علم المسيح

الفصل الثاني



الفصل الثاني

الفصل الثاني

كيف يولد
الخالق
من إمرأة
مخلوقه؟

 

س 1: إذا كان المسيح هو الله وفي نفس الوقت هو ابن مريم، فكيف يولد
الله وهو الذي لم يلد؟ وكيف يولد من امرأة مخلوقة وهو الخالق؟

& ج: نحن نؤمن أن الله ليس مولوداً ولا يلد ولا يتوالد، مثل البشر،
ليس له ذريه كما أنه ليس له أب أو أم فهو الذي لا بداية له ولا نهاية، الموجود
الدائم الوجود وعله كل وجود ولم يوجده أحد وإنما هو الموجود بذاته، الموجود دائما
بلا بداية ولا نهاية إذ يقول هو عن نفسه (كما بينّا في الفصل السابق):


” أنا أنا هو وليس اله معي. أنا أميت وأحي ” (تث39: 32).


أكون الذي أكون ” الكائن ” (خر14: 3)، أي الكائن، الموجود دائما علة كل
وجود.


” أنا الأول وأنا الأخر ولا اله غيري ” (اش6: 44).

 والسيد
المسيح باعتباره كلمة الله، الله ناطقا، ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان
عند الله وكان الكلمة الله ” (يو1: 1)، وصورة الله غير المنظور، هو الله
” هذا هو الإله الحق والحيوة الأبدية ” (1يو20: 5). وكلمة الله مولود من
ذات الله بلا انفصال مثل ولادة الشعاع من النور والكلمة من العقل، مولود منذ الأزل
” أنت ابني أنا اليوم ولدتك ” (عب5: 1)، مولود بلا بداية ولا نهاية ولا
خلق ” مولود غير مخلوق “، فهو كلمة الله، وكلمة الله هو الله
” وكان الكلمة (هو) الله “، ” والكلمة هو الله ” والله غير
مولود وغير مخلوق ولا آب له ولا أم ولا نؤمن بتعدد آلهة بل نؤمن بإله واحد فقط
بدون مشاركة من أي كائن آخر ” الرب إلهنا رب واحد ” (تث4: 6).

 

والرب يسوع
المسيح يقول “:


” أنا هو الألف والياء البداية والنهاية يقول الرب الإله الكائن والذي كان
والذي يأتي القادر علي كل شئ ” (رؤ8: 1).


” أنا هو الألف والياء الأول والآخر ” (رؤ11: 1).


” أنا الألف والياء البداية والنهاية. الأول والأخر ” (رؤ13: 22).


” قبل أن يكون إبراهيم أنا أكون (كائن) ” (يو8: 58)، أي أنا أكون دائما،
أنا الكائن دائما، في كل زمان، بلا بداية ولا نهاية.


” يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والي الأبد ” (عب7: 13). ولكن الله
قادر علي كل شئ ولا يستحيل عليه شئ، والذي كُتب عنه ؛ ” الله القادر على كل
شيء ” (تك3: 48)، ” الإله القادر على كل شيء ” (خر3: 6)، ”
الرب القادر على كل شيء ” (2كو18: 6)، ” قدوس قدوس قدوس الرب الإله
القادر على كل شيء الذي كان و لكائن و لذي يأتي ” (رؤ8: 4)، وأيضا ” غير
المستطاع عند الناس مستطاع عند الله ” (لو26: 18)، والذي عرف أول ما عرف عند
الآباء الأول بالقدير أو القادر علي كل شئ ” وأنا أظهرت لإبراهيم واسحق
ويعقوب بأني الإله القادر علي كل شئ ” (خر3: 6).

 وقد
شاءت أرادته الإلهية، منذ الأزل، أن يظهر للإنسان على هذه الأرض وفي هذا العالم
بأن يتجسد ويظهر له عيانا، في الجسد، في مكان معين وزمان معين ومن ثم أختار أم
معينه ليولد منها ” في ملء الزمان “، يظهر علي الأرض كإنسان، فحل في بطن
هذه الأم، العذراء مريم، واتخذ منها جسدا وظهر علي الأرض كإنسان، اتخذ صورة العبد
وصار في الهيئة كإنسان، وجد في هيئة إنسان، يقول الكتاب:


” في البدء (منذ الأزل) كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله
(الكلمة هو الله) كل شئ به كان (كون، صار، وجد) وبغيره لم يكن شئ مما كان … فيه
كانت الحياة … والكلمة صار (اتخذ)(1) جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا ” (يو1: 13،14).


” عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ” (1تي16: 3).


” الذي إذ كان (هو) في صوره الله لم يحسب مساواته لله اختلاسا لكنه
أخلى نفسه (تنازل من علاه) أخذا صورة عبد صائر في شبه الناس وإذ وجد في
الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت ” (في6: 5-8).

 كلمة
الله وصوره الله غير المنظور، بهاء مجده ورسم (صورة) جوهره، الإله القدير، الله
الكلمة، لما أراد أن يظهر علي الأرض، ولما جاء الوقت المحدد لذلك (ملء الزمان)، حل
في بطن العذراء القديسة مريم واتخذ منها جسدا، اتخذ صورة العبد وصار علي الأرض في
هيئة إنسان، ظهر في الجسد الكامل، اتخذ كل ما للإنسان حتى الموت، ولد من أم وهو
الخالق الذي لم يخلقه أحد، ولد في الزمان وهو خالق الزمان، الأبدي الأزلي، ولد وهو
الذي بطبيعته سلا يلد ولا يولد مثل سائر المخلوقات، نزل علي الأرض، نزل من السماء
وظهر علي الأرض في هيئة إنسان وسار بين البشر وعاش بينهم ثلاث وثلاثين سنه وثلث!!

 

س 2: كيف يولد من العذراء في حين أنه نزل من السماء!؟؟ لو كان قد نزل
من السماء فلا يمكن أن يكون ولد من امرأة، ولو كان قد ولد من امرأة فلا يمكن أن
يكون من السماء!!

& ج: الكتاب واضع وصريح في أن المسيح قد نزل من السماء إذ يقول
المسيح عن نفسه:


“وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو
في السماء ” (يو13: 3) وكرر في تعبيرات عديدة أنه نزل من السماء حتى أن
اليهود لما سمعوه يقول ؛ ” لأني قد نزلت من السماء ” قالوا
” أليس هذا يسوع بن يوسف الذي نحن عارفون بأبيه وأمه: فكيف يقول هذا أنى
نزلت من السماء
” (يو42: 6).


والقديس بولس يقول بالروح ؛ ” وأما أنه صعد فما هو إلا أنه نزل أيضا
إلى أقسام الأرض السفلي الذي نزل هو الذي صعد فوق جميع السموات لكي يملا الكل
” (أف9: 4،10).

 والكتاب
أيضا واضح وصريح في أن المسيح قد ولد من العذراء مريم بالروح القدس، حل في أحشائها
وأتخذ منها جسدا، إذ يقول:


” ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولوداً تحت
الناموس ” (غل4: 4).


” ها العذراء تحبل تلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل ” (اش14: 7)
والذي تفسيره الله معنا ” (مت23: 1).


” لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنا وتكون الرياسة علي كتفه ويدعي
اسمه عجيبا مشيرا ألها قديرا أبا أبديا رئيس السلام ” (اش6: 9).


وقال الملاك للعذراء ” وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع …
الروح القديس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك
يدعي ابن الله ” (لو31: 1،35).


وقال ليوسف النجار ؛ ” لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس فستلد
ابنا
وتدعو اسمه يسوع ” (مت20: 1).


وقالت اليصابات للعذراء ؛ ” مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك
” (لو42: 1).


ويقول القديس لوقا الإنجيلي ؛ ” وبينما هما هناك (في بيت لحم) تمت أيامها
لتلد فولدت
ابنها البكر ” (لو6: 2،7).

 فالعذراء
قد حبلت بالمسيح حقا وولدته حقا، فهو قد ولد منها وهو أيضا ثمرة بطنها.

 

س 3: هل كان ميلاده منها مجرد مرور أو عبور، حل فيها ومر من خلالها
دون أن يأخذ منها شيئاً، كعبور الماء من القناة أو عبور السفن من القنوات؟

& ج: كلا وحاشا فقد كان ميلاده من العذراء ميلادا حقيقيا كاملا وليس
مرورا. فقد حل فيها وأتخذ منها جسدا حقيقيا، كاملا، إنسانا كاملا، ومكث في أحشائها
تسعة اشهر كجنين حتى ولدته عندما تمت أيامها. لقد كان هو ثمرة بطنها أي أن ناسوته،
جسده، طبيعته الإنسانية، مكون من لحم ودم وعظام، وأيضا من روح ونفس وجسد، داخل
أحشائها ومن أحشائها ذاتها فهو بالحق والحقيقة ثمرة بطنها ” ولد منها ودعيت
هي أمه ” أم ربي ” (لو43: 1)، بالرغم من أنه، هو، خالقها. نعم ولد من
امرأة ولكن باتخاذه جسدا منها. فهو مع كونه الإله الأبدي الأزلي أتخذ منها جسدا،
احتجب به وسكن فيه واتحد به فكان هو جسده:

 ”
احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع الرعية … لترعوا كنيسة الله التي اشتراها بدمه
” (أع28: 20)، ” الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة
” (1بط24: 2). وللتعبير عن هذه الحقيقة يستخدم القديس يوحنا تعبير ؛ ”
المسيح انه قد جاء في الجسد ” (1يو2: 4-3)، و ” المسيح آتيا
في الجسد
” (2يو7: 1).

 ”
وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة
كرز به بين الأمم أومن به في العالم رفع في المجد
” (1تي16: 3).

 

(1)
بحسب الترجمة القبطية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى