بدع وهرطقات

المعمدانيون



المعمدانيون

المعمدانيون

عدنان
الطرابلسى

 

المعمدانيّون
المعروفون، في لبنان، بالمعمدانيّين الجنوبيّين، هم فرقة من مجموعة فرق تنبذ،
بصورة رئيسة، معموديّة الأطفال. ما يهمّنا، هنا، هو أن نعرّف، ولو سريعاً، بتاريخ
نشأتهم وتعاليمهم الأساسيّة، وسنترك، إلى مقالات أخرى، عرض بعض ما يعلّمونه
وتحليله والردّ عليه.

 

أوّل
الفرق، التي ذكّرت بشيعة الدوناتيّين برفضها معموديّة الأطفال، شيعة عرفت باسم
“الأنابابتست”
Anabaptists، أي: معيدي المعموديّة. أعضاء هذه الشيعة كانوا، أصلاً، ينتمون
جميعهم إلى الكنيسة الأنغليكانيّة. هؤلاء، وأشهرهم: كونراد كريبل، وفيلكس مانس،
وجورج بلورك، وبلتاصر هبمير، دعوا، في العام 1520، إلى إعادة معموديّة البالغين،
وقبول انتسابهم الحرّ إلى الكنيسة، باعتبار أنّ معموديّة الأطفال، برأيهم، تخلق
كنيسة عدديّة. ونادوا بحرّيّة الضمير، وفصل الكنيسة عن الدولة، واستقلال الكنائس
المحلّيّة. وفسّروا الكتاب المقدّس تفسيراً حرفيّاً. وأنكر بعضهم لاهوت المسيح
(وقلّة منهم أنكرت عقيدة الثالوث القدّوس). وتمسّك بعضهم الآخر بمذهب وحدة الوجود،
أي وحدة الله والكائنات
Pantheism. وجاهر آخرون ب”الحكم الألفيّ” (روبرت أ. بايكر، سير
المعمدانيّين في التاريخ، صفحة 38 و39). وبعد اضطهاد أصاب هذه الشيعة، وشرّد
أعضاءها، تفرّعت منها فرق عديدة، أبرزها “المعمدانيّون” التي أسّسها، في
مطلع القرن السابع عشر، أيضاً أنغليكانيّون، ومنهم: يوحنّا سميث (الذي عمّد نفسه)
وتوماس هلويس ويوحنّا مورتن (وعرفت فرقتهم بالمعمدانيّين الشموليّين
General baptists)، ويوحنّا سبيلزبري وهنري جسي ووليم كيفن وهانسرد كنولز (وعرفت
فرقتهم بالمعمدانيّين الخاصّين
Particular
baptists

و”المانونايتِس” نسبة إلى قائدها سيمون مانون 1492- 1559)، وهو كاهن
كاثوليكيّ انتقل إلى فرقة معيدي المعموديّة، قبل أن يؤسّس شيعته الجديدة. والمعروف
أنّ معظم أتباع هاتين الفرقتين توحّدوا في العام1891، وأنشئ، نتيجة توحّدهم،
الاتّحاد المعمدانيّ البريطانيّ الأيرلنديّ. وأمّا الذين لم ينضمّوا إلى هذا
الاتّحاد، من المعمدانيّين الإنكليز (جماعة سميث)، فقد ظهروا، في مطلع القرن
التاسع عشر، وعرفوا بالمعمدانيّين المدقّقين. وبعد انتشار المعمدانيّين، ولا سيّما
في الولايات المتّحدة الأميركيّة، ظهرت فرق معمدانيّة عديدة، أشهرها، أو أكبرها،
المعمدانيّون الجنوبيّون والمعمدانيّون الشماليّون (وهاتان الفرقتان انفصلتا في
العام1845).

 

إلى
هذا، لا بدّ من التنويه بأنّ بعض المعمدانيّين يعتبرون أنّ مصدر نشأتهم هو العهد
الجديد، وذلك بعد أن نقل وليم تندال الكتاب المقدّس إلى اللغة الإنكليزيّة،
وانتشرت ترجمته في العام 1526، بصورة واسعة، في مناطق إنكلترا الشرقيّة، حيث ظهر
المعمدانيّون أوّلاً.

 

أمّا
المعمدانيّون، اليوم، فهم فرق غنيّة جدّاً تملك، في العالم، دُوراً عديدة للنشر،
ومؤسّسات تربويّة وإعلاميّة واستشفائيّة، وملاجئ للأيتام، ودور راحة للعجزة،
وغيرها.

 

لم
يُعرف المعمدانيّون، في البلدان العربيّة، ولا سيّما في لبنان، قبل أواخر القرن
التاسع عشر. ففي العام 1893، سافر سعيد الجريديني (المولود في الشويفات في 17
أيّار1866) إلى أميركا، وعاد، في العام ذاته، بعد أن تأثّر بالمعمدانيّين، الذين
كانوا قد انتشروا انتشاراً واسعاً فيها، واعتمد على يدهم. ففتح، إثر عودته، محلاًّ
للتصوير الفتوغرافيّ في بيروت، واعتنى بأن ينشر تعاليمه في مناطق عدّة، منها: الشويفات،
والحدث، وبرج البراجنة، وغيرها، ما جعله يؤثّر في بعض. أطلع الجريديني
المعمدانيّين، في أميركا، على عمله، فاهتمّوا بالأمر. وأرسلوا أحد قساوستهم (القسّ
سميث) الذي جعل الجريديني قسّاً في 29 أيلول1895. فعمّد هذا الأخير ثمانية أشخاص
كانوا قد التفّوا حوله، وأسّسوا، معاً، أوّل تجمّع معمدانيّ في لبنان، وتكاثروا في
غير مدينة وبلدة (القسّ سليم الشاروق، تاريخ المعمدانيّين في لبنان، صفحة 4-6؛
أنظر أيضاً: المعمدانيّون في لبنان، صفحة 6 و7).

 

أفضل
ملخّص لتعليم المعمدانيّين استوحاه أحدهم من أبجديّة اللفظة الإنكليزيّة
Baptist، وذلك باستخدامه كلّ حرف من أحرفها، ليعبّر عن المعتقدات
المعمدانيّة السبع. والملخّص هو:

 

Bible sole authority: B (سلطة الكتاب المقدّس الحصريّة)

Autonomy of the local
church: A
(استقلاليّة الكنيسة
المحلّيّة)

Priesthood of the
believers: P
(كهنوت جميع المؤمنين):

Two ordinances in the
church: baptism: T

and the Lord’s Supper (فريضتان في الكنيسة: المعموديّة وعشاء الربّ)

Individual soul liberty:
I
(حرّيّة الضمير الفرديّة)

Separation of church
and state: S
(فصل الكنيسة عن الدولة)

Two offices in the
church: pastors: T

and deacons (منصبان في الكنيسة: القساوسة والشمامسة)، (راجع: الموقف الكتابيّ،
العدد 14).

 

غير
أنّ هناك أموراً كثيرة يعّلمها المعمدانيّون تتفرّع من هذا الملخّص، أو تزيد عليه.
ومنها أنّهم يرفضون “أن يصلّوا إلى أولئك الذين يُدعَون قدّيسين” (روبرت
أ. بايكر، سير المعمدانيّين في التاريخ، صفحة 138)؛ وأنّهم يعتبرون أنّ الأسرار
المقدّسة “بدعة لم يثبتها تعليم الإنجيل” (م.ن.، صفحة 28؛ عوض سمعان،
الكهنوت، صفحة 245- 453)؛ وأنّ “ميزة الإيمان المسيحيّ الرئيسة هي الخلاص
بالنعمة، لا بأعمال الإنسان الصالحة” (الموقف الكتابيّ، العدد 9؛ ج.م. كارول،
تاريخ الكنائس المعمدانيّة، صفحة 8)؛ وأنّ “دفع العشور هو أمر إلهيّ”
(الموقف الكتابيّ، العدد 18؛ أنظر: فنلي م. جراهم، اللاهوت النظاميّ، صفحة274؛ بلي
جراهام، سلام مع الله، صفحة 184-186)، وغيرها.

 

ويعرف
من قرأ كتاباتهم أنّهم “يطمحون، ليكونوا ضمير المسيحيّة المعاصرة في تمهيدهم
لمجيء المسيح ثانية، تماماً كما كان يوحنّا المعمدان الصوت الصارخ في البرّيّة
وضمير المجتمع المعاصر للمسيح في مجيئه الأوّل” (الموقف الكتابيّ، العدد 6).
وهذا دفعهم إلى أن يتفاخروا بقولهم إنّه “بين الطوائف الكبيرة في العالم لا
تجد التزاماً حقيقيّاً، لحرّيّة المعتقد والعبادة، إلاّ عند المعمدانيّين”
(القسّ د. فكتور صدقة، الكلمة، العدد الثامن، تشرين الثاني 2000، صفحة 3).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى