علم المسيح

(2) أبناء الله في العهد القديم



(2) أبناء الله في العهد القديم

(2) أبناء الله في العهد القديم

 

(أ)
أستخدم العهد القديم تعبيرات ” أبناء وبنو وبني الله ” عدة مرات كالآتي:

Vوحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض
وولد لهم بنات
أن
أبناء الله رأوا بنات الناس أنهنّ حسنات. فاتّخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا
” (تك6: 1و2).

مقالات ذات صلة

V ” قدموا للرب يا أبناء الله قدموا للرب مجدا وعزّا
” (مز29: 1).

V ” لأنه من في السماء يعادل الرب. من يشبه الرب بين أبناء الله
” (مز89: 6).

V ” لكن يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال ولا يعدّ
ويكون عوضا عن أن يقال لهم لستم شعبي يقال لهم أبناء الله الحي ”
(هو1: 10).

V ” كان في الأرض طغاة في تلك الأيام. وبعد ذلك أيضا إذ دخل بنو
الله
على بنات الناس وولدن لهم أولادا. هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو
اسم ” (تك6: 4).

V ” عندما ترنمت كواكب الصبح معا وهتف جميع بني الله
” (أي38: 7).

 وفي
كل هذه الأحوال استخدم الكتاب الكلمة العبرية: ” أبناء الله
בני האלהים‘ĕlôhîym bane ” و” بنو اللهבְּנֵי
הָאֱלֹהִים
‘ĕlôhîym bane ” و” بني اللهבְּנֵי
הָאֱלֹהִים
‘ĕlôhîym bane ” عن بشر وعن الكائنات الروحية في العالم الروحي السمائي،
الملائكة. وفي جميعها أستخدم التعبير العبري ” بني ها إيلوهيم –
בְּנֵי
הָאֱלֹהִים
‘ĕlôhîym bane “، والتي تعنى ” بني الآلهة ” و” بنو الآلهة
” و ” المقتدرون “، أي الكائنات الروحية السمائية أو عن الأبرار من
البشر. فها إيلوهيم (
הָאֱלֹהִים‘ĕlôhîym) هو أسم
جمع؛ خاصة عندما يتبعه فعل جمع أو ضمير جمع، كما في هذه التعبيرات، وإيلوهيم هو
جمع إيل، والترجمة الحرفية لجميعها هي أبناء الآلهة المقتدرون، الكائنات الروحية
السمائية القديرة، خاصة في سفر أيوب:

V ” وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله (بني ها إيلوهيم – בני האלהים‘ĕlôhîym bane) ليمثلوا أمام يهوه ” (أي6: 1).

V ” وكان ذات يوم أنه جاء بنو الله (بني ها إيلوهيم – בני האלהים‘ĕlôhîym bane) ليمثلوا أمام يهوه ” (أي1: 2).

V ” وعندما ترنمت كواكب الصبح معاً وهتف جميع بني الله (بني ها إيلوهيم
בני האלהים‘ĕlôhîym bane) ” (أي7: 38).

 والفكرة
العامة في العهد القديم هي أن هذه الكائنات الروحية السمائية تكون مجمع عظماء تحت
سلطان الله وحكمه وسيادته، باعتباره القاضي الأعظم في المجلس السمائي ” الله
قائم في المجمع العظيم بين الآلهة (ها إيلوهيم –
האלהים) يقضى ”
(مز1: 82). ولم يدعوا قط أبناء يهوه، كما لم يدعى أحدهم قط أبن يهوه، إنما هم
كائنات سمائية روحية خاضعة لإرادة الله وسيادته ” قدموا للرب (يهوه –
יהוָהyehôvâh) يا أبناء الله (بني إيلوهيم – בני האלהים‘ĕlôhîym bane – المقتدرون – mighty
ones
) قدموا للرب (يهوه – יהוָהyehôvâh) مجداً وعزاً ” (مز1: 29).

(ب)
وخاطب الله داود الملك والنبي وأبنه سليمان الحكيم علي أساس سلطتهما الملوكية
الممنوحة لهما من الله لحكم شعبه كأبناء الله، فقال لداود ” أنت أبني أنا
اليوم ولدتك ” (مز7: 2)، وقال عن سليمان ” هو يكون لي أبناً وأنا أكون
له أباً ” (2صم13: 17). وذلك بمعنى مجازى علي أساس شرعية الحكم المعطى لهما
من الله مباشرة، لأن شعب الله المختار في القديم كان يُحكم حكماً ثيؤقراطياً، أي
إلهياً، فقد كان الله يقوده ويحكمه مباشرة من خلال أنبيائه والملوك الذين مُسحوا
بالدهن المقدس وكانت لديهم موهبة النبوة مثل داود الملك والنبي والذي وصفه القديس
بطرس بقوله بالروح: ”
فإذ كان نبيا وعلم أن الله حلف له
بقسم انه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه

(أع2: 30). ولكن التحقيق الفعلي للنص والذي كان نبوة مستقبلية، فقد تم في المسيح الملك
الآتي والنازل من السماء أبن داود الذي سيجلس علي كرسيه إلي الأبد. فقد تم قول
الله لداود وسليمان في الآيتين السابقتين جزئياً، ولكن المقصود بهما فعلاً كان هو
النسل الآتي الذي قال عنه الله لداود: ” مرة حلفت بقدسي أنى لا أكذب لداود.
نسله إلي الدهر يكون وكرسيه كالشمس أمامي. مثل القمر يثبت إلي الدهر ” (مز35:
89-37) والذي تنبأ عنه اشعياء النبي قائلاً ” لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ
وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً
مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ
. لِنُمُوِّ
رِيَاسَتِهِ وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى
مَمْلَكَتِهِ لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ مِنَ الآنَ
إِلَى الأَبَدِ ” (أش6و7: 9). هذا الملك الآتي من نسل داود هو، كما تقول
النبوة: ” الإله القدير الآب الأبدي رئيس السلام ” (أش6: 9)،
والذي قال عنه الملاك للعذراء مريم ” هَذَا يَكُونُ عَظِيماً،وَابْنَ
الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ
يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ
” … الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ
يُدْعَى ابْنَ اللهِ ” (لو31: 1-35).

 ومن
ثم فقد أكد الرب يسوع المسيح أنه هو نفسه أبن داود وربه عندما سأل رؤساء اليهود
قائلاً ” مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟ ” قَالُوا
لَهُ: ” ابْنُ دَاوُدَ “. قَالَ لَهُمْ: ” فَكَيْفَ يَدْعُوهُ
دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً؟ قَائِلاً: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ
يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ. فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ
يَدْعُوهُ رَبّاً، فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟

(مت42: 22 – 43). وقد أوضح الرب يسوع نفسه هذه الحقيقة بقوله: “ أنا أصل
وذرية داود
” (رؤ16: 22)، وأكد الآب من السماء هذه الحقيقة بقوله أثناء
المعمودية:

أنت ابني الحبيب بك سررت ” (لو3: 22)، ” وكان صوت من السموات.
أنت ابني الحبيب الذي به سررت ” (مر1: 11).

 كما
أكد الرسل أن هاتين الآيتين هما نبوتان عن المسيح ابن الله، فقال القديس بولس في
المجمع اليهودي: ” أن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو
مكتوب أيضا في المزمور الثاني أنت ابني أنا اليوم ولدتك ” (أع13: 33)،
وقال في الرسالة إلى العبرانيين: ” كذلك المسيح أيضا لم يمجد نفسه ليصير رئيس
كهنة بل الذي قال له أنت ابني أنا اليوم ولدتك ” (عب5: 5). ووضع هذه
المقارنة بين الابن والملائكة: ” لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت ابني أنا
اليوم ولدتك
. وأيضا أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا ” (عب1: 5)
يقول
الرسول بالروح في مقارنة بين المسيح، أبن الله، وبين الملائكة ” لأنه لمن من
الملائكة قال قط أنت أبني أنا اليوم ولدتك. وأيضاً أنا أكون له أباً وهو يكون لي
أبناً ” (عب5: 1؛5: 5).

(ج)
– ودعي إسرائيل ب ” أبني البكر ” (حز22: 4) و ” أفرايم أبن
عزيز لدىّ ” (أر20: 31)، كما دعي بنو إسرائيل ب “
أولاد الرب
” (تث1: 14)، ووصفت
إسرائيل بزوجة الرب (هو4: 2)، وكذلك وصفت أورشليم في قوله:
بنيك وبناتك
الذين ولدتهم لي
” (حز20: 16)، التي ولدتهم؛ وهكذا كان بإمكانهم دعوة
الله ” أبونا ” (أش16: 63).

 وفي
كل الأحوال فقد دعي إسرائيل ” أبني ” (هو1: 11) علي أساس أنه الشعب
الوحيد في ذلك الوقت الذي كان يعبد الله الواحد، كما كان هو الشعب الذي يحمل
النبوات بالنسل الموعود والمسيح الآتي ابن الله والذي سيأتي منه الفادي ليقدم
الفداء لكل من يؤمن، وكان هو الشعب الذي قاده الله بنفسه ” لما كان إسرائيل
غلاماً أحببته ومن مصر دعوت أبني ” (هو1: 11). ونظراً لعلاقة هذا الشعب بالله
وعبادته له وحده فقد وصفه الله مجازاً بالزوجة المخلصة لزوجها، وعندما كان ينحرف
الشعب ويعبد الأوثان كان الله يصفه بصورة أدبيه مجازيه رمزية، بالزوجة الخائنة
(هو2). وكان الله يؤدبهم كما يؤدب الآب أبنه ” فأعلم في قلبك أنه كما يؤدب
الإنسان أبنه قد أدبك الرب إلهك ” (تث5: 8)، ” الابن يكرم أباه والعبد
يكرم سيده. فإن كنت أباً فأين كرامتي وإن كنت سيداً فأين هيبتي قال لكم رب الجنود
أيها الكهنة المحتقرون أسمى ” (ملا6: 1). وكانت هذه الصلة بالله، العلاقة
الروحية، تستمر باستمرار الشعب في طاعة الله وعبادته وأتباعه وتنتهي بعصيانه وعبادة
الأوثان. فالعلاقة التي دعي علي أساسها الشعب بأبناء الله، أولاد الرب، ودعي علي
أساسها إسرائيل بالزوجة والابن، هي علاقة روحية بين الله وشعبه الذي أحبه وتحنن
عليه والذي كان له عليه حق الطاعة والاستجابة لعنايته الإلهية وعبادته، هذه
العلاقة صورت بصورة أدبية مجازية رمزية.

(د)
كما دعي القضاة في العهد القديم بالآلهة ” إيلوهيم –
אלהיםĕlôhîym
” باعتبار أنهم كانوا يمثلون الله، القاضي والديان الأعظم، علي الأرض، كانوا
يمثلون الله القاضي العادل. لذا قال لهم ” أنا قلت أنكم آلهة (إيلوهيم) وبنو
العلي كلكم ” (مز6: 82).

 وفي
كل الأحوال السابقة تختلف بنوة هذه المخلوقات ويختلف تلقيبهم بالآلهة عن بنوة
المسيح ولاهوته علي أساس أن المسيح هو أبن الله الوحيد والواحد مع الآب في الجوهر
وفي كل الكمالات اللاهوتية، فله كل ما للآب من أسماء وألقاب وصفات ويعمل كل أعمال
الله وعلي رأسها الخلق وتدبير الكون وحمله. لذا فهو الأعظم، الأعظم من الملائكة باعتبارهم
خليقته التي تسجد له، والأعظم من البشر باعتبارهم أيضاً خلائقه الذين يقدمون له
العبادة والسجود.

V ” صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً أفضل منهم
… وأيضاً متى أدخل البكر إلي العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله. وعن
الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحاً وخدامه لهيب نار. وأما عن الابن كرسيك يا
الله إلي دهر الدهور ” (عب4: 1-6).

V ” لذلك رفعه الله وأعطاه اسماً فوق كل أسم لكي تجثو باسم يسوع كل
ركبة ممن في السماء ومن علي الأرض ومن تحت الأرض ” (في10: 2).

 وقد
برهن الرب يسوع المسيح نفسه علي هذا الفارق الذي بينه وبين المخلوقات بقوله ”
أنا والآب واحد … أجابهم يسوع أليس مكتوباً في ناموسكم أنا قلت أنكم إلهه. أن
قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله. ولا يمكن أن ينقض المكتوب. فالذي
قدسه الآب وأرسله إلي العالم أتقولون له أنك تجدف لأني قلت أنى ابن الله. أن كنت
لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بي. ولكن أن كنت أعمل فأن لم تؤمنوا بي فآمنوا
بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه ” (يو33: 10-38).

 البشر
دعوا آلهة لأن كلمة الله قد صارت إليهم أما هو فكلمة الله ذاته الذي من ذات الله)الآب)
ويعمل نفس أعمال الله التي هي برهان لاهوته وهو الواحد مع الآب في الجوهر والمساوي
له الذي له كل ما للآب من أسماء وألقاب وصفات ويعمل كل أعمال الله.

 البشر
دعوا كذلك لأن كلمة الله صارت إليهم ” ولكن المسيح بنوع ممتاز لم تَصِرْ إليه
كلمة الله؛ بل كان هو “كلمة الله”، فكان من الحق أن يُدعى إلهاً وابناً
لله، لأن الآب قدَّسه حال تجسده فصار قدوساً دون جميع الناس وأرسله كما جاء
على فم الملاك للقديسة العذراء مريم ” القدوس المولود منكِ يُدعى ابن
الله ” (لو 35: 1). معنى هذا أن تقديس المسيح لم يتم بعد ولادته؛ بل هو
القدوس أصلاً والمولود كذلك،
فهو إن كان يقول إنه ابن الله، فذلك ليس ادِّعاء
بل هو ظاهر أمامهم قولاً وفعلاً أنه يعمل أعمال الله، لا كأنه يستوحي العمل من
الله كأحد الأنبياء القديسين، ولكنه يعمل نفس عمل الله بتلقائية تنطق بصورة عملية
أنه يعمل بسلطان الله ذاته”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى