علم المسيح

الفصل الحادي عشر



الفصل الحادي عشر

الفصل الحادي عشر

صلب المسيح حقيقة مؤكدة مسيحياً
وتاريخياً ووثائقياً

 

إنَّ حقيقة صلب المسيح كحادثة تاريخيّة بمغزاها التاريخيّ والعقيديّ
واللاهوتيّ تشكل ثلث الإنجيل بأوجهه الأربعة وبقيّة أسفار العهد الجديد، بل وتكرّرت
كلمة صليب عن المسيح ومرادفاتها؛ الصليب وصلب ويصلب وصلبوا وصلبوه ومصلوب والمصلوب
أكثر من ثمانين مرّة، وكانت عقيدة صلب المسيح وفدائه للبشريّة هي محور وجوهر وقلب
الإنجيل المُبَشَّر به للعالم كله.

كما شهد لها، إلي جانب التاريخ المسيحيّ، التاريخ اليهوديّ والرومانيّ
واليونانيّ والسوريّ، ولدينا الوثائق التاريخيّة التي سجّلت ذلك.

 يتكلّم أصحاب نظريّة الشبه ونُقّاد الكتاب المقدّس بصفة عامة عن
الكتاب المقدّس وعقائده وكأنَّها خرجت من زاوية مغمورة في مكان مغمور وفي زمن شبه
مجهول!!!!! ويتجاهلون حقيقة أنَّ أحداث الإنجيل تمَّت وسط عشرات الآلاف بل وملايين
البشر، وأنَّ الجماهير الغفيرة كانت تحيط بالمسيح دائمًا ”
حَتَّى
كَانَ بَعْضُهُمْ يَدُوسُ بَعْضاً
” (لو12/1
كما يقول القديس لوقا، كما أنَّ أحداث صلب المسيح لم تتمَّ سرًا ولا في زاوية، بل
تمَّت في أورشليم وفي عيد الفصح اليهودي الذي كان يحضره، بحسب تقدير المؤرّخ والكاهن
اليهوديّ يوسيفوس، حوالي 2 مليون ونصف يهودي من جميع بلاد الإمبراطوريّة الرومانيّة.
ومن ثمَّ كان الناس، سواء في فلسطين أو سوريا، منذ الأيام الأولي لكرازة الرسل
يعرفون هذه الأحداث جيدًا. لذا فعندما وقف القديس بولس الرسول يُحاكم أمام الملك
هيرودس أغريباس قال له ”
لأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ هَذِهِ الأُمُورِ
عَالِمٌ الْمَلِكُ الَّذِي أُكَلِّمُهُ جِهَاراً إِذْ أَنَا لَسْتُ أُصَدِّقُ أَنْ
يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لأَنَّ هَذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي زَاوِيَةٍ.

” (
أع26/26).

 

1 – صلب المسيح وقيامته هما قلب الإيمان المسيحي وجوهر رسالة
المسيحية:

 يقول الكتاب المقدس في أوَّل قانون إيمان مكتوب في الكنيسة صدر يوم
الخمسين لقيامة السيد المسيح ودونَّه القدّيس بولس الرسول بالروح القدس في رسالته
الأولي إلي كورنثوس والتي يُجمع العلماء والنقّاد علي أنَّها كُتبتْ حوالي سنة 55م
أي بعد خمسة وعشرين سنة من القيامة والتي تشهد علي إيمان الكنيسة في فجرها الباكر
حيث تسلّم القدّيس بولس نفسه هذا الإيمان في السنة الثالثة للقيامة ”
وَأُعَرِّفُكُمْ
أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِالإِنْجِيلِ الَّذِي بَشَّرْتُكُمْ بِهِ وَقَبِلْتُمُوهُ
وَتَقُومُونَ فِيهِ وَبِهِ أَيْضاً تَخْلُصُونَ إِنْ كُنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّ
كَلاَمٍ بَشَّرْتُكُمْ بِهِ. إِلاَّ إِذَا كُنْتُمْ قَدْ آمَنْتُمْ عَبَثاً!
فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً:
أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ
دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ
ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ للإثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً
وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى الآنَ. وَلَكِنَّ
بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا. وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ ثُمَّ لِلرُّسُلِ
أَجْمَعِينَ. وَآخِرَ الْكُلِّ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ظَهَرَ لِي أَنَا.

(
1كو15/1-8).

 فالصلب والقيامة هما أساس الإيمان المسيحيّ وجوهر رسالة المسيحيّة
ودعوتها لأنّها قامت علي هذا الأساس. وقد سجَّل لنا العهد الجديد في كلِّ أسفارِه
وكذلك التقليد وكتابات آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولي وقوانين الآباء
الرسل أحداث وتفاصيل الصلب والقيامة ومغزاها بالنسبة للإيمان المسيحي، بل وكانت أوَّل
عظة بعد حلول الروح القدس هي عن الصلب والقيامة، بل وكان أوَّل ما كُتِبَ في
الإنجيل بأوجهه الأربعة، بإجماع العلماء، هي أحداث الصلب والقيامة، ويتلخّص هذا
الإيمان فيما جاء في قانون مجمع نيقية المُنعقد سنة 325م ”
وصُلِبَ
عَنَّا عَلَي عَهْدِ بيلاطس البنطي، وتألَّم وقُبِرَ، وقَامَ من الأموات في اليوم
الثالث كما في الكتب، وصعد إلي السموات
“.

 

2 – موقف التلاميذ والرسل قبل القيامة وبعدها:

 قدَّم مُعظم التلاميذ والرسل حياتهم ثمنًا لدعوتهم في المسكونة كلّها
بأنَّ المسيح صُلِبَ ومات وقام من الموت وصعد إلي السماء، وذهبوا إلي السماء شهودًا
وشهداء، ولكن هؤلاء التلاميذ والرسل لم يكونوا قبل القيامة بهذا الحماس وهذه القوَّة،
كما لم يكونوا علي حافة الإيمان وينتظرون من يُحَرِّكهم حتي يقوموا بدعوتهم وإنما
العكس تمامًا، فقد كانوا مُتَشَكِّكين ويائسين وخائفين وفاقدي الأمل وضعفاء وقد
تركوا السيّد عند القبض عليه ”
كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا.
” (
مت26/56). ولم يدخل معه المحكمة إلاَّ يوحنا لأنَّه
كَانَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ
(
يو18/15)، أمَّا بطرس فقد تبعه عن بُعد وأنكره عندما إنكشف
أمره. وعند صلبه وموته ودفنه لم يظهر أحد منهم علانية سوي يوحنَّا والنساء (
يو18/25
وكانوا في حزن شديدٍ وغمٍ واكتئابٍ وقد فقدوا الرجاء في قيامته برغم أنَّه كرَّر
أمامهم، ولهم خاصَّةً، مرَّات عديدة أنَّه سيقوم من الموت في اليوم الثالث وأغلقوا
علي أنفسهم الأبواب خوفًا من اليهود لئلا يفعلوا بهم نفس ما فعلوه بسيِّدهم وتشتَّت
البعض وعاد البعض إلي قراهم وتحقَّق فيهم ما سبق وأنبأهم به السيِّد

اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ
وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ. أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ وَلَكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ
إِلَى فَرَحٍ. اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ
جَاءَتْ وَلَكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ
لِسَبَبِ الْفَرَحِ لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. فَأَنْتُمْ
كَذَلِكَ عِنْدَكُمُ الآنَ حُزْنٌ. وَلَكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضاً فَتَفْرَحُ
قُلُوبُكُمْ وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ.
” (يو16/20-22
كما وعدهم.

 وكان السيد أيضًا قد سبق ووعدهم أنَّه بعد قيامته سيظهر لهم وحدهم
بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ 000 وَأَمَّا أَنْتُمْ
فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ.

” (
يو14/19).

 وبعد أنْ قام السيِّد وظهر لهم وحدهم حسب وعده الصادق لهم وتوالى
ظهوره لهم
مرات عديدة تحوَّلوا إلي النقيض تمامًا، فتحوَّل حزنهم إلي فرح، ونسوا
بعد القيامة الشدَّة التي عاشوها قبلها وامتلأوا بالفرح الذي لم يُنْزَع منهم إلي
الأبد. وبعد حلول الروح القدس عليهم، حسب وعد معلمهم لهم
(1)،
يوم الخمسين عندما حلَّ الروح القدس عليهم وتحوَّلوا إلي شجعان أقوياء ووقفوا أمام
العالم كلَّه وليس في أيديهم سوي الإنجيل وانتصروا علي هذا العالم بقواته الروحيّة
الشريرة والماديّة، فقد حوَّل مجد القيامة وقوتها هؤلاء الحزاني الضعفاء إلي أعظم
منتصرين وقادهم السيد ”
مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ
(
2كو 2/14)، وشحنهم الروح القدس بطاقة روحيّة وكان معهم في
كل مكان وزمان كما زوَّدهم السيِّد بالآيات والمعجزات التي برهنت علي صحَّة
إيمانهم.

 

3 – مواجهة الرسل للعالم بحقيقة الصلب والقيامة:

 وقف القدّيس بطرس الرسول مع التلاميذ والرسل جميعًا، بعد أنْ حلَّ
عليهم الروح القدس في يوم الخمسين ونادوا في قلب أورشليم، التي صُلِبَ فيها المسيح
منذ سبعة أسابيع فقط، أمام الآلاف الغفيرة من اليهود وقال: ”
أَيُّهَا
الرِّجَالُ الْيَهُودُ وَالسَّاكِنُونَ فِي أُورُشَلِيمَ أَجْمَعُونَ000 اسْمَعُوا
هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ
قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي
وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ. هَذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً
بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ
صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ
الْمَوْتِ إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ
فِيهِ000 لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ
قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً.000 فَإِذْ كَانَ نَبِيّاً وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ
لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ
الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ
قِيَامَةِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ
رَأَى جَسَدُهُ فَسَاداً. فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً
شُهُودٌ لِذَلِكَ.
” (أع 2/14-32).

 

وفي نفس الأسبوع صعد القدّيسان بطرس ويوحنا إلي الهيكل عند صلاة
الساعة التاسعة (الثالثة ظهراً) وشفيا الأعرج من بطن أمه فإندهش الناس لذلك فقال
لهم القديس بطرس: “
إِلَهَ آبَائِنَا مَجَّدَ فَتَاهُ
يَسُوعَ الَّذِي أَسْلَمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ أَمَامَ وَجْهِ
بِيلاَطُسَ وَهُوَ حَاكِمٌ بِإِطْلاَقِهِ. وَلَكِنْ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ
الْقُدُّوسَ الْبَارَّ وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ.
وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ
وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ.
” (أع 3/13-15).

 ولما قُبض عليهما وحوكما أمام رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ ” حِينَئِذٍ
امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُمْ: «يَا رُؤَسَاءَ
الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ 000 لْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِكُمْ
وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ
الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِذَاكَ
وَقَفَ هَذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحاً.
” (أع
4/8 و 10
).

 وبعد سجن بطرس الرسول وإخراج الملاك له من السحن وقف الرسل ثانية
أمام رؤساء الكهنة وقالوا لهم ”
قَدْ مَلأْتُمْ
أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هَذَا
الإِنْسَانِ
” فقال لهم الرسل ” لَهُ
آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ
عَلَى خَشَبَةٍ. هَذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ 000 وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ
بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضاً
” (أع
5/28 و 30-32
).

 وكذلك وقف القديس إستفانوس وهو يُحاكم أمام السنهدرين وقال لهم
أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ وَقَدْ قَتَلُوا الَّذِينَ
سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ الْبَارِّ الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ صِرْتُمْ
مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ
” (أع 7/52).

 وكانت نتيجة هذه العظات وغيرها هي انضمام آلاف اليهود بما فيهم كهنه
ورؤساء كهنة وغيرهم من رجال الدين إلي المسيحيّة، ثم حدوث اضطهاد عظيم علي الكنيسة
في أورشليم وتشتَّت المؤمنون، عدا الرسل، إلي خارجها. وفي كل الحالات لم يجرؤ
اليهود علي مواجهة الرسل بأي شئ يمكن أنْ يُناقض إيمانهم سوي القتل والاضطهاد،
الذي صار بركة للكنيسة. كما أنَّ إيمان الآلاف منهم بالمسيح بحقيقة قيامته نتيجة
لكرازة الرسل والآيات التي أجراها الله علي أيديهم (
أع 5/12
لهو أكبر دليل علي صحَّة كلّ حرف تكلّموا به.

 وعندما بشَّر القدِّيس بطرس الرسول أوَّل جماعة من الأمم في قيصريّة
بفلسطين وعلي رأسهم القائد الروماني كرنيليوس، قال لهم ”
أَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ الأَمْرَ الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئاً مِنَ
الْجَلِيلِ بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا. 000 الَّذِي
أَيْضاً قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. هَذَا أَقَامَهُ اللهُ
فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِراً لَيْسَ لِجَمِيعِ
الشَّعْبِ بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ اللهُ فَانْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ الَّذِينَ
أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ.

(
أع10/37-41).

 فقد بشَّر الرسل أناس من اليهود والأمم يعرفون كل ما جري وحدث للرب
يسوع المسيح من صلب وموت ودفن، أمَّا القيامة وظهوراتها فقد خصَّ الله بها الشهود
الذين سبق فإختارهم والذين سبق فوعدهم ”
بَعْدَ
قَلِيلٍ لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي.

(
يو14/19). وكان علي هؤلاء الشهود أنْ يشهدوا بما سمعوا
ورأوا للعالم أجمع ”
وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي
أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى
الأَرْضِ
” (أع1/8). وفي مواقفهم لم يجرؤ أحد
أنْ يُناقض أو يكذِّب حرف مما قالوه لأنَّه كان معلومًا عند الجميع.

 وبعد تحوُّل القدِّيس بولس إلي المسيحيّة وقف في مجمع اليهود في أنطاكية
بيسيديّة وقال لهم ”
أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ
بَنِي جِنْسِ إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ بَيْنَكُمْ يَتَّقُونَ اللهَ إِلَيْكُمْ
أُرْسِلَتْ كَلِمَةُ هَذَا الْخَلاَصِ. لأَنَّ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ
وَرُؤَسَاءَهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا هَذَا. وَأَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ الَّتِي
تُقْرَأُ كُلَّ سَبْتٍ تَمَّمُوهَا إِذْ حَكَمُوا عَلَيْهِ. وَمَعْ أَنَّهُمْ لَمْ
يَجِدُوا عِلَّةً وَاحِدَةً لِلْمَوْتِ طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ يُقْتَلَ.
وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ
وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ. وَلَكِنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. وَظَهَرَ
أَيَّاماً كَثِيرَةً لِلَّذِينَ صَعِدُوا مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى
أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ هُمْ شُهُودُهُ عِنْدَ الشَّعْبِ.
” (أع
13/26-31
).

 

 وقال للملك هيرودس أغريباس ومجمع الحاضرين معه ” أَنَا
لاَ أَقُولُ شَيْئاً غَيْرَ مَا تَكَلَّمَ الأَنْبِيَاءُ وَمُوسَى أَنَّهُ عَتِيدٌ
أَنْ يَكُونَ: إِنْ يُؤَلَّمِ الْمَسِيحُ يَكُنْ هُوَ أَوَّلَ قِيَامَةِ
الأَمْوَاتِ
” (أع26/22-23).

 وهكذا واجه تلاميذ المسيح ورسله اليهود بحقيقة قيامه المسيح الذي
صلبوه، كما واجهوهم باللوم لصلبهم له
برغم أنَّ ذلك تمَّ بإرادة
الله ومشورته الأزليّة وعلمه السابق
، كما واجهوا العالم الوثني
وقدموا له المسيح المصلوب برغم عثره الصليب بالنسبة له ”
نَحْنُ
نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوباً: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً وَلِلْيُونَانِيِّينَ
جَهَالَةً
” (1كو1/23)، وواجهوا
الجميع بالقيامة، قيامة الرب من الأموات، ولم يكن للعالم دليل ضدَّهم
فاليهود
يعترفون بأنَّهم صلبوا المسيح واليونانيون والرومان ينظرون إليه باعتباره الذي
صلبه اليهود
، أمَّا القيامة فلم يستطع العالم إنكار حقيقتها خاصَّة وأنَّ الذين
نادوا بها أيَّدَهم الله بالبراهين والآيات والعجائب والمعجزات التي أثبتت صحَّة
دعواهم وكرازاتهم ولم يكن أمام العالم سوي قبول هذه الحقائق والإيمان بالمسيحيّة
أو اضطهاد رسل المسيح حتي الدمّ.

 

4 – التلاميذ شهود إثبات الصلب وخلفاؤهم والسند المتصل لهم:

 تسلَّم التلاميذ ورسله الرسالة من الرب يسوع المسيح، وكان لهؤلاء
التلاميذ والرسل خلفاء وتلاميذ أسمتهم الكنيسة بالآباء الرسوليِّين، ومن هؤلاء من
كان تلميذًا للقدِّيس بطرس مثل أغناطيوس أسقف إنطاكية، وبوليكاربوس أسقف سميرنا
بآسيا الصغرى والذي كان تلميذًا للقديس يوحنّا الرسول تلميذ المسيح، وإكليمندس
الروماني تلميذ القدِّيس بولس وغيرهم. هؤلاء استلموا منهم الإنجيل الشفوي قبل أنْ
يُكْتَب، مع بقيَّة المؤمنين، ثمَّ الإنجيل المكتوب، ثمَّ سلَّموه بدورهم لخلفائهم
هم أيضًا، مع بقيَّة الجماعة والكنيسة المسيحيّة.

 كانت هناك دائمًا سلسلة متواصلة من الشهود. فمثلاً كان القدِّيس
يوحنا تلميذًا للمسيح وكان من ضمن تلاميذ يوحنّا القدِّيس بوليكاربوس ومن تلاميذ
القديس بوليكاربوس القدِّيس إريناؤس أسقف ليون بفرنسا، وبالتالي ما يقوله الواحد
هو ما نقله عن الآخر، فقد نقل بوليكاربوس عن يوحنّا ونقل إريناؤس عن بوليكاربوس
وبالتي ما كتبه إريناؤس هو شهادة القدِّيس يوحنا المنقولة عبر بوليكاربوس، وهكذا.
وهؤلاء سلَّموه بدورهم لمن بعدهم حتي جاءت المجامع الكنسيّة سواء المحليّة والتالي
بدأت في نهاية القرن الثاني الميلادي، أو المسكونيّة التي بدأت بمجمع نيقية سنة
325م. وقد واجه هؤلاء العالم كله بحقيقة الصلب والقيامة، وكان العالم جميعه ينظر
إليهم كأتباع المصلوب الذي صلبه اليهود ولكنهم واجهوه بحقيقة قيامته وانتصاره علي
الموت وصعوده إلي السماء وجلوسه عن يمين العظمة في السماء. وهذه بعض فقرات مما
كتبوه:

(1) اكليمندس الروماني (30 – 100م): تلميذ الرسل
وأسقف روما: يقول في رسالته: ” لنركز أنظارنا علي دم المسيح متحقّقين كم هو
ثمين لدي أبيه، إذ سفكه لأجل خلاصنا، وقدَّم نعمة التوبة للعالم كله”. ”
لنُكرم الرب يسوع المسيح الذي قدَّم دمه لأجلنا “. ” وقد صار الرب يسوع
المسيح باكورة القائمين من الموت “. ” وبعدما تسلم الرسل أوامرهم
واقتنعوا بقيامه ربنا يسوع المسيح تمامًا، وتأكَّدوا من كلمة الله، ذهبوا في ثقة
الروح القدس للكرازة “.

(2) أغناطيوس الأنطاكي (30 – 107م) تلميذ بطرس الرسول وأسقف كنيسة
إنطاكية:
يقول في رسالته إلي أفسس ” إنَّ روحي هي ضحيّة الصليب، والصليب
هو عثرة لغير المؤمنين، أمَّا لنا نحن فهو خلاص وحياة أبديّة” (أف 1: 18).

 ويقول في رسالته إلي ترالس ” يسوع المسيح 000 تألم حقاً علي عهد
بيلاطس البنطي، وصُلب حقًا ومات حقًا أمام السمائيّين والأرضيّين ومن تحت الأرض
قام حقًا من الأموات ” (9: 1و2).

 وقال في رسالته إلي سميرنا ” أنا أؤمن أنَّه بعد القيامة كان ما
يزال له جسد، وأؤمن أنَّه هكذا الآن، ومثال ذلك، عندما جاء للذين كانوا مع بطرس
قال لهم “جسّونى وانظروا أني لست روحًا بدون جسد ” وفي الحال لمسوه وآمنوا
أنَّه كان روحًا وجسدًا 000 وبعد قيامته أكل وشرب معهم 000 ” (ف2).

(3) بوليكاربوس (65-155م) تلميذ القديس يوحنا الرسول: يقول
في رسالته إلى فيلبى: “يسوع المسيح سيدنا الذي تحمَّل الموت من أجلنا وأقامه
الله حالاً رباطات الجحيم ” (2: 1). “آمنوا بمن أقام سيدنا يسوع المسيح
من بين الأموات وأعطاه مجدًا ” (1: 2). ” فلنلتصق دائمًا برجائنا وعريس
عدالتنا يسوع المسيح الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة (الصليب)” (1: 7).

(4) رسالة برنابا المكتوبة سنة 100م وقد جاء فيها:
أنَّ السيد قد إحتمل تسليم جسده إلي الفساد. كان المقصود هو تنقيتنا وغفران خطايانا
الذي تمَّ بنضح دمه ” (1: 5). ” يا أخوتي إذا كان السيد قد إحتمل أنْ
يتألَّم من أجل نفوسنا وهو ربّ المسكونة 000 فكيف قبل أنْ يتألَّم علي أيدي الناس؟
ولكي يُعطّل الموت ويُبَرْهِن علي القيامة من الأموات ظهر بالجسد وإحتمل الآلام
” (5: 5). ” إنَّه هو الذي أراد أنْ يتألَّم هكذا، وكان عليه أنْ يتألَّم
علي الصليب ” (12: 5).

 وأيضًا ” قد تألَّم ليُحْيينا بجراحه، فلنؤمن أنَّ ابن الله لم
يتألَّم إلاَّ لأجلنا وقد سُقِيَ الخلّ والمرارة عندما صُلِبَ ” (7: 2و3).
” لذلك نُعَيِّد اليوم الثامن بفرح. اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات
وظهر وصعد إلي السماء ” (9: 15).

(5) يوستينوس الشهيد (100-165م): يقول في
حواره مع تريفو اليهودي ” لأنَّه حقًا بقي المسيح علي الشجرة (الصليب) حتي
المساء تقريبًا ودفنوه في المساء وفي اليوم الثالث قام ثانيه “
(2).

 وقال في كتابه علي القيامة ” لماذا قام (المسيح) في الجسد الذي
تألَّم به إلاَّ لكي يُبَينِّ قيامة الجسد؟ وتأكيدًا لهذا، فعندما لم يعرف تلاميذه
إنْ كان قد قام بالجسد حقًا وكانوا ينظرون إليه بشكٍّ قال لهم: ” أليس لكم
إيمان حتي الآن، أنظروا أنَّى أنا، وسمح لهم أنْ يجسُّوه ويروا آثار المسامير في يَدَيْه،
وعندما اقتنعوا تمامًا أنَّه هو نفسه وفي الجسد سألوه أنْ يأكل معهم كي ما يكونوا
أكثر يقينًا، أنَّه قام في جسده الحقيقيّ؟ فأكل شهد عسل وسمكًا “
(3).

 

(6) ايريناؤس (120 – 220) أسقف ليون بفرنسا: هذا القديس
كتب فصولاً طويلة شرح فيها آلام السيد المسيح وصلبه وموته ودفنه وقيامته نكتفي
منها بهذه الفقرة: ” وكما قام المسيح بجوهر الجسد وكشف لتلاميذه آثار
المسامير والفتحة في جنبه 000 فقد قام بقوته هو”
(4).

 

4 – التقليد المسيحي وحقيقة الصلب والقيامة:

 التقليد المسيحي هو تعليم رسل السيد المسيح الذي تسلموه من السيد
نفسه وسلموه لخلفائهم وتلاميذهم، وقد مارسوه عمليًا من خلال شعائرهم وصلواتهم
وأصومهم واحتفالاتهم ”
تَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا
سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ.
” (1كو 11/2
فَاثْبُتُوا إِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا
بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ
بِرِسَالَتِنَا.
” (2 تس 2/15
فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هَذَا
مِقْدَارُهُ، قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا
مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، شَاهِداً اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ
وَقُوَّاتٍ مُتَنَّوِعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ؟

” (
عب 2/3-4).

(1) القداس الإلهي: والذي يتركَّز جوهره حول موت المسيح
مصلوبًا ودفنه وقيامته من الأموات وصعوده. وقد مُورست صلوات القدَّاس منذ فجر
الكنيسة علي أيدي الرسل، حيث بدأ بعد حلول الروح القدس مباشرة ”
وَكَانُوا
يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ وَالشَّرِكَةِ وَكَسْرِ الْخُبْزِ
وَالصَّلَوَاتِ.
” (أع2/42).

 

يقول القديس بولس الرسول لأهل كورنثوس ” كَأْسُ
الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟
الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟

” (
1كو10/16)، ” لأَنَّنِي
تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضاً: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي
اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا أَخَذَ خُبْزاً وَشَكَرَ فَكَسَّرَ وَقَالَ:
«خُذُوا كُلُوا هَذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هَذَا
لِذِكْرِي». كَذَلِكَ الْكَأْسَ أَيْضاً بَعْدَمَا تَعَشَّوْا قَائِلاً: «هَذِهِ
الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هَذَا كُلَّمَا
شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي». فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هَذَا الْخُبْزَ
وَشَرِبْتُمْ هَذِهِ الْكَأْسَ تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ.

” (
1كو11/23-26).

 ومن أقدم القداسات التي استخدمتها الكنيسة، قداس القديس يعقوب، قداس
كنيسة أورشليم، وقداس القديس مرقس، قداس كنيسة الإسكندرية واللذان استخدمهما
الرسولان قبل استشهادهما في القرن الأول الميلادي.

أ – قداس القديس يعقوب، وتوجد منه أجزاء من مخطوطة
ترجع للقرن الثالث جاء فيه “وعند تقديم حياته بإرادته للموت علي الصليب 000
أخذ خبزًا علي يديه 000 وقال خذوا كلوا، هذا هو جسدي المكسور لأجلكم يُعْطَي
لمغفرة الخطايا 000 وهكذا أيضًا بعد العشاء أخذ الكأس 000 وقال لنا إشربوا منها كلَّكم،
هذا هو دمي الذي للعهد الجديد، المسفوك لأجلكم ولأجل كثيرين يُعْطَى لمغفرة
الخطايا 000 هذا اصنعوه لذكري، لأنَّ كلّ مرّة تأكلون هذا الخبز وتشربون هذه الكأس
تُبَشّرون بموت الرب وتعترفون بقيامته إلي أنْ يجئ 000 تذكَّروا، إذاً، آلام تقديم
حياته وصليبه المنقذ وموته ودفنه وقيامته من الموت في اليوم الثالث وصعوده إلي
السموات “
(5).

ب – قداس القديس مرقس، والذي تفرَّع منه قدّاسات القدِّيس
باسيليوس والقدِّيس كيرلس والقدِّيس إغريغوريوس، وقدَّاس كلّ الرسل أو القدَّاس
الأثيوبي، وهذا القدَّاس، قدَّاس القديس مرقس تطوَّر عنه قدَّاس القدِّيس كيرلس،
وجاء في هذه القداس ” لأنَّ كلّ مرّة تأكلون من هذا الخبز وتشربون من هذه
الكأس تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي وصعودي إلي أنْ أجيء 000 أيُّها السيِّد
والرب القدير ملك السماء، عندما نُبَشِّر بموت اِبنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا
يسوع المسيح ونعترف بقيامته المباركة من الموت في اليوم الثالث “
(6).

 

(2) يوم الأحد: قدَّسَت الكنيسة منذ فجرها يوم الأحد
تذكارًا لقيامة السيِّد المسيح فيه من الموت، وكانت تدعوه اليوم الأوَّل من
الأسبوع ”
وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ (الأحد)
إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزاً
(
أع 20/7)، ويوم الرب ” كُنْتُ
فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ
” (رؤ1/4
وجاء في رسالة برنابا (9: 15) ” لذلك نُعيِّد اليوم الثامن بفرح. اليوم الذي
قام فيه المسيح من الأموات”، ويقول القديس يوستينوس الشهيد في بداية القرن
الثاني ” وفي اليوم المسمي يوم الشمس (الأحد) يجتمع معًا كل الذين يعيشون في
المدن والريف وتُقرأ مذكَّرات الرسل (الأناجيل) أو كتابات الأنبياء 000 الأحد هو
اليوم الذي نجتمع فيه جميعًا لأنَّه اليوم الأوَّل الذي غيَّر الله فيه الظلمة
والمادّة وعمل العالم وفي نفس اليوم قام يسوع المسيح مخلّصنا من الموت لأنَّه صُلب
في اليوم الذي قبل السبت وفي اليوم الذي بعد السبت، الذي هو يوم الأحد ظهر لرسله
وتلاميذه وعلَّمهم هذه الأمور التي سلّمناها لكم أيضًا لفائدتكم “
(7).

 

(3) عيد القيامة: كانت القيامة هي محور التعليم
المسيحي وجوهره وقد احتفلت الكنيسة بعيد القيامة مُنذ بدايتها ويذكر العلامة
أوريجانس في نهاية القرن الثاني في رده علي كلسس كيف أنَّ الكنيسة تحتفل بأيام مُعيّنة
وهى الأحد من كل أسبوع ويُسمّيه ” يوم الربّ ” والاستعداد والفصح الذي
هو عيد القيامة ويقول أنَّ المسيحي الكامل ” لا يتوقف أبدًا عن حفظ عيد البصخة
(الفصح) لأن
The Pascha الفصح، تعنى العبور، وهذا العبور هو قيامتنا مع
المسيح، قمنا مع المسيح ” و ” ورفعنا وأجلسنا معه في السمائيات “
(8).

 

(4) صوم الأربعاء والجمعة: صامت الكنيسة منذ أيامها
الأولي الأربعاء والجمعة لأنَّ الأربعاء تمًّت فيه المؤامرة علي السيد المسيح
عندما وعد يهوذا رؤساء الكهنة أنْ يسلمه لهم مقابل ثلاثين من الفضة (
مت26/14-15
ويوم الجمعة لأنَّه اليوم الذي صُلب فيه السيِّد المسيح ومات ودُفن. وقد جاء في
الدسقولية المكتوبة قبل سنة 100م: ” أما أنتم فصوموا الأربعاء والجمعة ”
(الدسقولية ف8).

 وجاء في كتاب قوانين الرسل القديسين والذي يرجع لعصر الرسل وكُتب قبل
القرن الثالث؛ ” أمرنا (الرب) أنْ نصوم في اليوم الرابع (الأربعاء) والسادس
(الجمعة) من الأسبوع، الرابع بسبب خيانته فيه والأخير بسبب آلامه “
(9)،
” صوموا 000 في اليوم الرابع من الأسبوع ويوم الاستعداد (الجمعة) لأنَّه في
اليوم الرابع إنقضي الحكم ضدّ الرب، فقد وعد يهوذا بخيانته الرب لأجل المال، وفي
يوم الاستعداد لأنَّه في ذلك اليوم عاني الربّ موت الصليب في عهد بيلاطس البنطي
(10).

 

(5) علامة الصليب: كان الصليب قبل صلب المسيح عليه
علامة خزي وعار وبعد قيامته صارت علامة مجد وفخر ”
نَحْنُ
نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوباً: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً وَلِلْيُونَانِيِّينَ
جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُوداً وَيُونَانِيِّينَ فَبِالْمَسِيحِ
قُوَّةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ.
” (1كو1/23-24
وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ
بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي
وَأَنَا لِلْعَالَمِ.
” (غل6/14
ومن ثمَّ صارت علامة الصليب مصدر فخر لجميع المؤمنين، وكانوا يرسمونه علي منازلهم
ومقابرهم وكنائسهم، ويري البعض في قوله: ”
أَنْتُمُ
الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ
مَصْلُوباً!
” (غل 3/1)، رسم للصليب.

 

وكان المؤمنون يطردون الأرواح النجسة برسم علامة الصليب، وقد جاء في
مخطوطة ترجع للقرن الأوَّل إكتشفها علماء الآثار وتوجد الآن في المكتبة الأهليّة
بقاعة الرسامات بباريس. ما نصَّه: “ياصليب طهرني. أطردك أيها الشيطان. بحيث
لا تبرح مقرك أبدًا. أفعل ذلك باسم سيدي الحي (أي المسيح) “
(11).

 

5 – المجامع المسكونية:

 كان المسيحيّون منذ البدء عندما يختلفون في أمر عقيدة ما يجتمعون في
مجامع مكانيّة، أي في دولة واحدة، عندما يكون هذا الأمر موجود في هذه الدولة فقط،
ويجتمعون في مجامع مسكونيذة، أي عالميّة، تضمّ ممثلين عن المسيحيّين من رجال الدين
في كلّ بلاد العالم المسيحيّ، لكي يناقشوا هذه العقيدة، وكان علي رأس هذه المجامع
المسكونيّة مجمع نيقية سنة 325م، ومجمع القسطنطينيّة سنة 381م، ومجمع أفسس سنة
431م، ومجمع خلقيدونيّة سنة 451م، والتي ناقشت مواضيع خاصَّة بشخص المسيح من جهة
لاهوته وتجسّده. ولكن موضوع صلب المسيح فلم يختلف عليه أحد ولم يُناقش في أي مجمع،
سواء كان مكانيًا أو مسكونيًا، وكان أمرًا متفقًا عليه ولا خلاف حوله، بل وقد وضع
مجمع نيقية خلاصة الإيمان المسيحي في هذا الأمر وهو قوله ”
تجسد
من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس، وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألم وقبر
وقام من بين الأموات في اليوم الثالث وصعد إلى السموات وجلس عن يمين أبيه
“.
وهذه الصيغة كانت مقبولة في كل المجامع المكانيّة والمسكونيّة، بل ويردّدها
المسيحيّون في كلّ مكان في العالم مهما كانت طوائفهم.

 ولم تكن هذه الصيغة هي الأولي في تاريخ الكنيسة فقد سبقها عدّة صيغ،
تسمّي بصيغ المعموديّة، كان يقولها الشخص الذي ينضمّ إلي المسيحيّة عند عماده،
وفيما يلي بعض نماذج لها:

 

·   
جاء في قانون إيمان الرسل (القرن
الأول):
” تألّم في عهد بيلاطس البنطي، وصُلب (ومات)
ودُفن ؛ (ونزل إلي الجحيم)، وفي اليوم الثالث قام من الأموات “

·   
وجاء في قانون إيمان القديس إيريناؤس
بلاد الغال
: فرنسا حاليًا، (عام 170م): ” الذي صار جسدًا
(من العذراء) لأجل خلاصنا؛ وآلامه (في عهد بيلاطس البنطي)، وقيامته من الأموات
“.

·   
وجاء في قانون إيمان العلامة ترتليان:
من شمال أفريقيا (200م): ” ثُبّت علي الصليب (في عهد بيلاطس البنطي)، مات
ودُفن، قام في اليوم الثالث “.

·       
وجاء في قانون العلامة أوريجانوس:
من الإسكندرية (230م): ” تألَّم حقًا، ومات، قام من الأموات “.

·       
وجاء في قانون إيمان لوقيانوس، أو
لوسيان (مُعلم أريوس)
: إنطاكية (300م): ” الذي تألَّم
من أجلنا، وقام من أجلنا في اليوم الثالث “.

·   
وجاء في قانون إيمان يوسابيوس:
أسقف قيصرية (325م): ” الذي من أجل خلاصنا صار جسدًا بين البشر ؛ وتألَّم،
وقام في اليوم الثالث “.

·   
بل وجاء في إقرار الإيمان الذي قدمه
أريوس في مجمع نيقية:
” نؤمن بإله واحد، الآب القدير
؛ وبالرب يسوع المسيح ابنه، المولود منه قبل كل الدهور، الله الكلمة الذي به صنع
كل شيء، ما في السموات وما على الأرض. الذي من نزل وصار متجسدا ؛ وتألم، وقام
ثانية “
(12).

·   
وهكذا كان المؤمنون بالمسيحيّة في كل
أنحاء العالم مؤمنون بصلب المسيح ولم يشذّْ عن ذلك سوي مجموعة من الأفراد الذين
خلطوا بين فكرهم الغنوسي الدوسيتي الوثني السابق وبين المسيحيّة وقد انتهت بدعتهم
وهرطقتهم مع نهاية القرن الثاني ولم يبقَ منهم سوي مجرَّد أفراد يظهرون بين الحين
والآخر ويردّدون نفس القول لنفس السبب!!!!

وحتي هؤلاء فقد آمنوا بصلب المسيح ودوّنوا في كتبهم التي أسموها
أناجيل نفس تفصيلات أحداث الصلب كما وردت في الأناجيل القانونيّة، كما بيَّنا، مع
إضافة عبارات تشير لفكرهم القائل بأنَّ المسيح لاهوت فقط وأنَّه ظهر كشبح وخيال
لذا فقد كان صلبه بالنسبة لهم مجرد شبح وخيال!!!!

 

6 – التاريخ العام لا يعرف إلا المسيح المصلوب:

(1) التلمود اليهودي: ويُقرّ اليهود في تلمودهم بأنَّهم
قتلوا المسيح وصلبوه فقد جاء في نسخته التي نُشرت في أمستردام عام 1943، ص 42 قوله
” لقد صُلب يسوع قبل الفصح بيومٍ واحدٍ. وقبل تنفيذ الحكم فيه، ولمدة أربعين
يومًا خرج منادٍ ينادي: إنَّ (يسوع) سيُقتل لأنَّه مارس السحر وأغري إسرائيل علي
الارتداد، فعلي من يشاء الدفاع عنه لمصلحته والاستعطاف من أجله أنْ يتقدَّم. وإذ
لم يتقدَّم (أحد) للدفاع من أجله في مساء (ليلة) الفصح. وهل يجرؤ أحد عن الدفاع
عنه؟ ألم يكن مفسدًا؟ وقد قيل في الأنبياء إنَّ شخصًا مثل هذا: ”
لا
تَسْمَعْ لَهُ وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ وَلا تَرِقَّ لَهُ وَلا
تَسْتُرْهُ، بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ
” (تث13/8-9)(13).

 وقال يوحنا بن زكّا تلميذ هليل المعلم الشهير في كتابه سيرة يسوع
الناصري ” إنَّ الملك وحاخامات اليهود قد حكموا علي يسوع بالموت لأنَّه جدَّف
حين إدّعي أنَّه ابن الله 000 وأنَّه الله”. ثم قال بعد ذلك: ” ولما كان
المسيح في طريقه إلي الموت كان اليهود يصرخون أمامه: فلتهلك كل أعدائك يا رب
” (
عوض سمعان ” قضية الغفران ” ص 108 ونقولا يعقوب غبريال
” مباحث المجتهدين ” ط 6 ص 76
). وقال
الحاخام اليهودي جوزيف كلاونز الذي عاش في القرن التاسع عشر في كتابه يسوع الناصري
بعد فحص الإشارات إلي يسوع في التلمود معترفًا دون محاباة قائلا: ” لم ينكر
شيئاً في الأناجيل!! فقد جري تحريفها (في التلمود) فقط إلي مصدر لوم واستهزاء
(14).

 

(2) تقرير بيلاطس البنطي: وهذا التقرير ذكره القديس
يوستينوس الشهيد عام 150م في أثناء دفاعه الأوَّل حيث أكَّد أنَّ صلب المسيح يُثْبِتَه
تقرير بيلاطس، كما يُلَمِّح في نفس الدفاع إلي طائفة من العجائب وأعمال الشفاء، ثم
يقول: ” إنَّه حقًا قد صنع هذه ويمُكنك التأكُّد منها من تقرير بيلاطس ”
وأشار ترتليان أيضًا إلي نفس هذا التقرير
(15).

 

(3) التاريخ الروماني: ويشهد التاريخ الروماني لصحَّة
الحادثة بحسب ما يذكر كورنيليوس تاسيتوس (55-125م)، وهو مؤلّف رومانيّ عاصر ستّة
أباطرة ولُقِّب بمؤرِّخ روما العظيم. وقال عنه ف. ف بروس
F.F.Bruce أنَّه، تاسيتوس، كان، بحكم علاقته بالحكومة الرومانيّة، مُطلعًا
علي تقارير حكَّام أقاليم الإمبراطوريّة وسجّلات الدولة الرسميّة. وقد أشار إلي
المسيح في كتابيه ” الحوليَّات والتواريخ ” ثلاث مرَّات أهمَّها قوله في
الحوليَّات الجزء الثالث ” لكي يتخلص نيرون من التهمة (أي حرق روما) ألصق هذه
الجريمة بطبقة مكروهة معروفة باسم المسيحيّين، ونكَّل بها أشدَّ تنكيل. فالمسيح
الذي إشتَقَّ المسيحيّون منه اسمهم، كان قد تعرَّض لأقصي عقاب في عهد طيباريوس علي
يد أحد ولاتنا المدعو بيلاطس البنطي. وقد راجت خرافة من أشدّ الخرافات إيذاء، وإنْ
كانت قد شُكمت لفترة قصيرة، ولكنّها عادت فشاعت ليس فقط في اليهوديّة المصدر الأوَّل
لكل شرّ، بل انتشرت أيضًا في روما التي أصبحت بؤرة لكل الأشياء الخبيثة والمخزية
التي شرعت ترد إليها من جميع أقطار العالم “
(16).

واضح أنَّ الخرافة أو الإشاعة التي ألمح إليها هي قيامة المسيح من
الأموات.

 

(4) التاريخ اليوناني: وكذلك أيضًا شهادة التاريخ اليونانيّ
حيث يقول لوسيان اليونانيّ: والذي كان أحد مؤرِّخُو اليونان البارزين في مطلع
القرن الثاني الميلادي. وقد علَّق في مقال نقديّ ساخر علي المسيحيّين والمسيح. وإذ
كان ينتمي إلي المذهب الأبيقوري فقد عجز عن استيعاب طبيعة الإيمان المسيحيّ
واستعداد المسيحيّين للاستشهاد في سبيل عقيدتهم، وحَسَبَهم شعبًا مخدوعًا يتعلَّق
بأوهام عالم ما بعد الموت بدلاً من التمتّع بمباهج العالم الحاضر وملذّاته وأبرز
ما قاله ” إنَّ المسيحيّين، كما تعلم، ما زالوا إلي هذا اليوم يعبدون رجلاً –
وهو شخصية متميّزة، إسْتَنّ لهم طقوسهم الجديدة وصُلب من أجلها 000 ومنذ اللحظة
التي اهتدوا فيها (إلى المسيحيّة) وأنكروا آلهة اليونان وعبدوا الحكيم المصلوب، استقرّ
في عرفهم أنَّهم أخوة”
(17).

 

(5) الرواقي مارا السوري (73 – 160): كتب في
رسالة له لابنه سيرابيون، كتبها من السجن، عن يسوع باعتباره ملك حكيم كسقراط
وفيثاغورس قائلاً ” أية فائدة جناها اليهود من قتل ملكهم الحكيم لم يمت هذا
الملك الحكيم إلي الأبد لأنَّه عاش من خلال تعاليمه التي علَّم بها “، ولكن
الله إنتقم له ” بتدميرهم وتشتيتهم في كل مكان “
(18).

 

مع ملاحظة أنَّ هؤلاء، باستثناء اليهود وبيلاطس، قد كتبوا من منطلق
معرفتهم عقيدة المسيحيّين في صلب المسيح عن طريق المسيحيّين أنفسهم، أي أنَّه كان
هناك إجماع عند المسيحيّين، سواء في سوريا وما حولها واليونان وبقيّة الإمبراطوريّة
الرومانيّة، علي صلب المسيح وهذا ما عرفه هؤلاء المؤرِّخون منهم. أمَّا تقرير
بيلاطس فهو يَكْتُبُ كشاهد عيان وكذلك اليهود.

 

(1) (يو16: 14، 17، 26، 15، 16، 7؛ لو
49: 24؛ أع 4: 1، 1: 2-4).

(2) Dialogue. Ch. 97.

 (3) On Resurrection. Ch. 9.

(4) Against Her. B. 5: 7.

(5) Ante Nicene Fathers Vol, 1.

(6) Ante Nicene Fathers Vol, 1.

(7) First Apology Ch. 67.

(8) Origen against C.

(9) Constitution of the H. Ap. B 5: 3.

(10) Ibid 7: 2.

(11) مجلة الهلال العدد العاشر السنة
العاشرة.

(12) Socrates Church
History 1: 26
.

(13) Josh McDowell & Bill Wilson. He Walked Among Us p. 64.

(14) W.T. Bib.
Is The Bible
The Word of God? p. 65.

(15) The
Verdict of History, p. 100 & He Walked Among Us p. 53, 54
.

(16) Tacitus,
Annals, 15, 44
& The Verdict of History, p.
100
& He Walked Among Us p. 53, 54
.

(17) Ibid,

(18) He Walked Among Us p. 54.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى