اسئلة مسيحية

المجوس عبدة النار وملك اليهود



المجوس عبدة النار وملك اليهود

المجوس عبدة النار وملك اليهود

ما
علاقة عبدة النار المجوس بملك اليهود؟

 يقول
الكتاب: (وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ
هِيرُودُسَ الْمَلِكِ إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى
أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا
رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ.) متى 2عدد 1-2
(فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ
فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ حَيْثُ كَانَ
الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوُا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحاً عَظِيماً جِدّاً
وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ وَرَأَوُا) متى 2عدد 9-11إلى الآن لم نجد أي تفسير, ما
علاقة عبدة النار من المجوس باليهودية وبمجيء ملك اليهود؟ وكيف عرفوا ذلك على الرغم
من عدم معرفة اليهود أنفسهم بهذا الموعد؟ فبعد 33 سنة عاشوها معه سأله رئيس الكهنة:
(أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ
ابْنُ اللَّهِ؟) متى 26عدد 63 (فَوَقَفَ يَسُوعُ أَمَامَ الْوَالِي. فَسَأَلَهُ
الْوَالِي: أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟) متى 27عدد 11 فلو صدقوا بذلك لكانوا من
أتباع اليهودية! ولم نسمع ولم نقرأ ولم يسجل أحد المؤرخين القدماء أن المجوس سجدوا
لأحد من ملوك اليهود، فلماذا تحملوا مشقة السفر وتقديم كنوزهم والكفر بدينهم
والسجود لمن يقدح في دينهم ويسب معبودهم؟

ثم
كيف أمكن للنجم الضخم تحديد المكان الصغير الذي ولد فيه يسوع من مكان يبعد عن
الأرض بلايين السنوات الضوئية؟ فالمعتاد أن أشير بإصبعي لأحدد سيارة ما. لكن أن
أشير بالسيارة لأحدد أحد أصابع شخص، فهذا غير منطقي.

 

الإجابة

بين
ثنايا اسئلتك تضع بعض المعلومات الخاطئة, لنصححها

أولاً:
اليهود كانوا يعرفون جيداً توقيت وميعاد مجيء المسيح, وكانوا في انتظاره, فالنبوات
لم تترك معلومة دون توضيح, والدليل على ذلك أن هيرودس عرف أن المولود سوف يولد في
بيت لحم, والنبوات حددت بملا يدع مجالا للشك الزمن التقريبي لوصول المسيا., أما ماقاله
رئيس الكهنة, فذلك ليس لسبب أنه لا يعرف وقت مجيء المسيا, ولكن لأنه كان يتوقع من
المسيا سلوكاً مخالفاً لما قام به السيد المسيح. لقد كان يتوقع القوة والسلطة
والتحرير من المستعمر الروماني، بينما أتى المسيح ليقدم تحريراً من سلطان إبليس
ومن الخطية. وهذا ما لم يتوقعه وما لم يؤمن به رئيس الكهنة.

ثانياً:
لم يأتِ المسيح سباباً أو شتاماً, فهو كما قيل عنه “لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ
يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ قَصَبَةً مَرْضُوضَةً
لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ
إِلَى النُّصْرَةِ” (متى 12: 19, 20)

أما
بالنسبة للمجوس والنجم الذي ظهر لهم فإليك التفسير التالي:

في
رسالة دكتوراه قدمها د. طوني معلوف يقوم بتقديم فكرة مُلفتة للانتباه وهي أفضل
بكثير من كل النظريات المطروحة حلاّ لمعضلة ظهور النجم. فقد تم تقديم عدة حلول
لهوية هذا النجم، منها انفجار كوكب أو نجم كبير (ما يسمى نوفا أو سوبر نوفا)،
مذنَّب (مثل مذنَّب هالي)، اقتران الأجرام السماوية (اصطفاف عدد من كواكب المجموعة
الشمسية في خط واحد نتيجة حركتها المدارية حول الشمس).

يقول
الدكتور معلوف عن المجوس، بأن مصطلح “المجوس” له أربعة معانٍ، ثلاثة
منها سلبية، لكن الرابع يحمل معنى طبيعياً وهو “من يمتلك ويستخدم المعرفة
والقدرة الخارقتين.”

يصف
متى 2: 1، أن هؤلاء المجوس قدموا من الشرق (
apo anatolwn). يُستخدم مصطلح بني المشرق (بالعبري “بني قِدَم”) في
العهد القديم عن قبائل العرب البدو الذين ينحدر معظمهم من قطورة وهاجر زوجتي
إبراهيم الذين صرفهم إبراهيم إلى الصحراء السورية شرق وجنوب فلسطين (انظر تكوين25:
1-6، 12-18). في نفس الوقت كان الإسماعيليون معروفين في الشرق (انظر قضاة 6: 3؛ 7:
12؛ 8: 10؛ إرميا 49: 28؛ حزقيال 25: 4، 10).

كتب
يوستينيوس الشهيد الذي كان من بلدة نابلس في السامرة والمولود بين (100-110م) عن
مناظرة جرت بينه وبين أحد اليهود المدعو تريفو. يُِشير يوستينوس في هذه المناظرة
إلى المجوس ويقول أنهم كانوا من العربية في تسعة أماكن من مناظرته.

كذلك
قام ترتليان المدافع المسيحي من شمال أفريقيا من قرطاجنة في عام 208م، قام بالدفاع
عن فكرة أن المجوس كانوا ملوكاً قدموا من العربية، وهو يبني استنتاجه على الهدايا
التي قدموها (ذهباً، لباناً ومرّاً)، وهي كنوز الشرق (العربية واليمن).

مع
أن بابل وفارس تقعان في الشرق، لكن من الناحية الكتابية كانت هاتان الدولتان
تمثلان خطراً على الشعب العبري الساكن في فلسطين، وكانت الإشارة ترد عن هاتين
الدولتين كلما شكلتا خطراً على دولة إسرائيل على أن جيوشها قادمة من الشمال وليس
من الشرق. لماذا؟ ببساطة لأن الترحال كان يتم عن طريق الهلال الخصيب وليس عن طريق
قطع الصحراء التي تفصل فلسطين عن هاتين الدولتين. حتى جيوش المملكة الآشورية ومن
بعدها المملكة البابلية بقيادة نبوخذنصر عندما هاجم إسرائيل، جاءوا عن طريق الشمال.

قام
نبونايدس ثالث خليفة من بعد نبوخذنصر (542-552 ق.م.) بالاستقرار لفترة زمنية
(حوالي عشر سنوات) في العربية في تيماء. وبينما كان هناك قام بتأسيس عدد من
المستعمرات وقام بنقل العديد من سكان بابل (ومن ضمنهم المسبيين من اليهود من
أورشليم) إلى العربية. وهذا يفسر وجود عدد كبير من الجالية اليهودية أيام ظهور
الإسلام، في الجزيرة العربية.

أثناء
الفترة اليونانية والرومانية كان هناك الكثير من المجتمعات اليهودية خارج فلسطين،
والكثير من الحكّام من حِمْيَر، شبا، ماعين، وقطبان كانوا يهوداً أو دخلاء (أي
متحولين إلى اليهودية). وحيث استقرت القبائل العربية النبطية في أدوم وعبر الأردن،
قاموا بالاقتراب يوماً بعد آخر من إسرائيل، وازدهرت العلاقة النبطية مع اليهود على
عدة مستويات.

لذلك
من المتوقع جداً أن يكون هناك من بين اليهود العرب الساكنين في العربية ملوك
وأمراء أغنياء يعرفون التوراة ويتوقعون بدورهم مجيء المسيّا. فيمكن وبكل ارتياح
القول أن هؤلاء المشار إليهم “المجوس” كان يُقْصَد بهم “ذوي الخبرة
والمعرفة” من اليهود العرب الذين تربطهم بإسرائيل علاقة الدين والقومية، ولكن
بسبب الظروف كانوا يسكنون خارج أورشليم. إلاّ أنهم عندما رأوا نجم المسيح في الأفق،
قاموا بزيارة لكي يؤدوا واجب العبادة لهذا الملك الموعود.

لا
ننسى أن سفر أعمال الرسل يذكر أن العديد من اليهود من كل بقاع الأرض كانوا قد
قدموا لكي يحتفلوا بالفصح ومن بعده بعيد الخمسين، من بين هؤلاء كان اليهود العرب
(أنظر أعمال 2: 5-11).

أما
عن هوية النجم، فيقول الدكتور معلوف، أن هذا النجم هو تجلّي مجد الله الذي
يُعْلِنه لهؤلاء الذين هم متلقي الإعلان. وهنا في الواقع يكتب متى من دون أن يذكر
أنه تحقيق لنبوة العهد القديم، لكن من الواضح أن المذكور عن النجم ينطبق على
أشعياء 60: 1-7 ” 1 «قُومِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ،
وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. 2 لأَنَّهُ هَا هِيَ الظُّلْمَةُ تُغَطِّي
الأَرْضَ وَالظَّلاَمُ الدَّامِسُ الأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ الرَّبُّ،
وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى. 3 فَتَسِيرُ الأُمَمُ فِي نُورِكِ، وَالْمُلُوكُ فِي
ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ. 4«اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ حَوَالَيْكِ وَانْظُرِي. قَدِ
اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ. جَاءُوا إِلَيْكِ. يَأْتِي بَنُوكِ مِنْ بَعِيدٍ
وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَيْدِي. 5 حِينَئِذٍ تَنْظُرِينَ وَتُنِيرِينَ
وَيَخْفُقُ قَلْبُكِ وَيَتَّسِعُ، لأَنَّهُ تَتَحَوَّلُ إِلَيْكِ ثَرْوَةُ
الْبَحْرِ، وَيَأْتِي إِلَيْكِ غِنَى الأُمَمِ. 6 تُغَطِّيكِ كَثْرَةُ الْجِمَالِ،
بُكْرَانُ مِدْيَانَ وَعِيفَةَ كُلُّهَا تَأْتِي مِنْ شَبَا. تَحْمِلُ ذَهَبًا
وَلُبَانًا، وَتُبَشِّرُ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ. 7 كُلُّ غَنَمِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ
إِلَيْكِ. كِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدِمُكِ. تَصْعَدُ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي،
وَأُزَيِّنُ بَيْتَ جَمَالِي.”

فهنا
يبدأ أشعياء بالقول إن مجد الرب ينير على أورشليم في وسط الظلمة المُحيطة (أش 60: 1-2).
ثم يستمر في تصوير الملوك والأمم وهو ينقادون بالنور (أش 60: 3)، ثم تقديم دعوة
لأورشليم لترفع عيونها وتفرح بثروة الأمم التي سوف تتحول إليها (أش 60: 4-5). ثم
تقدم النبوة وصفاً واضحاً لقوافل عربية وهي تأتي بثرواتها وطيبها وذهبها وتفرح وهي
تعبد الرب (أش 60: 6-7).

في
ضوء معارضة القادة الدينيين للمسيح، فإن بزوغ مجد الرب ينحصر في القلة المختارة من
الأمم (مت 2: 1-12) والقلة المختارة من اليهود (مت 17: 1-8) الذين هم مستقبلي
إعلان الله. فقد تم ملاحظة اللمعان البرّاق فقط بواسطة المجوس (اليهود العرب)
كسابقي إعلان المجد الإلهي.

وهنا
على الأغلب يكون النجم الذي ظهر هو نفسه المسيح، الذي هو كوكب الصبح المذكور عنه
في سفر العدد 24: 17، ورؤيا 22: 17. فعند قول المجوس إننا قد رأينا نجمه في المشرق،
فقد كانوا يؤكدون رؤيتهم لضوء برّاق وهو يشع على أورشليم (قارن أش 60: 1-2).
والإله الذي أرجعهم إلى ديارهم في طريق غير الطريق التي قدموا منها، هو نفسه الإله
الذي قادهم ليأتوا إلى أورشليم ليسجدوا للملك المولود.

لاتنس
أن النجم كان ظاهراً فقط لهؤلاء النُخبة وليس لكل الشعب، وذلك بسبب فساد الأمة
بقادتها السياسيين والدينيين، لذلك يكون هذا النجم إعلاناً إلهياً.

لذلك
عزيزي طارح الأسئلة، قبل أن تنعت هؤلاء المجوس بأنهم عبدة النار والأوثان، تأكد
بشكل جيد وابحث لتعرف الجواب وتحصل عليه، ليتك تستفيد من خلاص الله الذي أعدّه لك
في المسيح.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى