مريم العذراء القديسة

كتب القس عـبد المسيح بسيط أبو ال



كتب القس عـبد المسيح بسيط أبو ال]]>

الفصلالخامس

المرأه العذراء

 

مقالات ذات صلة

1 كلمةامرأة ومريم العذراء:

كلمة امرأةفى كل اللغات وخاصة اللغة العبرية واللغة اليونانية اللذان كتب بهما الكتاب المقدسواللغة العربية التى ترجم إليها أيضاً الكتاب المقدس تعني بشكل عام”أنثى” سواء كانت عذراء او متزوجة، أى تعنى جنس المرأة مقارنه بالرجل،ففى اللغة العبرية المرأة هى “أيضاَ Isis

والرجل هو”ايص is” سواء قبل الزواج او بعده وكذلك فى اللغة اليونانية المرأة هى “gene” سواء كانت أنثى آو زوجه لرجل، امرأة كجنس وعذراء أو امرأةمتزوجه.

وعلى هذاالأساس دعيت حواء امرأة بعد خلقتها مباشرة وقبل أن يكون لها علاقة زوجية مع أدم”وبنى الرب الإله الضلع التى أخذها من أدم امرأة أحضرها إلى آدم. فقال آدمهذه… تدعى امرأة لأنها من امرأ أخذت”(1). ودعىالعهد الجديد المنضمات للكنيسة من الإناث سواء كن عذارى أو متزوجات”النساء” “وكان مؤمنون ينضمون للرب اكثر جماهير من رجالونساء”(2).

وهكذا دعيتالقديسة مريم “امرأة”:

أولاً: كأنثىبصفة عامة “مباركة أنت فى النساء”.

ثانياً: كزوجةليوسف كما دعى يوسف رجلها:

“فقالالملاك ليوسف لا تخف آن تأخذ مريم امرأتك”(3).

“فصعديوسف ليمكث مع امرأته المخطوبة”(4).

“ففعلكما آمره الملاك وأخذ امرأته”(5).

“فيوسفرجلها..”(6).

ثالثاً: لأنهاالمرأة الموعودة، حواء الجديدة، التى سيأتى من نسلها المسيح، حسب وعد الله القائلأن نسل المرأة سوف يسحق رأس الحية “واضع عداوه بينك (أى الحية) وبين المرأهوبين نسلك ونسلها وهو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه”(7) ولذلك قالالوحى عن تحقيق هذه ألنبؤه وميلاد المسيح من المرأة “ولما جاء ملء الزمانأرسل الله ابنه مولوداً من امرأه”(8) أي ان حواءالأولى كانت سبب فى سقوط ادم فى التعدى والخطية وحواء الجديدة أنجبت النسل الموعودالذى صار أدم الثانى وأعاد البشرية إلى الفردوس(9) “لأنهكما فى أدم يموت الجميع هكذا فى المسيح سيحيا الجميع”(10).

إذاً فلقب امرأة بالنسبة للعذراء مريم لا يقللمن شأنها، ولا ينفى دوام بتوليتها إنما يعطيها رفعه لأنها المرأة التى حبلت وولدتبالإله التجسد، عمانوئيل، نسل المرأة، الذى جاء فى ملء الزمان.

 

2 مالى ولكيا امرأة:

فى عرس قاناالجليل دعيت العذراء مريم كما دعي السيد المسيح وتلاميذه لحضور هذا العرس ولمافرغت الخمر طلبت العذراء مريم من السيد المسيح، ابنها، التى كانت تعرف إمكانياته جيداً،فقد كانت تحفظ كل شىء يحدث له او منه منذ طفولته المبكرة فى قلبها(11)وقالت له موحيه بما يجب عليه عمله “ليس لهم خمر”(12). فقال لها”مالى ولك يا امرأة لم تأت ساعتى بعد”(13). وقد ظنبعض الهراطقه وغيرهم ان فى هذا القول تحقيراً للعذراء آو أبعاداً لها عن طريقالرب. ولكن هذا مستحيل فواضع الناموس لا يمكن ان يخالف شريعته، فهل يمكن أو يعقلأن يخالف الوصية القائلة “أكرم أباك وأمك”(14)، هل يخالفا
لناموس واضعه وهو القائل “لا تظنوا أنى جئت لأنقض بل لأكمل”(15)هل يمكن او يعقل ان يهين أمه وهو الذى قال عنه الكتاب “قدوس بلا شر ولا دنسقد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات”(16) والذى قالعنه الكتاب أيضاً أنه كان خاضعاً لأمه وأبيه الاعتبارى يوسف النجار “وكانخاضعاً لهما”(17).

حاشا وكلا: لم يكن فى كلام الرب مع أمه العذراءالمباركة أي تناقض مع احترامه وخضوعه لها حسب الوصية وهذا ما أعلنه الكتاب عنه.

انما السببالحقيقى فى رده هذا هو قوله “لم تأتى ساعتى بعد”(18)، لم تأتساعته بعد إعلان عمله المسيانى علناً، لم تأت ساعته بعد ليعرف العالم كل ما تعرفهوما لا تعرفه أمه المباركة عنه. لم تأت ساعته بعد لأن كل عمل كان يعمله لم يكنخاضعاً للصدفة او الظروف وإنما كل شيء معلوم لديه منذ الأزل “معلومة عند الربمنذ الأزل جميع أعماله” وهذا يتضح أيضاً من أقوال الكتاب الكثيرة فى هذاالشأن كقوله قبل العشاء الربانى:

قد أتتالساعة ليتمجد ابن الإنسان(19)فجاءه صوت من السماء مجدت وامجد أيضاً(20) ولمااقتربت ساعة الصلب قال “قد آتت الساعة”(21) ومع ذلككانت ثقة العذراء فى ولدها الإلهى غير محدود، لذا قالت للخدام “مهما قال لكمفافعلوه”(22)فاستجاب السيد له المجد لطلب أمه وأيضاً لإعلان مجده امام تلاميذه ليؤمنوا به.

 

3 يا أمرأهلقب تكريم:

ومناده الربيسوع لأمه العذراء المباركه بلقب “يا امرأة” فضلاً عن إنه لا يحمل أيمعنى لإهانة او جفاء، كما يحمل معنى عظيم لأنها المرأة الموعودة بأن يأتى منها”نسل المرأة” فهو أيضاً فى ذلك العصر كان لقب تكريم بمعنى يا”سيده” ويدل على الإجلال والأحترام ففى الأدب اليونانى يخاطب”اوديسيوس” زوجته المحبوبه “بنلوب”بلقب “يا امرأة”(23)واغسطس قيصر خاطب كليوباترا ملكة مصر بنفس اللقب “يا امرأة” مما يدل علىما كان لهذا اللقب من تكريم واحترام. كما نادى الملاك على مريم المجدليه بنفساللقب “يا امرأة”(24)وكذلك الرب يسوع أيضاً ناداها قائلاً “يا امرأة لماذا تبكين”(25)ولم يكن فى هذا أي تحقير او توبيخ لها وإنما إجلال واحترام. فالأولى زوجه محبوبهوالثانية ملكة والثالثة غير متزوجه.

وهذا اللقباستخدمه أيضاً الرب وهو على الصليب، فى وقت كان يتحمل فيه كل الألام البشريه علىالصليب، وكان يعانى سكرات الموت واحتجاب وجه الأب عنه، وسط آلامه الرهيبه، ومعركتهالأخيرة وهو يصارع الشيطان لم يغب عنه ما تعانيه امه من حزن شديد، فقد جاز فىنفسها سيف كنبؤة سمعان الشيخ(26)ولم ينس واجبه كأبن، فسلمها لتلميذه الحبيب قائلاً “يا امرأة هوذا ابنك”(27)وهذا يدل على الحب الذى لا حد له لأمه، نسى آلامه وفكر فى آلام والدته، فناداها”يا امرأة” ولم يقل “يا أمى” لكى لا يزيد قلبها جرحاً كما قالاسحق لأبيه وهو يقدمه للذبح “يا أبى”(28) أسلمهالتلميذه، “الحبيب ولعنايته كما اعتنى بها من قبل يوسف النجار. وفى هذا دليلعلى ان العذراء لم يكن لها أولاد من يوسف. قال القديس اوغسطينوس فى تعليقه على لقب”امرأة”.

“فىالواقع حتى العذراء نفسها دعيت “امرأة” ليس لأنها فقدت بتوليتها ولكنلأن هذا التعبير هو المألوف فى لغة شعبها والرسول بولس نفسه يقول عن الرب”ولد من امرأة” وهذا لا يعنى تحطيم إيماننا الذى نعترف فيه انه”ولد من الروح القدس ومن مريم العذراء” لأنها كعذراء حبلت وكعذراء ولدتواستمرت عذراء، ولكن فى اللغة العبرانية تدعوا كل انثى امرأة، وها هو اوضح مثاللذلك، أول أنثى صنعها الله أخذ اياها من جنب الرجل هى أيضاً دعيت امرأة قبل انترقد مع رجل إذ ان ذلك حدث بعد خروجها من الفردوس لأن الكتاب يقول “وعملهاالرب …امرأة”(29).

 

—–

(1) تك 22:2و23.

(2) أع 14: 5.

(3) لو 42: 1.

(4) متى 50: 1.

(5) لو 5: 2.

(6) متى 54: 1.

(7) متى 19: 1.

(8) تك 15: 3.

(9) غلا 4: 4.

(10) 1 كو 22:15.

(11) لو 19: 2.

(12) يو 3: 2.

(13) يو 4: 2.

(14) خر 12: 20.

(15) متى 17: 5.

(16) عب 26: 7.

(17) لو 51: 2.

(18) يو 4: 2.

(19) أع 18: 15.

(20) يو 28: 12.

(21) يو 1: 17.

(22) يو 5: 2.

(23) أنظر هوميروسالأوديسا.

(24) يو 13: 20.

(25) يو 15: 20.

(26) لو 35: 2.

(27) يو 2619.

(28) تك 7: 22.

(29) العذراء فىأقوال الأباء 7.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى