علم المسيح

ثانياً: التوزيع الجغرافي بين الجليل وأُورشليم:



ثانياً: التوزيع الجغرافي بين الجليل وأُورشليم:

ثانياً:
التوزيع الجغرافي بين الجليل وأُورشليم:

ومن حيث مكان التعليم إن بحثناه بالنظرة السريعة، نجد أن
الأناجيل الثلاثة قد جمعت كل التعليم في حدود ربوع الجليل تقريباً، والباقي في
الطريق إلى أُورشليم، والقليل للغاية هو الذي تسجَّل في أُورشليم وعلى جبل الزيتون،
ولم يكن تعليماً بل تنبؤات عن أواخر الأيام. فالذي يستقرؤه العلماء هنا هو أن
المسيح لابد وبالضرورة قد غادر الجليل إلى أُورشليم مرَّات ومرَّات، في جميع
الأعياد المنصوص عنها، ليوفي واجبات المعلِّم والأب الحريص على تعليم أولاده
بالذهاب والإصغاء إلى الدروس التي تُلقى والطقوس التي تُجرى والتقاليد التي
يعلِّمها الشيوخ والرابِّيون الكبار. وهذا منصوص عنه في التلمود:

[لا
يُستثنى أحد من بين البالغين ما عدا الصم والمرضى والمجانين والشيوخ الطاعنين في
السن من أن يمثلوا بالالتزام في الهيكل ليحضروا الأعياد الرئيسية في أورشليم.](
[1])

وطبعاً
هذا بالنسبة لمواطني إسرائيل ولا يسري على الذين في الشتات، إذ يحدّهم قانون آخر
بإرسال بعثة وذبائح وأموال.. إلخ.

وواضح
أن الإنجيليين الثلاثة إذ ركَّزوا على تعاليم المسيح فقط، أسقطوا عن قصد كل
هذه الأسفار مع الحوادث والتعاليم التي جرت في هذه المناسبات، واكتفوا بزيارة
واحدة لأورشليم.

وبهذا
نجد أن الأخذ بالتوزيع الجغرافي لا ينبغي أن يُنظر إليه بحد ذاته لتقييم تعليم
المسيح، فالأناجيل الثلاثة استوفت تعليم المسيح لا من واقع الأماكن أو الأسفار أو
الزمن؛ بل من واقع المواضيع التي قدَّمها المسيح لكي يحفظوها وينقلوها ليكرزوا
بها.

على
أن الرد على السؤال: لماذا لم يظهر المسيح مع تلاميذه في الأناجيل الثلاثة في
مناسبات هذه الأعياد في أُورشليم؟ هو أن المسيح أبقى على ظهوره العلني في أُورشليم
بل ودخوله الملكي في موكبه الاستعلاني:
أوصنا في الأعالي يا ابن داود، مباركة هي مملكة أبينا داود
إلى أن تأكَّد أن تلاميذه على مستوى حمل
المسئولية والمناداة بهذا الملك وهذا الملكوت. وهذا يؤكِّده إنجيل ق. لوقا وإنجيل
ق. متى، أن المسيح وهو داخل أُورشليم للمرَّة الأخيرة بكى عليها، ومن هذا
القول الذي رصده الإنجيل يُفهم تماماً أنه
جاء إليها عدة مرَّات،
وهذا أيضاً سجَّله المسيح بقوله لأُورشليم: “كم

مرَّة
أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم
تريدوا..” (مت
37: 23، لو 34: 13). فهذا التصريح فيه أكثر من كفاية
من طرف الإنجيليين ليؤكِّدوا على أن المسيح قد جاء إلى أُورشليم مرَّات كثيرة:
” كم مرَّة”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى