علم الكتاب المقدس

أيام الخليقة الستة



أيام الخليقة الستة

أيام
الخليقة الستة

مقدمة

إن
كل تعليم أرثوذكسي للعقيدة المسيحية يبدأ بدراسة الخلق لكي يؤكد لنا طبيعة الخليقة
وطبيعة الإنسان الحسنة جداً (تك31: 1). ثم يتبع هذا دراسة سقوط الإنسان لفهم أسباب
معاناته. وبعد ذلك الحديث عن الفداء والخلاص، وذلك يستلزم تأكيد أرثوذكسية إيماننا
عن طبيعة السيد المسيح
Christological
Dogma
، ولا ينتهي الحديث بدون
تأكيد إيماننا بالروح القدس ودوره في الخليقة والكنيسة.. عاملاً فينا بالأسرار حتى
القيامة وحياة الدهر الآتي. ولذلك وضعت الكنيسة قانون الإيمان الذي يرسخ هذه
المفاهيم.

 

 يذكر
علم الجيولوجيا أن الكون وُجِدَ في 10.000 مليون سنة، والأرض من حوالي 4500 مليون
سنة. وبخصوص تاريخ علم الأرض، تم تقسيمه بالرجوع إلى ما فيها من آثار وبقايا
حيوانية ونباتية (حفريات) إلى قسمين:

 

الأول
سُمي بعصر ما قبل الكمبري
Proterozoic (البروتيروزويك)، والثاني عصر ما بعد الكمبرى. ويتميز الأول
بتكوين الأرض ووجود كائنات أولية لم تترك آثاراً أو بقايا. وأما القسم الثانى فقد
تم تقسيمه إلى ثلاث أحقاب؛ وهي حقبة الحياة القديمة
Paleozoic،
وحقبة الحياه المتوسطة
Mesozoic، وحقبه الحياة الحديثة Cenozoic.

 

ولقد
تم تقسيم كل حقبة إلى مجموعة من العصور يتميز كل منها حفريات تدل على الكائنات
التي كانت تعيش فيها.. وطبقات التربة المنفصلة بين العصور.. وتغير المناخ
الفجائي.. إلخ.

 

 ويحكي
لنا سفر التكوين في أصحاحاته الثلاثة الأولى قصة شعرية حقيقية ولكن في أسلوب رمزي
metaphorical، كما شرخ وأكد لنا الكثير من الآباء الأولين مثل القديس يوحنا
ذهبي الفم والقديس باسيليوس والعلامة أوريجينوس وغيرهم.. يحكي لنا أن الله هو
الخالق الوحيد، وعلة وجود الكون كله والإنسان، بدون شريك. ويؤكد لنا في نهاية كل
فقرة من فقرات الخليقة (المرموز لها بالأيام الستة) أن الخليقه المادية كلها حنة
ومُرضية. وكيف لا تكون كذلك وهي من عمل “قوة نقية” كما علَّم البابا
القديس أثناسيوس الرسولي؟! وأما الانسان فقد خلقه الله وبصورة خاصة، حاملاً
“نعمة” خاصة جعلته حسنا جدا. ويعلم القديس اثناسيوس في كتاب “تجسد
الكلمة”، أن هذه النعمة قد أعطيت للإنسان لكي تحميه وتحفظه من الفساد، أي
التحلل والفناء الجسمي والموت الروحي أيضاً بالبُعد عن الله للأبد. وقد علَّم أن
الإنسان لم يُخلَق خالداً (من الناحية الجسمية)، ولكنه خُلِقَ قابلاً للموت
بالطبيعة
mortal by nature.

 

 أما
مَنْ يؤمنون بحرفية (تك1-3) وهم يُسمون
Creationists
فالكون بالنسبة لهم قد خُلِقَ كله في مدة 144 ساعة فقط (ستة أيام)!! وهم يرفضون
المعطيات العلمية، مدَّعين أن العلماء يهدفون إلى محاربة الإيمان، رغم أن كثيراً
من العلماء يؤمنون بوجود الخالق، ولكنهم أيضاً يحترمون صحة الإكتشاف العلمي. فهل
هناك من تعارض بين الكتاب المقدس والعلم؟! خاصة فيما يختص بنشوء الحياة وظهور
الوعي والإدراك بظهور الإنسان؟

 

المشكلة
ليست بين الكتاب المقدس والعلم، ولا بين الإيمان والفكر التحليلي المستنير.. فيقول
فرانسيس بيكون
Francis Bacon، أن الله قد أعطانا كتابين لا يشوبهما أي خطأ:

 

الأول:
“الكون المادي”، وتفسيره “العلم”
Science.

 

والثاني:
“الكتاب المقدس”، وتفسيره “العقيدة اللاهوتية”
Theology.

 

وإن
كان الكتابان معصومين من الخطأ، إلا أن تفسيرهما، لأنهما –أي التفسيرين- عمل بشري،
قد يقبلان الخطأ. ومن هنا يبدو سبب الخلاف الظاهري بين آراء العلماء واللاهوتيين،
وخاصة أن اللاهوتيين في الكثير من الأحيان (مثلما حدث مع جاليليو
Galileo في القرن 17)، يظنون أن آرائهم العلمية لها نفس الصحة مثل آرائهم
اللاهوتية في العقيدة، أو أن الرأي اللاهوتي هو نفسه الرأي العلمي!

 

ويحدد
العلماء عمر الخليقة على الأرض بحوالي 5000 مليون سنة. ولكن الكتاب المقدس قد أوضح
أن الخليقة تمت في ستة أيام!! فكيف هذا؟!

 

وهنا
يثير تساؤل هام.. هل توافق على رأي الكتاب المقدس الموحى به من الله؟ أم تتبع رأي
العلم المبني على دراسة دقيقة مستخدماً أحدث الوسائل العلمية؟!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى