اسئلة مسيحية

ما فائدة العلم؟ ولماذا نتعب أنفسنا لنتعلم؟ بينما يقول الكتاب إن الله أختار جهال العالم ليخزي بهم الحكماء (1 كو 1: 27)



ما فائدة العلم؟ ولماذا نتعب أنفسنا لنتعلم؟ بينما يقول الكتاب إن الله<br /> أختار جهال العالم ليخزي بهم الحكماء (1 كو 1: 27)

ما فائدة العلم؟ ولماذا نتعب أنفسنا لنتعلم؟ بينما يقول الكتاب إن الله
أختار جهال العالم ليخزي بهم الحكماء (1 كو 1: 27). والمفروض أن غالبية رسل المسيح
لم يكونوا متعلمين! أليست الدراسة مضيعة للوقت، لأنها ليست عملاً روحياً، ولا اَخذ
عليها أجراً؟!

 

الرد:

أولاً:
لماذا أختار الله جهال العالم، لنشر الإيمان بالكرازة؟

لم
يخترهم علماء، لئلا يظن البعض في ذلك الحين أن المسيحية فلسفة جديدة ينشرها جماعة
من الفلاسفة الحكماء! أما إن كانت تنتشر بواسطة صيادين جهلاء فإن هذا يثبت أنهم
يتكلمون بالروح القدس
.

 

ولنفس
السبب، لم يكرز القديس بولس الرسول كفيلسوف، على الرغم من كثرة علمه. وإنما قال
” لأبشر لا بحكمة كلام، لئلا يتعطل صليب المسيح ” (1كو 1: 17) وقال أيضا
” وأنا لما أتيت إليكم أيها الأخوة، أتيت ليس بسمو الكلام والحكمة. وكلامى
وكرازتى لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع، بل ببرهان الروح والقوة. لكى
يكون إيمانكم لا بحكمة الناس، بل بقوة الله ” (1كو 2: 1: 4).

 

إذن
فلم يكن جميع الرسل جهالا.

*القديس
بولس الرسول مثلا، كان من علماء عصره، وقد ” تعلم عند قدمى غمالائيل ”
” معلم الناموس المكرم عند جميع الشعب (أع 22: 3) (أع 5: 34) وقد اعترف فستوس
الوالى بأن بولس الرسول كثير القراءة فى الكتب (أع 26: 24) ويقول التاريخ إنه تخرج
فى جامعة طرسوس

 

·
لوقا الإنجيلى أيضا كان طبيبا (كو 4: 14)

 

·
ومارمرقس الرسول كان على درجة كبيرة من العلم. وإلى جوار لغته العبرية، كان يتقن
أيضا اليونانية واللاتنية. وعندما جاء إلى مصر – من فر اهتمامه بالعلم – أسس مدرسة
الأسكندرية اللاهوتية، التى تخرج فيها مجموعة كبيرة من العلماء، ودرس فيها
الفيلسوف أثيناغوراس، والقديسان بنتينوس واكليمنضس، والعلامة أوريجانوس، والقديس
ديديموس، أولئك الذين أثروا الثقافة المسيحية بالكثير من الكتب، والعلامة
أوريجانوس، والقديس ديديموس، أولئك الذين أثروا الثقافة المسيحية بالكثير من الكتب
والمؤلفات القيمة.

 

·
وقد قدم لنا تاريخ الكنيسة آباء فى قمة العلم.

أمثال
القديس أثناسيوس الرسولى الذى قاد مجمع نيقيية المسكونى بل العالم المسيحى ضد هرقة
آريوس، والقديس كيرلس عمود الدين الذى رأس مجمع أفسس المسكونى، وقاده ضد هرطقة
نسور. وأمثال القديس باسيليوس الكبير، والقديس غريغوريوس النيازينزى الناطق
بالإلهيات، والقديس

أوغسطينوس
رجل التأملات والتفسير الرمزى، والقديس إيلارى أسقف بواتييه الذى من قوة علمه فى
اللاهوتيات، لقبوه بأثناسيوس الغرب. وغيرهم كثيرون من الآباء كانوا من علماء عصرهم.
ولم يقتصروا على علم اللاهوت فقط، بل نبغوا أيضا فى الفلسفة والمنطق.

 

·
ويعوزنى الوقت إن تكلمت عن الأنبياء والقديسين من رجال العلم.

 

قيل
عن موسى النبى العظيم إنه ” تهذب بكل حكمة المصريين. وكان مقتدرا فى الأقوال
والأعمال ” (أع 7: 22) وقال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس ” لاحظ
نفسك والتعليم، وداوم على ذلك ” (1تى 4: 16) وقال إنه منذ الطفولية يعرف
الكتب (2تى 3: 15) أما الرسل الذين لم يكونوا متعلمين، فقد وهبهم الله علما من
عنده بالروح القدس، حتى فى مجال اللغات التى لم يدرسها (أع 2) (مت 10: 20).

 

·
ويكفى قول الكتاب عن السيد المسيح ” المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم
” (كو 2: 3).

 

بل
هو اللوجوس
Logos أقنوم المعرفة والكلمة والنطق والحكمة. وقد قيل عنه إنه ”
حكمة الله ” (1كو 1: 24) وكان السيد الرب يدعو إلى المعرفة، ويقول ”
تضلون إذ لا تعرفون الكتب ” (مت 22: 29) إذن فالذى لا يعرف الكتب، يمكن أن
يضل.

 

·
لذلك لا تأخذ تعليمك من آية واحدة فى الكتاب.

 

وإن
أردت أن تعرف تعليم الكتاب عن موضوع ما، فلا تقتصر على آية واحدة، بل أدرس كل ما
ورد فى الكتاب عن هذا الموضوع. أقول لك هذا أيضا عن موضوع العلم الذى تسأل عنه. إن
العلم هو هبة لنا من الله، ننميها ونستفيد بها. هو أعطانا العقل لنملأه بالمعلومات
النافعة، ويبقى بعد هذا سؤالك:

 

·
هل العلم عمل روحى؟ وهل أجره عند الله؟

 

نعم
إن العلم وسيلة روحية، نصل بها إلى أعمال روحية عديدة.

 

*
فأنت مثلا تتعلم القراءة، فتستطيع بها أن تقرأ الكتاب المقدس وتعرف وصايا الله،
وقصة تعامل الله مع خليقته. أليس هذا عملا روحيا؟! وأنت بالقراءة أيضا تقرأ الكتب
الروجية، وكتب الصلاة كالأجبية وكتب التراتيل، والتأملات. اليس هذا عملا روحيا؟!

 

·
وأنت بالعلم، تدرس اللغات. وتستطيع بذلك أن تقرأ أقوال الآباء القديسين المترجمة
إلى لغات أجنبية، وتستفيد بذلك إذ تقرأ المصادر الأولى للعقيدة وعلم اللاهوت
والتفسير، وتاريخ الكنيسة وكثيرا من سير القديسين وأخبار المجامع المقدسة. أليس
هذا عملا روحيا؟!

 

·
إن كليات اللاهوت قديما كانت تدرس طلابها الطب والفلك.

 

وذلك
لكى تعيهم فكرة عن قدرة الله فى الخلق. وكما يقول المزمور ” السموات تحدث
بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه ” (مز 19: 1) كذلك فى الطب ندرك عجائب الله
فى خلقه لهذا الجسم البشرى بكل أجهزته.

 

·
وحينما تدرس الرياضة، إنما تنمى ملكات التفكير والاستنتاخ فى عقلك.

 

ويساعد
هذا فى حياتك، حتى لو لم تتخصص فى الرياضيات. وكذلك دراسة المنطق تساعدك على تنظيم
وتقويم تفكيرك وكل هذا نافع لك فى الفهم عموما فى كل ما تقراه كما يقول الكتاب
” فليفهم القارئ ” (مت 24: 15) (مر 13: 14).

 

·
* وأنت إلى جوار فائدة العلم فى حياتك الروحية وفى ثقافتك بوجه عام، تستطيع أيضا
أن تفيد المجتمع الذى تعيش بما اقتنيته من العلم فى أى تخصص من تخصصاته.

 

وهذا
أيضا عمل روحى. فالعلم أفاد البشرية، وسهل عليه الحياة والمعرفة والاتصالات،
وبخاصة ما قام به الكومبيوتر والفاكس والتليفون، والطيران، وكافة المخترعات
النافعة، وكلها من ثمار العلم.

 

·
أم لعلك يا بنى، أهملت دروسك. فتقول ما فائدة العلم؟‍‍‍‍‍‍‍! لكى بذلك تغطى على ما
أهملته فى أداء واجباتك الدراسية. محتجا بأن الدراسة مضيعة للوقت لإنها ليست عملا
روحيا!!

 

·
أعرف أن الأمانة فى كل عمل، هى عمل روحى.

 

هل
تظن أن أمانة يوسف الصديق فى أدارة تموين مصر، لم تكن عملا روحيا؟! أتراه كان يترك
القمح فى حكمة، ليعكف على الصلاة، بينما يقع الشعب فى مجاعة؟! ويحتج بأن توزيع
القمح ليس عملاً روحيا!! كلا، إن الأمانة فى الواجب وفى خدمة المجتمع هى عمل روحى.
وأمانتك أنت فى دراستك، وإعداد نفسك للخدمة فى المستقبل، هى عمل روحى، ويكافئك
الله عليه.

 

·
أداؤك لواجبك هو عمل روحى، ونجاحك أيضا عمل روحى.

 

وحينما
تكون قدوة فى كل ما تعمل، وتقدم بهذا درسا للأخرين، إنما تعمل عملا روحيا لأن
الإنسان البار – كما يقول المزمور الأول – كل ما يعمله ينجح فيه. وكما قال القديس
يوحنا الإنجيلى ” أروم أن تكون ناجحا فى كل شئ، كما أن نفسك أيضا ناجحة
” (3 يو 2) ومن الناحية الأخرى حينما لا تذاكر وتفشل فى حياتك، معتبر أن
الدراسة مضيعة للوقت!! حينئذ ستكون عثرة لغيرك، ويقول الناس إن التدين يقود إلى
الفشل!! كلا، بل هو الفهم الخاطئ للتدين

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى