اسئلة مسيحية

مصدر الوثنية



مصدر الوثنية

مصدر
الوثنية

من
أين أتت الوثنية علي الرغم من أن الإنسان كان في الأصل يعرف الله؟ وكيف تطورت
الوثنية وتشكلت؟

 

الرد:

كان
الإنسان منذ خلقه يعرف الله. ولكن بعدما تفرقت الشعوب في الأرض، بعد برج بابل
وتبلبلت الألسنة، بمضي الوقت نسوا الله، أو بعدوا عنه ببعدهم عن التقليد السليم.

و
لما كان الله غير منظور لهم، بدأوا يتخيلونه في قوي أخرى منظورة.

إما
في قوي هي مصدر الخير لهم، مثل الشمس مصدر النور والحرارة، في علوها وجمالها
وإشراقها… أو مثل النهر، الذي يعطيهم الماء مصدر الحياة أو الري للإنسان
والحيوان والنبات… أو صاروا يعبدون ملوكهم، مظهر القوة والعظمة والسيطرة
والإرادة أمامهم، الذين كانوا يستطيعون أن يحكموا عليهم بالموت، أو يبقوهم في
الحياة، أو يمنحوهم من خيرات الدولة ومناصبها. وصاروا أيضاً يعبدون كائنات
يخافونها، ويقدمون لها القرابين استرضاء لها حتى لا تؤذيهم، مثل النار، أو الحية،
أو بعض الوحوش، أو الأرواح، وما إلي ذلك.

 

و
بعضهم كان يتخيل لكل معني هام إلهاً…

فمثلاً
هناك إله للجمال، وإله للخصب… ويعطون لكل من هذه الآلهة إسماً، ويحيكون حوله
أسطورة يتداولها الناس،و تصبح جزءاً من عقيدتهم يسلمها جيل إلي جيل…

ولكي
يثبت الأمر في حسهم، يتخيلون لهذا الإله صورة، وينحتون له تمثالاً.

ثم
يقيمون له شعائر للعبادة ن تتفق مع الأسطورة الخاصة به. أما ما يختص بهذه الشعائر
من مذابح وذبائح، ومن صلاة وسجود، ومن بخور وتسبيح وترتيل، فكلها أمور تعلموها في
جوهرها من فترة ما قبل التشتت والتفرق، مما كان يقدم للإله الحقيقي وحده من عبادة
قبل الطوفان وبعده…

 

و
هم في الواقع لم يعبدوا التماثيل كأحجار، وإنما لأنها تمثل اَلهة…

وهذه
الآلهة الوثنية، ما كانوا فيها يعبدون الحيوان أو الإنسان كحيوان أو إنسان، ولكي
لأنه مثال للإله الذي في ذهنهم بما حوله من أساطير…

 

وتمثال
الإله الذي تقدم له العبادة يسمي وثناً.

فليس
كل تمثال من تماثيل القدماء كان وثناً. إنما الوثن هو التمثال الذي كان يعبد. وبعض
هذه الأوثان كانت ضخمة تقام في المعابد. بينما بعضها كان صغيراً يحتفظ به الناس في
بيوتهم، ويأخذونها معهم في أسفارهم. والآلهة (بوتو) أي الحية كان يضعها الفراعنة
في تيجانهم ن كجزء من التاج…

 

وفي
تلك الأساطير تخيلوا آلهتهم، ولهم قصص عائلية كما للبشر.

فمثلاً
الإله أوزوريس تزوج الإلهة إيزيس،و أنجب منها إبنهما الإله حورس. وتخيلوا أيضاً
قصص صراعات وحروب تدور بين هذه الآلهة. والبعض منهم يموت، ثم يوجد من ينتقم له.
وهذه الآلهة يوجد منها إله خير وآخر شرير…‍‍ لقد اسبغوا علي آلهتهم صوراً من
الحياة البشرية التي يحيونها أو يرونها…

 

وقصص
الآلهة كانت تعبر أحياناً من بلد إلي آخر، وتأخذ أسماء أخري.

 

وهذه
الحركة في التاريخ يسمونها
Cencretism. فمثلاً قصة الإله أوزوريس تعبر من مصر إلي بلاد اليونان، ليأخذ
هذا الإله إسم ديونسيوس، في قصة شبيهة. وهذا الأمر له قصص تكاد تتشابه بين اَلهة
الهند والصين وبلاد الشرق الأقصى…

 

إننا
نؤمن بإله واحد ن له كل صفات المثالية.

أما
العالم الوثني فتصور لكل صفة إلهية إلهاً.

وهكذا
عندهم تعدد الآلهة، بحيث يمثل كل إله صفة من صفات الإلوهية، أو عملاً من أعمالها..
وفي التاريخ المصري القديم ن حاول اخناتون أن ينشر عقيدة التوحيد، داخل نطاق عبادة
الشمس، ولكنه لم ينجح طويلاً، وعاد الآلهة يسيطر علي معتقدات الناس.

 

وطبعاً
هناك فرق كبير بين الوثنية والإلحاد.

فالإلحاد
معناه عدم الإيمان بوجود إله علي الإطلاق، كما يقول الوحي الإلهي في سفر المزامير
” قال الجاهل في قلبه ليس إله ” (مز 14: 1). أما الوثنيون فكانوا يؤمنون
بفكرة الألوهية ز ويعبدون إلهاً، أو عدداً من الآلهة، أو أسرة إلهية، أو عدداً من
الآلهة لهم كبير. كما نقول إن زيوس هو كبير آلهة اليونان، وجوبتر هو كبير آلهة
الرومان، ورع هو كبير آلهة المصريين…

 

والوثنية
كانت تنتشر بالخلطة وبالتزاوج.

ولذلك
كان الله في العهد القديم يمنع الخلطة بالأمم والتزاوج معهم، حتى لا يعبد الشعب
آلهتهم. ولعل من أخطر الأمثلة في التاريخ لسوء الاختلاط بالأمميين، هو تزوج سليمان
الحكيم بزوجات مواَبيات وعمونيات وصيدونيات.. (1 مل 11: 1، 2). وهكذا ” بني
سليمان مرتفعة لكموش رجس المواَبيين علي الجبل الذي تجاه أورشليم، ولمولك رجس بني
عمون. وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن ” (1
مل 11: 7، 8).

لكل
ذلك أرسل الله الأنبياء، ليثبتوا الشعب في عبادة الإله الحقيقي.

وزود
هؤلاء الأنبياء بالوحي، وبالمعجزات. وكان سفر الشريعة يقرأ علي الناس في المجامع
كل سبت. كما كانت الأعياد والمراسم والذبائح تذكرهم ايضاً بعبادة الرب حتى لا
يضلوا…

ومع
كل ذلك نسمع عن وجود وثنية في أيام الآباء والأنبياء.

ومع
كل ذلك نسمع أن راحيل زوجة أبي الآباء يعقوب، وابنة أخي رفقة التي تزوجها أبونا
اسحق بن ابراهيم، علي الرغم من أنها من أسرة متدينة ن قيل عنها في مفارقتها لأبيها
لابان ” فسرقت راحيل أصنام أبيها ” (تك 31: 19).. ولما زحف لابان وراءهم،
كان مما قاله ليعقوب ” لماذا سرقت آلهتي؟!” (تك 31: 30). ونسمع أن بني
إسرائيل لما تأخر عليهم موسي النبي علي الجبل مع الله ن اجتمعوا علي هرون وقالوا
له ” قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا ” (خر 32 ك 1).

 

ونزع
كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم، وصنعوا عجلاً مسبوكاً، وبنوا له مذبحاً،
وأصعدوا محرقات وذبائح سلامة. وقالوا ” هذه اَلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من
أرض مصر “. (خر 32: 3 – 6)… فماذا تقول في ذلك، بعد كل المعجزات التي حدثت
أمامهم وفعلها الرب علي يد موسي النبي.

 

أهو
جهل؟ أم تأثير الأمم الوثنية؟ أم حروب الشيطان وضلالاته؟ أم كل ذلك معاً؟..

ولا
ننسي أن الروح القدس لم يكن يعمل في قلوب الناس كما في أيامنا.. كذلك لا ننسي
أيضاً في تاريخ الوثنية أمراً آخر يضاف إلي أساطيرها المتوارثة هو:

تأثير
الفلسفة الوثنية وأفكارها علي الناس.

 

وهؤلاء
الفلاسفة كان تأثيرهم علي العالم الوثني، لا يقل عن تأثير الأنبياء علي شعب الله.
وكانوا هم الذين يشكلون عقائد الشعب. يضاف إلي هذا تأثير كهنة الوثنية ومعلميها،
وتأثير الأسرة علي أبنائها.

 

وأمر
له خطورته في تاريخ الوثنية، هو سلطة الملوك الوثنيين.

وصدق
ما قيل في المثل الشائع عن تلك العصور ” الناس علي دين ملوكهم “. وقد
شرحنا مثلاً كيف أن اخناتون نشر ديانة جديدة استمرت في أيامه. وسجل الكتاب كيف كان
داريوس ملك فارس يصدر أوامره في ما يعبده الشعب، حتى أن دانيال لما لم يشترك في
تلك العبادة ألقي في جب الأسود (دا6). وتاريخ الإستشهاد معروف كيف أن ديوقلديانوس
مثلاً كان يقتل المسيحيين في وحشية إذا لم يعبدوا آلهته. ومن قبله نيرون في عصر
الرسل وخلفائه طوال حوالي ثلاثة قرون

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى