اللاهوت الطقسي

طقس أسبوع الآلام



طقس أسبوع الآلام

طقس
أسبوع الآلام

(طقوسه
وصلواته – تاريخه – روحانيته – كيف استفيد منه)

الشماس
فيكتور إدوارد

 

نبذة
تاريخية عن الأسبوع:

كان
في البداية هناك يوم واحد يصام فيه وهو يوم الجمعة العظيمة وقد حفظ هذا اليوم في
اللاشعور المسيحي ضداً لفرح اليهود بعيد 14 نيسان، وكانت غايته هي الشهادة بالأسف
والأسى الذي ملأ قلوب المسيحيين عندما يفكرون في إخوانهم من شعب إسرائيل الذين لم
يقبلوا إلى معرفة المسيا.

والى
هذا اليوم (يوم الجمعة العظيمة) أضيف اليوم التالي له وهو يوم السبت الذي أعتبر
بالأحرى ذا خاصية الاستعداد المباشر للعيد.

ولقد
أشارت الديداخى (تعليم الرسل) إلى صوم هذين اليومين لاسيما المقبلين إلى المعمودية
(الموعوظين) (1) ومعروف إن يوم القيامة في البداية المبكرة جداً في الكنيسة كان
ليلة عيد القيامة. فتقول الديداخية(قبل المعمودية،ليصم المعمد والذي يعتمد ومن
يمكنه (ذلك) من الآخرين وأوص الذي يعتمد، أن يصوم يوماً أو يومين قبل المعمودية)
(4: 7)

 

وهو
نفس ما تذكره قوانين هيبوليتوس القبطية في القانون (4: 19) وأيضا تحدث العلامة
ترتليان (160- 225م) في كنيسة شمال أفريقيا عن (صوم الفصح) الذي كان يبدأ يوم
الجمعة العظيمة ويدوم حتى فجر أحد القيامة. كما يذكره القديس إيريناؤس (130-200م)
في عبارة له أوردها يوسابيوس المؤرخ (إن صوم ما قبل الفصح هو يومان أو ثلاثة أي
انه في القرون الثلاثة الأولى كانت فترة استعداد الفصح لا تتعدى يومان أو ثلاثة
أيام).

 

ثم
كان التطور التالي لذلك وهو صوم الأسبوع كله وهو أسبوع الفصح (ستة أيام) والذي عرف
فيما بعد باسم(أسبوع الآلام) وأول ذكر جاء له في الدسقولية السريانية (ديداسكاليا
اى تعاليم الرسل) التي تم تدوينها في شمال سوريا مابين عامي(200 -250 م) وكان قد
حفظ أولا في كنيسة أورشليم ولقد كان صوم الأربعيني منفصلاً عن صوم أسبوع الآلام
خلال مرحلة تاريخية معينة وكان الصوم يبدأ بعد عيد الأبيفانيا (عيد الغطاس) مباشرة
وهو الثاني عشر من طوبة على نحو ما فعل مخلصنا له المجد، ثم يفطرون فىاليوم الثاني
والعشرين من أمشير وبعد ذلك بمدة يعملون جمعة الآلام ويختمونها بعيد القيامة.
وظلوا على هذا الحال إلى أيام البابا الأنبا ديمتريوس الكرام البابا الثاني عشر من
باباوات الإسكندرية (188- 230) وهذا قرر أن يكون أسبوع الآلام تاليا لصوم
الأربعيني،وظلت مدة الصومين معاً أربعين يوماً، وبعني أخر كان الصوم الكبير ذو
الأربعين يوماً ينتهي يوم الجمعة العظيمة وليس جمعة ختام الصوم كما نعرف اليوم اى
أن فتر ة الصوم الكلية أربعين يوماً فقط حاوية فيها أسبوع الفصح المقدس، وهذا ما
تؤكده الرسالة الفصحية الثانية للبابا اثناسيوس الرسولى (328-373 م) والتي كتبها
سنة 330م وان يكون الفصح المسيحي في الأحد التالي لفصح اليهود، وهذا هو التقليد
الذي اتبعته كنائس مصر وفلسطين وروما فقد كتب البابا بذلك إلى بطاركة الكراسي
الثلاثة وهم فيكتور بطريرك رومية،ومكسيموس بطريرك إنطاكية، وأغابيوس أسقف أورشليم
إلا إن الشرقيين تمسكوا بما كانوا عليه وهو الاحتفال بالفصح يوم 14 نيسان مع
اليهود سواء وقع يوم أحد أم لا بحجة أن هذا ما تسلموه من بوليكربوس تلميذ يوحنا
الرسول.

 

ظل
أباء الكنيسة طوال القرون الثلاثة الأولى يجاهدون لتوحيد هذا العيد، حتى جاء مجمع
نقية سنة 325م وقرر أن يكون العيد في الأحد التالي ليوم 14 نيسان حتى لا يعيدوا
قبل اليهود أو معهم واستمرت الكنائس تسير على هذا النظام إلى أن اصد البابا
جريجورى الثالث عشر أمره بالإصلاح المشهور سنة 1582م مما ترتب عليه انقسام الكنيسة
إلى فريقين، اولهما يتمسك بقرار مجمع نيقية وهم الأقباط ومن معهم، والثاني يتبع
الإصلاح الغريغورى.

 

الجَناز
العام:

في
اللغة العربية نقول < جَنز الكاهن الميت> أي صلى عليه الجَناز (بفتح الجيم)
وهو الصلاة على الميت والجَنازة أو الجِنازة وجمعها جَنائز هي المأتم أو الاحتفال
الذي يقوم به أهل الميت (جُنز فلان) أي مات وجُعل في الجَنازة [المنجد في اللغة
العربية والأعلام]

 

والتجنيز
في اللغة القبطية هو (بي هيفى) وله كتاب مختص به يحوى نصوص الصلوات التي تقال فيه
وهو كتاب الخدمات.

وصلوات
التجنيز في الكنيسة القبطية هي:

·
تجنيز البطاركة والمطارنة والأساقفة

·
تجنيز القمامصة والقسوس

·
تجنيز الشمامسة

·
تجنيز الرهبان

·
تجنيز الراهبات

·
تجنيز الرجال الكبار

·
تجنيز النساء الكبار

·
تجنيز النساء اللواتي يمتن عند الولادة

·
تجنيز الأطفال الذكور

·
تجنيز البنات

 

أما
عن التجنيز العام – فعندما ينتهي الكاهن من صلاة قداس احد الشعانين يبدأ بتوزيع
الأسرار المقدسة، ويقول الشعب المزمور المائة والخمسين بلحن الشعانين أيضاً يقفل
ستر الهيكل ويبدأ صلاة الجناز العام ويذكر عنها يوحنا بن السباع في القرن الثالث
عشر: ” تجنيز الأحياء يوم أحد الشعانين. ثم بعد الساعة التاسعة من النهار
يحضر جميع الشعب المسيحي.. إلى البيعة ليحضروا التجنيز العام”

 

ويسميه
بن السباع صلاة الساعة السادسة من يوم أحد الشعانين على اعتبار إن الكاهن يصلى في
القداس الساعة الثالثة فقط ويكون التجنيز العام هو صلاة الساعة السادسة ولكن لا
يوجد في الكتب القديمة ما يوصى بصلاة الساعة الثالثة فقط لان صلاة الساعة التاسعة
من يوم أحد الشعانين صلاة مستحدثة أضيفت في الطابعات الحديثة لكتاب البصخة.

 

وجاء
في تعليم الجوهرة النفيسة لطقوس الكنيسة ما يأتي:

يجتمع
الشعب المسيحي رجالا ونساء كباراً وصغار عبيداً إماء في البيعة المقدسة لحضور
التجنيز العام.والغرض من ذلك في هذا اليوم خشية أن يموت أحدهم في جمعة البصخة فلا
يجب رفع بخور إلا يومي الخميس والسبت. فهذا التجنيز يغنى عن التجنيز في الأربعة
الأيام التي لا يجب رفع بخور فيها. بل إذا انتقل احد يحضرون به إلى البيعة وتقرأ
عليه الفصول التي تناسب التجنيز من غير رفع بخور.

 

بعض
الملاحظات الهامة على طقس الجناز العام:

1.
يلاحظ أن قراءات الجناز العام هي نفس قراءات تجنيز الرجال ولا نعرف هل طقس تجنيز
الرجال أُخذ من الجناز العام آم العكس أو بعنى اخر مَن مِن الطقسين أقدم نرجو
البحث في هذا الجزء. ولكن الذي يتضح لنا أن اختيار طقس تجنيز الرجال سببه أن
قراءاته تتكلم بصفة عامة وموضعها حول(قيامة الراقدين). فالنبوة (حز 27: 1-14)
تتكلم عن إحياء عظام الموتى والبولس (1كو 15: 1-23) عن قيامتهم فى المسيح وفصل
الإنجيل (يو5: 19-29) عن قيامة الأبرار منهم إلى الحياة والأشرار إلى الدينونة.

 

2.
الماء الذي يصلى عليه الكاهن أثناء التجنيز هو ماء غير لتكريس سعف النخل وأيضا هو
ليس ماء خاص بالتجنيز ولكنه هو ماء التسريح الذي يرش به الشعب في نهاية كل قداس.

 

3.
لا نضع الستور السوداء على المذبح إلا بعد انتهاء التجنيز العام وصرف الشعب.

 

ترتيب
ما يقال في أسبوع الآلام:

فرضت
قوانين الرسل على كل مسيحي قراءة العهدين القديم والجديد في أسبوع الآلام وعلى هذا
النظام سارت الكنيسة منذ عهدها الأول حتى زمن الأنبا غبريال الثاني السابع
والسبعون من باباوات الإسكندرية عام 1258 م رأى صعوبة ذلك على أفراد الشعب، فجمع
عدد كبيراً من آباء الكنيسة وعلمائها، ووضع نظاماً لقراءات هذا الأسبوع عبارة عن
فصول النبوات والأناجيل المتضمنة ألام السيد المسيح. وجعل لكل ساعة قراءات معينة
ورتبها طبقاً لسير الحوادث في الأسبوع الأخير من حياة المخلص على الأرض،وجمع كل
ذلك في الكتاب المعروف باسم (الدلال) أو (كتاب البصخة)

 

وكلمة
دلال مأخوذة من الفعل “دل” أي ارشد إلى شيء والدلال هو الكتاب الطقسى
الذي يرشد إلى أسلوب تكميل الخدمة الطقسية للمناسبة ولدينا في الكنيسة القبطية
دلال أسبوع الآلام ودلال اللقان والسجدة. وسارت الكنيسة على هذا الترتيب إلى أيام
الأنبا بطرس أسقف البهنسا الذي رأى أن بعض الساعات في كتاب البصخة رتبت بها قراءات
أكثر من غيرها، فتلافى ذلك بأن جعل الساعات متوازية في القراءات،ورتب لكل يوم
عظتين كما هو مدون في كتاب البصخة المستعمل الآن. وتوضع الستور السوداء على
المنجليا وتوشح الكنيسة كلها بالأغطية السوداء إشارة إلى حزن الكنيسة كمشاركة
للمسيح في ألامه، وتكون الصلوات في الخورس الثاني خارج الإسكينى وهذا يذكرنا بآلام
الرب وصلبه على جبل الأقرانيون خارج أورشليم،وهذا يذكرنا بذبيحة الخطية في العهد
القديم والتي كانت تحرق خارج المحلة لئلا تنجسها (خر 14: 29، لا 11,12)

 

وهذا
يذكرنا بخطيئتنا التي أخرجتنا خارج الفردوس لكي نتوب عنها لكي نعود مرة أخرى
بواسطة الخلاص الذي يتم على عود الصليب.

 

إليكم
صورة لكتاب موجود بالمتحف القبطي(دلال البصخة) مزين بمختلف النباتات والحيوانات
والأشكال الهندسية، ويحمل كذلك زخرفة للأحرف الأولية وشارة تصدير باسم الكاتب الذي
خطه وتاريخ التدوين. يضم الكتاب 379 ورقة؛ بواقع 32 سطرا في كل صفحة، وهو مكتوب
باللغة القبطية مع ترجمة إلى اللغة العربية على الهامش الأيمن. رمم الكتاب في سنة
1624 من عام الشهداء، في عهد البابا سوريال الخامس (1909م). الأبعاد العرض 28 سم
الطول 40 سم.

 

سواعى
البصخة:

كلمة
بصخة في كل اللغات تعنى العبور (تذكار لحادثة عبور الملاك المهلك <خر 12: 23>)

تم
تقسيم اليوم إلى خمس سواعى نهارية وخمس ليلية

الخمس
النهارية تحتوى على (باكر – ثالثة – سادسة- تاسعة – حادية عشر)

الخمس
الليلية تحتوى على (أولى – ثالثة – سادسة – تاسعة – حادية عشر)

(أما
في يوم الجمعة العظيمة فتصلى الكنيسة صلاة سادسة وهى صلاة الساعة الثانية عشر)

 

وترتيب
كل ساعة من سواعى البصخة هو كالأتي:

*
النبوات: وتقرا قبطياً وتفسر عربياً وتقرأ النبوات قبل الإنجيل إشارة إلى إن العهد
القديم كان توطئة للجديد وإظهار لنبوات الأنبياء عن السيد المسيح.

 

*
العظة: وهى تكون في السواعى النهارية فقط وتكون لقديسين عظماء في الكنيسة
مثل(البابا اثناسيوس الرسولى والأنبا شنودة رئيس المتوحدين..) ويكون لها لحن رائع
يسمى لحن مقدمة وختام العظة وهو لحن (اوكاتى كاسيس).

 

*
تسبحة (لك القوة والمجد.. ثوك تا تى جوم..) وهى تسبحة تقال 12 مرة في كل ساعة من
سواعى البصخة وهى تقال بدل مزامير الساعة وذلك لأن المزامير مملؤة بالنبوات عن
حياة يسوع من بدء تجسده إلى صعوده وبما إننا نصنع تذكار آلامه فحسب، فقد اختير
منها ما يلائم ذلك، وهذه الصلاة وردت عدة مرات في الكتاب المقدس.. منها ما ورد في
سفر الرؤيا عن الأربعة والعشرين شيخا أنهم يضعون أكاليلهم أمام العرش قائلين
“أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة” (رؤ 4: 11). وقد
جاء في التقليد أن الرب يسوع عندما كان يصلى ببكاء وعرق في بستان جثيمانى “و
ظهر له ملاك يقويه” (لو 22: 43). وتختم هذه التسبحة كل مرة بالصلاة الربانية.

 

*
المزمور: يرتل المزمور باللحن الأدريبى وهى طريقة حزينة مناسبة لحالة الحزن التي
تعيشها الكنيسة

 

*
الإنجيل: قبطياً ثم يفسر عربياً ويلحن بلحن الحزن

 

*
الطرح: وبعد الإنجيل يقرأ الطرح وهو يتضمن معنى الإنجيل الذي قرىء، مع الحث على
العمل بما جاء فيه وله لحن مقدمة الطرح وختام الطرح وطريقته تتغير حسب المناسبة
وفى أسبوع الآلام يقال بلحن الحزن

 

*
الطلبة: ثم تقال الطلبة وفيها تلتمس الكنيسة رحمة الله لشعبه وبركته لجميع
مخلوقاته وقبوله لصلواتنا وتكون بغير مطانيات في أثناء السواعى الليلية لأنه وقت
فطر

 

*
لحن ابؤورو وكيرياليسون: ونهاية الطلبة يرتل الشعب لحن ابؤورو بطريقة الحزن
وتستخدم طريقة الأنتيفونا في المرابعة وقبل كل ربع تقال كيرياليسون.

 

*
البركة: وأخيراً يتلو الكاهن البركة المستعملة في جمعة الآلام ثم يختمها بالصلاة
الربانية ويصرف الشعب بسلام.

 

ملاحظات
عامة على أسبوع الآلام

*
تضاء 3 شموع أثناء خدمة صلاة البصخة

ذلك
رمزا لكلمة “نور” سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي”. ونحن فى كل صلاة
من البصخة نقرأ نبؤات ومزمور وانجيل فكل شمعه ترمز لقراءة من هذه القراءات الثلاثة.

 

*
لا تقام القداسات الإلهية أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء في أيام أسبوع البصخة.

ذلك
لأن خروف الفصح كان يشترى فى اليوم العاشر ويبقى تحت الحفظ الى اليوم الرابع عشر
(خر 12: 36)، حيث أن الخروف يذبح فى اليوم المذكور بين العشاءين. وبما أن يوم
السبت كان بدء الفصح فى السنة التى صلب فيها مخلصنا الصالح، فيكون ذبح الخروف يوم
الجمعة 14 نيسان بين العشاءين وبما أن مخلصنا له المجد صنع العهد الجديد قبل ذبح
خروف فصح اليهود بيوم واحد، فلا تكون ذبيحة فى الأيام من الاثنين إلى الأربعاء وفي
يوم الخميس رسم السيد المسيح سر الشكر.

 

*
لا تقال فقرة “باسوتير إن اغاثوس” اى “مخلصى الصالح” إلا في
الساعة الحادية عشر من يوم ثلاثاء البصخة

لأن
التشاور لصلب الرب يسوع بدأ من ليلة الأربعاء. فعملية الخلاص بدأت من هذا الوقت.
لذلك قررت الكنيسة أن يصوم أبناؤها أيام الأربعاء طوال السنة عدا أيام الخماسين
لنتذكر أن فى مثل هذا اليوم ذهب الاسخريوطى الى رؤساء الكهنة للتشاور معهم فى
تسليم سيده

 

*
تمنع قبلة يهوذا ابتداء من ليلة الأربعاء إلى الانتهاء من خدمة قداس سبت الفرح

ذلك
لنتذكر “قبلة الخيانة” التى جعلها يهوذا المسلم علامة لتسليم السيد
“أبقبلة تسلم ابن الإنسان” (لو 22: 48)

 

*
الكنيسة تعلم بأن الأناجيل الأربعة تقرأ في أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء
والخميس من أسبوع البصخة فتقرأ بشائر متى ومرقس ولوقا ويوحنا كل بشارة فى يوم من
الأيام.

ذلك
لأن حوادث الآلام كتبت في الأربع بشائر باتفاق عجيب ولكي نسمو فى حياتنا الروحية
يجب أن نقرأ الكتاب المقدس “فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية
وهي تشهد لي”(يو 5: 39)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى