علم الاخرويات

الباب الثانى



الباب الثانى

الباب
الثانى

احاديث
السيد المسيح عن المجئ الثانى

 

تحدث السيد المسيح عن مجيئه الثانى فى مواضع
عديدة من الكتاب المقدس سواء بحديث شخصى مباشر أو عن طريق أنبيائه ورسله القديسين.

فموضوع
المجيء الثانى هو من أهم المواضيع التى تكلّم عنها السيد المسيح. ولا نقصد موعد
المجيء الثانى على وجه التحديد، وإنما ما يعنيه هذا المجيء، وما يقترن به، وما
يؤدى إليه، وأيضاً ما هى العلامات التى تسبق هذا المجيء. وتأثير ذلك كله فى حياة
الكنيسة كجماعة المؤمنين الذين ينتظرون قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى.

 

جعت
فأطعمتمونى

نشير
هنا إلى كلمات السيد المسيح عن مسألة سوف تشغله هو شخصياً فى يوم الدينونة الرهيب.

قال
السيد “ومتى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ
يجلس على كرسى مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز
الراعى الخراف من الجداء، فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك
للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركى أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم..
ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار: اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة
لإبليس وملائكته. لأنى جعت فلم تطعمونى، عطشت فلم تسقونى، كنت غريباً فلم
تأوونى، عرياناً فلم تكسونى، مريضاً ومحبوساً فلم تزورونى
.. الحق أقول لكم بما
أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الأصاغر، فبى لم تفعلوا. فيمضى هؤلاء إلى عذاب أبدى
والأبرار إلى حياة أبدية” (مت 25: 31-34، 41-43، 45، 46).

والشئ
الملاحظ هنا كما يقول قداسة البابا شنودة الثالث أطال الله حياته أن السيد المسيح
حينما يجلس على كرسى الدينونة سوف يحاسب الناس أولاً عن أعمال الحب والرحمة التى
مارسوها تنفيذاً لوصية “تحب قريبك كنفسك” (مت22: 39).

مسألة
شرط الإيمان والمعمودية للدخول إلى الملكوت ذكرها السيد المسيح فى أحاديث أخرى وهى
مسألة مفهومة يدركها كل إنسان مسيحى لأن “الذى يؤمن بالابن له حياة أبدية
والذى لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله” (يو 3: 36).

فى
حديث السيد المسيح عن يوم الدينونة ركّز على تجاهل الأشرار لجوع المساكين وغيرهم
معتبراً أن ما نفعله بأحد إخوته الأصاغر فبه قد فعلنا.

ربما
يُطمئِن الإنسان نفسه بأنه قد نال العماد المقدس ويمارس التوبة والاعتراف ويحفظ
الأصوام، ويحرص على التناول وينتظم فى حضور الكنيسة، وله العديد من الأنشطة فى
خدمة الكنيسة. ولكن الموقف الرهيب هو أن كل هذه الأمور لن تعفيه من سؤال الرب عن
تنفيذ وصية المحبة “تحب قريبك كنفسك” (مت22: 39).

ينبغى
أن يواجه الإنسان نفسه على حقيقتها. هل هو متعاطف مع ذاته؟ هل يفضّل نفسه على
غيره؟ هل يكتفى بأنه مرتاح ويتجاهل معاناة الآخرين؟

إن
الله قادر أن يشبع الجائع وأن يروى العطشان وأن يكسو العريان وأن يشفى المريض
ويطلق المحبوس.. ولكنه يضع هذه الأمور فى طريقنا لاختبار محبتنا. لأن “من كان
له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله
فيه؟” (1يو 3: 17).

 

الحب
والعطاء للكل

وربما
يُطمئن الإنسان نفسه بأن له نشاط متسع فى خدمة المحتاجين. ولكن السيد المسيح يقول
“ما فعلتموه بأحد هؤلاء الأصاغر فبى قد فعلتم”. أى أن إهمال فقير واحد
فقط يحزن قلب السيد المسيح.

الذى
يخطئ فى حق إنسان واحد فكأنه قد أخطأ فى حق البشرية كلها، لهذا قال السيد
“أحد هؤلاء الأصاغر”. واحد فقط من المساكين تجاهلناه سوف نعطى عنه
حساباً فى اليوم الأخير.

أليس لهذا الإنسان الواحد مشاعر؟ أليست كل دنياه
هى واقعه وآلامه ومعاناته هو شخصياً؟

إن
من يضع نفسه فى محل المسكين والبائس يستطيع أن يدرك أن التاريخ والعالم والوجود
كله سيقف أمام حالة واحدة. ألم يقل الكتاب “من حفظ كل الناموس وإنما عثر فى
واحدة، فقد صار مجرماً فى الكل” (يع2: 10).

فما
بالك بمن أهمل كثيراً من الفقراء والأرامل والأيتام. وما بالك بمن يظلمهم أو يسلب
حقوقهم ويصرخون عليه أمام الرب.

ما
أكثر الإنذارات التى وجهها الله إلى شعبه فى القديم لئلا يسلبوا حق اليتيم
والأرملة وحق الكادح. وكذلك الإنذارات التى وجهها فى العهد الجديد حول نفس هذه
الأمور مثل قول يعقوب الرسول للأغنياء “هلم الآن أيها الأغنياء ابكوا مولولين
على شقاوتكم القادمة. غناكم قد تهرأ، وثيابكم قد أكلها العث. ذهبكم وفضتكم قد
صدئا، وصدأهما يكون شهادة عليكم، ويأكل لحومكم كنار! قد كنزتم فى الأيام الأخيرة.
هوذا أجرة الفعلة الذين حصدوا حقولكم المبخوسة منكم تصرخ، وصياح الحصادين قد دخل
إلى أذنى رب الجنود” (يع5: 1-4).

لهذا
ينبغى أن نراجع أنفسنا قبل فوات الأوان.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى