علم المسيح

المسيح يشجع بطرس



المسيح يشجع بطرس

المسيح يشجع بطرس

 

«وَقَالَ
ٱلرَّبُّ: «سِمْعَانُ سِمْعَانُ، هُوَذَا ٱلشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ
لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَٱلْحِنْطَةِ! وَلٰكِنِّي طَلَبْتُ مِنْ
أَجْلِكَ لِكَيْ لا يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ
إِخْوَتَكَ». فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبُّ، إِنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أَمْضِيَ مَعَكَ
حَتَّى إِلَى ٱلسِّجْنِ وَإِلَى ٱلْمَوْتِ». فَقَالَ: «أَقُولُ لَكَ
يَا بُطْرُسُ، لا يَصِيحُ ٱلدِّيكُ ٱلْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ
ثَلاثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي».

 

مقالات ذات صلة

ثُمَّ
قَالَ لَهُمْ: حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلا كِيسٍ وَلا مِزْوَدٍ وَلا أَحْذِيَةٍ،
هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لا». فَقَالَ لَهُمْ: «لٰكِنِ
ٱلآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذٰلِكَ. وَمَنْ
لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ
يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هٰذَا ٱلْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ
مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ ٱنْقِضَاءٌ». فَقَالُوا:
«يَا رَبُّ، هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي» (لوقا 22:
31-38).

 

عرف
المسيح أن بطرس سيسقط سقوطاً سريعاً ومخيفاً. وأراد أن يشجعه لينهض بعد السقوط،
ويحذّره لئلا يفتخر بعد نهوضه، فقال له: «سمعان، سمعان، هوذا الشيطان طلبكم لكي
يغربلكم كالحنطة. ولكني قد طلبتُ من أجلك لكي لا يفنى إيمانك. وأنت متى رجعت
فثبِّت إخوتك».

 

من
قول المسيح: «الشيطان طلبكم» نتعلم أن الشيطان يخطّط أموراً كهذه، وأن اللّه يسمح
بها أحياناً لمقاصد خيريّة بحتة. ميَّز المسيح بطرس في شفاعته لأن سقوط بطرس سيكون
أشرَّ من سقوط رفقائه، وذلك على رغم افتخاره عليهم. لم يطلب المسيح لأجله أن لا
يتزعزع إيمانه، لأن بطرس يحتاج إلى درس قوي يعلّمه التواضع والتوكل – درس يتعلمه
من تزعزع إيمانه، ومن نتيجة ذلك في إنكاره الفظيع. بل طلب المسيح أن لا يفنى إيمان
بطرس كما فني إيمان يهوذا، فشنق نفسه، وقد استُجيب هذا الطلب.

 

علّم
المسيح بطرس ما عليه من الاهتمام بإخوته المعرَّضين للسقوط، لأنه يقدر أن يجعل اختباره
في السقوط ثم في النهوض نافعاً لهم أيضاً. لكن بطرس أصرَّ على ثقته بنفسه أنه لا
يسقط، وكرر تأكيده أنه يمضي مع سيده إلى السجن وحتى إلى الموت، فاضطر المسيح أن
يؤكد له بعبارة أقوى من الأولى أنه سيسقط، لكنه مع كل ذلك كرر ثالثة اختلافه مع
إعلان المسيح، وهو لا يدرك أنه بتكراره هذا يجعل المسيح كاذباً. فارتقاء المؤمن في
النجاح الديني لا يرجع إلى قوته، بل يقول مع الرسول بولس: «مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ
قَائِمٌ فَلْيَنْظُرْ أَنْ لا يَسْقُطَ» (1كورنثوس 10: 12).

 

ثم
ذكَّر المسيح تلاميذه بعنايته السابقة بهم، فإنه عندما أرسلهم للكرازة لم يحتاجوا
إلى شيء، لكن الأحوال تغيَّرت الآن. فعندما أرسلهم للكرازة الأولى كان ذلك لزمن
قصير، وفي بلادهم (لوقا 9: 3). أما الآن فسيسافرون طويلاً ليكرزوا وسط الغرباء،
فيلزم أن يتغير الأمر، فليأخذوا معهم نقوداً. ومن ليس له نقود فليبع ثوبه ليشتري
سيفاً للدفاع عن النفس ضد اللصوص. والمسيح يقصد أن يستخدم المؤمن حكمته في الدفاع
عن نفسه، عندما يقف العالم ضده.

 

وواضح
أن المسيح لم يكن يتكلم عن دفاع تلاميذه عنه بالسيف المعدني، لأنه يقول إن ما
تنبأت به التوراة عن موته لا بد أن يحدث. ولما قالوا له: «يا رب هوذا هنا سيفان»
قال لهم: «يكفي» وهي كلمة كان علماء الدين يستخدمونها ليُسكِتُوا بها جهالة بعض
تلاميذهم عندما لا يفهمون المعاني العميقة لتعاليمهم. وعندما لم يفهم التلاميذ قصد
المسيح، قال لهم: «ٱلَّذِينَ يَأْخُذُونَ ٱلسَّيْفَ بِٱلسَّيْفِ
يَهْلِكُونَ» (متى 26: 52) فلم يكن المسيح يطالب تلاميذه باستخدام العنف للدفاع
عنه.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى