اللاهوت الدستوري

مكانة المرأة فى الكتاب المقدس



مكانة المرأة فى الكتاب المقدس

مكانة
المرأة فى الكتاب المقدس

المرأة
فى الكنيسة

في
1 كورنثوس 14: 34 – 38 يعطينا تعليمات واضحة بالنسبة لمكان المرأة في الكنيسة
المجتمعة “لتصمت نساؤكم في الكنائس، لأنه ليس مأذوناً لهن أن يتكلمن، بل
يخضعن كما يقول الناموس أيضاً. ولكن إن كن يردن أن يتعلمن شيئاً، فليسألن رجالهن
في البيت، لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة. أم منكم خرجت كلمة الله؟ أم إليكم
وحدكم انتهت؟. إن كان أحد يحسب نفسه نبياً أو روحياً فليعلم ما أكتبه إليكم أنه
وصايا الرب ولكن إن يجهل أحد فليجهل”.

في
هذا وضوح ليس بعده من مزيد من جهة التعليمات التي تقرر مكان المرأة في الكنيسة
المجتمعة. ليس مأذوناً للمرأة أن تتكلم في الكنيسة. وعبارة “في كنيسة”
أو “في الكنائس” تستعمل خمس مرات في هذا الإصحاح، وفي جميعها تعني
اجتماع المؤمنين كجماعة أو الاجتماع معاً للكنيسة كلها. ففي مثل هذه الاجتماعات
ليس للمرأة أن تقف وتتكلم على الإطلاق، بل أن تصمت وتكون في خضوع.

وفي
كورنثوس الأولى 11: 5 يقول الرسول “وأما كل امرأة تصلي أو تتنبأ الخ..”.
وهذا النص يسمح بمثل هذا النشاط الذي تقوم به المرأة ولكنه لم يبين في ذلك الموضع
أين تمارس المرأة ذلك، أما الإصحاح الرابع عشر فقد أوضح بكل صراحة أن خدمة مثل هذه
ممنوعة منعاً باتاً على النساء في الكنائس وذكر بكل وضوح وجوب صمتها وخضوعها.
فواضح إذن أن ممارسة المرأة لخدمة الصلاة أو التنبؤ تكون خارج الكنيسة. وبولس
ورفقاءه نجدهم في أعمال 21: 8 – 9 في بيت فيلبس المبشر وكان لهذا “أربع بنات
عذارى كن يتنبأن” والمفهوم من سياق الكلام أنهن كن يتنبأن في البيت وليس في
الكنيسة، وهذا ترتيب واضح وفي مكانه.

ومن
المهم جداً أن نلاحظ أن هذا الحظر على النساء فلا يتكلمن في كنيسة، ليس مجرد كلام
للرسول بولس – وهو رجل أعزب كما قد يحتج البعض – بل هو “وصايا الرب” (1
كو 14 – 37). فإن كان أحد – رجلاً أو امرأة – له ذوق روحي ويسلك في رضا الرب فعليه
أن يعلم أن هذه هي تعليمات ووصايا الرب. إن المسألة مسألة إطاعة مشيئة الله.
ومحاولة المداورة والمحاورة حول فصل كتابي مثل هذا، واضح غاية الوضوح، كما يفعل
الكثيرون وهم مستمرون في عصيانهم وعدم طاعتهم – برهان على أن القلب ليس راغباً في
عمل مشيئة الله وعلى عدم احترام كلمته.

ولعل
الكورنثيين ظنوا – كما يظن كثيرون في هذه الأيام، أنهم أحرار يفعلون ما يحسن لديهم
من جهة هذا الأمر. والرسول من أجل ذلك يقول لهم “أم منكم خرجت كلمة الله؟ أم
إليكم وحدكم انتهت؟” (ع 36) وكأنه يقول لهم: [هل لكم سلطان من قبل الرب من
جهة ما تقررونه في هذا الخصوص؟. إن كلمة الله لم تخرج منكم بل إليكم جاءت] ولهذا
لا بد أن يخضعوا لوصايا الرب من الرسول.

أحياناً
يقال إن كلمة “تتكلم” المذكورة في هذا الفصل تعني الانصراف إلى حديث خاص
وتبادل أطراف الحديث مع الآخرين همساً أو بصوت مسموع أثناء الخدمة وهذا ما يحذر
ضده الرسول (ثرثرة أو نشر القيل والقال
to chatter, “gassip).غير
أن هذا تعبير خاطئ ومضلل وبعيد كل البعد عن الصواب. فإن موسوعة يونج
Youngs concordance تبين أن هذه الكلمة اليونانية “Laleo
التي ترجمتها “تتكلم” تستعمل في كل الإصحاح بمعنى الكلام بقصد الخدمة.
إنها ترد 241 مرة في العهد الجديد ولها نفس المعنى الوارد في عدد 29 من نفس
الإصحاح عن تكلم الأنبياء في الكنيسة “أما الأنبياء فليتكلم اثنان أو
ثلاثة” وأيضاً “لست آذن للمرأة أن تتكلم” فإن ذات الكلمة عينها هي
المستعملة في الموضعين.

وآخرون
يقولون أن هذا المنع مقصور على النساء في كورنثوس فقط حيث النساء كن جاهلات صخابات
وليس في مقدورهن القيام بخدمة عامة، غير أن هذا مردود بالقول بأن الفكرة الأولى
التي تقول بأن المنع مقصور على نساء كورنثوس فكرة مغلوطة من أساسها ولا تستند إلى
أي دليل كتابي، أما ما يقال عن نساء كورنثوس فهو مجرد افتراض وادعاء. وافتتاحية
هذه الرسالة ترينا أنها موجهة من بولس “إلى كنيسة الله التي في كورنثوس..مع
جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان”.

هذا
التقديم قاطع وحاسم لأن تعليمات وتحريضات هذه الرسالة ليست لها مجرد الصفة المحلية
بل هي أيضاً موجهة إلى دائرة المسيحية المعترفة في كل مكان. وفي الفصل المطروح
أمامنا يتكلم الرسول عن سكوت النساء وصمتهن “في الكنائس” ولم يقل
للكورنثيين في “كنيستكم” بل “في الكنائس”.

إن
مكان المرأة في الكنيسة هو مكان الخضوع والسكوت وليس مكان القيادة. وكما أن الرجل
في دائرة البشرية يمثل الرأس والفكر فإن المرأة تمثل القلب. ومكان القلب في
الحنايا غير منظور بينما الرأس هو الظاهر للعيان. فالذين يأخذون المكان الظاهر في
الكنيسة هم الذين يقودون الجماعة سواء في الصلاة أو الترنيم أو الخدمة وهذا المركز
لم يعط للمرأة.

إن
كثيرين لا يدركون أن من يصلي جهاراً أي من يصلي بين الجماعة المجتمعة فإنه يقود
الكنيسة في صلاته. إنها ليست صلاة فردية بل تعبر عن الكنيسة في الصلاة أو التسبيح.
لذلك إذا كانت المرأة تصلي في اجتماع الصلاة أو في أي اجتماع مختلط فمعنى ذلك أنها
تأخذ مكان القيادة على خلاف ما جاء في الكتاب. وفي 1 تيموثاوس 2: 8 “فأريد أن
يصلي الرجال في كل مكان” فإن هذه الحرية المطلقة في الصلاة الجهارية ليست
ممنوحة للمرأة.

في
هذا الخصوص نتعلم من حنة في 1 صموئيل 1: 9 – 17. إن تلك المرأة التقية صلّت في بيت
الرب والعباد مجتمعون. فكيف صلت؟ يقول الكتاب “كانت تتكلم في قلبها وشفتاها
فقط تتحركان وصوتها لم يسمع” (ع 13). فإنه ما كان يليق بها أن تصلي بصوت
مسموع في حضور جمهرة مختلطة من العباد ولكنها استطاعت أن تصلي في قلبها والله سمع
وأجاب. هكذا في هذه الأيام وعلى هذا المنوال تصلي النساء وتسبح في قلوبهن في
الكنيسة المجتمعة ويشتركن في “الآمين” عند كل صلاة علنية مسموعة.

 

غطاء
الرأس

نتأمل
الآن في مسألة وجوب تغطية المرأة رأسها إذا ما صلّت أو تنبأت في الكنيسة. في هذا
الخصوص يعطينا الرسول تعليمات في 1 كورنثوس 11: 3 – 16 قائلاً “ولكن أريد أن
تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، وأما رأس المرأة فهو الرجل، ورأس المسيح هو الله.
كل رجل يصلي أو يتنبأ وله على رأسه شيء يشين رأسه. وأما كل امرأة تصلي أو تتنبأ
ورأسها غير مغطى فتشين رأسها، لأنها (والمرأة) المحلوقة شيء واحد بعينه، إذ المرأة
إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها، وإن كان قبيحاً بالمرأة أن تقص أو تحلق فلتتغط. فإن
الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الرجل.
لأن الرجل ليس من المرأة، بل المرأة من الرجل. ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة،
بل المرأة من أجل الرجل. لهذا ينبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها من أجل
الملائكة، غير أن الرجل ليس من دون المرأة، ولا المرأة من دون الرجل في الرب. لأنه
كما أن المرأة هي من الرجل، هكذا الرجل أيضاً هو بالمرأة. ولكن جميع الأشياء هي من
الله. احكموا في أنفسكم هل يليق بالمرأة أن تصلي إلى الله وهي غير مغطاة؟”.

من
هذا الفصل نرى أن الله قد وضع ترتيباً معيناً يريدنا أن نعترف به ونحافظ عليه.
فليست المسألة مجرد عادة أن يكشف الرجال رؤوسهن، أو أن تغطي النساء رؤوسهن في حضرة
الرب. بل إن هذا الترتيب له معنى كتابي ويستند إلى سبب كتابي حقيقي.

إن
الله هو رأس المسيح، والمسيح هو رأس الرجل، والرجل هو رأس المرأة. ولأن الرجل هو
صورة الله ومجده والمسيح هو رأس الرجل فإنه يكون من المهانة للمسيح أن يغطي الرجل
رأسه عندما يصلي أو يتنبأ (يتكلم جهاراً). فإن مجد المسيح ينبغي أن يكشف لا أن
يغطى.

لكن
المرأة خلقت لأجل الرجل ومن الرجل وهي مجد الرجل، ولأجل ذلك ينبغي أن تغطي رأسها
عندما تصلي أو تتنبأ، لأن مجد الرجل ينبغي أن لا يرى وبصفة خاصة في الكنيسة
المجتمعة. إذ هناك ينبغي أن مجد المسيح وحده وليس مجد الرجل هو الذي يستعلن.

وأكثر
من ذلك يقول في عدد 10 أنه “ينبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها من أجل
الملائكة” أي أن يكون لها على رأسها غطاء رمزاً لسلطان الرجل الذي هي خاضعة
له. فعندما تضع المرأة غطاء على رأسها في حضرة الرب، إنما بذلك تصادق على أن الرجل
هو رأسها المعين لها من الله. وإذا دخلت امرأة إلى حضرة الرب ورأسها غير مغطى
فإنها تظهر بذلك أنها تريد أن تكون مثل الرجل وترفض مركز الخضوع. إنها تشين رأسها
(تشين كرامته) وربما تفعل ذلك دون وعي، بل عن جهل، لكن هذا هو معنى ما تفعله.

إن
الملائكة نظاراً في الاجتماع وينبغي أن يشهدوا (يتفرجوا) على ترتيب الله ومراعاة
أصوله هناك. إنهم يرون في السماء وفي كل الخليقة ترتيباً دقيقاً محفوظاً وينبغي أن
لا يروا بين المسيحيين عدم الترتيب. إن السرافيم يغطون أنفسهم في حضرة الرب (أش 6:
1 – 3)، ويسرهم أن يروا النساء كذلك إطاعة لكلمة الله. وقصد الله أن “الرؤساء
والسلاطين في السماويات” تعرّف “بواسطة الكنيسة بحكمة الله
المتنوعة” (أف 3: 10 و11). وهذه الحكمة الإلهية هي في سر المسيح والكنيسة
الذي يرمز إليه بالزوج وامرأته: الواحد يشغل مركز الرأس والآخر تشغل مركز الخضوع
له (أف 5: 22 – 32).

وتغطية
الرأس أمر واجب على النساء غير المتزوجات كما على المتزوجات. لأن الأعداد الواردة
في 1 كورنثوس 11 هنا تتكلم عن الرجل بصفة عامة وعن المرأة بصفة عامة. وفي سفر
العدد 30: 3 – 5 نقرأ عن وجوب خضوع البنت في صباها في بيت أبيها لسلطان أبيها،
ونذورها والتزاماتها تثبت متى أجازها أبوها. فإن لم يوافق الأب عليها لا تثبت
نذورها أو عهودها التي قطعتها على نفسها وبالمثل نذور الزوجة والتزاماتها تثبت متى
وافق عليها الزوج وعلى ذلك فالمرأة ينبغي أن تعترف بسلطان الرجل أباً كان أو زوجاً.
وغطاء رأسها وهي في حضرة الرب هو علامة هذا الخضوع.

 

عيب
الرأس غير المغطاة

“وأما
كل امرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطى فتشين رأسها لأنها والمحلوقة شيء واحد
بعينه. إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها، وإن كان قبيحاً بالمرأة أن تقص أو
تحلق فلتتغط” (1 كو 11: 5 و6).

وفي
العهد القديم كان كشف رأس المرأة وحلق شعرها علامة تحقير وإذلال كما نرى في العدد
5: 18 كان يكشف شعر رأس الزوجة إذا شك الزوج وأحاطها بالشبهات، وفي التثنية 21: 10
– 13 إذا سبيت امرأة جميلة أو وقعت في الأسر. وهنا في 1 كورنثوس 11 يقول الرسول
أنه إذا كانت المرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطى فهي والمحلوقة شيء واحد بعينه.
وإذا كان قص شعرها أو حلقه علامة عار عليها أن تتغطى. يجب أن لا توصم وهي في حضرة
الرب بوصمة ما. ينبغي أن لا تظهر أمام الله وأمر أمانتها لزوجها محل شك. بل ظهورها
ورأسها مغطى فيه بيان وفيه علامة عن اعترافها بأن الرجل رأس لها وأنها تتمتع بكامل
ثقته فيها.

واضح
من كلام الأعداد في 1 كورنثوس 11 أنه قبيح بالمرأة أن تقص أو تحلق لكن “إن
كانت ترخي شعرها فهو مجد لها” (ع 15). وهذه كلمات حاسمة ينبغي أن تقف سداً
عالياً في وجه السخافات العصرية وأمام روح التبذّل العصري باسم “المودة”.
هل يليق بامرأة تقية أن تقتطع جزءاً من مجدها وتلقي به؟ إن في هذا عصياناً شائناً.
وهل تستطيع امرأة كهذه أن تمسح قدمي الرب بشعرها كما فعلت هاتان التقيتان
المخلصتان في لوقا 7: 38 ويوحنا 12: 3؟

 

الشعر
الطويل ليس هو الغطاء

نقرأ
في 1 كورنثوس 11: 15 “وأما المرأة إن كانت ترخي شعرها فهو مجد لها لأن الشعر
قد أعطي لها عوض برقع”. ومن هذه العبارة راح البعض يعلمون أن الشعر الطويل هو
غطاء الرأس للمرأة ولا حاجة لها إلى غطاء آخر. ولكن هذا التفسير خاطئ جداً، ولا
يؤدي نفس المعنى المقصود من النص. فإن المعنى المفهوم من العبارة أن الشعر الطويل
قد أعطى للمرأة بالطبيعة كبرقع تتشح به، فهو ليس غطاء الرأس الذي يصر الرسول بولس
عليه في الأعداد السابقة فإنه إذا كان لا بد أن يغطى مجد الرجل في حضرة الله،
“والمرأة هي مجد الرجل”. إذن فشعر المرأة الذي هو مجدها الشخصي ينبغي أن
يغطى أيضاً في حضرة الله.

لقد
بيّن الرسول بولس الفرق بين الرجل والمرأة وقال أن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه،
أما المرأة فينبغي أن تغطي رأسها. ثم ينتقل إلى الكلام عن سبب آخر يدعو المرأة لأن
تغطي رأسها، وهو الآداب السليمة، واللياقة المبنية على التركيب الطبيعي للرجل
والمرأة، وهو تركيب جد مختلف عند كليهما. إنه يقول “احكموا في أنفسكم هل يليق
بالمرأة أن تصلي إلى الله وهي غير مغطاة؟ أم ليست الطبيعة نفسها تعلمكم؟” (ع
13 و14). فحتى في الطبيعة الله أعطى المرأة الشعر الطويل كبرقع تستتر به. فالمرأة
إذن يليق بها كل اللياقة أن تغطي رأسها عندما تصلي إلى الله.

 

ليس
لنا عادة مثل هذه

ثم
يقول الرسول “ولكن إن كان أحد يظهر أنه يحب الخصام فليس لنا نحن عادة مثل هذه
ولا لكنائس الله”. فلقد أوضح الرسول فكر الله في هذا الأمر. فإذا راح البعض
يناقضون ويناقشون بالمجادلة في هذا الموضوع فبكل بساطة يحسم الجدل بقوله “ليس
لنا نحن عادة مثل هذه ولا لكنائس الله”.

إنه
في مثل هذه الأمور الصغيرة كتغطية الرأس أو عدم تغطيتها تظهر حالة القلب – وفيها
امتحان لإرادتها هل هي راغبة في الخضوع لله ولكلمته أو أنها متحفزة للوقوف ضد
الكلمة والانسياق في تيار المودة والروح العصرية.. إن العادات والمودات تتغير، لكن
كلمة الله ومبادئ الله في هذا الأمر وفي غيره من الأمور تبقى ثابتة.

 

أمثلة
عن المرأة من الكتاب المقدس

لا
تحتل مركزاً جهارياً:

رأينا
في فصول كثيرة من الكتاب المقدس أن مكان المرأة في الكنيسة ليس هو مكان الخدمة
العلنية، بل بالحري مجالها هو ميدان خدمة خصوصية، فسيح الأرجاء يتسع لأنواع عديدة
من النشاط التقوي لخدمة ربها ومخلصها. ولقد تأملنا فيما سبق فيما حرّم على النساء
أن يمارسنه والآن لنفتش الكتاب لنرى مراكز أو وظائف معينة لم تكلف بها النساء على
الإطلاق.

في
الكتاب المقدس ستة وستون سفراً جميعها كتبت بواسطة رجال. والله لم يختر امرأة
واحدة لكتابة جزء واحد من فصول هذا الكتاب. كذلك لم يسمح لامرأة من سبط لاوي أن
تتقلد كهنوتية للخدمة في خيمة الاجتماع أو في الهيكل في العهد القديم. أيضاً لم
يختر الرب امرأة واحدة بين الإثني عشر رسولاً الذين كانوا جميعاً رجالاً. وبالإضافة
إلى هؤلاء الإثني عشر أرسل الرب سبعين آخرين ولم نسمع عن أي منهم كان من النساء.
وفي أعمال 6 انتخب سبعة رجال مشهوداً لهم ومملوئين من الروح القدس والحكمة لأجل
خدمة الموائد وحاجات الأرامل وليس بينهم امرأة واحدة. وفي 1 كورنثوس 15 ذكر شهود
كثيرون لتثبيت قيامة الرب وسميت أسماء رجال كثيرين ليس من بينهم اسم امرأة واحدة.
وهذا له معناه الخصوصي، لأن مريم وهي أول من رأي الرب المقام والتي أرسلت منه بأول
بشارة عن القيامة، ولكن حذف اسمها ضمن قائمة الشهود، أليس هذا دليلاً قوياً على أن
الكتاب لا يعطي المرأة مكاناً في الشهادة العلنية؟

وفي
الكنيسة الأولى ذكر عن إقامة أساقفة وشمامسة وشيوخ على التفصيل الوارد في رسالتي
تيموثاوس الأولى ورسالة تيطس وجميع هؤلاء كانوا رجالاً ليس بينهم امرأة واحدة. كما
أننا لا نقرأ عن امرأة مبشرة أو راعية أو معلمة بالمعنى العام المعروف في العهد
الجديد. كذلك ولا امرأة واحدة ورد اسمها بين من صنعوا المعجزات العلنية. وفي رؤيا
11 نقرأ عن شاهدين نبيين من الرجال، وليست نبيتين، ولا نبي ونبية، بل إثنين من
الرجال.

وبكل
تأكيد عدم الإشارة إلى النساء في كل هذه المراكز والوظائف العلنية المختلفة يرينا
أن مجال الخدمة العلنية ليس هو مجال نشاط المرأة. والآن ننتقل إلى الكلام عن أمثلة
إيجابية في الكتاب المقدس لنساء تقيات وخدماتهن العاطرة المقبولة لأجل مجد الله.

 

مريم
(أو مريام)

في
خروج 15: 2 نقرأ أن مريم النبية أخت هرون أخذت الدف بيدها وخرجت جميع النساء
وراءها بدفوف ورقص وأجابتهم مريم “رنموا للرب فإنه قد تعظم”. كانت هذه
خدمة جليلة من مريم. لقد قادت النساء في الترنيم والتسبيح للرب ولم تحاول قيادة
الرجال. كانت هذه الخدمة منها مقبولة جداً. لكن في وقت متأخر انظر كيف وقعت عليها
يد الرب المؤدبة لما قادت هرون أخاها في حركة التذمر على موسى، لقد ضربت بالبرص من
أجل هذه الخطية (العدد 12).

نساء
في خروج 35: 22 – 26

نقرأ
بالارتباط مع بناء خيمة الاجتماع القول “وجاء الرجال مع النساء. كل سموح القلب،
جاء بخزائم وأقراط وخواتم. وقلائد، كل متاع من الذهب، تقدمة ذهب للرب. وكل النساء،
الحكيمات القلب، غزلن بأيديهن، وجئن من الغزل، بالاسمانجوني، والأرجوان، والقرمز،
والبوص. وكل النساء اللواتي انهضتهن قلوبهن بالحكمة، غزلن شعر المعزى”. وبهذه
الخدمات الطيبة كان للنساء نصيب جميل في بناء مقدس الله.

 

دبورة

كانت
دبورة نبية، وكانت امرأة متزوجة، وقضت لإسرائيل في أيام الانحطاط والخراب الروحي
(قضاة 4). لقد انحطت حالة اسرائيل جداً، وأقام الله لهم دبورة قاضية لما خبت في
اسرائيل نخوة الرجال تماماً، فأقامها الله ليكسر نير العدو الأجنبي. ودائماً في
أوقات الخراب وأيام الانحطاط تتقدم المرأة الصفوف وهذه علامة سوء الحال. ومع ذلك
ينبغي أن نلاحظ كيف حاولت دبورة أن لا تتخطى حدودها وكيف حاولت أن تبقى في مكانها
الصحيح. كانت دبورة جالسة تحت نخلة وكان بنو اسرائيل يصعدون إليها للقضاء وأرسلت
ودعت باراق بن أبينوعم وقالت له أن يذهب ويحارب سيسرا، فلما امتنع باراق وتذرع
بأنه يذهب إذا هي ذهبت معه وإن لم تذهب هي معه فلن يذهب هو، رضيت دبورة أن تذهب
معه لكنها قالت له “إنه لا يكون لك فخر في الطريق التي أنت سائر فيها لأن
الرب يبيع سيسرا بيد امرأة”. ومعنى هذه الكلمات أنه إن كان عاراً على باراق
أن يقتل سيسرا بيد امرأة فهذا العار ليس بأقل من العار الملحوظ أن تضطر امرأة بسبب
هوان الرجولة في الرجال إلى الجلوس على كرسي القضاء لإسرائيل. إن إيمانها وشجاعتها
شددت من عزم باراق الجبان. وهكذا أخوات يمكنهن أن يشجعن الإخوة المتراخين والكسالى
ودبورة لم تتقدم باراق لكنها شجعته وذهبت معه.

 

امرأة
من شونم

في
سفر الملوك الثاني 4: 8 – 37 نقرأ عن هذه المرأة العظيمة، فإن اهتمامها الخصوصي
وكرم ضيافتها لرجل الله أليشع مما يعتبر مضرب الأمثال. لقد أشارت على رجلها أن
تعمل علّية صغيرة ليميل إليها النبي كلما مر بذلك الطريق وجهزتها بالأثاث اللازم
وبذلك ترجمت إيمانها عملياً، ولا زالت هذه الخدمة الجميلة تذكر عاطرة إلى هذا
اليوم.

 

نساء
العهد الجديد

في
مناسبتين عظيمتين أكرم الله المرأة أكثر من الرجل في العهد الجديد.

المناسبة
الأولى: كانت عندما ولد المسيح من امرأة هي العذراء مريم. والمناسبة الثانية كانت
بعد القيامة عندما ظهر الرب أولاً لامرأة هي مريم المجدلية. هاتان الامرأتان لهما
مكان عجيب في العلاقة بالرب يسوع فالأولى يتكلم عنها الكتاب بالقول “المنعم
عليها” و”مباركة في النساء” (لو 2: 28) ومريم المجدلية عرف عنها
إخلاصها وعميق شعورها من نحو الرب فحباها الرب امتيازاً سامياً إذ حمّلها أعجب
وأول بشارة عن القيام لتبلغها للتلاميذ.

وحنّة
النبية كانت تتعبد لله (تخدم الله) “بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً”
وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه إلى الهيكل “وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع
المنتظرين فداء في أورشليم” (لوقا 2: 27). وخدمة مثل هذه بابها مفتوح أمام كل
أخت في يومنا الحاضر بل والحاجة ماسة إليها جداً.

أيضاً
في لوقا 8: 2 و3 نقرأ عن بعض النساء ممن شفاهن الرب من أرواح نجسة وأمراض كن يتبعن
الرب مع الإثني عشر تلميذاً، وأخر كثيرات “كن يخدمنه من أموالهن”. وكانت
تلك أيضاً خدمة مباركة حقاً.

ومرثا
قبلت الرب يسوع في بيتها وكانت تخدمه بينما كانت أختها مريم تجلس عند قدميه لتسمع
كلامه. وفي مناسبة أخرى صنعوا له عشاء ومريم دهنت قدميه بطيب كثير الثمن كانت قد
حفظته لأجل تكفينه (لوقا 10: 38، يوحنا 12: 1 – 3).

وبالارتباط
بموت الرب نقرأ عن جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتي كن يلطمن أيضاً وينحن عليه..
وتبعنه نساء كن قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده” (لوقا 23: 27
و55). وفي أول الأسبوع جاءت نساء إلى القبر حاملات حنوطاً وأطياباً. وفي كل ذلك
نرى خدمة مخلصة من النساء نحو الرب في حياته ومماته. إنها الخدمة الحبية الشخصية
هي التي تبدو في خدمات مثل هذه من جانب الأخوات.

وفي
سفر الأعمال 9: 36 – 39 نقرأ عن طابيثا التي كانت ممتلئة أعمالاً صالحة وإحسانات.
وعند موتها جاءت جميع الأرامل يبكين ويرين أقمصة وثياباً مما كانت تعمل وهي معهن.
ويالها من خدمة جليلة كانت تؤديها طابيثا إلى الفقراء. وفي سفر الأعمال 12: 12
نقرأ عن مريم أم يوحنا الملقب مرقس. إنها فتحت بيتها لاجتماع الصلاة. وفي ص 16: 13
نرى جمعاً من نسوة يجتمعن عند نهر حيث جرت العادة أن تكون صلاة، كما نرى ليديا
تفتح بيتها للرسول بولس والذين معه (ص 16: 15).

ومن
بين الأسماء التي تذكر للتنويه الشخصي في رومية 16 نجد أسماء نساء أمثال فيبي
خادمة كنيسة كنخريا التي صارت مساعدة لكثيرين. وبريسكيلا مع زوجها أكيلا اللذين
عملا مع الرسول ووضعا عنقيهما من أجل حياته. وفي رومية كان بيتهما هو محل اجتماع
الكنيسة لأن بولس يقول “سلموا على الكنيسة التي في بيتهما” وأيضاً ذكرت
مريم التي تعبت لأجل بولس والذين معه.

ولما
كتب بولس لأهل فيلبي ذكر أفودية وسنتيخي اللتين جاهدتا معه في الإنجيل (في 4: 3).
أولئك لم يعملن معه أو يتعبن معه في الكرازة والتبشير كما يظن البعض، وهذا واضح
بجلاء من كتاباته في مواضع أخرى، لكنهن كن عاملات متفانيات معه في مشاركته أتعاب
وصعاب الإنجيل. لقد ساعدنه بكل وسيلة ممكنة من فتح بيوتهن ليكرز فيها، إلى إضافة
العاملين في الكرازة، إلى حثّ الآخرين على حضور الاجتماعات، على إقامة صلوات خاصة
لجلهم، إلى غير ذلك مما يفوق الحصر مما تستطيع النساء أن يعملنه بصورة أفضل من
الرجال. وبولس قدّر أمثال هؤلاء وخدماتهن وتكلم عنهن كأنهن عاملات معه في الإنجيل،
ولا تزال أمثال هذه الخدمات المباركة من أجل الإنجيل متاحة أمام الأخوات وفي
مقدورهن أن يزرن المرضى وأن يوزعن النبذ أيضاً.

إن
الحقل واسع أمامهن لمثل هذه الخدمات وتلك الأمثلة الواردة في الكتاب للنساء قديماً
ينبغي أن تشجع الأخوات بيننا على التعب من أجل الرب. وخدماتهن لا تقل في أهميتها
عن خدمة الكرازة العلنية وليست منسية من الرب بل لها مجازاتها وأجرتها.

وعلى
ذلك يمكننا أن نستخلص مما سبق أن ما قلناه في الصفحات السابقة عن مكان المرأة، إن
مكانها متميز كل التمييز عن مكان الرجل، وأنه ليس مما يتفق وتعليم الكتاب المقدس
أن تعمل المرأة ما هو من صميم اختصاص الرجل من جهة خدمة الرب. نسمع أحياناً من
يحتج بما جاء في غلاطية 3: 38 ليؤيد عكس ما نقول إذ يتمسك بعبارة “ليس ذكر
وأنثى لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع”، لكن هذه العبارة لا تتكلم عن
السلوك والترتيب في الكنيسة بل هي تتكلم عن عائلة الله المفدية، وأنه لا فرق بين
الرجل والمرأة من جهة الخلاص بالنعمة، تماماً كما لا يوجد أي فرق بين يهودي
ويوناني أو بين العبد والحر. ولقد سبق أن بينا أن ترتيب الله في الخليقة لم يزل
قائماً أيضاً في الكنيسة.

 

الزينة
والثياب

لقد
تحدثنا في الفصل الأول عن الكنيسة باعتبارها بيت الله على الأرض، وأشرنا إلى
الترتيب والمسئولية التي تتعلق بهذه الصورة من كنيسة الله. أجل، فالله إلهنا هو
إله ترتيب، وإذا ما سكن في بيت – كما هو حادث بالفعل في كنيسته – ينبغي أن يكون
هذا البيت متوافقاً مع فكره ونظامه. وحيث أن ببيته “تليق القداسة” (مز
93: 5)، فإن مسئوليتنا هي أن نحفظ الكنيسة – التي هي مكان سكناه – طاهرة مقدسة.

في
1 تيموثاوس 3: 14 و15 نقرأ “هذا أكتبه إليك راجياً أن آتي إليك عن قريب، ولكن
إن كنت أبطئ فلكي تعلم كيف يجب أن تتصرف في بيت الله، الذي هو كنيسة الله الحي،
عمود الحق وقاعدته”. وهذا هو سبب كتابة بولس لرسالته الأولى إلى تيموثاوس: أن
يعرف هو، وأن نعرف نحن أيضاً كيفية التصرف في بيت الله.. إذاً فهناك سلوك معين
يليق ببيت الله، والترتيب والقداسة والتأديب ينبغي أن تكون في مكان سكناه.

 

قداسة
الله

التأديب
في الكنيسة هو أمر حتمي بسبب ذاك الذي هو “القدوس الحق” (رؤ 3: 7)،
والذي هو في وسط شعبه والذي عيناه أطهر من أن تنظرا الشر أو تبصرا الجور” (حب
1: 13). فإذا ما كان هذا القدوس آخذاً مكانه في بيته، فلا يمكن أن يسمح لخطية أن
تمر بلا قضاء. ولذلك لا بد أن يحفظ بيته طاهراً، كما قال داود في مزمور 101: 7
“لا يسكن وسط بيتي عامل غش. المتكلم بالكذب لا يثبت أمام عيني”.

ومن
المهم أن نتذكر ونحن نتناول موضوع التأديب بالدراسة، أنه مرتبط باعتبار الكنيسة
“بيت الله” لا باعتبارها جسد المسيح.[1]

 

حفظ
سلطان المسيح

ي
عبرانيين 3: 6 نقرأ القول “أما المسيح فكابن على بيته، وبيته نحن”. وحيث
أن المسيح هو ابن على بيته.[2]

فإن
سلطانه يجب أن يمارس، والتمرد والشرور يجب ألا يسمح بها. إن ما يتوافق معه فقط هو
الذي يجب أن يظهر، ولذلك فإن مسئوليتنا نحن هي حفظ الترتيب المعلن في كلمته وبقاء
بيته مقدساً. فالتأديب الكنسي، الذي يتخذ طابعاً كنسياً هو تأديب من المسيح باعتباره
ابناً على بيته، وهو يختلف عن تأديب الأب لأولاده، هذا التأديب الذي ينبع من
اهتمام الآب بكل فرد من أولاده الذين أخطأوا نتيجة النعمة الفردية والمحبة الأبوية
من نحوهم. إنه اهتمام الآب بعائلته، ويختلف عن دور الابن[3] والتأديب الذي يجريه
باعتباره ابناً على البيت.

التأديب
يعني الخضوع للنظام، وتنمية عادة الطاعة بالتدريب والتعليم والتقويم والتوبيخ. إنه
مثل التدريب التعليمي أو العملي للتلميذ. وكما أن هذا التدريب هام جداً في البيت،
وفي المدرسة، وفي الحكومة، كذلك في بيت الله. فبدون النظام والتأديب لا نتوقع نجاحاً
في أي مجال على الإطلاق.

إذا
لم يكن هناك ممارسة للتأديب وحفظ النظام التقوي في الكنيسة، فإن هذا النقص سيؤدي
سريعاً إلى تعطل عمل الروح القدس، وإطفاء خدمته. فروح الله يحزن لكل ما يهين
المسيح، وكل ما يتعارض مع كلمته. ولا يقدر أن يبارك عدم الطاعة ولا الإرادة
الذاتية، أو الخطية غير المحكوم عليها. وبالتالي سيتبع ذلك بالتأكيد ضعف الجماعة
روحياً، ونقص القوة فيها وذلك لعدم ممارستها للتأديب الذي يجب أن يكون لمجد وكرامة
الرب، الذي “بيته نحن”.

 

طابع
خمير الخطية

هناك
سبب آخر لضرورة التأديب الكنسي وهو أن الخطية مثل الخميرة التي تخمر العجين كله.
والرسول يتحدث عن هذا في 1 كورنثوس 5: 6 – 8 “ألستم تعلمون أن خميرة صغيرة
تخمر العجين كله؟ إذاً نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجيناً جديداً كما
أنتم فطير”. إن طبيعة الخميرة هي أن أصغر جزء منها سرعان ما ينتشر ويخمر كل
العجين. والطريقة الوحيدة لإبطال عمل الخمير هو أن ننقي العجين منه أو أن ندخل
العجين المختمر في النار فيتوقف عمل الخمير. وهكذا أيضاً بالنسبة للخطية، فيجب أن
يحكم عليها وتعزل خارجاً. فالخطية تدنس، ويجب أن تدان أينما ظهرت، وإلا فإنها
ستنتشر وتفسد كل الجماعة.

إن
التأديب التقوي ضروري لمقاومة ما تتركه الخطية من نجاسة في الكنيسة، ولذلك لا بد
أن تكون محفوظة في الطهارة وعدم الخمير. فإذا كان شخص في قلبه خمير الخطية عاملاً،
ولا يخضع للنصح أو للتوسل أو الإنذار والتوبيخ والعناية التقوية ولا يدين نفسه، بل
يصر على خطته ويستمر في مساره، فعلى الكنيسة، بعد الوقت والمجهود المناسبين
لتخليصه، أن تتخلص هي نفسها من هذا الشخص بعزله خارجاً كشخص خبيث حتى لا تتخمر
الجماعة به.

لكن
لا يجب أن نظن أن التأديب هو مجرد إجراء قضائي يتم بمقتضاه فصل الشخص عن الشركة
وعزله عن الجماعة. فإن الغرض الأساسي من التأديب يجب أن يظل هو تجنب الوصول إلى
حتمية عزل الشخص من الشركة مع المؤمنين. إن تسعة أعشار التأديب الذي يجب أن يجري
في الكنيسة، يجب أن يكون فردياً في طبيعته، وبممارسة العناية الرعوية، وليس هو جمع
الكنيسة كلها لإجراء القضاء. وكل تأديب ينبغي أن يكون الإصلاح والرد هو غايته.
والحد الأقصى في تصرف الكنيسة، أعني عزل الشخص خارج الجماعة، ليس هو، بحصر اللفظ،
تأديباً. بل إنه اعتراف بأن التأديب أصبح غير مجد وأنه لم يعد ممكناً عمل المزيد،
إلا وضع شخص كهذا في مكان خارجي كشخص خبيث. والكنيسة ليس لها شيء آخر لتقوله له،
إلا إذا ظهرت أولاً من جانبه توبة، ورجوع حقيقي إلى الرب.

إنه
في داخل الكنيسة يلزم الإبقاء على التأديب وممارسته لأجل مجد الله ولبركة النفوس
(1 كو 5: 12). ولهذا فعلى القديسين الانقياد في طرق الطاعة، والتدرب في طرق الرب،
والتعلم فيما يسر المسيح ويبهج القديسين. إنه حقاً بالنظر إلى ما هو أمامنا يصبح
لزاماً علينا أن نحافظ على التأديب بحسب كلمة الله في الكنيسة – كبيت الله.

 

ملحقات

[1]
توجد في الكتاب المقدس سبعة تعبيرات مختلفة عن الكنيسة فهي: جسد المسيح (القرب
الوثيق)-عروس المسيح (المحبة والإعزاز)-بيت الله (مكان سكنى الله من الآن وإلى
الأبد الآبدين)-هيكل (إعلان أمجاد الله لكل الخلائق)-منائر (مسئولية الشهادة على
الأرض)-مدينة (غرض الله النهائي)-رعية (الاعتماد الكلي على الراعي المحب).. ولعل
أبرز تعبيرين هما “جسد المسيح” و”بيت الله”، الأول يرتبط
بالأكثر بالامتيازات التي لنا، والثاني بالمسئوليات التي علينا-(المعرب).

[2]
لعل القارئ الفطن يلاحظ أن الأخ الحبيب تحت هذا العنوان قد نسب البيت إلى المسيح
عدة مرات. ومن المفيد أن نذكر أن الكتاب المقدس دائماً ينسب البيت إلى الله (عب 10:
21، 1 تي 3: 15، 1 بط 4: 17)، ولا يستثنى من ذلك الآية التي نحن بصددها والواردة
في عب 3: 6. فالمفارقة هنا هي بين موسى الذي كان أميناً في كل بيت الله كخادم،
وبين المسيح الذي هو ابن على هذا البيت، بيت الله. ومع أن نفس الفقرة تشير إلى أن
المسيح هو الله، لأن المسيح هو باني البيت، وباني الكل هو الله. لكن البيت ينسب
إلى الله “بيت الله”-(المعرب).

[3]
هناك تعامل لأقانيم اللاهوت الثلاثة مع خطية المؤمن بالإضافة إلى تعامل الجماعة
المحلية، فبمجرد حدوث زلة من المؤمن، حتى ولو كانت مجرد كلمة خرجت منه بدون احتراس،
فإن الروح القدس الساكن فيه يحزن (أف 4: 29 و30). والمؤمن الذي لا يستفيد من ذلك
ويحكم فوراً على خطئه، فإنه يعرض نفسه لمعاملات الآب التأديبية، الناتجة عن محبته
لنا (عب 12: 6-11). فإذا تمادى المؤمن ولم يرجع فإنه يعرض نفسه لتأديب الرب، هذا
التأديب الذي يجب أن تمارسه الجماعة، وبصفة خاصة النظار بينهم (وهذا هو موضوع هذا
الكتاب)، لكنها لو قصرت فالرب سيقوم بنفسه بهذا الأمر حسبما ورد في 1 كورنثوس 11: 30-32)
(المعرب).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى