مريم العذراء القديسة

عقيدة الحبل بالعذراء بلا دنس فى رأى الأرثوذكس



عقيدة الحبل بالعذراء بلا دنس فى رأى الأرثوذكس]]>

عقيدة الحبل بالعذراء بلا دنس فى رأىالأرثوذكس

رفضتالكنيسة الأرثوذكسية عقيدة الحبل بالعذراء بلا دنس التى حدّدها بابا الكاثوليك بيوسالتاسع، وليس ذلك إنكارًا منها لقداسة مريم العذراء، بل لأنّ نظرتها إلى الخطيئةالأصليّة وعواقبها في الإنسان تختلف عن نظرة الكنيسة الكاثوليكية.

فلا وجودأوّلاً لعبارة “الخطيئة الأصليّة” في الكنيسة الشرقيّة التي تتكلّم فقطعن خطيئة الأبوين الأوّلين، عن خطيئة آدم وحوّاء. أمّا بشأن نتائج تلك الخطيئة،فيرفض الشرق أن يكون كلّ الناس قد خطئوا خطيئة فعليّة “في آدم”، وأنيولدوا خطاه بالفعل. فآدم وحوّاء وحدهما خطئا “خطيئة فعليّة”، أمّانسلهما فيرث فقط حالة من الانحطاط تستلزم خلاص المسيح والولادة الجديدة.

وتلك الحالة،في نظر كنيسة الشرق، شوّهت صورة الله في الإنسان، ولكنّها لم تُزِلها. لذلك يستطيعالإنسان، وهو في حالة الانحطاط التي ورثها من آدم وحوّاء، أن يسهم مع النعمة فيخلاصه. وقد بقي له القدر الكافي من الحريّة ليقبل قبولا شخصيًّا وواعيًا نعمة اللهوخلاص المسيح. وإلى جانب تلك الحالة، صار الإنسان مائتًا. تلك هي النتيجة الثانيةالتي يعتبر الشرق أنّها نجمت عن خطيئة آدم وحوّاء.

فعقيدة”الحبل بلا دنس” لا ترى الكنيسة الأرثوذكسية ضرورتها.

فإذا عدناإلى العواقب الثلاث التي نتجت عن خطيئة آدم وحوّاء حسب اللاّهوت الكاثوليكي، ترىالكنيسة الأرثوذكسية جوابًا عليها دون اللجوء إلى عقيدة “الحبل بلا دنس”:

– العاقبة الأولى: كل إنسان يولد خاطئًا بالفعل: لا وجود لها فينظر الكنيسة الأرثوذكسيّة.

– العاقبةالثانية: الإنسان صار مائتًا: لم تُعطِ عقيدةُ الحبل بلا دنس جوابًا عنها. فمريمالعذراء خضعت للموت كما يخضع له سائر البشر، وتحمّلت مع سائر البشر عاقبة خطيئةآدم وحوّاء.

– العاقبة الثالثة: يرث الإنسان طبيعة مجروحة تضعف بهاء صورة اللهفيه، دون إزالة حرّيته.

فالله قدأنعم على مريم العذراء بملء النعمة والقداسة، وقد تجاوبت مريم مع هذه النعمة، فلمتقترف أيّة خطيئة وبقيت “منزّهة عن كل عيب”، و”كاملة القداسة”.ولكنّ هذه النعمة لا تعني، في نظر الكنيسة الأرثوذكسية، عصمة من الخطيئة الأصليّة.لأنّ مثل هذه العصمة، تحرم مريم العذراء من صلتها الصميمة العميقة بالإنسانية،وتسلب الحرّية الإنسانية كلّ قيمتها، وتقطع الاستمرارية مع قداسة العهد القديم،تلك القداسة التي تجمّعت من جيل إلى جيل لتكتمل أخيرًا بشخص مريم العذراء الكلّيةالطهارة التي بطاعتها المتواضعة خطت الخطوة الأخيرة التي كان على الإنسان أنيخطوها لكي يصبح عمل خلاصنا ممكنًا. فعقيدة الحبل بلا دنس تقطع الاستمراريّةالمقدّسة “لأجداد الإله الأبرار” التي تجد نهايتها في “هوذا أناأمة الربّ”.

 

من هذهالمقارنة بين النظرتين الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة نخلص إلى أنّ الخلاف بينالكنيستين ليس خلافًا على مضمون الإيمان بل على طريقة التعبير عن هذا الإيمان.فكلتا الكنيستين تؤمن بأنّ مريم العذراء فائقة القداسة، وبأنّ نعمة الله التيامتلأت منها لم تُزِل حرّيتها وتجاوبها مع النعمة، ولم تعزلها عن فداء المسيح.ولكن في حين عبّرت الكنيسة الكاثوليكيّة عن إيمانها بقداسة مريم بعقيدة الحبل بلادنس وبعصمة مريم من الخطيئة الأصليّة، رفضت الكنيسة الأرثوذكسية هذا التحديد لأنّالكتاب المقدّس لا يتضمّنه بوجه صريح ولأنّه يخالف طريقة تعبيرها عن خطيئة آدموحوّاء وعن عواقبها في نسلهما.

إلاّ أنّها ليستأقل من الكنيسة الكاثوليكيّة بإعلان قداسة مريم العذراء، كما فعل الآباء الشرقيّونالذين أفاضوا بتعداد الألقاب التي تدلّ على قداسة مريم، كما رأينا. ففي شخصها عادت”الجبلة الأولى الإلهيّة المقدّسة”، و”التربة المنزّهة عن كل لطخة”،و”التربة الطاهرة التي لم يمسّها الشيطان”، و”الشجرة غيرالفاسدة”، و”المرأة البريئة كحوّاء قبل الخطيئة”.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى