اللاهوت الدفاعي

شبهات شيطانية حول أسفار موسى الخمسة



شبهات شيطانية حول أسفار موسى الخمسة

شبهات شيطانية حول
أسفار موسى الخمسة

قال المعترض الغير مؤمن: كتب موسى التوراة وسلّمها للكهنة، وأوصاهم بحفظها في صندوق
الشهادة، وإخراجها كل سبع سنين في يوم العيد, ولما انقرضت هذه الطبقة، تغيَّر حال
بني إسرائيل، فكانوا تارة يرتدون وأخرى يعبدون الرب, وكانت حالتهم حسنة في عهد
داود وصدر حكم سليمان، فكانوا مؤمنين إلى أن حصلت الانقلابات، فضاعت تلك النسخة
الموضوعة، بل ضاعت قبل سليمان، فإنه لما فتح سليمان الصندوق لم يجد فيه غير
اللوحين المكتوبة فيهما الوصايا العشر كما في 1ملوك 8: 9 لم يكن في التابوت إلا
لوحا الحجر اللذان وضعهما موسى هناك في حوريب حين عاهد الرب بني إسرائيل عند
خروجهم من أرض مصر ,

وللرد نقول بنعمة الله :

(1)
يقول المعترض إنه لم توجد من الشريعة سوى نسخة واحدة، وهو مغالطة, والحقيقة هي أن
موسى كتب نسخة خصوصية ووضعها بجانب تابوت عهد الرب لتكون شاهداً علىبني إسرائيل،
فإذا انحرفوا عنها حلّ بهم القصاص، وإذا تبعوها حصل لهم الخير العظيم (تثنية 31:
24_26), وعلى هذاكانت نسخ التوراة متداولة بينهم, فإذا لم تكن متداولة، فكيف كان
يكلف الله الأمة الإسرائيلية بحفظ الشريعة وإقامة فرائضها وحدودها؟ وكيف كان
يأمرهم بأن يعلّموها لأولادهم (تثنية 6: 7)؟

(2)
كيف كانوا يقرأونها كل سبت في المجامع إذا لم تكن جملة نسخ متداولة بينهم؟

(3)
مما يدل على تواتر التوارة أن الله أمر أنه عندما يجلس ملك على مملكته يكتب لنفسه
نسخة من الشريعة لتكون معه، ويقرأ فيها كل أيام حياته ليتعلم أن يتقي الرب إلهه
ويحفظ كلمات الشريعة والفرائض (تثنية 17: 18_20),

(4)
قال يوسيفوس إن موسى أمر بكتابة نسخة من الشريعة وتوزيعها على كل سبط من أسباط بني
إسرائيل ليتناقلوها,

(5)
هل يعقل أن ملكاً أرضياً يسن قانوناً ولا يكتب منه سوى نسخة واحدة؟ فإذا فعل ذلك،
كيف يتيسر لرعاياه معرفة أوامره؟ فيلزم أنه عندما يسن قانوناً يجتهد في تعميم
تداوله بين رعاياه، ثم كتابة صورة رسمية منه وحفظها عنده, هكذا فعل موسى وهو
المشهور بالحكمة، فنشر الشريعة على بني إسرائيل ووزعها على الكهنة واللاويين،
وأمرهم بتعليمها للشعب، وكتب صورة منها لتكون شهادة عليهم,

(6)
تهمّ الشريعة الأمة الإسرائيلية لأنها تحتوي على حدود أراضي كل سبط، فكانت وثيقة
ملكية للأسباط، يلزم نشرها وتعميمها، فكانت أمراً عمومياً وليس خصوصياً,

(7)
لما أحرق عثمان نسخ القرآن، وكتب المصحف الإمام أرسل نسخة منه إلى المدينة وأخرى
إلى العراق وثالثة إلى الشام، فهل يجوز أن نقول في هذه الحالة إن القرآن ضاع؟ نعم
إن النسخة التي أُرسلت إلى المدينة فُقدت في أيام يزيد بن معاوية، والنسخة التي
أُرسلت إلى العراق فُقدت في أيام المختار، وكذلك ضاعت النسخة التي أُرسلت إلى
الشام, ولكن لابد أن أهل تلك الجهات نقلوا منها نسخاً,

 

قال المعترض الغير مؤمن : ارتد سليمان في آخر عمره وعبد الأصنام وبنى المعابد لها،
وبعد موته انقسم بنو إسرائيل إلى قسمين، فصار يربعام ملكاً على عشرة أسباط، سميت
بني إسرائيل وصار رحبعام ملكاً على السبطين الآخرين, وارتد يربعام والعشرة أسباط معه،
وهاجر الكهنة إلى مملكة يهوذا, وبقيت الأسباط 250 سنة، ثم أبادهم الله وسلط عليهم
الأشوريين، وتبددوا واختلطوا مع الوثنيين فتزاوجوا وسمي نسلهم بالسامريين ,

وللرد نقول بنعمة الله : مع أن أغلب ملوك عشرة أسباط إسرائيل كانوا أشراراً، إلا أن
الله كان يرسل إليهم الأنبياء لإرشادهم وهدايتهم, وكان أغلب ملوك يهوذا يخافون
الله, ولنورد تواريخهم بالاختصار بعد انقسام مملكة اسرائيل، (أي بعد شاول وداود
وسليمان) فنقول:

(1)
رحبعام بن سليمان وكان شريراً، غير أن النبي شمعيا كان معاصراً له,

(2)
أبيام بن رحبعام، وسار في آثار أبيه,

(3)
آسا بن أبيام كان قلبه كاملًا مع الرب وعمل المستقيم,

(4)
يهوشافاط، وكان باراً صالحاً، وكان معاصراً له ياهو بن حناني النبي,

(5)
يهورام بن يهوشافاط، شرير سار في طرق ملوك إسرائيل,

(6)
أخزيا بن يهورام كان مثل والده,

(7)
يوآش بن أخزيا عمل المستقيم,

(8) أمصيا
وكان ملكاً صالحاً,

(9)
عزريا كان صالحاً، وفي آخر أيامه قام الأنبياء إشعياء وهوشع وعاموس,

(10)
يوثام وكان صالحاً وعمل المستقيم في عيني الرب، وكان معاصراً للنبي إشعياء وميخا,

(11)
آحاز كان شريراً، وكان معاصراً له النبي إشعياء,

(12)
حزقيا وكان من أتقى ملوك يهوذا، وكان معاصراً له النبي إشعياء,

(13)
منسى كان شريراً، وفي أيامه تكلم الرب بفم الأنبياء عن خراب يهوذا,

(14)
آمون كان شريراً,

(15)
يوشيا بن آمون كان صالحاً، وعمل المستقيم أمام الله، وكان من أعظم المصلحين، وكان
معاصراً له من الأنبياء خلدة النبية وارميا وصفنيا,

(16)
يهوآحاز كان شريراً,

(17)
يهوياقيم كان شريراً,

(18)
يهوياكين ابنه كان شريراً,

(19)
صدقيا كان مثل سلفه شريراً,

فهذه
هي سيرة ملوك يهوذا، منهم الأتقياء، ولم ينقطع الأنبياء في أغلب عصورهم, وبصرف
النظر عن ذلك فكان الكهنة وأئمة الدين هم المحافظين على كتب الله وعبادته, فإذا
استدل المعترض بأن قُبح سيرة الملوك دليلٌ على ضياع كتب الدين، فالقرآن إذاً يكون
قد ضاع لأن سيرة أغلب ملوك المسلمين شريرة.

 

 

مقدمة لأسفار موسى الخمسة

قال المعترض الغير مؤمن: الدكتور اسكندر كيدس، الذي هو من أفاضل المسيحية، قال ثلاثة أمور:

(1) أسفار موسى الخمسة الموجودة الآن ليست من تصنيف موسى,

(2) إنها كُتبت في كنعان أو أورشليم,

(3) ونسب تأليفها إلى زمن سليمان، يعني قبل ميلاد المسيح بألف سنة، أي في
عصر هومر تقريباً، بعد وفاة موسى بخمسمائة سنة ,

وللرد نقول بنعمة الله : الكاتب اسكندر كيدس من المنحرفين عن العقيدة المسيحية، وقال في موسى
كليم الله إنه أخذ شريعته من المصريين بعد أن نقحها، كأن الديانة اليهودية هي
أصنامية, وأنكر معجزات موسى وتكليم الله له, فهذا هو حال الشخص الذي قال عنه إنه
من فضلاء المسيحيين، مع أنه يُكذِّب كتب الأنبياء، ويناقض التوراة والإنجيل
والقرآن؟!

وماذا يقول المسلمون من أهل السنة إذا أقتبسنا اعتراضات بعض المعتزلة أو
الشيعة، كاعتراضات أصحاب جعفر الذين ينددون على عثمان بأنه حذف من القرآن جميع
الآيات الواردة بشأن علي وفضله، وأحرق النسخ القديمة؟ وماذا يقول المعترض إذا
أوردنا مذهب الغرابية الذين قالوا: محمد بعلي أشبه من الغراب بالغراب والذباب
بالذباب، فبعث الله جبريل إلى علي، فأخطأ جبريل في تبليغ الرسالة من علي إلى محمد
؟ وماذا يقول إذا أوردنا له أقوال المزدارية، وهو راهب المعتزلة، الذي قال في
القرآن إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ونظماً وبلاغة، وبالغ في القول بخلق
القرآن وكفَّر من قال بقِدَمه؟ إنه ولا شك غير مصيب عند أهل السنة, فإيراد
اعتراضات الكفرة وادعاؤه بأنهم من أفاضل المسيحيين هو من المغالطة,

قال المعترض الغير مؤمن: الفاضل نورتن من علماء المسيحية، قال: لايوجد فرقٌ يُعتد به بين لغة
التوراة ولغة سائر كتب العهد القديم التي كُتبت زمن إطلاق بني إسرائيل من سبي
بابل، مع أنه بين هذين الزمانين 900 سنة، واللغة تختلف باختلاف الزمان, وإذا قسنا
حال اللغة الإنجليزية الآن بما كانت عليه من 400 سنة وجدنا فرقاً كبيراً, ولعدم
وجود فرق بين لغة الكتب المقدسة، تكون قد كُتبت في زمن واحد ,

وللرد نقول بنعمة الله : جرت عادة المعترض أن يورد أقوال المنحرفين وينسب إليهم الفهم والعلم,
وقد قرر العلماء العارفون باللغة العبرية أن لغات الأسفار المقدسة متفاوتة تفاوتاً
عظيماً بحسب الزمان والمكان، وقسموا أدوارها إلى:

(1) من إبراهيم إلى موسى، عندما دخلت اللغة الأرامية ألفاظ مصرية وعربية,

(2) من عصر موسى أو عصر التوراة إلى عصر سليمان، بلغت اللغة في هذه المدة
غاية الإتقان,

(3) من سليمان إلى عزرا، صارت اللغة رشيقة بليغة ودخلتها اصطلاحات أجنبية,

(4) من عزرا إلى آخر عصر المكابيين، كانت لغة التوراة متفاوتة باختلاف هذه
العصور,

ولما قارن العلماء المتضلّعون في اللغة العبرية بين أجزاء التوراة وبعضها،
وجدوا تفاوتاً في أساليب الكتابة، فجزموا بأن بعضها كُتب في عصر اللغة الذهبي،
وبعضها الآخر في عصرها الفضي، والآخر في عصرها النحاسي, وهذا من أقوى الأدلة على
أنها كتبت في أزمنة متنوعة, وإذا اطلع أحد العلماء المتضلّعين في اللغة اليونانية
على قصائد هوميروس، جزم بأنها لم تكتب في عصر ديموستينوس, وإذا اطلع على خطب
ديموستينوس جزم بأنها كُتبت في عصر أوريجانوس الخ, ولهذا السبب جزم العلماء بأن
خمسة أسفار موسى لم تُكتب في زمن داود، ولا مزامير داود النبي كُتبت في زمن
إشعياء، ولا نبوات إشعياء كُتبت في زمن ملاخي, وجزموا بأن نبوات ملاخي كُتبت بعد
سبي بابل، لأن اللغة العبرية بعد السبي انحطت، وكانت مؤلفات اليهود بعد ذلك العصر
كلدية أو يونانية، وعجز اليهود قبل المسيح عن فهم اللغة العبرية بدون تفسيرها
باللغة الكلدية

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى