علم الخلاص

39- الإتحاد بين الطبيعتين إتحاد طبيعي أقنومي



39- الإتحاد بين الطبيعتين إتحاد طبيعي أقنومي

39-
الإتحاد بين الطبيعتين إتحاد طبيعي أقنومي

هل
الإتحاد في السيد المسيح كان إتحاداً بين طبيعتين إحداهما إلهية والأخرى بشرية أم
إن الإتحاد كان بين شخصين إحداهما إله والآخر إنسان؟

هناك
نقطتان في منتهى الأهمية يجب أن نفهمهما جيداً:

 

أولاً:
ما هو الفرق بين الطبيعة والشخص؟

باختصار
شديد وبساطة كاملة نقول أن الطبيعة تعُمْ ولكن الشخص يخُصْ.

مثال
(1) لو سألنا: مَنْ مِنْ الملائكة يحمل طبيعة ملائكية؟

الإجابة:
جميع الملائكة بلا استثناء يحملون الطبيعة الملائكية، فالطبيعة الملائكية هنا تعم
جميع الملائكة.

وبمعنى
آخر لو سألت نفس السؤال بصيغة أخرى وقلت: مَنْ هو الملاك الذي يحمل طبيعة ملائكية؟
فستأتي الإجابة من جميع الملائكة: نحن جميعاً بلا استثناء نحمل الطبيعة الملائكية.

ولكن
عندما أسأل: مَنْ هو رئيس الملائكة ميخائيل؟ فلن يجيب جميع الملائكة قائلين نحن..
لماذا؟ لأني هنا أسأل عن شخص محدَّد بالذات، فلن يجيب غير ملاك واحد هو ميخائيل
رئيس الملائكة الجليل.

مثال
(2) لو سألنا: مَنْ مِنْ البشر يحمل طبيعة بشرية؟

الإجابة:
جميع البشر بلا إستثناء في كل زمان ومكان على وجه البسيطة يحملون الطبيعة البشرية،
فالطبيعة البشرية تعُمْ كل البشر.

 

س:
من هو الذي عاش في عصر الآباء منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام، وكان إسمه يعقوب بن
يوسف بن إبراهيم، وكان له زوجتان هما ليئة وراحيل، وأثنى عشر إبناً.. إلخ؟

 

ج:
هو يعقوب إسرائيل شخص واحد محدَّد بالذات في العالم كله، وعلى مدى الأجيال لن نجد
غيره.

 

ثانياً:
لماذا تجسد الله؟ هل تجسد من أجل خلاص شخص وحيد معين بالذات؟.. لو كان هذا صحيحاً
لصح القول بأن الله في تجسده اتخذ شخصاً بالذات لكيما يخلصه وليكن اسمه بطرس أو
يعقوب أو يسوع، فمادام يسوع في نظر النساطرة انه إنسان محض فانه بلاشك يتساوى مع
يعقوب أو بطرس..ولكن الحقيقة غير ذلك، لقد تجسد الله لكيما يصنع خلاصاً عظيماً هذا
مقداره يكفي كل ذي طبيعة بشرية في كل مكان وزمان منذ آدم وإلى نهاية الأجيال،
ولهذا اتخذ الله طبيعة بشرية وليس شخصاً محدَّداً بالذات.. فلو تساءلنا: مَنْ له
الخلاص بدم المسيح؟ لأجاب جميع البشر قائلين: جميعنا لنا خلاص بدم المسيح، ولو
سألناهم: ولماذا جميعكم وليس شخصاً واحداً فقط؟ لأجابوا لأن الله في تجسده لم يتخذ
شخصاً معيناً واتحد به. إنما اتحد بطبيعتنا البشرية فأصبح لكل إنسان تحت السماء
خلاصاً بدمه.

ومن
هذا المنطلق نستطيع أن ندرك أن الإتحاد في السيد المسيح كان إتحاداً بين طبيعتين،
وليس بين شخصين.. لماذا؟ لأن أقنوم الكلمة هو شخص إلهي فلا يصح أن يضيف لنفسه
شخصاً آخر، فيصبح مزدوج الشخصية، وحينئذ يتحوَّل الثالوث القدوس من ثلاث أشخاص هم
الآب والإبن والروح القدس إلى أربع أشخاص هم الآب والإبن والروح القدس وشخص يسوع
الإنسان، وهذا الرابوع هو ما استهجنه الآباء كما سنرى..

 

إن
شخص أقنوم الكلمة الإلهي أضاف إلى طبيعته الإلهية طبيعة بشرية، فالإتحاد بين
الطبيعتين وليس بين الشخصين.. الإتحاد بحسب الطبائع وليس بحسب الأشخاص.. هو إتحاد
طبيعي أو بحسب الطبيعة
according
to nature
ويسمى أيضاً الإتحاد
الفزيقي.

 

وشرح
البابا كيرلس الكبير في الرسالة الرابعة لنسطور هذا الإتحاد قائلاً “نحن لا
نقول أن طبيعة الكلمة تغيرت حينما صار جسداً، وأيضاً نحن لا نقول أن الكلمة قد
تغير إلى إنسان كامل من نفس وجسد. بل بالأحرى نقول أن الكلمة قد وحَّد مع نفسه
أقنومياّ جسداً محيياً بنفس عاقلة، وصار إنساناً بطريقة لا يمكن التعبير عنها أو
إدراكها.. ونحن نقول أنه على الرغم أن الطبيعتين اللتين اجتمعتا معاً في وحدة
حقيقية مختلفتان، فإنه يوجد مسيح واحد وإبن واحد من الأثنين. إن اختلاف الطبائع لم
يبطل بسبب الإتحاد.. الكتاب لم يقل أن الكلمة وحَّد شخصاً من البشر بنفسه، بل انه
صار جسداً، والكلمة إذ قد صار جسداً لا يكون آخر. أنه إتخذ دماً ولحماً مثلنا. انه
جعل جسدنا خاصاً به ” (1).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى