علم المسيح

8- الحيَّة النحاسية



8- الحيَّة النحاسية

8- الحيَّة النحاسية

وقصتها
كالآتي: لمَّا عصى شعب إسرائيل الله في برية سيناء وتذمَّروا، أهاج الله عليهم
الحيَّات السامة وكانت عضّتها قاتلة. فلمَّا صرخ الشعب إلى موسى صرخ موسى بدوره
إلى الله، فأمره الله أن يصنع حيَّة من نحاس ويرفعها على عصا مرتفعة في وسط المحلة،
وكل مَنْ عضَّته الحيَّة يرفع نظره إلى الحيَّة النحاسية فكان يُشفى!

أمَّا
هذا الرمز فكان عجيب الإحكام. فالحيَّة تذكِّرنا بالحيَّة التي أغوت حواء وسبَّبت
سقوط الإنسان وموته. وكونها من نحاس يعني أنها ميتة. فكان هذا رمزاً للمسيح الذي
بموته أمات الخطية (عضَّة الحيَّة) بالصليب، الذي عليه أيضاً ظفر بالشيطان وجرَّده
من سلطانه (كو15: 2)، والحيَّة تعبير مستيكي عن الشيطان. وبهذا كان رَفْع الحيَّة
في البرية من أقوى الرموز النبوية عن موت المسيح بالجسد على الصليب والانتصار على
الشيطان الحيَّة القديمة. والرمز ينحصر في مجرَّد رفع الحيَّة الميتة على العصاة
ثم شفاء كل مَنْ نظر إليها، يقابلها مجرَّد رفع المسيح وموته بالجسد، الذي به ماتت
الخطية على الصليب، ثم النظر إليه بالإيمان للخلاص من الخطية وعقوبة الموت.

وهكذا
استعار الأسلوبُ الكنسي اللاهوتي رفعَ الحيَّة على العصاة ليطبِّقه على رفع المسيح
على الصليب. وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى النص
الذي استعاره المسيح من التوراة ليفتح به وعي نيقوديموس
عن معنى وقيمة موت
المسيح المزمع أن يكون على الصليب، والذي به يُبطل عمل الخطية والشيطان والموت
ذاته، لكي تُشرق الحياة الجديدة والإنسان الجديد وميلاده الثاني من الماء والروح،
إذ قال:

+”
وكما رَفَعَ موسى الحيَّة في البرية، هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان، لكي لا
يَهْلِكَ كل (من ينظر إليه) مَنْ يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية”

(يو 3: 14و15)

مقالات ذات صلة

وهناك
آية تنص على أن النظر، مجرَّد النظر (القلبي)، للمسيح فيه خلاص الإنسان: “التفتوا
إليَّ واخلصوا
يا جميع أقاصي الأرض” (إش 22: 45). وهنا تصبح المطابقة
شديدة بين موقف الحيَّة النحاسية والمسيح.

ثم
عاد المسيح ليوضِّح أن “رَفْع ابن الإنسان” حتى لا يهلك كل من يؤمن به،
يعني بحد ذاته بذل ابن الله للموت: “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه
الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية.” (يو16: 3)

وإلى
هنا يكون المسيح قد كشف لنيقوديموس كيف يولد الإنسان من جديد؟ بإيمانه بموت المسيح
الفدائي ليأخذ حياة جديدة. وأوضح له جواب كيف يولد الإنسان وهو شيخ؟ بأن يؤمن
بالمسيح الذي مات من أجله فيُعطى حياة جديدة بميلاد روحي جديد.

والآن
نعود بالقارئ إلى ذهاب المسيح إلى أُورشليم في بداية خدمته ليعطي ويرسي المبادئ
اللاهوتية العليا في وعي المتعلِّمين من الفرِّيسيين والربيِّين، ويؤسِّس منهج
الخلاص القائم على مبادئ حيَّة روحيَّة رفيعة المستوى. هذه كلها التقطها ق. يوحنا
الرسول وجمعها في إنجيله وصارت أساس الإيمان المسيحي ولاهوته.

+
“وبعد هذا جاء يسوع وتلاميذه إلى أرض اليهودية، ومكث معهم هناك، وكان
يعمِّد.” (يو 22: 3)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى