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب
الذي به سررت ” (مت5: 17). له اسمعوا

(لو34: 9، 35).
هذا المشهد الإلهي المهيب الذي أنطبع في ذهن وذاكرة القديس بطرس
يقول عنه بالروح: ” لأننا لم نتبع خرافات مصنعة إذ عرّفناكم بقوة ربنا يسوع
المسيح ومجيئه بل قد كنا معاينين عظمته
. لأنه اخذ من الله الآب كرامة ومجدا إذ
اقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به. ونحن سمعنا
هذا الصوت مقبلا من السماء إذ كنا معه في الجبل المقدس “
(2بط16: 1-17).

 وينقل
لنا القديس يوحنا شهادة
نثنائيل عن كون الرب يسوع المسيح
ابن الله بعد أن رأى فيه شخص يعلم الغيب ويعرف الخفيات، كلي المعرفة، يقول الكتاب:
” فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء
يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة. فقال له نثنائيل أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء
صالح. قال له فيلبس تعال وانظر ورأى يسوع نثنائيل مقبلا إليه فقال عنه هوذا إسرائيلي
حقا لا غش فيه. قال له نثنائيل من أين تعرفني. أجاب يسوع وقال له. قبل أن دعاك
فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك
. أجاب نثنائيل وقال له يا معلّم أنت ابن الله.
أنت ملك إسرائيل. أجاب يسوع وقال له هل آمنت لأني قلت لك أني رأيتك تحت التينة. سوف
ترى أعظم من هذا
. وقال له الحق الحق أقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة
وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان
” (يو1: 45-51). وهنا أدرك
نثنائيل سلطان المسيح على معرفة الغيب، حيث كشف له سرا من أسراره لم يكن يعرفه أحد
غيره فآمن على الفور ببنوة المسيح لله وقال له: ” يا معلم أنت ابن الله
“. فقد لمس بنفسه معرفة المسيح للغيب، ومعرفته الكلية، حيث أخبره بالمكان
الذي كان يجلس فيه قبل أن يصل إليه فيلبس ويدعوه. كان الرب يسوع المسيح موجوداً في
مكان وكان نثنائيل موجوداً في مكان أخر يستحيل على أي إنسان أخر وهو في المكان
الذي كان فيه المسيح أن يراه فيه، ولكن المسيح رآه بمقتضي وجوده في كل مكان
بلاهوته ومعرفته الكلية كابن الله الذي من ذات الله وفي ذات الله، كلمة الله وصورة
غير المنظور.

 كما
نقل لنا القديس متى اعتراف بطرس الرسول ” أنت المسيح أبن الله الحي
(مت16: 16)، هذا الاعتراف السمائي عن الابن من خلال القديس بطرس ” طوبى لك يا
سمعان بن يونا. أن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبى الذي في السموات ” (مت16:
17)، وهذا تأكيد لما سبق أن قاله الرب ” ليس أحد يعرف الابن إلا الآب “.
أعلنت بنوة المسيح لله من الآب مباشرة
لأنه لا أحد يعرف حقيقة
الابن في جوهره كابن الله، سوى الآب ذاته، لأن الآب والابن واحد.

 ويسجل
لنا القديس يوحنا أيضاً شهادة القديس بطرس في مناسبة أخرى،
فبعد
إعلان الرب يسوع المتكرر عن نزوله من السماء وحديثه مع تلاميذه عن السمائيات وقوله
لهم: ” لا يقدر احد أن يأتي إليّ أن لم يعط من أبي من هذا الوقت رجع كثيرون
من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه. فقال يسوع للاثني عشر ألعلكم انتم أيضا
تريدون أن تمضوا “. وهنا كانت إجابة القديس بطرس الذي عرف حقيقة بنوة المسيح
لله من الآب بالروح القدس: ” يا رب إلى من نذهب. كلام الحياة الأبدية عندك.
ونحن قد آمنّا وعرفنا انك أنت المسيح ابن الله الحي ” (يو6:
65-69).

 كما
يسجل لنا إعلان الرب يسوع المسيح نفسه عن بنوته لله بعد أن خلق للمولود أعمى عينين

يقول الكتاب: ” وفيما هو مجتاز رأى إنسانا أعمى منذ ولادته. فسأله تلاميذه
قائلين يا معلّم من اخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى. أجاب يسوع لا هذا اخطأ ولا أبواه
لكن لتظهر أعمال الله فيه. ينبغي أن اعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار. يأتي ليل
حين لا يستطيع احد أن يعمل. ما دمت في العالم فانا نور العالم قال هذا
وتفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى. وقال له اذهب اغتسل
في بركة سلوام. الذي تفسيره مرسل. فمضى واغتسل وأتى بصير
“. وهنا ثار
جدال بين رؤساء اليهود حول هذه المعجزة انتهى بطرد هذا الشخص الذي فتح المسيح
عيناه ” فسمع يسوع أنهم أخرجوه خارجا فوجده وقال له أتؤمن بابن الله.
أجاب ذاك وقال من هو يا سيد لأومن به. فقال له يسوع قد رأيته والذي يتكلم
معك هو هو
. فقال أومن يا سيد. وسجد له ” (يو9: 1-38).

 وهنا نرى الرب يسوع المسيح في إعلان بنوته لله يتكلم عن نفسه
باعتباره نور العالم وباعتباره الخالق الذي يقوم بعملية خلق لمقلتي عيني المولود
أعمي، هاتان المقلتان اللتان لم يكن لهما أي وجود على الإطلاق، لذا يقول الكتاب:
وتفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى “،
وهذا نفس ما فعله الله في خليقة الإنسان فقد خلقه من تراب وطين، يقول الكتاب:
وجبل
الرب الإله آدم ترابا من الأرض
. ونفخ في انفه نسمة حياة. فصار آدم نفسا حيّة
” (تك2: 7)، ” هل يقول الطين لجابله ماذا تصنع ” (اش45: 9)،
” والآن يا رب أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا وكلنا عمل يديك
” (اش64: 8)، ” اذكر انك جبلتني كالطين ” (أي10: 9)، ”
أنا أيضا من الطين تقرصت ” (أي33: 6). فقد
أعلن الرب يسوع المسيح عن بنوته لله وألوهيته بعد أن قام بعملية خلق حقيقية بنفس
الطريق التي يخلق بها الإنسان.

 ويسجل
لنا أيضاً شهادة مرثا أخت لعازر مرتبطة بإحيائه للموتى، ففي
اليوم الرابع لموت لعازر قالت مرثا للرب يسوع المسيح: ” يا سيد لو كنت ههنا
لم يمت أخي. لكني الآن أيضا اعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه. قال لها
يسوع سيقوم أخوك. قالت له مرثا أنا اعلم انه سيقوم في القيامة في
اليوم الأخير. قال لها يسوع أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات
فسيحيا. وكل من كان حيّا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد
. أتؤمنين بهذا. قالت له
نعم يا سيد. أنا قد آمنت انك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم

” (يو11: 21-27). وكان إيمان مرثا ببنوة الرب يسوع المسيح لله مرتبطاً بقدرته
على إحياء الموتى حتى بعد أن تعفنت أجسادها، أو كما يقول البعض في حديثهم عن الله
” يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ” (يس 78).

 وفي الأسبوع الأخير طلب أناس يونانيون من تلميذه فيلبس أن يروا الرب
يسوع المسيح، وهنا قال هو ” قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان “، ثم
خاطب الآب مناجيا ” أيها الآب مجد اسمك. فجاء صوت من السماء مجّدت
وأمجّد أيضا
“، يقول الكتاب ” فالجمع الذي كان واقفا وسمع
قال قد حدث رعد. وآخرون قالوا قد كلمه ملاك. أجاب يسوع وقال ليس من أجلي هذا الصوت
بل من أجلكم
” (يو28: 12-30).

 وبعد العشاء الرباني وقبل القبض عليه بلحظات أعلن لتلاميذه عن وحدته
الجوهرية مع الآب في الذات الإلهية بقوله: ” لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي
أيضا. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه. قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب
وكفانا. قال له يسوع أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني فقد
رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أني أنا في الآب
والآب فيّ
. الكلام
الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب
الحال فيّ هو يعمل الأعمال. صدقوني أني في الآب والآب فيّ. وإلا
فصدقوني لسبب الأعمال نفسها
” (يو14: 7 -11).

 لقد شهد الآب للابن علانية أمام الجموع في العماد، ولثلاثة من
تلاميذه على جبل التجلي، وفي الأسبوع الأخير، وأعلن المسيح صراحة وبوضوح كامل عن
بنوته للآب ووحدته معه في الذات والجوهر وكونه في الآب والآب فيه باعتباره الواحد
معه في اللاهوت والطبيعة الإلهية والجوهر الإلهي أو كما يقول الكتاب: ” فيه
يحل كل ملء اللاهوت جسدياً
“. فهل حدث مثل هذا لأحد غير المسيح؟
والإجابة؛ كلا. فهل يقول لنا أحد بعد ذلك أن هناك أحداً ما أو مخلوقاً ما في
السماء وعلى الأرض يتساوى مع المسيح في بنوته الجوهرية لله؟ والإجابة؛ كلا وحاشا!!

ثانياً:
الإنجيل للقديس يوحنا:

 ركز
الإنجيل للقديس يوحنا بدرجة كبيرة علي تأكيد لاهوت المسيح وكونه الابن الوحيد الذي
هو الإله الوحيد الذي في حضن الآب والواحد معه والمساوي له في الجوهر. وقد بدأ
الإنجيل بإعلان أزلية الابن، كلمة الله، ووحدته مع الآب وكونه الخالق لكل شيء
وكونه مصدر الحياة ونبعها ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان
الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان
فيه كانت الحياة ” (يو1: 1-4)، ثم يعلن عن تجسد الكلمة، أبن الله، وينقل
الكثير من أقوال المسيح عن كونه الابن المساوي للآب والواحد معه في الجوهر والذي
من ذات الآب، والذي له كل ما للآب. كما ينقل اعترافات التلاميذ كنثنائيل ومرثا
وغيرهم عن كون المسيح ” ابن الله ” (يو1: 49؛11: 27)، ويؤكد علي
حقيقة التهمة التي صلب بسببها المسيح وهو قوله وإعلانه أنه ” ابن الله
” (يو9: 17). ويختم إنجيله بقوله بالروح القدس ” وأما هذه فقد كتبت
لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه

(يو20: 31).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى