علم الله

الفصل التاسع



الفصل التاسع

الفصل
التاسع

إعلان
الله النهائى فى المسيح

 

بعد
أن أعلن الله عن ذاته وإرادته كما يقول الكتاب “بأنواع وطرق كثيرة” مثل
الظهورات الإلهية بأنواعها والظهورات الملائكية بأنواعها والأحلام والرؤى وحلول
الروح القدس على الأنبياء والرسل، يقول الكتاب أيضا “كلمنا … فى ابنه الذى
جعله وارثاً لكل شئ الذى به أيضا عمل العالمين الذى وهو بهاء مجده ورسم جوهره
وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس فى يمين
العظمة فى الأعالى صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث أسماً أفضل منهم(141)“.

مقالات ذات صلة

أخيراً
كلمنا الله فى أبنه مباشرة . وأبن الله هو كلمة الله الذى هو الله، صورة الله غير
المنظور، بهاء ومجده ورسم جوهرة، نطق الله الذاتى وعقله الناطق “فى البدء كان
الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان فى البدء عند الله. كل شيء
به كان وبغيرة لم يكن شيء مما كان فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس. والنور
يضيء فى الظلمة والظلمة لم تدركه . . . والكلمة صار (أتخذ) جسداً وحل بيننا ورأينا
مجدة مجداً كما لوحيد من الأب مملوء نعمة وحقاً. . .الله لم يره أحد قط الابن
الوحيد الذى فى حضن الأب هو خبر”، “أخبر عنه(142)“،
فى الوقت المحدد لمشورة الله الأزلية “فى ملء الزمان ” “ظهر الله
فى الجسد”:

·       
“ولما جاء ملء الزمان أرسل الله أبنه
مولوداً من امرأة” (غل4: 4)

·    “الذى
إذا كان فى صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون مساوياً لله لكنه أخلى نفسه أخذاً صورة
عبد صائراً فى شبه الناس. وإذ وجد فى الهيئة كإنسانٍ وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت
الصليب” (فى 5: 2-7).

·       
“لأنى قد نزلت من السماء” (يو 38: 6).

·    “أما
أنا فمن فوق … أما أنا فلست من هذا العالم”، “الذى يأتى من فوق هو فوق
الجميع … الذى يأتى من السماء هو فوق الجميع” (يو 32: 8؛ 31: 3). وبظهوره
فى الجسد وحلوله بين البشرية صار مرئياً من الملائكة والبشر:

·    “عظيم
هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد تبرر فى الروح تراءى لملائكة كُرز به بين الأمم
أؤمن به فى العالم رُفع فى المجد” (1تى 16: 3).

·    “أنا
هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتى إلى الآب إلا بى. لو كنتم عرفتمونى لعرفتم
أبى أيضا. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه … الذى رآنى فقد رأى الآب … إنى فى
الآب والآب فى” (يو 6: 14-9،11).

·    “الذى
كان من البدء الذى سمعناه الذى رأيناه بعيوننا الذى شهدناه ولمسته أيدينا من جهة
كلمة الحياة. فإن الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التى كانت
عند الآب وأظهرت لنا” (يو 1: 1،2).

وبظهوره
فى الجسد أعلن عن ذات الله وإرادته بصورة أكثر إيضاحاً وتفصيلاً، لأنه تكلم فيما
له “كل شئ قد دُفع إلىّ من أبى. وليس أحد يعرف الابن إلا الآب. ولا أحد يعرف
الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له(143)“،
“أنا أعرفه لأنى منه(144)“، “كما أن
الآب يعرفنى وأنا اعرف الآب(145)“،
ومن ثم فقد كشف حقيقة الله كالآب السماوى(146)
وحقيقة تعدد الصفات الذاتية، الأقانيم، فى الذات الإلهية “وعمدوهم بأسم الآب
والابن والروح القدس(137)“، “الروح
القدس الذى من عند الآب ينبثق(148)“،
“الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب(149)“،
وإن “الله روح(150)“، كما كشف عن إرادة
الله وهدفه وغايته للبشرية وحبه اللانهائى لها “هكذا أحب الله العالم حتى بذل
ابنه الوحيد لكى لا يعلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية(151)“، “أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطان
أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون باسمه(152)“.
كما كشف عن العوالم السمائية والكائنات الروحية، فهو خالق الجميع
“العالمين” “مايُرى وما لا يُرى(+)“،
“كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئٍ مما كان(#)“.
وكشف عن دور الشيطان كرئيس لهذا العالم والكذاب وأبو الكذاب(153).
وعن الحياة الأخرى والقيامة من الأموات “لأنه فى القيامة لا يُزوّجون ولا
يتزوّجون بل يكونون كملائكة الله فى السماء. وأما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم
ما قيل لكم من قبل الله القائل أنا هو إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب. ليس الله
إله أموات بل إله أحياء(154)“، فهو القيامة
والحياة “أنا هو القيامة والحياة من آمن بى ولو مات فسيحيا وكل من كان حياً
فلن يموت إلى الأبد(155)“، والذى بيده مفتاح
الحياة والموت “ولى مفاتيح الهاوية والموت(156)“.
وكشف أسرار المجيء الثانى والدينونة باعتباره الديان “لأن الآب لا يدين أحد
بل قد أعطى كل الدينونة للابن … فإنه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين فى القبور
صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى
قيامة الدينونة(157)“.

هذا
الإعلان الأخير هو إعلان الله النهائى كقوله “الله بعدما كلم الآباء
بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا فى هذه الأيام الأخيرة فى ابنه”.

وقول
السيد المسيح فى مثل الكرم والكرامين عن الله “وأخيراً أرسل ابنه(158)“. لأن المسيح باعتباره الله الظاهر فى
الجسد، صورة الله غير المنظور، وكلمة الله الذاتى، هو خالق الجميع ورب الجميع
والأعظم من الجميع وكان تجسده وظهوره فى الجسد وحلوله بين البشرية هو قمة وغاية
الإعلان الإلهى، ومع ذلك فقد استمرت جميع طرق وأنواع ووسائل الإعلان الإلهى الأخرى
مع التلاميذ والرسل والكنيسة ككل بالروح القدس الذى يرسله الابن من الآب، وأصبحت
الظهورات الإلهية ظهورات للمسيح الممجد الجالس عن يمين العظمة فى السموات سواء
كانت ظهورات شخصية أو فى الرؤى والأحلام فهو الذى يدير الكون “فيه يقوم الكل(+)“، “حامل كل الأشياء بكلمة بكلمة قدرته(*)” بروحه القدوس، والذى قال “وها أنا
معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر”.

 

(141)
عب 1: 1-4

(142)
يو 1: 1-3،14،18

(143)
متى 27: 11

(144)
يو 29: 7

(145)
يو 15: 10

(146)
متى 48: 5

(137)
متى 19: 28

(148)
يو 26: 15

(149)
يو 18: 1

(150)
يو 24: 4

(151)
يو 16: 3

(152)
يو 12: 1

(+)
كو 17: 1

(#)
متى 20: 28

(153)
يو 31: 12؛ 30: 14؛ 11: 16

(154)
متى 32: 22

(155)
يو 26: 11

(156)
رؤ 18: 1

(157)
يو 20: 5،29

(158)
متى 37: 21

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى