علم المسيح

معجزتان في كفر ناحوم



معجزتان في كفر ناحوم

معجزتان في كفر
ناحوم

معجزة صيد السمك

 

«وَإِذْ
كَانَ ٱلْجَمْعُ يَزْدَحِمُ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ
ٱللّٰهِ، كَانَ وَاقِفاً عِنْدَ بُحَيْرَةِ جَنِّيسَارَتَ. فَرَأَى
سَفِينَتَيْنِ وَاقِفَتَيْنِ عِنْدَ ٱلْبُحَيْرَةِ، وَٱلصَّيَّادُونَ
قَدْ خَرَجُوا مِنْهُمَا وَغَسَلُوا ٱلشِّبَاكَ. فَدَخَلَ إِحْدَى
ٱلسَّفِينَتَيْنِ ٱلَّتِي كَانَتْ لِسِمْعَانَ، وَسَأَلَهُ أَنْ
يُبْعِدَ قَلِيلاً عَنِ ٱلْبَرِّ. ثُمَّ جَلَسَ وَصَارَ يُعَلِّمُ
ٱلْجُمُوعَ مِنَ ٱلسَّفِينَةِ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ ٱلْكَلامِ
قَالَ لِسِمْعَانَ: «ٱبْعُدْ إِلَى ٱلْعُمْقِ وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ
لِلصَّيْدِ». فَأَجَابَ سِمْعَانُ: «يَا مُعَلِّمُ، قَدْ تَعِبْنَا
ٱللَّيْلَ كُلَّهُ وَلَمْ نَأْخُذْ شَيْئاً. وَلٰكِنْ عَلَى
كَلِمَتِكَ أُلْقِي ٱلشَّبَكَةَ». وَلَمَّا فَعَلُوا ذٰلِكَ أَمْسَكُوا
سَمَكاً كَثِيراً جِدّاً، فَصَارَتْ شَبَكَتُهُمْ تَتَخَرَّقُ. فَأَشَارُوا إِلَى
شُرَكَائِهِمُِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلسَّفِينَةِ ٱلأُخْرَى أَنْ
يَأْتُوا وَيُسَاعِدُوهُمْ. فَأَتَوْا وَمَلأُوا ٱلسَّفِينَتَيْنِ حَتَّى
أَخَذَتَا فِي ٱلْغَرَقِ. فَلَمَّا رَأَى سِمْعَانُ بُطْرُسُ ذٰلِكَ
خَرَّ عِنْدَ رُكْبَتَيْ يَسُوعَ قَائِلاً: «ٱخْرُجْ مِنْ سَفِينَتِي
يَارَبُّ، لأَنِّي رَجُلٌ خَاطِئٌ». إِذِ ٱعْتَرَتْهُ وَجمِيعَ
ٱلَّذِينَ مَعَهُ دَهْشَةٌ عَلَى صَيْدِ ٱلسَّمَكِ ٱلَّذِي
أَخَذُوهُ. وَكَذٰلِكَ أَيْضاً يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا ٱبْنَا زَبْدِي
ٱللَّذَانِ كَانَا شَرِيكَيْ سِمْعَانَ. فَقَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ: «لا
تَخَفْ! مِنَ ٱلآنَ تَكُونُ تَصْطَادُ ٱلنَّاسَ!» وَلَمَّا جَاءُوا
بِٱلسَّفِينَتَيْنِ إِلَى ٱلْبَرِّ تَرَكُوا كُلَّ شَيْءٍ
وَتَبِعُوهُ» (لوقا 5: 1-11).

 

في
إحدى الليالي التي قضاها بطرس ويعقوب ويوحنا، وربما أندراوس أيضاً في الصيد، لم
ينالوا إلا الفشل، فرجعوا صباحاً إلى الشاطئ خائبين وأرسوا سفينتهم، ثم غسلوا
الشباك حسب عادتهم، وما لبثوا إلا قليلاً حتى حصل ازدحام حول معلمهم عند الشاطئ،
لأن جمهوراً من الناس جاءوا ليسمعوا كلمة الله. وبعد أن ألقى المسيح عظته، أمر
تلميذه بطرس أن يبعد إلى العمق ويجدد الصيد. وكان هذا صعباً على بطرس، لأنه غسل
الشباك وأعدَّها للصيد في الليلة التالية. فإن طرحها مرة أخرى دون أن يفلح،
يتحمَّل تعباً لا فائدة منه. ثم بما أنه صياد ماهر، والمسيح نجار، فثقيلٌ على صياد
أن يأخذ تعليمات للصيد من نجار، فالمعروف أن يكون الصيد ليلاً، وقلّما يُرجى خير
من صيد النهار. وقد أكد اختبار بطرس في الليل الفائت أن الأسماك غير موجودة الآن
في تلك البقعة. لذلك اعترض أولاً، ثم عاد فامتثل لأمر المسيح. فحصل حالاً على جزاء
طاعته وتسليمه، فقد امتلأت سفينته وسفينة ابني زبدي بالسمك حتى أخذتا في الغرق.
فاعترتهم دهشة لهذا الأمر العجيب. أما بطرس فلشدة انفعاله، سجد عند ركبتي سيده
وقال: «اخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطئ». نتصوره مدفوعاً إلى هذا الطلب الغريب
لخجله بسبب اعتراضه أولاً، ومن ارتعابه لوجود شخص في سفينته قادر أن يعرف جميع
سيئاته ويجازيه عليها، كما دفعه أيضاً التواضع ليحسب سفينته حقيرة عن أن تتشرف
بشخص مثل المسيح. يرتعب الخاطئ دائماً من رؤية القدوس. فلما رأى بطرس شيئاً جديداً
من أمجاد المسيح القدوس ارتعب. لكن المسيح لم يوبخه على طلبه الغريب هذا، لأن طلبه
كان مشفوعاً بسبب شريف جداً، وهو الشعور بالخطأ. فلم يكن بطرس يعرف المسيح بعد كما
هو، وظن أنه يريد الابتعاد عن الخطاة. وإبليس عادة يزرع مثل هذا الوهم في عقول
الخطاة ليحرمهم من الإقبال على المسيح.

 

لكن
المسيح بحكمته ومحبته رفض طلب بطرس، وهذه خُطته دائماً عندما يطلب منه المؤمنون في
صلاتهم أموراً ليست للخير. فاستجاب طلب بطرس بعكسه، لأن بطرس طلب أن يَبْعُد
المسيح عنه، فاقترب المسيح منه أكثر، لأنه نظر إلى الصواب في قلب بطرس، لا إلى
الخطأ في كلامه، وطمأنه حالاً بقوله: «لا تخف». وأكّد له تعيينه ليصيد الناس. وهذا
شرف أعظم كثيراً من مهنته السابقة. وهذه هي المهنة التي يريدها المسيح لكل فرد من
تابعيه حسب مقدرته واختلاف أحواله.

 

ولما
جاءوا بالسفينتين إلى البر، ترك التلاميذ الأربعة كل شيء وتبعوه.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى