بدع وهرطقات

النيقولاويون



النيقولاويون

بدعة
نيقولاوس

النيقولاويون

يذهب
البعض إلى أنهم أتباع نيقولاوس الأنطاكي أحد الشمامسة السبعة الذين رسمهم الرسل
وأن نيقولاوس هذا ضل في الإيمان وخرج عن الكنيسة. ولكن مراجع أصحاب هذا الرأي
متأخرة ونصوصها مبهمة وغامضة. فلا بد والحالة هذه من الاعتراف بأننا لا ندري من هم
هؤلاء بالضبط. وهناك آخرون يقولون أن الاسم نيقولاوس هو رمز فقط. وآخرون يقولون أن
اسمهم يعود لشخص اسمه نيقولاوس مجهول الهوية.

وأسسس
هذه البدعة أو الهرطقة شخص أسمه نيقولاوس كان أحد الشمامسة وسننقل ما جاء عنه فى
كتاب لمؤرخ فى القرون الأولى للمسيحية تاريخ الكنيسة – يوسابيوس القيصرى (264 –
340 م) ص 159-160

1
– وفى هذا الوقت ظهرت الشيعة المسماة بشيعة النيقولاويين ولم تستمر إلا وقتاً
قصيراً، وقد ذكرها الإنجيل فى رؤيا يوحنا (1)، وأعضاء هذه البدعة يفتخرون بأن الذى
بدء هذا الفكر هو نيقولاوس أحد الشمامسة الذين أقامهم الرسل مع أستفانوس لخدمة
الفقراء (2)

ويخبرنا
عنه أكليمنضس السكندرى فى الكتاب الثالث من مؤلفه المسمى “ستروماتا ”
(فى هذا المؤلف يحاول أن يثبت بأن الأسفار اليهودية أقدم من أى كتابة يونانية .)

2
– ” يقولون أنه كانت له زوجة جميلة، وإذا أتهمة الرسل بالغيرة والحسد بعد
صعود المخلص، أخذ زوجته وأوقفها فى وسطهم وسمح لأى واحد أن يتزوج بها، لأنه قال أن
هذا كان يتفق مع القول المعروف عنه أن المرء يجب أن يذل جسده، أما الذين أتبعوا
هرطقته وقلدوا حماقته وكل ما فعله وقاله إنما أتبعوه كعميان يتبعون أعمى فإرتكبوا
الزنى بلا خجل ولا حياء .

3
– ولكنى علمت أن نيقولاوس لم يعرف أمرأة اخرى غير زوجته التى تزوجها، وأن بناته
أستمرين فى حالة العذراوية حتى سن الشيخوخة، أما أبنه فلم يتدنس، وإن صح عنه أعنه
عندما أحضر زوجته (التى كان غيوراً فى محبتها) وسط الرسل فقد كان واضحاً أنه ينبذ
شهوته، وعندما أستخدم تعبير ” إذلال الجسد ” كان يشهر سيف ضبط النفس فى
وجه تلك الملذات التى تقتفى البشرية أثرها بإلحاح، لأننى أعتقد أنه، إتماماً لوصية
المخلص .. لم يشأ أن يعبد سيدين .. الشهوة والرب (4)

4
– ” ويقال أن متياس أيضاً نادى بنفس التعليم أننا يجب ان نحارب الجسد ونذله،
وأن لا نرخى له العنان بملذاته، بل يجب أن نقوى للروح بالإيمان والمعرفة ”

 

أما
تعليمهم التي استوجب هذه الانذارات الشديدة اللهجة فإنها قد تكون نوع من
الانتيمونية. وقد يكون الزنى المشار إليه في هذا الفصل من الرؤيا هو النوع الذي
عُبر عنه بالكلمة اليونانية
Porneia أي التزاوج بين الأقرباء الذي نهى عنه الناموس.

 

وهم
أتباع تيار غنوسي إباحي في جماعة أفسس وبرغامون. وتوجه رؤيا يوحنا الحبيب ما بين
السنة 75 والسنة 85 انذاراً إلى ثلاثة من الكنائس السبع التي في آسية إلى تيتيرة
وبرغامون وأفسس انذارات بوجوب الابتعاد عن النيقولاويين الذين يتمسكون بتعليم
بلعام الذي علّم بالاق أن يلقي معثرة أمام بني اسرائيل “حتى يأكلوا من ذبائح
الأوثان ويزنوا”. وتأخذ الرؤيا على ملاك كنيسة تيتيرة أنه يدع المرأة ايزابل
الزاعمة أنها نبية تعلّم وتضل العباد حتى يزنوا ويأكلوا من ذبائح الأوثان ولا سيما
أنها أمهلت مدة لتتوب من زناها فلم ترضَ أن تتوب ولذا فهي تُطرح في فراش واللذين
يزنزن معها في ضيق شديد أن لم يتوبوا من أعمالهم. “ولسائر في تيتيرة من جميع
الذين ليس لهم هذا التعليم والذين لم يعرفوا أعماق الشيطان أني لا ألقي عليكم ثقلاً
آخر ولكن تمسكوا بما هو عندكم إلى أن آتي” (رؤ2: 14 و18-26).

 

لم
تستمر هذه البدعة كثيراً لأنها مخالفة للتعليم المسيحى بشريعة الزوجة الواحدة –
ومن نظر لأمرأة ليشتهيها فقد زنى فى قلبه وقد طردوا من الكنيسة وتكلم عنهم الإنجيل
بأنهم هرطقة

 

أقوال
الاباء عن هذه البدعة

أما
الأخير في قائمة الرسل فهو نيقولاوس. اسم يوناني معناه “المنتصر علي
الشعب”. (5)

يرى
البعض مثل القديسين ايريناؤس وأبيفانيوس أن بدعة النيقولاويين (رؤ 2: 6، 15) تُنسب
إلى الشماس نيقولاوس:

1.
يقول القديس ايريناؤس [النيقولاويون هم أتباع نيقولا أحد الشمامسة السبع (أع 5:
6)، وهؤلاء يسلكون في الملذات بلا ضابط ويعلمون بأمور مختلفة كإباحة الزنا وأكل
المذبوح للأوثان.]

 

2.
يبرئ القديسان إكليمنضس الإسكندرى وأغسطينوس نيقولاوس من البدعة وينسبانها
لأتباعه. ويعلل البعض نسبة هذه الهرطقة إليه ترجع إلي تأويل كلماته، فقد قال بأن
الذين لهم زوجات كأنه ليس لهم، أي يحيا مع زوجته بالروح ينشغلان بالأكثر بخلاصهما
ونموهما الروحي والشهادة لإنجيل الخلاص. لكن بعض أتباعه قاموا بتأويل كلمته، ظانين
أنه نادى بأن من له زوجة فليهجرها ويصير كمن بلا زوجة، ويسمح إن تكون مشاعًا.

 

3.
يرى العلامة ترتليان والقديس جيروم أنه لما أختير للشموسية امتنع عن الاتصال
بزوجته، وبسبب جمالها عاد إليها. ولما وبَّخوه على ذلك انحرف في البدعة إذ أباح
الزنا. جاء رد الفعل في كتابات العلامة ترتليان حيث قال: “كل الأشياء مشترك
بيننا فيما عدا زوجتنا”
Omnia
indiscreta apud nos praeter upores
.

 

**
القديس جيروم: نيقولاوس أحد الشمامسة السبعة، والذي في فسقه لم يعرف الراحة ليلاً
أو نهارًا، انغمس في أحلامه الدنسة.

 

4.
يرى آخرون أنه كان يغير على زوجته جدًا بسبب جمالها، فلما ذمَّه البعض بسبب شدة
تعلقه بها أراد أن يظهر العكس فأباح لمن يريد أن يأخذها، فسقط في هذه البدعة.

لا
تسقط مسؤليته انحراف نيقولاوس على الرسل القديسين. في رسالة وجهها القديس جيروم
إلى الشماس سابينيانوس
Sabinianus يدعوه إلى التوبة وألا يتكل على أن الذي سامه أنه أسقف قديس:
أتوسل إليك أن ترحم نفسك. تذكر أن حكم الله سيحل عليك يومًا ما.

تذكر
أي أسقف هذا الذي سامك. لقد أخطأ هذا القديس في اختياره لك، لكنه سيكون بريئًا
(ربما لأنه ندم على سيامته)، والله نفسه ندم أنه سمح شاول ملكًا (1 صم 15: 11).

وُجد
حتى بين الاثنى عشر رسولاً يهوذا خائنًا. ووُجد نيقولاوس الأنطاكي شماسًا مثلك (أع
6: 5)، نشر الهرطقة النيقولاوية وكل وسيلة للدنس (رؤ 2: 6، 15).

القديس
جيروم: يلاحظ أن السبعة يحملون أسماء يونانية، ولعلهم أقيموا لخدمة المتذمرين من
اليونانيين بشيء من التعاطف معهم، ولم يكن من بينهم شخص واحد يهودي بالمولد.

لقد
كان الاثنا عشر تلميذًا عبرانيين، لذلك اُختير السبعة من اليونانيين لتحقيق شيء من
المساواة والشعور بالتزام الكل بالعمل.

واضح
أن عمل السبعة لم يدم كثيرًا، فقد استشهد استفانوس ثم حدث ضيق شديد على الكنيسة،
وتشتت الشعب خارج أورشليم يكرزون بالكلمة، بينما بقي الرسل في أورشليم.

 

===

المراجع

(1)
رؤ 2: 6 و 15

(2)
أعمال الرسل 6

(3)
فى هذا المؤلف يحاول أن يثبت بأن الأسفار اليهودية أقدم من أيه كتابة يونانية .

(4)
متى 6: 24

(6)
تاريخ الكنيسة – يوسابيوس القيصرى (264 – 340 م) – تعريب القمص مرقس داود – رقم
الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 – مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين
الخربوطلى الكتاب الثالث الفصل 29 (ك3 ف 29)

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى