اسئلة مسيحية

يقول البعض إن خطية آدم وحواء هي الزنى



يقول البعض إن خطية آدم وحواء هي الزنى

يقول البعض إن خطية آدم وحواء هي الزنى.

ولما كان الكتاب لم يذكر هذا، فمن أين نشأ هذا الرأي؟ وما الرد عليه إن
كان خطأ؟

الجواب:

لعل هذا الرأى يرجع إلي
أوريجانوس، الذي غال في طريقة التفسير الرمزي. وقد حاول أن يجعل الرمز يشمل كل شئ،
حتى خطية آدم، حتى أشجار الجنة.فقال إن خطية آدم هي الزنى، واستدل علي رأيه بالنقط
الآتية: قال إن شجرة معرفة الخير والشر، كانت في وسط الجنة، كما أن الأعضاء
التناسلية في وسط جسم الإنسان. وقال بالأكل من الشجرة قيل “وعرف آدم حواء
امرأته فحبلت وولدت” (تك 1: 4). وقال إنهما بالخطية عرفا الخجل وعلما أنهما
عريانان، وخاطا لأنفسهما مآزر من ورق التين (تك 7: 3). واستدل أوريجانوس علي رأيه
أيضاً من سيطرة الزنى علي العالم
. وعن أوريجانوس نقل هذا الرأي، حتى وصل
إلي صاحب السؤال. ولكن هذا الرأي عليه ردود كثيرة منها، فحص هذا الرمز:

1-
قيل إن شجرة معرفة الخير والشر، كانت وسط الجنة. والأعضاء التناسلية في وسط جسم
الإنسان. فلو اعتبرنا هذه الأعضاء هي الشجرة، لأصبح جسم الإنسان هو الجنة. وهنا
نقف أمام جنتين (آدم وحواء)، وشجرتين (في كل منهما واحدة). هذا لو طبقنا تفاصيل
التفسير الرمزي حسب مفهوم أوريجانوس. ويكون آدم يقطف من شجرة حواء، وحواء تقطف من
شجرة آدم. ولا يكون الله قد وضع آدم في الجنة- حسب قول الكتاب (تك 15: 2)- وإنما
يكون هو نفسه جنة حواء!! ولكن الكتاب قال إن الله وضعه في جنة عدن، ليعملها
ويحفظها” (تك 15: 2). فحسب الرمز، ماذا تكون عدن؟ وما معني يعملها ويحفظها؟

2-
وماذا تكون باقي رموز كل ما في الجنة؟ ماذا يكون النهر الذي يخرج من عدن ليسقي
الجنة ومن هناك ينقسم إلي أربعة رؤوس؟ وما هي تلك الأربعة أنهار وبلادها (تك 10: 2-14)؟
وماذا تكون باقي أعضاء جسم الإنسان في رموزها؟ هل ترمز إلي أشجار أخرى في الجنة؟
وهل كان مصرحاً بها؟

3-
ثم أن شجرة الحياة أيضاً كانت في وسط الجنة (تك 9: 2). ولم تكن شجرة معرفة الخير
والشر وحدها في وسط الجنة. فهل شجرة الحياة هي أيضاً ترمز إلي شئ إذا تمادينا مع
أوريجانوس؟ وحينئذ كيف نفهم معني أن الكاروبيم في حراسة شجرة الحياة بلهيب سيف (تك
24: 3).

4-
ثم كيف نفهم طرد الإنسان من الجنة، إن كانت ترمز إلي جسمه؟ كيف فارقهما، وعاش
خارجها؟ وكيف فارق شجرة معرفة الخير والشر التي في وسط الجنة؟ إن الرمز هنا، بلا
شك، يدخلنا في بلبلة لا نهاية لها. علي أن هناك سؤالا هاماً جداً، نضعه أمامنا إن
كانت الخطية زني.

5-
إن كانت الخطية زني، فماذا كانت الوصية إذن؟ وهل فهمها آدم؟ هل كانت الوصية
“لا تزن” وخالفها آدم؟ ماذا يفهم آدم، وماذا تفهم حواء من عبارة
“لا تزن”؟! وهما بريئان بسيطان لا يعرفان من هذه الأمور شيئاً. بدليل
إنهما كانا عريانين وهما لا يخجلان (تك 25: 2). هل شرح لهما الله معني الوصية وما
الذي يمنعهما عنه؟! مستحيل، وإلا يكون الله هو الذي فتح أعينهما..! حاشا
. أم لم تكن
هناك وصية، وهذا ضد الكتاب؟ أم إنهما لم يفهما الوصية، وحينئذ لا تكون هناك عقوبة؟
ولا معني لوصية غير مفهومة.

6-
وإن كانت الخطية زني، لارتكبها الاثنان في وقت واحد. ما معني أن حواء قطفت أولاً
وأكلت، ثم أعطت آدم (تك 6: 3). لو كانت الخطية زني، لقيل أنهما أكلا في وقت واحد
من الشجرة، “فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان” (تك 7: 3). ولو كانت
الخطية زني، لانفتحت أعينهما أولاً، وعرفا أنهما عريانان، ثم بعد ذلك يأتي ارتكاب
الخطية. لأنه من غير المعقول أن يرتكبا خطية كهذه، وعيونهما مغلقة.

7-
أما الخجل، ومعرفة آدم لحواء، فلم تكن هناك خطية، إنما كانت نتيجة لنزولهما إلي
المستوي الجسداني في اشتهاء الأكل.. ولذلك قيل “وعرف آدم حواء” بعد
طردهما من الجنة (تك 1: 4). ولم يكن ذلك وهما في الجنة. وعبارة الخجل وردت بعد
الأكل من الشجرة، وليس أثناء ذلك ولا قبله. كان آدم روحيا، بعيدا عن شهوة المادة
وشهوة الأكل وشهوة الحس. فلما وقع في ذلك بالأكل من الشجرة، هبط إلي المستوي
الجسداني, وأصبح سهلاً بعد هذا أن يكمل طريق الجسد في موضوع الجنس. هذا الأمر تم
نتيجة للسقوط، ولم يكن هو عملية السقوط.

8-
وإذا اعتبرنا الجنس بين آدم وحواء هو خطية زني، فما معني إذن قول الرب لهما
“إثمروا وأكثروا وأملأوا الأرض” (تك 28: 1). ووردت هذه البركة في اليوم
السادس، قيل أن يقول الكتاب “وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً” (تك 3: 1).
ورأي الله ذلك فإذا هو حسن جداً

9-
وإن كانت الخطية زني، فلا داعي إذن لإغراءات الألوهية والمعرفة. والمعروف إن أغراء
الحية لحواء، لم يكن هو الزنى، إنما “تكونان مثل الله، عارفين الخير
والشر” (تك 5: 3). إذن فهي خطية كبرياء وشهوة والمساواة بالله. وفي هذه
الخطية وقع الشيطان نفسه، حينما قال في قلبه” أصير مثل العلي” (أش 14: 14).
وبناء علي هذا الأغراء “شهوة التأله” سقطت حواء ثم سقط آدم. ولم يقل
الكتاب مطلقاً إن الإغراء كان هو الزنى الذي لم تكن تفهمه حواء.

10-
أما انتشار خطية الزنى، فيشبهه انتشار خطايا آخرى
. مثل محبة
العظمة، ومحبة الذات، ومحبة الغني، وشهوة الامتلاك، وشهوة الأكل، وانفعال الغضب،
وخطية الكذب.. وكل هذا منتشر جداً، حتى في السن المبكرة التي لا تعرف الزنى، وفي
سن الشيخوخة التي تعجز فيها عن الزنى.

11-
القول إذن بأن خطية آدم وحواء زنى، لا يسنده الكتاب
. إنما هو
التمادي في التفسير الرمزي بطريقة غير معقولة. إن التفسير الرمزي عموماً، له جماله
وعمقه، علي أن يكون في حدود المعقول، ويكون له ما يسنده من نصوص الكتاب
.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى