علم المسيح

التلاميذ يكرزون



التلاميذ يكرزون

التلاميذ يكرزون

 

«ثُمَّ
إِنَّ ٱلرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ٱرْتَفَعَ إِلَى
ٱلسَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ. وَأَمَّا هُمْ
فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَٱلرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ
وَيُثَبِّتُ ٱلْكَلامَ بِٱلآيَاتِ ٱلتَّابِعَةِ»(مرقس 16: 19،
20).

 

بعد
صعود المسيح خرج التلاميذ ليكرزوا في كل مكان، والرب يعمل معهم ويثبّت الكلام
بالآيات التابعة، لأن سيدهم بسط فوقهم من عرشه السماوي بساط حمايته، ولم يسمح
لأعدائه أن يفعلوا بهم في تلك الأيام كما فعلوا به. ومع أننا لا نعلم ماذا حفظوا
وماذا نبذوا من اصطلاحات العبادة اليهودية في تردُّدهم إلى الهيكل، إلا أنهم
قدّموا أهمَّ التقدمات والذبائح المُرضِية للّه، أي تقدمات الروح المنكسرة، وذبائح
الحمد والشكر (مزمور 51: 17، عبرانيين 13: 15).

 

ولئلا
نظن أن هذه الأخبار هي كل ما يهمّ في تاريخ المسيح. قيل في خاتمة البشارة الرابعة:
«وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً
وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ ٱلْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ
ٱلْكُتُبَ ٱلْمَكْتُوبَةَ» (يوحنا 21: 25). هذه نهاية أخبار هذا الشخص
الفريد الإلهي، مدة وجوده ظاهراً على الأرض.

 

كان
لقبه المعروف بين الناس «المعلِّم» في سنيه الثلاث ونصف وهو يمارس وظيفته، كان
عمله الأكثر والأعظم ليس المعجزات بل التعليم.

 

علّم
المسيح أن الإله الواحد الذي هو روح، هو أب البشر جميعاً، وأنه يحبهم بالرغم من
شرورهم. وأن الأصل في الدين ليس ما يعمله الإِنسان طاعة وإرضاءً للّه، بل ما يعمله
الإِله للإنسان وما يهبُه له حباً. علّم أن الأعمال البشرية مهما حسُنت ولا تمنح
من يقوم بها خلاص النفس، لأن الخلاص يُعطَى فقط بالإِيمان، بالذبيحة التي قدَّمها
المسيح لما قدم نفسه، وأن قيمة الدنيا وكل ما فيها زهيد جداً بالنسبة إلى الصلاح
الحقيقي والرضى الإِلهي، وأن الدين لا يقوم بالطقوس والفرائض الخارجية، لأن هذه
مهما كانت حسنة وضرورية ليست سوى الثوب الخارجي اللائق للدين، لأن جوهر الدين
داخلي وروحي، ومركزه الحقيقي في القلوب لا في الأبدان حتى ولا في العقول. وأن
الرياء والنفاق في الدين، أي التظاهر بما ليس في القلب هو أكره جميع أنواع الشر
لدى اللّه. وأن الخطاة أقربُ إلى ملكوت السماوات من رؤساء الدين إن كانوا مرائين،
وأن خدمة الإنسان لغيره أساس عظمته الحقيقية، وأن الإكرام ليس للمتكبر بل
للمتواضع، وأن الأصل في كتاب الوحي هو روح كلامه لا حرفه، وأن لا يجوز إضافة
التقاليد البشرية إلى التعاليم الإِلهية كقانون يربط الضمير.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى