علم المسيح

الفصل الثامن



الفصل الثامن

الفصل الثامن

نبوات العهد القديم ‏عن صلب المسيح
وقيامته

 

تنبّأ أنبياء العهد القديم ابتداء من إبراهيم إلي ملاخي بكل تفصيلات
حياة المسيح ‏وكانت قمّة نبوّاتهم عن صلب المسيح وقيامته. وهذه النبوّات التي سجّلوها
بالروح ‏القدس في أسفارهم كان علماء اليهودية يعرفون بعضًا منها ولكن عندما جاء
الرب ‏يسوع المسيح كشف عن كل هذه النبوّات وشرحها وفسّر مغزاها لتلاميذه ورسله،
‏كما فسر بعضها أمام الجموع وبصفةٍ خاصّةٍ أمام رؤساء الكهنة والكتبة والفرّيسيون‏‏.
وقال لهم في أكثر من مناسبة: ‏

·       
فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ
تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.

” ‏‏(
يو5/39).‏

·       
أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ
بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ
” (يو8/56).‏

·       
لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ
تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي
” (يو5/46).‏

‏ وفي (متى22/42-45) اتفق
المسيح ورؤساء اليهود علي أنَّ داود تنبأ عن المسيح ‏ودعاه ” ربه ”
قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي“.‏

‏ وأكّد هذه الحقيقة أمام تلاميذه مرّات كثيرة مثل قوله ” لأَنِّي
أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ:
وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ

“(
لو22/37). وفي العشاء قال لهم مشيرا إلي يهوذا ” أَنَا
أَعْلَمُ الَّذِينَ اخْتَرْتُهُمْ. لَكِنْ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ: اَلَّذِي
يَأْكُلُ مَعِي الْخُبْزَ رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ.
” (يو13/18).
وقال ليهوذا ‏محذرًا ” إ
ِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ
كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ
يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ

(
مت26/24ومر14/21). ‏

وفي الطريق إلي البستان صلّي للآب قائلا ” حِينَ
كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ
أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ
الْهلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ.
” ‏‏(يو17/12).
ثم قال للتلاميذ ”
كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي
هَذِهِ اللَّيْلَةِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ
خِرَافُ الرَّعِيَّةِ.
” (مت26/31).
ولما حاول القديس ‏بطرس الدفاع عنه بالسيف قال له ”
أَتَظُنُّ
أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ
مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ:
أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟».
” (مت26/52-54).‏

‏ وعندما قبضوا عليه قال لهم ” كُلَّ
يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي! وَلَكِنْ
لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ
” (مر14/49).
وأخيرًا وعلي الصليب يقول الكتاب ”
بَعْدَ
هَذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ
قَالَ: «أَنَا عَطْشَانُ».
” (يو19/28).‏

‏ وبعد قيامته من الموت وظهوره لتلاميذه ورسله، خاصّته، فسّر لهم كل
ما سبق ‏أنْ تنبّأ به عنه أنبياء العهد القديم خاصّة ما يتعلّق بصلبه وموته
وقيامته تفصيليًا، ‏فقال لتلميذى عَمّواس ”
أَيُّهَا
الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ
بِهِ الأَنْبِيَاءُ أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا
وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟». ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ
الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ
الْكُتُبِ.
” (لو24/25-27).‏

‏ وقال للأحد عشر ” هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ
” (
لو24/33): “ هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا
بَعْدُ مَعَكُمْ أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ
عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ». حِينَئِذٍ فَتَحَ
ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ
وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ
الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ
” (لو24/44-46).‏

‏ وعندما حلّ الروح القدس علي التلاميذ والرسل يوم الخمسين واجهوا
اليهود في ‏الهيكل والمجامع بهذه النبوات مؤكّدين أنَّ كل ما حدث للمسيح من محاكمة
وصلب ‏وموت وقيامة سبق وتنبّأ به أنبياء العهد القديم: ‏

·       
وَكَانَ يُحَاجُّهُمْ
” (
أع17/2-3) 000 من الكتب موضحًا ومبينًا أنَّه كان ينبغي
أنْ ‏المسيح يتألم ويقوم من الأموات. (
أع3/18).‏

·   
لأَنَّ السَّاكِنِينَ فِي
أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءَهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا هَذَا. وَأَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ
الَّتِي تُقْرَأُ كُلَّ سَبْتٍ تَمَّمُوهَا إِذْ حَكَمُوا عَلَيْهِ.وَمَعْ
أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا عِلَّةً وَاحِدَةً لِلْمَوْتِ طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ
أَنْ يُقْتَلَ. وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ أَنْزَلُوهُ عَنِ
الْخَشَبَةِ وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ.
‏‏” (أع13/27-29).‏

·       
000 تَكَلَّمَ الأَنْبِيَاءُ
وَمُوسَى أَنَّهُ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ: إِنْ يُؤَلَّمِ الْمَسِيحُ يَكُنْ هُوَ
أَوَّلَ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ
” (أع26/22-23).‏

·   
الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ
وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي
لأَجْلِكُمْ، بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدُلُّ
عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ
الَّتِي لِلْمَسِيحِ وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا.
” (1بط1/10-11).‏

·       
000 أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ
أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي
الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ
” (1كو15/3-4).‏

‏ وهذه أهم النبوّات التي جاءت في أسفار العهد القديم عن الصلب
والقيامة وطبّقها ‏تلاميذ المسيح ورسله علي أحداث القبض عليه ومحاكمته وصلبه وموته
ودفنه ‏وقيامته من الأموات في اليوم الثالث.
ونحن هنا لا
نختار مجرّد آيات من العهد ‏القديم تتشابه مع أحداث العهد الجديد ولكن نعتمد علي
ما طبّقه كُتّاب العهد الجديد ‏الموحي إليهم والمسوقين من الروح القدس بحسب ما سبق
الرب يسوع وفسّره لهم ‏وبحسب ما قادهم وأرشدهم إليه الروح القدس:

 

‏1 – خيانة أحد تلاميذه له: ‏

النبوّة: رَجُلُ
سَلاَمَتِي الَّذِي وَثَقْتُ بِهِ آكِلُ خُبْزِي رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ!

(
مز41/9).‏

الإتمام: أَنَا
أَعْلَمُ الَّذِينَ اخْتَرْتُهُمْ.
لَكِنْ لِيَتِمَّ
الْكِتَابُ:
اَلَّذِي يَأْكُلُ مَعِي الْخُبْزَ رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ. 000
وَشَهِدَ (المسيح) وَقَالَ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِداً مِنْكُمْ
سَيُسَلِّمُنِي
000 اَلَّذِي أَغْمِسُ أَنَا
اللُّقْمَةَ وَأُعْطِيهِ». فَغَمَسَ اللُّقْمَةَ وَأَعْطَاهَا لِيَهُوذَا
سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ.
” (يو13/18-26).‏

‏ ” وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا
يَهُوذَا أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ قَدْ جَاءَ وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ
وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخِ الشَّعْبِ. وَالَّذِي
أَسْلَمَهُ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلاً: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ.
أَمْسِكُوهُ». فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا
سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ.
” (متى26/47-49).

‏ وعند اختيار الرسل لبديلٍ عن يهوذا قال القدّيس بطرس بالروح: ”
أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ كَانَ
يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ الَّذِي سَبَقَ الرُّوحُ الْقُدُسُ
فَقَالَهُ بِفَمِ دَاوُدَ عَنْ يَهُوذَا
الَّذِي صَارَ دَلِيلاً
لِلَّذِينَ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ
” (أع1/16).

2 – بيعه بثلاثين قطعة من الفضة: ‏

النبوّة: قُلْتُ
لَهُمْ: إِنْ حَسُنَ فِي أَعْيُنِكُمْ فَأَعْطُونِي أُجْرَتِي وَإِلاَّ
فَامْتَنِعُوا. فَوَزَنُوا أُجْرَتِي ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ.. فَقَالَ لِي
الرَّبُّ: أَلْقِهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ
” (زك11/12-13).‏

الإتمام: حِينَئِذٍ
ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ الَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا
الإِسْخَرْيُوطِيَّ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. وَقَالَ: «مَاذَا تُرِيدُونَ
أَنْ تُعْطُونِي وَأَنَا أُسَلِّمُهُ إِلَيْكُمْ؟» فَجَعَلُوا لَهُ ثَلاَثِينَ
مِنَ الْفِضَّةِ.
” (مت26/14-15).‏

‏ ” حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا
الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ
الْفِضَّةِ 000فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ ثُمَّ مَضَى
وَخَنَقَ نَفْسَهُ. فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ
يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ». فَتَشَاوَرُوا
وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ000
حِينَئِذٍ
تَمَّ مَا قِيلَ
000 وَأَخَذُوا الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ
ثَمَنَ الْمُثَمَّنِ الَّذِي ثَمَّنُوهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَعْطَوْهَا
عَنْ حَقْلِ الْفَخَّارِيِّ كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ».
” (مت27/3-10).

3 – تركه من تلاميذه وأتباعه: ‏

النبوّة: اِسْتَيْقِظْ
يَا سَيْفُ عَلَى رَاعِيَّ وَعَلَى رَجُلِ رِفْقَتِي يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ.
اضْرِبِ
الرَّاعِيَ فَتَتَشَتَّتَ الْغَنَمُ 000 ” (زك13/7).

الإتمام: وَقَالَ
لَهُمْ يَسُوعُ: إِنَّ كُلَّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ
لأَنَّهُ
مَكْتُوبٌ
: أَنِّي أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ الْخِرَافُ
” (
مر14/27)، ” وَأَمَّا
هَذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ
لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ
الأَنْبِيَاءِ
. حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلاَمِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا.
” (
مت26/56).‏

 

4 – يقوم عليه شهود زور: ‏

النبوّة: شُهُودُ
زُورٍ يَقُومُونَ وَعَمَّا لَمْ أَعْلَمْ يَسْأَلُونَنِي. يُجَازُونَنِي عَنِ
الْخَيْرِ شَرّاً 000
” (مز35/11-12).

الإتمام: وَكَانَ
رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ
يَطْلُبُونَ
شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى يَسُوعَ لِكَيْ يَقْتُلُوهُ
فَلَمْ يَجِدُوا.
وَمَعَ أَنَّهُ جَاءَ شُهُودُ زُورٍ كَثِيرُونَ لَمْ يَجِدُوا. وَلَكِنْ أَخِيراً
تَقَدَّمَ شَاهِدَا زُورٍ
” (مت 26/59-60).

5 – يُسخر منه ويُضرب: ‏

النبوّة: يَضْرِبُونَ
قَاضِيَ إِسْرَائِيلَ بِقَضِيبٍ عَلَى خَدِّهِ.
” (ميخا5/1).
بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ. وَجْهِي
لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ.
” (إش50/6).
” ‏

مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ رَجُلُ أَوْجَاعٍ
وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا مُحْتَقَرٌ فَلَمْ
نَعْتَدَّ بِهِ.
” (إش53/3)، ” كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَداً ” (إش52/14).‏

الإتمام: حِينَئِذٍ
بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ
وَآخَرُونَ
لَطَمُوهُ. قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ لَنَا
أَيُّهَا الْمَسِيحُ مَنْ ضَرَبَكَ؟».
” (مت26/67-68

وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ000وَبَصَقُوا عَلَيْهِ
وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ
وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. ” (مت27/29-30).

6 – يصلب بتسمير يديه ورجليه: ‏

النبوّة: لأَنَّهُ
قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا
يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ.
” (مز22/16
والأمر المدهش حقاً في هذه النبوّة التي تنبّأ بها داود النبي حوالي ‏سنة سنه 1000
ق م هو أنَّ حكم الإعدام في إسرائيل كان يتمّ بالرجم، وثقب ‏اليدين والرجلين لا
يتمّ إلاَّ بالصلب الذي لم يكنْ يُعرف في ذلك الوقت ولم يعرفه ‏بنو إسرائيل إلاَّ
بعد السبي البابلي سنه 400 ق م والغريب حقًا والمدهش أنْ يتنبّأ ‏داود عن الصلب
دون أنّ يراه أو يعرف عنه شيئًا.‏

الإتمام: وَلَمَّا
مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى «جُمْجُمَةَ»
صَلَبُوهُ
هُنَاكَ
” (لو23/33)، ‏وبعد
القيامة ”
أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ.
أي أثر المسامير في يديه ورجليه (
لو 24/40). ‏وفي
يوحنا يقول ”
وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ
يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ
فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ.
‏‏(
يو20/20). ولكن توما لم يكن حاضراً ولم يري هذا الظهور
ولما أبلغه التلاميذ بذلك ‏قال لهم ”
إِنْ لَمْ
أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي
أَثَرِ
الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ
لاَ
أُومِنْ». وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً
وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ وَوَقَفَ فِي
الْوَسَطِ وَقَالَ: «سلاَمٌ لَكُمْ». ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ
إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ
تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً».
” (يو20/25-27).‏

 

7 – يصلب بين لصين: ‏

النبوّة: 000
وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ
” (إش53/12).‏

الإتمام: لأَنِّي
أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ:
وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ“(لو22/37
حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ وَاحِدٌ
عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ.
” ‏‏(مت27/38).

8 – يصلى لأجل صالبيه: ‏

النبوّة: وَشَفَعَ
فِي الْمُذْنِبِينَ.
” (إش53/12).‏

الإتمام: فَقَالَ
يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ
اغْفِرْ لَهُمْ
لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».
” (لو23/34).

‏‏9 – السخرية منه وهو على الصليب: ‏

النبوّة: وَأَنَا
صِرْتُ عَاراً عِنْدَهُمْ. يَنْظُرُونَ إِلَيَّ وَيُنْغِضُونَ رُؤُوسَهُمْ
.”
(
مز109/25) ‏، ” كُلُّ
الَّذِينَ يَرُونَنِي يَسْتَهْزِئُونَ بِي. يَفْغَرُونَ الشِّفَاهَ وَيُنْغِضُونَ
الرَّأْسَ
” (مز22/7).‏

الإتمام: وَكَانَ
الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ

(
مت27/39).

10 – اقتسام ثيابه وإلقاء قرعه على لباسه: ‏

النبوّة: يَقْسِمُونَ
ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ.
” (مز22/18).‏

الإتمام: ثُمَّ
إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ
وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا
الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ
مِنْ فَوْقُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ بَلْ نَقْتَرِعُ
عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ».
لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا
ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هَذَا فَعَلَهُ
الْعَسْكَرُ.
” (يو19/23-24).

 ‏

11 – يترك من الآب: ‏

النبوّة: إِلَهِي!
إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي 000
” (مز22/1).‏

الإتمام: وَنَحْوَ
السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: أَيْ: 000
إِلَهِي
إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟
” (مت27/46).

12- يعطش على الصليب ويشرب الخل: ‏

النبوّة: يَبِسَتْ
مِثْلَ شَقْفَةٍ قُوَّتِي وَلَصِقَ لِسَانِي بِحَنَكِي
” (مز22/15
وَيَجْعَلُونَ فِي طَعَامِي عَلْقَماً وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي
خَلاًّ.
” (مز69/21).‏

الإتمام: بَعْدَ
هَذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ
قَالَ:
أَنَا عَطْشَانُ‏‏000 مَمْلُوّاً خَلاًّ فَمَلأُوا
إِسْفِنْجَةً مِنَ الْخَلِّ
وَوَضَعُوهَا عَلَى زُوفَا وَقَدَّمُوهَا
إِلَى فَمِهِ
. فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ».”
(
يو19/28-30).

13 – طعن جنبه بحربه وعدم كسر عظم من عظامه: ‏

النبوّة: جاء عن خروف الفصح ” وَلا
يَكْسِرُوا عَظْماً مِنْهُ.
” (عدد9/12
وخروف‏
الفصح كان رمزاً للمسيح ” لأَنَّ
فِصْحَنَا أَيْضاً الْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا.
” (1كو5/7
‏وجاء في المزمور (
34/20) ” يَحْفَظُ
جَمِيعَ عِظَامِهِ. وَاحِدٌ مِنْهَا لاَ يَنْكَسِرُ
. “،
‏وعن طعنه بحربه جاء في زكريا (
12/10) ” فَيَنْظُرُونَ
إِلَيَّ الَّذِي طَعَنُوهُ وَيَنُوحُونَ عَلَيْهِ
“. ‏

الإتمام: فَأَتَى
الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبَيْنِ مَعَهُ.
وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ لأَنَّهُمْ
رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. لَكِنَّ وَاحِداً مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ
بِحَرْبَةٍ وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ 000 هَذَا كَانَ
لِيَتِمَّ
الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ»
.
وَأَيْضاً يَقُولُ
كِتَابٌ آخَرُ: «سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي
طَعَنُوهُ»
. ” (يو19/33-37).‏

 

14 – دفنه في قبر غني: ‏

النبوّة: وَجُعِلَ
مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ.

(
أش53/9).‏

الإتمام: وَلَمَّا
كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ
رَجُلٌ غَنِيٌّ
مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ 000 فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ
بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ. وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ
” (مت27/57-60).

15- موته على الصليب بإرادته: ‏

النبوّة: أَنَّهُ
سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ
” (إش53/12).
بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ. وَجْهِي
لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ.
” (إش50/6).‏

الإتمام: أَنَا
هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ
الْخِرَافِ000 ‏لِهَذَا يُحِبُّنِي الآبُ لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا
أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي.

(
يو10/11و 17-18).

 ‏

16 – موته نيابة عن البشرية: ‏

النبوّة: وَهُوَ
مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا
عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ
(بجروحه) شُفِينَا.
كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ
وَضَعَ
عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا 000 وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ
يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا
. ”
‏‏(
إش53/5-6و11)، ” يُقْطَعُ
الْمَسِيحُ وَلَيْسَ لَهُ
” (دا9/26).‏

الإتمام: الَّذِي
حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ
عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ.

(
1بط2/24).

17 – قيامته من الموت: ‏

النبوّة: لأَنَّكَ
لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَاداً.

(
مز16/10).‏

الإتمام: لأَنَّ
دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ أَنَّهُ
عَنْ يَمِينِي لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. لِذَلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ
لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضاً سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. لأَنَّكَ لَنْ
تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً.
عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُوراً مَعَ وَجْهِكَ. أَيُّهَا
الرِّجَالُ الإِخْوَةُ يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَاراً عَنْ رَئِيسِ
الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هَذَا
الْيَوْمِ. فَإِذْ كَانَ نَبِيّاً وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ
أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ
عَلَى كُرْسِيِّهِ
سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ
الْمَسِيحِ أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ
فَسَاداً.
فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ
لِذَلِكَ.
” (أع 2/25-32).‏

‏ مما سبق يتّضح لنا أنَّ أنبياء العهد القديم وبصفة خاصّة داود النبي
(سنه 1000 ‏ق. م) وإشعياء النبي (سنه 700 ق.م) وزكريا النبي (سنه 536 ق.م) إلي
جانب ‏موسى النبي (سنه 1500ق.م) وميخا النبي (سنه 700 ق.م) وغيرهم تنبّأوا عن أدقّ
‏تفاصيل القبض علي المسيح ومحاكمته وموته وصلبه وقيامته. وهذا بدوره يؤدّي ‏إلي إستحالة
إنكار صلب المسيح وقيامته. وهذا ما جعل اليهود ينّضمون إلي ‏المسيحيّة أفواجًا خاصّة
في عصورها الأولي.

18 – أناشيد المصلوب في المزامير وإشعياء: ‏

‏ ذكرنا أعلاه نبوّات الأنبياء بما فيها نبوّات داود النبي وإشعياء
النبي بحسب ‏العناوين الجانبية أعلاه ولكي تتّضح الصورة كاملة وتظهر قيمة نبوّات
هذين النبيَّين ‏العظيمَين نذكر هنا أيضًا، إجمالاً، نبوّات مزمور 22 كاملة
ونبوّات إشعياء عن ‏الصلب كاملة: ‏

(أ) مزمور (22) مزمور المصلوب وتطابقه مع أحداث صلب المسيح: ‏

1 –إِلَهِي! إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي 000
” (
1).” وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ
صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي»
أَيْ
إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ ” (مت27/46).‏

2 –بَعِيداً عَنْ خَلاَصِي عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟
إِلَهِي فِي النَّهَارِ أَدْعُو فَلاَ تَسْتَجِيبُ. فِي اللَّيْلِ أَدْعُو فَلاَ
هُدُوءَ لِي.
” (1-2). ” وَإِذْ
كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ
كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.
” (لو22/44).‏

3 –أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ
عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ. كُلُّ الَّذِينَ يَرُونَنِي
يَسْتَهْزِئُونَ بِي. يَفْغَرُونَ الشِّفَاهَ وَيُنْغِضُونَ الرَّأْسَ قَائِلِينَ:
اتَّكَلَ عَلَى الرَّبِّ فَلْيُنَجِّهِ. لِيُنْقِذْهُ لأَنَّهُ سُرَّ بِهِ.

” (
6-8)، ” ‏ وَكَانَ الْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ
يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ قَائِلِينَ: «يَا نَاقِضَ الْهَيْكَلِ وَبَانِيَهُ فِي
ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ خَلِّصْ نَفْسَكَ! إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَانْزِلْ عَنِ
الصَّلِيبِ!». وَكَذَلِكَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَيْضاً َهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ
مَعَ الْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ قَالُوا: «خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ
فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا». إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ
فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيبِ فَنُؤْمِنَ بِهِ! قَدِ اتَّكَلَ عَلَى اللَّهِ
فَلْيُنْقِذْهُ الآنَ إِنْ أَرَادَهُ! لأَنَّهُ قَالَ: أَنَا ابْنُ اللَّهِ!».
” ‏‏(مت27/39-43).‏

4 –أَحَاطَتْ بِي ثِيرَانٌ كَثِيرَةٌ. أَقْوِيَاءُ
بَاشَانَ اكْتَنَفَتْنِي. فَغَرُوا عَلَيَّ أَفْوَاهَهُمْ كَأَسَدٍ مُفْتَرِسٍ
مُزَمْجِرٍ. كَالْمَاءِ انْسَكَبْتُ. انْفَصَلَتْ كُلُّ عِظَامِي. صَارَ قَلْبِي
كَالشَّمْعِ. قَدْ ذَابَ فِي وَسَطِ أَمْعَائِي. يَبِسَتْ مِثْلَ شَقْفَةٍ
قُوَّتِي وَلَصِقَ لِسَانِي بِحَنَكِي وَإِلَى تُرَابِ الْمَوْتِ تَضَعُنِي.
لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي.

” ‏‏(
12-16). ” وَالرِّجَالُ
الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ
يَجْلِدُونَهُ وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ:
«تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟» وَأَشْيَاءَ ‏أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا
يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ.
“، (لو22/63-65
فَمَضَى بِهِ الْعَسْكَرُ إِلَى دَاخِلِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ
دَارُ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا كُلَّ الْكَتِيبَةِ. وَأَلْبَسُوهُ أُرْجُواناً
وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَيْهِ وَابْتَدَأُوا
يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» وَكَانُوا
يَضْرِبُونَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِقَصَبَةٍ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِ ثُمَّ
يَسْجُدُونَ لَهُ جَاثِينَ عَلَى رُكَبِهِمْ. وَبَعْدَمَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ
نَزَعُوا عَنْهُ الأُرْجُوانَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجُوا بِهِ
لِيَصْلِبُوهُ.
” (مر15/16-20).‏

5 –ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ. (بتسميرهم) أُحْصِي
كُلَّ عِظَامِي وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ. يَقْسِمُونَ ثِيَابِي
بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ.
” (16-18
فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي
يُقَالُ لَهُ «مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ» وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ
«جُلْجُثَةُ» حَيْثُ صَلَبُوهُ وَصَلَبُوا (سمروا يديه ‏وقدميه) اثْنَيْنِ
آخَرَيْنِ مَعَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا وَيَسُوعُ فِي الْوَسْطِ 000 ثُمَّ
إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ
وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا
الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ
مِنْ فَوْقُ000فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «لاَ نَشُقُّهُ بَلْ نَقْتَرِعُ
عَلَيْهِ لِمَنْ يَكُونُ». لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «اقْتَسَمُوا
ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً». هَذَا فَعَلَهُ
الْعَسْكَرُ.
” (يوحنا 19/17-18 و 23-24).‏

(ب) العبد المتألم عن خطايا البشرية: ‏

+ جاء في نبوّة إشعياء النبي عنه قوله: ” هُوَذَا
عَبْدِي يَعْقِلُ يَتَعَالَى وَيَرْتَقِي وَيَتَسَامَى جِدّاً. كَمَا انْدَهَشَ
مِنْكَ كَثِيرُونَ. كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَداً أَكْثَرَ مِنَ اَلرَّجُلِ
وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ. هَكَذَا يَنْضِحُ أُمَماً كَثِيرِينَ.
مِنْ أَجْلِهِ يَسُدُّ مُلُوكٌ أَفْوَاهَهُمْ لأَنَّهُمْ قَدْ أَبْصَرُوا مَا لَمْ
يُخْبَرُوا بِهِ وَمَا لَمْ يَسْمَعُوهُ فَهِمُوهُ.
” (إشعياء52/13-15).

+ مَنْ
صَدَّقَ خَبَرَنَا وَلِمَنِ اِسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ اَلرَّبِّ؟. نَبَتَ قُدَّامَهُ
كَفَرْخٍ وَكَعِرْقٍ مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ
(قاحلة)
لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيهِ.
مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ
(منبوذ)مِنَ
اَلنَّاسِ رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ اَلْحُزْنِ

وَكَمُسَتَّرٍ (محتجبة) عَنْهُ
وُجُوهُنَا مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. لَكِنَّ أَحْزَانَنَا

(عاهاتنا)
حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ
مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اَلْلَّهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ
مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ
وَبِحُبُرِهِ
(بجراحه) شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ
ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ
إِثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ
تُسَاقُ إِلَى اَلذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ
يَفْتَحْ فَاهُ. مِنَ اَلضُّغْطَةِ وَمِنَ اَلدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ
مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ
أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟. وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ
عِنْدَ مَوْتِهِ0 عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ
غِشٌّ. أَمَّا اَلرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ
(بالأوجاع).
إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ
وَمَسَرَّةُ اَلرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ
وَعَبْدِي اَلْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ هُوَ
يَحْمِلُهَا. لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ اَلأَعِزَّاءِ وَمَعَ اَلْعُظَمَاءِ
يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ
مَعَ أَثَمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي اَلْمُذْنِبِينَ.

” (
إشعياء53)

‏ والعبد المتألم هنا كما أجمع كل من علماء اليهود والمسيحيين هو شخص
المسيح‏، المسيا الموعود والمنتظر الذي سيأتي من إسرائيل لخلاص البشريّة. وقد دُعي
‏بالعبد لأنَّه بتجسّده إتّخذ شكل العبد وصورته ”
الَّذِي
إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً
لِلَّهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ
النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ
حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.
” (في2/5-8).
فهي تقدّم لنا صورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض عن ‏شخص آتٍ بلقب ” عبد الرب
“، هذا الشخص يرتفع ويتسامى جداً فوق البشر، ‏فهو عبدٌ بارٌ لم يعمل خطيّة
ولم يُوجد في فمه غشّ ومع ذلك يقدّم نفسه ويقدمه الله ‏ذبيحة أثم، كحمل الله الذي
يرفع خطية العالم. كما أنَّه سيتحمّل آلام البشريّة ‏وأوجاعها وأحزانها، سواء
الجسمانيّة أو العقليّة، ويُجرح لأجل معاصينا ويُسحق ‏بالأوجاع والآلام لأجل
آثامنا ويشفينا بجروحه. ‏

‏ إنَّه المُعيّن من الله ليضع عليه كل آثام البشريّة الضالّة ويُضرب
من أجل ذنب ‏شعبه ويَبْذُل نفسه للموت من أجل الخطايا، كما أنَّه سيتحمّل الآلام
في صمتٍ ودون ‏أنْ يفتح فاه، فهو العبد البار الذي بمعرفته يُبَرَّر كثيرين
وخطاياهم هو يحملها علي ‏أساس تقديم نفسه ذبيحة إثم نيابة عن الخطاة، وهو سيشفع في
المذنبين ويحمل ‏خطية كثيرين بموته عن معاصي البشريّة. ومع ذلك يُحسب مع الأشرار
عند موته ‏ولكنّه يفرح في النهاية مع المؤمنين به. وهذه الأمور لم تتم ولا يمكن أنْ
تنطبق ‏علي أي أحد غير الرب يسوع المسيح: ‏

(1) فهو البار الذي أخلى ذاته أخذا صورة عبد وجاء في
ملء الزمان مولودا من ‏امرأة (
غل4/4)، وقدم
نفسه فدية عن خطايا العالم، يقول الكتاب ”
يَا
أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ
أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. وَهُوَ
كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ
الْعَالَمِ أَيْضاً.
” (1يو2/1-2).

(2) ويؤكّد العهد الجديد، أنَّ هذه النبوّة بحذافيرها تمّت حرفياً في
الرب يسوع ‏المسيح، “
حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ
خَطِيَّةَ الْعَالَمِ
” (يو1/29
فقد طبق الرب يسوع نصّ ‏النبوّة كاملاً علي نفسه قائلاً ”
لأَنِّي
أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ:
وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ.

(
لو22/37). وقول ‏الكتاب ” لِكَيْ
يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ: «هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ
أَمْرَاضَنَا
” ‏‏(مت8/17)، وأيضًا
تَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».
(
مر15/28). وقال القديس ‏يوحنا بالروح ” لِيَتِمَّ
قَوْلُ إِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ: «يَا رَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا وَلِمَنِ
اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟» لِهَذَا لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُؤْمِنُوا.
لأَنَّ إِشَعْيَاءَ قَالَ أَيْضاً: «قَدْ أَعْمَى عُيُونَهُمْ وَأَغْلَظَ
قُلُوبَهُمْ لِئَلَّا يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ وَيَشْعُرُوا بِقُلُوبِهِمْ
وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ». قَالَ إِشَعْيَاءُ هَذَا حِينَ رَأَى مَجْدَهُ
وَتَكَلَّمَ عَنْهُ.
” أي المسيح (يو12/38-41).

‏ كما طبّقها عليه تلاميذه في كرازتهم ” وَأَمَّا
فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ
(الخصيّ)
فَكَانَ هَذَا: «مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ وَمِثْلَ
خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هَكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. فِي
تَوَاضُعِهِ انْتَزَعَ قَضَاؤُهُ وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ لأَنَّ حَيَاتَهُ
تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ؟» فَسَأَلَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ:
عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هَذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟»
فَابْتَدَأَ فِيلُبُّسُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ يُبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ.

” (
أع8/32-35). وكذلك القديس بولس بالروح ” لَكِنْ
لَيْسَ الْجَمِيعُ قَدْ أَطَاعُوا الإِنْجِيلَ لأَنَّ إِشَعْيَاءَ يَقُولُ: «يَا
رَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟»
” (رو10/16).
وقال أيضًا ”
هَكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضاً، بَعْدَمَا قُدِّمَ
مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ
خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ.
” (عب9/28
وأيضًا ”
الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ
تَبْرِيرِنَا.
” (رو4/25)، ” فَإِنَّنِي
سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ
الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ

” (
1كو15/3)، ” لأَنَّهُ
جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ
بِرَّ اللهِ فِيهِ.
” (2كو5/21).
وقال القديس بطرس ‏بالروح ”
فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً
تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ
الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ
” (1بط3/18).‏

(3) أن قوله ” عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ
ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. أَمَّا اَلرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ
يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ
(بالأوجاع). إِنْ
جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ
اَلرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ.
“، كما يؤكّد القديس بطرس
بالروح هو الرب يسوع ‏المسيح ”
الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ
خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ، الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ
عِوَضاً وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ
يَقْضِي بِعَدْلٍ. الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى
الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي
بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ. لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ، لَكِنَّكُمْ
رَجَعْتُمُ الآنَ إِلَى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا.

” ‏‏(
1بط2/22-25). ‏

(4) ويؤكد بقوله ” بَذَلْتُ ظَهْرِي لِلضَّارِبِينَ
وَخَدَّيَّ لِلنَّاتِفِينَ. وَجْهِي لَمْ أَسْتُرْ عَنِ الْعَارِ وَالْبَصْقِ.

(
إش50/6). أما كون منظره ” مفسداً “، فهذا
بسبب ما وقع عليه
من جلد وضرب وبصق على وجهه وإكليل
الشوك الذي وضع على رأسه، ومن ‏ثم أصبح ”
لاَ
صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ
” برغم أنَّه ” أَبْرَعُ
جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ.
” ‏‏(مز45/2).
أما قوله ”
كَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا
فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ
” فليس معناه أنَّه لم ‏يتكلّم
نهائيًا أثناء المحاكمة بل يعني أنَّه لم يُدافع عن نفسه أبدًا ضدّ كلّ ما أُتهم
به ‏حتي تعجّب الوالي الروماني بيلاطس ”
وَبَيْنَمَا
كَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ
بِشَيْءٍ. فَقَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «أَمَا تَسْمَعُ كَمْ يَشْهَدُونَ عَلَيْكَ؟»
فَلَمْ يُجِبْهُ وَلاَ عَنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى تَعَجَّبَ الْوَالِي جِدّاً

(
مت27/12-14). ” وَجُعِلَ
مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ
” ‏صلب المسيح بين لصين ودفنه
في قبر أناس لم يكونوا قد أعلنوا إيمانهم به ‏‏(
مت27/38 و57-60).‏

(5) كما أجمع علماء اليهود عبر تاريخهم السابق للمسيح
واللاحق له أنَّ هذا ‏الإصحاح نبوّة عن المسيّا المنتظر، وقد لخصّ القمص روفائيل
البرموسي في ‏كتابه ”
أمّا إسرائيل فلا يعرف ص 119 – 128)
خلاصة رأي علماء اليهود كالآتي ” ‏كل الرابيّين ما عدا راشي (الذي رأى أنَّ
العبد المتألّم هو شعب إسرائيل) – يرون ‏أنَّ هذه المقاطع من سفر إشعياء تصف آلام
المسيّا كشخص فرديّ “. ويُضيف أنَّه ‏جاء في ترجوم يوناثان الذي يعود للقرن
الأول ” هوذا عبدي المسيا يعقل 00″، ‏كما أنَّ الرابي دون أتسحاق (حوالي
1500م) يقر و يقول بدون تحفظ ” أنَّ غالبية ‏الرابيّين في ميدراشيهم يقرّون
أنَّ النبوّة تشير إلي المسيّا “. وقال الرابي سيمون ‏ابن يوخّيا من القرن
الثاني الميلادي [ في جنة عدن يوجد مكان يسمى ” مكان أبناء ‏الأوجاع والآلام
“. في هذا المكان سيدخل المسيّا ويجمع كل الآلام والأوجاع ‏والتأديبات التي
لشعب إسرائيل، وكلها ستوضع عليه، وبالتالي يأخذها لنفسه ‏عوضًا عن شعب إسرائيل. لا
يستطيع أحد أنْ يخلّص إسرائيل من تأديباته ‏لعصيانهم الناموس. إلا هو، المسيّا.
وهذا هو الذي كتب عنه ” لكن أحزاننا ‏حملها وأوجاعنا تحملها ” ]. وينقل
عن تلمود بابل، أنَّ المتألم ‏‏” هو [ ” المسيّا ” ما هو اسمه؟ 000
إنَّه عبد يهوه المتألّم “. كما قيل عنه ” ‏لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا
تحملها “] 000 أمّا مدراش كوهين حينما يشرح ‏إشعياء 53/5، يضع الكلمات التالية
علي فمّ إيليّا النبي، حيث يقول إيليّا للمسيّا [ ‏أنت أبرّ من أنْ تتألّم وتُجرح.
كيف كلّي القدرة يُعاقب هكذا من أجل خطايا ‏إسرائيل، ويُكتب عنك ” مجروح لأجل
معاصينا. مسحوق لأجل أثامنا”. إلي أنْ ‏يحين الوقت حيث تأتي نهاية الأمم ].
ويقول رابي يافيث ابن عالي ” بالنسبة لرأيي ‏فأنا أنحاز إلي رأبي بنيامين
النهاوندي في تفسيره لهذا الإصحاح كونه يشير إلي ‏المسيا. فالنبي إشعياء يريد أنْ
يُفهمنا شيئَين: في المرحلة الأولى أنَّ المسيّا هو ‏الوحيد الذي سيصل إلي أعلي
درجة من الكرامة والمجد، لكن بعد محن طويلة ‏ومريرة، ثانياً: هذه المحن ستُوضع
عليه كعلامة، لدرجة لو وجد نفسه تحت نير ‏هذه المحن وظل مطيعًا وتقيًا في تصرفاته
وأفعاله، يُعرف أنَّه هو المختار 000 ‏والتعبير ” عبدي ” يعود إلى المسيّا
“. وفي كتاب ” ‏
Bereshith Rabbah‏ ” يقول ‏مؤلّفه رابي موشى هادرشان، أنَّ القدّوس أعطى فرصة
للمسيّا أنْ يُخلّص النفوس‏، ولكن بضربات وتأديبات عديدة، يقول [000 على الفور قَبِلَ
المسيّا تأديبات ‏وضربات المحبّة، كما هو مكتوب ” ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح
فاه ” 000 عندما ‏أخطأ شعب إسرائيل، طلب المسيّا لهم الرحمة والمغفرة، كما هو
مكتوب ” ‏وبحبره شفينا ” وقوله ” وهو حمل خطية كثيرين وشفع في
المذنبين ” ]. ‏

‏ وهكذا يؤكّد لنا الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، من خلال نبوّات
أنبياء ‏العهد القديم وتطبيق المسيح لها علي نفسه وتأكيد تلاميذه ورسله بعد ذلك علي
أنَّ ‏اليهود عندما صلبوا المسيح فقد تمّموا كل ما سبق وتنبّأ به عنه جميع
الأنبياء أنَّه ‏لابد ”
أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ
يَتَأَلَّمُ كَثِيراً وَيُرْفَضُ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ
وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ

(
لو9/22).‏

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى