علم المسيح

علامات صحيحة على خراب أورشليم



علامات صحيحة على خراب أورشليم

علامات صحيحة على
خراب أورشليم

 

«فَٱنْظُرُوا
إِلَى نُفُوسِكُمْ. لأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَتُجْلَدُونَ
فِي مَجَامِعَ، وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلاةٍ وَمُلُوكٍ، مِنْ أَجْلِي، شَهَادَةً
لَهُمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلاً بِٱلإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ
ٱلأُمَمِ. فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، فَلا تَعْتَنُوا مِنْ
قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلا تَهْتَمُّوا، بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي
تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ فَبِذٰلِكَ تَكَلَّمُوا، لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ
ٱلْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ. وَسَيُسْلِمُ
ٱلأَخُ أَخَاهُ إِلَى ٱلْمَوْتِ، وَٱلأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ
ٱلأَوْلادُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ
مِنَ ٱلْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي. وَلٰكِنَّ ٱلَّذِي
يَصْبِرُ إِلَى ٱلْمُنْتَهَى فَهٰذَا يَخْلُصُ. فَمَتَى نَظَرْتُمْ
«رِجْسَةَ ٱلْخَرَابِ» ٱلَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ
ٱلنَّبِيُّ، قَائِمَةً حَيْثُ لا يَنْبَغِي – لِيَفْهَمِ ٱلْقَارِئُ –
فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ إِلَى
ٱلْجِبَالِ، وَٱلَّذِي عَلَى ٱلسَّطْحِ فَلا يَنْزِلْ إِلَى
ٱلْبَيْتِ وَلا يَدْخُلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئاً، وَٱلَّذِي
فِي ٱلْحَقْلِ فَلا يَرْجِعْ إِلَى ٱلْوَرَاءِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ.
وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَٱلْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ.
وَصَلُّوا لِكَيْ لا يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ. لأَنَّهُ يَكُونُ فِي تِلْكَ
ٱلأَيَّامِ ضِيقٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ٱبْتِدَاءِ
ٱلْخَلِيقَةِ ٱلَّتِي خَلَقَهَا ٱللّٰهُ إِلَى
ٱلآنَ، وَلَنْ يَكُونَ. وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ ٱلرَّبُّ تِلْكَ
ٱلأَيَّامَ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلٰكِنْ لأَجْلِ
ٱلْمُخْتَارِينَ ٱلَّذِينَ ٱخْتَارَهُمْ قَصَّرَ
ٱلأَيَّامَ. حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا ٱلْمَسِيحُ
هُنَا أَوْ هُوَذَا هُنَاكَ فَلا تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ
كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ
يُضِلُّوا – لَوْ أَمْكَنَ – ٱلْمُخْتَارِينَ أَيْضاً. فَٱنْظُرُوا
أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ»(مرقس 13:
9-23).

 

مقالات ذات صلة

العلامة
الأولى على خراب أورشليم هي «اضطهاد وتبشير» (آيات 9-13). يقول المسيح لتلاميذه:
«انظروا إلى نفوسكم». فهو يفتح عيونهم على الآلام التي ستأتي عليهم، وعلى الأمجاد
التي بعدها. أولها اضطهادات من الخارج، من مجالس اليهود ومجامعه، حيث يجلدونهم
ويوقفونهم أمام ولاة وملوك، من أجل شهادة المسيح (آية 9).

 

ويشجع
المسيح تلاميذه حتى لا يقلقوا ويجهزوا الدفاع عن أنفسهم، لأن الروح سوف يتكلم
فيهم، ويعطيهم الرد الصحيح (آية 11).

 

ثم
هناك اضطهادات من الداخل – من الإخوة والآباء (آية 12) – ويقول متى البشير:
«حينئذٍ يعثر كثيرون، ويسلمون بعضهم بعضاً، ويبغضون بعضهم بعضاً» (متى 24: 10).
فإن بعض المسيحيين سوف يضعفون في الإيمان، ويسلمون إخوتهم المسيحيين للاضطهاد
والعذاب. ثم يقول المسيح لتلاميذه: «وتكونون مبغَضين من الجميع من أجل اسمي» (آية
13).

 

ولكن
في وسط الاضطهاد هناك تشجيع، هو أنه «ينبغي أن يُكرز أولاً بالإنجيل في جميع
الأمم» (آية 10) فإن الاضطهاد سوف يوّصل رسالة الإنجيل إلى جميع الأمم، وذلك قبل
خراب أورشليم، ويقول بولس الرسول في كولوسي 1: 6 «الإنجيل الذي قد حضر إليكم كما
في كل العالم أيضاً». ويقول في نفس الأصحاح في آية 23 «الإنجيل الذي سمعتموه،
المكروز به في كل الخليقة التي تحت السماء».

 

إذاً
فليتشجع التلاميذ، لأن اضطهادهم يوصِّل رسالة المسيح للجميع.

 

وهنا
تشجيع آخر، هو أن «الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص» (آية 13) فالذي يصبر وسط هذه
جميعها يخلص.

 

العلامة
الثانية الصحيحة على خراب أورشليم هي «رجسة الخراب» (آيات 14-23) أي الرجسة التي
هي سبب الخراب.. وقد تكلم عنها دانيال النبي في سفره (دانيال 9: 27، 11: 31، 12:
11).

 

وقد
قصد دانيال في نبوته أنتيوخس أبيفانيس الذي أبطل الذبيحة في الهيكل وأقام بدلها
عبادة الأصنام، وذلك قبل ولادة المسيح بوقت طويل. والمسيح يقول إن شيئاً كهذا
سيحدث مرة أخرى.

 

وقد قصد
المسيح من القول «رجسة الخراب» أن عساكر الجيش الروماني سوف يدخلون أورشليم وهم
يحملون تماثيل النسور، وتماثيل ملوكهم، وهم يعبدونها. وهكذا فإن تلك التماثيل
والأصنام سوف تكون «حيث لا ينبغي» (آية 14).

 

ويقول
لوقا البشير «أورشليم محاطة بجيوش» (لوقا 21: 20). فتكون رجسة الخراب هي جيش
الرومان وتماثيلهم، حيث لا ينبغي أن تكون، أي في الهيكل المقدس والمدينة المقدسة.

 

هذه
هي العلامة الصحيحة: أورشليم وحولها جيش الرومان الذي يريد أن يخربها، والمسيح
يحذر تلاميذه من تلك الأيام، فالذي في اليهودية يجب أن يهرب بعيداً إلى الجبال،
والذي على السطح يجب أن يهرب ولا ينزل إلى البيت ليأخذ حاجاته، والذي في الحقل يجب
أن يهرب ولا يرجع إلى البيت ليأخذ ثوبه. أما الحبالى والمرضعات فسوف تكون ظروفهنَّ
قاسية صعبة، لأنهن يحملن حمل أنفسهن وحمل أطفالهن.

 

ويطلب
المسيح من تلاميذه أن يصلُّوا حتى لا يكون ذلك كله في شتاء، ذلك لأن الضيق الذي
سيأتي على أورشليم سيكون أعظم ضيق رأته المدينة.

 

وفي
وسط هذه الصورة الحزينة يقدم المسيح تشجيعاً (آية 20) هو أن تلك الأيام ستكون
قصيرة، وقد جعلها اللّه قصيرة من أجل المختارين. على أن الضيق العظيم سيجعل الناس
مستعدين أن يتعلَّقوا بأي قشة من أمل، فعندما يأتي الأنبياء الكذبة والمسحاء
الكذبة ويقولون إن عندهم الخلاص، يثق الناس بهم، فيُضِلُّون كثيرين، ولو أمكن
المختارون أيضاً.

 

وقد
حدث كل الكلام الذي تنبأ المسيح به في خراب أورشليم.

 

فقد
حاصر غالوس الروماني أورشليم سنة 66 بعد ولادة المسيح، ثم حاصرها فسبسيانوس
الروماني سنة 68. وعند هذا الحصار الثاني هرب المسيحيون الذين عرفوا كلام المسيح،
ولم يهلك منهم أحد. لقد فهم القارئ المسيحي نبوَّة المسيح، وهرب، فلم يصبه سوء،
كما قال مرقس «ليفهم القارئ» (آية 14).

 

ثم
حاصر تيطس الروماني أورشليم سنة 70 حتى سقطت في يده، وقتل من اليهود مليون ونصف
مليون يهودي تقريباً، وصلب منهم كثيرين حتى لم يكن مكان لصلبان أكثر. وهكذا تم
كلام المسيح: «ضيق لم يكن مثله منذ ابتداء الخليقة» (آية 19).

 

وهُدم
الهيكل وأشعل أحد العساكر فيه النار، فلم يَبْقَ فيه حجر على حجر لم يُنقض. وقد
كانت مدة حصار أورشليم قصيرة. قصيرة بالنسبة للوقت الذي كانوا يحاصرون فيه المدن
في ذلك الزمان. وقصيرة بالنسبة لمدينة أورشليم ومناعتها الطبيعية، لأنها كانت
مبنية على جبل.

 

وقال
تيطس الروماني الذي فتحها: «اللّه أعطانا النجاح في حصار هذه المدينة» ورفض أن
يأخذ مكافأة على نجاحه في حصار أورشليم وفتحها.

 

وقد
كان ذلك النجاح والانتصار لتيطس من اللّه بسبب خطية اليهود. وفي ختام كلام المسيح
عن خراب أورشليم قال: «انظروا أنتم، ها أنا قد سبقت وأخبرتكم بكل شيء» (آية 23).

 

لقد
أخبر المسيح تلاميذه بالحوادث المقبلة، وقد فهموا ونجوا من الضيق العظيم الذي جاء
على أورشليم.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى