اسئلة مسيحية

قرأت أنه من الخطأ أن نقول عن السيد المسيح إنه " صلب عنا "، بل نقول " نحن صلبنا معه " فالمسيح لم يصلب وحده؟ فما معني هذا؟ وما م



قرأت أنه من الخطأ أن نقول عن السيد المسيح إنه ” صلب عنا “، بل<br /> نقول ” نحن صلبنا معه ” فالمسيح لم يصلب وحده؟ فما معني هذا؟ وما م

قرأت أنه من الخطأ أن نقول عن السيد المسيح إنه ” صلب عنا “،
بل نقول ” نحن صلبنا معه ” فالمسيح لم يصلب وحده؟
فما
معني هذا؟ وما معني قول الرسول ” مع المسيح صُلبت ” (غل 2: 20)؟ وهل كل
ما نناله من آلام وضيقات واضطهادات، عبارة عن ” شركة في آلام المسيح الفادية
” و” شركة في صميم الفداء ” و” شركة في الفداء الذي أكمله
بالآمه “…

كما يقول صاحب الكتاب نفسه ” إن كل آلام وأتعاب وضيقات الجسد
والنفس التي نعيشها لحفظ قداسة سيرتنا وطهارة قلوبنا.. هي شركة في آلام المسيح
الفادية من الخطية والموت. هي عمل لتكميل قوة الفداء في الجسد ” النسك
المسيحي هو ممارسة فعلية للفداء ” ” لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين
ضد الخطية ” (عب 12: 4).

” إن آلامنا وأحزاننا الآن جزء لا يتجزأ من الفداء “.

فأرجو أن تشرح لي المعني، لأني ارتبكت في معني الفداء!!

الرد:

معني
كلمة الفداء، أن نفساً تموت عن نفس أخري.

فالسيد
المسيح فدانا من الموت، بمعني أنه مات بدلاً منا، مات عنا.و بموته وهبنا الحياة…
وفي هذا يقول القديس بولس الرسول في رسالته إلي أهل أفسس ” كنتم أمواتاً
بالذنوب والخطايا ” (أف 2: 1) ” ونحن أموات بالخطايا، أحيانا مع المسيح.
بالنعمة أنتم مخلصون ” (أف 2: 5).

فإذا
اشترك الإنسان في عمل الفداء، فعن من يموت؟ ويفدي من؟ هل يفدي نفسه؟!

 

الرد:

1-عبارة
” يفدي نفسه ” عبارة غير منطقية.

لأن
الفادي إنما يفدي غيره وليس نفسه. فإدخال البشر في فداء البشر، لا هو يتفق مع
العقيدة،و لا هو يتفق مع المنطق.

إن
مات الإنسان إذن، يموت عن استحقاق،و ليس عن فداء.

 

2-
كذلك الفادي ينبغي أن يكون بغير عيب، بلا خطية.

فإذا
هو بلا خطية يموت بسببها، فهو يموت إذن عن غيره.و هذا ما فعله السيد المسيح. وهكذا
كانت كل ذبائح العهد القديم، يشترط فيها أن تكون بلا عيب، كرمز للمسيح. أما البشر،
فقد قيل عنهم ” الجميع زاغوا وفسدوا، وأعوزهم مجد الله. ليس من يعمل صلاحاً،
ليس ولا واحد. إذن استبعاد البشر من الاشتراك في عمل الفداء، أمر لازم وجوهري. بل
سر الفداء، أن الإنسان كان عاجزاً عن إيفاء العدل الإلهي حقه،وكان محتاجاً إلي من
يفديه…

 

3-
أما كون المسيح إتحد بجسد كل البشرية، فهذا أمر غير سليم، لأن جسد كل البشرية كان
فاسداً، ووارثاً للخطية التي أجرتها الموت.

لذلك
اختار السيد المسيح أن يتحد بجسد طاهر، لا علاقة له بوراثة الخطية الأصلية، وهو
جسد نقي من كل خطية فعلية.و كان هذا هو عمل الروح القدس في تقديس مستودع العذراء
أثناء الحبل المقدس منذ أول لحظة. وهكذا قال لها الملاك ” القدوس المولود منك
يدعي ابن الله ” (لو 1: 35).

أما
القول بأن السيد المسيح أخذ جسداً هو جسد كل الخطاة، جسد كل خاطئ فهي عبارة غير
مقبولة لاهوتياً.

هو
انفرد بجسده القدوس.و لكن لأنه أخذه من نفس طبيعتنا ولكن بغير خطية، لذلك أمكن أن
يلقب بابن الانسان،وبابن البشر، لأنه يمثل البشر، غير أنه لم يتحد مطلقاً بطبيعتهم
التي تدنست والتي حكم عليها بالموت. بل بالطبيعة البشرية في حالة من القدسية، لا
يمكن أن نقول عنها ” جسد كل الخطاة “!! إن البعض يخلطون أحياناً بين
محاولة التأمل، والمعني اللاهوتي الدقيق. بينما يجب أن يكون التأمل مبنياً علي فهم
لاهوتي سليم.

 

4-
إذن ما معني عبارة ” مع المسيح صلبت “؟

و
عبارة ” مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في ” (غل 2: 20)
لم يقلها بولس الرسول إطلاقاً عن الفداء، وإنما عن الحياة مع الله.و سبقها بعبارة
” لأني مت بالناموس للناموس، لأحيا لله ” (غل 2: 19). ويشبهها ما قاله
في نفس الرسالة “و لكن الذين هم للمسيح، قد صلبوا الجسد مع الشهوات ”
(غل 5: 24). إن عبارة أن المسيح قد أخذ جسد البشرية كله ومات فيه. فمات كل الناس
فيه، هي ضد عقيدة الفداء. ربما تكون المشكلة في صميمها، هي في قراءة بعض الكتب
الغريبة والغريبة، والاقتناع بها ونشر ذلك!!

 

5-
إن آلام المسيح الفادية هي خاصة به وحده.

و
كل آلامنا لا تدخل في موضوع الفداء.

لقد
تألم القديس بولس الرسول من أجل الكرازة ونشر الإيمان. هي آلام لأجل الإنجيل،
وليست شركة في الفداء الذي قدمه المسيح لأجل خلاصنا. وقد تألم الشهداء والمعترفون
وتعذبوا لأجل المسيح،و لكن لا علاقة لآلامهم بالفداء المقدم علي الصليب. كذلك تألم
النساك والمتوحدون في احتمال الصوم والوحدة والغربة وضبط النفس، ولكن لا علاقة لآلامهم
بعمل الفداء.و نفس الوضع يقال عن كل آلام أخري لأجل البر، تلك التي قال عنها
القديس بطرس الرسول ” إن تألمتم لأجل البر، فطوباكم ” (1 بط 3: 14). كل
هذه لا علاقة لها بآلام الفادي علي الصليب ولا علاقة لها بخلاص البشر الذي تم
بآلام المسيح الفادية…

إن
اشتراك البشر في آلام المسيح الفادية، يعني اشتراكهم في عمل الخلاص الذي قدمه
المسيح بدمه الكريم!!

إن
المسيح في عمل الفداء قد اشترانا بدمه، فصرنا له. عبارة (اشتريتم) ذكرها القديس
بولس الرسول في قوله ” لأنكم اشتريتم بثمن. فمجدوا الله في أجسادكم وفي
أرواحكم التي هي لله ” (1 كو 6: 20). وقال أيضاً ” قد اشتريتم بثمن. فلا
تصيروا عبيداً للناس ” (1 كو 7: 23).

فإن
اشترك بشر في الفداء الذي قدمه المسيح، هل يكونون قد اشتركوا في شرائنا أيضاً؟!
كما اشتركوا في شراء أنفسهم!!

نقطة
أخري أقولها،و هي أن السيد المسيح كان له نوعان من الآلام: آلام في تجسده:

في
اخلائه لذاته وأخذه شكل العبد (في 2: 7).و في كل ما تحمله من حياة الفقر والجوع
وتعب الجسد،و في كل ما تحمله من اضطهادات الناس وشتائمهم ومؤامراتهم وتعييراتهم.
حتى قيل عنه في سفر اشعياء إنه:


محتقر ومخذول من الناس رجل أوجاع ومختبر الحزن ” (أش 53: 3).

قيل
عن (تقدمة الدقيق) التي ترمز إلي حياة المسيح في الجسد أنه تكون ” وقود رائحة
سرور ” (لا 2: 2) وأنها تكون ” مشوية بالنار ” (لا 2: 14). كل هذا
عن اَلام الجسد في الحياة العادية، قبل الصلب والفداء. أما عن اَلام الصلب والفداء.فاستخدم
نفس التعبير في الكلام عن خروف الفصح الذي يرمز إلي المسيح كذبيحة (1 كو 5: 7).
قيل إنه يكون ” مشوياً بالنار ” (خر 12: 9). هذا عن آلامه الفادية…

 

فلا
نخلط بين النوعين من اَلام المسيح.

إننا
نشترك في اَلامه في الخدمة، وليس في اَلامه الفادية.

و
هكذا قال القديس بطرس الرسول ” بل كما اشتركتم في اَلام المسيح، افرحوا لكي
تفرحوا في استعلان مجده ” (1 بط 4: 13). أي اشتركتم في اَلامه من جهة اضطهاد
الناس له، وتعييره، وتعبه في الخدمة.

أما
الآلام الفادية فلم يشترك فيها أحد من البشر.

إن
الشهداء لم يفدوا ويخلصوا أحداً بآلامهم،و لا النساك افتدوا أحداً بنسكهم. ولا
المطرودين من أجل البر قد افتدوا أحداً باحتمالهم الطرد،و بنفس الوضع من تألموا
لأجل طريق الفضيلة والبر وضبط النفس.

لذلك
يا أخوتي ينبغي ألا يرتئي أحد فوق ما ينبغي، بل يرتئي إلي التعقل. فهكذا قال
الرسول (رو 12: 3).

أقول
هذا لأن البعض يحاول أن يرتفع أكثر من هذا فيسئ فهم قول القديس بطرس الرسول: ”
شركاء الطبيعة الإلهية، هاربين من الفساد ” (2 بط 1: 4).

ربما
هذا الموضوع يكون لنا معه ومعكم لقاء اَخر. ” ومن له أذنان للسمع فليسمع
” (مت 13: 43)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى