علم الكتاب المقدس

الطوفان حقيقة عملية وكتابية



الطوفان حقيقة عملية وكتابية

الطوفان
حقيقة عملية وكتابية

فى
الأصحاح السادس من سفر التكوين يسجل الكتاب المقدس أكبر كارثة حلت بالبشرية منذ
ظهورها. فجميع الناس وجميع الحيونات، عدا تلك التى دخلت الفلك. قد هلكت بواسطة
طوفان عظيم غطى الأرض كعقاب إلهى: ” ذلك أن كل بشر قد افسد طريقه على الأرض
” (تلك 6: 12). ولقد سجل الكتاب المقدس عن الطوفان مايشير بوضوح الى أنه
فيضان كبير عم كرة الارضية كلها، وقد ادعى بعض الكتاب، مستتدين الى بعض الصعوبات
الجيولوجية، أن الفيضان كان مسالة محلية شملت فقط العالم المعروف وقتئذ،بل أن معظم
نقاد الكتاب المقدس أهملوا القصة ككل واعتبروا مجرد خرافة محضة.

لكن
القارىء المحايد يفهم مما ورد فى الكاب المقدس أن كاتب السفر يعنى طوفانا شمل
العالم برمته. وعلى سبيل المثال، فالأقوال الآتية من بين كثير غيرها، لايفهم منها
إلا معنى واحدا: ” فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح
حيوه من تحت السماء. كل مافى الأرض يموت ” (تك 6: 17)، وايضا ” وأمحو عن
وجه الأرض كل قائم عملته ” (تك 7: 4)، وتعاظمت المياه كثيرا جدا على الارض،
فتغطت جميع الجبال الشامخة التى تحت كل السماء. خمس عشرة ذراعا فى الارتفاع تعاظمت
المياه فتغطت الجبال ” (تك 17: 9)، وأيضا محا الله كل قائم على وجه الأرض: الناس
والبهائم والدبابات وطيور السماء فانمحت من الأرض. وتبقى نوح والذى معه فى الفلك
فقط ” (تك 7: 23)، وأيضا: ” اقيم ميثاقى معكم فلا ينقرض كل ذى جسد أيضا
بمياه الطوفان ولا يكون أيضا طوفان ليخرب الرض ” (تك 9: 11).

 واذا
أمكننا التغاضى عن آية أو أيتين من هذه الآيات على أنها لا تعنى المعنى الحرفى او
أنها من نوع من التهويل اللغوى، إلا أنه عندما يتكرر القول مؤكدا أنه طوفان وخراب
ساد العالم، فليس هناك داع للقول بأن الكاتب إنما كان يقصد

معنى
آخرا، بل من المؤكد أنه يريد أن يوصل للقارىء، دون لبس، حدوث كارثة طوفانية شملت
العالم كله كنوع من العقاب.

 ومن
المحتمل جدا أنه، نظرا لول عمر الإنسان، وهى ظاهرة كانت سائدة فى ذلك الوقت، وقد
سجلها الكتاب المقدس، أن يصل تعداد سكان الأرض بقدر يسمح بتعمير أجزا كثيرة مما
يستلزم طوفانا يشمل كل الرض حتى تفنى الحياة من على سطحها.

بالإضافة
إلى ماذكر عن كل الجبال القريبة (والتى تشمل جبل أرارات والذى رسى عليه الفلك،
والتى يرتفع أحدها إلى علو ثلاثة أميال فوق سطح البحر) أنها غمرت بالماء، فأنه من
المستحيل ألا يصل ارتفاع المياه إلى نفس القدر فى المناطق الخرى خاصة و أن الكتاب
المقدس يذكر لنا أن حالة الطوفان استمرت 150 يوما: ” وتعاظمت على الأرض مئة
وخمسين يوما ” (تك 7: 24).

والأهم
من ذلك انه لو كان الطوفان شيئا محليا لا متلأت القصة بالمتناقضات المنافية للعقل.
فلم يكن هناك داع بالمرة لعملية التموين التى وردت بالتفصيل فى الكتاب المقدس،
للحفاظ على الحياة فى الفلك، وكان يكفى أن يحذر الله نوح ويامره او يطلب منه
الرحيل إلى مكان لن يصل اليه الطوفان، ولكانت هذه العملية قد تمت فى وقت أقصر
وبجهد أقل بكثير من الوقت والجهد اللذين بذلا فى بناء الفلك، وينطبق نفس الشىء على
الحيوانات التى يقول الكتاب المقدس ان الله جعلها تدخل الفلك، خاصة الطيور التى
كان بأمكانها الطيران إلى أماكن أخرى بسهولة.

 واخيرا،
فان وعد الله بأنه لن يكون هناك طوفان مدمر آخر بعد هذا الطوفان على الارض، وذلك
فى قوله له المجد: ” واقيم ميثاقى معكم فلا ينقرض كل ذى جسد أيضا بمياه
الطوفان. ولا يكون أيضا طوفان ليخرب الأرض ” (تك 9: 11) يكون هذا الوعد اذليا
حيث أنه وقت نوح حديث فيضانات تضارع على الأقل الفيضان ” المحلى ” الذى
تصور البعض حدوثه أيام نوح.

 

 ويفهم
من النصوص الواردة فى الكتاب المقدس أن سبب وشكل الطوفان كانا نتيجة مد بحرى وكذلك
نتيجة أمطار عريرة.

ولقد
نتجت عن هذه الكارثة الكبيرة نغيرت جغرافية بل وجيولوجية فى طبقات الأرض مما يجعل
من المستحيل علينا الان نتبين أو نميز جيولوجيا ألى اى درجة من الثقة كانت الأحوال
السائدة فى عصر ما قبل الطوفان. إذن، إذا كانت مثل هذه الكارثة المائية قد حدثت
فعلا كما ذكرها الكتاب المقدس،

فهذا
يعنى ان سجل الحفريات قد فقد كل قيمة له فيما يختص بنظرية التطور. وكما رأينا، فان
تاريخ العالم المستوحى من الحفريات هو الدليل الوحيد، الذى قد يكون ذا قيمة لسلامة
نظرية التطور.

وعلى
الرغم من الأدلة الدامغة والقائمة عل أسس علمية للانساب، بالرغم من أن علم
الجيولوجيا يثبت أن فيضانا عالميا قد حدث، زال علماء التطور يصرون بعناد على أن
القصة خرافية.

 

ونورد
فيما يلى بعض الأدلة التى تثبت صحة واقعة الطوفان:

 

اولا:
قانون الاتساق الجيولوجى يؤيد حدوث الطوفان

الاعتقاد
الذى ساد بين الجيولوجيين لحوالى مائة عام، والمسمى بقانون الاتساق والانتظام،
يفترض أن كل الظواهر الطبيعية فى عالم الكائنات الحية وغير الحية، يمكن شرحها
وتطورها بدلالة القوانين والعمليات الطبيعية. وعند تطبيق هذ القانون فى الجيولوجيا
نجد أن كل الجبال والانهار والرسوبيات الضخمة، وباختصار كل مظاهر أو انكماش ونشاط
إشعاعى وتأثير القوى الطبيعية والتى تعالى جمعيا على مدى أزمنه نهائية. ولا تعتمد
هذه النظرية على الادلة المنطقية قدر اعتمادها على التبرير، حيث أنه شى غير منطقى
علميا اللجوء إلى أحداث غير طبيعية مثل الخلق والطوفان لشرح ظاهر تخضع الان
للقوانين الطبيعية الثابتة.

 وقد
أعلن تشارلس ليل عن فكرة الاتساق قبل عدة سنوات، وقبل ظهور نظرية داروين والتى
تأثرت كثيرا بقانون الاتساق، ووقتها ظاهرة الطوفان

تطل
برأسها بين الحين والحين لنفسير غوامض الآثار القديمة، فبزيادة الإهتمام بكل من
العلم والدين فى عصر النهضة الأوربية (من القرن 11 حتى القرن 15)

أصبحت
نظرية الطوفان هى النظرية المقبوله لدى الجيولوجيين. وقد تبنى هذا الإعتقاد عدد
غير قليل من كبار الباحثين، كما سنوضح ذلك، ليس عن فلسفة أو حتى عن إيمان بل
اعتماد على آلاف الحقائق والادلة التى لاحظوها فى هذا المجال، ولا يزال ما كتبوه
فى هذا الصدد لا يقبل الفحض.

 

 وقد
تشكلت طريقة تقسيم الزمن إلى العصور جيولوجية، والتى تمثل العمود الفقرى لفكرة
الإتساق ومن بعيدة ولك بناء على النظام الملاحظ للحفريات المكتشفة فى غرب أوربا
ولاية نيويورك. وتبعا لطريقة التقسيم الزمنى هذه فهناك أربعة عصور هى:

 أولا:
العصر الأولى أو عصر ما قبل ظهور الحياة على الارض وتمله الصخور التى لا تحتوى على
حفريات، كما تمثله أيضا الصخور التى تحتوى على قدر ضئيل منها، ومن وثم تعتبر هذه
الصخور أقدم الصخور على الإطلاق ن وينقسم ها العصر إلى عهدين.

 ثانيا:
عصر الباليزويك تلك الصخور الحاوية على حفريات لحياء أولية منخفضة الرتبة وخاصة
اللافقريات والأسماك والحشرات والبرمائيات، وينقسم إلى عدة عهود.

ثالثا:
عصر الميزوزويك تلك الصخور التى تحتوى على الزواحف، وهو ينقسم الى ثلاثة عهود.

رابعا:
عصر السينوزويك وينقسم الى عهدين رئيسيين، الاول: عصر الثديات، والثانى: هو العصر
الذى ظهر فيه الانسان، وذلك بناء على وجود هياكل إنسانية فى رواسب تنسب الى هذا
العصر.

وقد
يفهم من الكتب التى تعالج هذا الموضوع أن هذا الترتيب لا ينطبق فقط على العصور
الجيولوجية، بل أيضا على النظم والتكوينات الجيولوجية بشكل ما وقد نادى بهذه
الفكرة العالم الألمانى فريز والذى قرر ان الرسوبيات تإخذ دائما نفس النظام الراسى
تبعا لتكويناتها المعدينة. وقد سميت هذه النظرية ب ” غلاف البصلة، وقد اعتقنها
لمدة طويله عدد كبير من االجيولوجيين الماديين وأدت هذه النظرية إلى نظرية أخرى
تسمى ” غلاف البصلة البيولوجى ” ومضمونها أن تركيب الحفريات واحد لا
يتغير. إلا أن هاتين النظريتين الان فى طى النسيان، ويحدد عمر أى تكوين صخرى بنوع
الحفريات الموجودة به ويلاحظ فى هذا المجال أن مسألة العصور الجيولوجية تعتمد
بدرجة كبيرة على فكرة التطوير، حيث تتسلسل هذه الصخور من الصخور تحتوى على صور
بدائية من حفريات قديمة إلى صخور أكثر تقدما (أكثر تعقيدا، باعتبارها اكثر حداثه.
إن هذا التسلسل العابر دليلا على صحة فكرة التطور. ولا يجب أن نعطى هذه الطريقة
لتصنيف الصخور إهتماما أكثر مما تستحق حيث أن الخواص الطبيعية للصخور وترتيبها من
ناحية الطبقات، تحظى بقدر ضئيل من الأهمية عند تقدير عمر هذه الصخور. وتعتمد هذه
الطريقة تماما على المحتوى الحفرى. هذا بالاضافة إلى أن القرار الأخير فى هذه
المسائل للمتخصصين فى معامل التحاليل، وربما لم تتح لهم الفرصة لمشاهدة العينه
الرسوبية فى موقعها.

 

 وبالرغم
من المحاذير السابقة كلها التى وضعت أمام هذه الطريقة لتصنيف الصخور، إلا أنها
طبقت بشكل مرضى على الاقل فى شمال أمريكا وفى أوربا ولكن يبقى هناك قدرا كبيرا من
الشك فى مدى نجاح هذه الطريقة فيما يختص بأجزاء العالم الأخرى. ويبدو أن الترتيب
الزمنى لترسب الطبقات الجيولوجية يتناغم تماما مع التصنيف الزمنى الجيولوجى لها.

 وجدير
بالذكر أن طريقة التصنيف هذه مليئة بالإستثناءات التى يصعب تفسيرها، كما أنها
زاخرة بالعديد من المتناقضات.

 مما
تقدم يمكننا الآن بعض هذه المتناقضات والتى يصعب حلها أن لم يسلم العلماء بحدوث
الطوفان:

أولا:
سمك الطبقات الرسوبية:

 من
المفروض أن يكون سمك الطبقات الحاملة للحفريات 100 ميل، هذا فى الوقت الذى وجد فيه
أن اعمق طبقة من هذا النوع لا تتعدى أكثر من 2-3 ميل فقط.

ثانيا:
ظاهرة عدم التطابق:

 هناك
تكوينات جيولوجية تنتمى إلى عصور متباعدة جدا، وجدت مستقرة مباشرة على صخور اولية
غاية فى القدم.

 فمثلا
فى أمريكا وجدت صخور تنتمى إلى العهد الثانى من العصر الرابع (أى حديثة جدا)
مستقرة فوق صخور أولية دون وجود صخور تنتمى إلى عصور متوسطة بينهما. وفى هذه
الحالة يعتبر. الجيولوجيون أن العصور الناقصة هى عصور تأكل (تعرية) وليست عصور
ترسيب هذه الحالة بظاهرة ” عدم التطابق “.

ثالثا
ظاهرة الترسيب المقلوب

مما
يثير الدهشة أن هناك العديد من الأمثله المعروفة الآن لدى الجيولوجيين لطبقات
مترسبة فى نظام عكس المتوقع، فهناك مساحات شاسعة حاوية على حفائر ” قديمة
” تركز بشكل تماما على صخور حاوية على حفائر ” حديثة ” فى الوقت
الذى لا يوجد فيه أى على أن هذه الطبقات قد ترسب بطريقة غير عادية. ويستحيل تفسير
هذا الحدث لنه يعنى أن الحفائر الأحدث هى أكبر عمرا من الحفائر الأقدم، مما يتعارض
تماما مع نظرية التطور، وتسمى هذه الظاهرة ب ” الترسيب المقلوب ”

وفى
محاولة لتفسير هذا الترتيب غير المتوقع، وضع تفسير يدعى أن كتلا ضخمة من الصخور قد
تكويناتها الأصلية ورفعت بطريقة ما واستقرت على سطح مساحات مجاورة، ثم بفعل عوامل
التعرية، أزيلت الطبقات السطحية تاركة الصخور الأقدم مستقرة على الصخور الحدث.
فإذا ما فرضنا جدلا أن مثل هذا الشىء قد حدث، فلابد وأن يكون قد حدث بفعل قوة أكبر
بكير من تلك القوى المعروفة لدى الإنسان. ولا يوجد أساس علمى لتفسير حدوث ظاهرة
الترسيب المقلوب خاصة وأن هناك أمثله لهذه الظاهرة فى جميع بقاع العالم بعضها يمتد
500 ميل مربع وبعضها مساحته حوالى 85000 ميل!!!

على
النقيض من كل ماسبق، لوسلم العلماء بظاهرة الطوفان، لمكنهم تفسير كل الظاهر
الجيولوجية المتخالفة على النحو التالى:

 

 أولا:
عالم ما قبل الطوفان مثله مثل عالمنا الحالى، كانت تسكنه مختلف أنواع المخلوقات
كما هو الحال الان، فإنها جميعا لم تسكن فى بيئة واحدة بل عاش كل نوع منها فى
البيئة التى تلائمه. ومن ثم فلا نتوقع كارثة أعظم من الكارثة التى ذكرت فى الكتاب
المقدس. ذلك أن تكدس جميع أنواع المخلوقات التى كانت موجودة فى ذلك الوقتمع بعضها
البعض جرى ان يقضى على التجمعات التى كانت تعيش فى بيئة واحدة. ثم يأتى دور
التيارات المائية التى حملت هذه التجمعات معا ودفنتها. ومن ثم فمن الممكن ان تترسب
طبقتان أو ثلاثة فى نفس الوقت. لكن كلا منها يحوى كائنات مختلفة تماما (هذه
الكائنات سوف تسمى فيما بعد حفريات) تبعا لمصادرها المختلفة

 وعلى
عكس ذلك تماما تدعى جيولوجيا التطور أنه لم يسكن العالم

وقت
معين إلا مجموعة واحد من الحياء، بذلك يمكن تحديد الوقت الذى ترسبت فيه طبقة ما من
نوع الحياء الحفرية بها، ولا يستطعون أن يعطوا تفسيرا علميا لرأيهم الذى لا يعتمد
على شىء سوى نظرية التطور التى وضعت هذا الفرض المغلوط والذى لا ينطبق إطلاقا على
عالمنا الحديث، والذى هو ” المفتاح الى الماضى ”

 

 ثانيا:
يعلمنا الكتاب المقدس أن الطوفان كانظاهرة أرضية وجوية، أى مد بحرى وامطار غزيرة؟،
فقد هطلت كميات هائلة من المياه لمدة أربعين يوما وأربعين ليلة، وفى نفس الوقت فقد
” إنفجرت كل ينابيع الغمر العظيم ” (تك 7: 11) مما ترتبت عليهاضطرابات
عظيمة فى جوف الأرض، مسببة مد بحرى هال إندفعت يسببه كميات ضخمة من المياه الجوفية،
وبذلك تكون هذه التيارات الهائلةوالقوى المتولدة عنها قد أدت ما رسمته لها السماء
من غاية هى تقية عالم ما قبل الطوفان.

فإذا
نظرنا إلى الترتيب المنطقى لدفن هذه المخلوقات، وجد أن المخلوقات تسكن أعماق
المحيطات تدفن اولا، ثم تلك التى تنتمى إلى المياه الأقل عمقا، ثم البرمائيات
والكائنات التى تعيش قرب السواحل، ثم أخيرا الزواحف.

 

 ومن
الطبيعى أن الثدييات والانسان، والذى كان هدف الطوفان، أخذا فى التقهقر أمام
المياه الآخذة فى الارتفاع، ولكن فى نهاية دفنا معا فى الطبقة التى ترتسبت أخيرا.
ويفسر ذلك وجود طبقات حاملة لبقايا حيوانات بحرية فى طبقات علوية نسبيا. وتفسر
جميع تلك الظروف، إلى حد ما، الإختلافات الموجودة فى الصخور الرسوبية المكونة لسطح
الارض.

 

 ثالثا:
هناك عامل آخر يسبب ترسيب الطبقات على الشكل الموجود عليه، وهو قدرة الماء المتحرك
على فرز وتصنيف الجسام الععضوية وغير العضوية إلى مجموعات متشابهة الشكل والحجم،
وكذلك سرعة ترسيب الحفريات تتوقف على كثافتها (ومنها النوعى)، وتزيد هذه السرعة
كلما زادت الكثافة، ثم تترسب الأحياء البحرية الكثيفة اولا تليها البرمائيات ثم
الثدييات، وهكذا.

يتضح
مما سبق أن نظرية الطوفان تعطى إطارا مقبولا يمكن من خلالهتغير العديد من الظواهر
التى عجز عن تفسيرها علماء الجيولوجيا.

وواضح
أن هذا الكتاب الذى بين أيدينا، هدفه الأساسى النواحى الروحية وتثبيت إيمان
المتشككين من المثقفين الذين ربما تشككوا بسبب بعض النظريات الخاظئة علميا لايمكن
مناقشة جميع اطوار علم الجولوجيا وانسجامها مع نظرية الطوفان، أو شرح جميع الظاهرة
والتكوينات التى تبدو لأول وهلة متعارضة مع هذه النظرية. ولكن مؤلف هذا الكتاب على
يقين من أنه، ومع الوقت ومع مزيد الأبحاث، فإننا سوف نرى أن العلماء سيتقبلون
الطوفان كحقيقة قائمة على أسس علمية أكثر من تقلبهم لنظرية الاتساق.

 

 الطوفان
كحقيقة يقدم إطار مقبولا يمكن من خلاله شرح الظاهرة المتعددة التى سيتعامل علم
الجيولوجيا. ولعل النقد الوحيد لحدوث الطوفان يرتكز على عنصر الوقت، إذ يدعى بعض
الجيولوجيين أن الكميات الهائله من الصخور الرسوبية فى القشرة الأرضية وما تحويه
من حفريات، صعب تصور تكوينها بسبب طوفان واحد، وأن تكوينها لابد قد استغرق أحقاب
طويلة من الزمن، اذا تأملنا نظريتى مع التفسير العلمى للعديد من الظواهر
الجيولوجية ىبقدر يفوق كثيرا نظرية الاتساق الجيولوجى. وفى السنوات الأخيرة فقط،
أيقن العديد من الجيولوجيين بمدى عجز نظرية الاتساق الجيولوجى عن تفسير الكثير من
التكوينات الجيولوجية غير العادية، ولايمكن تفسيرها إلا على اساس حدث غير مألوف
كالطوفان.

 

رابعا:
من اقوى الأدلة على حدوث الطوفان تلك المقابرالعديدة لحفريات الموزعة على كل انحاء
العالم. ودون استثناء فمظهر تلك الحفريات يدل عل أنها دفنت حية بكاملها فى تلك
المقابر وبطريقة سريعة (اى أنها لم تتحلل). فمن المعروف أن اى سمكة تموت موتا
طبيعيا، فإن الأسماك الأخرى تأكلها كاملة أو بعض أجزائها، وعلى أى حال فإن السمكة
الميتة لا تترسب إلى قاع البحر بل تطفو على سطحه حيث تتعرض إما للأكل أو النحلل
كذلك أى حيوان من الحيوانات التى تعيش على سطح الارض، فإن بقاياه تتحلل بسرعة.
ويؤكد ذلك استحالة العثور على عظام حيوانات حديثة على صورة حفرية.

 

 والسؤال
الذى يطرح نفسه، كيف تفسر نظرية الاتساق الجيولوجى وجود هذه الحفريات؟ خاصة وأن
الحفائر السمكية تظهر بوضوح أن هذه الاسماك قد دفنت حية وبصورة فجائية. نفس الكلام
ينطبق على حفائر الزواحف بجبال روكى والتلال السوداء على الساحل الغربى لأمريكا
الجنوية وفى أماكن عديدة أخرى فى كل أنحاء العالم ن منها مقابر الأقيال بسيبيريا
وفرس النهر بجزيرة صقلية والخيل بفرنسا وأجزاء أخرى بأوربا، وتاهيك عن أصداف
الحيوانات البحرية التى تكون معظم الطبقات الرسوبية فى أنحاء العالم المختلفة
والتى تشير إلى كارثة حلت بكل العالم حيث: ” العالم الكائن حينئذ فاض عليه
الماء فهلك (تك 7: 21 – 23) ولا يمكن بغير ظاهرة الطوفان تفسير أختفاء الديناصورات
والثدييات الكبيرة التى كانت موجودة فى الماضى، ومن المؤكد أنها لن تتفرض بواسطة
حيوانات اقل منها قوة.

 

 كذلك
فأن بقايا سيبيريا والتى تقدر بالملايين لاتزال مدفونه فى تلك البرارى حيث يصف
المكتشفين اراضى بعض الجزر الشمالية بأنها تتكون تقريبا من عظام هذه الحيوانات

ثانيا:
عمر الأرض:

 

 يقدر
الكتاب المقدس عمر الأرض ببضعة آلاف من السنين فى حين أن الجيولوجين يقدرون عمر
الأرض ببضعة ملايين من السنين. وقد استخدم الجيولوجيون عدة وسائل لتقدير عمر الأرض
نذكر منها:

1-
معدل انخفاض درجة حرارة الارض

2-
مقارنه الترسيب عند دلتا بالترسيب على سطح الأرض

3-
معدل تآكل سطح الأرض.

4-
كمية الأملاح فى مياه المحيطات

5-
النشاط الإشعاعى

ولكن
العلماء أنفسهم يشككون فى دقة هذه الطرق الان. ومن ثم فمن الواضح انه لا يمكن ان
يتفق العلماء على عمر محدد للأرض، بل إن هناك طريقة حديثة جدا، أكثر دقة، وهى
تستخدم كمية غاز الهليوم الذى فى الجو كأساس لتقدير عمر الأرض. وبهذه الطريقة قدر
عمر الارض أقل كثيرا جدا من تلك الملايين التى قدر بها عمر الأرض بالطرق السابقة.
مما نستنتج منه أن كلمات الكتاب المقدس هى الصادقة والنظريات العلمية تتغير وتتبدل
كل يوم، بل ويناقض بعضها البعض.

 

 من
كل ما تقدم نلاحظ أن اساس العلمى لمبدا الأتساق ينكر حقيقتين تاريخيتين هما
الخليقة والطوفان، ومن الواضح أنه من خلال تأملاتنا المتواضعة يمكن بسهولة أن نحكم
أن مبدا الإتساق غير صحيح وأن كتابنا المقدس فوق كل النظريات العلمية، وهو الصخرة
العاتية التى تحطمت عليها كل محاولات المشككين. ولهذا فقد فشلت كل محاولات النقاد
والمهاجمين، وبقى الكتاب بعهديه راسخا جبارا.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى