علم المسيح

المسيح الله الظاهر فى الجسد



المسيح الله الظاهر فى الجسد

المسيح
الله الظاهر فى الجسد

ولكي تتضح لنا الصورة أكثر نضع الأسئلة التالية
لنشرح من خلالها كيفية التجسد واحتجاب لاهوت المسيح في ناسوته وظهوره على الأرض
كإنسان بالرغم من أنه الإله الكلي القدرة والوجود والعلم والمعرفة:

(1) ما معنى قوله بالروح ” الذي إذ كان
في صورة الله
“؟

(2) وما معنى قوله ” لم يحسب خلسة أن
يكون مساويا لله
“؟

مقالات ذات صلة

(3) وما معنى قوله أنه ” أخلى نفسه
“؟

(4) وما معنى قوله ” أخذا صورة عبد
صائرا في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كإنسان
؟ “.

(5) وهل يعني هذا أن المسيح أخلى نفسه من لاهوته
ومن مجده وعظمته ومن كونه الإله كلي القدرة والوجود والعلم وأصبح مقيدا ومحدودا
بحدود الجسد؟

 

أ – صورة الله ” الذي إذ كان في صورة الله
“:
يستخدم
الرسول بالروح في قوله ” الذي إذ كان في صورة الله ” النص
اليوناني ”
o]j
evn morfh/| qeou/
“، وصورة هنا
morfhMorehe ” تعبر عن طبيعة الكيان وشخصه(4)، وتشير إلى الظهور الخارجي
الذي يوصل للجوهر(5)،
وهنا تُُعبر عن الكيان الجوهري لله(6)،
ولذا فالتعبير ” صورة الله
morfh/| qeou ” في هذه الآية مترجم في معظم الترجمات الإنجليزية ” Who, being in the form of God ” و” who, although He existed in the form of God “، وقد جاءت في الترجمة الدولية الحديثة NIV والتي تعتمد على أدق المخطوطات وأقدمها ” في نفس طبيعة الله
In The Very Nature Of
God
” أي ” الذي
إذ كان في نفس طبيعة الله
(7).

 

ب – مساوياً لله: ويقول الوحي الإلهي في
الآية ” لم يحسب خلسة أن يكون مساويا لله (
i;sa qew/|) “، أي أنه صورة الله الكائن في نفس طبيعة الله الآب ومن نفس
جوهره، له نفس الجوهر ذاته للذي للآب. وهذا يوضحه ما سبق أن قاله الرب يسوع المسيح
لرؤساء اليهود “ أبي
يعمل حتى الآن وأنا أعمل
“، والذي فهموا منه أنه يعمل نفس أعمال الله الآب؛
لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك ” (يو5: 19)، بما يعنى المساواة المطلقة مع الله الآب، يقول الكتاب
” من أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه.
لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضا إن
الله أبوه معادلا نفسه بالله

“. وقد استخدم في هذه الآية تعبير
i;son e`auto.n poiw/n tw/| qew/making Himself equal with God) مساوison i;son ، وهي من نفس الفعل ” i;sa isa “، أو معادل من
الفعل ” أيسوس –
isosisoj ” والذي يعني مساو أو معادل.

 أي أنه وهو صورة الله
المعبر عن الكيان الجوهري للذات الإلهية
” صورة
الله غير المنظور
” (كو15: 1)، الذي هو
الله، الله الكلمة المساوي لله الآب ”
بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل
الأشياء بكلمة قدرته ” (عب3: 1)، لم تحسب هذه المساواة التي له مع الآب خلسة بل هي من صميم ذاته
لكنه مع ذلك حجبها في ناسوته متخذا صور عبد.

 

ج – أخلى نفسه: ” لكنه
أخلى نفسه أخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كانسان وضع
نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب “، فما معني ” أخلى نفسه
هنا؟ يستخدم الكتاب هنا الفعل اليوناني “
ekenosen
evke,nwsen ” من الفعل ” kenowvke,nw ” والذي يعني يخلي. وترجمت في بعض الترجمات بمعني ”
أصبح بلا شهرة –
But made himself
of no reputation
“، وفسرها
الآباء عبر تاريخ الكنيسة بمعنى ” حجب لاهوته، أخفى لاهوته، احتجب لاهوته
“، ” في ناسوته
“، حجب مجده السماوي في ناسوته بإرادته، أفتقر
وهو الغني، كما يقول الكتاب، ” فأنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح انه من
أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا انتم بفقره ” (1كو9: 8). وهذا واضح
من مخاطبة الرب يسوع المسيح للآب ” مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد
الذي كان لي عندك قبل كون العالم
” (يو17: 5).

 لقد أخلى الرب يسوع المسيح نفسه بمعنى حجب مجده،
فهو مع كونه كلمة الله (يو1: 1)، الله الكلمة، عقل الله الناطق ونطق الله العاقل، صورة
الله غير المنظور (كو15: 1)، صورة الله المساوي لله الآب (في6: 2)، بهاء مجد الله
الآب ورسم جوهرة (عب3: 1)، ابن الله الوحيد الذي هو في ذات الله ومن ذات الله، أخلى
نفسه وحجب مجده، أخفي لاهوته في ناسوته، حجب لاهوته في ناسوته، قبل على نفسه
الحدود، حدود البشرية، حدود الإنسان المحدود بالزمان والمكان، ظهر في الهيئة
كإنسان وهو في ذاته، بلاهوته، صورة الله المساوي لله كلي الوجود، غير المحدود
بالمكان أو الزمان!
ظهر في زمن معين ” في ملء الزمان ” (غل4:
4)، ومكان معين على الأرض في فلسطين، وهو، بلاهوته، الذي بلا بداية له ولا نهاية!
ظهر على الأرض متخذا صورة الإنسان المحدود بالطول والعرض والارتفاع، وهو بلاهوته،
الذي لا يحده مكان أو زمان.

 قبل الرب يسوع المسيح تطوعاً وباختياره أن يخلي
ذاته بأن يحجب، يخفي، لاهوته في ناسوته، أن يحجب، يخفي، مجده وعظمته، كإله، في
إنسانيته التي أتخذها من العذراء القديسة مريم، تجسد من الروح القدس ومن مريم
العذراء تأنس ” ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة
” (غل4: 4)، أي تجسد، ظهر في الجسد، حل في الناسوت، أخذ جسداً، أتخذ جسداً،
ظهر في الجسد، صورة الله أتخذ صورة العبد.

 

د – أخذاً صورة عبد؛ وفي قوله
” أخذا صورة عبد
taking
the very nature of a servant
“، أخذا نفس طبيعة الإنسان، and took upon him the form of a servant “، أخذا شكل العبد، ثم يضيف ” صائرا
في شبه الناس
“، ويوضح هذه الحقيقة قوله: ”
فإذ
قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيهما
” (عب2:
14)، أي أتخذ الطبيعة الإنسانية الكاملة، كقوله ” في البدء كان الكلمة
والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله
.. والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا
مجده مجداً
كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا ” (يو1: 1-4و14)، ” وبالإجماع
عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة
كرز به بين الأمم أومن به في العالم رفع في المجد ” (1تي16: 3)، ” فانه فيه
يحل كل ملء اللاهوت جسديا
” (كو9: 1).

ر – ثم يقول الكتاب: ” وإذ وجد في الهيئة
كانسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق
كل اسم ” (في2: 8و9). وتترجم الآية الأولى هكذا:

and was
made in the likeness of men

And being
found in appearance as a man

And being
found in fashion as a man

” وصار في شكل إنسان – ولكونه وجد في هيئة
إنسان – في الهيئة كإنسان “، أي أتخذ الطبيعة الإنسانية الكاملة وظهر للناس
كإنسان ووصف بأوصاف الإنسان وعمل نفس أعمال الإنسان، وكان لاهوته محتجبا في ناسوته،
كان كاملا في لاهوته وكاملا في ناسوته لذا ظهر للبشر كإنسان وأتصف بصفات الإنسان
وعمل أعمال الإنسان، كما أظهر لاهوته ومجده في أحيان كثيرة ووصف نفسه بنفس صفات
الله ولقب نفسه بنفس ألقابه وعمل نفس أعماله وأكد أن كل ما يفعله الآب يفعله الابن
وأن كل ما للآب هو للابن. ومن ثم رأى فيه الناس الإنسان وابن الإنسان، المسيح
المنتظر ابن داود والنبي الذي تنبأ عنه موسى النبي، وابن الله الموجود في ذات الله
بلا بداية. ولأن رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين رأوا فيه الإنسان فقط فتأمروا
عليه وقرروا صلبه ولو كانوا قد تأكدوا من حقيقة لاهوته، بالرغم من أنه أعلنها لهم ولكن
أعينهم أغلقت عن معرفته، لما صلبوه كقول الكتاب: ” لأن لو عرفوا لما صلبوا رب
المجد ” (1كو2: 8).

 ومن ثم فقد أعلن الرب يسوع المسيح حقيقة لاهوته
وربوبيته عشرات المرات ولكن بشكل غير مباشر وأن كان ذلك بصراحة ووضوح، سواء في
الإنجيل للقديس يوحنا أو في الأناجيل الثلاثة الأخرى، كما سنرى.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى