علم الكتاب المقدس

نظرة على العقائد اليهودية



نظرة على العقائد اليهودية

نظرة
على العقائد اليهودية

– ما هي اليهودية؟ هل هي ديانة؟ هل هي شعب وطريقة حياة خاصة بهذا
الشعب؟ هي خليط معقّد. لا شيء مما ذُكر يعطي تعريفا كاملا عن اليهودية. فيما يلي
تعريف مقبول:

اليهودية هي تاريخ إسرائيل المستمر في حضور الله.

The
enduring story of Israel in the presence of God
.

مقالات ذات صلة

في هذا التعريف العام ثلاث حقائق:

– شعب اسرائيل

– حضور الله

– التاريخ

 

1- الشعب اليهودي هو حامل اليهودية.

2- حضور الله

 

اليهودية نهج حياة هدفه علاقة معينة مع الله. كل عمل يقام به هدفه
السير بأمّة بأكملها لعيش كمال هذه العلاقة مع الله.

 

ما المقصود بحضور لله؟

الله يعبر عن نفسه   

 

– في حياة شعبه

– من خلال الكتاب المقدس

– في الحياة الشخصية لكل فرد

– في اتحاد الكائن البشري به

– في الخضوع لإرادته.

 

هناك اذاً بُعدٌ فرديّ وآخر جماعيّ.

أن نكون في حضرة الله يعني في نفس الوقت:

 

– مبادرة مجانية من الله.

– مسيرة جهد من قِبل الانسان، الذي يعمل الله فيه أيضاً.

 

1- الدخول في التوراة، هو الدخول في حضرة الله.

 

2- في نفس الوقت هناك جهد فكري انساني يختلف عن كلمة الله، والذي هو
جهد للتوضيح وللفهم، كما أنه يشكّل طريقة مختلفة للمثول في حضرة الله. الله هو الذي
يقودنا اليه من خلال هذه الجهود البشرية.

 

يمكننا القول الآن أن اليهودية هي بالفعل العلاقة بين الشعب اليهودي
والهه.

 

3- التاريخ. هنالك مسيرة، تاريخ، أي أمر لم يتحقق بعد. التاريخ
حقيقية دينامية فيها الجهد وفيها النجاح وفيها الفشل. تاريخ لم ينته وما زال يتفاعل.
اليهودية دين لم يكتمل بعد (لاحظ أهمية فكرة الأرض في اليهودية).

 

من هنا نرى عددا كبيراً من التفاسير والتطورات والتعددية وحتى
التضادّ.

 

يمكن التركيز مرة أخرى على الحقائق الثلاث، التي تفترضها اليهودية.

 

الشعب – الحضور – السير نحو..

 

جواب على أسئلة:

 

*نجد في التوراة ارادة الله ومحبته وحكمته

 

* ماذا يعني أن يصبح المرء يهودياً؟

 

أن يصبح المرء يهوديا لا يعنى فقط الدخول في نظام معين بقدر ما يعني
الدخول في تاريخ.

فيما يلي بعض الأسئلة التي تطرح على من يطلب أن يدخل في اليهودية:

+ هل أنت مستعد للمشاركة في آلام الشعب اليهودي؟

+ هل تقبل شكلاً معيناً في الحياة، أي أن تقبل الوصايا؟

اليهودية هي ديانة التطبيق الذاتي

 

* هل الشيكينا تعني حضور الله؟ أين هي اليوم؟

 

هناك معنيان لحضور الله هذا:

 

1- المعنى الذي تكلمنا عنه حتى الآن: حضور الله الذي يسكن مع شعبه
أينما يذهب، حتى في الجلاء. في هذه اللحظة يشرك حضور الله (الشيكينا) الشعب في
الجلاء.

2- المعنى الثاني أكثر حصراً: حضور “فائق الطبيعة”، عجائبي،
قويّ. حضور يجعل النبوءة أمراً ممكناً. هذا الحضور اختفى، والشعب اليهودي ما زال
ينتظر عودته.

 

• ما هي خصوصية الشعب اليهودي بالنسبة لباقي الشعوب؟

 

يتمتع الشعب اليهودي- حامل الديانة اليهودية – بتأكيد على أهمية
التاريخ، وعلى حضور الله في تاريخه. وهو ليس تاريخاً مضى، بل تاريخ ما زال يبني
هوية الانسان اليهودي اليوم. عندما يسرد اليهودي تاريخه يعلم انه يشكل جزءا من هذا
التاريخ. من هنا تأتي أهمية الذكرى: نحن نسرد التاريخ.

 

هناك طريقتان لتكوين هذه الذكرى:

1-الكتاب المقدس، وهو تاريخ الشعب كأنه كلمة الله.

2-الطقوس التي تدعم الذكرى.

 

اليهودي يعي جيداً أهمية الاستمرارية. وهذا التاريخ دائم. ونفس الشعب
يعيش دائما هذا التاريخ، بكل مخاطراته. وما العهد القديم الاّ جزء من هذا التاريخ
الذي يستمر الى اليوم.

 

فكرة العهد

 

نجد هنا أيضاً نفس الحقائق الثلاثة: الشعب، الحضور، التاريخ.

 

هذا العهد هو بين شريكين: الله وشعب اسرائيل. هوية الشعب هي جزء من
هذا العهد. والعهد هو الذي كوّن الشعب رويداً رويداً. في سفر التكوين، فصل 17،
يقطع الله لأول مرة عهداً مع الأشخاص (العهد مع نوح هو عهد مع كل الخليقة).

 

فحوى العهد هي: هو الهنا ونحن شعبه. هذا يعني أن الله يقبل أن يحفظنا
وأن يحمينا، ونحن نقبل أن نكون أمناء له. هدف العهد هو العيش دائماً في حضرة الله.
ليس فقط واجباً متبادلا، بل واجبا يعبّر عنه الانسان بالمحافظة على الشريعة، بل هو
أكثر بكثير من ذلك. هو مشاركة، هو وحدة حال، “أن تكون مع الله”. العهد هو
مساهمة اليهودية في الميراث البشري.

 

كلمة عهد

 

في الحضارات المعاصرة للكتاب المقدس، العهد كلمة سياسية، ولا نجد في
أيٍّ من هذه الحضارات فكرة العهد مع الله. هذا أمر تميّز به الكتاب المقدس فقط.
” أنت شعبي وأنا الهك”. وبهذه الأمانة التي هي هبة من الله نصل الى هذه
المشاركة، الى “الحياة مع”. الأمانة للتوراة، هي الأمانة للعهد، لجوهر
العلاقة مع الله. أنظر التثنية 29: 9-14: “كي تكونوا شعبي..”

 

هناك دوما معنى ان تكون في حضرة الله. وهذا العهد لا يخص جيلاً
معيناً بل هو لجميع الأجيال اللاحقة. في سفر الأحبار 26: في كل أساس عهد، هناك
بركات ولعنات ثم اقامة العهد. المطلوب هنا هو تطبيق الشريعة والوصايا، وما يعطيه
الله هو: سأبني بيتي وسأعيش بينكم.

 

الله يعيش بيننا. حضور الله أمر أساسيّ في تعريف العهد. العهد مربوط
أيضا بفكرتين أخريين مركزيتين:

1- التوراة، المعطاة في اطار العهد على جبل سيناء، كوثيقة العهد.

أنظر خروج، 24، 3-11 حيث نُثر الدم على المذبح وعلى الشعب، مع أنه
يُنثر عادة على المذبح. النبي في اسرائيل هو الانسان الذي يحثّ على الأمانة للعهد.

2- أرض اسرائيل، موعودة في سياق عهد

 

– وعد السلالة

– وصية الختان

 

يوجد في الكتاب المقدس استعارتان للدلالة على معنى العهد (العهد نفسه
ليس استعارة بل واقع): استعارة الزواج واستعارة ملكوت الله.

 

-استعارة الزواج: هوشع 1-2. يعبّر الزواج عن واقع حب كبير بين الرجل
والمرأة (انظر نشيد الأناشيد، فهو تعبير عن حب قوي من جهة الله. لكن سفر اسفار
الأنبياء، يتفوّق معنى الأمانة في التعبير عن الزواج على معنى الحب. لأن المسألة
مسألة نكث للعهد، ويريد الأنبياء أن يُظهروا دوماً أن الله يبقى دوما أميناً للعهد.
اذاً أول معنى هو معنى الأمانة. أما المعنى الثاني فهو كثافة الحب، وهو تطوير
للمعنى الأول.

 

-استعارة ملكوت الله: قراءة نص مدراش من القرن الثالث (تعليق ربّيني
على الكتاب المقدس). تعليق “ميكيلتا” على سفر الخروج (الوصية الأولى: أنا
هو الرب الهك). يقدّم الملك نفسه في هذا المثل على أنه مرشح للملوكية (ص.229).
واحد من معاني العهد. يحدّد الملك والشعب علاقتهما، ويجب على كل منهما ان يقول نعم،
دالاّ بذلك على أنه حرّ. يقول الشعب: “حتى نقبل، نريد ان نعلم من أنت وماذا
تستطيع ان تفعل. دلالة على الحرية. نرى أيضا شخصية الملك: يقدم الله نفسه ليكون
ملكاً علينا، ويظهر ما يقدّمه من أجلنا من عجائب وصلاح. ال”نعم” هو
جوابٌ حر على هذ الصلاح. هذه هي صورة العهد. نلاحظ ان العلاقة مع الله لا تبدأ
بالشريعة، بل بالعهد.

 

مثلٌ آخر. وهو تعليق على الآية التالية: “لا يكن لك الهٌ
غيري”. العلاقة بين هاتين الآيتين اللتين قارب الميدراش بينهما. نجد في هذا
المثل نفس الحالة التي وجدناها في المثل السابق. يقول الشعب للملك: ” اظهر
مُلكك، وضع شرائعٍ”. ليس الأمر هنا نعم أو لا (نعم= أنا هو الرب الهك، لا= لا
يكن لك الهٌ غيري). ال” أنا هو الهك”، هو لحظة الدخول في العلاقة. وإن
لم نقل نعم في البداية لا نستطيع أن نتقدّم. وتأتي الوصايا لاحقاً في اطار العلاقة.

 

 بالنسبة للرابينيم، الوصية الأولى هي قبول هذه العلاقة مع الله،
وبالتالي قبول ملكه. وفي الوصية الثانية يأتي التشريع الأول-لا يكن لك اله غيري-
لا يوجد وصية دون علاقة. يعلّمنا هذان المثلان أنه يجب أولاً أن تكون هناك علاقة،
دخول في تاريخ. نتعرف على الآخر ونعرف سماته ورغباته.. عندئذ يمكن ان نعيش الوصايا.

نحن هنا أمام أساس فكر العهد، دون ذكر الكلمة نفسها. علاقة متبادلة
وحرّة.. كما أننا أمام الطريقة التي يسير عليها المدراش= تعليق يناقش فقرة مكان ثم
كلمة الخ.. وهذه طريق تفكير أساسية – استعمال الأمثال – ومهمّة في تعليم الرابينيم،
وهي نوعا ما اسلوب تفسيري.

 

من المهم ان نلاحظ انه،في كلا المثلين،لم تستعمل كلمة العهد، بينما
ظهرت بوضوح “قاعدة العهد”، قاعدة المبادلة، أو الالتزام المتبادل. هنالك
فترات طويلة في تاريخ الدين اليهودي، لم تُستعمل فيها كلمة العهد، بالرغم من ان
حقيقة العهد موجودة. بيد ان هذه الكلمة الوحيدة (العهد) والتي تتضمن فكرة التبادل
بين الله وشعبه، هي ميزة الحقبة الكتابية. فهي التعبير المستعمل من قبل أمم تلك
الفترة التاريخية. هذا يعني قبول هذا العهد في أمةٍ بأكملها. فالعهد لم يوَجّه الى
افرادٍ، بل الى أمّة.

 

في الفترة الربينية، حصل انحطاط في المعنى السياسي واللاهوتي لكلمة
العهد. يجب فصل هذين الأمرين:

 

– الواقع الظاهري

– الاستخدام الاصطلاحي لكلمة العهد.

 

تحييد كلمة العهد (لا واقع العهد)، يسمح باستعمال مفردات أخرى
وبالتالي تطوّر معنى الفكرة نفسها. في كتاب “اليهودية الفلسطينية”، قام
المؤلف (بانيش ساندرز) بدراسة كل اشكال الديانة اليهودية زمن اليهودية القديم.
والنتيجة التي وصل اليها هي أننا نجد دوما نفس قاعدة الديانة. جميع التيارات
المختلفة في اليهودية تشترك في هذه القاعدة: جماعة عهد تستمر في الأمانة للعهد
المعروض.

 

من الخطأ أن نقول – من وجهة نظر يهودية – ان المسيحيين يبحثون عن
الخلاص في الايمان واليهود يبحثون عنه في الشريعة. السؤال نفسه مطروح بشكل خاطئ.
اليهود لا يبحثون عن شيء. هم لا يبحثون عن شيء لأنهم حاصلون على كل شيء بواسطة
العهد. هم في الداخل. وأن هم تبعوا الوصايا فليس ذلك للحصول على الخلاص. (الخلاص
من ماذا؟)، بل أمانة لله الذي يطلب منهم هذا الأمر أو ذاك. وأن كانوا أمناء كأفراد
وكجماعة، فهم يعيشون في هذه العلاقة مع الله.

 

هناك طرق أخرى للتفكير تمتاز بها اليهودية (لا ننسى أن اليهودية
متعدّدة). نجد في مفاهيم أخرى أكثر مما نجده في مفهوم العهد. على سبيل المثال: علاقة
الله مع اسرائيل هي جزء من نظام العالم، من مخطط الله في الكون. أسّس الله كل ما
خلقه على هذه العلاقة مع اسرائيل. وهذا أكثر من مجرّد حدث تاريخي مفاده أن الله
قطع عهداً مع شعب في فترة ما من التاريخ.

 

قراءة من المدراش (التكوين الكبير). تفسير لسفر التكوين. ستة أمور
سبقت الخلق. أمران مخلوقان هما (التوراة وعرش المجد)، واربعة أمورٍ مأمول بها
(منتظرة) (الآباء، اسرائيل، الهيكل، اسم المسيح). السبب هو ان هنالك أشياء من
الأهمية بحيث أنها تشكّل هدفا بحدّ ذاتها، وأساساً للعالم أجمع، ونقطة ارتكاز
للكون والانسانية.

        من سبق الآخر؟ التوراة أم اسرائيل؟ بالنسبة لرجال الدين
التوراة موجودة قبل اسرائيل (فهي الحكمة). والتوراة تسرد تاريخ اسرائيل، هدف
التوراة سابقة الوجود اذاً هو اسرائيل. وبشكل أوسع هدف الخلق هو اسرائيل. نحن هنا
أمام مفهوم كوني.

 

منذ زمن الرابينيم إذاً، لم يكن معنى العهد حاضراً بقوّة. أما في
الفكر اليهودي الحديث فهناك رجوعٌ الى معنى العهد:

 

-بسبب التأثير المسيحي على بعض المفكرين اليهود.

-وبسبب التطور التاريخي للديانة اليهودية نفسها.

 

اثناء الجلاء كانت الجماعة اليهودية دينية أكثر منها وطنية. ومنذ
العودة إلى أرض اسرائيل، هناك رجوع الى واقع أكثر وطنية: الأرض، اللغة..

 

كان لدى الحاخام الأكبر في فلسطين أبرهام راف كوك (حوال1910-1920)
نظرة نبوية حول عودة اسرائيل الى الأرض، مع رسالة روحية الى العالم اجمع. يتبع
أفكاره اليوم كثير من يهود يهودا والسامرة، لكن بشكل ضيٌق، اذا تركوا جانباً
الانفتاح الروحي الكبير الذي يتمّز به الحاخام.

عهد بين الشعب اليهودي والارض: اذا كان الشعب متحداً بالله فكل شيءٍ
على ما يرام. وهذا يجلب بركات من السماء للعالم، وملء حياة في جميع المجالات. فكل
شيء مرتبط بعضه ببعض. أما ان عَبَدَ الشعب آلهة أخرى، فسيواجه الكثير من المصاعب.
وهذا أيضا يترك أثراً في كل شيء. انها صدمة وشرخ كبير. مفتاح تاريخ اسرائيل هو
التعلّق بالله. وإن حصلت خيانة فالحل هو العودة الى الله حتى مجيء المسيح.

 

جواب على اسئلة

 

*سؤال: لماذا علامة الختان؟

 

– بركات في الخصوبة، مبيّنة على أعضاء الخصوبة في الجسد.

– علامة على استعمال الخصوبة في إطار قداسة، وليس فقط في إطار المتعة.

إن كنا امناء على العهد نستطع العيش على ارض اسرائيل. وان خرقنا
العهد، سوف نُرذل ويجب علينا تحمّل النتائج.

       

*سؤال: إن كان في هذا التاريخ خيانة للعهد من قِبل الشعب، هل يبقى
لهذا التاريخ قيمة؟

 

– يهدّد الله، لكنه بالرغم من التهديد، يجد طريقا لحفظ العهد.

 

راجع: اللاويين 26: 33= ينبذنا الرب.. وبعد ذلك يندم عن ذلك. يذكر أن
العهد أعمق من خيانة الشعب، لذا يعيد إبرامه.

وهذه القناعة بأمانة الله في العهد، عند اليهود، تقودهم الى التفكير
انه لا يمكن أن يبطل هذا العهد.

يعمل الله في الإنسان حتى يصبح هذا الأخير أميناً.. أي قادراً لأن
يعيش مع الله.

 

سؤال: من هم الرؤساء الروحيون لمختلف الأحزاب والجماعات في اليهودية؟

 

– منذ 1500 سنة (القرن الثالث والرابع) لا توجد سلطة مركزية في
اليهودية. هناك علاقة بين كل معلم توراة وجماعته. تظهر في بعض الأحيان وجوه بارزة
ومسيطرة (فكريا).

هناك تعددية كبيرة في اليهوديّة:

 

– أسباب جغرافية.

– يهود شرقيون (سِفِراد)، يهود غربيون (أشيكناز). وداخل اليهود
الغربيين هناك عدّة حركات روحية: الحركة الحاسيديّة (
hassidique) والمعارضون لها.

وفي إسرائيل هنالك أكثر من موقف من دولة إسرائيل نفسها.

– بالنسبة للبعض: للدولة معنى ديني.

– بالنسبة للبعض الآخر: موقف محايد من الدولة.

– بالنسبة لآخرين هنالك موقف رافض للدولة: يقولون أن الدولة تعارض
مشيئة الله “فاليهودي يجب أن يترك الله يعمل لإقرار ملكوته”.

 

تتمثل السلطة الدينية في إسرائيل في شخصين: حاخام أعلى سفرادي، وآخر
شيكنازي، ولكن لا سلطة حقيقية لهما. السلطة في يد حزب شاس، الذي هو في نفس الوقت
حزب ديني وسياسي.

في عالم الحاسيديّة، تتبع كلَّ حاخام جماعة روحيّة. سبب هذه التعددية
هو عدم وجود اكليروس منظَّم في اليهودية. فالحاخام ليس كاهناً. ولكن هناك علاقة
بين الحاخام وجماعته.

 يقول مدراش أن الله أعطى ثلاثةَ تيجان:

 

– تاج لهارون (الكاهن).

– تاج لداود (الملك).

– تاج للتوراة، يستطيع ان يحمله أيُّ يهودي إن أراد.

 

سؤال هل الطلاق مسموح؟

 

– نعم.

 

الميتزفاMITZVA

 

I)ثلاثة معانِ لكلمة ميتزفا

 

1-ميتزفا = الوصايا

 

هناك مسافة بين من يُعطي ومن يستقبل. هنالك أمر مفروض وأنا أطيع. هذا
هو المعنى العام. الأنسان اليهودي يجد نفسه أمام الله في وضع من يستلم الأوامر.
وهو يعلم أن الله كلّمه. يضع نفسه أمامه ويعرف قدرتَه ويعترف بسلطته. في كل يهودي
شعور قويّ جدا بواجب الطاعة. المهم ليس معرفة تفاصيل الطاعة، المهم هو أن الله
يأمر، وعليه أن يطيع. هذا هو معنى أن تكون “تحت أوامر الله”.

 

2-ميتزفا = اتحاد

 

تطبيق الميتزفوت (جمع ميتزفا)، يسمح بأن يدخل الإنسان في شركة مع
الله.

 

3-مينزفا – الله موجود في الطاعة للوصايا

 

 بحيث أن من يعمل بالوصايا، يصٍب شيئا من حياة الله نفسه.

 

II)عدد الوصايا

 

هنالك 613 وصيّة. حاول بعض المعلّمين في العصور الوسطى أن يحصوا
الوصايا الموجودة في التوراة ليصلوا الى هذا العدد. أكبر جهد في هذا المجال قام به
ابن ميمون الذي عاش في أسبانيا ثم في مصر، بين القرن الحادي عشر والثاني عشر، في: “كتاب
الميتزفوت”. ولكن جميع الأبحاث لم تصل الى نتيجة مقنعة تماما.

 

كيف تم الوصول إلى هذا العدد؟

 

من خلال قراءة أحرف كلمة توراة (في العبرية)، حيث يمكن إعطاء كل حرف
عدداً: توراة = 611. قيل أن موسى أعطى 611 ميتزفوت، بالإضافة الى اثنتين أعطاهما
الله وهما: “أنا هو الرب إلهك”. و”لا يكن لك إله غيري”. عندما
نريد ان نبرّر هذا العدد بمراجع كتابيّة، فهذا يعطي وجود فكرة ما عن معنى الوصايا.

يجب أن نميّز بين: الوصايا الإيجابية والوصايا السلبية.

 

يقول المدراش أن هنالك 248 وصية إيجابية تعادل عدد أعضاء جسم الإنسان.
و365 وصايا سلبية تعادل عدد أيام السنة. (248+365= 613).

ويعطي المدراش معنى ذلك:

•يقول كل عضو من أعضاء الجسم للإنسان: ” اجعل منّي وصيّة”.

•يطلب كل يوم من أيام السنة من الإنسان ان لا يرتكب خطيئة.

تريد هذه طريقة في التفكير ان تعبّر عن فكرة الشمولية:

 

1-تقود المحافظة على الميتزفوت الى تحقيق كمال الإنسان. فهي منهج
حياة وحيويّة للجسد.

 

4-لكل يوم تجاربه ومصاعبه، ووجود الميتزفوت يهدف الى عدم الوقوع في
هذه التجارب والمصاعب. كما أنها إرشاد روحي يومي يحمي. وفي هذين المجالين، تقودنا
التوراة وتحمينا.

 

وفي مرحلة متأخرة، أصبحت هذه الوصايا مادية، بحيث لم تعُد تعبّر عن
روحها الأصلي.

 

اليوم بعض هذه الوصايا لا يمكن أن تُطبّق، لأن العالم تغير (الوصايا
الخاصّة بالهيكل، لأن الهيكل غير موجود.. الوصايا الخاصّة بالعبودية..) لم يعُد
المؤمن يجد نفسه في هذه المواقف.

 

يقول ابن ميمون أن هنالك من الوصايا 60 وصيّة أساسية تهمّ الجميع.
اما باقي الوصايا فتعتمد على الظروف. وما ندعوه الكلمات العشرة (الوصايا العشر)
ليس لها وضع خاص من الناحية القانونية. فالوصايا ال 613 جميعها من الله.

 

يمكن تقديم الوصايا كوسيلة للعيش مع الله، ولتذكّره في الحياة اليوميّة،
ورؤيته في جميع ظروف الحياة، هذا هو معنى الشمولية الذي يحيط بجميع أوجه الحياة: من
الصباح الى المساء، من الميلاد الى الموت. تتكلم كثير من التقاليد الحاخاميّة عن
هذا المفهوم الشموليّ.

 

يقول ميدراش “سيفرا”: “لا يوجد شيء في العالم لا يوجد
له وصية: الثمار، أبواب المدينة، الملابس..”، فكل حقيقة، حتى تكون كاملة، يجب
أن يكون عنها وصية (طاعة الإنسان تجعلها كاملة).

 

تهتمّ الوصايا بالبُعد الفردي والجماعي.

لا يوجد تمييز بين ما هو “أخلاقي” و”طقسي”: يدخل
الإثنان في نفس النظرة.

 

هناك فكرتان مهمّتان

 

•التقديس: يتقدّس الإنسان من خلال طاعته لله. الطاعة هي طريق تقديس
الانسان الذي يعمل بمشيئة الله، وتقديس العالم بوساطة تقديس الإنسان (لأن كلّ واقع
له وصية، والطاعة تسمو بهذا الواقع).

 

•التصحيح (منذ الكبّالا وهو تيّار التصوّف في اليهودية):

 

tikkun: كل واقع ناقص. والعالم نفسه ناقص، أي غير
مكتمل. ومن خلال الميتزفوت يصبح واقعاً كاملاً ويجد وضعه الأصلي. وهكذا يقدّس الله
الانسان من خلال الواقع الذي تسمو به الميتزفوت، ويسمح له بالتوجّه نحوه. هذه
العلاقة ثالوثيّة: الله
ï الإنسان ï الواقع.

هناك أمل في استقامة عامة وشاملة من خلال اليهودي الذي يطبق
الميتزفوت. نتائج تطبيق الوصايا (الميتزفوت) هي إذاً في نفس الوقت: تقديس الإنسان
وخلاص واقع الحياة.

وهنا نتساءل: لماذا حُدِّد التقديس (التطهير) من خلال بضعة أفعال
فقط؟ فهنالك أمور ممنوعة وأمور مفروضة، وأخرى كثيرة دون تحديد.

ان هذه المسيرة الروحية تدفع من يطبق الوصايا إلى أن يوسع مجالها حتى
يشمل أكبر عدد ممكن من الأمور. وهكذا يسقط التمييز بين ما هو ممنوع وما هو مسموح.
المهم هو تتميم مشيئة الله في كل شيء. عندئذ يصبح كل عمل صالح ميتزفا (وصيّة).

 

وهنا يصبح معنى ميتزفا: كل ما يسمح لنا بالدخول في علاقة حميمة مع
الله. وفي هذا المعنى الأشمل، هنالك خطر في عدم المحافظة علي الأوامر المفروضة.
لذا هنالك نوعٌ من التوتر بين معنيي كلمة ميتزفا، وهذا أمر جيّد. كثيراً ما نجد في
الأدب الحاخامي أن كل عمل يمكن أن يصبح ميتزفا في سبيل “الله”.

 

(راجع المثال في الحركة الحاسيدية في ال250 سنة الأخيرة). نحن نخدم
الله من خلال جميع الأعمال التي نقوم بها. والوصايا تكرّس الحياة والعالم لله. نحن
أمام فكرة ارجاع كامل للحياة والواقع الله. وفي هذا المعنى الشامل لكلمة ميتزفا،
تُصبح الميتزفوت نموذجاً ومقياساً.

 

ج) ما هو ضمير الإنسان المؤمن الذي يُطيع الوصايا؟ ما هي عقليّته؟

 

– نير الوصايا: لا يعني هنا أنها ثقيلة، بل يعني “الطاعة”،
” الخضوع”، حيث أقبلُ سلطة الله ومشيئته.

-فرح الميتزفا: يجب الإحتفال بكل واحدة بفرح. فالله أعطى الوصايا
لأنه يحب شعبه ويريده أن يعيش معه دائما في علاقة صداقة حميمة وقوية، حتى يصبح
شعبه أكثر جاذبية. (كالمرأة التي تتزين بالجواهر ليحبّها زوجها أكثر.. راجع النص).
يمكن القول أن الوصايا هي حصّة الإنسان في الاهتمام بنمو علاقة الحب مع الله. لهذا
فإن الميتزفوت مصدر للحمد.

ارتفعت أصوات في الدين اليهودي (وليس فقط في الدين المسيحي) لمواجهة
خطر المحافظة المادية (الحرفية) على الميتزفوت. يتكلّم باخيا بن باكودا عن
“وصايا القلب” التي يميّزها عن “وصايا الجسد”. (باخيا بن
باكورا فيلسوف ومعلم روحي عاش في اسبانيا، وكتب دراسة صوفية شعبية).

 

وهذا تحدّ قويّ لليهودية، التي لا تقتصر على الأمور الروحية بل
تتعداها الى الحياة المادية. وقبل أن تكون الميتزفا عهداً مادياً، هي عهد قلب، لأن
كثيراً من الوصايا تمس العلاقة مع الله: ثقة، محبة، تواضع.

 

سؤال: هل هنالك وصايا صلاة؟ يجيب ابن ميمون (Maïmonide) نعم. في القرن الثاني عشر، يجيب آخرون: لا. وصايا الصلاة من وضع
الحاخاميين. في القرن التاسع عشر، حتى إن وُجِدت وصية صلاة واحدة، لكني عندما أصلي،
أطبّق أكثر من وصيّة. (محبة، ثقة، تواضع، إلخ..)

 

أضاف حكماء اسرائيل سبعَ وصايا على الوصايا ال613، وكل واحدة تشمل
بركة. هذا يدل أن هناك أكثر من مرجع للوصايا. فبالإضافة إلى سلطة الله، هناك أيضا
سلطة الحاخام. فالله أعطى الإنسان دوراً في خلق العالم وتنتظيمه. وقد أعطاه السلطة
لإكمال مجال التوراة والوصايا. يعطيه دور المشارك.

 

د) يمكن ان نميّز في موضوع الوصايا.

 

1-يمكن أن نميّز بين وصايا خفيفة ووصايا ثقيلة.

 

من الوصايا الثقيلة هنالك:

* الختان.

* تقديم الحمل الفصحي (قد يكون تطبيقه صعبا من الناحية الماديّة)

ومن يخالف ذلك: يستحق الموت، – أو يستحق الQaret.

 

2-هل هناك تدرّج في الوصايا؟ ما هو جوهرها، هدفها؟ إلى ماذا تقودنا
هذه الوصايا؟

 

هنالك كثير من المحاولات، في الأدب الحاخامي، لتنقية روح الوصايا.
والأجوبة دوما على الصعيد الأخلاقي.

 

1-كما تريد أن يعاملك الناس، عاملهم أنت.

2-أحبب قريبك حبك كنفسك، والباقي مجرّد تفاسير (الأحبار 19)

3-خُلق الإنسان على صورة الله ومثاله (تكوين 5).

 

تختص الوصية الأولى والثانية بمحبة القريب (أي اليهودي). وأما الوصية
الثالثة فهي موجهة الى جميع البشر. وهي أشمل.

 

في البدء، كانت هذه الوصايا تركّز على علاقة الناس بعضهم ببعض.

وبعد يسوع تم الكلام عن قسمين، الأول يختص بالعلاقة مع الله ثم مع
القريب: أنظر جواب يسوع في الإنجيل: “أحبب الرب ألهك.. وأحبب قريبك
كنفسك”.

 

– تمييز آخر

 

-الوصايا التي تخص الله.

-الوصايا التي تخص الإنسان.

الوصيتان مرتبطتان. تقول المشنا Mishana في يوم كيبّور: “يجب عليك أولا أن تطلب المغفرة من قريبك لكي
تنال المغفرة من الله. وإن لم يغفر لك بعد ثلاث مرّات، فدعه وشأنه”.    

إهانة القريب هي إهانة الله.

ففي الكتاب المقدس، لايوجد فرق بين الأخلاق والأمور المادية والمالية..
مفاد ذلك ان الله يدخل في صميم الواقع الإنساني.

 

تتطرّق القوانين الى الحياة الاجتماعية أيضا: تلك هي إرادة الله.

نجد في هذه القوانين الاهتمام بالفقراء.

الهدف هو (الصدقة) = المحبة وهي مأخوذة من جذر “الصدّيق”.

قبل أن تصلى يجب أن تتصدق.

إن كلمة mitzva، تعنى المحبة. هذا هو هدف كل الوصايا.

 

لا يوجد تميز بين الوصايا الخاصة والوصايا العامة، لان التوراة
أُعطيت للجماعة، وكل شخص جزء من هذه الجماعة.

 

4- مجالات أخرى: الزمان والمكان

 

تتكلم الوصايا غالباً عن الوقت: الصباح، المساء، يوم العيد..

لكن النساء معفيات من الوصايا التي تخص الوقت، لماذا؟

ليس السبب كتابياً، بل اجتماعيا ومنطقيا، وهي إن النساء يقمن بتربية
الأطفال، والاهتمام بتنظيف البيت..

 

لكن هذا الاعفاء لا ينطبق على الفصح، بل يجب على المرأة أن تحَضر
الفصح، لأنه وصية تخصّ الذاكرة.

 

2-المكان. هي الوصايا المرتبطة بأرض إسرائيل.

 

تتكلم 1/6 من المشنا (Mishana) عن الأرض.

والوصايا التي تخص الأرض هي الوحيدة التي لا تتضمّن المجال القانوني.

 

5. يجب أيضا التميز بين:

 

الحق (Khoq) والميشفا Mishva))

 

الوصايا التي قد لا نفهمها الوصايا التي يمكن برهنتها عقليا (لا
تقتل)

 

إن وضعنا أنفسنا في مستوى ” الخضوع” لله، فلا نحتاج إلى أن
نعرف أسباب الوصايا. يكفي أن نثق بالله وبعهده.

 

لماذا الوصايا؟

 

لم يطرح هذا السؤال قبل القرون الوسطى. نجد في التراث الحاخامي سبباً
عاماً:

 

•يريد الله أن يكافئنا،

• أو أنه يريد أن يجرّبنا.

 

هنالك ثلاثة تفسيرات تعكس ثلاث روحانيات:

 

-تفسير بسيط

-تفسير فلسفي

-تفسير صوفي

 

الروحانية الفلسفية

 

– يوجد مصدران للسلطة:

= الوحي الإلهي.

= التفكير الإنساني.

 

ولكن لماذا يوحي الله ذاته إن كنّا نستطيع الوصول إلى الكمال عن طريق
الفلسفة؟

الجواب: من أجل كل الذين لا يتمتعون بالقدرة على التفكير الفلسفي.

 

قال أحد المعلّمين: “هنالك وصايا موحى بها ووصايا عقلانية.”

 

-يقول ابن ميمون Maïmonide: “جميع الوصايا لها أسباب”. تمثّل هذه الروحانية جهداً
في التعمّق الروحاني.

 

الروحانية الصوفية

 

أن المعنى العميق للوصايا ليس من أجلنا بل من أجل الله.

 

في التصوف اليهودي –la Kabbale– يوجد أمر مقبول، وهو أننا نستطيع ان نؤثّر في الله.

فالله أظهر نفسه لجميع الشعوب. وكل جماعة لها معني سرّي. والوصايا
وسيلة فعّاله بين الله والإنسان.

نحن أمام مفهوم “سرانيّ” للوصايا، وهي أيضا وسيلة تسمح
للقوة الإلهية بالدخول في عالم الإنسان. لذا هنالك عمل مشترك بين الله والإنسان.

 

وهذا أمر يعكس وجهات النظر العادية. فالحياة الدينية لم تعُد لنا، بل
لله.

يحتاج الله الينا، لعطايانا، يحتاج لكلمة نعم من جهتنا.

 

توجد هذه الروحانيات الثلاث مجتمعة حتى اليوم.

أن مجموعة الميتزفوت (Mitzvot) هي مثلٌ نستطيع من خلاله أن نتأمل في عدة مستويات للمعنى: مستوى
شخصي، واجتماعي، ووطني، وإنساني، وكوني، وحتى إلهي.

وتوجد هذه المستويات بشكل متزامن.

 

الميتزفوت (Mitzvot) وسائل يستعملها الله ليدخل في الإنسانية.

 

وهكذا نصل إلى بحث أكثر عمقاً لمعنى الميتزفوت (mitzvot)، فهي مسيرة تُحدث تغيّراً: في الفرد وفي المجتمع وفي العالم وحتى
في الله. (بالنسبة للتصوّف اليهودي المتيزفوت هي اسم الله). تعني أن نكون في الله
كي نعمل في العالم.

“أنت تحمل اسم الله في العالم”

أليس معنى العهد العميق هو المشاركة العميقة في كيان الآخر؟

 

من المهم ان نلاحظ الوصايا المسبوقة ببركة. فهي الوصايا الأقل
عقلانية والأقل وضوحاً. تحمل الوصايا في ذاتها معنى “تقديسيّاً”.

 

هنالك ثلاثة أنواع من البركات:

1-مبارك أنت يا رب، يا ملك الكون، الذي قدسنا بوصاياه، وأوصانا بأن..

2-اجعل كلمة التوراة عذبة في أفواهنا، وأبناؤنا هم الذين سيلتزمون
بالمحافظة على وصايا التوراة.

3-اختارنا من بين الشعوب، وأعطانا التوراة.

 

التوراة

مفاهيم متنوّعة

 

ا) التوراة بالنسبة للعهد والميتزفوت (MITZVOT).

 

1) التوراة والعهد.

II) التوراة مرتبطة بمفهوم العهد.

 

– أعطيت الشريعة في سياق معيّن، وهو طريق حياة لأمّة هي أُمّة العهد.

– نجد في دراسة التوراة جميع مظاهر العهد (العلاقة مع الله).

– التوازن بين البُعدين:

1-الإرادة، التي هي عطية من الله.

2- إبداعية الإنسان.

 

التركيز على مركزية مفهوم العهد.

أمانة الله – طاعة الإنسان – المشاركة المتبادلة (العهد).

 

2) التوراة والوصايا (MITZVOT).

 

لا توجد ميتزفا (Mitzva) واحدة خاصة لدراسة التوراة، ولكن:

– تحاول عدّة مؤسّسات خلق مجتمع واعي لكلمة الله.

– على كلّ رب عائلة أن ينقل إلى ابنه وصية ” أحبب الرب الهك..”

 

إن التوراة هي مركز ثقافة متكاملة، وهي القيمة الرئيسية للثقافة
الربّينية (
RABBINIQUE). أن الحاخامات (حكماء الشريعة) واعون إلى
قيمة التوراة هذه. ويقولون أنه إن وضعنا التوراةَ في كفة الميزان، ولائحة الوصايا
في الكفة الأخرى، فيبقى الميزان في حالة متساوية.

 

من أين للتوراة هذه القيمة؟

 

منذ تدمير الهيكل الأول.

 

– لم يعُد الهيكل موجودا. وأخذت التوراة مكانه المركزي.

– ترتبط التوراة بخدمة الله، وبحسب تثنية الإشتراع (فصل 11) يمكن فهم
التوراة كبديل للعبادة نفسها.

كل دراسة للتوراة تشبه التقدمه. فأنت تقدّم نفسك الى هذه الدراسة.
وهكذا تصبح التوراة مكاناً للحضور الإلهي، وتصبح بديلاً عن الهيكل.

 

II العلاقة بين التوراة وحضور الله

 

إنها وسيلةٌ للتقرّبِ منَ الله. أمرٌ نلتزمُ به ليلَ نهار.

 

هل من الضروري أن نكونَ واعينَ لحضورِ اللهِ هذا عندما ندرسُ
التوراة؟

 

ليس الهدفُ من دراسةِ التوراةِ مزيداً من معرفةِ الله، إنما للتوراةِ
في حدِّ ذاتِها قيمةٌ روحيةٌ مستقلّة. وهذه القيمةُ مرتبطةٌ بالله، ولكننا لسنا
مُلزمينَ بالتفكيرِ بذلك كلَّ لحظة.

 

إذن، ما هي علاقتها مع الله؟

 

هذا السؤالُ هو واحدٌ من أكبرِ المواضيع في الأدب الربّيني. وله
عدّةُ أجوبة:

* نجدُ في المِدراش بعض الصور:

 

– اللهُ نفسُه يدرس التوراة. ونحنُ بدراستها نتشبّهُ بالله. نعمل ما
يعمله الله.

       

ولكن لماذا يدرسُ الله التوراة؟

 

لقد خلقَ اللهُ العالمَ وهو ينظرُ إلى التوراة (كما ينظرُ المهندسُ
إلى مخطّطِ البناء). سبقت التوراةُ الخليقةَ (مدراش من القرن الرابع). وهكذا
تُقدَّمُ التوراةُ على أنها مكانُ تقليد ولقاءِ بينَ “الدارسين” والله.

تكتسبُ التوراةُ بذلكَ مفهوماً أكثرَ اتّساعاً من النص. فهي ليست
مجرّدَ لائحةٍ منَ الوصايا أو سلسلةٍ منَ الروايات، إنها كائنٌ روحي، تشبهُ الحكمة
التي يتحدثُ عنها سفرُ الأمثال (الفصل 8). الحكمة هي التوراة في سفرِ يشوعَ بن
سيراخ (الفصل 24).

التوراةُ هيَ الحكمةُ التي تجسدّت في نص. هي سماوية، سابقةُ الوجود،
قريبةٌ منَ الله. ولكنها كائنٌ مخلوق.

 

أينَ خُلِقت التوراة؟

هنالك صوَر لوصف ذلك: كُتِبَت بنارٍ سوداءٍ على نارٍ بيضاء، أو على
ساعِدَيّ الله. إنها صورٌ تعبّرُ عن العلاقة الحميمة والقُرب منَ الله.

هيَ كائنٌ سماوي نزلَ منَ السماءِ ليكونَ معنا، هيَ تعليم.

 

III. التوراة والهيكل، التوراة وخدمةُ الله:

       

هل نستطيعُ الاعتماد على الله بعدَ دمارِ الهيكل؟

 

1) التوراة والهيكل:

 

ما هوَ الهيكل؟ هوَ المكانُ الذي يَظهرُ اللهُ فيه.

ما هيَ التوراة؟ هيَ المكان الذي يُظهرُ اللهُ حضورَه فيه.

في قُدسِ الأقداس، كانَت النصوصُ المقدسة وحضورُ الله في مكانٍ واحد.

ومع غياب الهيكل، توصّلنا إلى الاعتقاد أنَّ التوراةَ هي بديلٌ
للهيكل. أي أنها وسيلةُ للوقوف في حضرةِ الله.

 

2) التوراة وخدمةُ الله:

أ. إن قمنا بدراسةِ قوانينِ هذه الذبيحةِ أو تلك، فذلك يُغني عن
تقديمها. ومن هنا، فانّ أهمية دراسةَ التوراةِ تساوي تقديم الذبيحة.

ب. ما معنى أن نخدمَ اللهَ بكلِّ قلبِنا؟

الخدمة = الصلاة

الخدمة = دراسة التوراة.

 

IV. إستقلالية التوراة:

 

هنالكَ توتُّر بينَ مفهومِ التوراة كوسيلةٍ للوقوف في حضرةِ الله
وبينَ مفهومها كهدف مستقل في حدِّ ذاتِه. هنالكَ استقلالية للتوراة (للكلمة).
والعلاقةٌ بين التوراة والله عميقةٌ الى حدّ أن التوراة تمثّلُ الله، كونها
مُتّحدةٌ به.

التوراةُ إلهية نوعاً ما. يمكن القول أن دراسةَ التوراةِ هدفٌ بحدِّ
ذاته، لأنها تمثّل الله. ومن يتعمّق في التوراة، يتعمّق في الحكمةِ الالهية. تعمل
التوراةَ المخلوقة وكأنها ممثّلاً لله. لذلكَ نستطيعُ أن نهبَ ذواتِنا كاملةً إلى
التوراة، أن نستسلم لها.

 

التوراةُ كائنٌ سماوي

 

يستعملُ معلمو الشريعةِ أحياناً لغةً تشبيهية جريئة للدلالةِ على أن
التوراة حقيقةٌ روحيةٌ عميقةٌ وقويةٌ جداً.

 

بينَ القرن الثاني والعاشر، قالوا أنَّ اللهَ نفسَه يدرسُ التوراة.
فالتوراةَ موجودة في عيونِ الله، بما أنه يدرسها. لذلكَ فالقارىءُ الأولُ للتوراة
ليسَ أنا، بل الله نفسه.

في العصور الوسطى، ذهبَ بعضُهُم في تفسيرِ التوراةِ على أنها اسمُ
الله: فانتَ عندما تقرأ التوراةِ تذكر اسم الله، إذن أنتَ تعرفه. كما قيل أنها
اسماءُ اللهِ المحتجبةِ خلفَ جُملِ الكتابِ المقدس الممتلىءِ منها. لذلكَ فنحنُ
نذكر اسم اللهَ بطريقةٍ خفيّة.

تعطينا هذه الصور فكرةً عن كيفيةِ النظرِ إلى التوراة.

في الحركة الصوفية Kabbale ترتبطُ التوراةُ ببعضِ “مظاهر” (Sfirot) الله.

هذه المظاهر هي عبارةٌ عن انبعاثات صادرة عن الله.

10 مجموعات من هذه المظاهر تخصُّ الانسان.

يقول كتاب Zora، زورا: ان التوراةُ واسرائيل والله متحدون.
لذا أرتكزُ على التوراةِ كي أتّحدَ بالله، دونَ الحاجةِ إلى التفكيرِ الدائمِ بذلك.
التوراةُ هي الطريقُ الرئيسي لروحانيةِ معلّمي الشريعة. قد نضيع فيها، لكننا في
الواقعِ نضيع في الله.

 

كيفَ تمثلُ التوراةُ الله؟

 

هنالكَ مدراش على نص تثنية الاشتراع 22: 11

 

“التوراةُ تمثِّلُ الله. والحكماء هم حَمَلَةُ التوراة. فإن
كنتَ لا تستطيعُ الوصولَ مباشرةً إلى الله الذي هوَ نارٌ آكِلة، وإن كنتَ لا
تستطيعُ الوصولَ إلى التوراة، تستطيعُ الوصولَ إلى الحكماء.

إذا درسَ أحدٌ التوراة من أجل التوراة (لا من أجل نفسِهِ) يصبحُ
صديقاً لله ويأتيه الجميع طلباً للحكمة، ويصبح هو نبعاً للحكمة. تحصل بينه وبينَ
التوراةِ وحدةٌ سرّية وتقيمُ التوراةُ فيه.

 

. مشاركة الإنسان في خلق التوراة وانتشارها. التوراةُ الشفهية

 

“التوراة” أوسعُ منَ النص الكتابي.

 

هنالكَ التوراةُ المكتوبة والتوراةُ الشفهية. وهذه الأخيرة هي
الوحيدة التي بقيت لشعبِ إسرائيل.

 

تعودُ التقاليدُ الشفهيةُ إلى موسى، حدثَ تطوّر وشرح للنصوص، وما
زالَ ذلكَ مستمراً. وهكذا يستمر انتشار التوراةِ عبرَ الزمان.

دورُ عمل الإنسان الخلاّق في بُنيةِ التوراة.

 

مفهموم “قِدّوش” (قداسة) = حداثة.

الروحُ القدسُ حاضرٌ في صميمِ الفكرِ الانساني.

تسلّمَ موسى الوحيَ الكاملَ للتوراة. وما عملُ معلّمي الشريعةِ إلاّ
تعميقاً لذلك. هنالكَ دوماً اكتشافٌ جديدٌ لهذا الوحي الأولي.

 

لماذا احتلّت التوراةُ مثلَ هذه الأهمية؟

ليست دراسةً التوراة جامدة. إنها دعوةٌ للتعبيرِ عنِ الذاتِ كاملةً.

يختلفُ الحكيمُ عنِ النبي.

في علمِ الشريعة، لا توجدُ نبوءاتٌ بل حِكم.

إنَّ الثقافةَ الربّينية هي ثقافةٌ حِكَميّة، وهي أهم من الثقافةٌ
النبوية، ولقاءَ الاثنتينِ هو الذي يجعلُ وحيَ اللهِ وخلق الانسانِ ممكناً.

في الثقافةِ الربّينية، الحكيمُ أكثر منَ نبي.

هنالكَ روايةٌ صغيرة تدلُّ على امكانيةِ وجودِ مُشادّاتٍ بينَ
عُلماءِ الشريعة، في أمرِ التوراة.

هنالكَ مدرستان: 1. رابّي اليعازر- (تيار نبوي): يجبُ أن نتركَ اللهَ
دائما يتكلّم. قد تكون النبوءةُ مزعجةً. لكن يجبُ تركَ المجالِ لله كي يتكلّم
وقتما ير يد وكيفما يحلو له.

2. رابّي ييشُوَّا: (ثقافةُ الحكمة) لقد أعطانا اللهُ كلَّ شيءٍ، وهو
لا يمكنُ أن يُناقضَ نفسَه ولا أن يقولَ لنا شيئاً آخر. وهذا التيارُ الأخير هو
الذي يمثّل موقفَ الأغلبيةِ في الدين اليهودي. ومن هذا المنطلق، ولكونهم
“حكماء”، استطاعَ داؤود وغيره.. أن يخدموا التوراة، لا بوساطةِ
“النبوءة”.

 

ومن هذه النظرة أيضاً، يكونُ انفتاحُ التوراةُ على التفسيرِ الانساني
أكثرَ منه على التدخّل الالهي المباشر.

إنَّ التوراةَ بصفتها “كائناً” (وليسَ مجرّدَ
“نص”) تُعبّرُ عن ذاتها من خلالِ ِ التطوراتِ التي تتابع على مدى الزمن.

 

هنالكَ إذاً علاقةٌ بينَ العهدِ والتوراة، وذلكَ لأنّ العهدَ هوَ
عبارةٌ عن مشاركة الانسان مع الله، ولأنّ الانسانَ مشاركٌ في عمليةِ خلقِ التوراة.

 

ب. دراسة التوراة؟

 

لا يوجدُ فرقٌ اساسي بينَ دراسةِ التوراةِ المكتوبة والتوراةِ
الشفهية. في الواقع، تُعطى أهميةٌ أكبر للتوراةِ الشفهية.

 

ولكن هنالك فرقٌ كبيرٌ في طريقةِ قراءةِ التوراةِ عندَ المسيحيينَ
واليهود. بالنسبةِ للمسيحيين، نضعُ أنفسَنا مباشرةً أمامَ الكلمة أي نعرض أنفسنا
أمامها. بالنسبةِ لليهود، يتمُّ دوما الاتصالُ بالكلمة من خلال وسائط وتفسيرات.
تُدرس التوراة مع كلِّ الجهد الذي أُنجِز عبرَ الأجيال، معَ كلِّ المعاني التي
تمَّ اكتشافُها والتعبيرُ عنها. نحنُ إذن في وسط نهرٍ كبير وحركةٍ واسعة من
الدراسة والفهم والمشاركةِ في هذه الحركةِ الجماعية.

 

وأنا أذوب في هذا النهر. وألمسُ الله من خلالِ هذه الحركة وهذه
الدراسة.

 

التوراةَ المكتوبةَ هي كالأصل. ويجب أن تتطوّرِ باستمرار. لسنا هنا
بصددِ علمِ الكتاب المقدس (كما هو عندَ المسيحيين) إنما في التفسيرِ الظاهري: أي
أنَّ المعنى يأتي منَ الخارج. إنها نظرةٌ نُواتيّة. نحنُ نتّصلُ بالتوراةِ من
خلالِ نقاطِ اتّصال. المهمُّ هو لمسُ التوراة، من خلالِ هذه النقاطِ، وليسَ فهمُ
معانيها الأصلية كاملة.

 

1.ممارسة دراسة التوراة، هالاخا وهاجادا

 

جذر كلمة “هالاخا” هو فعل “سار”. بمعنى أنَّ
الشريعةَ طريقٌ يجبُ اتّباعُه.

ليست “الهاجادا” إلزامية، يمكن قبولُها أو رفضها. وهي
عبارةٌ عن سلسلةٍ منَ القصص والعظات والتفاسير والنصوص التي تعالجُ أموراً أخرى
غير “الوصايا”.

وكما أنَّ التوراةَ تُقسمُ إلى رواياتٍ وشرائع، كذلكَ دراسةُ
التوراةِ في الدين اليهودي الحالي تُقسمُ بنفسِ الطريقة:

– تعليق، تطوّر الروايات التاريخية: “الهاجادا”.

– تعليق على الأجزاء القضائية: “الهالاخا”.

 

في الجيلِ اللاحقِ للتلمود، نجدُ الحركةَ الفلسفية التصوّفية (Kabbale) والتي يمكن إلحاقها “بالهاجادا”.

 

ذلك أن هناك مستويين:

– القاعدة، وهي الممارسة اليهودية للوصايا (الهالاخا).

-ومن ثمَّ ما يشبهُ البُنية الفوقية، كلّ ما يتّصل بالتاريخ والفلسفة
والتصوّف، أي كل ما يحمل “معنى”: “الهاجادا”.

وفي دراسة اليهودية، يتم التطرّق الى كلا المستويين.   

 

دراسةُ الهالاخا: أي الوصايا. كيفَ نعمل وكيف نتصرّف. هذا أمرٌ خاصٌ
بالدين اليهودي يميّزه عن الدراساتِ اللاهوتيةِ المسيحية. فاليهود يخصّصُون وقتاً
طويلاً لهذه الدراسة.

تُدرسُ بعضَ الشرائع القانونية دون شك، ولكن ليسَ ذلكَ فقط. فهنالكَ
ايضاً التلمودُ والمِيشنا.

بالنسبة لابن ميمون (مايمونيد)، لا قيمة الاّ لدراسةِ الوصايا على
أنها سلوك، دون العودةٍ إلى الأصول. ولكنه لم ينجح. ولذلكَ كتب
“قانوناً”.

اما في التلمودِ والميشنا، فنجدُ نوعاً منَ الفكرِ الفلسفي- القانوني
في تحليل الشريعة، يعرضُ بعضَ المفاهيم النظرية مقارنة بالتطبيقِ العملي، على
سبيلِ المثال بعض الحالات الصعبة. وذلكَ بهدفِ الوصولِ إلى فهمٍ جوهري للقانون، من
خلالِ تحليلٍ للشريعةِ نفسِها. ما نجده في التلمود هو نوعٌ منَ الخلاصة للشريعة
التي يجبُ العملُ بها معَ تحليلٍ نظري يتركُ مجالاً كبيراً للتفكير وحتى للابداعِ
الانساني.

 

إذا درسنا الشريعة فقط، فنحنُ نستلم لا نعطي. هنالكَ ما يجبُ عمله
وما يجبُ تجنّبه. امّا إن كانت دراسةُ الشريعة أمراً يوضعُ أمامنا على أنه مجموعةٌ
منَ الامكانيات التي نقوم نحن بالتعمّق بها، فهذا يتركُ مجالاً أوسع لروحٍ
إبداعيةٍ فكرية تجاه المادّة القانونية.

 

إنَّ شعبيةَ دراسةَ التلمود الكبيرة ليست مجرّدَ نتيجةٍ للحاجة إلى
معرفةِ كيف نتصرّف. هنالكَ أكثر من ذلك. على سبيلِ المثال، نحن نستمرُّ في دراسةِ
القوانين النظرية التي لم تعدّ تخصُّ الممارسة العملية الحالية، كالقوانين الخاصّة
بالهيكل. إنها عبارةٌ عن بناء نظري، نستطيعُ “اللعبُ” به نفسح المجال
فيه للإبداع الشخصي. إنه عالمٌ روحي نحن مدعوونَ إلى المشاركةِ فيه بكلِّ ما فينا
من روح الابداعِ.

 

نشعرُ هنا بأزمة فكرية:

-هل هدف دراسةِ التوراة هو فقط السلوك الانساني؟

-أم أنها (دراسة التوراة) مثالٌ في حدِّ ذاته؟

 

نجدُ في التلمودِ عدّةُ مناقشات: ما الأهم؟

قيمةُ الدراسة أم قيمةُ العمل؟

 

الدارسة مهمة، لأنها تقودنا إلى العمل،.. لكن العمل أيضا مهم لأنه
ينبع من الدراسة.. لا ينحصر محتوى الدارسة فقط بالشرائع والأخلاق. فنحن ندرُس
التوراة، ولا توجد أفضلية تراتبية. وتتم دراسة
Halakha بنفس الطريقة.

 

بإختصار: “نحن ندرس التوراة لا لمعرفة إرادة الله فقط، بل
كحقيقة مستقلّة”.

 

التوارة هي نقطة الإلتقاء بين الواقع البشري والواقع والحقيقة
الإلهيّ. هناك خطر حقيقي، في اليهوديّة، في التركيز على دارسة الشريعة، على حساب
المعنى الروحي.

هناك وجهان للقضية:

– إما أن نعطي معنىً روحيّاً لهذه الدراسة.

– أو امكانية الوقوع في خطر دراسة علميةّ بحتة مقصورة على نخبة
معيّنة.

 

منذ عامين، انتشر تيّار روحي جديد يقاوم هذه الدراسة العلميّة البحتة،
ويقول أنه يمكن العيش في حضرة الله، حتى بدون دراسة الشريعة.

 

يخترق حضور التوراة كامل الحقيقة الإنسانيّة. ففيها نجد التوازن بين
العمل والتفكير.

HALAKA، AGADDA

 

1.إمتداد الطابع القانوني للشريعة، إمتداد الطابع التاريخيّ للشريعة

 

2. تُشير التوراة كشريعة (ناموس المسيحيين      2. طابع سهل الفهم
بالنسبة للمسيحيين بسبب دوره الروحي، كونه يصيب الحياة وعالم التصوّف. ليست الدراسة
هنا هدفا في حد ذاتها.

الذي يتكلّم عنه القديس بولس) الى مكانتها المركزيّة في الوعي
اليهودي.                                           

 

الحفاظ على التوازن بين الHalakha والAgadda، والذي هو إستمرار لما نجدهُ في العهد: الشريعة
التي أُعطيت لشعب في فترة معيّنة من تاريخه.

 

ملخص ما قيل عن التوراة

 

1- التوراة المكتوبة والتوراة الشفهيّة.

2- مركزية التوراة الشفهيّة

3- Halakha
et Agadda

4- مركزية دراسة ال Halakha

•إرادة الله

•ابداع الإنسان

•إستمراريّة التوازن الموجود في العهد (التاريخ والشريعة)

•المشاركة والإبداع المتبادل (الإنسان والله- العهد)

 

ما هو سبب مركزية التوراة الشفهيّة؟

 

1- إستبدال الهيكل

2- إبداع الإنسان

3- الديمقراطيّة

4- يمكن حملها من مكان الى آخر

5- حضور الله، الآن وهنا (لقاء مباشر مع الله وكلمته) مفتوح للجميع.

 

Mishna-
Midrash- Talmud –II
التلمود والمدراش والميشنا

 

Midrash: (المدراش). نشأ في بداية القرن الثالث، يأتي
من الفعل
darash= البحث عن المعنى العميق. فهو شرح للنصوص
الكتابية.

Mishna: (الميشنا) هي نصّ مستقلّ في شكله، ومقسّم إلى
6 أصناف:

 

– الأرض، الزراعة

– الوقت

Nashims” ” (ما يخص النساء) النساء، الزواج،
العائلة، القانون الشخصي للنساء

– “Nizikims”، أي الذبائح والمحرقات

– “Tohorot”، أمور الطهارة الطقسيّة

التلمود: هو شرح الميشنا ِMishna.

 

قراءة للمقاطع الصغيرة من الMishna، ومن Agadda.

 

يُوجد القسم الأكبر من الميشنا Mishna في Halakha، ولكن الميشنا Mishna الموجودة في ال Agadda يسهل على المسيحيين الوصول إليها مباشرة.

م 3: يقول الرابي شمعون (تبدأ الميشنا Mishna دائماً بهذه العبارة: ” هذا ما يقوله الحكيم..” رجوعاً
إلى سلطة الربّنييم): إن أكل ثلاثة أشخاص مع بعض ولم يتكلّموا عن التوراة، فكأنهم
عبدوا الأوثان. أما إن أكلوا وتكلّموا عن التوراة، فكأنّهم يقدّمون ذبيحة.

م 4: إستمرارية مع الهيكل.

– يجب أن يعيش الانسان في بيته، وكأنه في الهيكل.

إن مشى الإنسان وحده، عليه أن يقرأ التوراة ليعطي سيره معنىً.

م 5: حول نير التوراة

في العالم كثير من الأحمال، أيُّها تحمل؟

من يحمل نير التوراة طوعا، يتحرّر من باقي الأحمال.

م 6: نجد الله في التوراة إذا قرأناها. إن تواجد عشرة أشخاص لقراءة
التوراة، فالله حاضرٌ بينهم. وان تواجد خمسة أشخاص لقراءة التوراة، فالله حاضر
بينهم. وان تواجد ثلاثة أشخاص لقراءة التوراة، فالله حاضر بينهم. وحتى لو وُجد شخص
واحد لقراءة التوراة، فالله حاضر معه.

ليس من الضروري أن يكون عدد الأشخاص 10 على الأقل كما هو الحال في
باقي الأشياء، هنا يمكن أن نكون أقل من ذلك، حتى العدد 1!

 

يُستعمل النصّ الكتابي في الميشنا Mishna لإحتياجات الموضوع المطروح. إنها دراسة خارجية ice-gèse. المعنى مُعطى من الخارج. إنها كلمة انسان حكيم حول موضوع محدّد.

قراءة مقاطع صغيرة من الميدراش Midrash: هي تفسيرات متتابعة لآيات كتابية.

 

Pisk 34: ما هي الوصيّة التي تأمر بدراسة التوراة؟

 

سفر تثنية الإشتراع 6: 7: فسَّر كوصيّة لدراسة التوراة.

– وصيّة لقراءة هذا النصّ مرّتين في اليوم.

– قراءة النص هي دراسته.

 

“علّموا أولادكم هذه الوصايا” (نبتدأ دائماً في الميدراش Midrash بآية من الكتاب المقدس).

علّموا = “Shinatam“، وتعني التمسك بالأمر بكل قوّة.

يحمل الميدراش Midrash فكرة الوضوح= يجب أن يكون الأمر واضحاً، كي ندخل فيه دون تردّد أو
تلعثم.

 

 هناك الكثير من التفسيرات في الميدراش Midrash. وهذه التفاسير المتعددة أمر مألوف في الأدب الربّيني.

 

* الفصلان الخامس والحادي عشر من سفر تثنية الإشتراع يُقرآن مرتين في
اليوم، وهما موجودان أيضاً في العصائب الملفوفة
Tiffilims، بالإضافة إلى الفصل الثالث عشر من سفر الخروج.

 

هل يجب اذاً قراءة الفصل الثالث عشر من سفر الخروج، مع الفصلين
الخامس والحادي عشر من سفر تثنية الإشتراع؟

الموضوع هنا موضوع توضيح قانوني. اذ لا يوجد تمييز مطلق بين ال Halaka وال Agadda.

 

* “علّموها لأولادكم”. لماذا تحديد دارسة التوراة بالأطفال؟
ما المقصود ب “أطفال”؟ يمكن فهمها على انها تقصد “تلاميذ”،
فيصبح المعنى: “تلمذوا وعلّموا”.

 

 

قدسية الوقت

السبت – الفصح

 

يقول A.
J. Heshel
(وهو لاهوتيّ
معاصر): “اليهوديّة هي ديانة الوقت”. التعريف مبالَغ فيه، ولكنه يُظهر
كم أن مفهوم “قدسيّة الوقت” مركزية في اليهوديّة.

 

هناك وجهان متكاملان ومتضادّان ظاهريا:

 

1.السبت: تخترق حقيقة الله وقتنا،كلّ سبعة أيام، بشكل ثابت ومحدّد.

2.الأعياد: تتبع التقويم القمريّ. لذا يبقى التاريخ مرتبطاً بملاحظة
الإنسان الذي يرى القمر أو لا يراه.

وتعبّر البركات التي تسبق الاعياد عن هذا الإختلاف:

– يوم السبت، تقول صلاة “القدوس”: “تباركت أيها الرب
الهنا، يا من تقدّس السبت”.

– وفي الأعياد: “تباركت ايها الرب الهنا، يا من تقدّس إسرائيل
والأعياد”.

 

تظهر في صلاة الاعياد مكانة الواقع البشري. في هذا المعنى، الوقت
الأكثر قدسيّة هو السبت، الذي لا يوجد فيه إلاّ تدخّل الله. ولا تشمل ممنوعاتُ يوم
السبت الإعيادَ. فالطبخ مثلا مسموح.

هناك أربع أعياد رئيسيّة:

 

الفصح

Shavouot: (العنصرة)                   

Sukkot: (عيد المظال)

Rosha shana: (رأس السنة)

 

تتضمن الأعياد الثلاثة الأخيرة الحج الى الهيكل.

                                     

ترتكز قدسيّة السبت على الخلق (استراح الله. تك 2)

 

هناك عيد واحد يعتبر الأكثر قدسيّة، ويخضع لممنوعات السبت، هو عيد
الغفران
Kippour، هو سبت السبوت.

ترتبط الأعياد المذكورة بالأسفار الخمسة الأولى.

أما بقيّة الأعياد فقد أسسها الربانيون: Pourim (عيد المساخر) (التي تعود أصوله إلى الكتاب المقدس)، و(عيد
الأنوار)
Khanouka. إن عدد القراءات التي تُقرأ في المجمع تُعبّر
عن أهميّة قدسية الوقت.

 

ففي الأيام العادية هناك 3 قراءات.

في تبديل الشهر هناك 4 قراءات.

في الأعياد الأربعة الكبرى هناك 5 قراءات.

في يوم الغفران Kippour هناك 6 قراءات.

في يوم السبت هناك 7 قراءات. فيوم الغفران أقل بدرجة من يوم السبت.

يُعتبر عيد الفصح من الأعياد المؤسِّسة والتي تتمتّع بمكانة كبيرة في
الكتاب المقدس.

 

سنحاول الدخول في مفهوم قدسيّة الوقت عن طريق ثلاثة مواضيع:

– العهد

– القداسة

-الحضور

 

وعن طريق علاقته مع الفصح والسبت.

أ.الوقت والعهد.

 

1. في يوم السبت: (خروج 31: 12)، السبت مفروض:

– في إطار عطيّة التوراة على جبل سيناء. فكلّ وثيقة عهد مختومة برمز.
هنا يعطي الله لموسى علامةً مرئيّةً، وهو أن هناك علاقة خاصة بينه وبين إسرائيل=
السبت.

– يمكن إعطاء كلمة العهد معنيين:

1. “هدية” من الله. السبت هو هدية الله لشعبه (انظر
التلمود).

2.”شركة”، مشاركة الإنسان في بعض أمور الله. ففي السبت،
يقلّد الإنسان الله الذي استراح بعد ستّة أيام من العمل. إنه يشارك الله في الراحة.

 

تذكار السبت

 

هناك إشارتان للكلمات العشر في الكتاب المقدس:

 

– (في سفر الخروج 20) السبت هو ذكرى الخلق، ذكرى راحة الله في اليوم
السابع. إنه من أجل العالم.

– (في سفر تثنية الإشتراع 5) السبت هو ذكرى العبور، ذكرى الفداء،
وخصوصاً للشعب الإسرائيلي.

الذكرى = نذكر حدثاً في الماضي، ولكنه أيضا مشاركة في بعض ما صنعه لله،
والذي – لأنه في الله – ما زال حاضراً اليوم.

 

2. في عيد الفصح، ندخل من جديد في هذا التاريخ، بإتمامنا مراسيم
الذكرى.

العهد هو الذي يُعطينا المقدرة على عيش الفصح من جديد، لأنّ الله –
الذي هو نفسه الأمس واليوم – حاضر الآن معنا، ولأنه أمين لوعوده.

تركّز ليتورجيّا عشية الفصح ال Hagadda على وعد الله لآبائنا، ولجميع الأجيال، لأن على كلّ واحد أن يعتبر
أنه هو بنفسه خرج من مصر.. لأن القدوس المبارك لم يخلّص أجدادنا فقط، بل خلّصنا
نحن أيضاً معهم..”

 

إذاً، العهد هو

 

وعد وذكرى ومشاركة

– في راحته (السبت)

-في فصحه (العبور).

 

ب- الوقت والقداسة

القداسة = إنفصال

أن تكون مقدّساً = أن تكون مفصولاً عن..

 

هذا أمر أساسي عند اليهود.

 

تخلق الممنوعات مجالاً منفصلاً، يستطيع الله أن يعبّر فيه عن ذاته
بطريقة جديدة: “لا تستطيع عمل هذا الأمر، لذا اترك الله يعمل لك أشياءً
جديدة”.

إن الممنوعات تخلق الإنفصال، وهو بُعد سلبي، ولا تحمل بُعدا إيجابياً.

كلمة Zakhoh تتضمّن الجانب الإيجابي.

وكلمة Shamokh تتضمن الجانب السلبي.

 

والجانبان مرتبطان. لا توجد ذكرى دون إنفصال والعكس صحيح. والطابع
السلبي (الإنفصال) هو الذي يسمح بالدخول في حداثة الطابع الإيجابي.

 

1.الفصح. المجال السلبي الذي سببه الممنوعات، يجب أن يمتلئ من أمر
إيجابيّ (مثلا بالنسبة للنساء).

2.السبت. الجانب الإيجابيّ: نحن نتكلم عن بهجة السبت، من الناحية
الجسمانية والمادية والروحيّة (التراتيل والصلوات..إلخ).

الجانب السلبي: ما هو الممنوع يوم السبت؟ 39 عمل تعتبر نماذج (أصل)..
تطوّرت فيما بعد. إنها الأعمال التي كانت ضروريّة لبناء هيكل الربّ. المبدأ هو أن
هذه الأعمال خلاّقة (لا أعمال ثقيلة).

 

وهبنا الله المقدرة على السيطرة على العالم. وفي يوم السبت، نتخلّى
عن هذه المقدرة، لندخل في راحة الله.

 

العلاقة بين أعمال الهيكل وممنوعات السبت.

 

السبت هو “الهيكل في الزمن”. هذه الأعمال التسعة والثلاثون
سمحت بخلق المجال المقدّس لله. ومجرّد الامتناع عن هذه الأعمال يخلق مجالاً مقدساً
آخر، ولكن في إطار الوقت.

 

ج- الوقت والحضور

 

1.السبت: يُفهم السبت في إطاره الكامل على أنه حضور الله، وعلاقة مع
الله.

– الصوفية (La Kabbale) تتمّ الصلاة في بداية كلّ وجبة لطلب حضور الله. ويأخذ ذلك وقتاً
طويلاً في الترتيل والكلام عن التوراة. يوم السبت لا نحمل العصائب الملفوفة
Tiphillims لأن السبت نفسه هو رمز.

 

هناك تنازع بين أمرين: هل السبت اولا يوم الله أو يوم الراحة؟

 

2. الفصح: يتم تنظيف البيت، والابتعاد عن كلّ ما هو مخمّر، كما يجب
ترك كل ما هو ميول منحرفة، تكبّر..إلخ.

ثم نعيش مجدّداً مسيرة التحرّر من مصر.

هناك ثلاثة أمور يجب قولها:

1.الذبيحة الفصحية

 

“الحمل الفصحي الذي أكله آباؤنا ما دام الهيكل موجوداً يذكّر
بمرور الرب – تبارك اسمه – فوق بيوت بني إسرائيل، حين ضرب بيوت مصر. هذا ما يقوله
سفر الخروج (12: 27). إنه ذبيحة تكريم لله بسبب عبور آبائنا، لأن الربّ تجاوز
مساكن أبائنا في مصر في الوقت الذي ضرب فيه بني مصر. فسجد الشعب أمام الله وانحنى.”

 

2. الخبز الفطير

 

“لماذا نأكل هذا الخبز الفطير؟ لأنه لم يكن هناك وقت كافٍ
لتخمّر العجين الذي استخدمه آباؤنا، فظهر لهم ملك الملوك، القدوس – تبارك اسمه –
وخلّصهم، كما قيل: وصنعوا فطائر من الخبز الفطير، من العجين الذي أحضروه معهم من
مصر، لأنهم طُرِدوا من مصر بسرعة، ولم يكن معهم وقت ليأخذوا طعاما للطريق”.

       

3. الأعشاب المّرة

       

لماذا نأكل هذه الأعشاب المرّة؟ لأن المصريين جعلوا حياة آبائنا صعبة
لا تُطاق في مصر، كما قيل: وجعلوا حياتهم مرّة لا تُطاق بالعبوديّة القاسية، وفي
تشغيلهم في صنع الأجران والطوب، وفي جميع أعمال الحقول. فجميع الأعمال التي قاموا
بها كانت قاسية.

 

هذه هي ذكرى الماضي (ذكرى آبائنا).

ثم نتابع الاحتفال (وهكذا نجعل الماضي حاضراً).

 

” على كلّ فرد من كلّ جيل، أن يعتبر ذاته وكأنه هو بنفسه خرج من
مصر، كما قيل: وتقول لابنك في ذلك اليوم: إنه بفضل ما عمله الأبدي (الله) معي
ليخرجني من مصر. لأنه ليس آباؤنا هم الذين خلّصهم الرب – تبارك اسمه – ولكنه
خلّصنا نحن أيضاً معهم، كما قيل: “وأخرجنا من هناك ليدخلنا إلى الأرض التي
أقسم أن يُعطيها آباءنا”.

 

الطابع الوحيد غير الموجود هنا هو الدم.

الفصح هو التقدمة الوحيدة التي لا صلة لها بالتكفير عن الخطايا.
وهذان الطابعان موجودان في الإحتفالات المسيحيّة.

الفصح- عند اليهود- هو ليلة الشكر، ليلة تجلّي الله، ليلة يظهر ملك
المجد في وسط شعبه إسرائيل. الفداء الأول يتأوّن من جديد.

 

في السبت كما في الفصح، نربط الماضي والحاضر والمستقبل. للسبت بُعدٌ
أخرويّ. أنه عربون العالم الآتي. يُقال أنه 1/60 من العالم الآتي. وفي عيد الفصح
نتطلّع إلى الفصح الأخير. ننتظر عودة النبي إيليا.

معنى الفداء الفصحي

 

يتضمّن التحرّر من مصر جميع التحرّرات التاريخيّة الأخرى. فالكلّ
مدعوّ للخروج من “مصر التي تستعبده”. هناك تحرّر يخص أشخاص.

الفصح هو قوّة جماعيّة وشخصيّة في التاريخ.

 

الصلاة

 

موضوع هام ومعقّد في اليهودية: وهو موضوع يمكن أن يخدم الحوار بين
المسيحيّين واليهود.

لنبدأ من التعريف اليهودي الذي أُعطي في بداية الكتاب: اليهوديّة هي
تاريخ إسرائيل في حضرة الله.

ماذا يعني هذا التعريف في موضوع الصلاة:

– أن الصلاة مرتبطة بالتاريخ.

– أنها مرتبطة بإسرائيل.

-أنها مرتبطة بحضور الله.

 

سياق الصلاة – بالنسبة إلى المواضيع التي طُرحت = الميتزفا Mitzva، التوراة..إلخ

I.أهميّة الصلاة في اليهوديّة:

 

التكرار أمر مركزي فيالصلاة اليهوديّة.

يصلّي اليهوديّ:

3 مرّات في اليوم.

4 مرّات في الأعياد.

5 مرّات في يوم الغفران (كيبور).

 

إضافة الى البركات التي تسبق كّل حركة من الحياة اليوميّة.

 

الصلاة هي تذكير دائم بحضور الله.

 

هل للصلاة نفس المركزيّة عند اليهود والمسيحيّين؟

 

صلاة المسيحي هي أفضل طريقة للعيش في حضرة الله. هي الطريق. ولكن
هناك، في الحوار، خطر التفكير أن الصلاة هي نفس الأمر في اليهوديّة. وهناك نصوص
تحمل على هذا التفكير. فالكلام عن الصلاة يتمّ بنفس الطريقة.

 

ما هو الطريق الأمثل للصلاة في اليهوديّة؟ ما هي الخدمة التي نقدمها
لله؟ إن دور الصلاة في اليهوديّة ليس مركزيا كما هو الحال في المسيحيّة، لأن هناك
أوجه أخرى مطروحة تمكّن اليهودي من العيش في حضرة الله.

جاء في ميدراش Midrash من القرن الثالث (LE Sifray) حول سفر تثنية الإشتراع:

 

“أخدم الله بكلّ قلبك”.

كيف نخدم؟ عن طريق دراسة التوراة.

بكلّ قلبك؟ هي الصلاة.

 

نلاحظ هنا أهمية الصلاة بالنسبة للتوراة.

التوازن بين الصلاة والتوراة. عندما يريد يهوديّ أن يكون في حضرة
الله، فإنّ الطريق الذي لذلك هو دراسة التوراة. نعم، الصلاة هي مركز الحياة
اليوميّة، ولكن يجب إعتبار أن التوراة هي الطريق لذلك.

 

هناك طريقان بديلان عن الهيكل: التوراة والصلاة.

 

1.الصلاة والميتزفا Mitzva:

 

يمكن اعتبار مركزية الصلاة بالرجوع الى الميتزفا Mitzva: فهناك وصيّة للصلاة: نص سفر تثنية الإشتراع الذي ذكرناه.

بالنسبة لابن الميمون Maïmonide، الصلاة هي وصيّة بثلاثة أوجه:

1- التسبيح

2- التضرّع

3- الشكر

 

على كلّ يهودي أن يتبع هذا الطريق.

 

في كلّ المراجع الاخرى، لا توجد أية وصيّة خاصة بالصلاة. فهم لا
يفسّرون هذه الآية على أنها تخصّ الصلاة (يعرف اليهودي ما هو مهم عن طريق وصيّة من
الله). أما بالنسبة للمعلميّن الآخرين، ما عدا ابن الميمون
Maïmonide: الصلاة هي من وضعٍ بشري آتٍ من الربينيم، أي من سلطة بشرية.
بالنسبة لمعظم اليهود التوراة هي وصيّة من الله، لا الصلاة.

في الكتاب المقدس، هناك واقع الصلاة الذي لا يمكن انكاره. ليس هذا هو
السؤال، ولكن السؤال هو هل الصلاة جزء من عادة، من نظام روحي معيّن، من الدين، كما
هو الحال بالنسبة للعبادة في الهيكل مثلاً. هل فرض الصلاة أصله كتابيّ، كما يعتقد
ابن الميمون
Maïmonide، أم أصله الربّانيون؟

 

2.الصلاة والهكيل.

 

إن لم تكن الصلاة وصيّة، فمن الذي أسسها؟ وما هو هدف هذا التأسيس؟

الصلاة مربوطة بدمار الهيكل. فما دام الهيكل قائماً، هناك عبادة
مستمرّة وضعها الله. وحتى في ذلك الوقت، كانت هناك طرق أخرى لخدمة الله، ولو أنها
لم تكن مركزيّة.

 

ما هو سبب مقدرة اليهودية على البقاء كديانة حيّة، ومتطوّرة، بالرغم
من دمار الهيكل؟

 

السبب هو لأن عناصر اخرى (غير الهيكل) أخذت مكانة أكبر، منها تثبيت
الصلاة. وقد حدد الربينيم مجمع يمنيا
Yahvne الذي عُقد بقرب القدس، اوقاتا خاصة للصلاة خلال النهار. هذه هي
الطريقة التي بها تذكر الجماعة اليهودية الله. والقرار الذي تم التوصل اليه هو
ثلاث مرات في اليوم كي تخترق الصلاة المجتمع بأكمله. وفي الواقع فان هذا القرار
يناقض ما كان يحصل في الهيكل حيث كان البعض يقدومون الذبائح باسم الشعب باكمله. في
الكتاب المقدس نحن نصلي عندما نشعر بالحاجة للصلاة او لنشكر الله. بينما هنا
التركيز على الصلاة ليس مرتبطاً بالأحاسيس، وانما هو فريضة جماعية وتخص الشعب كلّه
(ديمقراطية).

 

نتائج هذا البديل

 

ايجابيات وسلبيات:

 

الإيجابيات: تكوين جماعة تصلّي باكملها.

السلبيات: عارض المعلم اليعازر هذا الرأي، لأنه إن أصبحت الصلاة
” كيفا” أي أمرا ثابتاً وروتينياً، لم تعُد توسلاً. ذلك ان الصلاة تنبع
من القلب. وهذا الصراع فرض نفسه في قلب اليهودية، الصراع بين (كيفا والكفنا) اي
بين النيّة وحوافز القلب. وتعتبر هذه المشكلة من اعمق المشاكل في اليهودية.

 

 III.تاريخ تطور الصلاة في الديانة اليهودية.

ما هو السبيل لتجاوز هذا الصراع. نبرز البعض منها:

– كل شخص مدعو الى دمج صلاته في الصلاة العامة.

– العمل على اضافة صلوات تعويضاً عن الصلوات التي لم تعد تتناسب مع
وقتنا الحاضر (دون إلغاء أية صلاةً). وهذا يجعل الأمر ثقيلاً عندما نبحث عن صلوات
جديدة او اكثر عصرّيه واكثر حياة.

– طريقة اخرى لتجنب الروتين واحياء الصلوات تتم من خلال تجديد النصوص
الموجودة، والتعبير عن هذه النصوص بطريقة اكثر شعرية على سبيل المثال.

– استخدام الموسيقى لأحياء النص.

– محاولة الولوج الى المعنى الصوفي الذي يعطي مستوى اكثر عمقاً
للنصوص الثابتة.

 

ملخص لبعض الأجوبة على أسئلة حول موضوع الصلاة.

– ليست الصلاة بالنسبة للديانة اليهودية حواراً مع الله، ولكن
الأنسان يسمع الله يتكلم عند دراسة التوراة، لأنه حينئذ يقرأ الرسالة التي يوجهها
له الله. هذا هو ما يمكن قوله على المستوى المؤسَساتي والجماعي.

– هناك اشخاص في الكتاب المقدس دخلوا في علاقة حوار مع الله، وتكلّم
الله معهم. الا اننا عندما نتكلم عن الصلاة في الدين اليهودي، نقصد الفريضة العامة
للصلاة التي يمارسها كل يهودي ملتزم ثلاث مرات في بنيّة مستقيمة. فنحن في الصلاة
لا ننتظر جواباً من الله ولا أن يكّلمنا الله، ولا ننتظر الدخول في حوار مع الله.
يأتي المؤمن اليهودي ليقدّم صلاته ووقته الى الله. ولهذا لا مكان للصمت في الصلاة
وخاصة في صلاة الكنيس. عندما نتكلم عن الحياة الصوفية فاننا لا نقصد نفس المعنى
الموجود في الدين المسيحي.

 

في المسيحية المراد بالحياة الصوفية شكل داخلي من المبادلة والحوار
مع الله.

في اليهودية: هي القدرة على الدخول في الحياة الألهية، والعمل على
تفعيل هذه الحياة في علاقته معنا، هي امكانية التأثير على الله. وفي هذا المعنى
فإن الحياة الصوفية والسحر يتقاطعان.

 

ب): ثلاث نقاط جديدة:

1- هيكليّة الصلاة اليومية.

2- الصلاة وعلاقتها مع اسرائيل وحضور الله.

3- قراءة من صلاة اميدا (الصلاة اليهودية الرئيسية التي وُضعت في
مجمع يمنيا).

 

1) هيكلية الصلاة اليومية:

 

هناك جانبان في صلاة الليتورجية: (نحن نتكلم) وهذا دورنا، و(نقرأ
النصوص) وهذا دور الله. ذلك انه في اوقات معينة نقرأ في ملف التوراة. قلب هذه
الصلوات هو الثماني عشرة بركة (الأميدا). ثم القسم الرئيسي والذي يشتمل على ثلاث
قراءات: تثنية الأشتراع: الفصل السادس: اسمع يا اسرائيل، حيث يتكلم الله معنا
ويطلب بعض الأمور. القراءة الثانية من تثنية الأشتراع الفصل الحادي عشر، القراءة
الثالثة في سفر العدد الفصل السابع والعشرون.

 

صلاة الظهر قصيرة، وتقتصر على صلاة الأميدا، اي الصلوات التي قررها
مجتمع يمنيا بعد دمار الهيكل. اما صلوات الصباح والمساء فانها تتبع النظام التالي:

بركتان

ثلاث قراءات

بركتان

الأميدا (الثماني عشرة بركة).

 

ما هي البركات الثمانية عشرة؟

 

الموضوع الأول: الخلق، البركات المرتبطة بالزمن.

الموضوع الثاني: بركات مرتبطة بالوحي، نبارك لأننا استلمنا التوراة
ولأننا مختارون.

الموضوع الثالث: بركات تخص الفداء، التحرير من عبودية مصر، تحرير حصل
في الماضي وهو ضمان المستقبل.

فكرة مركزية تخترق هذه المواضيع الثلاثة: فكرة ملكوت الله.

يبلغ عدد الصلوات التي نتلوها كل صباح في الكنيس ستاً وستين صلاة بما
فيها الأضافات وهي كالتالي:

– مجموعة مزامير

-بركتان

– ثلاث قراءات: تثنية الأشتراع الفصل السادس والفصل الحادي عشر، سفر
العدد الفصل السابع والعشرون.

– الأميدا: الثماني عشرة بركة.

-الأعترافات.

-مزامير اخرى مع مقاصد ختامية.

 

II إسرائيل ووجود الله

 

ان هدف الصلاة هو ان تكون في حضرة الله على الرغم من الصعوبات
العملية.

– هناك لغة جسدية في الصلاة، فالصلاة ترافقها الحركات (الأيدي
المرتفعة على مثال الخادم في حضرة سيده). فنحن نتصرف وكاننا في حضرة الله.

تنص الشريعة اليهودية (الهالاكا) على انه من خلال الصلاة يجب ان نذوب
في كيان الله بحيث ننسى اجسادنا ونتصرّف كأننا خارج اجسادنا. في التقليد الحاسيدي
Hassidique: الصلاة هي الطريق لعيش الوحدة مع الله. من هنا، فكرة حضور الله
مركزية جدا.

 

ان تأسيس الصلاة تمّ من أجل الجماعة. وهذا يؤدي الى شكل ثابت للصلاة،
مما يخلق بعض الصعوبات في سير الصلاة. المثال هو أن تكون الصلاة الوسيلة التي تضع
شعباً بأكمله في حضرة الله، جماعةٌ تضع حياتها بين يدي الله.

 

ما هو الأهم، الجماعة ام حضور الله؟

من حيث المبدأ لا يوجد أي تناقض. ولكن في الوقع هناك صعوبات لأن
البُعد الجماعي غالبا ما يتفوّق. وفي التاريخ الصلاة الجماعية هي التي حدّدت هوية
الشعب. وهذه نقطة قوية، مع أنها لا تخلو من المخاطر.

 

يكمن الخطر في ان الواقع الجماعي يمكن ان يدمّر العمق الموجود في
الصلاة، وهو الرغبة في المثول شخصيا في حضرة الله. فمن يمثل امام الله هو الجماعة
لا الشخص. وبالتالي فنحن نركز على هذين الواقعين. الواقع الجماعي الذي يحاول ان
يطمس الو اقع الآخر. يبقى أن الهدف هو دائماً الوقوف في حضرة الله.

 

قراءة الأميدا

وهي صلاة محورها انتظار الخلاص.

نحلل في بداية الأمر البركات الثلاث الأولى:

1- مبارك أنت أيها الأبدي، اله آبائنا. من هو الله؟ كل يهودي يقدم
نفسه على انه عضو في جماعة اسرائيل، وعلاقته هي مع اله ابراهيم واسحق ويعقوب. الله
العظيم الخالق، الذي يذكر الآباء ويرسل اليهم مخلصا باسم محبته (لاحظ البُعد
المسيحاني للفداء).

2- مبارك أنت ايها الأبدي، يا من تقيم الموتى: (قوة الله التي تتجلى
في الطبيعة وفي حياة الأنسان)، انت الذي تزهر الخلاص.

3- قداسة الله: انت قدوس، اسمك قدوس. بين رأس السنة (Rosh Hasiana)، وبين يوم الغفران (Yom Kipour)، نضيف بعض الفقرات (يوم التوبة).

 

تحليل البركات الثلاث الأخيرة

 

1)أعطف يا رب على شعبك وعلى هيكله. مبارك أنت يا من يؤسس معبده في
صهيون. هذه بركة لاعادة بناء الهيكل. ليرجع الحضور الألهي الى الهيكل، ولتعد اليه
العبادة. هذا هو في الواقع ما تتوق اليه الصلاة.

 

2) بركة الشكر

نشكرك لأنك سرمدي

من اجل حياتنا التي هي بين يديك

ان رحمتك يا الله لا متناهية

لتشكرك كل المخلوقات

لتكن مباركا الى الأبد انت الله الصالح والوحيد الذي يستحق التسبيح.

 

3) البركة النهائية من اجل السلام

يتضمّن السلام كل البركات

وله بُعد وطني: اله ابائنا، السلام لإسرائيل.

الوعي الكبير للوجود الجماعي

ليست التضرعات من أجل الأنسان أو العالم، بل من أجل الجماعة. لذا
أضيفت بعض الصلوات ذات الطابع شخصي. تتضمن الصلاة بعض احتياجات الأفراد، لا جميعها.

 

اذا ما هي الصلاة العامة وما هو مضمونها؟

 

مجموعات من البركا ت بين اول ثلاث وآخر ثلاث:

ثلاث مجموعات

– بركات من اجل احتياجات الأفراد الروحية (4).

1) نطلب نعمة الذكاء لنتمكن من معرفة الله بصورة افضل ولتقوية
العلاقة معه.

2) اجعلنا نعود اليك – طلب نعمة المغفرة.

3) نطلب مغفرة الخطايا.

4) تباركت أيها الأبدي، يا مخلّص شعبك: مخلص، يعني ان الجماعة
بأكملها ستخلص. يتكلّم بعض علماء الكتاب المقدس عن الخلاص الشخصي.

 

– بركتان من أجل الاحتياجات المادية:

1) من اجل شفاء المرضى

2)من اجل نعمة المطر، تباركت يا من تبارك السنين.

 

– دورة الفداء:

وهي نواة الأميدا، وتشمل البركات التي تركز على انتظار الخلاص وتصفها
بطريقة مسيحانية.

1)تجميع المشتتين.

2)اجعل العدل يزهر وأبعد عنا الألم والمصائب

3) تدمير الشر ومباركة الأبرار.

(في مجمع يمنيا تم اضافة المسيحيين الى لائحة الأعداء، وهي عبارة عن
طريقة لفصلهم لأنهم لم يعودوا يشكلون جزءاً من الجسم اليهودي.)

 

4) سند وامل الصالحين، رفع الأبرار.

5) إعادة مملكة داود، ورجوع القدس

6) ليستقبل الله صلاتنا- في هذه البركة هناك مجال لمن يرغب في اضافة
صلوات واحتياجات خاصة.

 

يحتل الفداء المكان الرئيسي، فالجماعة هي التي تصلي والتي تعبر عن
رغبتها عندما تصرخ: خلصنا. لأن الهيكل دُمّر وفقدت اليهودية استقلالها وتشتّتت.
إنه صراخ الجماعة التي تعيش تاريخها في حضرة الله.

 

إختيار شعب إسرائيل

 

هناك أراء عديدة ومختلفة حول هذا الموضوع في الدين اليهوديّ. فهناك
من لا يرون أنها تشغل حيّزاً متميّزا، مثل ابن الميمون (
Maïmonide)، وهناك من يراها نقطة رئيسة مركزيّة. كما أن هناك وجهات نظر
الفلاسفة والمتصوّفين المتنوّعة جدّاً.

 

بالنسبة للرابي يهوذا أليفي (Rabbi Yahouda Alevi)، وهو فيلسوف من القرن الحادي عشر، تشغل إسرائيل مكاناً مميزاً في
الخليقة، وهي فوق البشريّة.

لا يمكن تبرير الإختيار بشكل عقلاني، ومن هذا المنطلق يرفضها بعض
الفلاسفة مثل سبينوزا (
Spinoza). يمكن أن تطرح باقي المسائل في الدين اليهودي
بطريقة فلسفيّة. أما موضوع الاختيار فلا يمكن فهمه الاّ في الإطار التاريخي.

 

1- الإختيار والعهد

 

كي نتكلّم عن الإختيار، يجب ان نبدأ بمفهوم العهد.

العهد حدث تاريخي واقعي. وعندما نتكلّم عن إختيار الله، يكون ذلك في
إطار العهد، وذلك بسبب علاقة خاصّة بين جماعة بشريّة والله. كان لكل جماعة بشريّة
في الشرق القديم آلهتها، وكان لشعب إسرائل إلهه أيضاً. وفي هذا السياق لم يكن ما
ندعوه اليوم “اختيارا” يشكّل أية مشكلة. أما اليوم، ومع وجود ديانتين
موحّدتين أخريين، يجب تبرير هذا الإختيار الخاص من الله لشعب معيّن.

 

– قبل كل شيء، الاختيار مسؤوليّة، وفيه إلتزام بنمط حياة معيّن يفصل
هذا الشعب عن غيره.

– هدف الإختيار رسالة خاصّة (راجع تثنية1: 14). وهذه الرسالة تبرر
عدّة التزامات.

– هذه حقيقة تتجسد في تاريخ واقعي. فالله “دائماً مع” وفي
تاريخ شعب إسرائيل. حاضر دائماً وفعّال في هذا التاريخ. (لا يعني ذلك أن كل شيء
سيسير على أحسن حال.. بالعكس..!)

       

ليس السؤال المطروح: “نحن أفضل من..”، بل “لماذا
حياتنا مختلفة؟”

وما الإختيار الاّ تبرير لهذا الإختلاف.

 

موضوع الإختيار حاضر بشكل قوي في الليتورجيّا ومرتبط دائماً بتبرير
الواجبات تجاه الله. وهكذا نذكر باستمرار هذا الإختيار وسببَه. نجد هذا المفهوم
للإختيار في ثلاثة أُطُر ليتورجيّة مختلفة.

– صلاة الصباح: مباركٌ أنت ايّها الرب الإله.. الذي اختارنا وأعطانا
التوراة.

ليس الإختيار مستقلاً، بل يرتبط بعطيّة التوراة.

 

– صلاة السبت:      مباركٌ أنت يا رب.. أنت الذي اخترتنا وأعطيتنا
سبت المحبة.

يرتبط الاختيار بتقديس الزمن.

 

– صلاة الأعياد:     .. اخترتنا ورغبت فينا وأحببتنا وقدّستنا في
وصاياك.. لخدمتك.

يرتبط الإختيار بحفظ الوصايا.

 

المحافظة على الوصايا مرتبطة بالشعور بعلاقة متميّزة مع الله.
والأمانة للوصايا هي نتيجة عهد معيّن.

 

2- الإختيار والتاريخ:

 

الاختيار والتاريخ مرتبطان. يمكننا تبرير الاختيار عندما نتكلّم عن:

– فرادة تاريخ الشعب اليهودي، والذي استمرّ بالرغم من التشرد
واللاسامية.

– أهمية وجوده وتأثيره في العالم.

هناك خاصيّة يهوديّة يشهد لها حتى اللاساميون، هناك “ضمير”
في عمق الشعب اليهودي يؤكّد له أنه شعب مختار. والاضطهادات تعزّز، وفي كل مرّة
بشكل أقوى، هذا الشعور بالاختيار.

 

لذا، لتحديد هذه الخاصيّة اليهوديّة، يمكن العودة الى التاريخ والى
حفظ الوصايا. بيد أن هذا الأمر يصبح أكثر صعوبة في الوقت الحاضر وفي الشتات (
Diaspora). وإذا ما خرجنا عن سياق العهد، ودخلنا سياق التفكير، يصبح الكرم
عن الاختيار صعباً جداً.

 

ماذا يمكننا أن نقول عن الإختيار وعن الخاصيّة اليهوديّة، إذا كانت
هناك شعوب اخرى موحّدة (المسيحيّة والإسلام)؟

 

يطرح هنا سؤالان:

2-أمام شموليّة الله في العالم، لماذا الإختيار؟

3-ولماذا لا أكون أنا أيضاً مختاراً؟ لماذا فقط اليهود؟

 

في الحقيقة، المشكلة هي كيف يمكن ان نشرح حقيقة الاختيار التاريخيّة
في مفاهيم فلسفيّة او لاهوتيّة، صالحة في سياق غير السياق الذي تمّ فيه الاختيار
(السياق التاريخي).

هنا يجب الانطلاق لا من جهة الشعب بل من جهة الله.

       

وهنا، كما هو دوما، نجد عدّة وجهات نظر:

1- الإختيار أمر غير مهم. حيث يمكن أن يكون الشخص يهوديّاً دون أن
يتكلّم عن الإختيار. حذف فكرة الاختيار كما فعل ابن ميمون (
Maïmonide)، مع أنّه كان يهوديّاً أصيلاً.

2- الإختيار أمر نسبي (راجع ليو بيك Leo Peck). نعيش خصوصيّتنا وحقيقتنا في الطريقة التي ينتظرها الله منا، أي
بهدف رسالة خاصّة. وهكذا يأخذ كلّ واحد نصيبه من التاريخ، الذي هو “إختيار
خاص” لرسالة خاصّة.

3- الإختيار هو أحدى الطرق التي يعبّر بها الله عن محبّته، فهي لغة
الحب. وهي طريقة لنقول أن الله يحبّنا (نقول: نحن مختارون، لنقول أن الله يحبنا
بهذه الطريقة). راجع عاموس: الله “يعرف” إسرائيل. أي أن الله “يحب”.
(راجع تثنية الإشتراع). نقول أن الله يحب الآباء (
Patriarches).

إذا..

 

هل يجب أن نتكلّم عن العهد اولاً ام عن الحب؟

في الواقع، يعود بنا المفهومان الى فرادة الشعب الإسرائيلي، ونحن
أمام طريقتين للتعبير عن ذلك.

إن انطلقنا من مفهوم الحب، فهذا يجعل الأمر نسبياً. الاختيار هو
الطريقة التي يعبّر بها شعب اسرائيل عن خبرته مع محبة الله. (راجع كادوشي
Kadouchi).

ولكن..

 

يأتي السؤال عن الهدف: لماذا اختار الله؟

 

هل العهد لشعب إسرائيل فقط ام للعالم أجمع؟

لا يوجد في الكتاب المقدس الشعور فقط ب” قضاء وقَدَر
جماعي” بل ب “رسالة جماعيّة”.

 

III الرسالة الجماعيّة:

 

لقد تم إختيار إسرائيل لأجل البشريّة.

أشعيا 49: لكي تعرف الشعوب الله.

أشعيا 53: إسرائيل-الخادم، له دور يلعبه للبشريّة كافّة.

يتكلّم يهوذا إليفي (Yehuda Alevi) عن إسرائيل في العالم، كالقلب في الجسم.

يمكن أن نعرض هذه الحقيقة بطريقتين:

1- بطريقة تراتبية: إسرائيل فوق باقي الشعوب

2- بطريقة أداتيّة: إسرائيل أداة في يدي الله كي تتمكّن باقي الشعوب
من معرفته.

 

وإن أخذنا بهذا الرأي الأخير، يطرح السؤال التالي: هل سيزول الإختيار
عندما تعرف كل الشعوب الله؟

 

 IV ماذا يعطي شعب إسرائيل للعالم؟

 

وجب على اليهود في الألفي سنة الأخيرة أن يبرّروا أمام شعوب العالم
هذا الإختيار في شتاتهم (
Diaspora).

يمكن إمّا:

1- تبرر الإختيار من خلال مساهمة الأشخاص من أصل يهودي في حياة
البشريّة. (عدد الحاصلين على جوائز نوبل للسلام.. كبار المفكّرين..)

2- تبرير الإختيار في إطار وطني: “رسالة” الشعب اليهودي في
البشريّة، من حيث أنه شعب.

 

بالنسبة لشمشوم رفائيل هيرش (Samson Rafaël Hirsh): إسرائيل هي طريق تُعْرَف من خلاله إرادة الله في العالم. هو شعب
بأكمله مدعو ليشعَّ حضور الله في العالم. هناك فصل هدفه الدمج (خروج 19) شعب
كهنوتي، وحسب هذا المفهوم فإن الإختيار أمر دينيّ. يتكلّم بعض المفكّرين عن رسالة
يهوديّة للعالم، بمعنى التأثير والمشاركة في خصوصيات باقي الشعوب: التوحيد،
الأخلاقيات.. هناك شيءٌ خاص في هذا الشعب يمكنه أن يؤثر على العالم كجسم واحد. أن
يعطي الشهادة في أسلوب كيانه وعيشه المشترك.

يقول الرابي كوك (RAV KOOK)،وهو اول معلّمي فلسطين وأكبرهم: إن اعتمدنا قاعدة الإختيار محبّة
الله، فإن صلاح الله لكل الخلائق. ولكن تم إختيار بعض الشعوب وبعض الأشخاص كي يصل
هذا الصلاح الى كل الخلائق وكل الخليقة. وهذا شبيه بوعاء او طريق للعالم. من
الأفضل أن ننظر الى الأشياء بعيون الله على أن ننظر إليها بعيون البشر. وإذا أخذنا
تعريف اليهوديّة على أنه: “تاريخ الشعب اليهودي المستمر في حضرة الله”،
فعندما نصل الى هذه النقطة: ” في حضرة الله”، يصبح مفهوم الإختيار
واسعاّ ودينامياً. فهو يشبه قاعدة تسمح للآخرين بالدخول في معرفة الله ومحبته.
نافذة مفتوحة على حقيقة الله.

يستطيع آخرون الدخول في الاختيار من خلال إسرائيل.

 

كيف نرى دور الديانة المسيحيّة بالنسبة للديانة اليهوديّة في هذا
السياق؟

 

بشكل عام، لا نعتقد في الديانة اليهوديّة ان الديانة المسيحيّة تلعب
دوراً في نقل الرسالة الخاصة بالديانة اليهوديّة. ولكن بالنسبة لروزنزونج (
Rozenzweig)، يجب على الديانة اليهوديّة والديانة المسيحيّة أن يعملا معاً.
تستطيع الديانة المسيحيّة نقل “قلب” إسرائيل. تقدّم المسيحية الديانةَ
اليهوديّة على أنها الطريق الأبدي والديانة المسيحيّة على أنّها الحياة الأبديّة.
الديانة اليهوديّة هي النار، والديانة المسيحيّة هي اشعاع هذه النار.

 

المسيح – المسيحانيّة

 

1- المسيحانيّة والتاريخ

 

يتلوّن الإيمان بالمسيح بلون الحقيقة التاريخيّة التي يعيش فيها
المؤمن. هي اسقاط هذه الحقيقة على المستقبل.

يجب ان نتكلّم أوّلاً عن المفهوم الواسع للفداء، والذي يشكّل مفهوم
المسيح جزءاً منه. يمكن أن نفكّر بالفداء دون الرجوع الى مفهوم “المسيح”
الحديث. وصورة المسيح مهمّة بقدر ما تخدم الفداء. وذلك يعتمد على تصوّرنا للمُلك.

إن كان الله كالملك، فالله هو الذي يخلّص شعبه.

وإن كان الملك أنساناً، فسنحصل على صورة مسيحٍ مخلّص.

 

دور المسيح هو المهم في الديانة اليهوديّة، لا كيانه، بعكس الديانة
المسيحيّة التي تؤمن أن المسيح نفسه هو المخلّص. في الديانة اليهوديّة المسيح هو
ممثل دراما بينما في الديانة المسيحيّة المسيح هو نفسه الدراما (ابن الله الذي
يتجسّد من أجلنا). تقع المسيحانيّة في إطار تاريخي في الديانة اليهوديّة، بينما
تأخذ طابعاً روحيّاً شاملاً وشخصانيّاً في الديانة المسيحيّة. اخرجت الديانة
المسيحيّة المسيحانيّة من إطارها التاريخي الذي كان يميّزها في الديانة اليهوديّة.

الفداء هو المهم في الديانة اليهوديّة، لا شخصيّة المسيح. يتكلّم
الأدب التلموديّ قليلاً جداً عن المسيح وعمّا سيفعله، بينما يتكلّم كثيراً عن
الفداء.

 

وبعيدا عن هذه الأفكار المختلفة، يتفق جميع اليهود حول بعض الأفكار.
يتم الفداء في إطار وطني وهو إعادة تأسيس المملكة والإستقلال السياسي والوطني. هذا
هو المعنى الأول: إعادة تأسيس ما فُقد. المسيحانيّة في الديانة المسيحيّة حقيقة
روحيّة، بينما هي أوّلاً في الديانة اليهوديّة خلاص الشعب. والعنصر الروحي، أي
انتظار الخلاص لكل الشعوب عنصر ثانوي.

 

2- هنالك وجهان للمسيح:

 

1- صورة مسيح حربي والذي سيقوم بحرب طاحنة يُحطّم فيها اعداء اسرائيل.
(هذا الذي جعل البعض يفترض بأن بر كوكبا هو المسيح).

2- سيحمل المسيح السلام الشامل والذي سيدخل فيه كل الشعوب.

 

المصادر وراء هذه الصور مختلفة المنابت: الكتاب المقدّس او واقع حياة
– هادئ أو لا – يعيشه يهود يفكّرون ويُسقِطون واقعَهم على المستقبل.

هناك فكرة المسيح الملك والكاهن والنبي.

الأدب ما بعد الهيكل الثاني، ثم الأدب الرابّيني (Rabbiniques) والأدب اللاحق، يعطي صوراً مختلفة تعبّر عن إتساع مفهوم المسيح.
والحاجة لخدمة عدّة أغراض لاهوتيّة أتت بفكرة من المسيحين:

1- مسيح من نسل الملك داؤود (سياسي).

2- مسيح من نسل يوسف (روحي).

       

عندما مدح رابي كوك (RAV KOOK) هيرتسل (مؤسس الصهيونية)ً، قدّمه على أنه المسيح ابن داوود.

يجب أن تكون الصور متناغمة، لا يوجد وجه واحد للمسيح، لأن خلاص الأمة
يحدث من خلال أكثر من وجه. من هنا يمكن أن يكون مسيح لإسرائيل، ومسيح آخر للأمم،
وأن يعمل الأثنان معا.

المسيح بالنسبة لليهود اذاً هو عمل، مهمة، لا شخصية. (لذا يعتقد ال HASSIDIM DE LUBAVTCH أن LUBAVITCH هو المسيح). المسيح كامل كأنسان يهودي وليس انساناً يعمل الله فيه.

ان نظرنا الى الليتورجيا، نرى أنه توجد امور كثيرة تتعلق بالخلاص،
وفقط بعض البركات تتعلق بالمسيح.

يقول SHOLEM أن هناك فكرتين مسيحانيتين.

1-مسيحانية تدعو الى البُعد الوطني

2-مسيحانية خيالية، أكثر شمولية.

 

III صور مختلفة

 

يقول ابن ميمون MAIMONIDE الذي يعتقد أن فكرة الاختيار ليست مركزية، أن المسيحانية سياسية
وواقعية. نجد في كتابه (ملك الملوك، الفصل11) أن المسيح يعيد الحكم وبناء الهيكل
ويجمع المشتتين ويعيد القانون والشريعة القديمة. الفكرة هي فكرة الترميم. وهذا
التعريف ليس حربياً بل روحانيا. فإن وُجد ملك قادر على جعل اسرائيل يخدم الله،
ويلتزم بالتواره ويحافظ على الميتزفوت
MITZVOT، والمحاربة من اجل الله، فهو يُعتبر المسيح. وسوف يصلح العالم كله
ليخدم الله. هذه هي صورة المسيح الأكثر شيوعاً، وهي صورة ملموسة جدا.

 

صور أخرى:

 

بالنسبة لرابّي RABBI BA’AL SHEMTOV (مؤسس حركة HASSIDIQUE قبل 250 عاماً) كانت الفكرة اكثر روحية، والمسيح موجود ويعيش في
الله، وهو يعمل في قلوب البشر، ويعلّم وهو الذي علّم جميع المعلّمين وما زال يعلّم،
كي يهييّء العالم لاستقباله عندما سيأتي.

هذه الصور متكاملة.

 

اليهود والمسيحيون

 

ان كان المسيح من الأبرار الصالحين، أصبح الحوار بين اليهود
والمسيحيين أكثر قرباً. فهنالك علاقة بين المسيح وباقي الأبرار.

ان نظرنا الى نهاية التاريخ، فاليهودية والمسيحية ما زالتا تنتظران
شيئاً ما. فالمسيحية تساعد اليهوديةَ في المحافظة على الجانب الروحي من
مسيحانيّتها، وتسمح لها بالبقاء على انتظار مسيح روحاني لجميع الأمم.

نعم، انتظار المسيح جزء أساسي في الديانة اليهودية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى