اللاهوت الروحي

الفصل الخامس



الفصل الخامس

الفصل الخامس

التداريب الروحية

مقالات ذات صلة

20- فوائد التداريب الروحية

ليس الدين معلومات، ولا مجرد امتلاء من المعرفة
الدينية. فالمعرفة وحدها لا تكفى. ماذا يستفيد الإنسان إن كان يعرف كل المعلومات
عن الفضيلة دون أن يسلك فيها؟!

إننا نقرأ الكثير، ونستمع إلى الكثير. والمهم ماذا
نفعل؟

فى كل قداس، نستمع إلى فصل من الإنجيل، وقراءات
من رسائل بولس الرسول، ومن الرسائل الجامعة، ومن سفر أعمال الرسل. ونستمع أيضاً
إلى سير القديسين في السنكسار، ونستمع إلى عظة. وإن حضرنا رفع بخور باكر، ورفع
بخور عشية،نستمع إلى عظة. وإن حضرنا رفع بخور باكر، ورفع بخور عشية، نستمع إلى
فصول أخرى من الكتاب، بالإضافة إلى ما نقرؤه في بيوتنا وفى الاجتماعات الروحية..
ولكن ما تأثير كل ذلك على حياتنا العملية؟ هل اكتفينا الاجتماعات الروحية.. ولكن
ما تأثير كل ذلك على حياتنا العملية؟ هل اكتفينا بالمعرفة؟ أم اهتممنا بأن نحول
تلك المعرفة إلى حياة، حسب قول السيد المسيح له المجد ” الكلام الذي أقوله
لكم هو روح وحياة ” ” (يو6: 63). كيف يكون ذلك التحويل:

 

بالتداريب الروحية، تتحول المعرفة إلى ممارسة.
وتتحول المعلومات إلى عمل.

كذلك نلاحظ أن كثيرين يترددون على الكنيسة،
ويعترفون ويتناولون، وربما يخدمون أيضاً. ولكنهم مع ذلك لهم ضعفات ثابتة، تكاد تصل
إلى مستوى الطباع، مستمرة معهم على مدى سنوات طويلة!! فلماذا؟.. لعل السبب في ذلك
أنهم لم يضعوا تلك الضعفات موضع الاهتمام الخاص، بأن يدربوا أنفسهم على تركها،
ويلاحظوا مدى تنفيذ التدريب..

و بنفس الأسلوب نقول إن هناك كثيرين لهم خطايا
يكررونها في كل اعتراف. اكتشفوها، وعرفوها، واعترفوا بها. ومع ذلك استمروا فيها.
ذلك لأنهم لم يدربوا أنفسهم عملياً على تركها.

 

و من هنا كانت أهمية التدرايب الروحية: تدخل بها
الإنسان في مواجهة عملية مع نفسه: إما لترك خطاياه، أو لاكتساب فضائل، أو للنمو
روحياً..

 

يحول بها المعرفة الروحية إلى حياة. وكذلك أيضاً
يحول بها الاشتياقات الروحية إلى حياة روحية.

 

و في التدريب العملى: يعرف حقيقة نفسه، ومن أين
يأتيه الخطأ، أسبابه ومصادره. ويدخل في طريق المقاومة. ويعرف العقبات وأسلوب
الانتصار عليها. ولا يقف عند حد المعرفة، ولا حتى عند حد العاطفة الدينية الداخلية.

 

و في التداريب يجاهد مع نفسه، ومع الله..

يستمع إلى توبيخ الرسول وهو يقول ” لم
تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية ” (عب 12: 4). فيقاوم نفسه ويصارع.
وفى ذات الوقت لا يعتمد على ذراعه البشرى، إنما يمزج التداريب بالصلاة طالباً
معونة من فوق، حسب قول الرب لنا ” بدونى لا تقدرون أن تعملوا شيئاً ”
(يو 15: 5). وفى ذلك كله يضع نفسه وتداريبه تحت إشراف روحى من مرشد حكيم مختبر،
لأن الكتاب يقول ” وعلى فهمك لا تعتمد ” (أم 3: 5).

 

و الكتاب المقدس يقدم لنا أمثلة من التداريب.

هوذا القديس بولس الرسول يقول ” تدربت أن
أشبع وأن أجوع. أن استفضل وأن أنقص ” (فى 4: 12). وقال أيضاً ” قد صارت
لنا الحواس مدربة ” (عب 5: 14).

 

* الله درب قديسه:

* قيل عن موسى النبى ” وكان موسى حليماً
جداً، أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض ” (عد 12: 3). فهل تظنون أنه
ولد هكذا؟! كلا، بل إنه بدأ حياته في الخدمة شديداً عنيفاً، حينما قتل الرجل
المصرى وطمره في الرمل (خر2: 12). ولكن الله أخذه على البرية، ودربه في عمل الرعى
على اللطف والهدوء والوداعة، على مدى أربعين عاماً، حتى وصل إلى ما وصل إليه..

 

* هل تظنوا أن يوحنا الحبيب بدأ حياته هكذا بما
عرف عنه من حب، حتى أنه قال ” الله محبة. من يثبت في المحبة، يثبت في الله
والله فيه ” (1يو4: 16). كلا. بل كان هو وأخوة يعقوب شديدين، تربيا في مدرسة
يوحنا المعمدان الشديد، الذي كان يوبخ في عنف (مت 3: 7 –11). وقد لقبها الرب
” بوانرجس ” أى ” أبنى الرعد ” (مر 3: 17).

 

و هما اللذان لما رفضت إحدى قرى السامريين أن
تقبل الرب، لأن وجهه كان متجهاً نحو أورشليم، قالا له ” أتريد يا رب أن تقول
أن تنزل نار من السماء فتفنيهم كما فعل إيليا أيضاً؟”. فانتهرها الرب وقال
لهما ” لستما تعلمان من أى روح أنتما. لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس
الناس، بل ليخلص ” (لو 9: 52- 56)

و لكن الرب أخذ يدرب ابن الرعد، حتى تحول إلى
شعلة من حب. وبدايته لم تكن هكذا.

 

كذلك القديسون لم يصلوا إلى درجاتهم العالية
دفعة واحدة، بل تدربوا حتى وصلوا.

تدربوا بجهاد وتعب، وعلى مدى زمنى. فلا يجوز أن
نأخذ ما كتب عن قممهم الروحية كأنه نقط بدء!! ولا نبدأ نحن بما وصلوا إليه في
نهاية جهادهم، بل نتدرج.

 

* أرسانيوس العظيم، في بدء رهبنته، كان يخطئ في
طريقة تنقية الفول التي يعرفها ذلك المصرى الأمى، حتى أخذ درساً وقال ” هذا
القلم على خدك يا ارسانى ” وبالتدريب والمدى الزمنى، وصل إلى ما وصل إليه من
قداسة.

 

* و موسى الأسود الذي شاده أحد الآباء في رؤياء،
والملائكة يطعمونه شهد العسل، لم يصل إلى حياة المحبة والخدمة والوداعة وإضافة
الغرباء دفعة واحدة، بل حينما بدأ كان منظره مخيفاً. وظل القديس إيسيذورس يدربه،
حتى وصل إلى ما وصل إليه من قداسة واحتمال.

 

حتى في مجال الخدمة، درب الرب تلاميذه أيضاً.

أرسلهم في تدريب عملى. ورجعوا إليه فعرضوا نتائج
خدمتهم. وكانوا فرحين لأن الشياطين تخضع لهم باسمه!! فصحح لهم هذا الخطأ، قال لهم
” لا تفرحوا بهذا.. بل افرحوا بالحرى أن أسماءكم قد كتبت في السموات ”
(لو 10: 17- 20).

كذلك دربهم على أمر آخر، وهو عدم الاهتمام بمن
يكون الأول فيهم. وقال لهم ” لا يكون هكذا فيكم. بل من أراد أن يكون فيكم
عظيماً، فليكن لكم خادماً. ومن أراد أن يكون فيكم عظيماً، فليكن عظيماً، فليكن لكم
خادماً. ومن أراد أن يكون فيكم أولاً، فليكن لكم عبداً. كما أن ابن الإنسان لم يأت
ليخدم، بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين ” (مت 20: 26 – 28).

 

* نصائح فى التدريب:

 لهذا
كله، ينبغى علينا ألا نكتفى بالمعرفة الدينية، بل نهتم بالأكثر بالعمل، مدر بين
أنفسنا على تنفيذ الوصايا.

 

إن الرب بعد أن ألقى العظة على الجبل، ختمها
بقوله: ” كل من يسمع أقوالى هذه ويعمل بها، أشبهه برجل عاقل بنى بيته على
الصخر.. وكل من يسمع أقوالى هذه ولا يعمل بها، يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل
” (مت 7: 24 – 26). وهكذا ركز الأهمية على العمل بما نسمع. وأكد هذا بقوله
أيضاً ” وليس كل من يقول لى يا رب يارب يدخل ملكوت السموات، بل الذي يعمل
إرادة أبى الذي في السموات ” (مت 7: 21). وهكذا يصلى الكاهن في أوشية الإنجيل
” اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة بطلبات
قديسيك”. إذن فلنتدرب لكى نعمل بوصاياه وتعليم الإنجيل.

 

* دلائل التداريب:

التداريب الروحية تدل على أن صاحبها سهران على
خلاص نفسه. يكتشف أخطاءه وتقائصه، ويتدرب على تفاديها.

 

 لابد
إذن أن تكتشف أخطاءك، أو الأخطاء التي يكشفها لك غيرك. لأنه بدون اكتشاف أخطائك،
لا يمكنك أن تدري نفسك على تركها، إذ ” لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى
” (مت 9: 12). فلا تتضايق إذن ممن يظهر لك عيباً فيك استفد من هذا الكشف لكى
تتدرب على التخلص من ذلك العيب.. بل أنت نفسك حاول أن تفحص نفسك جيداً في ضوء
وصايا الله لتكشف عيوبك.

 

و أحذر من تبرير النفس والتماس الأعذار لأخطائك.

فالذى يبرر نفسه، يبقى دائماً حيث هو، لا يصلح
من ذاته شيئاً، لأن ذاته جميلة في عينيه بلا عيب!! أم الذي يحاسب نفسه بدقة، ولا
يعذر نفسه مطلقاً مهما كانت الظروف، فهذا هو الشخص الذي يمكنه أن يتخلص من عيوبه،
معترفاً أمام ذاته بنقائصه.

 

إن كنت تستحى من أن يكشف لك الغير خطأ فيك،
فلاشك أنك لا تستحى من نفسك بنفس القدر!!

فاجلس إلى ذاتك، وكن صريحاً من نفسك إلى أبعد
الحدود وحاول أن تطرق نقط الضعف التي فيك، والتى تكشفها لك القراءة الروحية، أو
تدركها من سماعك لبعض العظات التي تشعر أنها تمس حياتك.

 

ولو أنك دربت نفسك كل أسبوع، أو حتى كل شهر على
مقاومة نقطة ضعف واحدة، لأمكنك في عام واحد أ، تتخلص من 12 نقطة ضعف. وثق أن
الخطايا يرتبط بعضها بالبعض الآخر. بحيث أن تخلصك من خطية معينة، قد يخلصك من
خطايا أخرى عديدة.

 

كما أن تدربك على فضيلة معينة، وبخاصة لو كانت
من الفضائل الأمهات، ستقودك إلى فضائل أخرى ما كنت قد وضعتها في تدريبك. فالفضائل
أيضاً مرتبطة ببعضها البعض، كحلقات في سلسلة واحدة.

 

وسأعطيك مثالاً هنا لارتباط الفضائل.

لنفرض أنك دربت نفسك يوماً على الخلوة، ستجد
نفسك محتاجاً أن تشغل نفسك أثناء الخلوة حتى لا تمل. وهكذا ستلجأ إلى القراءة
حيناً، وإلى الصلاة حينا آخر، أو إلى الترتيل، أو الحفظ: حفظ مزامير أو قطع من
الأجبية أو آيات من الإنجيل. وربما يدعوك هذا إلى التأمل في هذه الآيات.. وهكذا
تجد أن تدريباً على الخلوة جر وراءه فضائل عديدة.. أو مثلاً دربت نفسك يوماً على
الصمت، ستجد نفسك محتاجاً بالضرورة إلى أن تشغل ذهنك بشئ نافع، حتى لا تسرح فيما
لا يليق. وهكذا سيقودك الصمت إلى الصلاة أو التأمل، أو تشغل نفسك بالقراءة.. تدريب
واحد يجر وراءه تداريب عديدة.

 

21- ملاحظات حول التداريب الروحية، وكراسة
التدريبات

ثق أنك إن بدأت، لابد ستبدأ النعمة معك:

الله لا يتركك وحدك في تداريبك، بل سيعمل معك.
لأنك بالتدريب أظهرت أمك جاد وملتزم بالسلوك في الحياة مع الله. وهذا الشعور
ستتجاوب معه المعونة الإلهية. وإن كان الشيطان يحاول أن يحاربك لتكسر التدريب، فإن
النعمة سوف تسندك لتنجح فيه. المهم أنك لا تتراجع ولا تتراخى ولا تكسل. بل تكون
حازماً مع نفسك..

 

و إن دربت نفسك على فضيلة، فاعلم أن الثبات في
الفضائل أهم بكثير من اقتنائها.

لأنه ما أسهل تسير في فضيلة ما يوماً أو يومين
أو ثلاثة أو أسبوعاً.. ولكن المهم أن تستمر، حتى تصبح هذه الفضيلة عادة فيك، أو
تتحول إلى طبع، وهكذا تحتاج التداريب إلى مدى زمنى طويل لكى ترسخ في أعماق النفس.
وكما قال ماراسحق إن كل تدبير لا تثبيت فيه زمناً، يكون بلا ثمر..

 

ذلك لأن الزمن والاستمرارية هما المحك العملى
لمعرفة عمق الفضيلة فيك. والوقت أيضاً يعطى فرصة لاختيار المعوقات التي تقف ضد
التدريب وطريقة النصرة عليها.

لهذا، فإن القفز السريع من تدريب إلى آخر، لا
يفيد روحياً.

كثيرون يريدون أن يصلوا إلى كل شئ، في أقل فترة
من الوقت. فتكون النتيجة عدم الوصول إلى شئ..!! أو أنهم يضعون أمامهم تداريب عديدة
في نفس الوقت بحيث ينسون بعضها، أو لا يستطيعون التركيز عليها جميعاً. أما أنت
فاسلك في تداريبك بحكمة، شيئاً فشيئاً، لكى تصل. وهنا أضع أمامك بعض الملاحظات.

 

* ليكن التدريب محدداً وواضحاً.

فلا تقل أدرب نفسى على المحبة بينما القديس بولس
الرسول يضع لهذه المحبة حوالى 14 عنصراً في (1كو13). يمكنك الاكتفاء بعنصر واحد
تركز عليه. ولا تقل إنى أريد أن درب نفسى على حياة التواضع، أو الوداعة، أو
الإيمان. بينما تكون كل كلمة من هذه غير واضحة في تفاصيلها أمامك. وهكذا لا تفعل
شيئاً.. إنما قل مثلاً أريد في حياة الاتضاع أن أدرب نفسى على أمر واحد فقط، هو
أنى لا أمدح ذاتى. فإن أتقنت هذا، تقول: ادرب نفسى على أنى أسعى وراء مديح الناس
فإن أتقنت هذا، تقول أتدرب على شئ آخر، وهو إن مدحنى أحد، أتذكر في الحال خطاياى
وتقصيرى، وأبكت ذاتى من الداخل.

 

البعض يضع لنفسه تدريباً فوق مستوى إرادته، أو
لا تساعد عليه ظروفه. أو يقفز في التدريب إلى مستوى درجة عالية لا يستطيع
الاستمرار فيها، وقد تصيبه بنكسة فيما بعد ترجعه إلى الوراء خطوات. فمثلاً، لا تضع
لنفسك تدريباً في الصوم فوق احتمال صحتك، ولا تدريباً في الصمت لا يتفق مع ظروف
عملك ومقابلاتك، وظروف بيتك، لا تدريباً في الصلاة أو في الخدمة لا يسمح به وقتك..

 

* و يمكن أن تتدرج في التدريب، بحيث لا تأخذ في
كل مرة إلا حزءاً واحداً من تفاصيله.

 

من الصعب مثلاً أن تدرب نفسك على الصمت، في حياة
المجتمع الذي تضطر فيه بالضرورة إلى الكلام. ولكنك قد تتدرج فتقول: أدرب نفسى على
عدم الإطالة في الحديث. فما يحتاج إلى كلمة، لا أقول فيه جملة (. وما يحتاج إلى
جملة، لا ألقى فيه محاضرة. وإن فهم محدثى ما أريد، لا داعى لأن أزيد..

 

فإن أتقنت هذا، تقول: لا أبدأ الكلام إلا لضرورة.
ثم تدخل في تدريب آخر، وهو البعد عن الصوت الحاد، وعن الصوت العالى، وتقول أدرب
نفسى على ” الصوت المنخفض الخفيف ” (1مل 19: 12). ثم تدخل في مقاومة
أخطاء اللسان واحدة فواحدة. إلى أن تصل إلى حسن الكلام. وحينئذ إن بعدت عن الصمت،
تصل إلى النقطة التالية وهو حسن الكلام، فلا تخطئ. لأن هناك من ينطبق عليه المثل
القائل: سكت دهراً ونطق كفراً!!

 

* و لتكن تداريبك من صميم حياتك العملية
الواقعية.

فما يصلح لغيرك من تداريب، قد لا يصلح لك أنت.
أما تداريبك فليكن مصدرها مقاومة أخطائك الخاصة، وتقصيراتك الروحية، وما يناسبك في
حياة الفضيلة بحسب قامتك الروحية. وتداريبك يجب أن تتفق مع حياتك وظروفك الداخلية
والخارجية.

 

# كراسة التدريبات:

* ولتكن لك كراسة خاصة بالتدريبات.

تكتب فيها التدريب، وآية أو ضع آيات من الكتاب
تشجعك، وتحثك على هذا التدريب بالذات. واحفظ هذه الآيات ورددها باستمرار، لكى تكون
حاضرة في ذهنك كلما حوربت بشئ ضد ما تدرب نفسك عليه. وتذكر أيضا قصص القديسين
الذين كانوا أمثلة عليا في الفضيلة التي تدرب نفسك عليها.

 

* و إن سقطت في تدريبك في وقت ما، اعرف أسباب
السقوط، وحاول أن تتحاشاها فيما بعد.

و هكذا تأخذ خبرة روحية في كل ممارساتك، وتعرف
حروب العدو وطريقة الانتصار عليها. حتى أن البعض – بهذه التدريبات – صاروا مرشدين
لغيرهم. كالأم التي جربت الحياة، وتستطيع أن تنصح ابنتها بنصائح عملية تفيدها.

 

* وحاول أن تستفيد من فشلك احياناً في تداريبك.

ليكن ذلك سبباً في اتضاعك وشعورك بالضعف، حتى لا
تتكبر نفسك بتوالى النجاح.

 وأيضاً
ليكن ذلك سبباً يدعو إلى الاشفاق على الضعاف والمخطئين. ولتكن سقطاتك موضوعاً
لمطانيات أمام الله تقدم فيها انسحاق قلبك ولتكن مجالاً لصلوات ترفعها إلى الله
ليمنحك قوة ونعمة.

 

# جهاد:

و بعد، فإن التداريب في صورتها الظاهرة، هى جهاد
للوصول إلى نقاوة القلب، حتى يستحق سكنى الله فيه. ولكنها ليست مجرد جهاد، وإنما
هى طلبة مقدمة إلى الله ليتدخل. وكيف؟

 

كثيرون يقدمون لله رغباتهم الروحية في أسلوب
نظرى، في مجرد مشاعر القلب أو كلام في الصلاة. أما التداريب الروحية فهى رغبات
تقدم إلى الله بأسلوب عملى..

 

هى جهاد عملى صارخ إلى الله لكى يتدخل ويمنح من
عنده النصرة لهذا الجهاد.. والله هو العامل فينا أن نريد وأن نعمل من أجل المسرة
(فى 2: 13).. المسرة في أن يتمجد اسمه فينا كلما ننجح في جهادنا وتداريبنا. وليكن
اسم الرب مباركاً من الآن وإلى الأبد.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى