اللاهوت الدستوري

نحن نعرف جميعاً القاعدة التى تقول " لا حكم بدون محاكمة " فهل لابد من محاكمة لكل خطأ، أم فى حالات معينة يمكن – حسب القانون الكن



نحن نعرف جميعاً القاعدة التى تقول ” لا حكم بدون محاكمة ” فهل<br /> لابد من محاكمة لكل خطأ، أم فى حالات معينة يمكن – حسب القانون الكن

نحن نعرف جميعاً القاعدة التى تقول ” لا حكم بدون محاكمة ”
فهل لابد من محاكمة لكل خطأ، أم فى حالات معينة يمكن – حسب القانون الكنسى – إصدار
حكم على المخطئ دون حاجة إلى محاكمته.؟

 

الرد:

المقصود
بالمحاكمة الكنيسة بلاشك هو ضمان العدل. وذلك بأمرين:

 1-إظهار
الحق، حتى يستريح ضمير من يصدر الحكم.

 2-إعطاء
فرصة للمخطئ أن يدافع عن نفسه.

ويستثنى
من وجوب المحاكمة الحالات التى يكون فيها الحق واضحاً تماماً مثل حالات التلبس
وأمثالها.

 

وسوف
نذكر أمثلة كثيرة من الكتاب المقدس بخصوص هذه النقطة. ونضع أمامنا فى ذلك أيضاً
قول الكتاب: ” خطايا بعض الناس واضحة تتقدم إلى القضاء ” (1تى 5: 24).

 

ويدخل
فى هذا الأمر مثلا من يحث شوشرة داخل الكنيسة ويفسد نظامها وروحياتها، أو يعطل
الشعائر الدينية فيها، وأو يدنس مقدساتها. هذا لا يمكن أن نعطية فرصة للتمادى،
وإنما:

 

يلزم
هنا حكم سريع حازم، لأن التباطؤ يعطى فرصة للتمادى.

 

*وهذا
ما فعله السيد المسيح له المجد فى تطهير الهيكل.

 


وجد فى الهيكل الذين كانوا يبيعون بقرأ وغنماً وحماماً، والصيارف جلوساً. فصنع
سوطاً من حبال، وطرد الجميع من الهيكل: الغنم والبقر. وكب دراهم الصيارف، وقلب
موائدهم. وقال لباعة الحمام: غرفعوا هذه من ههنا. لا تجعلوا بيت أبى بيت تجارة
” (يو 2: 14 – 16)

 

هنا
قام السيد يتطهير الهيكل، باجراء حازم سريع، دون محاكمة.

 

وتكرر
هذا الأمر أيضاً كما رواه القديس مرقس فى مناسبة الفصح ” قلب موائد الصيارفة
وكراسى باعة الحمام وكان يعلم قائلا: أليس مكتوباً ” بيتى بيت الصلاة يدعى
لجميع الأمم، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص “(مر 11: 15 – 17)0ووردت نفس القصة فى
مت (21: 12، 13)

 

*بإجراء
أعنف تصرف فينحاس الكاهن:

 

رأى
رجلا وأمرأة ينجسان الهيكل. لم ينتظر حتى يحاكمهما. إنما أخذ إجراء حاسماً ليطهر
الهيكل منهما. وقد طوبه الرب على ذلك وكافأة (عدد 24: 6- 14)0 الأمر لم يكن يسمح
بجراء محاكمة. والحالة تلبس

 

3-وبدون
محاكمة، حكم القديس بطرس الرسول عل سيمون الساحر.

 

وهكذا
يروى سفر أعمال الرسل: ” ولما رأى أنه بوضع أيدى الرسل يعطى الروح القدس، قدم
لهما دراهم قائلا ” أعطيانى أنا أيضاً هذا السلطان، حتى أى من وضعت عيه يدى،
يقبل الروح القدس “. فقال له بطرس ” لتكن فضتك معك للهلاك، لأنك ظننت أن
موهبة الله تقتنى بدراهم (أع 8: 18 – 20). وهكذا تمت لعنة سيمون. وحكم عليه الرسول
بالهلاك، وشتقت من إسمه كلمة السمونية، ومات هالكاً

 

لم
تكن هناك محاكمة، إذ انطبقت عليه عبارة الكتاب ” خطايا بعض الناس واضحة تتقدم
إلى القضاء ” (1تعى 5: 24).

 

إنه
بنفس الوضع السابق فى تطهير الرب للهيكل، وفى العقوبة التى أوقعها فينحاس الكاهن
عل الزانيين.

 

4-وبنفس
الأسلوب عوقب آخاب الملك، بدون محاكمة.

وذلك
بعد أن دبر مؤامرة قتل بها نابوت اليزرعيلى وأخذ حقله. وأرسل له الرب إيليا النبى،
لا ليحاكمة، ولا لإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه. وإنما ليخبره بما فعل وبالعقوبة
التى وقعت عليه

 

هكذا
بلغه النبى العظيم حكم الله عليه ” فى المكان الذى لحست فيه الكلاب دم نابوت
اليزرعيلى، تلحس الكلاب دمك أنت أيضاً ” بل قال له أيضاً ” قد بعت نفسك
لعمل الشر فى عينى الرب. هأنذا أجلب عليك شراً، وأبيد نسلك0 وأجعل بيتك كبيت
يربعام بن نباط ” (1مل 21: 17 – 24)

 

ونفس
الحكم صدر ضد إيزايبل (1مل 21: 23) ون محاكمة.

 

لا
حاجة هنا إلى محاكمة، لأن الخطية واضحة، تتقدم آخاب وإيزابل إلى القضاء.

 

ولا
مجال هنا لإعطاء فرصة للدفاع عن النفس، لأن الدفاع هنا لون من المكابرة.

 

ونفذ
الحكم فى آخاب (1مل 22: 38). ونفذ الحكم فى زوجته إيزابل ايضاً (2مل 9: 3-36)

 

5-و
القديس بولس الرسول عاقب عليم الساحر، دون أن يحاكمة.

لما
قاوم عليم هذا بولس وبرنابا، حينئذ امتلأ بولس من الروح القدس، وشخص إليه وقال
” أيها الممتلئ كل غش وكل خبث، يا ابن ابليس يا عدو كل بر، أى الشمس إلى حين
” (أع 13: 8 – 11). ونفذ فيه الحكم.

 

كانت
خطيئته فى محاولة إفساد الوالى عن الإيمان، خطية واضحة تتقدمه إلى القضاء، ولا
تحتاج إلى محاكمة.

 

هناك
خطايا واضحة لا تحتاج إلى محاكمة.

*مثال
ذلك إنسان يحدث شوشرة داخل الكنيسة قد تعطل القداس، أو على الأقل تعطل الصلاة، أو
توقف الاجتماع الروحى هل مثل هذا الشخص يحتاج إلى محاكمة، أم تلزمه العقوبة، والعقوبة
الفورية.

 

*أو
إنسان يشتم كاهناً أو يضربه، أو يتقدم للتناول من الأسرار المقدسة بالقوة وبدون
استحقاق أترانا ننتظر إلى أن نحاكمة، أما يحكم عليه فى التو واللحظة.

 

أمثال
هؤلاء ينطبق عليهم قول القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف:

 

الذين
يخطئون وبخهم أمام الجميع، لكى يكون عند الباقين خوف ” (1تى 5: 20).

 

لأنه
إن لم تحدث عقوبة فورية فى بعض الخطايا الظاهرة، تفقد الكنيسة نظاما وهدوءها
وهيبتها. بل قد يصبح أمثال هؤلاء قدوة سيئة لغيرهم تقودهم إلى الاستهتار
واللامبالاة.

 

ومع
ذلك يمكن إجراء محاكمة بعد العقوبة الفورية.

 

لا
لإثبات الذنب واضح يتقدم إلى القضاء. بل ربما لتوقيع عقوبة أشد. أو المعرفة
الدوافع، والمشتركين فى الخطأ، أو المحرضين عليه، لتشملهم العقوبة أيضاً

 

وربما
تتأجل المحاكمة، لإعطاء المذنبين فرصة للتوبة.

 

فرصة
للاعتراف بالخطأ، بعد الإحساس به. وكذلك فرصة للاعتراف باستحقاقهم للعقوبة، والندم
على ذلك

 

لقد
عاقب بولس الرسول خاطئ كورنثوس عقوبة شديدة، وهو غائب.

 

قال
” فإنى أنا، كأنى غائب بالجسد، ولكن حاضر بالروح، قد حكمت كأنى حاضر فى الذى
فعل هذا ” (1كو5: 3) لم يحاكم ذلك المخطئ، بل عاقبة، لأن خطيئته كانت واضحة
استمرت العقوبة إلى أن تاب ذلك المخطئ، وكاد أن ” يبتلع من الحزن المفرط
” (2كو2: 7).

 

ومع
ذلك، فالذى عوقب فورية، يمكنه أن يستأنف الحكم إلى سلطة كنيسة أعلى، ويطلب رسمياً
محاكمته إن أراد.

 

أو
أن يطلب محاكمته رسمياً من نفس السلطة الكنيسة التى أصدرت الحكم عليه فإن لم يفعل
هذا، يكون إما راضياً عن الحكم، أو خائفاً من المحاكمة، أو مقصراً فى الاجراءات
التى يلزمه اتخاذها إن أراد رفع العقوبة عنه

 

إن
قوانين الكنيسة صريحة جداً فى هذا المجال، وتشمل نصوصاً كثيرة فى العقوبات. كما
تشمل ايضاً سلطة الكهنوت فى ذلك

 

وبالحكمة
يمكن معرفة متى يلجأ الكهنوت إلى توقيع عقوبة فى السر، أوعقوبة أخرى فى العلن.
ومتى تكون العقوبة بسرعة وفورية، ومتى تحتاج إلى التروى والصبر، وإلى المحاكمة.

 

وطبيعى
لا يمكن أن تقوم محاكمة على كل خطأ.

 

وإلا
فسوف يتسع نطاق المحاكمات الكنيسة، كما ستأخذ الأمور لوناً من العلانية، ربما يكون
من الحكمة تفاديه

 

كما
أن العقوبات الكنيسة لها طابع غير العقوبات المدنية.

 

وهى
تقوم بعملها فى جو روحى، وفى جو كنسى، تظلل عليها تعاليم الكتاب المقدس، أقوال
الآباء، وما نستلهمه من أحداث التاريخ الكنسى ومن سير القديسين ومشاهير رعاة وقادة
الكنيسة.

 

ولا
تسلك الأمور بطريقة حرفية، إنما بروح الكتاب والوصية.

 

كما
ترتبط فى كل عقوبتها بروح الأبوة، وروح البنوة. الأبوة التى تتصرف أحياناً بما
يقتضيه الحنو، أحيانا بما يقتضيه الحزم والبنوة فى خضوعها وطاعتها ومهابتها
للكهنوت وأحكامه، وسعيها وراء بركة الكنيسة ورضاها. وابن الطاعة تحل عليه البركة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى