علم الله

الفصل الثاني والأربعون



الفصل الثاني والأربعون

الفصل
الثاني والأربعون

التبرير
والتبنّي

 

1 – ما هو التبرير؟

*
التبرير هو فعل نعمة الله المجانية الذي به يغفر خطايانا جميعها ويقبلنا كأبرار
أمامه، وذلك لأجل مجرد بر المسيح الذي يُحسب لنا، والذي نقبله بواسطة الإيمان فقط.
والذين يدعوهم الله دعوة كافية، هؤلاء يبررهم أيضاً مجاناً، لا بجعله براً فيهم،
بل بغفرانه خطاياهم واعتباره إياهم أبراراً وقبوله لهم، لا لأمرٍ فعلوه، أو لما
فُعل فيهم، بل لأجل المسيح فقط. ولا لحسبانه الإيمان نفسه، ولا الفعل العقلي الذي
يقوم به الإيمان، ولا طاعة أخرى إنجيلية براً لهم، بل بحسبانه لهم طاعة المسيح
وإيفاءه. وهم يقبلونه ويستندون عليه وعلى بره بالإيمان، وذلك الإيمان ليس منهم بل
هو عطية الله.

مقالات ذات صلة

والتبرير
هو عمل الله القضائي الذي به يُحسَب ويُصرَّح أن قصاص الشريعة قد رُفع عن الخاطئ
المؤمن بالمسيح، فرضي الله عنه كأنه بار في ذاته، وذلك لأجل بر المسيح المحسوب له
كأنه بره هو بالفعل. وبذلك يتغير حكم الله على الخاطئ، فيبرره بسبب علاقته الجديدة
بالمسيح بدلاً من أن يدينه، ويقبله بدلاً من أن يرفضه. وعلى هذا فالتبرير عمل
تصريحي، أي تصريح الله بتبرئة الأثيم من إثمه لأمرٍ خارج عنه. وهو يتميّز عن التقديس،
لأن التقديس عملٌ في نفس الخاطئ تتغيّر به طبيعته.

وقد
جاء التبرير في الكتاب المقدس بمعنيين:

(1)
تمجيد الله لما فيه من البر والعدل والصلاح (لو 7: 29 ورو 3: 4) غير أن وروده بهذا
المعنى نادر جداً، لأنه لا يصح إلا على المسيح أو على الله في ذاته.

(2)
رفع مطالب الشريعة وقصاصها عن الخاطئ باعتباره باراً بسبب بر غيره الذي حُسب له.
فليس المقصود بالتبرير تحويل الإنسان الخاطئ إلى إنسان بار في الداخل بجعله باراً
ذاتياً، بل التصريح أنه أصبح باراً لانتساب برٍّ إليه من خارج نفسه (أع 13: 39 ورو
5: 1، 9 و8: 30-33 و1كو 6: 11 وغل 2: 16 و3: 11). وتتضح صحة هذا المعنى للتبرير من
أنه المعنى الوحيد المقصود في آيات كتابية كثيرة، منها أن الخطاة يتبررون بدون
أعمال الناموس بل بدم المسيح بالإيمان مجاناً بالنعمة، بسبب إيفاء المسيح وبره
المحسوب لهم (رو 3: 20-28 و4: 5-7 و5: 18، 19 وغل 2: 16 و3: 11 و5: 4 و1يو 2: 2).
وقد جاء التبرير للإشارة إلى عكس الدينونة أي الإنقاذ منها (رو 5: 16، 18 و8: 33،
34). وثبت هذا المعنى بعبارات أخرى في الكتاب مرادفة للتبرير (يو 3: 18 و5: 24 ورو
4: 6-8 و2كو 5: 19). وعلى ذلك يتميّز التبرير عن التقديس، لأن التبرير أمر يتم في
الخارج، والتقديس في الداخل، فالتبرير لا يدل على تطهير طبيعة الخاطئ بمعنى إزالة
فسادها الذاتي، بل يدل على إنقاذ من الحكم الشرعي، أي تبرئة الخاطئ أمام الشريعة،
ولا يشير إلى تغييرٍ داخلي كالتجديد أو التقديس، بل إلى تغيير خارجي في علاقة
الخاطئ بالشريعة، أي إلى وقوفه كبارٍّ أمامها. وعندما يصرح الله بذلك يُقال إنه قد
برر الخاطئ، فصار الخاطئ مبرراً، وما فعله الله هو التبرير.

2 – ماذا يتضمن التبرير؟

*
يتضمن التبرير أمرين مهمين:

(1)
رفع الدينونة أو القصاص، وبموجبه ينقذ الله الخاطئ من حكم الشريعة ويصرح بأنه بار.
ولا يعني هذا أن الخاطئ بريء من كل خطية، لأن ذلك خلاف الواقع. ولكن معناه أن
الشريعة لا تعود تحكم على الخاطئ لأنها قد استوفت حقها من غيره، ولا يصح أن تأخذ
حقها مرتين (رو 4: 5-8). ويُسمى هذا العمل بالنسبة إلى الناموس “تبريراً”
وبالنسبة إلى الله باعتباره الحاكم “عفواً” وبالنسبة إلى حنوّ الله
ونعمته “مغفرة” (مي 7: 18 ومز 130: 4). وأساس إنقاذ الخاطئ من حكم
الشريعة ليس أمراً في نفس الخاطئ، ولا عملاً عمله هو، إنما هو عمل المسيح الذي حمل
الدينونة عوضاً عن المؤمن (أع 13: 38، 39 ورو 3: 24، 26 و1كو 6: 11 وأف 1: 7).

(2)
إرجاع الخاطئ إلى التمتع برضى الله، فهو لا يحصل على رضى الله بمجرد إنقاذه من حكم
الشريعة، لأنه بذلك لا يكون إلا مذنباً أُنقذ من العقاب، والشريعة لا تستوفي حقها
بمجرد إطلاق الخاطئ من الدينونة، بل ينبغي أن يكون للخاطئ البر الذي تطلبه
الشريعة. وإتماماً لغاية التبرير يُرجع الله الخاطئ إلى رضاه كأنه بارٌ، ويُنعم
عليه بهبات الطاعة الكاملة لأن طاعة المسيح قد حُسبت له (لو 15: 22-24 ورو 5: 1 و2
وتي 3: 7). ويُسمى إرجاع الله للخاطئ “المصالحة” ويُسمى باعتبار استقبال
الله له كما في رجوع الابن الضال إلى أبيه “التبني” (يو 1: 12 ورو 5: 11
و8: 23 وغل 4: 5 وأف 1: 5). وإرجاع الخاطئ إلى رضى الله ليس لسببٍ في الخاطئ
كاستحقاقه، وليس لعملٍ صالحٍ قام به الخاطئ، بل لمجرد طاعة المسيح عنه، ولبرّه
المحسوب له. وعلى ذلك تكون علة التبرير عمل المسيح فقط، فإن المسيح بآلامه حمل عنا
قصاص الشريعة، وبطاعته قام مقامنا وأوفى الشريعة حقها لأجلنا. فالتبرير أعمّ من
الصفح عن الخطية أو المغفرة، لأن المغفرة هي الصفح عما يستحقه الخاطئ من القصاص،
أما التبرير فهو إعادة الخاطئ إلى رضى الله الذي يكلله بفوائد بر المسيح كأنها له
فعلاً.

3 – كيف ننال التبرير؟

*
من الجانب البشري ننال التبرير بالإيمان كشرط أو واسطة. ومن جانب الله يعطيه لنا
بحسبانه بر المسيح لنا مجاناً.

4 – ما هي مكانة الإيمان في تبرير الخاطئ؟

*
الإيمان مجرد واسطة ننال بها التبرير، لأنه قبول المسيح والاتكال عليه. وليس هو
سبب التبرير أو علته إلا بهذا المعنى. ويقول الكتاب إننا نتبرر بالإيمان أي
بواسطته، وينسب تبريرنا دائماً إلى نوالنا فوائد عمل المسيح بالإيمان. فليس
لإيماننا استحقاقٌ في حدّ ذاته بل هو شرط نوالنا استحقاق المسيح. وتتضح صحة ذلك من
أن الإيمان ليس منا لنفتخر به أو ليُحسب لنا من باب الاستحقاق بل هو هبة الله (أف
2: 8 وفي 1: 29). والإيمان من ثمر الروح، فلا يُبنى عليه استحقاق (غل 5: 22).
وموضوعه المسيح وكفارته، ولذلك يُرفض كل اتكال على غير المسيح. ولا يُحسب وجوده
فينا فضيلةً تستحق الثواب بل يُنسب كل الفضل إلى ذبيحة المسيح ودمه (رو 3: 25، 26
و4: 20، 22 وغل 3: 26 وأف 1: 12، 13 و1يو 5: 10).

وإذا
فُرض المحال وقلنا إن الإيمان يستحق الثواب فلا يتم بالإيمان إيفاء مطالب الشريعة
التي تطالب بالبر الكامل قبل تبرير الخاطئ، وإنما للإيمان قوة التبرير لأنه
واسطته، وبه يتم اتحاد المؤمن بالمسيح. وهو شرط نوال الخاطئ فوائد موت المسيح، كما
أن قبول الهبة هو شرط نوالها. فالخلاص لنا مجاناً ولكن على شرط أن نقبله بالإيمان.
وفوائد الفداء ممنوعة عنا إلا بشرط قبولنا إياها. كذلك لا يصح القول إن الإيمان
يخلّصنا، بل هو واسطةٌ بها نلتصق بالمسيح الذي يخلّصنا. وهو كحلقة تنشأ بها
العلاقة الضرورية بين المؤمن والمسيح. وينشأ التبرير فور وجود الإيمان في قلب
المؤمن، ويتم إلى الأبد. ولا يتوقف على كون الإيمان قوياً أو ضعيفاً بل على أنه
إيمان حقيقي. غير أن الإيمان القوي يولّد الثقة واليقين في قلب المؤمن.

وتتميّز
المسيحية عن سائر الأديان بعقيدة التبرير بالإيمان، لأن خلاص الخاطئ بالتبرير لا
يتوقف على شيء في الخاطئ ولا على أعماله، بل على ما عُمل خارجاً عنه، لأن طريق
الخلاص ليس بالأعمال بل بقبول النعمة مجاناً بالمسيح. والخاطئ لا يستحق الخلاص،
ولا يستطيع أن يشتريه، وإنما يقدر أن يقبله بالإيمان، فيكون له ما يستند عليه بدون
خوف، وهو وعد الله الصادق، كما أنه من فوائد الكفارة.

5 – ما هو حسبان برّ المسيح للمؤمنين؟

*
هو جعل بر المسيح الكامل للخاطئ المؤمن أو نسبته إليه كأنه بره. فكما أن المسيح لم
يخطئ بالفعل بحسبان خطايانا عليه، هكذا نحن لسنا أبراراً إلا بحسبان بر المسيح
لنا. وكما أن ما حُسب على المسيح هو عدم بر الخاطئ أو جرمه أمام الشريعة، لا إثمه
الذاتي، كذلك ما يُحسب للخاطئ هو بر المسيح أمام الشريعة لا بر المسيح الذاتي (انظر
فصل 27 س 9).
ويتم ذلك بناءً على أن المسيح قام مقامنا وتمم الشريعة عنا. ومن
الأدلة على صحة التعليم بالحسبان أقوال الكتاب (رو 5: 12-21 و4: 6-8). وهو يُستنتج
من أن المسيح ذبيحتنا ونائبنا (إش 53: 6 و2كو 5: 21 و1بط 2: 24 و1تي 2: 6). فالذي
يُحسَب له بر المسيح لا يحتاج إلى غيره ليقف أمام منبر الديان بلا خوف. ومعنى كلمة
“حسبان” جعْل بر المسيح للخاطئ أو إضافته إليه (فصل 27 س 8، 9).
طلب بولس من فليمون أن يحسب دَيْن أنسيمس عليه. وقيل “لا يحسب لي سيدي إثماً”
(2صم 19: 19). و”طوبى لرجلٍ لا يحسب له الرب خطية” (مز 32: 2). و”الذي
يحسب له الله براً بدون أعمال” (رو 4: 6). و”مصالحاً العالم لنفسه، غير
حاسبٍ لهم خطاياهم” (2كو 5: 19). وهذه الأقوال وأمثالها في الكتاب لم تكن قط
عُرضة للخلاف لأنها واضحة، فإن بر المسيح يُحسب للمؤمن. وليس المقصود به أن بر
المسيح الذاتي يصير في المؤمن وينتقل إليه، فيصير صفةً من صفاته الأخلاقية، كما
أنه إذا حُسبت الخطية على إنسان لا يصير خاطئاً بالفعل، بل يُحسب خاطئاً. فكذلك
إذا حُسب البر للمؤمن لا يصير المؤمن باراً بالفعل، بل يُحسب باراً، ويُعامَل كأنه
بارٌ. فإن بر المسيح يجعل الخاطئ باراً بالمعنى الشرعي لا الأخلاقي، أي يعطيه الحق
الشرعي بالصفح الكامل عن كل خطاياه، ويفتح له باب الرجوع إلى رضى الله. ولأن البر
الذي يطلبه الناموس ليس للخاطئ، ولا يمكن الخاطئ أن يصنعه، أعلن الله براً آخر (رو
3: 21) وهو بر الله لكل الذين يؤمنون. وأن الناس لا يتبررون من أنفسهم أو من
أعمالهم، بل مما فعله المسيح لأجلهم، لأن الله جعله كفارةً عن الخطايا ليكون باراً
ويبرر المؤمنين.

وهذا
التعليم واضح في رومية 5 في المقارنة بين آدم والمسيح ورياستهما: آدم في التجربة،
والمسيح في الكفارة. وقال بولس “إني أحسب كل شيء أيضاً خسارة من أجل فضل
معرفة المسيح يسوع ربي، الذي من أجله خسرتُ كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح
المسيح وأُوجد فيه. وليس لي بري الذي من الناموس بل الذي بإيمان المسيح، البر الذي
من الله بالإيمان” (في 3: 8، 9). فلم يتكل بولس على بره الذاتي أو صلاحه
الداخلي، بل على البر الذي هيأه الله له وقبله بالإيمان. وقال أيضاً إن الله “جعل
الذي لم يعرف خطية خطيةً لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه” (2كو 5: 21). فقوله
هذا لا يدل على أن المسيح جُعل خطية بالمعنى الأخلاقي، أي أن المسيح صار خاطئاً
بالطبع أو الفعل. فكذلك نحن في التبرير، لا نصير أبراراً بهذا المعنى، بل كما أنه
جُعِل خطية بحمله خطايانا كذلك نحن جُعلنا براً بحملنا بره. فخطايانا هي الأساس
الشرعي لاتضاعه تحت الناموس ولكل آلامه، وكذلك بره هو الأساس الشرعي لتبريرنا.
فكما أن خطايانا حُسبت عليه كذلك بره حُسب لنا. فإذا كان حسبان الخطية عليه لم
يجعله فاسداً أخلاقياً، فحسبان بره لنا لا يجعلنا صالحين كذلك.

ولم
يقل الكتاب قط إننا متبررون بسبب إيماننا، بل يقول دائماً إننا نتبرر بواسطة
الإيمان. ولم يقل قط إن الإيمان أساس التبرير، بل إننا نخلص بالإيمان بقبولنا
المسيح واتكالنا عليه وحده للخلاص. والذي نقبله هو خارج عنا، وهو المسيح وبره
وطاعته واستحقاق دمه وموته، فإننا نراه ونهرب إليه ونتمسك به ونستتر بظله ونلبس
برَّه. ويقول الكتاب إن النعمة والأعمال متضادان بطبيعتهما، وينفي أحدهما الآخر،
لأن ما هو من النعمة ليس من الأعمال. وقد قيل فيه إن الخاطئ ينال الصفح ورضى الله
بالنعمة. فإذا كان ذلك من النعمة فلا أساس له في الخاطئ نفسه. ويقول الكتاب المقدس
إن الخلاص هو من النعمة، وإذا لم نقبل الخلاص بالنعمة فليس لنا نجاة.

6 – ما هو الدليل على بطلان تعليم التقليديين أن التبرير بالأعمال
لا بالإيمان وحده؟

*
يقول التقليديون إن التبرير لا يتميّز عن التقديس، فالإنسان الذي يتبرر يتقدس
أيضاً، وفوق تبريره الشرعي أمام عدل الله يُجعَل باراً بالبر الذاتي، لأنه يتحوّل
إلى إنسان بار أخلاقياً بالفعل، ويصير قدوساً في ذاته، وإن تلك القداسة الذاتية
والأعمال الصالحة المقترنة بها هي أساس التبرير مع بر المسيح. وهم يقولون إن البر
الذي يُؤسَّس عليه تبريرنا مشترَك بين بر المسيح وبر الإنسان أي أعماله الصالحة.

أما
الإنجيليون فيقولون إن التبرير بالإيمان، وليس بالأعمال مطلقاً، كما يتضح مما
يأتي:

(1)
هذا ما يقوله الكتاب المقدس، ولا يوجد فيه ما يخالفه، فنحن لا نتبرر بالأعمال
مطلقاً، فإنه “بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر أمامه” وهذا يشمل كل
أنواع أعمال الطاعة لناموس الله، لأن كل طاعة بشرية غير كاملة، بينما تطلب شريعة
الله الكمال (غل 3: 10). وقد رفض الرسول كل ثقة ببره الذي من الناموس، ورغب في أن
يكون له البر الذي بإيمان المسيح، البر الذي من الله بالإيمان (في 3: 9) ووبخ اليهود
لأنهم طلبوا أن يُثبِتوا بر أنفسهم (رو 10: 3). وواضح من قول الكتاب عدم التبرير
بالأعمال، وهو قولٌ يُطلَق على كل بر ذاتي بالناموس. وقول المذهب البيلاجي إن
المقصود بالأعمال في الكتاب “الأعمال الطقسية” مردود لأنه لم يعتقد أحد
من اليهود في أيام بولس ذلك الاعتقاد، ولم يفرقوا بين الأعمال الطقسية والأعمال
الأخلاقية ولم يتكلوا على الأولى للتبرير دون الأخرى. وتدل قرينة الكلام على أن
المقصود بالناموس شريعة الله ووصاياه، وهذا يبطل التعليم التقليدي أن المقصود
بأعمال الناموس “الأعمال قبل التجديد”. ولم يدّعِ أحدٌ في زمن بولس أن
تلك الأعمال تبرر، ولم يكن من داعٍ للرسول إلى أن يعلم عدم فائدتها، لأن الجميع
كانوا يسلّمون به. والكتاب يميز على الدوام بين الإيمان والأعمال بياناً لفائدة
الإيمان في التبرير وعدم فائدة الأعمال فيه، كقوله “إن الإنسان لا يتبرر
بأعمال الناموس بل بإيمان يسوع المسيح” (غل 2: 16). فالمقابلة ليست بين أنواع
الأعمال، بل بين جميع الأعمال من الوجه الواحد والإيمان من الوجه الآخر.

(2)
يُحسب التبرير دائماً في الكتاب من باب النعمة المجانية لا من باب الاستحقاق،
فالنعمة والأعمال متضادان دائماً في أمر الخلاص، بدليل قوله “فإن كان بالنعمة
فليس بعد بالأعمال، وإلا فليست النعمة بعد نعمة” (رو 11: 6 و4: 4). فالنعمة
تنفي الأعمال، لأنه إن كان خلاصنا بالنعمة فليس هو باستحقاق الأعمال، ولم يبقَ لنا
موضوع للافتخار في تبريرنا. فإدخال الاستحقاق البشري في هذا الباب نزعٌ لمجد النعمة
واستحقاق المسيح، ولذلك صرح الكتاب أن تبريرنا مؤسَّسٌ على ما هو خارج عنا، كدم
المسيح وطاعته وبره (رو 5: 9، 18، 19). والمسيح كاهننا، والكاهن لا يُخلِّص الذين
يأتون إليه بجعلهم أبراراً بالبر الذاتي. والمسيح خلّصنا بذبيحةٍ نفسه، والذبيحة
لا تطهر قلب الإنسان، إذ ليست هي إلا كفارة وإيفاءً خارجياً للعدل الإلهي.
فالمخلّص نجانا بتقديم نفسه فديةً عنا، والفدية لا تجعلنا أبراراً في ذواتنا،
وإنما هي تأدية المطلوب عنا. فإن كان التبرير بالأعمال، فقد انتفى الخلاص بالنعمة،
وبطُل قول الكتاب بذلك.

(3)
لا تقدر الأعمال الصالحة (ولو كانت كاملة) أن تكفر عن الآثام الماضية. ولكن
التبرير بدم المسيح يفعل ذلك، وهذا ينفي فائدة الأعمال في التبرير من الخطايا
السالفة.

(4)
قصد الرسول من تعليم “التبرير بالإيمان” أن يردّ على أقوال المعترضين
عليه في زمانه، والذين قالوا إن الخلاص بالنعمة ينزع لزوم الأعمال الصالحة، ولذلك
يجوز ارتكاب الخطية لتكثر النعمة. وهذا يدل على أنهم فهموا تعليم بولس أن الأعمال
الصالحة لا تخلّص أحداً، وأن الخلاص هو بالنعمة، فيكون تبريرهم بالإيمان دون
الأعمال. فلو علَّم الرسول أن الخلاص بالأعمال لما اعترضوا عليه (رو ص6، 7).

(5)
تفيد كل أقوال الكتاب أن التبرير شرعي خارج عن الخاطئ، وأن الله يبرر الخاطئ
باعتبار أنه قديس. وبر التبرير ليس في الخاطئ بل في غيره، وهو بر المسيح. فلو قدر
البشر أن يتبرروا ببر أنفسهم لما مات المسيح، ولو كان الخلاص بالأعمال ما كانت
هناك حاجة لطاعة المسيح وبره. فلماذا مات؟ “لأنه إن كان بالناموس برٌ فالمسيح
إذاً مات بلا سبب!” (غل 2: 21). وليس الخلاص مجاناً إن كان باستحقاق! وإن كان
خلاصنا بالأعمال، فكيف أظهر الله به غِنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح
يسوع؟ (أف 2: 7، 8). ولو كان تبريرنا بالأعمال لكان لنا ما نفتخر به! لكن الافتخار
في هذا الباب ممنوع كما قال الرسول “فأين الافتخار؟ قد انتفى! بأي ناموس؟
أبناموس الأعمال؟ كلا، بل بناموس الإيمان” (رو 3: 27). فالقول بامتزاج
الأعمال بالإيمان في التبرير ينفي كل ثقة بالخلاص ويجعله مستحيلاً. ولكن التبرير
يتم كاملاً عند إيمان الخاطئ بالمسيح، وليس له درجات ليكمل بالتدريج في زمان طويل.
فالقول إن التبرير يتوقف على حالة الخاطئ الذاتية وليس على قبوله بر المسيح
بالإيمان ينزع منه كل ثقة بالخلاص، ويتركه عُرضةً للشك واليأس، مع أن له بالإيمان
أساساً ثابتاً للثقة بخلاصه.

وقيل
إن تعليم يعقوب الرسول (2: 14-26) ينفي أن التبرير بالإيمان فقط. وذلك مردود لأن
موضوع كلام يعقوب ليس أساس التبرير، بل علاقة الأعمال الصالحة بالإيمان الحي، وهي
أن الأعمال ثمر الإيمان ودليل على وجوده، فإن أساس التبرير الاستحقاقي هو بر
المسيح (رو 10: 4 و1كو 1: 30). والإيمان هو الواسطة لنوالنا فائدة ذلك البر (أف 2:
8). وأما قول يعقوب فهو أن الإيمان الحقيقي حيٌ ومثمرٌ دائماً، لا ميت وعقيم، وأنه
يظهر بالأعمال الصالحة.

لقد
نفى بولس أن الخلاص بالأعمال، ونفى يعقوب القول إن الإيمان كافٍ ولو كانت الأعمال
رديئة. بولس قال بلزوم الإيمان ومنفعته للتبرير، ويعقوب قال إن الإيمان الميت لا
يبرر. ولو كان موضوع بولس الإيمان الميت لجاء وفق قول يعقوب. ولو كان موضوع يعقوب
الإيمان الحي لكان مثل قول بولس. ويقول بولس إن الإيمان يبررنا أمام الله، بينما
يقول يعقوب إن الأعمال تبررنا أمام الناس. فلا خلاف بينهما.

7 – ما هي علاقة الأعمال الصالحة بالإيمان الذي يُبرر؟

*
الأعمال الصالحة ضرورية ولائقة، ولكنها ليست أساس التبرير، فالأعمال الصالحة هي
ثمر الإيمان، وهي مطلوبة من كل مسيحي. والتبرير بالإيمان لا يحرر الإنسان من
تكليفه بإتمام مطالب الشريعة الإلهية بل يُثبت ذلك عليه. والمتبرر بالإيمان لا
يزال تحت سلطان الشريعة الأخلاقية ويجب أن يطيعها باعتبارها قانون حياته المسيحية،
فالإيمان الحي يحثّ الإنسان على السيرة الحسنة، وكل مؤمن حقيقي يريد أن يطيع شريعة
الله من كل قلبه، لكنه لا يحسب ذلك من باب الاستحقاق، بل مما يجب عليه.

8 – ما هي فوائد التبرير؟

*
(1) رفع الدينونة وإرجاع المؤمن إلى رضى الله كأنه بارٌ، وهذا يشمل غفران كل
خطايانا، وتمام المصالحة بيننا وبين الله (رو 5: 1 و8: 1 و2كو 5: 19). ويتم
التبرير مرة واحدة، فهو ملجأٌ دائم للخاطئ يلجأ إليه دائماً بالاعتراف بخطيته وطلب
مغفرتها. وأساس رجاء المغفرة الدائمة لا يزول، وهو التبرير. وما يجريه الله على
المتبرر من الأتعاب والبلايا ليس على سبيل قصاص النقمة والدينونة، بل من باب
التأديب لتنميته وتقديسه، وله المغفرة من الله دائماً عند إتيانه إليه بالاعتراف
والتوبة.

(2)
يقين الحياة الأبدية، لأن المتبررين جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع (غل
3: 26) وهم ورثة الله ووارثون مع المسيح (رو 8: 17). فقد اشترى المسيح للمؤمنين
الحقيقيين ببره حقوق الحياة الأبدية. وبما أن المسيح قد أوفى عن المؤمنين كل مطالب
الشريعة، لم يبق عليهم إلا التخلص من دينونتها، ونوال فوائد إتمام مطالبها. فعمل
المسيح صخر الدهور، وبره رجاءٌ لا يفنى.

9 – ما هي الاعتراضات على تعليم التبرير بالإيمان، وما هو الرد
عليها؟

*
(1) الاعتراض أن التبرير يقود إلى إهمال الصلاح والتمادي في الإثم، لأنه إذا لم
تكن الأعمال الصالحة ضرورية للتبرير فلا لزوم لها، وإذا كان الله يقبل الخاطئ
كبارٍّ لمجرد شرط الإيمان بالمسيح، فما هي الفائدة من الصلاح؟ ولماذا لا نعيش
بالخطية لكي تكثر النعمة؟ وقد جاوب بولس على هذا الاعتراض وردَّ عليه في رومية 6،
7 بما يأتي: (أ) هذا الاعتراض من باب المغالطة لأن الكلام على “الخلاص في
الخطية” خطأ مثل الكلام على “الحياة في الموت”. فكيف يمكن أن يخلص
البشر من الخطية لكي يعيشوا فيها؟ أو كما قال الرسول “نحن الذين متنا عن
الخطية، كيف نعيش بعد فيها؟” (رو 6: 2). (ب) الإيمان الذي يؤكد تبريرنا يؤكد
أيضاً الأعمال الصالحة التي هي ثمره الضروري، ويؤكد حسبان بر المسيح حلول الروح
القدس فينا والسلوك الذي يتفق معه. فمن يعش في الخطية يُعلن أنه غير مؤمن بإيمان
التبرير. (ج) يقترن الإيمان للتبرير دائماً بالانتقال من عبودية الخطية إلى حرية
الطاعة لله، فيستحيل أن يعيش المؤمن في الخطية كما يستحيل أن يكون أحد عبداً
لسيدين في وقتٍ واحد. فنحن صرنا أحراراً لا لنخطئ بحريتنا، بل قد تحررنا من عبودية
إبليس ودخلنا في حرية أولاد الله.

فالتبرير
بالإيمان لا يُفضي إلى التهاون مع الخطية، لأن نتيجته الضرورية هي الاجتهاد في
الصلاح. وإلا فلا يكون الإيمان حياً، والتبرير لم يتم، والخاطئ لم يزل في عبودية
الفساد خادعاً نفسه بالاعتقاد الباطل.

(2)
مستحيلٌ أن يصرح الله بأن الخاطئ بارٌ. ونجيب على ذلك أن الله لا يصرح أن الخاطئ
بارٌ ببر الخاطئ الذاتي، بل ببرٍ خارجي يُحسَب له، فلا مكان لهذا الاعتراض.

(3)
بر المسيح غير كافٍ لتبرير جميع الخطاة الذين يؤمنون. والجواب على ذلك أن بر
المسيح هو بر اللاهوت المتجسد، وله قيمة غير متناهية. فهذا الاعتراض باطل.

(4)
لا يزال المؤمنون يخطئون، ولذلك لا يستحقون التبرير. ونجيب: لو كان أساس التبرير
حال المؤمنين الذاتية الأخلاقية لما استحقوا التبرير، لا أولاً ولا آخراً. لكن
أساس تبريرهم خارج عنهم وثابت، وهو بر الفادي، ولذلك لا دينونة على الذين هم في
المسيح يسوع (رو 8: 1) وكل مؤمن يعترف أنه غير مستحق. على أن شعور المؤمن بعدم
استحقاقه لا يناقض تعليم الكتاب أن العدل استوفى حقوقه من المسيح نائبه والمحامي
عنه. ويجب التمييز بين الاستحقاق الذاتي الداخلي في الإنسان والاستحقاق الشرعي
المحسوب له من خارج، أي بين البراءة الذاتية والتبرير أمام الشريعة. فيمكن أن
المؤمن يتبرر من خطيته أمام الشريعة، وإن لم يزل غير مبرَّر وبلا استحقاق باعتبار
حالته الأخلاقية الذاتية. فلا قوة لهذا الاعتراض، لأن عدم استحقاق الخاطئ ذاتياً
لا يمنع تبريره بناءً على استحقاق غيره أي المسيح.

(5)
ليس في تعليم التبرير بالإيمان ما يمنع الإنسان عن ارتكاب الخطية ويحثه على
الصلاح. ونجيب: ليس هذا صحيحاً، لأننا نجد في هذا التعليم ما يذكّرنا بكفارة
المسيح ومحبة الله لنا ونعمته المجانية وعدله الثابت الذي ظهر في أنه طلب موت
المسيح كفارة لخلاص الخطاة، وفيه أيضاً ما يضرم فينا نار المحبة والشكر لمخلّصنا،
ويحثنا على التوبة عن خطايانا والقيام بمطالبه. وفيه أيضاً التنشيط العظيم للخاطئ أن
يطيع ربه، لأن قبوله عند الله مؤكد بواسطة بر المسيح (1كو 15: 58). وهذا الاعتراض
خلاف الواقع، لأن المؤمن المتبرر هو المجتهد في الطاعة والحياة اللائقة. لأنه إذ
يعترف أن خلاصه بالنعمة وتبريره بالإيمان يعترف أيضاً أن تلك النعمة تعلّمه أن
ينكر الفجور والشهوات العالمية ويعيش بالتعقُّل والبر والتقوى في العالم الحاضر
(تي 2: 12).

10 – ما هو التبنّي؟

*
يُدعى البشر أبناء الله بمعنيين: (1) بأنهم مخلوقون على صورة الآب السماوي خالق
البشر. (2) بأن المؤمنين منهم رجعوا إلى أبيهم بالتوبة والإيمان، ونالوا ثانية
نصيب البنين بواسطة النعمة في المسيح. ومعنى التبني (بحسب الكتاب المقدس) هو
المعنى الثاني، فالآب المحب الرؤوف يقبل الابن الضال الذي رجع إليه بالتوبة، ويردّ
له جميع حقوق البنوية وإنعاماتها، وكل ذلك لأجل المسيح. فالخاطئ الضال يتجدد ثم
يرجع إلى الله أبيه بالإيمان والتوبة، فيتبرر حالاً، وحينئذ يستقبله الله ويكلله
بمحبته الأبوية ويُرحب به، ويُعيّن له نصيب الابن، فيسكن الابن ببيت أبيه متمتعاً
بحقوق البنوَّة وبركاتها، ويتم بذلك ما يُسميه الكتاب “التبني”. ولم ترد
هذه الكلمة إلا في رسائل بولس، وقد استعارها من مصطلحات الشريعة الرومانية،
واستعملها إشارة إلى ثلاث حالات: (أ) حالة بني إسرائيل في العهد القديم، كما قيل “الذين
هم إسرائيليون ولهم التبني” (رو 9: 4). والإشارة في ذلك إلى اختيار بني
إسرائيل من بين الأمم ليكونوا شعب الله الخاص. و(ب) حالة المؤمنين بالمسيح، أولاد
الله بالإيمان، كقوله “لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع”
(غل 3: 26). وقوله “أرسل الله ابنه.. ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني”
(غل 4: 5). وقوله “الله سبق فعيّننا للتبني بيسوع المسيح” (أف 1: 5).
و(ج) حالة أولاد الله في حصولهم على كمال نصيبهم في ملكوت المجد عند دخولهم بيت
أبيهم السماوي، كقوله “نئنُّ في أنفسنا متوقّعين التبنّي فداءَ أجسادنا”
(رو 8: 23). وهي بهذا المعنى مرادفة لقول المسيح في التجديد “متى جلس ابن
الإنسان على كرسي مجده” (مت 19: 28).

ولنا
أن نفهم معنى هذه الكلمة: (أ) باعتبار أن العمل عمل الله و(ب) باعتبار أنه نصيب
الإنسان. فباعتباره عمل الله، هو عمل الآب السماوي بناءً على فداء المسيح بواسطة
الروح القدس الذي سُمِّي “روح التبني” (رو 8: 15) وذلك الروح نفسه يشهد
لأرواحنا أننا أولاد الله (رو 8: 16). وباعتباره نصيب الإنسان ليس هو البنوة
المختصة بالملائكة وبأبناء جنسنا كلهم من حيث أنهم أولاد الخالق العظيم، وليست هي
البنوة القائمة بتشبُّه الإنسان بالله بواسطة التقديس، بل هي بنوة المختارين
المؤمنين الراجعين إلى الآب السماوي الذي يُرحب بهم كشعبه الخاص، فيحصلون على تمام
رضاه، ويرثون جميع مواعيده، ويسكنون تحت حمايته، ويتوقعون ذلك النصيب الذي لا يفنى
ولا يضمحل.

11 – ما هي الفوائد الجزيلة المقترنة بالتبني؟

*
(1) حق الاقتراب إلى الآب السماوي بثقة البنين، كقوله “إذ لم تأخذوا روح
العبودية أيضاً للخوف، بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب” (رو 8:
15).

(2)
نوال حرية البنين، لأننا افتُدينا من تحت الناموس لننال التبني (غل 4: 5). فصار
الناموس لنا ناموس الحرية لا العبودية، وصارت طاعتنا طاعة البنين لا العبيد. على
أن الطبيعة الساقطة لم تتحرر تماماً في هذه الحياة من عبودية الفساد، بل تتوقع
التبني الكامل، أي فداء أجسادنا عند القيامة الأخيرة (رو 8: 23).

(3)
امتياز اختيار الله للذي نال التبني ليعطيه الحياة الأبدية، لأن المُتبنَّي هو
المختار، بدليل قوله “الذي عيّننا للتبني لنكون مشابهين صورة ابنه، ليكون هو
بكراً بين إخوة كثيرين” (أف 1: 5 ورو 8: 29). والمتبنُّون أعزاء على الله
الذي اختارهم في المسيح ليكونوا إخوة المسيح في بيت الآب العظيم.

(4)
نوال إرشاد الروح القدس، وحلوله فينا، فإن الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم
أبناء الله (رومية 8: 14). ويرشد الروح القدس كل مؤمن ويعزيه ويعينه، فالروح هو
نائب المسيح، بل هو روح المسيح نفسه.

(5)
نوال خيرات الآب السماوي وتأديباته الأبوية وحمايته الخاصة وتعزياته الثمينة. وكل
ذلك ليحفظنا ويربّينا وينمي الفضائل الروحية فينا ويجهزنا للحياة الأبدية (يو 14:
18 و1كو 3: 21 و23 و2كو 1: 4 وعب 12: 5-11).

(6)
نوال ميراث القديسين المجيد المحفوظ في السماء لأجلنا، حسب قوله “من يغلب يرث
كل شيء، وأكون له إلهاً وهو يكون لي ابناً” (رؤ 21: 7 قارن أيضاً رو 8: 17
ويع 2: 5 و1يو 3: 2 و1بط 1: 4 و3: 7 وعب 3: 14 ورو 8: 23 وفي 3: 1). فطوبى لأبناء
الآب السماوي الذين أنعم عليهم بالتبني في المسيح فادينا العزيز.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى