اسئلة مسيحية

أيهما أفضل السرعة التى تدل على الحزم والبت والقدرة على إصدار القرار، أم طول البال والتروى والهدوء، وما يحمله ذلك من روح الوداع



أيهما أفضل السرعة التى تدل على الحزم والبت والقدرة على إصدار القرار، أم<br /> طول البال والتروى والهدوء، وما يحمله ذلك من روح الوداع

أيهما أفضل السرعة التى تدل على الحزم والبت والقدرة على إصدار القرار،
أم طول البال والتروى والهدوء، وما يحمله ذلك من روح الوداعة والاتزان والصبر..؟·

 

هناك
أمور تكون السرعة فيها لازمة وصالحة، وأمور أخرى السرعة تفسدها، وتحتاج إلى التروى
وطول البال… العقوبة مثلاً: إذا كانت السرعة فيها، لا تعطى مجالاً للفحص، وللعدل
والتدقيق، ومعرفة مقدار الخطأ وموضع المسئولية، إن كانت السرعة فى العقوبة خطأ،
ويحتاج الأمر إلى التروى. كذلك من ناحية أخرى إن طول الأناة فى توقيع العقوبة،
يساعد المخطىء على التمادى، ويستمر فى أخطائه فتسوء النتائج، ويشجع غيره على
تقليده إحساساً بأنه لا اشراف ولا ضبط، حينئذ يكون من الواجب الإسراع بتوقيع
العقاب… إذن الأمر فى الحالين يحتاج إلى حكمة، وتقدير للظروف. هنا يبدو الفحص
واجباً، وحتى حينما تكون السرعة فى العقوبة لازمة، ينبغى أيضاً أن يكون العدل معها
متوفراً. وإعطاء من تعاقبه فرصة لتوضيح موقفه والإجابة عما ينسب إليه. على أن هناك
أموراً يجب السرعة فيها، كالتوبة مثلاً. الابن الضال لما رجع إلى نفسه، قال
“أقوم (الآن) وأذهب إلى أبى “وقام لوقته ورجع لأبيه. لأن التوبة لا يجوز
فيها التأجيل أو التأخير. والخمس العذارى الجاهلات لما رجعن متأخرات، وجدن الباب
قد أغلق، وضاعت الفرصة. هناك حالات فى الخدمة، إن صبرت عليها بحجة التروى والفحص،
قد تصل إليها بعد أن تكون قد انتهت تماماً. مثالها لمريض إن لحقته بالعلاج السريع،
أمكن شفاؤه. وإن تباطأت بحجة المزيد من الفحوص، قد تصل الحالة إلى وضع ميئس. اعمل
ما يلزم من فحوص، ولكن بسرعه. كم من خطاة تباطأنا فى افتقادهم، فتحول الخطأ إلى
عادة، واتسع نطاقه، وكم من حالات وصلت خطورتها إلى الارتداد، وكان السبب هو
التباطوء. كذلك المشاكل العائلية، وبعض المشاكل المالية، تحتاج إلى سرعة. حالات
وصلت إلى الطلاق، وكان يمكن تداركها لو عولجت من بادىء الأمر قبل أن تتطور
الخلافات وتتعقد، وتصل إلى العناد، وإلى الكراهية، وإلى المحاكم والقضاء.. وكثير
من أداء الواجبات يحتاج إلى سرعة. ربما إنسان تتباطأ فى تعزيته، أو في تهنئته، أو
فى زيارته فى مرضه، أو فى مناسبة هامة، يؤدى هذا التباطؤ إلى تغير مشاعره من جهتك،
ويظن أنك غير مهتم به، ويؤثر الأمر على علاقتكما.. وإن تباطأت أيضاً فى مصالحته،
ربما لا تجده بعدئذ فى قائمة أصدقائك! ولكن ليس معنى هذا أن السرعة هى الأفضل فى
كل شىء، ومع كل أحد… يشترط فى الإجراء السريع، أن يكون بعيداً عن الارتجال وعن
الانفعال، وإلا كان معرضاً للخطأ ومعرضاً لإعادة النظر، فتكون سرعته سبباً فى
إبطائه. وأهم من عامل السرعة، عامل الإتقان والنفع فإن اجتمعت السرعة مع الإتقان،
كان العمل مثالياً. وليس المقصود بالسرعة، الهوجائية، أو الاندفاع أو فقدان
الاتزان، أو التصرف بغير تفكير أو بغير دراسة، وإلا كانت خاطئة وتسببت فى ضرر بالغ.
وهنا تبدو أهمية الروية والهدوء، ليخرج القرار سليماً. والروية ليست عجزاً عن
إصدار القرار، أو عجزاً عن البت فى الأمور. إنما هى مزج لكل ذلك بالحكمة فى التصرف.
فالتفكير الهادىء أكثر سلامة. والتصرف الهادىء أكثر نجاحاً. والإجراءات الهادئة
أكثر ثباتاً، وأقل تعرضاً للهزات.. ومشرط الجراح، مع سرعته ليس هو العلاج الأمثل
دائما. على أنه توجد بين السرعة والبطء درجة متوسطة أفيد. السرعة قد تكون موضع نقد،
الذى ليس هو سرعة مخلة بالدراسة والفحص، وليس هو البطء الذى يعطل الأمور.. طول
الأناة فضيلة، إن أدى إلى نتيجة سليمة. أما إذا اسىء استغلاله، فإن فضيلة أخرى تحل
محله. وأيضاً ليس البطء مرتبطاً دائماً بالوداعة. فقد يرتبط أحياناً بالإهمال
واللامبالاة، أو يرتبط بالبلادة. كن حكيماً إذن فى تصرفك. ولا تتبع أحد تطرفين.
فالطريق الوسطى خلصت كثيرين. والفضيلة كما يقولون هى وضع متوسط بين تطرفين، بين
اسراف وتقتير… أعطِ كل عمل الوقت الذى يستحقه. وعامل كل موضوع بما ينجحه،
بالسرعة أو بالتروى، حسبما يلزم.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى