علم الكنيسة

التعامل مع المبتدع



التعامل مع المبتدع

التعامل
مع المبتدع

 تعطينا
رسالة تيطس 3: 10 و 11 صورة التأديب الذي ينبغي ممارسته مع الشخص المبتدع
“الرجل المبتدع بعد الإنذار مرة ومرتين أعرض عنه، عالماً أن مثل هذا قد انحرف
وهو مخطئ محكوماً عليه من نفسه”.

 

 وكلمة
“مبتدع” في اليونانية تحمل معنى “اختيار، مسار للعمل أو للتفكير،
عنيد”. إذاً فالشخص الذي يختار طريق تفكير خاص، ويتمسك به بعناد، هو شخص
مبتدع. ففي إرادة ذاتية يصر على آرائه الشخصية وتعاليمه التي يعتد بها مكوناً
جماعة من الذين يدعمون وجهة نظره. وهذا النوع خطر جداً بين الجماعات، إذ بسببه
تنجم الانشقاقات. قد يكون المبتدع سليم الرأي في التعاليم الأساسية ومع هذا فإنه
بآرائه الخاصة ووجهات نظره المحددة يكوّن حزباً، يكون هو نفسه مركزه.

 

 وفي
تاريخ الكنيسة كان أي شيء يضاد الإيمان القويم يعتبر بدعة. أما المعنى الحقيقي
للكلمة “بدعة” فهو الإرادة الذاتية. إذ أنها حيثما تعمل يكون تأثيرها هو
إحداث الانشقاق أو تكوين طائفة في الكنيسة.

 

 والشخص
المبتدع يجب أن ينذر مرة أو مرتين، ليفهم بخطورة خطيته، ويحذر من النتائج الوخيمة.
فإذا لم يأت هذا الإنذار المزدوج، من روحه المبتدعة وسلوكه الحزبي، بالنتائج
المرجوة، فإنه يجب أن يعرض عنه ويتجنب. لأنه بتكرار رفضه الخضوع للإنذار يكون قد
أظهر حالته الحقيقية: لقد انحرف مبتعداً عن الطريق القويم، لقد أخطأ، لقد ظهرت
عليه علامات الكبرياء الروحي بوضوح فأصبح بذلك “محكوماً عليه من نفسه”.
وعدم صلاحيته للشركة أصبحت ظاهرة. ولذا يجب رفضه باعتباره صانع أحزاب في الجماعة.

 

 ولكن
لماذا لم يذكر عزل هذا الشخص عن الجماعة بصريح العبارة، باعتباره شخصاً خبيثاً، في
رسالة تيطس؟ ربما لأن رسالة تيطس وجهت إلى فرد لا إلى كنيسة. ولكن إذا كان أحد لن
يتعامل مع شخص كهذا، بل سيتجنبه الجميع فإن النتيجة ستكون بلا شك “إذا استمر
في طريقه” أنه يخرج من وسط الجماعة في نهاية المر من تلقاء نفسه. هذه الصورة
من التأديب، أما أنها ستكسر إرادته الذاتية وإما أنها ستظهر حقيقته، إذ ينسحب من
الجماعة. أما إذا استمر في الجماعة (دون تغيير طريقه)، فلا بد أن يمارس معه
التوبيخ الجهاري ويمنع عن كل نشاط جهاري في الكنيسة، ولا يحتفظ معه بأية شركة، بل
قد تتطور الحالة إلى حالة الشخص الخبيث، ويصبح لزاماً في هذه الحالة عزله عن
الجماعة بحسب ما ورد في 1 كورنثوس 5: 13.

 

 ملاحظة
وتجنب صانعي الشقاقات

 بالارتباط
الوثيق مع التعليم المتقدم بخصوص الرجل المبتدع، فإننا نقرأ في رومية 16: 17 و 18
عن صانعي الشقاقات “وأطلب إليكم أيها الإخوة أن تلاحظوا الذين يصنعون
الشقاقات والعثرات خلافاً للتعليم الذي تعلمتموه، واعرضوا عنهم. لأن مثل هؤلاء لا
يخدمون ربنا يسوع المسيح بل بطونهم، وبالكلام الطيب والأقوال الحسنة يخدعون قلوب
السلماء”.

 

 هذا
ما يصنعه الرجل المبتدع، أنه يحاول أن يجمع حول نفسه أولئك الذين يؤيدونه في آرائه.
وتكون النتيجة أن الشقاقات الداخلية في أول الأمر تؤول إلى انشقاقات خارجية في ما
بعد. إن المتذمرين سينفصلون ليكون لهم مسارهم الخاص. وأولئك الذين يعزلون أنفسهم
عن باقي أخوتهم لكي يتبعوا آراءهم الشخصية أو تعليم ما، يعتبرون صانعي أحزاب أو
بدع، ويجب أن نعرفهم لنتجنبهم. نعم يجب أن نبتعد بعيداً عنهم. فهذه هي قوة كلمة
“اعرضوا عنهم” بحسب الأصل.

 

 ربما
كان في أيام بولس أولئك الذين عملوا أحزاباً هنا وهناك. فهؤلاء إذا حضر أحد منهم
إلى رومية فإن بولس يوصي المؤمنين هناك أن يلاحظوهم وأن يبتعدوا عنهم، لأنهم لا
يخدمون الرب يسوع المسيح بل بطونهم (أي منفعتهم الشخصية) ويخدعون البسطاء.

 

 إن
المسيحي مطلوب منه أن يتجنب الإثم. ولكن إنشاء حزب أو بدعة بسبب إصرار أحدهم على
رأيه الشخصي هو أمر مخالف تماماً للتعليم الذي تعلمناه من الكتاب المقدس. فالكتاب
يعلمنا أن نجتهد لأن نحفظ “وحدانية الروح برباط السلام” (أف 4: 3).
وعليه فإنه فقط عندما لا يمكن التمسك بالبر والحق والقداسة إلا بالانفصال عن الذين
يتمسكون بالشر ويمارسونه، فإنه عندئذ فقط يكون الانفصال عن أولئك الاسميين له ما
يبرره بحسب الكتاب المقدس (2 كو 6: 14 – 18، 2 تي 2: 19 – 22).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى