علم الخلاص

66- هل معنى تسمية التجسد بسرّ التجسد انه أمر مبهم لا يُفهَم ولا يجوز الحديث عنه؟



66- هل معنى تسمية التجسد بسرّ التجسد انه أمر مبهم لا يُفهَم ولا يجوز<br /> الحديث عنه؟

66- هل
معنى تسمية التجسد بسرّ التجسد انه أمر مبهم لا يُفهَم ولا يجوز الحديث عنه؟

ج:
كلا، ولكن المقصود من تسمية التجسد بسرّ التجسد هو الإشارة إلى انه أمر يفوق
الإدراك، فالعقل البشري لا يقدر أن يدرك كيف يتحد اللاهوت الغير محوي وغير المحدود
بالناسوت المحدود؟ كيف يتحد المطلق مع الجسد البشري؟ كيف يتحد القوي بالضعيف؟ ‍كيف
يتحد الخالق بالمخلوق؟.. انه أمر لا يمكن إدراكه ولا يمكن اخضاعه لحكم العقل،
ولذلك فهو أمر مخفي عن العقول ولا مناص من قبوله عن طريق الإيمان، وكثيراً ما وصف
الآباء هذا السر بانه فائق الوصف، وسري، ولا ينطق به، ولكن ليس بقصد أن ينهونا عن
معرفة حقيقة هذا السر العظيم، ولكن بقصد أن ينهونا عن اخضاعه للفحص العقلي. ومع
هذا فان هذا السر العظيم ليس ضد العقل، فان صاحب هذه الأسرار هو خالق العقول
ومانحها الحكمة، وهو الذي يكشف لأحبائه البسطاء هذه الأمور الفائقة ” سرُّ
الرب لخائفيه. وعهده لتعليمهم ” (مز 25: 14) وعندما دعى الإنجيل التجسد بسر
التقوى ” عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ” (1تي 3: 16) كشف لنا عن
استحالة حياة التقوى بدون التجسد. أما ” إن كان أحد في المسيح فهو خليقة
جديدة ” (2 كو 5: 17).

 

ويقول
القمص تادرس يعقوب عن دعوة هذه الأمور بالأسرار ” ماذا تعني كلمة
“سرّ”؟ هل تعني أن العقائد المسيحية ليست بسيطة؟ أو ان العقل البشري لا
يقدر أن يتقبَّلها؟ هل من حاجة إلى الإيمان بسرّ الثالوث القدوس، ولماذا لا نؤمن
بالله ونعبده في بساطة دون بحث عن طبيعته؟

 

1-
” سرُّ ” في المسيحية لا يعني أن يتقبَّل المؤمن عقائد غامضة دون فهم،
أو أن هذه العقائد غير مقبولة عقلياً، فعندما نتحدث عن الأسرار الإلهية الخاصة
بجوهر الله وطبيعته وأعماله، إنما نعني أن الله يعلن لنا عن هذه الأمور بكوننا
كائنات عاقلة، واهباً إيانا الاستنارة الإلهية التي تكشف لنا عن المعرفة الإلهية
التي هي بحق فائقة السمو. تبقى عقولنا عاجزة عن استيعاب هذه الأسرار طبيعياً دون
تدخل نعمة الله واعلانه، فالسر لا يضاد العقل الانساني لكنه بدون معونة الله يبقى
فائقاً بعيد الإدراك. خلقنا الله كائنات عاقلة لا كائنات بهيمية، وهو يعلن لنا عن
ذاته وعن أعماله لا ليلغي عقولنا، وإنما ليسمو بها. فتقبله طبيعتنا البشرية وتتعرف
على أسراره ” أُعطي لكم أن تعرفوا سرّ ملكوت الله ” (مر 4: 11).

 

2-
يتهم البعض المسيحية بأنها تفتقر إلى البساطة، بمعنى آخر يتهمونها بالتعقيد، لأنها
تؤمن بثلاثة أقانيم في جوهر إلهي واحد. انهم يتطلعون إلى هذه العقيدة كما لو كانت
سرَّاً يمكن أن يُفهَم على أنه نوع من تعدد الآلهة، لهذا يدَّعون أنه لا حاجة
لقبولها. لكننا نلاحظ ان أغلب الديانات التي ترفض هذه العقيدة وفي نفس الوقت تؤمن
بإله واحد مطلق، هي نفسها تؤمن بأسرار إلهية كثيرة لا يستطيع العقل أن يستوعبها في
ذاته، فتتحدث عن يدي الله ووجهه وعرشه.. إلخ بالرغم من إيمان الكل بأن الله لا جسم
له، لكنه روح بسيط ولا يمكن لعرشه أن يحد ” (1).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى